الإستبصار - ج ٢

أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطّوسي [ شيخ الطائفة ]

الإستبصار - ج ٢

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطّوسي [ شيخ الطائفة ]


المحقق: السيد حسن الموسوي الخرسان
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الكتب الإسلاميّة
الطبعة: ٣
الصفحات: ٣٤٩

إن موالي أسأل الله صلاحهم أو بعضهم قصروا فيما يجب عليهم فعلمت ذلك وأحببت أن أطهرهم وأزكيهم بما فعلت في عامي هذا من الخمس قال الله تعالى : ( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم أن صلاتك سكن لهم والله سميع عليم ، ألم تعلموا أن الله يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وأن الله هو التواب الرحيم ) ( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون ) ولم أوجب ذلك عليهم في كل عام ولا أوجب عليهم إلا الزكاة التي فرضها الله عليهم ، وإنما أوجب عليهم الخمس في سنتي هذه في الذهب والفضة التي قد حال عليها الحول ، ولم أوجب عليهم ذلك في متاع ولا آنية ولا دواب ولا خدم ولا ربح ربحه في تجارة ولا ضيعة إلا ضيعة سأفسر لك أمرها تخفيفا مني عن موالي ومنا مني عليهم لما يغتال السلطان من أموالهم ولما ينوبهم في ذاتهم ، فأما الغنائم والفوائد فهي واجبة عليهم في كل عام قال الله تعالى : ( واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شئ قدير ) والغنائم والفوائد يرحمك الله فهي الغنيمة يغنمها المرء ، والفائدة يفيدها ، والجائزة من الانسان التي لها خطر ، والميراث الذي لا يحتسب من غير أب ولا ابن ومثل عدو يصطلم (١) فيؤخذ ماله ، ومثل المال يؤخذ ولا يعرف له صاحب ، وما صار إلى موالي من أموال الخرمية (٢) الفسقة ، فقد علمت أن أموالا عظاما صارت إلى قوم من موالي فمن كان عنده شئ من ذلك فليوصل إلى وكيلي ومن كان نائيا بعيد الشقة

__________________

(١) يصطلم : الصلم : هو القطع واصطلمه استأصله.

(٢) الخرمية : أصحاب بابك المزدكي وهم الخرمية القديمة قبل الاسلام ومثلهم الخرمية الآخرون بعد الاسلام والجميع إباحيون في اتباع الشهوات واستحلال المحرمات كلها ويقولون ان الناس كلهم شركاء في الأموال والحرم.

٦١

فليتعمد لإيصاله ولو بعد حين ، فإن نية المؤمن خير من عمله ، فأما الذي أوجب من الضياع والغلات في كل عام فهو نصف السدس ممن كانت ضيعته تقوم بمؤنته ، ومن كانت ضيعته لا تقوم بمؤنته فليس عليه نصف سدس ولا غير ذلك.

وقد استوفينا ما يتعلق بهذا الباب في كتابنا الكبير وبينا اختلاف أقاويل أصحابنا في حال الغيبة وكيف ينبغي أن يعمل بالخمس ، وبينا وجه الصحيح فيها وما يجوز أن يعمل عليه ، وأضفنا إليه ما يحتاج إلى معرفته من العمل بكيفية التصرف في الضياع التي تنقسم إلى ما يختص بالامام وهي أرض الأنفال وغيرها ، وما يختص هو بالتصرف فيها وهي أرض الخراج التي فتحت عنوة ، وعلى أي وجه يجوز لنا التصرف فيها وأوردنا في ذلك ما ورد من الاخبار ونبهنا على ما ينبغي أن يكون العمل عليه فمن أراد الوقوف على جميع ذلك طلبه كله من هناك إن شاء الله تعالى.

كتاب الصيام

٣٣ ـ باب علامة أول يوم من شهر رمضان

١٩٩

١ ـ أخبرني الشيخ (رض) والحسين بن عبيد الله جميعا عن أبي غالب أحمد بن محمد الزراري قال : أخبرنا أحمد بن محمد عن أحمد بن الحسن بن أبان عن عبد الله بن جبلة عن علا عن محمد بن مسلم عن أحدهما يعني أبا جعفر وأبا عبد الله عليهما‌السلام قال : شهر رمضان يصيبه مثل ما يصيب الشهور من النقصان ، فإذا صمت تسعة وعشرين يوما ثم تغيمت السماء فأتم العدة ثلاثين.

٢٠٠

٢ ـ علي بن مهزيار عن عمرو بن عثمان عن المفضل عن زيد الشحام عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه سئل عن الأهلة قال : هي أهلة الشهور فإذا رأيت الهلال فصم وإذا

__________________

ـ ١٩٩ ـ ٢٠٠ ـ التهذيب ج ١ ص ٣٩٥.

٦٢

رأيته فأفطر قلت أرأيت إن كان الشهر تسعة وعشرين يوما أقضي ذلك اليوم؟ فقال : لا إلا أن تشهد لك بينة عدول فإن شهدوا أنهم رأوا الهلال قبل ذلك فاقض ذلك اليوم.

[٢٠١] ٣ عنه عن الحسن بن علي عن القاسم بن عروة عن أبي العباس عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : الصوم للرؤية والفطرة للرؤية وليس الرؤية أن يراه واحد ولا اثنان ولا خمسون.

٢٠٢

٤ ـ عنه عن عثمان بن عيسى عن رفاعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : صيام شهر رمضان بالرؤية وليس بالظن وقد يكون شهر رمضان تسعة وعشرين ويكون ثلاثين يصيبه ما يصيب الشهور من التمام والنقصان.

