الإستبصار - ج ٢

أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطّوسي [ شيخ الطائفة ]

الإستبصار - ج ٢

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطّوسي [ شيخ الطائفة ]


المحقق: السيد حسن الموسوي الخرسان
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الكتب الإسلاميّة
الطبعة: ٣
الصفحات: ٣٤٩

مشاة ولقد مر صلى‌الله‌عليه‌وآله بكراع الغميم (١) فشكوا إليه الجهد والعنا فقال : شدوا إزركم واستبطنوا ففعلوا ذلك فذهب عنهم.

فلا تنافي بين هذين الخبرين والاخبار الأولة ، لان الوجه فيهما أحد شيئين ، أحدهما أن يكونا محمولين على الاستحباب لان من أطاق المشي مندوب إلى الحج وإن لم يكن واجبا يستحق بتركه العقاب ، ويكون إطلاق اسم الوجوب عليه على ضرب من التجوز ، مع أنا قد بينا أن ما هو مؤكد شديد الاستحباب يجوز أن يقال فيه انه واجب وإن لم يكن فرضا ، والوجه الثاني : أن يكونا محمولين على ضرب من التقية لان ذلك مذهب بعض العامة ، والذي يدل على أن حجة المعسر لا تجزي عنه إذا أيسر عن حجة الاسلام.

٤٥٩

٧ ـ ما رواه سهل بن زياد عن محمد بن الحسين عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم عن مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لو أن عبدا حج عشر حجج كان عليه حجة الاسلام أيضا إذا استطاع إلى ذلك سبيلا ، ولو أن غلاما حج عشر سنين ثم احتلم كانت عليه فريضة الاسلام ، ولو أن مملوكا حج عشر حجج ثم أعتق كانت عليه فريضة الاسلام إذا استطاع إليه سبيلا.

٨٢ ـ باب أن المشي أفضل من الركوب

٤٦٠

١ ـ الحسين بن سعيد عن صفوان وفضالة عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ما عبد الله بشئ أشد من المشي ولا أفضل.

٤٦١

٢ ـ موسى بن القاسم عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن فضل المشي؟ فقال : إن الحسن بن علي عليه‌السلام قاسم

__________________

(١) كراع الغميم : موضع بين مكة والمدينة وهو واد امام عسفان بثمانية أميال.

* ـ ٤٥٩ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٤٨ الكافي ج ١ ص ٢٤٢ الفقيه ص ١٩٥ وذكر صدر الحديث.

ـ ٤٦٠ ـ ٤٦١ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٤٩.

١٤١

ربه ثلاث مرات ، حتى نعلا ونعلا وثوبا وثوبا ودينارا ودينارا ، وحج عشرين حجة ماشيا على قدميه.

٤٦٢

٣ ـ عنه عن فضل بن عمرو عن محمد بن إسماعيل بن رجا الزبيري عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ما عبد الله بشئ أفضل من المشي.

٤٦٣

٤ ـ فأما ما رواه أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي عن رفاعة قال : سأل أبا عبد الله عليه‌السلام رجل الركوب أفضل أم المشي؟ فقال : الركوب أفضل من المشي لان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ركب.

٤٦٤

٥ ـ وما رواه موسى بن القاسم عن ابن أبي عمير عن سيف التمار قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إنه بلغنا وكنا تلك السنة مشاة عنك أنك تقول في الركوب فقال : إن الناس يحجون مشاة ويركبون فقلت : ليس عن هذا أسألك فقال : عن أي شئ تسئلني فقلت : أي شئ أحب إليك نمشي أو نركب؟ فقال : تركبون أحب إلي فإن ذلك أقوى على الدعاء والعبادة.

فالوجه في هذين الخبرين أن من قوي على المشي ويكون ممن لا يضعفه ذلك عن الدعاء والمناسك ، أو يكون ممن ساق معه ما إذا أعيا ركبه ، فإن المشي له أفضل من الركوب ، ومن أضعفه المشي ولم يكن معه ما يلجأ إلى ركوبه عند إعيائه ، فلا يجوز له أن يخرج إلا راكبا حسب ما علل به في الخبر ، ويدل على هذا المعنى أيضا :

٤٦٥

٦ ـ ما رواه موسى بن القاسم عن صفوان عن عبد الله بن بكير قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام إنا نريد الخروج إلى مكة فقال : لا تمشوا واركبوا فقلت : أصلحك الله إنه بلغنا أن الحسن بن علي عليهما‌السلام حج عشرين حجة ماشيا فقال : إن الحسن بن علي عليهما‌السلام كان يمشي وتساق معه محامله ورحاله.

