الكافي في الفقه

أبي الصّلاح تقيّ بن نجم الحلبي

الكافي في الفقه

المؤلف:

أبي الصّلاح تقيّ بن نجم الحلبي


المحقق: رضا الاستادي
الموضوع : الفقه
الناشر: مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام العامّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٤٤

ويسلم ويكثر بعدها من التسبيح والدعاء.

ومن السنة الاقتداء بأمير المؤمنين عليه‌السلام في صلاة أربع ركعات يقرأ في كل ركعة بعد الفاتحة سورة الإخلاص خمسين مرة ويقنت في كل ركعتين ويتشهد ويسلم ويعقب ويعفر.

ومن السنة أن يقتدى بفاطمة عليها‌السلام في صلاة ركعتين يقرأ في الأولة بعد الحمد سورة القدر مائة مرة وفي الثانية سورة الإخلاص مائة مرة ويقنت فيها ويسلم ويعقب ويعفر.

ومن السنة صلاة الحياة (١) وهي صلاة جعفر بن أبى طالب عليه‌السلام أربع ركعات يفتتح بالتوجه ويقرأ في الأولة الحمد وإذا زلزلت ويسبح (٢) بعد القراءة خمسة عشر فصلا كل فصل أربع تسبيحات : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ، ثم يكبر ويركع ويسبح في الركوع عشر فصول ، ثم يرفع رأسه فيسبح عشرا ثم يكبر ويسجد فيسبح في السجود عشرا ، ثم يرفع رأسه ويجلس فيسبح عشرا ثم يسجد فيسبح عشرا ، ثم يجلس فيسبح عشرا ، ثم ينهض إلى الثانية فيقرأ الحمد والعاديات ويسبح بعد القراءة وفي حال الركوع وبعده وفي السجود وبعده كما سبح في الأولة ، ويتشهد ويسلم ، ثم ينهض فيصلي ركعتين يقرأ في الأولة الحمد وإذا جاء نصر الله وفي الثانية الحمد وسورة الإخلاص ، ويسبح في كل منهما كما سبح في كل من الأولتين ويتشهد ويسلم ويعقب ويعفر ، فيكون جملة التسبيح في هذه الصلاة ثلاثمائة فصل.

ولا يختص أداء هذه الصلوات الثلاث بوقت من دون وقت.

والسنة حين إحرام المتعة أو حج أو عمرة مبتولة صلاة ست ركعات ، ويجزى اثنتان ، يفتتحهما بالتوجه ويقرأ في الأولة الحمد وسورة الإخلاص

__________________

(١) الحباء. ظ.

(٢) في أكثر النسخ : والتسبيح.

١٦١

وفي الثانية بعد الحمد قل يا أيها الكافرون أى وقت قصد إلى الإحرام من ليل أو نهار وأفضل الأوقات بعد صلاة الظهر.

ومن السنة بعد الفراغ من زيارة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أو أحد الأئمة عليهم‌السلام عند قبورهم صلاة ركعتين عند الرأس يحسن ركوعهما وسجودهما ويجتهد بعدهما في الدعاء والاستغفار. ويصلى لزيارة أمير المؤمنين عليه‌السلام ست ركعات ، لان زيارته تشتمل على زيارة ثلاثة حجج : آدم ونوح وهود عليهم‌السلام (١).

وان كانت زيارتهم أو أحدهم عليهم‌السلام من بلد الزائر النائي عن مشاهدهم بدأ بصلاة ركعتين ثم عقبهما بالزيارة.

ومن السنة فيمن عرض له أمران يشتبهان : أن يستخير الله سبحانه بصلاة ركعتين يقول بعدهما وهو ساجد : أستخير الله ـ مائة مرة ـ اللهم إني أستخيرك بعلمك واشهد بك (٢) بقدرتك ، اللهم انك تعلم وأنت علام الغيوب أسألك أن تصلى على محمد وآل محمد وأن تخير لي في جميع أموري خيرة في عافية خيرة للدنيا والآخرة برحمتك وجميل لطفك. فاذا عزم على مطلوبه بدأ بصلاة ركعتين يبتهل بعدهما الى الله تعالى في نجاح حاجته ، فاذا قضيت حاجته فيصل صلاة الشكر ركعتين يسجد بعدهما ويقول : « شكرا شكرا » مائة مرة.

