منهج المقال في تحقيق احوال الرجال - ج ١

محمد بن علي الاسترابادي

منهج المقال في تحقيق احوال الرجال - ج ١

المؤلف:

محمد بن علي الاسترابادي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : رجال الحديث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-301-2
الصفحات: ٤٢١

عبد الواحد (١) ، وغيرهم.

وفيه : إنّ العلاّمة لم يقصر إطلاق الصحّة في الثقات (٢) كما أشرنا إليه. إلاّ أنْ يقال : إطلاقه إيّاها على غيرها نادر. وهو لا يضرّ ، لعدم منع ذلك ظهوره فيما ذكرنا ، سيما بعد ملاحظة طريقته وجعله الصحّة اصطلاحاً فيها.

لكن لا يخفى أنّ حكمه بصحّة حديثه دفعة أو دفعتين مثلاً غير ظاهر في توثيقه ، بل ظاهر في خلافه بملاحظة عدم توثيقه وعدم قصره. نعم لو كان ممّن أكثر تصحيح حديثه مثل أحمد بن محمّد بن يحيى وأحمد بن عبد الواحد ونظائرهما فلا يبعد ظهوره في التوثيق.

واحتمال كون تصحيحه كذلك من اَنّهم مشايخ الاجازة فلا يضرّ مجهوليّتهم أو لظنّه بوثاقتهم فليس من باب الشهادة.

فيه ما سنشير إليه ، والغفلة ينفيها الإكثار ، مع أنّه في نفسه لا يخلوعن البُعد.

هذا ، واعلم أنّ المشهور يحكمون بصحّة حديث أحمد بن محمد المذكور ، وكذا أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد ، والحسين بن الحسن بن أبان إذا لم يكن في سنده من يُتأمّل في شأنه.

فقيل في وجهه : إنّ العلاّمة حكم بالصحّة كما ذكر (٣).

__________________

وفيه إبراهيم ، وهو يعطي التوثيق.

١ ـ ذكر هناك مانصّه : ويستفاد من كلام العلاّمة في بيان طرق الشيخ في كتابيه توثيقه في مواضع.

٢ ـ في « ك » : على الثقات.

وفي « ن » بعدها زيادة : بل طريقته طريقة القدماء.

٣ ـ قال الشيخ البهائي في مشرق الشمسين : ٢٧٦ : تبيين : قد يدخل في أسانيد بعض

١٦١

وفيه ما مرّ ، إلاّ أن يريدوا إكثاره الحكم بها.

وفيه : إنّ إبراهيم بن هاشم وابن عبدون ونظائرهما وقع إكثاره الحكم بها فيهم أيضاً مع أنّهم يعدّون حديثهم من الحسان ـ نعم حكم جمع بصحّته (١) ـ إلاّ أنْ يقولوا : إنّ إكثاره فيهم ليس بمثابة إكثاره في تلك الجماعة. لكن لا بدّ من ملاحظة ذلك ، ومع ذلك كيف يفيد ذاك التوثيق دون هذا؟! وكون ذاك أقوى لا يقتضي قصر الحكم فيه كما مرّ في الفائدة الأولى.

واعتُرض أيضاً بأنّ التوثيق من باب الشهادة ، والتصحيح ربما كان مبنيّاً على الاجتهاد (٢).

__________________

الأحاديث مَن ليس له ذكر في كتب الجرح والتعديل بمدح ولا قدح ، غير أنّ أعاظم علمائنا المتقدّمين قدّس الله أرواحهم قد اعتنوا بشأنه وأكثروا الرواية عنه ، وأعيان مشايخنا المتأخرين طاب ثراهم قد حكموا بصحّة روايات هوفي سندها ، والظاهر أنّ هذا القدر كاف في حصول الظنّ بعدالته. ثمّ مثّل قدس‌سرهم بعدّة من الرواة ، منهم أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد ، وأحمد بن محمّد بن يحيى العطار ، والحسين بن الحسن بن أبان ، وعليّ بن أبي جيد ، ثمّ قال :

فهؤلاء وأمثالهم من مشايخ الأصحاب لنا ظنّ بحسن حالهم وعدالتهم ، وقد عددت حديثهم في الحبل المتين وفي هذا الكتاب في الصحيح جرياً على منوال مشايخنا المتأخرين ، ونرجو من الله سبحانه أن يكون اعتقادنا فيهم مطابقاً للواقع.