٢٠٣

٥ ـ عنه عن محمد بن أبي عمير عن أيوب وحماد عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إذا رأيتم الهلال فصوموا فإذا رأيتموه فافطروا وليس هو بالرأي ولا بالتظني ولكن بالرؤية قال : والرؤية ليس أن يقوم عشرة فينظروا فيقول واحد هو ذا وينظر تسعة فلا يرونه ، إذا رآه واحد رآه عشرة والف ، وإذا كان علة فأتم شعبان ثلاثين

٢٠٤

٦ ـ الحسين بن سعيد عن محمد بن فضيل عن أبي الصباح وصفوان عن ابن مسكان عن الحلبي جميعا عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه سئل عن الأهلة فقال : هي أهلة الشهور فإذا رأيت الهلال فصم وإذا رأيته فأفطر قلت أرأيت إن كان الشهر تسعة وعشرين يوما أقضي ذلك اليوم؟ فقال : لا إلا أن يشهد لك بينة عدول فإن شهدوا أنهم رأوا الهلال قبل ذلك فاقض ذلك اليوم.

٢٠٥

٧ ـ عنه عن صفوان عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال :

__________________

ـ ٢٠١ ـ التهذيب ج ١ ص ٣٩٥ الفقيه ص ١٣٧.

ـ ٢٠٢ ـ ٢٠٣ ـ التهذيب ج ١ ص ٣٩٥ واخرج الأخير الكليني في الكافي ج ١ ص ١٨٤ الفقيه ص ١٣٧.

ـ ٢٠٤ ـ ٢٠٥ ـ التهذيب ج ١ ص ٣٩٥.

٦٣

صم لرؤية الهلال وأفطر لرؤيته فإن شهد عندك شاهدان مرضيان بأنهما رأياه فاقضه

٢٠٦

٨ ـ عنه عن القاسم عن أبان عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن هلال رمضان يغم علينا في تسع وعشرين من شعبان فقال : لا تصم الا أن تراه فإن شهد أهل بلد آخر فاقضه.

٢٠٧

٩ ـ عنه عن يونس بن عقيل عن محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال : أمير المؤمنين عليه‌السلام إذا رأيتم الهلال فافطروا أو تشهد عليه بينة عدول من المسلمين فإن لم تروا الهلال إلا من وسط النهار أو آخره فاتموا الصيام إلى الليل ، وإن غم عليكم فعدوا ثلاثين ثم افطروا.

٢٠٨

١٠ ـ عنه عن فضالة عن سيف بن عميرة عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال : في كتاب علي عليه‌السلام صم لرؤيته وأفطر لرؤيته ، وإياك والشك والظن فإن خفي عليكم فأتموا الشهر الأول ثلاثين.

٢٠٩

١١ ـ عنه عن فضالة عن سيف عن الفضيل بن عثمان عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : ليس على أهل القبلة إلا الرؤية وليس على المسلمين إلا الرؤية.

٢١٠

١٢ ـ محمد بن الحسن الصفار عن علي بن محمد القاشاني قال : كتبت إليه وأنا بالمدينة أسأله عن اليوم الذي يشك فيه من شهر رمضان هل يصام أم لا؟ فكتب : اليقين لا يدخل فيه الشك ، صم للرؤية وأفطر للرؤية.

قال محمد بن الحسن بن علي الطوسي والاخبار في هذا الباب أكثر من أن تحصى وقد أوردنا طرفا كثيرا في كتابنا الكبير واقتصرنا ههنا على القدر الذي ذكرنا لئلا يطول الكتاب.

__________________

ـ ٢٠٦ ـ التهذيب ج ١ ص ٣٩٥.

ـ ٢٠٧ ـ ٢٠٨ ـ التهذيب ج ١ ص ٣٩٦ واخرج الأول الصدوق في الفقيه ص ١٣٧.

ـ ٢٠٩ ـ ١١٠ ـ التهذيب ج ١ ص ٣٩٦.

٦٤

٢١١

١٣ ـ فأما ما رواه ابن رباح (١) في كتاب الصيام من حديث حذيفة بن منصور عن معاذ بن كثير قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام إن الناس يقولون إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله صام تسعة وعشرين يوما أكثر مما صام ثلاثين فقال : كذبوا ما صام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى أن قبض أقل من ثلاثين يوما ولا نقص شهر رمضان منذ خلق الله السماوات من ثلاثين يوما وليلة.

٢١٢

١٤ ـ وروي من طريق آخر وهو الحسن بن حذيفة عن أبيه عن معاذ قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام إن الناس يروون إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله صام تسعة وعشرين يوما قال : فقال لي أبو عبد الله عليه‌السلام لا والله ما نقص شهر رمضان منذ خلق الله السماوات والأرض من ثلاثين يوما وثلاثين ليلة ، ورواه أيضا.

٢١٣

١٥ ـ محمد بن سنان عن حذيفة بن منصور عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : شهر رمضان ثلاثون يوما لا ينقص أبدا.

٢١٤

١٦ ـ ورواه من طريق آخر بألفاظ تزيد وتنقص على ما تقدم رواه عن الحسن ابن حذيفة عن أبيه عن معاذ بن كثير قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام إن الناس يروون عندنا أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله صام هكذا وهكذا وهكذا ، وحكى بيده يطبق إحدى كفيه على الأخرى عشرا وعشرا وتسعا أكثر مما صام هكذا وهكذا وهكذا يعنى عشرا وعشرا وعشرا قال فقال أبو عبد الله عليه‌السلام ما صام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أقل من ثلاثين يوما ، وما نقص شهر رمضان من ثلاثين يوما منذ خلق الله السماوات والأرض.

٢١٥

١٧ ـ ورواه من طريق آخر عن أبي عمران المنشد عن حذيفة بن منصور قال :

__________________

(١) في بعض النسخ رياح بالياء المثناة.

* ـ ٢١١ ـ ٢١٢ ـ التهذيب ج ١ ص ٣٩٩.