ومن السنة إذا منعت السماء قطرها والأرض نبتها أن يفزع أهل المصر والإقليم إلى صوم ثلاثة أيام : الأربعاء والخميس والجمعة ، فإذا انبسطت الشمس من يوم الجمعة خرج امام الصلاة ومعه المؤذنون وكافة أهل البلد الى ظاهره وقد نصب له منبر فيصلي بهم ركعتين كصلاة العيد يقنت بين (٣) التكبير بما

__________________

(١) كذا في النسخ ، ولعل الصحيح : آدم ونوح وهو عليهم‌السلام.

(٢) كذا في النسخ : والظاهر : وأستهديك بقدرتك.

(٣) في بعض النسخ : بعد التكبير.

١٦٢

سنح من التحميد ، ثم يصعد المنبر فيخطب خطبة يحمد الله تعالى فيها ، ويثنى عليه بما هو أهله ، ويصلى على محمد وآله ، ويعظ ، ويخوف ، ويحث على فعل الخير ، ويزجر عن ارتكاب القبيح ، ويرغب في التوبة ، ويشعر الحاضرين أن القحط سبب (١) القبائح ليبعثهم ذلك على التوبة منها ، فاذا فرغ من خطبته فليقلب رداءه ، فيحول الذي على منكبه الأيمن إلى الأيسر ، والذي على الأيسر إلى الأيمن ، ثم يحول وجهه إلى القبلة فيكبر الله مائة تكبيرة ويكبر الناس معه ثم يحول وجهه الى يمينه فيسبح الله مائة تسبيحة ويسبح الناس معه ، ثم يحول وجهه الى يساره فيحمد الله مائة مرة ويحمد الناس معه ، ثم يحول وجهه الى الناس فيستغفر الله مائة مرة ويستغفر الناس معه ، كل ذلك يرفع به صوته ويرفعونه ، ثم يحول وجهه إلى القبلة ويدعوا :

اللهم رب الأرباب ومعتق الرقاب ومنشى‌ء السحاب ومنزل القطر من السماء ومحيي الأرض بعد موتها ، يا فالق الحب والنوى ويا مخرج الزرع والنبات ومحيي الأموات (٢) وجامع الشتات ، اللهم اسقنا غيثا مغيثا غدقا مغدقا هنيئا مريئا ينبت (٣) به الزرع وتدر به (٤) الضرع وتحيي به الأرض بعد موتها وتسقى به مما خلقت أنعاما وأناسي كثيرا.

وليؤمن الحاضرون على دعاءه ثم ينزل.

ومن السنة على من دخل مسجدا أن يبدأ الصلاة ركعتين تحية له ثم يشرع فيما شاء من عبادة (٥).

__________________

(١) كذا في النسخ ، والظاهر : بسبب.

(٢) في بعض النسخ : بعد موتها.

(٣) تنبت.

(٤) في جميع النسخ : تدريه الزرع والظاهر ما أثبتناه.

(٥) في بعض النسخ : عبادته.

١٦٣

فصل في بيان حقوق الأموال(١)

حقوق الأموال تسعة : الزكاة ، والفطرة ، والخمس ، والأنفال ، وفي سبيل الله ، والنذور ، والكفارات ، وصلة الأرحام ، وبر الاخوان ، ولكل حكم.

فصل في ذكر ما يجب فيه الزكاة وأحكامها

فرض الزكاة يتعلق بثلاثة أصناف : الأموال والحرث والأنعام.

