منهج المقال في تحقيق احوال الرجال - ج ١

محمد بن علي الاسترابادي

منهج المقال في تحقيق احوال الرجال - ج ١

المؤلف:

محمد بن علي الاسترابادي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : رجال الحديث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-301-2
الصفحات: ٤٢١

٦١

٦٢

٦٣

٦٤

٦٥

٦٦

٦٧
٦٨

بِسْمِ اللهِ الرَحْمنِ الرَحِيم

الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين :

وبعد ، فيقول الأقلّ الأذلّ محمّد باقر بن محمّد أكمل : إنّي لمّا تنبّهت (١) بفكري الفاتر على تحقيقات في الرجال ، وعثرت بتتبّعي القاصر على إفادات من العلماء العظام والأقوال ، وكذا على فوائد شريفة فيه وفي غيره ، مثل أنّي وجدت توثيق بعض الرجال المذكورين فيه (٢) وغير المذكورين فيه ، أو مدحه ، أو سبب قوّة قوله ، وجدتها من الرجال ومن غيره ، لم يتوجّه إليها علماء الرجال في الرجال ، أو توجّهوا لكن في غير ترجمته ، فلم يتفطّن بها القوم ... إلى غير ذلك من الفوائد ، أحببت تدوينها وضبطها ، وجعلها علاوة لما ذكروا وتتمّة لما اعتبروا (٣).

فلذا جعلت تدويني تعليقة ، وعلّقت على منهج المقال من تصنيفات

__________________

١ ـ في « ك » : تتبّعت.

٢ ـ في « م » : في الرجال.

٣ ـ في « ك » : عثروا.

٦٩

الفاضل الباذل العالم الكامل السيّد (١) الأوحد الأمجد مولانا ميرزا محمّد قدّس الله سرّه ، لما وجدت من كماله وكثرة فوائده ونهاية شهرته ، وهذه وإن علّقت عليه إلاّ أنّها عامّة النفع والفائدة ، والله وليّ العائدة.

ولنقدّم فوائد :

__________________

١ ـ في « م » : السند.

٧٠

الفائدة الاُولى

في بيان الحاجة إلى الرجال :

اعلم أنّ الأخباريين نفوا الحاجة إليه لما زعموا من قطعيّة صدور الأحاديث ، ونحن في رسالتنا في الاجتهاد والأخبار (١) قد أبطلناه بما لا مزيد عليه ، وأثبتنا عدم حجّيّة الظنّ من حيث هو (٢) ـ بل والمنع عنه كذلك ـ وأنّ ما ثبت حجّيّته هو ظنّ المجتهد بعد بذل جهده واستفراغ وسعه في كلّ ماله دخل في الوثوق وعدمه ، وأزلنا الحجاب وكشفنا النقاب ، فليرجع إليها من يطلب الصواب.

ولا شبهة أنّ الرجال له دخل فيها ، ولو سُلِّمت القطعيّة فلا شبهة في ظنيّتها متناً ، مضافاً إلى اختلالات كثيرة.

ولا ريب أنّ رواية الثقة الضابط أمتن وأقوى ، على أنّ جُلّ الأحاديث متعارضة ، ويحصل من الرجال أسباب الرجحان والمرجوحيّة ، ولم يجزم بحجّيّة المرجوح ، مع أنّ في الجزم بحجيّة المتعارض (٣) من دون علاج تأمّلاً ، ولذا ترى أصحاب الأئمّة والقدماء من الفقهاء والمتأخرين منهم كانوا

__________________

١ ـ رسالة الاجتهاد والأخبار في الرد على الأخبارية وذكر كيفية الاجتهاد ومقدماته وأقسامه من المطلق والمتجزي وغير ذلك ، طبعت ضمن الرسائل الاُصولية للوحيد.

٢ ـ في « ب » و « ك » زيادة : ظن.

٣ ـ في « ك » : المعارض.

٧١

يتحيّرون (١) عند الاطّلاع على المعارض فيسعون في العلاج ثمّ يعملون ، ومن هذا ترى الأصحاب كانوا يسألون الأئمّة عليهم‌السلام عن علاج وكانوا يعالجونهم.

