منهج المقال في تحقيق احوال الرجال - ج ١

محمد بن علي الاسترابادي

منهج المقال في تحقيق احوال الرجال - ج ١

المؤلف:

محمد بن علي الاسترابادي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : رجال الحديث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-301-2
الصفحات: ٤٢١

١
٢

٣
٤

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدُ لله ربّ العالمين الذي لا يبلغ مدحته القائلون ولا يحصي نَعمَاءَه العادّون.

والصلاة والسلام على النبيّ محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله عبده ورسوله وخليفته في أرضه وحافظ سرّه ومبلّغ رسالاته وسيّد مخلوقاته.

وبعدُ ، فقد تواتر الأثر وتكاثر الخبر عن سيّد الإنس والبشر صلى‌الله‌عليه‌وآله ممّا دُوِّن في كتب الفضائل والمناقب وشاع ذكره واشتهر أمره لدى جميع المذاهب بطرق مختلفة وأسانيد متعدّدة قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

« إنّي تارك فيكم الثَقَلين أحدهما أكبر من الآخر : كتابَ اللهِ حبلٌ ممدودٌ من السماءِ إلى الأرض وعترتي أهلَ بيتي ، وإنّهما لَنْ يفترقا حَتّى يَرِدا عَليَّ الحوض » (١).

__________________

١ ـ الحديث نصاً في مسند أحمد ٣ : ٣٨٨ / ١٠٧٢٠ ، ورواه بأدنى اختلاف في ٣ :

٥

وغيرُ خفيٍّ على جُلِّ المسلمين بَل كُلِّهم وبجميع مذاهبهم واختلاف آرائهم اهتمام صاحب الرسالة وشدّة اعتنائه بأهل بيته ، هذا حيث يظهر منه في المواضع المتفرّقة والمواطن المتعدّدة ممّا رواه عنه العامّ والخاص وأطبق على نقله المخالف والمؤالف ممّا هو مدوّن في محالّه ومذكور في مظانّه ، ومنه الحديث المشار إليه المنقول عنه بألفاظ متشابهة ومعان متقاربة ، حيث قرن صلى‌الله‌عليه‌وآله عترَتَه وأهلَ بيته بكتاب الله المنزل عليه والمتلى على مسامعه ، فهما صاحبان مصطحبان في طريق واحد وينتهيان ويؤولان إلى مصبّ فارد.

وَلِمَ لا يكونون كذلك أو يتّصفون بذلك وإنّهم لَلمنعوتون على لسان أمير المؤمنين عليه‌السلام بقوله :

« هُم عيشُ العلم وموتُ الجهل ، يُخبِرُكم حِلمُهُم عن علمهم وصمتُهُم عن حِكَمِ منطِقِهم ، لا يخالفون الحقّ ولا يختلفون فيه ، دعائم الإسلام وولائج الاعتصام ، بهم عاد الحقُّ إلى نِصابه وانزاح الباطلُ عن مُقامه ، عقلوا الدين عَقلَ وعاية ورعاية لا عقل سماع ورواية ، فإنّ رواة العلم كثير ورُعاتُه قليل » (١).

فعترة رسول الله وأهلُ بيته صلوات الله عليهم كما أنّهم إمتداد لجدّهم الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله نسباً وتأصّلاً كذلك هم الامتداد له شرفاً وأدباً وعلماً ، يبلّغون

__________________

٣٩٣ / ١٠٧٤٧ و ٦ : ٢٣٢ / ٢١٠٦٨ ، ورواه ابن أبي شيبة في مصنّفه ١١ : ٤٥٢ / ١١٧٢٥ ، والحاكم في مستدركه ٣ : ١٠٩ و ١٤٨ ، والبيهقي في سُننه ٢ : ١٤٨ و ٧ : ٣٠ ، والهيثمي في مجمعه ٩ : ١٦٢ ، والهندي في كنز العمال ١ : ١٨٥ / ٩٤٣ ـ ٩٤٦ ... إلى غير ذلك من المصادر.

١ ـ نهج البلاغة شرح محمّد عبده : ٥٠٩.

٦

ما بلّغ به وينهون عَمّا نهى عنه ، مستنّين بسُنَّته متخلِّقين بأخلاقه ، لا يحيدون عنه ولا يزيغون.