فأما فرض زكاة المال فيختص بكل حر بالغ كامل العقل ، بشرط ان يكون المال عينا أو ورقا بالغا نصابه ، حائلا عليه الحول من غير أن يتخلله نقصان ولا تبدلت أعيانه ، وبحيث يتمكن مالكه من التصرف فيه بالقبض أو الاذن ، فاذا تكاملت هذه الشروط وبلغ العين عشرين مثقالا والورق مائتي درهم ففي العين نصف دينار ، وفي الورق خمسة دراهم ، ولا شي‌ء فيما زاد على ذلك حتى تبلغ زيادة العين أربعة دنانير وزيادة الورق أربعين درهما ، فيكون في ذلك عشر دينار ، وفي هذه درهم.

ثم على هذا الحساب بالغا ما بلغ العين والورق ، من كل عشرين مثقالا

__________________

(١) في بعض النسخ : فصل بيان حقوق الأموال تسعة.

١٦٤

نصف مثقال ، ومن كل أربعة دنانير بعد العشرين عشر مثقال ، وفي كل مائتي درهم خمسة دراهم ، ومن كل أربعين درهما درهم ، ولا زكاة فيما بين النصابين.

ومن مسنون الزكاة تزكية البضائع (١) إذا حال عليها الحول وهي تفي برأس المال أو زيادة بحسب ما ابتيعت يا (٢) من عين أو ورق كزكاة العين.

ومن ذلك ان يقرر ذوا المال على ماله في كل جمعة أو كل شهر شيئا معينا يخرجه في أبواب البر.

ومن ذلك افتتاح النهار واختتامه بالصدقة ، وافتتاح السفر والقدوم منه بها ، وإعطاء السائل ولو بشق تمرة ، واصطناع ذوي اليسار الطعام في كل يوم أو كل جمعة أو كل شهر لذوي الفاقة من المؤمنين ، وتفقد مخلفي المؤمن في غيبته وبعد وفاته ، وقرض ذوي الحاجة وإنظاره إلى ميسرة ، وتحليل المؤمن بعد وفاته مما في ذمته من الدين ، والتكفل به لمدينه.

وأما فرض زكاة الحرث فمختص بالحنطة والشعير والتمر والزبيب دون سائر ما تخرجه الأرض من الحبوب والثمار والخضر ، إذا بلغ كل صنف منها بانفراده خمسة أوسق والوسق ، ستون صاعا والصاع تسعة أرطال بالعراقي.

على كل مالك بعد المؤن وحق المزارع أن يخرج منه أو وليه ، ان كان يسقى حرثه سيحا أو بماء المطر العشر ، وان كان يسقى بالقرب والنواضح فنصف العشر ، وان سقى بعض مدة الحاجة بماء المطر وبعضها بالنواضح والقرب زكى بأكثر المدتين ، فان تساوت مدة الشربين زكى نصفه بالعشر ونصفه بنصف العشر.

ويزكى ما زاد على النصاب بزكاته ولو كان صاعاً.

__________________

(١) في بعض النسخ : الصنائع ، والظاهر ما أثبتناه.

(٢) كذا في جميع النسخ ، ولعل الصحيح : بها.

١٦٥

ولا يلزم تكرير الزكاة فيه وان بقي في ملك مزكيه أحوالا.

ومن مسنون صدقة الحرث أن يزكى كل ما دخل المكيال من الحبوب إذا بلغ كل جنس منها خمسة أوسق بالعشر أو نصف العشر ، فان نقص عن ذلك تصدق بما تيسر.

ومن ذلك الصدقة حين صرام النخل ، وقطاف الكرم ، وجذاذ الزرع بالضغث من الزرع والضغثين ، والعذق من الرطب والعذقين ، والعنقود من العنب والعنقودين ، فاذا صار الرطب تمرا والعنب زبيبا والغلة حبا وأراد المالك دفع (١) ذلك تصدق منه بالقبضة والقبضتين.

ومن ذلك أن يجعل مالك التمر أو الخضر قسطا لمن لا يتمكن من التفكه والتطرف بالخضر من فقراء المؤمنين.