ـ ٢١٣ ـ ٢١٤ ـ ٢١٥ ـ التهذيب ج ١ ص ٣٩٩ واخرج الأول الكليني في الكافي ج ١ ص ١٨٤ والصدوق في الفقيه ص ١٤٧.

٦٥

قال أبو عبد الله عليه‌السلام لا والله ما نقص شهر رمضان ولا ينقص أبدا من ثلاثين يوما وثلاثين ليلة ، فقلت لحذيفة لعله قال لك ثلاثين ليلة وثلاثين يوما كما يقول الناس الليل قبل النهار فقال لي حذيفة هكذا سمعت.

وهذا الخبر لا يصح العمل به من وجوه أحدها أن متن هذا الخبر لا يوجد في شئ من الأصول المصنفة وإنما هو موجود في الشواذ من الاخبار ، ومنها أن كتاب حذيفة بن منصور عري عن هذا الحديث ، وهو كتاب معروف مشهور فلو كان هذا الخبر صحيحا عنه لضمنه كتابه ، ومنها أن هذا الخبر مختلف الألفاظ مضطرب المعاني ألا ترى أن حذيفة تارة يرويه عن معاذ بن كثير عن أبي عبد الله عليه‌السلام وتارة يرويه عن أبي عبد الله عليه‌السلام بلا واسطة ، وتارة يفتي به من قبل نفسه ولا يسنده إلى أحد ، وهذا الضرب من الاختلاف مما يضعف الاعتراض به والتعلق بمثله ، ومنها أنه لو سلم من جميع ما ذكرناه لكان خبرا واحدا لا يوجب علما ولا عملا وأخبار الآحاد لا يجوز الاعتراض بها على ظاهر القرآن والأخبار المتواترة التي ذكرناها ، ولو سلم من ذلك أيضا كله لم يكن في مضمونه ما يوجب العمل به على العدد دون الأهلة وأنا أبين عن وجه ذلك إن شاء الله.

أما الحديث الذي رواه الحسن بن حذيفة عن أبيه عن معاذ بن كثير أنه قال لأبي عبد الله عليه‌السلام إن الناس يقولون إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله صام تسعة وعشرين أكثر مما صام ثلاثين قال : كذبوا ما صام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله منذ بعثه الله إلى أن قبضه الله أقل من ثلاثين يوما ، ولا نقص شهر رمضان منذ خلق الله السماوات والأرض من ثلاثين يوما ، فإنه يفيد تكذيب الراوي من العامة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه صام شهر رمضان تسعة وعشرين يوما أكثر مما صامه ثلاثين ، ولا يفيد أنه لا يصح صيامه تسعة وعشرين ، ولا يتفق أن يكون زمانه

٦٦

كذلك ، ويكون معنى ما صام منذ بعث إلى أن قبض أقل من ثلاثين يوما الاخبار عما اتفق له من ذلك في مدة زمان فرض الله عليه ذلك ، دون ما يستقبل في الأوقات بعد تلك الأزمان ، ويحتمل أن يكون لم يصم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أقل من ثلاثين يوما على ما ادعاه المخالف من الكثرة دون القلة والتغليب دون التقليل ، فكأنه قال لم يكن صام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أقل من ثلاثين يوما على أغلب أحواله حسب ما ادعاه المخالفون ، ويكون قوله : ولا نقص شهر رمضان منذ خلق الله السماوات والأرضين من ثلاثين يوما وثلاثين ليلة على الوجه الذي زعم المخالفون أن نقصانه عن ذلك أكثر من تمامه ، فإذا احتمل الكلام من المعنى في هذا الخبر ما ذكرناه حملناه عليه وجمعنا بينه وبين الأخبار المتواترة من جواز نقصان شهر رمضان عن ثلاثين يوما ليقع الاتفاق والالتيام بين الاخبار عن الصادقين عليهم‌السلام.

وأما حديث محمد بن سنان عن حذيفة بن منصور عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : شهر رمضان ثلاثون يوما لا ينقص أبدا ، وفي الرواية الأخرى لا ينقص والله أبدا ، غير موجب لما ذهب إليه أهل العدد وذلك أن قوله عليه‌السلام شهر رمضان لا ينقص أبدا إنما أفاد أنه لا يكون أبدا ناقصا بل قد يكون حينا تاما وحينا ناقصا ولو نقص أبدا لما تم في حال من الأحوال ، وهذا مما لم يذهب إليه أحد من العقلاء

٢١٦

١٨ ـ فأما ما رواه محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن محمد بن إسماعيل عن محمد ابن يعقوب بن شعيب عن أبيه قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام إن الناس يقولون إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله صام تسعة وعشرين يوما أكثر مما صام ثلاثين يوما فقال : كذبوا ما صام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلا تماما ، وذلك قول الله

__________________

ـ ٢١٦ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٠٠.

٦٧

تعالى ( ولتكملوا العدة ) فشهر رمضان ثلاثون يوما وشوال تسعة وعشرون يوما وذو القعدة ثلاثون يوما لا ينقص أبدا لان الله تعالى يقول ( وواعدنا موسى ثلاثين ليلة ) وذو الحجة تسعة وعشرون يوما ، ثم الشهور على مثل ذلك شهر تام وشهر ناقص وشعبان لا يتم أبدا.

٢١٧

١٩ ـ وروى هذا الحديث محمد بن علي بن بابويه عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن محمد ابن الحسين بن أبي الخطاب عن محمد بن إسماعيل عن محمد بن يعقوب بن شعيب عن أبيه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له إن الناس يروون أن رسول الله صلى الله عليه وآله صام شهر رمضان تسعة وعشرين يوما أكثر مما صام ثلاثين يوما فقال : كذبوا ما صام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلا تاما ولا تكون الفرائض ناقصة إن الله خلق السنة ثلاثمائة وستين يوما ، وخلق السماوات والأرض في ستة أيام فحجزها من ثلاثمائة وستين يوما ، فالسنة ثلاثمائة وأربعة وخمسون يوما وشهر رمضان ثلاثون يوما وساق الحديث إلى آخره.