ولذا كانوا صلوات الله عليهم مصداقاً لمفهوم السُنّة الشريفة التي تعدّ ثاني مصدر من مصادر التشريع الإسلامي بعد كتاب الله عزّوجلّ.

ولمّا كانت السُنّة بما فيها قول المعصوم وفعله وتقريره ـ كما عرّفها أرباب الفقه وأصحاب الإستنباط وكُتّاب الاُصول ـ على هذه الأهمّية ، كان لا بُدّ من إحراز صدورها عن المعصوم عليه‌السلام من خلال الإطمئنان الكامل والتام بصحّة سند المرويّات عنهم عليهم‌السلام المدوّنة في المجامع الحديثيّة والّتي تكون بطبعها حاكية عن السُنّة.

وهذا بالطبع لا يتيسّر لكلِّ مستنبط إلاّ إذا كانت له إحاطةٌ تامةٌ برجال السند ورواة الأخبار ونقلة الآثار ، والتعرّف على شؤونهم وشجونهم ، وأنّهم أهلٌ للإعتماد على نقلهم والركون إلى قولهم.

ومنشأ هذا الترديد وذلك التشكيك يظهر بوضوح لمن استقرأ المجامع الحديثيّة وتتبّع ما استُودِع فيها من الأخبار وطرقها وأسانيدها ، فإنّه سيطمئن إلى رجال موثوق بهم يعتمد على نقلهم ، كما أنّه سوف يتجنّب رجالاً طعن فيهم تترك مروياتهم ، ويبقى متردّداً في قسم ثالث منهم إنْ لم يُساووا القسمين الأوّلين عدداً فلا يقلّون عنهم كثيراً ، وهم مَن لم يعلم حالهم ولم يتبيّن شأنهم ، وهم المشار إليهم بالمجاهيل الذين ينظر في أمرهم وأنّهم هل يندرجون ضمن الطائفة الاُولى فيؤخذ بقولهم ويعتمد على نقلهم ، أو أنّهم خارجون عنها وهذا ما يعني عدّهم في الطائفة الثانية فتُترك مرويّاتهم ، وهذا أمر نسبي ينقاد إلى سعي المستنبط واجتهاده ، فلربما

٧

تتوفّر لديه جملةٌ من القرائن التي تعزّز لديه الثقة ببعض الرواة فيسكن إلى نقلهم ، أو العكس فتنعكس النتيجة.

وبمجمل ما بيّناه يعلم إجمالاً الحاجة إلى علم الرجال ، ألا وهي التعرّف على طرق الأخبار وسند الآثار ومعرفة صحيحها من سقيمها ومقبولها من مرفوضها ، مضافاً إلى تبويب طبقاتها وتمييز مشتركاتها وتشخيص مجاهيلها ... إلى غير ذلك ممّا يهمّ المستنبط ويلبّي حاجته ويحقّق رغبته ممّا هو مذكور في مَحلّه.

ولهذه الأهميّة أولى العلماء رضوان الله عليهم إهتماماً شديداً بهذا العلم حتّى تبحّروا فيه ، فتراهم ما بين مصنّف ومؤلّف ، أو باحث ومترجم ، أو شارح ومعلّق ، حسب ما جادت به قرائِحُهم ودَعَت إليه رغبتُهم.

وغيرُ مبالغ فيه إنِ ادّعينا أنّ عدد ما اُلّف أو صُنّف في الرجال لدى الشيعة قد يصل إلى المئات ، ولعلّ خير شاهد على ذلك ما قام به العالم الحجّة الشيخ آقا بُزرگ الطّهراني صاحب الذريعة قدس‌سرهم ، حيث ألّف كتاباً أسماه : « مصفّى المقال في مصنّفي علم الرجال » وهو فهرست استقصى فيه رحمهم‌الله تراجم أحوال من اشغل فكره وأجرى قلمه في هذا العلم تأليفاً أو ترجمة أو رسالة أو شرحاً وتعليقاً ، لعلمائنا الأقدمين ومَن لم يدركهم من المتأخّرين ، وأيضاً ذكر فيه من أعاظم علماء الشيعة مَن لم يكتف بتأليف واحد من الرجال ، بل ثنّاها وعزّزها بثالث فما زاد ، مثل الشيخ أبي جعفر الصدوق المتوفّى ٣٨١ هـ والشيخ أبي جعفر الطوسي المتوفّى ٤٦٠ هـ رضوان الله عليهما ، وغيرهما من العلماء قدّس الله أسرارهم.