ومن ذلك اباحة عابر السبيل تناول اليسير مما تنبت من الثمار والزرائع (٢).

وأما فرض زكاة الأنعام فمتعين على كل مالك أو وليه ، بشرط أن تكون سائمة ، وتبلغ كل جنس منها النصاب ، ويحول عليه الحول كاملا لا يتخلله نقصان ولا تبدل أعيانه ، ولكل منها حكم.

أما الإبل فلا شي‌ء فيها حتى تبلغ خمسا ففيها شاة ، وفي عشرين أربع شياه وفي خمس وعشرين خمس شياه ، وفي ست وعشرين بنت مخاض ـ وهي التي كملت حولا وسميت بصفة أمها المتمخضة بالحمل ـ الى خمس وثلاثين ، فاذا بلغت ستا وثلاثين ففيها بنت لبون ـ وهي التي قد كملت حولين ودخلت في الثالث وسميت بأمها اللبون بأختها ـ الى خمس وأربعين ، فإذا

__________________

(١) في جميع النسخ : رفع ، والظاهر ما أثبتناه.

(٢) كذا في جميع النسخ.

١٦٦

بلغت ستا وأربعين ففيها حقة ـ وهي التي قد كمل بها ثلاث سنين ودخلت في الرابعة وسميت بذلك من حيث يحق لها أن تطرق الفحل ويحمل على ظهرها ـ الى ستين ، فاذا بلغت احدى وستين ففيها جذعة ـ وهي التي قد كمل بها أربع سنين ودخلت في الخامسة ـ الى خمس وسبعين ، فاذا بلغت ستا وسبعين ففيها بنتا لبون الى تسعين ، فاذا زادت واحدة ففيها حقتان الى مائة وعشرين فاذا زادت على ذلك أسقط هذا الاعتبار وأخرج من كل أربعين بنت لبون ، ومن كل خمسين حقة.

ومن وجبت عليه سن ولم تكن عنده وكان عنده أعلى منها بدرجة ، أخذت منه واعطى شاتان أو عشرين درهما فضة ، وان كان عنده أدنى منها بدرجة أخذت منه ومعها شاتان أو عشرون درهما ، وان كان بينهما درجتان فأربع شياه ، وان كان ثلاث درج فست شياه ، أو ما في مقابلة ذلك من الدراهم.

وحكم البخت ـ والبخت الإبل ـ حكم العربية.

وأما زكاة البقر فلا شي‌ء فيها حتى تبلغ ثلاثين ، ففيها تبيع حولي إلى تسع وثلاثين ، فاذا بلغت أربعين ففيها مسنة ، ثم على هذا بالغ (١) ما بلغت البقر من كل ثلاثين تبيع أو تبيعة ، ومن كل أربعين مسنة.

وحكم الجواميس حكم البقر.

فأما زكاة الغنم فلا شي‌ء فيها حتى يبلغ أربعين ، فإذا بلغتها ففيها شاة إلى عشرين ومائة ، فاذا زادت واحدة ففيها شاتان الى مأتين فاذا زادت واحدة ففيها ثلاث شياه الى ثلاثمأة ، فاذا زادت عليها واحدة ففيها أربع شياه ، فاذا زادت على ذلك وكثرت أسقط هذا الاعتبار وأخرج من كل مائة شاة.

وحكم المعز حكم الشياه.

ولا يعدّ في شي‌ء من الانعام فحل الضراب ، ولا ما لم يحل عليه الحول

__________________

(١) بالغا ما بلغت.

١٦٧

في الملك مبيع ولا منتوج (١) ، ولا زكاة فيما بين النصابين من الاعداد.

ومن مسنون صدقة الأنعام أن يجعل من أوبارها وأصوافها وإشعارها وألبانها قسط للفقراء ، وتمنح الناقة والشاة والبقرة الحلوبة من لا حلوبة له ، ويعان [ يعاون ظ ] بظهور الإبل وأكتاف البقر على الجهاد والحج والزيارة من لا ظهر له ويسعد [ يساعد ظ ] بذلك الفقراء على مصالح دينهم ودنياهم.