١ ـ قال المحقّق البحراني في المعراج : ٨٨ في ترجمة إبراهيم بن هاشم : لأصحابنا اضطراب كثير حتّى من الواحد في الكتاب الواحد في حديث إبراهيم بن هاشم ، فتارة يصفونه بالحسن كما حقّقناه واعتمدنا عليه وهو الصواب ، وتارة يصفونه بالصحّة كما فعله شيخنا البهائي قدس‌سرهم في مبحث نوافل الظهرين من مفتاح الفلاح ، حيث وصف حديث محمّد بن عذافر بالصحّة مع أنّ إبراهيم المذكور في الطريق ، وكذا وقع لشيخنا الشهيد الثاني في عدّة مواضع ، منها في روض الجنان في مبحث توجيه الميت ، حيث وصف حديث سليمان بن خالد بسلامة السند.

٢ ـ اُنظر روضة المتقين ١٤ : ٣٣٤.

١٦٢

وفيه ما لا يخفى على المطّلع بأحوال التوثيقات ، مضافاً إلى ما مرّ في تلك الفائدة من الإكتفاء بالظنّ والبناء عليه.

وقال جماعة في وجه الحكم بالصحة : إنّهم مشايخ الإجازة ، وهم ثقات لا يحتاجون إلى التوثيق نصّاً (١).

وفيه : إنّ هذه ليست من قواعد المشهور ، بل ظاهرهم خلافها ، مع أنّ مشايخ الإجازة كثيرون ، سيما مثل إبراهيم (٢) وابن عبدون (٣) ، فلا وجه للقصر.

والإعتراض بأنّ كثيراً من مشايخ الإجازة كانوا فاسدي العقيدة مندفع بأنّ ذلك ينافي العدالة بالمعنى الأخصّ لا الأعمّ ، وخصوصيّة الأخصّ (٤) تثبت بانضمام ظهور كونه إماميّاً من الخارج ، فتأمّل. على أنّه ربما يكون ظاهر شيخيّة الإجازة حسن القصيدة إلاّ أن يظهر الخلاف ، فتأمّل.

وقال جماعة اُخرى في وجهه : إنّ مشايخ الإجازة لا يضر مجهوليّتهم ، لأنّ حديثهم مأخوذ من الاُصول المعلومة ، وذكرهم لمجرّد اتّصال السند أو للتبرّك (٥).

__________________

١ ـ قال الداماد في رواشحه : ١٧٩ : ومما يجب أن يعلم ولا يجوز أن يسهل عنه أنّ مشيخة المشايخ الذين هم كالأساطين والأركان أمرهم أجلّ من الاحتياج إلى تزكية مزكٍّ وتوثيق موثّق ، ولقد كنّا أثبتنا ذلك فيما أسلفنا بما لا مزيد عليه.

٢ ـ إبراهيم بن هاشم أبو إسحاق القمي والد علي بن إبراهيم الثقة الجليل صاحب كتاب التفسير.

٣ ـ هو أحمد بن عبد الواحد بن أحمد البزاز أبو عبدالله شيخ النجاشي.

٤ ـ في « ق » زيادة : في بعض المشايخ.

٥ ـ كما عن المجلسي الأوّل في روضة المتقين ١٤ : ٢٨ ، ترجمة محمّد بن عليّ

١٦٣

وفيه : إنّ ذلك غير ظاهر ، مضافاً إلى عدم انحصار ما ذكر في خصوص تلك الجماعة ، فكم معروف منهم بالجلالة والحسن لم يصحّحوا حديثهم فضلاً عن المجهول ، على أنّه لا وجه أيضاً لتضعيف أحاديث سهل بن زياد وأمثاله من الضعفاء ممّن هو حاله في الوساطة للكتب حال تلك الجماعة ، مشايخ الاجازة كانوا أم لا.

وبالجملة : لا وجه للتخصيص بمشايخ الإجازة ، ولا من بينهم بتلك الجماعة.

ودعوى أنّ غيرهم ربما يروي من غير تلك الاُصول والجماعة لا يروون عنه أصلاً ، وكان ذلك ظاهراً على العلاّمة ، بل ومن تأخّر عنه أيضاً ، إلى حدّ لم يتحقّق خلاف ولا تأمّل منهم ، وانْ كان في أمثال زماننا خفيّاً.

لعلّه جزاف بل خروج عن الإنصاف ، على أنّ النقل عنها غير معلوم إغناؤه عن التعديل ، لعدم معلوميّة كلّ واحد من أحاديثها (١) بالخصوص ، وكذا بالكيفية المودَعة ، والقدماء كانوا لا يروونها إلاّ بالإجازة أو القراءة وأمثالهما ، ويلاحظون الواسطة غالباً حتّى في كتب الحسين بن سعيد الذي رواية تلك الجماعة جلّها عنه ، وسيجيء في ترجمة أخيه الحسن ما يدلّك عليه ، وكذا في كتب كثير ممّن ماثله من الأجلّة ، مع أنّ هذه الكتب أشهر وأظهر من غيرها ، وقد أثبتنا جميع ذلك في رسالتنا مشروحاً ، وسنشير في

__________________

الكوفي.