وها هي مؤسّسة آلِ البيت عليهم‌السلام وهي الدؤوبة دائماً وأبداً على نشر

٨

تراثهم صلوات الله عليهم حِرصاً منها على ذلك تُقدّم ضمن جدول أعمالها ـ كما أسلفت الوعد بذلك ـ تحقيق أهمِّ ما اُلّف من الجوامع الرجاليّة في القرن العاشر الهجري ، ألا وهو كتاب « منهج المقال في تحقيق أحوالِ الرجال » والموسوم بالرجال الكبير للميرزا محمّدِ بن عليّ بن إبراهيمِ الإسترآبادي المتوفّى سنة ١٠٢٨ هـ ، وعلى هامشه « التعليقة البهبهانيّة » للاُستاذ الأكبر محمّد باقر بن محمّد أكمل المعروف بالوحيد البهبهاني المتوفّى في ١٢٠٦ هـ.

٩

مؤلّف الكتاب :

هو السيّد السند الفاضل الكامل المحقّق المدقّق الميرزا محمّد بن عليّ بن إبراهيم الإسترآبادي أصلاً ، الغروي ثمّ المكّي جواراً ومدفناً.

هذا هو المعروف والمشهور من نسبه لدى العلماء وأصحاب التراجم ، إلاّ أنّ السيّد مصطفى التفرشي الّذي كان معاصراً للمؤلّف ترجم له بعنوان : « محمّد بن علي بن كيل الإسترآبادي (١) » ، وتبعه على ذلك نقلاً عنه الوحيد البهبهاني في تعليقته على المنهج إلاّ أنّ فيها بدل كيل : وكيل (٢).

والشيخ أبو علي الحائري بعد أنْ حذا حذو اُستاذه الوحيد حيث عنونه في المنتهى نقلاً عنه : « محمّد بن علي بن كبل الإسترآبادي » قال : كذا نقل في التعليقة عن النقد في نسبه ، والموجود فيه وفي غيره ورأيته في آخر رجال الميرزا نقلاً عن خطّه : « ابن عليّ بن إبراهيم » (٣).

هذا بالنسبة لنسبه ، وأمّا وصفه بـ « الميرزا » فهو المعروف بين الرجاليّين بحيث متى ما اُطلقت هذه الكلمة عندهم انصرفت إليه.

__________________

١ ـ نقد الرجال ٤ : ٢٧٩ / ٥٨١.

٢ ـ تعليقة الوحيد البهبهاني المطبوعة كحاشية على منهج المقال : ٣٠٩ ( حجري ).

٣ ـ منتهى المقال ٦ : ١٣٠ / ٢٧٧٩.

١٠

أساتذته ومن روى عنهم :

تتلمذ الميرزا محمّد الإسترآبادي على مجموعة من فطاحل العلماء في وقته ، منهم :

(١) العالم الربّاني والفقيه المحقّق الصمداني المولى أحمد بن محمّد الأردبيلي المشتهر بالمقدّس الأردبيلي ، صاحب كتاب مجمع الفائدة والبرهان ، توفّي في صفر سنة ٩٩٣ هـ ودفن قدس‌سرهم في الروضة المقدّسة لمولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام.

(٢) الفقيه المحقّق الشيخ ظهير الدين أبو إسحاق إبراهيم بن الشيخ نور الدين علي بن عبدالعالي المشتهر بابن مفلح العاملي الميسي ، المتوفّى سنة ١٠٣٢ هـ ، وهو شيخه في الرواية كما صرّح به الخوانساري في الروضات (١) ، وكذا يظهر من آخر منهج المقال وتلخيص المقال.

(٣) السيّد يوسف بن محمّد بن محمّد بن زين الدين الحسيني العاملي الشامي ، صاحب كتاب ترتيب اختيار الكشّي وكتاب جامع الأقوال الّذي فرغ منه سنة ٩٨٢ هـ.

(٤) العالم الجليل السيّد أبو محمّد محسن بن المير شرف الدين علي بن المير غياث الدين منصور بن المير صدر الدين محمّد الحسيني الشيرازي الدشتكي.