__________________

ـ ٤٦٢ ـ ٤٦٣ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٤٩.

ـ ٤٦٤ ـ ٤٦٥ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٤٩ الكافي ج ١ ص ٢٩١.

١٤٢

ويحتمل أن يكون إنما فضل الركوب على المشي إذا علم أنه يلحق مكة إذا ركب قبل المشاة فيعبد الله ويستكثر من الصلاة إلى أن يقدم المشاة.

٤٦٦

٧ ـ وقد روى هذا المعنى أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي بن هشام ابن سالم قال : دخلنا على أبي عبد الله عليه‌السلام أنا وعنبسة بن مصعب وبضعة عشر رجلا من أصحابنا فقلنا جعلنا الله فداك أيهما أفضل المشي أو الركوب؟ فقال : ما عبد الله بشئ أفضل من المشي ، قلنا أيما أفضل نركب إلى مكة نعجل فنقيم بها إلى أن يقدم الماشي أو نمشي؟ فقال : الركوب أفضل.

٨٣ ـ باب المعسر يحج به بعض إخوانه ثم أيسر هل تجب عليه إعادة الحج أم لا

٤٦٧

١ ـ محمد بن يعقوب عن حميد بن زياد عن ابن سماعة عن عدة من أصحابنا عن أبان بن عثمان عن الفضل بن عبد الملك قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل لم يكن له مال فحج به أناس من أصحابه أقضى حجة الاسلام؟ قال : نعم وإن أيسر بعد ذلك فعليه أن يحج قلت : هل تكون حجته تامة أو ناقصة إذا لم يكن حج من ماله؟ قال : نعم قضي عنه حجة الاسلام وتكون تامة وليست بناقصة فإن أيسر فليحج.

٤٦٨

٢ ـ فأما ما رواه الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيوب عن معاوية بن عمار قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام رجل لم يكن له مال فحج به رجل من إخوانه هل يجزي ذلك عنه من حجة الاسلام أو هي ناقصة؟ قال : بل هي حجة تامة.

فلا ينافي الخبر الأول الذي قلنا أنه يعيد الحج إذا أيسر ، لأنه إنما أخبر أن حجته تامة ، وذلك لا خلاف فيه أنها تامة يستحق بفعلها الثواب ، وأما قوله في الخبر الأول

__________________

ـ ٤٦٦ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٥٠.

ـ ٤٦٧ ـ ٤٦٨ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٤٨ واخرج الأول الكليني في الكافي ج ١ ص ٢٤١ وهو صدر الحديث.

١٤٣

ويكون قد قضى حجة الاسلام المعنى فيه الحجة التي ندب إليها في حال إعساره فإن ذلك يعبر عنها بأنها حجة الاسلام من حيث كانت أول الحجة ، وليس في الخبر أنه إذا أيسر لم يلزمه الحج بل فيه تصريح أنه إذا أيسر فليحج وذلك مطابق للأصول الصحيحة التي تدل عليها الدلائل والاخبار.

٨٤ ـ باب المعسر يحج عن غيره ثم أيسر هل تجب عليه إعادة الحج أم لا

٤٦٩

١ ـ موسى بن القاسم عن محمد بن سهل عن آدم بن علي عن أبي الحسن عليه السلام قال : من حج عن إنسان ولم يكن له مال يحج به أجزأت عنه حتى يرزقه الله ما يحج به ويجب عليه الحج.

٤٧٠

٢ ـ محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد وسهل بن زياد جميعا عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لو أن رجلا معسرا أحجه رجل كانت له حجة فإذا أيسر بعد كان عليه الحج.

٤٧١

٣ ـ فأما ما رواه محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن معاوية بن عمار قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل حج عن غيره يجزيه ذلك عن حجة الاسلام؟ قال : نعم قلت : حجة الجمال تامة أو ناقصة؟ قال : تامة قلت : حجة الأجير تامة أو ناقصة؟ قال : تامة.

فلا ينافي الخبرين الأولين لان قوله يجزيه عن حجة الاسلام المعنى فيه الحجة التي هي مندوب إليها في حالة الاعسار دون التي تجب عليه في حال الأيسار ، لان تلك قد يعبر عنها بأنها حجة الاسلام على ما بيناه.

__________________

ـ ٤٦٩ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٤٨.