١ ـ في « أ » و « ب » و « ح » و « ق » و « ن » : أحاديثنا.

١٦٤

إبراهيم بن هاشم ومحمّد بن إسماعيل البندقي إجمالاً. وربما يقال في وجه الحكم بالصحّة : إنّ الاتّفاق على الحكم بها دليل على الوثاقة ، نشير إليه في ابن عبدون ومحمّد بن إسماعيل البندقي.

وفيه : إنّ الظاهر أنّ منشأ الاتّفاق أحد الاُمور المذكورة ، والله يعلم (١).

ومنها : أن ينقل حديث غير صحيح متضمّن لوثاقة الرجل أو جلالته أو مدحه

فإنّ المظنون تحقّقها فيه وإن لم يصل الحديث إلى حدّ الصحّة حتّى يكون حجّة في نفسه عند المتأخرين ، والظنّ نافع في مقام الاعتداد والاكتفاء به ، وإذا تأيّد مثل هذا الحديث باعتداد المشايخ ونقلهم إيّاه في مقام بيان حال الرجل وعدم إظهار تأمّل فيه ـ الظاهر في اعتمادهم عليه ـ قوي الظنّ ، وربما يحكم بثبوتها بمثلها كما سيجيء في تراجم كثيرة.

هذا ، وإذا تأيّد بمؤيّد معتدّ به يحكمون (٢) البتّة.

ومنها : أن يروي الراوي لنفسه ما يدلّ على أحد الاُمور المذكورة

وهذا أضعف من السابق ، ويحصل الظنّ منه بملاحظة اعتداد المشايخ وغيره ، واعتبر مثل هذا في كثير من التراجم كما ستعرف.

__________________

١ ـ اُنظر فيما يتعلّق بالمقام منتقى الجمان في الأحاديث الصحاح والحسان ١ : ٣٩ الفائدة التاسعة للشيخ حسن ابن زين الدين الشهيد الثاني المتوفّى ١٠١١ هـ.

٢ ـ في « ق » زيادة : به.

١٦٥

ومنها : أن يكون الرواي من آل أبي الجهم

لما سيذكر في منذر بن محمّد بن المنذر (١) وسعيد بن أبي الجهم (٢) ، فلاحظ وتأمّل.

ولعلّ أبا الجهم هو ثُوَير بن أبي فاخته ، سنشير إليه في جهم بن أبي الجهم ، فتأمّل.

ومنها : أن يكون من بيت آل نعيم الأزدي

لما سنذكر (٣) في جعفر بن المثنى (٤) وبكر بن محمّد الازدي والمثنى بن عبد السلام (٥) ، فتأمّل.

ومنها : أن يكون من آل أبي شعبة

لما سيذكر في عمر بن أبي شعبة (٦) ، فتأمّل.

ومنها : أن يذكره النجاشي أو مثله ولم يطعن عليه

فإنّه ربما جعله بعض سبب قبول روايته ، منه ما سيجيء في الحكم بن مسكين (٧) ، فتأمّل.

__________________

١ ـ عن رجال النجاشي : ٤١٨ / ١١٨ ، قوله : من أصحابنا من بيت جليل.

٢ ـ رجال النجاشي : ١٧٩ / ٤٧٢ ، وفيه : وآل أبي الجهم بيت كبير بالكوفة.

٣ ـ في « ب » و « م » : سيذكر.

٤ ـ عن رجال النجاشي : ١٢١ / ٣٠٩ ، قوله : ثقة من وجوه أصحابنا الكوفيين ومن بيت آل نعيم.

٥ ـ رجال النجاشي : ١٠٨ / ٢٧٣ : وجه في هذه الطائفة من بيت جليل بالكوفة من آل نعيم الغامديين.

٦ ـ عن النجاشي : ٢٣٠ / ٦١٢ ترجمة عبيد الله بن عليّ بن أبي شعبة ، ذكر فيها مانصّه : وآل أبي شعبة بالكوفة بيت مذكور من أصحابنا.

٧ ـ ذكر في ترجمته عن الشهيد ما نصّه : إنّ ذكر الحكم بن مسكين غير قادح ولا موجب للضعف ، لأنّ الكشّي ذكره ولم يطعن عليه. اُنظر الذكرى ٤ : ١٠٨.