ومن وكيد السنة أن تزكى إناث الخيل السائمة بعد حول الحول ، عن كل فرس عتيق ديناران ، وعن كل هجين دينار.

__________________

(١) وفي بعض النسخ : متبع ومتبوع ولم اهتد الى صحيحها.

١٦٨

فصل في الفطرة

زكاة الفطرة واجبة على كل حر بالغ كامل العقل غني ، يخرجها عنه وعن كل من يعول من ذكر وأنثى ، صغير وكبير ، حر وعبد ، مسلم وكافر ، قريب وأجنبي ، عن كل منهم صاع من فضل ما يعتاده من حنطة أو شعير أو تمر أو زبيب أو أقط أو ذرة أو أزر أو غير ذلك من الأقوات. والصاع تسعة أرطال بالعراقي.

ووقتها من عند طلوع الفجر من يوم الفطر الى أن يصلي صلاة العيد ، فإن أخرها الى بعد الصلاة سقط فرضها ، الا أن يعزلها من ماله انتظارا لوجود من يخرجه إليه فتجزي ، وهو مندوب الى التصدق بها ، فان كان عن تفريط لزمته التوبة مما فرط فيه.

ويجوز إخراج القيمة بسعر الوقت.

ومن وكيد السنة وأفضل الأعمال تفطير الصوام ولو بكف سويق أو تمر أو شربة ماء بارد.

١٦٩

فصل في الخمس

فرض الخمس مختص بقليل (١) المستفاد بالحرب من الكفار من مال أو رقيق أو كراع أو سلاح أو غير ذلك مما يصح نقله قليله وكثيرة ، وما بلغ من الكنوز ما تجب فيه أو في مثل قيمته الزكاة ، وما بلغ من المأخوذ من المعادن والمخرج بالغوص قيمة دينار فما زاد ، وما فضل عن مؤنة الحول على الاقتصاد من كل مستفاد بتجارة أو صناعة أو زراعة أو إجارة أو هبة أو صدقة أو ميراث أو غير ذلك من وجوه الإفادة ، وكل ما اختلط حلاله بحرامه ولم يتميز أحدهما من الأخر ولا يعين مستحقه (٢).

فصل في الأنفال

فرض الأنفال مختص بكل أرض لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب ، وقطائع الملوك ، والأرضون الموات ، وكل ارض عطلها مالكها ثلاث سنين

__________________

(١) كذا في النسخ ، ولم اهتد الى صحيحها.

(٢) في بعض النسخ : ولا تعين لمستحقه ، وفي بعضها الأخر : ولا تعين له مستحقه وفي بعضها الأخر : ولا تعين مستحقه.

١٧٠

ورؤس الجبال (١) وبطون الأودية من كل أرض ، والبحار ، والآجام ، وتركات من لا وارث له من الأموال وغيرها.

__________________

(١) قال في المختلف : وأبو الصلاح لما عد الأنفال ذكر من جملتها جميع المعادن ورؤس الجبال وبطون الأودية من كل ارض والبحار والآجام.

١٧١

فصل في جهة هذه الحقوق

يجب على كل من تعين عليه فرض زكاة أو فطرة أو خمس أو أنفال أن يخرج ما وجب عليه من ذلك الى سلطان الإسلام المنصوب من قبله سبحانه ، أو الى من ينصبه لقبض ذلك من شيعته ليضعه مواضعه ، فان تعذر الأمران فإلى الفقيه المأمون ، فإن تعذر ، أو آثر (١) المكلف تولى ذلك نفسه (٢) فمستحق الزكاة والفطرة الفقير المؤمن العدل دون من عداه.

وأقل ما يعطى من زكاة المال خمسة دراهم ، ومن الفطرة صاع.

ويجوز أن يعطى الفقير الواحد ما يغنيه ما لم يكن هناك جماعة من الفقراء.