ثمّ في الجزم بكون التخيير علاجاً وتجويز (٢) البناء عليه مع التمكّن من المرجّحات من العدالة وموافقة الكتاب والسُنّة وغير ذلك أيضاً تأمّل ، وما دلّ عليه ـ فمع ضعف الدلالة ـ معارض بما هو أقوى دلالة ، بل وسنداً أيضاً (٣) ، وهوفي غاية الكثرة والشهرة ، ثمّ إنّه مع الضعف والمرجوحيّة غير معمول به عند الرواة وأصحاب الأئمّة عليهم‌السلام كما يظهر من الرجال وكتب الحديث ، بل وعند قدماء الفقهاء أيضاً إلاّ من (٤) شذّ منهم (٥) لشبهة ، بل ولا يفهم كلامه عند ذكر شبهته (٦) لنهاية فساد ظاهره.

هذا كلّه مع المفاسد المترتّبة على التخيير مطلقاً ، سيما في المعاملات ، مع أنّ الخبر المرجوح لم يجزم بحجّيّته ، على أنّ حجّيّة المتعارض من دون علاج ، وكون التخيير يجوز البناء عليه كما أشير إليه ، وكون المستند ما دلّ عليه دور (٧).

وبالجملة : بعد بذل الجهد واستفراغ الوسع في تحصيل الراجح

__________________

١ - في « ق » : يتحرزون.

٢ ـ في « أ » و « م » : ويجوز.

٣ ـ في « م » زيادة : فتأمّل.

٤ ـ كذا في « ق » ، وفي سائر النسخ بدل من : ما.

٥ ـ في فوائد الوحيد المطبوعة في ذيل رجال الخاقاني : ٣ زيادة : كالكليني.

٦ ـ في « ب » و « ح » و « ك » : شبهة.

٧ ـ خلاصة الدور : إنّ جواز العمل بكلّ من المتعارضين موقوف على جواز العمل باخبار التخيير ، وجواز العمل باخبار التخيير ابتداءً موقوف على جواز العمل بكل من المتعارضين من دون نظر إلى الترجيح ، وهو دور واضح.

اُنظر رجال الخاقاني : ٢٢٩.

٧٢

نجزم (١) بالعمل ، وبدونه لا قطع على العمل ، فتأمّل.

وتحقيق ما ذُكر يُطلب من الرسالة ويظهر بالتأمّل فيها.

ووجه الحاجة على ما قرّر لا يتوجّه عليه شيء من الشكوك التي اُوردت في نفيها ، وهو ظاهر من القدماء ، بل والمتأخرين أيضاً ، إلاّ أنهم جعلوا عمدة أسباب الوثوق التي تعرف من الرجال وأصلها العدالة من حيث كونها عندهم شرطاً للعمل بخبر الواحد ، ولعلّ هذا هو الظاهر من كلام القدماء كما يظهر من الرجال سيما وبعض التراجم ، مثل ترجمة إسحاق بن الحسن بن بكران (٢) ، وأحمد بن محمّد بن عبيد الله (٣) العياش (٤) ، وجعفر بن محمّد بن مالك (٥) ، وسعد بن عبدالله (٦) ، ومحمّد بن أحمد بن يحيى (٧) ، وأحمد بن محمّد بن خالد (٨) ... إلى غير ذلك. وسنشير زيادة على ذلك في إبراهيم بن هاشم.

وقال الشيخ في عُدّته : من شرط العمل بخبر الواحد العدالة بلا خلاف (٩).

فإن قلت : اشتراطهم العدالة يقتضي عدم عملهم بخبر (١٠) غير العادل ،

__________________

١ ـ في « ق » : يجزم.

٢ ـ يظهر ذلك من النجاشي في رجاله : ٧٤ / ١٧٨.

٣ ـ كذا في « ق » ، وفي سائر النسخ : عبدالله.

٤ ـ انظر رجال النجاشي : ٨٥ / ٢٠٧. وفي « ح » و « ق » و « ك » و « ن » : العياشي.

٥ ـ رجال النجاشي : ١٢٢ / ٣١٣.

٦ ـ رجال النجاشي : ١٧٧ / ٤٦٧.

٧ ـ رجال النجاشي : ٣٤٨ / ٩٣٩.