٢١٨

٢٠ ـ ورواه أيضا محمد بن يعقوب الكليني عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن إسماعيل عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إن الله عزوجل خلق الدنيا في ستة أيام ، ثم اختزلها (١) من أيام السنة والسنة ثلاثمائة وأربعة وخمسون يوما ، شعبان لا يتم أبدا وشهر رمضان لا ينقص والله أبدا ، ولا تكون فريضة ناقصة إن الله تعالى يقول ( ولتكملوا العدة ) وشوال تسعة وعشرون يوما وذو القعدة ثلاثون يوما لقول الله عزوجل ( وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة ) وذو الحجة تسعة وعشرون يوما والمحرم ثلاثون يوما ثم الشهور بعد ذلك شهر تام وشهر ناقص.

__________________

(١) الاختزال : الانفراد والحذف والاقتطاع.

* ـ ٢١٧ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٠٠ الفقيه ص ١٤٧.

ـ ٢١٨ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٠٠ الكافي ج ١ ص ١٨٤.

٦٨

وهذا الخبر أيضا نظير ما تقدم في أنه لا يصح الاحتجاج به لمثل ما قدمناه من أنه خبر واحد لا يوجب علما ولا عملا ، وأنه لا يعترض بمثله ظاهر القرآن والأخبار المتواترة ، وأيضا فإنه مختلف الألفاظ والمعاني والحديث واحد ، ومع ذلك فإنه يتضمن من التعليل ما يكشف عن أنه لم يثبت عن امام هدى عليه‌السلام من ذلك أن قوله تعالى ( وواعدنا موسى ثلاثين ليلة ) لا يوجب استمرار أمثال ذلك الشهر على الكمال في ذي القعدة وليس اتفاق تمام ذي القعدة في أيام موسى عليه‌السلام موجبا تمامه في مستقبل الأوقات ولا دالا على أنه لم يزل كذلك فيما مضى ، وإذا كان كذلك بطل إضافة التعليل لتمام ذي القعدة ابدا بما تضمنه القرآن من تمامه حينا إلى صادق عن الله عزوجل لا سيما وهو تعليل أيضا لتمام شهر رمضان وليس بينهما نسبة بالذكر في التمام ، واختزال ستة أيام من السنة لا يمنع من اتفاق النقصان في الشهرين والثلاثة على التوالي ، وتمام ثلاثة أشهر وأربعة متواليات ، فكيف يصح التعليل بأمر لا يوجبه عقل ولا عادة ولا لسان؟ وكذلك التعليل لكون شهر رمضان ثلاثين يوما لان الفرائض لا تكون ناقصة لان نقصان الشهر عن ثلاثين يوما لا يوجب النقصان في فرض العمل به وقد ثبت أن الله تعالى لم يتعبدنا بفعل الأيام ولا يصح تكليفنا فعل الزمان وإنما تعبدنا بالعمل في الأيام والفعل بالزمان ، ولا يكون إذا نقصان الزمان عن غيره بالإضافة نقصانا في العمل ، ألا ترى أن من وجب عليه عمل في شهر معين فأداه في ذلك الشهر حسب ما حد له من ابتدائه في أوله وختمه إياه في آخره أنه يكون قد أكمل ما وجب عليه وإن كان الشهر ناقصا عن الكمال ، وأجمع المسلمون على أن المعتدة بالشهور إذا طلقها زوجها في أول شهر من الشهور فقضت ثلاثة أشهر فيها واحد على الكمال ثلاثون يوما واثنان منها كل واحد منهما تسعة وعشرون يوما أنها تكون مؤدية لفرض الله تعالى عليها من العدة على الكمال والفرض دون

٦٩

النقصان ، ولا يكون نقصان الشهرين متعديا إلى الفرض فيهما على المرأة من العدة على ما ذكرناه ، ولو أن انسانا نذر أن يصوم لله تعالى شهرا يلي شهر قدومه من من سفره أو برءه من مرضه فاتفق كون الشهر الذي يلي ذلك تسعة وعشرين يوما فصامها من أوله إلى آخره لكان مؤديا فرض الله تعالى فيه على الكمال ، ولم يكن نقصان الشهر مفيدا لنقصان الفرض الذي أداه فيه ، والاعتلال أيضا في أن شهر رمضان لا يكون إلا ثلاثين يوما بقوله تعالى ( ولتكملوا العدة ) يبطل ثبوته عن إمام هدى بما ذكرناه من كمال الفضل المؤدى فيما نقص من الشهور عن ثلاثين يوما ، مع أن ظاهر القرآن يفيد بأن الامر بتكميل العدة إنما توجه إلى معنى القضاء لما فات من الصيام حيث قال الله تعالى : ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ) فأخبر الله تعالى انه فرض على المسافر والمريض عند افطارهما في السفر القضاء له في أيام أخر ليكملوا بذلك عدة ما فاتهم من صيام الشهر الذي مضى ، وليس في ذلك.