وفقراء بني هاشم أحق بذلك من غيرهم ، ومن لا يجب نفقته من الأقارب أولى من الأجانب ، والجيران أولى من الأباعد ، وأهل المصر أولى من قطان غيره ، فان لم يكن في المصر (٣) من تتكامل فيه صفات مستحقها أخرجت الى

__________________

(١) وآثر.

(٢) بنفسه.

(٣) كذا في نسخة وهو الصحيح ، وفي باقي النسخ هكذا : فان لم يكن فالأولى من تتكامل.

١٧٢

من يستحقها.

وإذا أريد حملها الى مصر آخر مع فقد من يستحقها في المصر فلا ضمان على مخرجها في هلاكها ، فان كان السبيل مخوفا لم يخرجها إلا بإذن الفقير ، فان حملت من غير إذنه فهي مضمونة حتى تصل إليه ، فإن كان في مصره من يستحقها فحملها الى غيره فهي مضمونة حتى تصل الى من حملت اليه ، الا أن يكون حملها إليه باذنه فيسقط الضمان.

فإن أخرجها الى من يظن به تكامل صفات مستحقها ثم انكشف له كونه مختل الشروط ، رجع عليه بها ، فان تعذر ذلك فكان المنكشف هو الغنى وجب إعادتها ثانية ، وان كان غير ذلك فهي مجزية.

ويجوز إخراجها إلى أيتام المؤمن لحرمته (١) فاذا بلغوا حكم فيهم بحسب ما يذهبون اليه مما يقتضي ولايتهم أو قطعها.

ويجوز عتق أهل الايمان وقضاء ديونهم في الصلاح من مال الزكاة.

ويجوز إخراج الزكاة والفطرة قبل دخول وقتهما على جهة القرض ، فاذا دخل الوقت عزم المطالب (٢) على إسقاط المطالبة وجعل المسقط الزكاة

ويلزم من وجب عليه الخمس إخراجه من ماله وعزل شطره لولي الأمر انتظارا للتمكن من إيصاله إليه ، فإن استمر التعذر أوصى حين الوفاة الى من يثق بدينه وبصيرته ليقوم في أداء الواجب مقامه ، وإخراج الشطر الأخر إلى مساكين آل علي وجعفر وعقيل والعباس وأيتامهم وأبناء سبيلهم ، لكل

__________________

(١) كذا في بعض النسخ.

(٢) كذا في جميع النسخ ، وفي موضع من المختلف : المخاطب ، وفي موضع آخر منه : المطالب.

١٧٣

صنف ثلث الشطر وشطر (١) ثبوت الايمان بحسب ما يراه من تفضيل بعضهم على بعض.

ويلزم من تعين عليه شي‌ء من أموال الأنفال أن يصنع فيه ما بيناه في شطر الخمس ، لكون جميعها حقا للإمام عليه‌السلام.

فإن أخل المكلف بما يجب عليه من الخمس [ وحق الأنفال خ ] كان عاصيا لله سبحانه ، ومستحقا لعاجل اللعن المتوجه من كل مسلم إلى ظالمي آل محمد عليهم‌السلام ، وآجل العقاب ، لكونه مخلا بالواجب عليه لافضل مستحق.

ولا رخصة في ذلك بما ورد من الحديث فيها ، لان فرض الخمس والأنفال ثابت بنص القرآن وإجماع الأمة ، وان اختلفت فيمن يستحقه ، ولإجماع آل محمد عليهم‌السلام على ثبوته وكيفية استحقاقهم (٢) وحمله إليهم وقبضهم إياه ومدح مؤديه وذم المخل به ، ولا يجوز الرجوع عن هذا المعلوم بشاذ الاخبار.

__________________

(١) كذا في بعض النسخ ، وفي بعضها الأخر : وشرط ، ولعل الصحيح ، وشرطه.

(٢) في بعض النسخ : استحقاقه.