ـ ٤٧٠ ـ ٤٧١ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٤٨ الكافي ج ١ ص ٢٤١ الفقيه ص ١٩٢.

١٤٤

٨٥ ـ باب المخالف يحج ثم يستبصر هل يجب عليه إعادة الحج أم لا

٤٧٢

١ ـ موسى بن القاسم عن صفوان وابن أبي عمير عن عمر بن أذينة عن بريد ابن معاوية العجلي قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل حج وهو لا يعرف هذا الامر ثم من الله عليه بمعرفته والدينونة به أعليه حجة الاسلام أو قد قضى فريضته؟ فقال : قد قضى فريضته ، ولو حج لكان أحب إلي ، قال : وسألته عن رجل حج وهو في بعض هذه الأصناف من أهل القبلة ناصب متدين ثم من الله عليه فعرف هذا الامر يقضي حجة الاسلام؟ فقال : يقضي أحب إلي ، وقال كل عمل عمله وهو في حال نصبه وضلالته ثم من الله عليه وعرفه الولاية فإنه يؤجر عليه إلا الزكاة فإنه يعيدها لأنه وضعها في غير مواضعها لأنها لأهل الولاية ، وأما الصلاة والحج والصيام فليس عليه قضاء.

٤٧٣

٢ ـ فأما ما رواه محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن علي ابن مهزيار قال : كتب إبراهيم بن محمد بن عمران الهمداني إلى أبي جعفر عليه‌السلام إني حججت وأنا مخالف وكنت صرورة (١) فدخلت متمتعا بالعمرة إلى الحج فكتب إليه أعد حجك.

٤٧٤

٣ ـ وما رواه أيضا محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد وسهل بن زياد جميعا عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : الناصب إذا عرف فعليه الحج وإن كان قد حج.

فالوجه في هاتين الروايتين ضرب من الاستحباب دون الفرض والايجاب ، وقد

__________________

(١) الصرورة : الرجل الذي لم يحج ، الجمع صرارة وصرار.

* ـ ٤٧٢ ـ ٤٧٣ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٤٩ الكافي ج ١ ص ٢٤١ واخرج الأول الصدوق في الفقيه ص ١٩٥.

ـ ٤٧٤ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٤٨ الكافي ج ١ ص ٢٤١ الفقيه ص ١٩٢.

١٤٥

صرح بذلك أو عبد الله عليه‌السلام في رواية بريد العجلي في قوله وقد قضى فريضته ولو حج لكان أحب إلي ويدل عليه أيضا :

٤٧٥

٤ ـ ما رواه محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن عمر بن أذينة قال : كتبت إلى أبي عبد الله عليه‌السلام أسأله عن رجل حج ولا يدري ولا يعرف هذا الامر ، ثم من الله عليه بمعرفته والدينونة به ، أعليه حجة الاسلام أو قد قضى فريضة الله؟ قال : قد قضى فريضة الله والحج أحب إلي ، وعن رجل هو في بعض هذه الأصناف من أهل القبلة ناصب متدين ثم من الله عليه فعرف هذا الامر أيقضى عنه حجة الاسلام أو عليه أن يحج من قابل؟ قال : يحج أحب إلي.

٨٦ ـ باب الصبي يحج به ثم يبلغ هل تجب عليه حجة الاسلام أم لا

٤٧٦

١ ـ أخبرني الشيخ رحمه‌الله عن أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه عن محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن ابن محبوب عن شهاب قال : سألته عن ابن عشر سنين يحج قال : عليه حجة الاسلام إذا احتلم ، وكذلك الجارية إذا طمثت عليها الحج.

٤٧٧

٢ ـ وعنه عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن الحسين عن عبد الله ابن عبد الرحمن الأصم عن مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لو أن غلاما حج عشر سنين ثم احتلم كان عليه فريضة الاسلام.

٤٧٨

٣ ـ فأما ما رواه أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي بن بنت الياس عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : مر رسول الله صلى

__________________

ـ ٤٧٥ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٤٩ الكافي ج ١ ص ٢٤١ الفقيه ص ١٩٥.

ـ ٤٧٦ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٤٨ الكافي ج ١ ص ٢٤٢ وهو جزء من حديث الفقيه ص ١٩٦.

ـ ٤٧٧ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٤٨ الكافي ج ١ ص ٢٤٢ وهو جزء من حديث فيهما.

ـ ٤٧٨ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٤٨.

١٤٦

الله عليه وآله برويثة (١) وهو حاج فقامت إليه امرأة ومعها صبي لها فقالت : يا رسول الله أيحج عن مثل هذا؟ قال : نعم ولك أجره.