تحديد لما يقع عليه القضاء وإنما هو أمر بما يجب من قضاء الفائت كائنا ما كان ، وهذه الجملة التي ذكرناها تدل على أن التعليل المذكور لتمام شهر رمضان بثلاثين يوما موضوع لا يصح عن الأئمة عليهم‌السلام ، ولو سلم الحديث من جميع ما ذكرناه لم يكن ما تضمنه لفظ متنه محتملا لو فاق العمل على خلاف الأهلة وذلك أن تكذيب العامة فيما ادعوه من صيام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله شهر رمضان تسعة وعشرين يوما أكثر من صيامه إياه ثلاثين يوما لا يمتنع أن يكون قد صامه تسعة وعشرين يوما غير أن صيامه كذلك كان أقل من صيامه إياه ثلاثين يوما ، ولو اقتضى صيامه صلى‌الله‌عليه‌وآله إياه في مدة فرضه عليه في حياته صلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاثين يوما لم يمنع من تغير الحال في ذلك ، وكونه في بعض الأزمان تسعة وعشرين يوما على ما أسلفناه من القول في ذلك ، والقول بعده

٧٠

بأن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما صام إلا تاما لا يفيد كون شهر الصيام ثلاثين يوما على كل حال ، لأن الصوم غير الشهر وهو فعل الصائم ، والشهر حركات الفلك وهي فعل الله تعالى ، والوصف بالتمام إنما هو للصوم الذي هو فعل العبد دون الوصف للزمان الذي هو فعل الله تعالى ، وقد بينا ذلك فيما مضى ، والاحتجاج لذلك بقول الله تعالى ( ولتكملوا العدة ) غير موجب ما ظنه أصحاب العدد من أن شهر رمضان لا يكون تسعة وعشرين يوما لان إكمال عدة الشهر الناقص بالعمل في جميعه كاكمال عدة الشهر التام بالعمل في سائره لا يختلف في ذلك أحد من العقلاء ، وفصل القول بأن شوالا تسعة وعشرين يوما غير مفيد لما قالوه ، بل يحتمل الخبر بكونه كذلك أحيانا دون كونه كذلك بالوجوب على كل حال ، والقول بأن ذا القعدة ثلاثون يوما لا ينقص ابدا ، وجهه ما ذكرناه من أنه لا يكون ناقصا أبدا حتى لا يتم حينا ، والاعتلال لذلك بقوله تعالى : ( وواعدنا موسى ثلاثين ليلة ) يؤكد هذا التأويل لأنه أفاد حصوله في زمن من الأزمان جاء بذكره القرآن ثلاثون يوما فوجب بذلك أنه لا يكون ناقصا أبدا ، بل قد يكون تاما وإن جاز عليه النقصان ، والذي يدل على جواز النقصان على ذي القعدة في بعض الأوقات.

٢١٩

٢١ ـ ما رواه علي بن مهزيار عن الحسين بن يسار عن عبد الله بن جندب عن معاوية بن وهب قال قال : أبو عبد الله عليه‌السلام إن الشهر الذي يقال أنه لا ينقص ذو القعدة وليس في شهور السنة أكثر نقصانا منه.

وأما القول بأن السنة ثلاثمائة وأربعة وخمسون يوما من قبل ان السماوات والأرض خلقن في ستة أيام اختزلت من ثلاثمائة وستين يوما لا يفيد أن يكون شهرا منها بعينه ابدا ثلاثين يوما بل يقتضي بأن الستة الأيام تتفرق في الشهور كلها على غير تفصيل

__________________

ـ ٢١٩ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٠١.

٧١

وتعيين لما يكون ناقصا منها مما يتفق كونه على التمام بدلا من كونه على النقصان ، فأما القول بأن شهور السنة تختلف في الكمال والنقصان فيكون منها شهر تام وشهر ناقص لا يوجب أيضا دعوى الخصم في شهر رمضان ما ادعاه ولا في شعبان ما حكم به من نقصانه على كل حال لأنها قد تكون على ما تضمنه الوصف من الكمال والنقصان لكنها لا تكون كذلك على الترتيب والنظام ، بل لا ينكر ان يتفق فيها شهران متصلان على التمام وشهران متواليان على النقصان وثلاثة أشهر أيضا كما وصفناه ، ويكون مع ما ذكرناه على وفاق القول بأن فيها شهرا ناقصا وشهرا تاما إذ ليس في صريح ذلك الاتصال ولا الانفصال.

٢٢٠

٢٢ ـ فأما ما رواه ابن رباح عن سماعة عن الحسن بن حذيفة عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله تعالى : ( ولتكملوا العدة ) قال : صوم ثلاثين يوما.

فهذا الخبر نظير ما تقدم من أنه خبر واحد لا يوجب علما ولا عملا ، والكلام عليه كالكلام عليه في أنه لا يجوز الاعتراض به على ظاهر القرآن والأخبار المتواترة ولو صح لم يكن فيه ضد لما قلناه من وجوب العمل على الأهلة ، وذلك أن الحكم باكمال العدة للصيام ثلاثين يوما لا يمنع أن يكون إكمال ما في الشهر إذا نقص صيام تسعة وعشرين يوما ، إذ المراد باكمال العدة الأيام التي هي أيام الشهر على أي حال كان ، ولا خلاف ان الشهر الذي هو تسعة وعشرون يوما شهر في الحقيقة دون المجاز ولسنا ننكر أن الواجب علينا عند الاغماء (١) في هلال شوال أن نكمل الشهر ثلاثين يوما وأن ذلك واجب أيضا مع العلم بكمال الشهر ، وإذا كان الامر على ما وصفناه سقط التعلق به على خلاف المعلوم من الشرع.

__________________

(١) في المطبوعة ( الاغمام ).

* ـ ٢٢٠ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٠٢ وفيه ( هلال شهر رمضان )

٧٢

٣٤ ـ باب حكم الهلال إذا رؤي قبل الزوال أو بعده

٢٢١

١ ـ علي بن حاتم عن محمد بن جعفر عن محمد بن أحمد بن يحيى عن محمد بن عيسى قال : كتبت إليه عليه‌السلام جعلت فداك ربما غم علينا الهلال في شهر رمضان فنرى من الغد الهلال قبل الزوال وربما رأيناه بعد الزوال فترى أن نفطر قبل الزوال إذا رأيناه أم لا وكيف تأمرني في ذلك؟ فكتب عليه‌السلام : تتم إلى الليل فإنه إن كان تاما رؤي قبل الزوال.