١٧٤

فصل في الإنفاق في سبيل الله تعالى

قد تعبد الله سبحانه بالإنفاق في سبيله كما تعبد بالجهاد بالأنفس ، فقال تعالى : (وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ. ) (١) فسوى سبحانه بين فرض الإنفاق في سبيله والجهاد بالأنفس. وقال سبحانه ( وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) (٢) فأمر بالإنفاق وتوعد المخل به بالهلاك ، وذلك برهان وجوبه في أمثال هذه الآيات.

فلزم كل ذي مال معونة المجاهدين بالخيل والسلاح والأزواد والظهر وما جرى مجرى ذلك من سد الثغر وحراسته من العدو بحسب الحاجة الى ذلك والغنى عنه ، سواء كان المنفق من أهل الحرب أو لم يكن.

وفرض الإنفاق على من ليس من أهل الحرب لعدم أو زمانة أشد لزوما.

__________________

(١) سورة التوبة ، الاية : ٤١.

(٢) سورة البقرة ، الاية : ١٩٥.

١٧٥

فصل في النذر

ومن نذر لبلوغ طاعة أو مباح أن يتصدق بمال أو يخرج شيئا من ماله في بعض أبواب البر ، فبلغ ما علق النذر به فعليه الخروج مما نذره ، فان فرط فيه فهو مأزور ، ويلزمه تلافي ما فرطه (١) بتأديته (٢) إن أمكن فيه ، وان تعذر لتعلقه بزمان لا مثل له فعليه التوبة وكفارة : عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا ، وان كان لضرورة أو سهو فعليه الخروج مما نذره ولا اثم عليه.

فصل في الكفارات

يلزم من وجب عليه إخراج شي‌ء من ماله لكفارة تعينت عليه من أحد الوجوه التي بينتها في مواضعها ، ان يبادر بإخراجها في أول أحوال التمكن ، فان تعين فرضها وهو غير مستطيع في الحال لأدائها ففرضه العزم عليه أول أحوال الإمكان وفعله له فيها.

__________________

(١) في بعض النسخ : تلافى فارطه.

(٢) في بعض النسخ : بتأدية.

١٧٦

فصل في حق ذوي الأرحام

بر ذوي الأرحام على ضربين : واجب وندب.

فالواجب [ بر ] الوالدين على الولد بشرط الحاجة ، والولد عليهما بشرط السعة أو الحاجة مع عدم الاستطاعة للتكسب.

وأما الزوجة وملك اليمين ففرض القيام بهما واجب على كل حال ، فان عجز الزوج عن القيام بحق الزوجة لزمه التطليق لتصرف المرأة في نفسها. فان عجز المالك لزمه البيع أو العتق أو إباحة العبد أو الأمة التصرف بما يحفظان به حياتهما وان استطاعا العود على مالكهما لزمهما ذلك.

والمسنون بر الوالدين والولد وان كانا ذوي يسار ، ومن عداهم من الاخوة والأخوات والأعمام والعمات والأخوال والخالات وأولادهم.

فإذا امتنع من تجب عليه نفقة الوالد أو الولد أو الزوجة أو الرقيق أجبره الناظر في أحكام المسلمين على ذلك ، ولا يجبره على نفقة من عداهم لكنه مرغب في ذلك.

١٧٧

فصل في حق الاخوان

بر الإخوان في الدين على ضربين : واجب وندب.

فالواجب : بر من علم عجزه عما يحفظ به حياته بما يبقى معه من غذاء أو لباس ، وهو على الكفاية ، ان قام به بعض الأغنياء سقط عن غيره ، وان لم يقم به أحد فكل منهم مخاطب به وملام للإخلال بفرضه.

وأما المندوب : فبر من عدا من ذكرناه من فقرائهم ، وصلة أوساطهم (١) واتحافهم ومهاداة (٢) أماثلهم وبذل المصون (٣) لهم وتخفيف الثقل (٤) عنهم.

__________________

(١) في بعض النسخ : أرحامهم.