فلا ينافي الخبرين الأولين لأنه إنما قال : يحج عنه على وجه الاستحباب والندب دون أن يكون ذلك فرضا واجبا يسقط عنه فرض حجة الاسلام عند البلوغ.

٨٧ ـ باب المملوك يحج بإذن مولاه ثم يعتق هل تجب عليه حجة الاسلام أم لا

٤٧٩

١ ـ موسى بن القاسم عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال : المملوك إذا حج ثم أعتق فان عليه إعادة الحج.

٤٨٠

٢ ـ وعنه عن صفوان وابن أبي عمير عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال : المملوك إذا حج وهو مملوك ثم مات قبل أن يعتق أجزأه ذلك الحج وإن أعتق أعاد الحج.

٤٨١

٣ ـ مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لو أن مملوكا حج عشر حجج ثم أعتق كان عليه فريضة الاسلام إذا استطاع إليه سبيلا.

٤٨٢

٤ ـ إسحاق بن عمار قال : سألت أبا إبراهيم عليه‌السلام عن أم الولد تكون للرجل يكون قد أحجها أيجزي ذلك عنها من حجة الاسلام؟ قال : لا قلت : لها أجر في حجتها قال : نعم.

٤٨٣

٥ ـ فأما ما رواه محمد بن أحمد بن يحيى عن السندي عن أبان بن محمد عن حكم ابن حكيم الصيرفي قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول أيما عبد حج به مواليه فقد قضى حجة الاسلام.

__________________

(١) رويثه : موضع على ليلة من المدينة.

* ـ ٤٧٩ ـ ٤٨٠ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٤٧ واخرج الأخير الصدوق في الفقيه ص ١٩٥.

ـ ٤٨١ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٤٧ الكافي ج ١ ص ٢٤٢ باختلاف يسير وهو جزء من حديث فيهما.

ـ ٤٨٢ ـ ٤٨٣ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٤٧ واخرج الأول الصدوق في الفقيه ص ١٩٥.

١٤٧

فالوجه في هذا الخبر أحد شيئين ، أحدهما أن يكون إخبارا عما يستحقه من الثواب فكأنه يستحق هذا ما يستحق على حجة الاسلام ، والثاني : أن يكون محمولا على من أعتق قبل أن يفوته أحد الموقفين لأنه يكون قد أدرك الحج عليه في حال كونه حرا يدل على ذلك :

٤٨٤

٦ ـ ما رواه محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن ابن محبوب عن شهاب عن أبي عبد الله عليه‌السلام في رجل أعتق عشية عرفة عبدا له أيجزي عن العبد حجة الاسلام؟ قال : نعم قلت فأم ولد أحجها مولاها أيجزي عنها؟ قال : لا قلت : لها أجر في حجها؟ قال : نعم.

٤٨٥

٧ ـ معاوية بن عمار قال : قلت : لأبي عبد الله عليه‌السلام مملوك أعتق يوم عرفة؟ قال : إذا أدرك أحد الموقفين فقد أدرك الحج.

٨٨ ـ باب ان فرض الحج مرة واحدة أم هو على التكرار

هذه المسألة لا خلاف فيها بين المسلمين وفيها إجماع ان حجة الاسلام فرضها دفعة واحدة وقد أوردنا في كتابنا الكبير طرفا من الاخبار في ذلك فلأجل ذلك لم نوردها ههنا.

٤٨٦

١ ـ فأما ما رواه محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن حذيفة بن منصور عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : أنزل الله عزوجل فرض الحج على أهل الجدة في كل عام.

٤٨٧

٢ ـ عنه عن محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد بن يحيى عن يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير عن أبي جرير القمي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : الحج فرض على أهل

__________________

ـ ٤٨٤ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٤٧ الكافي ج ١ ص ٢٤٢ الفقيه ص ١٩٥ باختلاف يسير فيهما.

ـ ٤٨٥ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٤٨ الفقيه ص ١٩٥.

ـ ٤٨٦ ـ ٤٨٧ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٥٠ الكافي ج ١ ص ٢٣٩.

١٤٨

الجدة (١) في كل عام.

٤٨٨

٣ ـ وروى علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهما‌السلام قال : إن الله تعالى فرض الحج على أهل الجدة في كل عام وذلك قوله عزوجل : ( ولله على الناس حج البيت من استطاع سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين ) قال : قلت : ومن لم يحج منا فقد كفر؟ قال : لا ولكن من قال : ليس هذا هكذا فقد كفر.