__________________

١ ـ روضات الجنات ١ : ٢٩ / ٤ ، ٧ : ٣٦ / ٥٩٦.

١١

تلامذته :

تلمّذ عليه مجموعة من علماء الطائفة وأهل العلم والفضيلة ، منهم :

(١) العالم المحقّق والفقيه المتبحّر محمّد أمين بن محمّد شريف الأخباري الإسترآبادي المدعو بالمولى ، صاحب كتاب الفوائد المدنيّة ، المتوفّى سنة ١٠٣٣ هـ ، وكان صهراً للميرزا الإسترآبادي.

(٢) الشيخ الجليل الفاضل النبيل المحقّق المدقّق الفقيه فخر الدين أبو جعفر محمّد بن الشيخ حسن بن الشيخ زين الدين الشهيد الثاني ، صاحب كتاب استقصاء الاعتبار ، توفّي سنة ١٠٣٠ هـ.

(٣) أبو الحسن بن عبدالله الشيرازي ، وهو الّذي كتب بخطّه منهج المقال سنة ١٠٥١ هـ وألحق به فوائد رجاليّة.

(٤) السيّد الجليل الأمير شرف الدين علي بن حجّة الله بن شرف الدين عليّ بن عبدالله بن الحسين بن محمّد بن عبدالملك الطباطبائي الحسني الحسيني الشولستاني ، مؤلّف كتاب توضيح المقال في شرح الإثني عشريّة في الصلاة ، وهو شيخ جمع من مشايخ الرجال مثل المجلسيَّين الأوّل والثاني ، توفّي سنة ١٠٦٠ هـ ، وقيل : ١٠٦٥ هـ.

(٥) العالم العامل والمحدّث الرجالي الشيخ محمّد بن جابر بن عبّاس النجفي ، له رسالة في الكنى والألقاب ، وله رسالة اُخرى في ترجمة محمّد بن إسماعيل.

(٦) العالم الكامل الفقيه ملاّ نصرا التوني ، واسمه محمّد ، وكان مشتهراً

١٢

« نصرا » قرأ الكتب الأربعة على الميرزا الإسترآبادي ، توفّي قبل سنة ١٠٦٠ هـ.

(٧) السيّد الأجلّ الفاضل محمّد علي ابن المير ولي الحسيني الأصفهاني ، كتب له الميرزا الإسترآبادي إجازة بخطّه في أواسط شهر ربيع الأوّل سنة ١٠١٥ هـ وصفه فيها بالسيّد السند الفاضل التقي النقي الألمعي.

(٨) علي رضا بن آقا جاني ، قرأ على الميرزا الإسترآبادي أكثر كتاب التهذيب وجملة من بقيّة الكتب الأربعة المشهورة ، وكتب له الميرزا إجازة بخطّه في أواخر شهر ذي الحجّة بمكّة المكرّمة سنة ١٠١٦ هـ وصفه فيها بالمولى الفاضل الورع خلاصة الأفاضل المتورّعين مولانا علي رضا.

(٩) المولى الجليل والسيّد الكبير زين الدين علي بن السيّد بدر الدين الحسن بن السيّد نور الدين عليّ بن الحسن بن عليّ بن شدقم ، يعرف بالسيّد ابن شدقم ، توفّي بالمدينة سنة ١٠٣٣ هـ.

(١٠) الشيخ عبداللطيف كما صرّح به في مفاخر الإسلام (١) ، ولعلّه الشيخ عبداللطيف بن علي بن أحمد بن أبي جامع العاملي ، وقد ترجم له أغلب علماء الرجال ، وذكروا أنّه قرأ على الشيخ البهائي والشيخ حسن ابن الشهيد الثاني والسيّد محمّد بن علي بن أبي الحسن العاملي وغيرهم وأجازوه ، له كتاب رجال لطيف ، وكتاب جامع الأخبار في إيضاح الإستبصار ، وغير ذلك ، توفّي سنة ١٠٥٠ هـ.

__________________

١ ـ مفاخر الإسلام ٣ : ٢٢١ ( فارسي ) في ترجمة ابن الجنيد الإسكافي.