(٢) في بعض النسخ : محاراة.

(٣) كذا.

(٤) في بعض النسخ : النقل.

١٧٨

باب حقيقة الصيام وضروبه وبيان أحكامه

حقيقة الصوم في الملة العزم على كراهية أمور مخصوصة في زمان مخصوص لكون (١) ذلك مصلحة مخلصا به لمكلفه سبحانه.

والأمور التي بكراهيتها يكون المكلف صائما : الأكل والشرب والازدراد والجماع واستنزال المنى والكذب على الله تعالى أو على رسوله أو على أحد الأئمة من آله عليهم‌السلام والتصبح على الجنابة والحيض والاستحاضة والنفاس والارتماس في الماء وجلوس النساء فيه الى أوساطهن والقي‌ء والسعوط والحقنة والتقطير في الاذن والوقوف في الغبار المتكاثف.

ومن توابعه الواجبة اجتناب قبائح الأصوات كالعود والطنبور ، والأقوال الكاذبة كالكذب والنميمة ، ورؤية المحرمات ، والبطش ، والسعي فيما لا يحل والعزم على شي‌ء من ذلك.

ومن فضائله قطع زمانه بتلاوة القرآن ، والتسبيح والصلاة على محمد وآله صلى‌الله‌عليه‌وآله والاجتهاد في العبادة ، والإكثار من فعل الخيرات ، وصلة الأرحام ، وبر الاخوان وتفطير الصوام ، واجتناب مجالسة الحلائل ومحادثتهن فما فوق ذلك من ضم أو تقبيل ، والتبرد بالماء ، وشم المسك والزعفران والنرجس ، والسواك بالرطب

__________________

(١) ليكون.

١٧٩

ومضغ العلك ، والفصاد ، والحجامة ، ودخول الحمام ، وإتعاب الجسم بالأعمال وقطع الزمان بما لا يجدي نفعا دينيا ولا دنيويا من المباح.

والزمان من طلوع الفجر الى غروب الشمس.

والمصلحة ان كان صومه فرضا فلكونه لطفا في واجبات العقول ، وان كان نفلا فلكونه لطفا في مندوبها.

والإخلاص أن يفعله قربة الى الله تعالى بريئا من كل غرض سواها.

وهو على ضربين : مفروض ومسنون.

والمفروض ستة عشر ضربا : (١) صوم شهر رمضان ، وصوم قضاء الفائت وصوم كفارته ، وصوم النذر ، وصوم كفارة من أفطر فيه ، وصوم الاعتكاف [ وصوم كفارة الإفطار فيه ] (٢) وصوم جزاء الصيد ، وصوم كفارة حلق الرأس ، وصوم دم المتعة وصوم كفارة الظهار وصوم كفارة القتل ، وصوم نقص العهد ، وصوم كفارة البر (٣) وصوم كفارة اليمين ، وصوم مفوت العشاء الآخرة.

والمسنون على ضروب : منها صوم ثلاثة أيام في كل شهر : خميس في أوله وأربعاء في وسطه وخميس في آخره ، وصوم شعبان ، وصوم رجب ، وصوم المحرم وصوم السابع عشر من ربيع الأول مولد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ويوم السابع والعشرين من رجب مبعث النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ويوم الخامس والعشرين من ذي القعدة وهو يوم دحو الأرض من تحت الكعبة ، ويوم الثامن عشر من ذي الحجة وهو يوم الغدير ، وأول يوم من ذي الحجة وهو يوم مولد إبراهيم عليه‌السلام ، ويوم عرفة ، والأيام البيض من

__________________

(١) كذا في جميع النسخ ، وما ذكره ، خمسه عشر.

(٢) هذا القسم مستفيدا من كلام المؤلف في تفصيل الأقسام.

(٣) كذا في النسخ ، ولعل الصحيح : كفارة البراءة أي الحلف بالبراءة من الله أو رسوله أو واحد من الأئمة عليهم‌السلام.

١٨٠