١٦٦

ومنها : أن يقول العدل : حدّثني بعض أصحابنا

قال المحقّق : إنّه يقبل وإنْ لم يصفه بالعدالة ـ إذا لم يصفه بالفسوق ـ لأنّ إخباره بمذهبه شهادة بأنّه من أهل الأمانة ، ولم يعلم منه الفسق المانع من القبول. فإنْ قال : « عن بعض أصحابه » (١) لم يقبل ، لإمكان أن يعني نسبته إلى الرواة وأهل العلم ، فيكون البحث فيه كالمجهول (٢) ، انتهى.

وفيه نظر ظاهر ، مع أنّه مرّ في الفائدة الثانية في قولهم : « من أصحابنا » ما مرّ ، فتدبّر.

هذا ، واعلم أنّ الأمارات والقرائن كثيرة ، سيظهر لك بعضها في الكتاب.

ومن القرائن لحجيّة الخبر : وقوع الاتّفاق على العمل به ، أو على الفتوى به ، أو كونه مشهوراً بحسب الرواية أو الفتوى ، أو مقبولاً مثل مقبولة عمر بن حنظلة ، أو موافقاً للكتاب أو السنة أو الاجماع أو حكم العقل أو التجربة ، مثل ما ورد في خواص الآيات والأعمال والأدعية التي خاصيتها مجرّبة ، مثل قراءة آخر الكهف (٣) للانتباه في الساعة التي تُراد ، وغير ذلك ، أو يكون في متنه ما يشهد بكونه من الأئمة عليهم‌السلام ، مثل خُطب نهج البلاغة ونظائرها ، والصحيفة السجّادية ، ودعاء أبي حمزة ، والزيارة الجامعة الكبيرة ... إلى غير ذلك ، ومثل كونه كثيراً مستفيضاً ، أو عالي السند ، مثل الروايات التي رواها الكليني وابن الوليد والصفّار وأمثالهم ـ بل والصدوق وأمثاله أيضاً ـ عن القائم عجّل الله فرجه والعسكري عليه‌السلام ، بل والتقيّ

__________________

١ ـ في « ح » : أصحابنا.

٢ ـ معارج الاُصول : ١٥١ المسألة الخامسة.

٣ ـ أي قوله تعالى : ( قُل إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثلُكُم يُوحَى إِلَيَّ أنَّمَا إلهُكُم إلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرجُواْ لِقَاءَ رَبِّهِ فَليَعمَل عَمَلاً صَالِحاً وَلاَ يُشرِك بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أحَدَا ) الكهف ١٨ : ١١٠.

١٦٧

والنقيّ عليهما‌السلام أيضاً ، ومنها التوقيعات التي وقعت في أيديهم منهم عليهم‌السلام.

وبالجملة : ينبغي للمجتهد التنبّه لنظائر ما نبّهنا عليه ، والهداية من الله تعالى.

تذنيب يذكر فيه بعض أسباب الذم :

منها : قدح الغضائري والقمّيين وغير ذلك ممّا مرّ وظهر في هذه الفائدة والفائدة المتقدّمة عليها

مثل قولهم : يروي عن الضعفاء وغيره. وقد أشرنا إليها وإلى حالها فيهما ، أو يظهر (١) بالقياس إلى ما ذكر في أسباب المدح فيهما ، فراجع.

وكذا مثل كثرة رواية المذمومين عن رجل ، أو ادّعائهم كونه منهم.

وسيجيء الكلام فيه في داود بن كثير وعبد الكريم بن عمرو (٢).

ومنها : ان يروي عن الأئمّة عليهم‌السلام على وجه يظهر منه أخذهم عليهم‌السلام رواةً لا حُجَجاً

كأن يقول : عن جعفر عن أبيه عن آبائه عن عليّ عليه‌السلام أوعن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فإنّه مظنّة عدم كونه من الشيعة ، إلاّ أن يظهر من القرائن كونه منهم ، مثل أن يكون ما رواه موافقاً لمذهبهم ومخالفاً لمذهب غيرهم ، أو

__________________

١ ـ في « ح » و « ق » : ويظهر.