فالوجه في هذه الأخبار أحد شيئين ، أحدهما : أن تكون محمولة على الاستحباب دون الفرض والايجاب ، والثاني أن يكون المراد بذلك كل سنة على طريق البدل لان من وجب عليه الحج في السنة الأولى فلم يحج وجب عليه في الثانية ، وكذلك إذا لم يحج في الثانية وجب عليه في الثالثة ، وكذلك حكم كل سنة إلى أن يحج ، ولم يعن أن عليه في كل سنة على وجه التكرار.

٨٩ ـ باب من نذر أن يمشي إلى بيت الله هل يجوز له أن يركب أم لا

٤٨٩

١ ـ موسى بن القاسم عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي قال : قلت : لأبي عبد الله عليه‌السلام رجل نذر أن يمشي إلى بيت الله عزوجل وعجز أن يمشي قال : فليركب وليسق بدنة فإن ذلك يجزي عنه إذا عرف الله منه الجد.

٤٩٠

٢ ـ عنه عن صفوان وابن أبي عمير عن ذريح المحاربي قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل حلف ليحجن ماشيا فعجز عن ذلك لم يطقه قال : فليركب وليسق الهدي.

__________________

(١) الجدة : الغنى والثروة يقال وجد في المال وجدا وجدة أي استغنى.

* ـ ٤٨٨ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٥٠ الكافي ج ١ ص ٢٣٩.

ـ ٤٨٩ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٥٠.

ـ ٤٩٠ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٦٢.

١٤٩

٤٩١

٣ ـ فأما ما رواه موسى بن القاسم عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن أبي عبيدة الحذاء قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن رجل نذر أن يمشي إلى مكة حافيا فقال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خرج حاجا فنظر إلى امرأة تمشي بين الإبل فقال : من هذه؟ فقالوا : أخت عقبة بن عامر نذرت أن تمشي إلى مكة حافية فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عقبة انطلق إلى أختك فمرها فلتركب فإن الله غني عن مشيها وحفاها قال : فركبت.

٤٩٢

٤ ـ عنه عن ابن أبي عمير عن رفاعة بن موسى النخاس قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : رجل نذر أن يمشي إلى بيت الله قال : فليمش قال : قلت : فإنه تعب قال : فإذا تعب ركب.

فلا تنافي بين هاتين الروايتين والروايتين الأولتين في وجوب الكفارة لمن ركب لان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يقل مرها فلتركب وليس عليها شئ وإنما أمرها بالركوب لئلا يقال : إن ذلك لا يجوز على حال وإن كان يلزم مع ذلك الكفارة لسياق البدنة حسب ما بين في الروايتين الأولتين.

٩٠ ـ باب أن التمتع فرض من نأى عن الحرم ولا يجزيه غيره من أنواع الحج

٤٩٣

١ ـ موسى بن القاسم عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة لان الله تعالى يقول ( فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي ) فليس لأحد إلا أن يتمتع لان الله أنزل ذلك في كتابه وجرت به السنة من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٤٩٤

٢ ـ عنه عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي قال : سألت أبا عبد الله عليه

__________________

ـ ٤٩١ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٥٠.

ـ ٤٩٢ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٦٢.

ـ ٤٩٣ ـ ٤٩٤ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٥٣.

١٥٠

السلام عن الحج فقال : تمتع ثم قال : إنا إذا وقفنا بين يدي الله تعالى قلنا يا ربنا أخذنا بكتابك وقال الناس رأينا رأينا (١) ويفعل الله بنا وبهم ما أراد.

٤٩٥

٣ ـ عنه عن النضر بن سويد عن درست الواسطي عن محمد بن الفضل الهاشمي قال : دخلت مع إخوتي على أبي عبد الله عليه‌السلام فقلنا له إنا نريد الحج فبعضنا صرورة فقال : عليك بالتمتع ثم قال : إنا لا نتقي أحدا في التمتع بالعمرة إلى الحج واجتناب المسكر والمسح على الخفين معناه إنا لا نمسح.