١٣

(١١) كمال الدين حسين العاملي ، المجاز من الميرزا الإسترآبادي في محرّم ١٠١٨ هـ ، وقد وصفه الميرزا فيها بالأخ الأعزّ الفاضل التقي الورع المتّقي اللوذعي خلاصة الأفاضل والمتورّعين ، واستظهر آقا بزرك الطهراني اتّحاده مع حسين العاملي المقرئ الّذي روى أيضاً عن الميرزا (١).

(١٢) العالم الفاضل الفقيه الشيخ عبدعلي بن محمّد بن عزّالدين العاملي ، كتب بخطّه كتاب تلخيص الأقوال المعروف بالوسيط للميرزا الإسترآبادي وفرغ من نسخه سنة ١٠١٥ هـ بمكّة المكرّمة.

(١٣) المولى محمّد مقيم بن صفيّ الدين محمود الشريف بن القاسم بن محمود بن شرف الدين سليمان الشريف المشتهر بـ محمّد مقيم الشجاعي ، له تعليقات على كتاب الرجال « الوسيط » ، وفرغ منها في يوم الخميس من صفر ١٠٢٨ ، وذكر فيها أنّه يروي كتاب الرجال هذا عن مؤلّفه الميرزا الإسترآبادي.

(١٤) العالم الزاهد الجليل المير أبو المحاسن فضل الله بن محبّ الله دستغيب ، كتب بخطّه منهج المقال في حياة اُستاذه المصنّف في مكّة المشرّفة ، وفرغ من الكتابة في ٢٧ رجب ١٠٢٢.

__________________

١ - راجع طبقات أعلام الشيعة في القرن الحادي عشر : ١٧٥.

١٤

أقوال العلماء فيه :

أطراه ومدحه كثير من العلماء الّذين عاصروه وذكره بالإجلال والتقديس كلّ من تأخّر عنه ، وترجم له أغلب أساطين علم الرجال وأشادوا بغزارة علمه وكثرة تحقيقه وتبحّره في فنّ الرجال ، وإليك بعض أقوالهم :

ذكره تلميذه المولى محمّد أمين الإسترآبادي واصفاً إيّاه بأعلم المتأخّرين بعلم الحديث والرجال وأورعهم قائلاً : وهو سيّدنا الإمام العلاّمة والقدوة الهمام الفهّامة قدوة المقدّسين أعظم المحقّقين محمّد الإسترآبادي (١).

وقال معاصره السيّد مصطفى التفرشي : محمّد بن علي بن كيل الإسترآبادي مدّ الله تعالى في عمره وزاد الله في شرفه ، فقيه متكلّم ، ثقة من ثقات هذه الطائفة وعبّادها ، حقّق الرجال والرواية والتفسير تحقيقاً لا مزيد عليه ، كان من قبل من سكّان عتبة العليّة الغرويّة على ساكنها من الصلوات أفضلها ومن التحيات أكملها واليوم من مجاوري بيت الله الحرام ونسّاكهم (٢).

وترجم له الحرّ العاملي قائلاً : كان فاضلاً عالماً محقّقاً مدقّقاً عابداً ورعاً ثقةً عارفاً بالحديث والرجال (٣). وذكر نحوه الميرزا عبدالله الأفندي

__________________

١ - الفوائد المدنيّة : ١٨٥ ( حجري ).

٢ ـ نقد الرجال ٤ : ٢٧٩ / ٥٨١.

٣ ـ أمل الآمل ٢ : ٢٨١ / ٨٣٥.

١٥

في الرياض (١).

وذكره العلاّمة محمّد باقر المجلسي في إجازته لأحد تلامذته قائلاً : قدوة العلماء المتبحّرين السيّد السند ميرزا محمّد ابن الأمير علي الإسترآبادي صاحب كتاب منهج المقال في تحقيق أحوال الرجال قدّس الله سرّه (٢).

وقال في أوّل البحار عند بيان الاُصول والكتب المأخوذ عنها : والسيّد الأمجد ميرزا محمّد قدّس الله روحه ، من النجباء الأفاضل والأتقياء الأماثل ، وجاور بيت الله الحرام ، إلى أن مضى إلى رحمة الله ، وكتبه في غاية المتانة والسداد (٣).