٢ ـ قال المامقاني في المقباس ٢ : ٣٠٧ عند ذكره لأسباب الذم وما تخيّل كونه من ذلك : فمنها كثرة الرواية عن الضعفاء والمجاهيل ، جَعَلَه القمّيّون وابن الغضائري من أسباب الذم لكشف ذلك عن مسامحة في أمر الرواية. ثمّ قال :

وأنت خبير بأنّه كما يمكن أن يكون لذلك يمكن أن يكون لكونه سريع التصديق ، أو لأن الرواية غير العمل ، فتأمّل ... إلى أن قال :

ومنها كثرة رواية المذمومين عنه أو ادعاؤهم كونه منهم ، وهذا كسابقه في عدم الدلالة على الذم ، بل أضعف من سابقه ، لأنّ الرواية عن الضعيف تحت طوعه دون رواية المذموم عنه ، فتأمّل.

١٦٨

أنّه يكثر من الرواية عنهم غاية الإكثار ، أو أنّ غالب رواياته يفتون بها ويرجّحونها على ما رواه الشيعة ، أو غير ذلك ، فيحمل كيفيّة روايته على التقيّة ، أو تصحيح مضمونها عند المخالفين ، أو ترويجه فيهم سيما المستضعفين وغير الناصبين منهم ، أو تأليفاً لقلوبهم واستعطافاً لهم إلى التشيّع ، أو غير ذلك ، فتأمّل.

ومنها : أن يكون رأيه أو روايته في الغالب موافقاً للعامّة

وسيظهر حالهما في الجملة في زيد بن عليّ عليه‌السلام وسعيد بن المسيب ، وعليك بالتأمّل فيهما حتّى يظهر الكلّ ، فتأمّل.

ومرّ في الفائدة الأولى ما يؤيّد ، فلاحظ.

ويؤيد أيضاً التأمّل فيما سنذكره هنا في قولهم : « كاتب الخليفة » ... إلى آخره ، وقولهم : « كانوا يشربون النبيذ » مثلاً ... الى آخره ، فتأمّل.

فإذا كان الغالب منه لا يضرّ فغيره بطريق أولى ، سيما وأن يكون نادراً ، بل لا يكاد ينفك ثقة عنه ، فتأمّل.

ومنها : قولهم فلان كاتب الخليفة ، أو الوالي من قِبَله ، وأمثالهما

فإن ظاهرها (١) الذم والقدح كما اعترف به العلاّمة في ترجمة حذيفة (٢) ، وسيجيء في أحمد بن عبدالله بن مهران أنّة كان كاتب إسحاق فتاب (٣).

__________________

١ ـ في « ب » و « ق » : ظاهرهما.

٢ ـ حذيفة بن منصور أبو محمد الخزاعي ، قال عنه في الخلاصة : ١٣١ / ٢ : والظاهر عندي التوقف فيه لما قاله هذا الشيخ ( ابن الغضائري ) ولما نقل عنه أنّه كان والياً من قِبَل بني اُميّة ، ويبعد انفكاكه عن القبيح.

٣ ـ عن الخلاصة : ٦٤ / ١٣. وإسحاق المذكور هو ابن إبراهيم بن الحسين بن مصعب

١٦٩

هذا ، مع أنّا لم نرَ من المشهور التأمّل من هذه الجهة كما في يعقوب بن يزيد وحذيفة بن منصور وغيرهما ، ولعلّه لعدم مقاومتها التوثيق المنصوص أو المدح المنافي باحتمال كونها بإذنهم عليهم‌السلام أو تقيّة أو حفظاً لأنفسهم أو غيرهم ، أو اعتقادهم الإباحة أو غير ذلك من الوجوه الصحيحة ، وتحقيق الأمر فيها في كتاب التجارة من كتب الفقه والاستدلال.

وبالجملة : تحقّقها منهم على الوجه الفاسد ـ بحيث لا تأمّل في فساده ولا يقبل الاجتهاد في تصحيحه (١) بأن تكون في اعتقادهم صحيحة وإن أخطأوا في اجتهادهم ـ غير معلوم ، مع أنّ الأصل في أفعال المسلمين الصحّة ، وورد : « كذِّب سَمعك وبَصرك ما تجد إليه سبيلاً » (٢) ، وأمثاله كثير. وأيضاً إنهم عليهم‌السلام أبقوهم على حالهم وأقرّوهم ظاهراً من أنّهم كانوا متديّنين بأمرهم عليهم‌السلام ، مطيعين لهم ويصلون إلى خدمتهم ويسألونهم صلوات الله عليهم عن أحوال (٣) أفعالهم وغيرها ، وربما كانوا عليهم‌السلام ينهون بعضهم فينتهي ... إلى غير ذلك من أمثال ما ذكر ، فتدبّر.

بل ربما ظهر ممّا ذكر أنّ القدح بأمثالها مشكل وإن لم يصادمها التوثيق والمدح ، فتأمّل ، ومرّ آنفاً ما يرشد ويؤيّد.