٢٢٢

٢ ـ عنه عن الحسين بن علي عن أبيه عن الحسين عن يوسف بن عقيل عن محمد ابن قيس عن أبي جعفر عليه‌السلام قال قال : أمير المؤمنين عليه‌السلام إذا رأيتم الهلال فافطروا أو يشهد عليه عدل من المسلمين ، فإن لم ترو الهلال إلا من وسط النهار أو آخره فأتموا الصيام إلى الليل فان غم عليكم فعدوا ثلاثين ثم افطروا.

٢٢٣

٣ ـ الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن القاسم بن سليمان عن جراح المدائني قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام من رأى هلال شوال بنهار في رمضان فليتم صيامه.

٢٢٤

٤ ـ وعنه عن فضالة عن أبان بن عثمان عن إسحاق بن عمار قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن هلال رمضان يغم علينا في تسع وعشرين من شعبان فقال : لا تصمه إلا أن تراه فان شهد أهل بلد آخر أنهم رأوه فاقضه ، وإذا رأيته وسط النهار فأتم صومك إلى الليل ، يعني أتم صومك إلى الليل على أنه من شعبان دون أن تنوي أنه من رمضان.

٢٢٥

٥ ـ فأما ما رواه محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير

__________________

ـ ٢٢١ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٠٢ وفيه ( هلال شهر رمضان ).

ـ ٢٢٢ ـ ٢٢٣ ـ ٢٢٤ ـ ٢٢٥ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٠٢ واخرج الأخير الكليني في الكافي ج ١ ص ١٨٤.

٧٣

عن حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إذا رأوا الهلال قبل الزوال فهو لليلة الماضية وإذا رأوه بعد الزوال فهو لليلة المستقبلة.

٢٢٦

٦ ـ وما رواه سعد بن عبد الله عن أبي جعفر عن أبي طالب عبد الله بن الصلت عن الحسن بن علي بن فضال عن عبيد بن زرارة وعبد الله بن بكير قالا : قال أبو عبد الله عليه‌السلام إذا رؤي الهلال قبل الزوال فذلك اليوم من شوال ، وإذا رؤي بعد الزوال فهو من شهر رمضان.

فهذان الخبران لا يعارض بهما الأخبار المتقدمة لان الأخبار المتقدمة موافقة لظاهر القرآن والأخبار المتواترة التي ذكرناها ، وهذان الخبران مخالفان لذلك فلا يجوز العمل عليهما على أن فيهما ما يؤكد القول ببطلان العدد لأنه لو كان المراعى العدد لكان اليوم الذي رؤي فيه الهلال اما أن يكون من شهر رمضان أو من شوال على القطع والثبات ، ولم يكن لرؤيته قبل الزوال وبعد الزوال معنى يعقل ، على أنه يمكن أن يعمل عليهما على بعض الوجوه ، وهو أنه إذا لم ير في البلد الهلال من الليل بان يخطئوا مطلعه ورؤي في الغد قبل الزوال وانضاف إلى ذلك شهادة شاهدين من خارج المصر بالرؤية جاز أن يعمل بذلك ، وليس لاحد أن يقول إن مع شهادة الشاهدين لا اعتبار برؤية الهلال قبل الزوال بل يجب العمل بشهادتهما ، لان العمل بشهادتهما إنما يجب إذا كان في البلد عارض من غيم أو قتام أو غير ذلك ، فأما مع الصحو فلا تقبل شهادة نفسين من خارج البلد بل يحتاج إلى شهادة خمسين عدد القسامة (١) والذي يدل على ذلك :

٢٢٧

٧ ـ ما رواه سعد بن عبد الله عن إبراهيم بن هاشم عن إسماعيل بن مرار عن يونس ابن عبد الرحمان عن حبيب الخزاعي قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام لا تجوز الشهادة في رؤية الهلال دون خمسين رجلا عدد القسامة وإنما يجوز شهادة رجلين إذا كانا من

__________________

(١) القسامة : هي اليمين لاثبات الدم للقصاص تقوم مقام البينة للمدعي وهي خمسون يمينا.

* ـ ٢٢٦ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٠٢ الفقيه ص ١٤٧ ـ مرسلا مقطوعا.

ـ ٢٢٧ ـ التهذيب ج ١ ص ٣٩٦.

٧٤

خارج البلد وكان بالمصر علة فأخبرا انهما رأياه وأخبرا عن قوم صاموا بالرؤية.

٣٥ ـ باب حكم الهلال إذا غاب قبل الشفق أو بعده

إذا ثبت بما قدمناه وجوب العمل على الرؤية فلا اعتبار بغيبوبته قبل الشفق أو بعده لان الفرض يتعلق به متى رؤي ولم يدل دليل على أنه رؤي قبل ذلك ، ولا ينافي ذلك ما رواه :

٢٢٨

١ ـ الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى عن إسماعيل بن الحر (١) عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إذا غاب الهلال قبل الشفق فهو لليلة ، وإذا غاب بعد الشفق فهو لليليتن.

٢٢٩

٢ ـ سعد بن عبد الله عن يعقوب بن يزيد عن محمد بن مرازم عن أبيه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إذا تطوق الهلال فهو لليلتين ، وإذا رأيت ظل رأسك فيه فهو لثلاث ليال.

لان الوجه في هذين الخبرين وما جرى مجراهما في هذا المعنى إنما يكون إمارة على اعتبار دخول الشهر إذا كان في السماء علة من غيم وما جرى مجراه ، فجاز حينئذ اعتباره في الليلة المستقبلة بتطوق الهلال وغيبوبته قبل الشفق أو بعد الشفق ، فأما مع زوال العلة وكون السماء مصحية فلا يعتبر بهذه الأشياء ، ويجري ذلك مجرى ما قدمناه من شهادة الرجلين من خارج البلد ، فإنه إنما يعتبر إذا كان هناك علة ، ومتى لم تكن العلة فلا يجوز اعتبار ذلك على وجه من الوجوه ، بل يحتاج إلى شهادة خمسين نفسا حسب ما قدمناه ، وهذا الوجه الذي تأولنا عليه هذين الخبرين

__________________

(١) في ب ود وهامش المطبوعة ( بن الحسن ) بدل ( بن الحر ).