وأمّا الشيخ عليّ بن محمّد بن حسن بن الشيخ زين الدين الشهيد الثاني العاملي على ما نقله آقا بزرك الطهراني قال : يجب الاعتماد على الرجال الكبير للإسترآبادي لأنّ مصنّفه ثقة ضابط قليل الأوهام (٤).

وترجم له الشيخ يوسف البحراني قائلاً : كان فاضلاً محقّقاً مدقّقاً عابداً ورعاً ، عارفاً بالحديث والرجال ، له كتب الرجال الثلاثة (٥).

والشيخ سليمان الماحوزي يذكره كثيراً معبّراً عنه : بخاتمة المحدّثين (٦).

__________________

١ ـ رياض العلماء ٥ : ١١٥.

٢ ـ بحار الأنوار ١١٠ : ١٥٨.

٣ ـ بحار الأنوار ١ : ٤١.

٤ ـ مصفى المقال : ٣٣١.

٥ ـ لؤلؤة البحرين : ١١٩ / ٤٥.

٦ ـ معراج أهل الكمال : ٢٧٨.

١٦

وقال الوحيد البهبهاني في أوّل فوائده : وعلّقت على منهج المقال من تصنيفات الفاضل الباذل العالم الكامل السيّد الأوحد الأمجد مولانا ميرزا محمّد قدس‌سرهم لما وجدت من كماله وكثرة فوائده ونهاية شهرته (١).

وأمّا العلاّمة محمّد باقر الخوانساري فقد أثنى عليه ثناءاً عظيماً حيث قال : معدن العلم والمعرفة والكمال ، وجار الله الجائر إلى حرمه الشريف على وجه الاقبال ، مولانا الميرزا محمّد بن علي بن إبراهيم الفارسي الإسترآبادي ، المشتهر بصاحب الرجال ، كان من شرفاء علماء وقته ، الموصوف في كلمات بعضهم بالسيادة ، ثمّ نقل عن المحدّث النيسابوري قوله : محمّد بن علي بن إبراهيم العلوي الإسترآبادي أصلاً الغروي ثمّ المكّي جواراً ومدفناً ، المعروف بميرزا محمّد شاه ركناً اسماً ولقباً وبليداً ، كان عالماً فاضلاً محقّقاً عابداً ورعاً ثقة ، عارفاً بالحديث والرجال ، كان من المشايخ (٢).

وجاء في سفينة البحار للشيخ عبّاس القمّي : الميرزا محمّد الإسترآبادي هو ابن علي بن إبراهيم الإسترآبادي السيّد الجليل العالم الفاضل المتكلّم المحقّق المدقّق العابد الزاهد الثقة الورع ، اُستاذ أئمّة الرجال ، صاحب منهج المقال الّذي يعبّر عنه بالرجال الكبير (٣).

وفي هدية الأحباب : صاحب الرجال الكبير والمتوسط والصغير ، سيّد أجلّ عالم فاضل متكلّم مدقّق محقّق ورع ثقة ، آميرزا محمّد بن علي

__________________

١ ـ انظر مقدّمة الفوائد الرجاليّة المطبوعة ضمن منهج المقال.

٢ ـ روضات الجنات ٧ : ٣٦ / ٥٩٦.

٣ ـ سفينة البحار ٢ : ٣٦٨.

١٧

بن إبراهيم الإسترآبادي (١).

وترجم له أيضاً في الكنى والألقاب وفي الفوائد الرضوية وذكر فيها ما يقرب من الكلام المتقدّم (٢).

بينما وصفه الشيخ النوري في خاتمة مستدركه : العالم المحقّق المتبحّر الآميرزا محمّد بن علي بن إبراهيم الإسترآبادي ، اُستاذ أئمّة الرجال وصاحب المنهج والتلخيص ومختصره وآيات الأحكام (٣).

وقال المحبّي في خلاصته ، محمّد بن علي بن إبراهيم الإسترآبادي ، نزيل مكّة المشرّفة ، العالم العلاّمة صاحب كتب الرجال الثلاثة المشهورة ، له مؤلّفات كثيرة منها شرح آيات الأحكام ورسائل مفيدة ، وصِيته بالفضل التام شائع ذائع (٤).

وترجم له الزرگلي قائلاً : محمّد بن علي بن إبراهيم الفارسي الإسترآبادي ، عالم بالتراجم ، من فقهاء الإماميّة ، ثمّ ذكر بعض كتبه (٥).