__________________

المصعبي الخزاعي صاحب الشرطة ببغداد أيام المأمون والمعتصم والواثق والمتوكّل.

١ ـ في « أ » : تحصيله.

٢ ـ في الكافي ٨ : ١٤٧ / ١٢٥ وثواب الأعمال : ٢٩٥ / ١ : كذِّب سمعك وبصرك عن أخيك ... الحديث.

٣ ـ أحوال ، لم ترد في « ب » و « ق » و « ن ».

١٧٠

ومنها : ما ذكر في الأجلّة من أنّهم كانوا يشربون النّبيذ

مثل ما سيجيء في ثابت بن دينار (١) وابن أبي يعفور (٢) ، أو يأكلون الطين كما في داود بن القاسم (٣) وأمثال ذلك ، ولعلّها لم تكن ثابتة ، أو كانوا جاهلين بحرمتها ، ولعلّه ليس ببعيد بالنسبة إلى كثير ، وسننبّه عليه في ترجمة ثابت ، أو كان قبل وثاقتهم وجلالتهم ، فيكون حالهم حال الثقات والأجلّة الذين كانوا فاسدي العقيدة ورجعوا ، ومرّ الإشارة إليه ، وسنذكر أعذاراً اُخر في ثابت وداود وغيرهما.

وبالجملة : في المواضع التي ذكر أمثالها فيها لعلّه نتوجّه في خصوص الموضع منها إلى العذر المناسب أو الملائم ، ولو لم نتوجّه فلنعتذر بما ذكرناه أو أمثاله ممّا يقبله (٤) ، وذكر آنفاً أنّ الأصل في أفعال المسلمين الصحّة ، وغير ذلك ، فتأمّل.

__________________

١ ـ عن رجال الكشّي : ٢٠١ / ٣٥٣ و ٣٥٤.

٢ ـ هو عبدالله بن أبي يعفور العبدي ويكنّى أبا محمّد ، يأتي ما نقل عنه عن الكشّي : ٢٤٧ / ٤٥٩.

٣ ـ عن كشف الغمّة ٢ : ٣٦١.

٤ ـ في « ن » زيادة : المقام.

١٧١

الفائدة الرابعة

في ذكر بعض مصطلحاتي في هذا الكتاب :

اعلم أنّه إذا كان رجل لم يذكر في كتاب الرجال وفي (١) كتاب المصنّف هذا (٢) الكتاب وأنا اطّلعت على بعض أحواله من كتب الرجال أو من الخارج ، فإنّي أذكره وأجعل اسمه عنواناً ، بأنْ أقول : « فلان » ثمّ أشرع في بيان ما اطّلعت عليه كما هو دأب علماء الرجال ، وكذا لو كان مذكوراً في كتابه هذا بالعنوان الذي عنونه وأنا أريد ذكره بعنوان آخر لغرض وفائدة.

أمّا لو كان مذكوراً بعنوانه ولم يكن له عنوان آخر اُريد ذكره به ، أو كان لكن أذكره (٣) به في موضع آخر وأنا اطّلعت على ما لم يطّلع عليه ولم يذكره ، فإنّي أجعل قوله عنواناً بأن أقول : « قوله ـ أي قول المصنّف ـ : كذا » ثمّ أشرع في بيان ما اطّلعت عليه كما هو طريقة الحواشي.

وإذا كان ما أذكره في هذه التعليقة بما ذكروه (٤) في ترجمة رجل بأنْ يكون اعتراضاً عليه أو شاهداً له أو غير ذلك ، فإنّي أقول : « قوله ـ أي قول المصنّف ـ في ترجمة فلان أوفي فلان : كذا وكذا » سواء كان القول قول

__________________

١ ـ كذا في « ب » و « ن » ، وفي سائر النسخ : في.

٢ ـ في « ق » : في هذا.

٣ ـ في « ك » : ذكره.

٤ ـ في « ب » : ذكر رحمهم‌الله.

١٧٢

المصنّف أو كان حكاية عن غيره ، ثمّ أشرع في ذكر ما يتعلّق به ممّا اُريد ذكره. وربما أقول : « قوله في ترجمة فلان عن الكشّي أو النجاشي ـ مثلاً ـ كذا » ثمّ أذكر ما يتعلّق به.

هذا ، واعلم أنّ مرادي من جدّي على الاطلاق هو العلاّمة المجلسي رحمهم‌الله عمدة العارفين وزبدة الزاهدين العالم الفاضل المتبحّر الكامل الزكيّ النقيّ والبحر المليّ مولانا محمّد تقي رحمهم‌الله.