* ـ ٢٢٨ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٠٢ الكافي ج ١ ص ١٨٤ الفقيه ص ١٣٧.

ـ ٢٢٩ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٠٣ الكافي ج ١ ص ١٨٤ الفقيه ص ١٣٧.

٧٥

إنما قلناه لئلا تدفع الاخبار وإن كان الأحوط ما تقدم وعليه يجب أن يكون العمل إن شاء الله.

٣٦ ـ باب ذكر جمل من الاخبار يتعلق بها أصحاب العدد

٢٣٠

١ ـ محمد بن يعقوب عن علي بن محمد عن بعض أصحابنا عن محمد بن عيسى بن عبيد عن إبراهيم بن محمد المدني عن عمران الزعفراني قال قلت : لأبي عبد الله عليه السلام إن السماء تطبق علينا بالعراق اليومين والثلاثة فأي يوم نصوم؟ قال : انظر اليوم الذي صمت فيه من السنة الماضية وصم يوم الخامس.

٢٣١

٢ ـ عنه عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن منصور بن العباس عن إبراهيم الأحول عن عمران الزعفراني قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام إنا نمكث في الشتاء اليوم واليومين لا نرى شمسا ولا نجما فأي يوم نصوم؟ قال : انظر اليوم الذي صمت من السنة الماضية وعد خمسة أيام وصم اليوم الخامس.

فلا ينافي هذان الخبران ما قدمناه في العمل على الرؤية لمثل ما قدمناه في الباب الأول من أنهما خبر واحد لا يوجبان علما ولا عملا ، ولان راويهما عمران الزعفراني وهو مجهول ، وفي إسناد الحديثين قوم ضعفاء لا نعمل بما يختصون بروايته ، ولو سلم من ذلك كله لم يكن منافيا للقول بالرؤية بل يؤكد القول فيها لأنه لو كان المراعى العدد لوجب الرجوع إليه ولم يرجع إلى السنة الماضية وأن يعد منها خمسة أيام ، لان الكلام في السنة الماضية وأنه بأي شئ يعلم الشهر فيها مثل الكلام في السنة الحاضرة فلابد أن يستند ذلك إلى الرؤية ليكون للخبر فائدة ، وتكون الفائدة في الخبرين أنه ينبغي أن يصوم الانسان إذا كان حاله ما تضمنه الخبران يوم الخامس من السنة الماضية احتياطا ، وينوي به الصوم من شعبان إذا لم يكن له دليل على أنه من رمضان

__________________

ـ ٢٣٠ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٠٣ الكافي ج ١ ص ١٨٤.

ـ ٢٣١ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٠٣ الكافي ج ١ ص ١٨٥.

٧٦

على جهة القطع ثم يراعي فيما بعد ، فإن انكشف له أنه كان من رمضان فقد أجزأه وإن لم يكن كان صومه نافلة يستحق به الثواب.

٢٣٢

٣ ـ فأما ما رواه محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن حمزة أبي يعلى عن محمد بن الحسن بن أبي خالد يرفعه عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إذا صح هلال رجب فعد تسعة وخمسين يوما وصم يوم ستين.

٢٣٣

٤ ـ وما رواه محمد بن يعقوب أيضا عن أحمد بن محمد عن محمد بن بكر ومحمد بن أبي الصهبان عن حفص بن عمر بن سالم ومحمد بن زياد بن عيسى عن هارون بن خارجة قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام عد شعبان تسعة وعشرين يوما فإن كانت متغيمة فأصبح صائما وإن كانت مصحية وتبصرته ولم تر شيئا فأصبح مفطرا.

فالوجه في هذين الخبرين ما ذكرناه في الاخبار الأولة من أنه يصبح يوم الستين صائما على أنه من شعبان فإن اتفق أن يكون ذلك من شهر رمضان فيوم وفق له وإن كان من شعبان فقد تطوع بيوم ، والذي يدل على ذلك قوله : وان كانت مصحية وتبصرته فلم تره فأصبح مفطرا فلو كان الامر على ما ذهب إليه أصحاب العدد لكان يوم الثلاثين من شهر رمضان لا من شعبان لا ن عندهم لا يتم أبدا على حال ، ولم تختلف الحال فيه بين الصحو والغيم فعلم أنه أراد بذلك الحث على صومه بنية أنه من شعبان احتياطا.

٣٧ ـ باب صيام يوم الشك

٢٣٤

١ ـ محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن عيسى بن هشام عن الخضر بن عبد الملك عن محمد بن حكيم قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن اليوم الذي يشك فيه فإن الناس يزعمون أن من صامه بمنزلة من أفطر يوما من شهر رمضان؟ فقال :

__________________

ـ ٢٣٢ ـ ٢٣٣ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٠٣ الكافي ج ١ ص ١٨٤ واخرج الأول الصدوق في الفقيه ص ١٣٧.

ـ ٢٣٤ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٠٣ الكافي ج ١ ص ١٨٥.

٧٧

كذبوا إن كان من شهر رمضان فهو يوم وفق له ، وإن كان من غيره فهو بمنزلة ما مضى من الأيام.

٢٣٥

٢ ـ عنه عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن سماعة قال : سألته عن اليوم الذي يشك فيه من شهر رمضان لا يدرى أهو من شعبان أو من رمضان فصامه من شهر رمضان؟ قال : هو يوم وفق له ولا قضاء عليه.