٨ ـ رجال النجاشي : ٧٦ / ١٨٢ ، الخلاصة : ٦٣ / ٧.

٩ ـ عُدّة الاُصول ١ : ١٢٩.

١٠ ـ في « ب » زيادة : الواحد.

٧٣

وذلك يقتضي عدم اعتبار غير العدالة من أمارات الرجال ، وحينئذ تنتفي الحاجة إلى الرجال ، لأنّ تعديلهم من باب الشهادة ، وشهادة فرع الفرع غير مسموعة ; مع أنّ شهادة علماء الرجال على أكثر المعدّلين من هذا القبيل لعدم ملاقاتهم إيّاهم ولا ملاقاتهم من لاقاهم.

وأيضاً كثيراً ما يتحقّق التعارض بين الجرح والتعديل.

وكذا يتحقّق الاشتراك بين جماعة بعضهم غير معدَّل.

وأيضاً كثير من المعدّلين والثقات يُنقل أنّهم كانوا على الباطل ثمّ رجعوا.

وأيضاً لا يحصل العلم بعدم سقوط جماعة من السند من البين ، وقد اطُّلع على كثير من هذا القبيل ; فلا يحصل للتعديل فائدة يعتدّ بها.

وأيضاً العدالة بمعنى الملكة ليست محسوسة ، فلا يقبل فيها شهادة.

قلنا : الظاهر أنّ اشتراطهم العدالة لأجل العمل بخبر الواحد من حيث هو هو ومن دون حاجة الى التفتيش والإنجبار بشيء كما هو مقتضى دليلهم ورويّتهم في الحديث والفقه والرجال ، فإنّ عملهم بأخبار غير العدول أكثر من أن يحصى ، وترجيحهم في الرجال قبولها منهم بحيث لا يخفى ، حتّى أنّها ربما تكون أكثر من أخبار العدول التي قبلوها ، فتأمّل.

والعلاّمة رحمهم‌الله رتّب خلاصته (١) على قسمين : الأوّل فيمن اعتمد على روايته أو يترجّح عنده قبول روايته كما صرّح به في أوّله (٢) ، ويظهر من طريقته في هذا القسم من أوّله إلى آخره أنّ من اعتمد به هو الثقة ومن

__________________

١ ـ خلاصة الاقوال في معرفة أحوال الرجال للعلاّمة الحلّي المتوفي سنة ٧٢٦ هـ. انظر الذريعة ٧ : ٢١٤.

٢ ـ الخلاصة : ٤٤ المقدّمة.

٧٤

ترجّح عنده هو الحسن والموثّق ومن اختُلف فيه الراجح عنده القبول ، وسيجيء في حمّاد السمندري (١) : إنّ هذا الحديث من المرجّحات لا من الدلائل على التعديل (٢). وفي الحكم بن عبد الرّحمن ما يفيد ذلك (٣). وكذا في كثير من التراجم (٤).

ونُقِلَ عنه في ابن بكير (٥) : « إنّ الذي أراه عدم جواز العمل بالموثّق إلاّ أنْ يعتضد بقرينة » (٦) وفي حميد بن زياد : « فالوجه عندي أنّ روايته مقبولة إذا خلت عن المعارض » (٧) فربما ظهر من هذا فرق ، فتأمّل.

وسنذكر في إبراهيم بن صالح وإبراهيم بن عمر زيادة تحقيق ، فلاحظ.

وأيضاً من جملة كتبه كتاب الدّر والمرجان في الأحاديث الصحاح والحسان (٨).

وأيضاً قد أكثروا في الرجال بل وفي غيره أيضاً من ذكر أسباب

__________________

١ ـ في « ك » : السندري.

٢ ـ الخلاصة : ١٢٥ / ٥.

٣ ـ الخلاصة : ١٣١ / ٤.

٤ ـ كترجمة جميل بن عبدالله الخثعمي الخلاصة : ٩٣ / ٣ ، وترجمة حمّاد بن شعيب الحماني الخلاصة : ١٢٦ / ٧ ، وترجمة خيثمة بن عبد الرحمن الجعفي الخلاصة : ١٣٩ / ٨.