ومرادي من خالي هو ولده الأمجد الأرشد الفاضل الماهر والعلاّمة المشتهر بين الأصاغر والأكابر عمدة علماء الأوائل والأواخر مولانا محمّد باقر رحمهم‌الله.

ومرادي من الفاضل الخراساني هو سميّهُ قطب المحقّقين ورئيس المدقّقين نخبة المتبحّرين وزبدة المتفقّهين.

ومرادي من المحقّق البحراني هو الفاضل الكامل المحقّق المدقّق الفقيه النبيه نادر العصر والزمان المحقّق الشيخ سليمان رحمهم‌الله.

ومرادي من البلغة مختصر هذا الفاضل في الرجال.

ومن المعراج شرحه على الفهرست (١) ، ولم يشرح منه إلاّ قليلا منه (٢) على ما وجد.

وجعلت « مصط » رمزاً عن نقد الرجال تصنيف قطب دائرة الفضل والكمال والشرافة والجلال الأمير مصطفى رحمهم‌الله.

وباقي الاصطلاحات والرموز معروفة ، نسأل الله المعرفة بمحمّد وآله.

__________________

١ ـ في « م » : فهرست الشيخ.

٢ ـ منه ، لم ترد في « ق » و « ك » و « م » و « ن ».

١٧٣

الفائدة الخامسة

في طريق ملاحظة الرجال وما ذكرته أنا أيضاً لمعرفة حال الراوي

إلتماسي منك يا أخي إذا أردت معرفة حال رجل وراو فانظر إلى ما ذكروه في الرجال وما ذكرت أنا أيضاً ، فإن لم تجده مذكوراً أصلاً أو وجدته مذكوراً مهملاً فلاحظ ما ذكرته في الفوائد الثلاث السابقة يظهر لك حاله ممّا ذكرت فيها أو يفتح عليك بالتأمّل فيه وبالقياس والنظر إليه ، فإنّي ما استوعبت جميع الأمارات ، كما أنّي ما استوفيت الكلام فيما ذكرت أيضاً ، بل الغرض التنبيه ، ووكّلت الأمر إلى التأمّل.

ويا أخي لا تقنع ببعض ما ذكرت فيها ، بل لاحظ الجميع من أوّل الفوائد إلى آخرها حتّى ينفتح لك حاله.

ويا أخي لا تبادر ـ بأن تقول : الرجل مجهول أو مهمل ـ ولا تقلّد ، بل لاحظ الفوائد بالنحو الذي ذكرت ثمّ الأمر إليك.

وأيضاً ربما وجدت الرجل في السند مذكوراً اسمه مكبّراً وفي الرجال يذكر مصغّراً ، وبالعكس ـ وسيجيء التنبيه عليه في خالد بن أوفى ـ فلو لم تجد مثلاً « سالم » فانظر إلى « سليم ». وكذا « سلمان » ( وأقسامه كثيرة فضلاً عن الأشخاص ) (١).

__________________

١ ـ ما بين القوسين لم يرد في « م ».

١٧٤

وربما وجدته مذكوراً فيه بالإسم وفي الرجال باللقب مثلاً ، وبالعكس.

وربما وجدته فيه منسوباً إلى أبيه بذكر أسم الأب وفي الرجال بذكر كنيته مثلاً ، وبالعكس.

وربما يظهر اسم الرجل من ملاحظة باب الكنى مثلاً.

وربما يذكر في موضع بالسين وفي موضع بالصاد كحسين وحصين ، منه الحصين بن المخارق.

وربما يذكر في موضع « هاشم » وفي موضع « هشام » كما سنشير إليه في هشام بن المثنّى.

وربما يذكر في موضع « ابن فلان » وفي موضع « ابن أبي فلان » بزيادة أو نقصان ، يشير إليه ما سيجيء في يحيى بن العلاء وخالد بن بكار وغيرهما.

وربما يذكر في موضع بالياء المثنّاة وفي موضع بالباء الموحّدة ، كـ « بريد » و « يزيد » و « بشّار » و « يسار » ونظائر ذلك.

وربما يكتب بالألف وبدونه كـ « الحرث » و « الحارث » و « القسم » و « القاسم » ونظائر ذلك.

وأيضاً ربما كانوا يرخّمون كـ « عبيد » في « عبيد الله » ونظائر ذلك.

وربما يشتبه صورة حرف بحرف ، كما في « خالد بن ماد » و « خالد الجواد » (١) ... إلى غير ذلك.

وربما ينسب في موضع إلى الأب وفي آخر إلى الجدّ مثلاً ، وهو كثير.