وأمّا عمر رضا كحّالة فقد قال : محمّد بن علي بن إبراهيم الإسترآبادي الشيعي الميرزا ، فقيه ، محدّث ، عارف بالرجال. ثم ذكر بعض آثاره (٦).

__________________

١ ـ هدية الأحباب : ١٧٢ ( فارسي ).

٢ ـ الكنى والألقاب ٣ : ١٨٣ ، الفوائد الرضويّة : ٥٥٤ ( فارسي ).

٣ ـ خاتمة المستدرك ٢ : ١٨١.

٤ ـ خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر ٤ : ٤٦.

٥ ـ الأعلام ٦ : ٢٩٣.

٦ ـ معجم المؤلفين ١٠ : ٢٩٨.

١٨

مؤلّفاته :

ترك لنا الميرزا الإسترآبادي قدس‌سرهم مجموعة من الكتب القيّمة خصوصاً في علم الرجال تدلّ على قدرته الفائقة في الجمع والتحقيق والتدقيق ، منها :

(١) منهج المقال في تحقيق الرجال المعروف بالرجال الكبير ، وهوفي ثلاثة أجزاء ، فرغ من الجزء الأوّل في ١٢ ربيع الآخر سنة ٩٨٤ هـ ، ومن الجزء الثاني في شوّال سنة ٩٨٥ هـ ، وفرغ من الجزء الثالث في سلخ صفر سنة ٩٨٦ هـ في مشهد أمير المؤمنين عليه‌السلام.

(٢) تلخيص المقال ( الأقوال ) في معرفة الرجال المعروف بالوسيط ، فرغ من تأليفه سنة ٩٨٨ هـ.

(٣) توضيح المقال الموسوم بالوجيز المعروف بالرجال الصغير ، فرغ منه سنة ١٠١٦ هـ.

(٤) آيات الأحكام.

(٥) حاشية على التهذيب.

(٦) حاشية على الاستبصار.

(٧) رسالة في أحوال زيد الشهيد رضوان الله تعالى عليه.

(٨) عدّة رسائل مفيدة.

كرامة منقولة عن الميرزا :

قال العلاّمة محمّد باقر المجلسي في البحار عند ذكره من رأى الإمام

١٩

المهدي عجّل الله فرجه في غيبته الكبرى : ما أخبرني به جماعة عن جماعة عن السيّد السند الفاضل الكامل ميرزا محمّد الاسترآبادي نوّر الله مرقده أنّه قال : إنّي كنت ذات ليلة أطوف حول بيت الله الحرام إذ أتى شاب حسن الوجه فأخذ في الطواف ، فلمّا قرب منّي أعطاني طاقة ورد أحمر في غير أوانه ، فأخذت منه وشممته وقلت له : من أين يا سيدي؟ قال : من الخرابات. ثمّ غاب عنّي فلم أره (١).

والخرابات هي جزائر المغرب من البحر المحيط ، منها الجزيرة الخضراء (٢).

سفره إلى مكّة المكرّمة :

لم يذكر لنا العلماء وأصحاب السير البدايات الاُولى من حياة الميرزا الإسترآبادي قدس‌سرهم ، والّذي ذكروه أنّه كان من سكّان العتبة العليّة الغرويّة ، وقرأ هناك على جماعة من العلماء المعروفين ، منهم المقدّس أحمد الأردبيلي ، والشيخ إبراهيم بن علي بن عبدالعالي الميسي ، وأنّه فرغ من كتابه منهج المقال في سنة ٩٨٦ هـ في مشهد مولانا الإمام علي بن أبي طالب عليه أفضل الصلاة والسلام.

وبعد وفاة اُستاذه المقدّس الأردبيلي ( ٩٩٣ هـ ) سافر إلى مكّة وسكن فيها ، وحضر درسه هناك جمع من العلماء ، وقرءوا عليه الكتب الفقهيّة الأربعة المشهورة وكتابه منهج المقال ، وقد كتب لبعضهم إجازات ، منهم

__________________

١ ـ بحار الأنوار ٥٢ : ١٧٦.

٢ ـ انظر روضات الجنات ٧ : ٣٦ / ٥٩٦.

٢٠