٥ ـ هو عبد الله بن بكير بن أعين بن سنسن أبو علي الشيباني من أصحاب الصادق عليه‌السلام ، ذكره النجاشي في رجاله : ٢٢٢ / ٥٨١ والشيخ في الفهرست : ١٧٣ / ٣١ والعلاّمة في الخلاصة : ١٩٥ / ٢٤.

٦ ـ حكاه عنه الماحوزي في معراج أهل الكمال : ١٠٩.

ولم نعثر على هذا الكلام في الخلاصة.

٧ ـ الخلاصة : ١٢٩ / ٢.

٨ ـ في الذريعة ٨ : ٨٧ : وهوفي عشرة أجزاء كما في بعض نسخ خلاصة الاقوال.

٧٥

الحسن أو التقوية أو المرجوحيّة (١) ، واعتنوا بها وبحثوا عنها ، كما اعتنوا وبحثوا عن الجرح والتعديل.

ونقل المحقّق رحمهم‌الله عن الشيخ رحمهم‌الله أنّه قال : يكفي في الراوي أنْ يكون ثقة متحرّزاً عن الكذب في الحديث وإنْ كان فاسقاً بجوارحه ، وإنّ الطائفة المحقّة عملت بأحاديث جماعة هذه حالتهم (٢).

وسنذكر عن عُدّة الشيخ في الفائدة الثانية ما يدلّ على عملهم برواية غير العدول مع أنّه ادّعى فيها الوفاق على اشتراط العدالة لأجل العمل (٣) ، فتأمّل.

وعن المحقّق في المعتبر أنّه قال : افرط الحشويّة (٤) في العمل بخبر الواحد حتّى انقادوا لكلّ خبر ، وما فطنوا لما تحته من التناقض ، فإنّ من جملة الأخبار قول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « ستكثر بعدي القالة عليّ » (٥) وقول الصادق عليه‌السلام : « إنّ لكلّ رجل منّا رجلاً يكذب عليه » (٦).

__________________

١ ـ في « ق » بدل أو التقوية أو المرجوحية : والتقوية والمرجوحية.

٢ ـ معارج الاُصول : ١٤٩.

٣ ـ عُدّة الاُصول ١ : ١٢٩.

٤ ـ الحشْوية ـ بسكون الشين ـ قوم تمسّكوا بالظواهر فذهبوا إلى التجسيم وغيره ، ومنهم أصناف المجسّمة والمشبّهة ، وهؤلاء وُجِدُوا في حلقات الحسن البصري فسمعهم يتكلّمون بالحشو والسقط فأمر أصحابه أن يردّوهم إلى حشا الحلقة ، فلذلك سُمّوا بالحَشْويّة ; وقيل : سبب تسميتهم بذلك أنّهم يحشون الأحاديث التي لا أصل لها في الأحاديث المرويّة عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .

اُنظر تبيين كَذِبِ المفتري لابن عساكر : ١١ ، الحور العين لأبي سعيد الحميري : ٢٠٤.

٥ ـ لم نعثر على هذا النص فيما بأيدينا من مصادر ، نعم في الكافي ١ : ٥٠ / ١ باب اختلاف الحديث عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله : ... قد كثرت عليَّ الكذابة ... إلى آخره.

٦ ـ ذكره في المعتبر مرسلاً ، وكذا ذكر في الرواشح السماوية : ١٩٣ والحدائق الناضرة

٧٦

واقتصر بعض عن هذا الافراط فقال : كلّ سليم السند يعمل به. وما علم أنّ الكاذب قد يصدق (١) والفاسق قد يصدق ، ولم يتنبّه على أنّ ذلك طعن في علماء الشيعة وقدح في المذهب ، إذ لا مصنّف إلاّ وهو قد يعمل بخبر المجروح كما يعمل بخبر العدل (٢).

وأفرط آخرون في طرق (٣) ردّ الخبر ... إلى أن قال : كلّ هذه الأقوال منحرفة عن السنن ... إلى آخر ما قال (٤).

فإنْ قلت : مقتضى دليلهم التثبّت في خبر غير العدل إلى أن يحصل العلم.