٢٣٦

٣ ـ عنه عن أحمد عن محمد بن أبي الصهبان عن محمد بن بكر بن جناح عن علي ابن شجرة عن بشير النبال عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن صوم يوم الشك؟ فقال : صمه فان يك من شعبان كان تطوعا ، وإن يك من شهر رمضان فيوم وفقت له.

٢٣٧

٤ ـ محمد بن يعقوب عن عده من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن حمزة بن يعلى عن زكريا بن آدم عن الكاهلي قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن اليوم الذي يشك فيه من شعبان؟ قال : لان أصوم يوما من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوما من شهر رمضان.

٢٣٨

٥ ـ عنه عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن محمد بن أبي الصهبان عن علي ابن الحسن بن رباط عن سعيد الأعرج قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام إني صمت اليوم الذي يشك فيه وكان من شهر رمضان أفأقضيه؟ قال : لا هو يوم وفقت له.

٢٣٩

٦ ـ فأما ما رواه الحسين بن سعيد عن محمد بن أبي عمير عن هشام بن سالم وأبي أيوب عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام في الرجل يصوم اليوم الذي يشك فيه من رمضان قال : عليه قضاؤه وإن كان كذلك.

__________________

ـ ٢٣٥ ـ ٢٣٦ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٠٣ الكافي ج ١ ص ١٨٥ واخرج الأخير الصدوق في الفقيه ص ١٣٧.

ـ ٢٣٧ ـ ٢٣٨ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٠٣ الكافي ج ١ ص ١٨٥.

ـ ٢٣٩ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٠٤.

٧٨

فالوجه في هذا الخبر أحد شيئين ، أحدهما أن نحمله على ضرب من التقية لأنه موافق لمذهب بعض العامة ، والثاني : أن نحمله على من صام على أنه من شهر رمضان فإنه متى كان الامر على ذلك وجب عليه قضاؤه لأنه صام ما لا يجوز له صومه ، وإنما يسوغ له صوم هذا اليوم على أنه من شعبان على ما بيناه ، ويدل على أنه متى صام بنية شعبان لم يلزمه القضاء مضافا إلى ما تقدم :

٢٤٠

٧ ـ ما رواه محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن عثمان بن عيسى عن سماعة قال : قلت : لأبي عبد الله عليه‌السلام رجل صام يوما وهو لا يدري أمن شهر رمضان هذا أم من غيره ، فجاء قوم فشهدوا أنه كان من شهر رمضان فقال بعض الناس عندنا لا يعتد به فقال : بلى فقلت : انهم قالوا صمت وأنت لا تدرى أمن شهر رمضان هذا أو من غيره فقال : بلى فاعتد به فإنما هو شئ وفقك الله له ، إنما يصام يوم الشك من شعبان ولا تصومه من شهر رمضان لأنه قد نهي أن ينفرد الانسان للصيام في يوم الشك ، وإنما ينوي من الليلة أنه يصوم من شعبان فإن كان من شهر رمضان أجزأه عنه بتفضل الله عزوجل وبما قد وسع على عباده ولولا ذلك لهلك الناس.

٢٤١

٨ ـ فأما ما رواه الحسين بن سعيد عن محمد بن أبي عمير عن جعفر الأزدي عن قتيبة الأعشى قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن صوم ستة أيام ، العيدين ، وأيام التشريق ، واليوم الذي يشك فيه من شهر رمضان.

٢٤٢

٩ ـ عنه عن محمد بن أبي عمير عن حفص بن البختري وغيره عن عبد الكريم ابن عمرو قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام إني جعلت على نفسي أني أصوم حتى

__________________

ـ ٢٤٠ ـ ٢٤١ ـ ٢٤٢ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٠٤ واخرج الكليني في الكافي ج ١ ص ١٨٥.

٧٩

يقوم القائم (عج) فقال : لا تصم في السفر ولا العيدين ولا أيام التشريق ولا اليوم الذي يشك فيه.

وما جرى مجرى هذين الخبرين من الاخبار التي تضمنت تحريم صيام يوم الشك فالوجه أنه لا يجوز صيام هذا اليوم على أنه من رمضان ، وإن كان جائزا صومه على أنه من شعبان ، وقد بينا فيما مضى ما يدل على ذلك ، ويزيده بيانا :

٢٤٣

١٠ ـ ما رواه أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد عن أبيه عن الصفار عن علي بن محمد القاشاني عن القاسم بن محمد كاسولا (١) عن سليمان بن داود الشاذكوني عن عبد الرزاق عن معمر عن محمد بن شهاب الزهري قال : سمعت علي ابن الحسين عليه‌السلام يقول : يوم الشك أمرنا بصيامه ونهينا عنه ، أمرنا أن يصومه الانسان على أنه من شعبان ، ونهينا عنه أن يصومه على أنه من شهر رمضان وهو لم ير الهلال.

أبواب ما ينقض الصيام

٣٨ ـ باب حكم الجماع

٢٤٤

١ ـ الحسين بن سعيد عن محمد بن أبي عمير عن حماد بن عثمان عن محمد بن مسلم قال سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : لا يضر الصائم ما صنع إذا اجتنب ثلاث خصال الطعام والشراب ، والنساء ، والارتماس.

٢٤٥

٢ ـ محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه ومحمد بن إسماعيل عن الفضل ابن شاذان جميعا عن ابن أبي عمير عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه‌السلام

__________________

(١) في ج ( قاسوله ) ونسختين بهامش المطبوعة ( قاسولا ـ قاشولا )

* ـ ٢٤٣ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٠٤.

ـ ٢٤٤ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٠٩ الفقيه ص ١٣٤.

٢٤٥ ـ التهذيب ج ١ ص ٤١٠ الكافي ج ١ ص ١٩١.

٨٠