__________________

١ ـ في « ك » : خالد بن ماد وخالد بن الجواد.

١٧٥

وربما يوجد بالمهملة ، وربما يوجد بالمعجمة ، كما في « رميلة » ونظائره.

وربما يكتب المهملة قبل المعجمة وربما يعكس ، كما في « زريق » ونظائره.

وقس على ما ذكر أمثاله ، منها أنْ يكتب بالحاء وبالهاء كما في زحر ابن قيس.

وربما يتصرّف في الألقاب والأسامي الحسنة والرديّة بالردّ إلى الآخر كما سنذكر في حبيب بن المعلّل.

وربما يشتبه ذو المركّز بالخالي عنه كما سيجيء في باب « زيد » و « يزيد » و « سعد » و « سعيد » ونظائرهما.

وربما يكتب « زياد » « زيداً » وبالعكس ، وكذا « عمر » و « عمرو » ، وكذا نظائرهما.

وربما تتعدّد الكنية لشخص كالألقاب والأنساب ، وسنذكر في محمّد ابن زياد.

وربما يكتب « سلم » « مسلم » ولعلّه كثير ، وبالعكس ، منه ما سيجيء في بشر بن سلم.

ثمّ إذا وجدته ووجدت حاله مذكوراً فانظر إلى ما ذكروه ثمّ انظر إلى ما ذكرته إنْ كان ، ولا تقنع أيضاً بهما بل لاحظ الفوائد من أوّلها إلى آخرها على النحو الذي ذكرت حتّى يتّضح لك الحال ، فإنّي ما اتعرّض في كلّ موضع إلى الرجوع إلى الفوائد ، وفي الموضع الذي تعرّضت ربما لا اتعرّض إلى الرجوع إلى جميعها ، مع أنّه ربما كان لجميعها مدخل فيه ، ولو لم يتأمّل في الكلّ لم يظهر ولم يتحقّق ما فيه ، ومع ذلك لاحظ مظان

١٧٦

ذكره بعنوان آخر على حسب ما مرّ لعلّك تطّلع على معارض أو معاضد.

ولا تنظر يا أخي إلى ما فيه وفيما سأذكره من الخطأ والزلل والتشويش والخلل ، لأنّ الذهن قاصر والفكر فاتر والزمان كَلِب عَسِر على ما سأشير إليه في آخر الكتاب إن شاء الله تعالى.

نسأل الله مع العسر يسراً بظهور من يملأ الدنيا عدلاً بعدما ملئت جوراً.

١٧٧
١٧٨

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه نستعين

الحمد لله المتعالي في عزّ جلاله عن الأشبـاه والنظائر ، المنزّه بكـمال ذاته عن إدراك الأبصـار والنواظر ، المحيـط علماً بمـا تُجِنُّه الأفئدة والضمائر.

والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد قطب دائرة المفاخر ، وبدر سماء المكارم والمآثر ، وعلى آله المخصوصين بالطهارة من الأدناس في البواطن والظواهر ، صلاةً وسلاماً يكونان لنا عدّة وذخيرة في اليوم الآخر.

أمّا بعد : ـ

فهذا كتاب منهج المقال في تحقيق أحوال الرجال ، حاولت فيه ذكر ما وصل إليَّ من كلام علمائنا المتقدّمين والمتأخّرين ، وما وقفت عليه من المقال في شأن بعض أصحابنا من علماء المخالفين.

مثبتاً فيه الأسماء على ترتيب الحروف ، مراعياً للأوّل والثاني على النسق المألوف ، مُعْلِماً :

١٧٩

للخلاصة : صه.

وللنجاشي : جش.

وللفهرست : ست.

وللكشّي : كش.

ولرجال الشيخ : جخ.

ولأبوابه :

فلأصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ل.

ولأصحاب علي عليه‌السلام : ي.

ولأصحاب الحسن عليه‌السلام : ن.

ولأصحاب الحسين عليه‌السلام : سين.

ولأصحاب علي بن الحسين عليه‌السلام : ين.

ولأصحاب الباقر عليه‌السلام : قر.

ولأصحاب الصادق عليه‌السلام : ق.

ولأصحاب الكاظم عليه‌السلام : ظم.

ولأصحاب الرضا عليه‌السلام : ضا.

ولأصحاب الجواد عليه‌السلام : ج.

ولأصحاب الهادي عليه‌السلام : دي.

ولأصحاب العسكري عليه‌السلام : ري.

ولمن لم يرو عنهم عليهم‌السلام : لم.

ولكتاب البرقي : قي.

ولابن داود : د.

ولمحمّد بن شهرآشوب : م.

١٨٠