قلت : على تقدير التسليم معلوم أنّهم يكتفون بالظنّ عند العجز عن العلم في مثل ما نحن فيه لدليلهم الآخر ، مع أنّ أمارات الرجال ربما يكون لها دخل في حصول العلم ، فتأمّل.

وحقّ التحقيق يظهر من الرسالة (٥) ، وسيجيء بعض ما نشير إليه في الفائدة الثانية ، وترجمة إبراهيم بن صالح ، وابن عمر (٦) ، وغير ذلك.

ثمّ ما ذكرت من أنّ ذلك يقتضي عدم اعتبارهم غير العدالة ، ففيه أنّه ربما يحتاج إليه للترجيح ، على أنّا نقول : لا بدّ من ملاحظة الرجال بتمامه ،

__________________

٣ : ١٩٩ و ٧ : ٣٩١ وفرائد الاُصول ١ : ١٤٣ ، ١٥٩. ولم نعثر عليه في كتب الحديث.

١ ـ في المصدر : يلصق.

٢ ـ في المصدر بدل العدل : الواحد المعدل.

٣ ـ في المصدر : طرف.

٤ ـ المعتبر في شرح المختصر ١ : ٢٩ مقدمة المصنِّف.

٥ ـ يشير إلى رسالته في الاجتهاد والأخبار والتي تقدم التعريف بها في أول الفائدة.

٦ ـ أي : إبراهيم بن عمر اليماني.

٧٧

إذْ لعلّه يكون تعديل أو جرح (١) يظهران من التأمّل فيه.

وما ذكرت من أنّ تعديلهم من باب الشهادة فغير مسلّم ، بل الظاهر أنّه من (٢) اجتهادهم أو من باب الرواية كما هو المشهور ، ولا محذور (٣).

أمّا على الثاني فلأنّ الخبر من الأدلّة الشرعيّة المقررة.

وأمّا على الأوّل فلأنّ اعتماد المجتهد على الظنّ الحاصل منه من قبيل اعتماده على سائر الظنون الاجتهادية ، وما دلّ على ذلك يدلّ على هذا أيضاً ، مضافاً إلى أنّ المقتضي للعدالة لعلّه لا يقتضي أزيد من مظنونها وراجحها ، سيما عند سدّ باب العلم ، لأنّه الاجماع والآية (٤).

__________________

١ ـ في « أ » و « م » زيادة : أو. ٢ ـ في « م » زيادة : باب.

٣ ـ للشيخ الخاقاني ههنا كلام في شرحه لفوائد الوحيد لا بأس بنقله ، قال ما لفظه : لا يخفى ان ههنا أمرين :

الأول : في التزكية السمعية.

الثاني : في التزكية الكتبية أعني الحاصلة والمستفادة من كتب الرجال.

أمّا السمعية فليست هي من باب الإجتهاد جزماً ، بل هي منحصرة في أحد أمرين :

إما الشهادة ، أو كونها من باب الرواية كما هو المشهور وهو الظاهر ، فانها من الرواية والخبر المحض ، لعدم الفرق بينهما وبين سائر الإخبارات المتعلقة بالموضوعات أو الأحكام.

وأمّا الكتبية فليست هي من باب الشهادة ولا من باب الرواية على الظاهر ، إذ هما من مقولات الألفاظ والأقوال ، بل هي منحصرة في باب الإجتهاد والظنون ، وحينئذ فقول المصنف ـ أعلى الله مقامه ـ : بل الظاهر أنّه من اجتهادهم أو من باب الرواية كما هو المشهور ، في غير محله ، إذ هو لا يستقيم لا على السمعية ولا على الكتبية كما عرفت ، والله أعلم.

رجال الخاقاني : ٢٤١.

٤ ـ أي : آية النبأ ، وهي قوله تعالى : ( يَا أيُّها الَّذينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُم فَاسِقٌ بِنَبَأ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوماً بِجَهالة فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُم نَادِمينَ ) الحجرات ـ ٦.

٧٨

ولا يخفى على المطّلع بأحوال القدماء أنّهم كانوا يكتفون بالظنّ ولا يلزمون تحصيل العلم ، وأيضاً كلّ واحد منهم يوثّق لأجل اعتماد غيره كما هو ظاهر ، على أنّه لا يثبت من إجماعهم أزيد مما ذكر.

وأمّا الآية فلعدم كون مظنون الوثاقة وظاهر العدالة من الأفراد المتبادرة للفاسق ، بل ربما يكون الظاهر خلافه ، فتأمّل.

وأيضاً القصر على التثبّت لعلّه يستلزم سدّ باب أكثر التكاليف ، فتأمّل.

ومع ملاحظة الأمر به في خبر الفاسق واشتراط العدالة والتمكّن من الظنّ بها لعلّه لا يحصل العلم بحجّية خبر الفاسق وغير مظنون العدالة من دون تثبّت ، فتأمّل.

وممّا ذكرنا ظهر الجواب عمّا ذكرت من أنّه كثيراً ما يتحقّق التعارض ، إذ لا شبهة في حصول الظنّ من الأمارات المرجّحة والمعيّنة ولو لم توجد نادراً ، فلا قدح ، وبناؤهم على هذا أيضاً ، وكذا لا شبهة في كون المظنون عدم السقوط.

ولعلّ الروايات عمّن (١) لم يكن مؤمناً ثمّ آمن اُخذت حال إيمانه ، وببالي أنّ هذا عن المحقّق الأردبيلي رحمهم‌الله وعن غيره أيضاً ، ويشير إليه ما في أخبار كثيرة : عن فلان في حال استقامته (٢).

__________________

١ ـ في « ك » : ممن.

٢ ـ وردت هذه العبارة في حقّ عدّة من الرواة ، منهم طاهر بن حاتم كما في الكافي ١ : ٦٧ / ٢ باب أدنى المعرفة ، حيث ورد في سند الحديث : عليّ بن محمّد عن سهل بن زياد عن طاهر بن حاتم في حال استقامته ... إلى آخره ، ومنهم الحسين بن عبيد الله بن سهل كما في رجال النجاشي : ٦١ / ١٤١ ترجمة الحسن بن أبي عثمان.

٧٩

وممّا ينبّه أنّ قولهم : ( فلان ثقة في (١) الثقات ) مطلقاً وكذا مدحهم في الممدوحين كذلك إنّما هو بالنسبة إلى زمان صدور الروايات لا مطلقاً وفي جميع أوقاتهم ، لعدم الظهور ، بل ظهور العدم ، فكما (٢) أنّه ذكر لهم لأن يعتمد عليهم ـ كما لا يخفى ـ فكذا فيما نحن فيه ، لعدم التفاوت ، فتأمّل.

على أنّه لو لم يحصل الظنّ بالنسبة إلى كلّهم فالظاهر حصوله بالنسبة إلى مثل البزنطي (٣) ومَن ماثله ، على أنّه يمكن (٤) حصوله من نفس رواياتهم أو قرينة اُخرى ، وسيجيء زيادة على ما ذكر في الفائدة الثانية عند ذكر الواقفة (٥) ، وفي ترجمة البزنطي ، وأحمد بن داود بن سعيد ، ويونس بن يعقوب ، وسالم بن مكرم.

على أنّ سوء العقيدة لا ينافي العدالة بالمعنى الأعم ، وهي معتبرة عند الجلّ ونافعة عند الكلّ كما سنشير ، فانتظر.

هذا ، مع أنّ معرفة هؤلاء من غيرهم من الرجال ، فلا بدّ من الإطّلاع على كلامهم.

على أنّا نقول : لعلّ عدم منعهم في حال عدالتهم من رواياتهم المأخوذة في حال عدمها أخرجها من (٦) خبر الفاسق الذي لا بدّ من التثبّت فيه ، بل وأدخلها في رواية العادل ، فتأمّل.

__________________

١ ـ في « ق » : من.

٢ ـ في « م » : كما.

٣ ـ هو أحمد بن محمّد بن عمرو بن أبي نصر أبو جعفر المعروف بالبزنطي ، رجال النجاشي : ٧٥ / ١٨٠ ، الفهرست : ٦١ / ١.

٤ ـ في « ح » : لا يمكن.

٥ ـ في « ق » و « ن » : الواقفية.

٦ ـ في « ح » و « ق » و « ن » : عن.

٨٠