٤٩٦

٤ ـ العباس بن معروف عن علي بن الحسن عن النضر عن عاصم عن أبي بصير قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام يا أبا محمد كان عندي رهط من أهل البصرة فسألوني عن الحج فأخبرتهم بما صنع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وما أمر به فقالوا لي : إن عمر قد أفرد الحج فقلت لهم إن هذا رأي رآه عمر وليس رأي عمر كما صنع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٤٩٧

٥ ـ عنه عن علي بن فضالة عن أبي المعزا عن ليث المرادي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ما نعلم حجا لله غير المتعة إنا إذا لقينا ربنا قلنا ربنا عملنا بكتابك وسنة نبيك صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ويقول القوم عملنا برأينا فيجعلنا الله وإياهم حيث شاء.

٤٩٨

٦ ـ الحسين بن سعيد عن ابن سنان عن ابن مسكان عن يعقوب الأحمر قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام رجل اعتمر في المحرم ثم خرج في أيام الحج أيتمتع؟ قال : نعم كان أبي لا يعدل بذلك ، قال : ابن مسكان وحدثني عبد الخالق أنه سأله عن هذه المسألة فقال : إن حج فليتمتع إنا لا نعدل بكتاب الله وسنة نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله.

__________________

(١) رأينا رأينا : يحتمل ان يكونا فعلين أو اسمين للتأكيد أو الأول فعلا والثاني اسما.

* ـ ٤٩٥ ـ ٤٩٦ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٥٣ واخرج الأول الكليني في الكافي ج ١ ص ٢٤٦ والصدوق في الفقيه ص ١٧٧.

ـ ٤٩٧ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٥٣ الكافي ج ١ ص ٢٤٦ بسند آخر.

ـ ٤٩٨ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٥٤.

١٥١

٤٩٩

٧ ـ محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس بن عبد الرحمان عن معاوية بن عمار قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام ما نعلم حجا لله غير المتعة إنا إذا لقينا ربنا قلنا عملنا بكتابك وسنة نبيك ، ويقول القوم عملنا برأينا فيجعلنا الله وإياهم حيث شاء.

٥٠٠

٨ ـ عنه عن علي عن أبيه عن إسماعيل بن مرار عن يونس عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من حج فليتمتع إنا لا نعدل بكتاب الله وسنة نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٥٠١

٩ ـ عنه عن عدة أصحابنا عن سهل بن زياد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن صفوان الجمال عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من لم يكن معه هدي وأفرد رغبة عن المتعة فقد رغب عن دين الله.

قال محمد بن الحسن : هذه الأخبار كلها تدل على أن الفرض الواجب على المكلف في الحج التمتع دون الافراد والاقران فمن أفرد أو قرن مع التمكن من المتعة فإن ذلك لا يجزيه من حجة الاسلام ، وإنما قلنا ذلك من حيث تضمنت هذه الأخبار الامر بالتمتع فمن لم يتمتع لا يكون قد فعل ما أمر به ، ولأنهم عليهم‌السلام نسبوا العمل بالمتعة إلى كتاب الله والسنة والعمل بغيرها إلى الآراء والشهوات ، وكل فعل خالف كتاب الله وسنة رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله فان ذلك لا يجزي عما أوجب الله تعالى على الأنام ، وأيضا قد بينوا في بعض ما قدمناه من الاخبار أن الافراد في الحج من رأي عمر وقول عمر ليس بحجة في شريعة الاسلام ، وذكروا فيها أيضا أنهم لا يعرفون لله حجا غير التمتع ، وهذه الجملة تدل على أن من لم يتمتع مع التمكن لم يجزه عن حجة الاسلام ، فأما إذا كانت الحال حال ضرورة ولم يتمكن فيها من المتعة فإنه لا بأس

__________________

ـ ٤٩٩ ـ ٥٠٠ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٥٤ ـ الكافي ج ١ ص ٢٤٦.

ـ ٥٠١ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٥٤.

١٥٢

بالاقتصار على الاقران والافراد يدل على ذلك :

٥٠٢

١٠ ـ ما رواه محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن ابن مسكان عن عبد الملك بن عمرو أنه سأل أبا عبد الله عليه‌السلام عن التمتع فقال : تمتع قال : فقضي أنه أفرد الحج في ذلك العام أو بعده فقلت أصلحك الله سألتك فأمرتني بالتمتع فأراك قد أفردت الحج العام فقال : أما والله إن الفضل لفي الذي أمرتك به ولكني ضعيف فشق علي طوافان بين الصفا والمروة فلذلك أفردت الحج.

٥٠٣

١١ ـ علي بن السندي عن ابن أبي عمير عن جميل قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام ما دخلت قط إلا متمتعا إلا في هذه السنة فاني والله ما أفرغ من السعي حتى تقلقل أضراسي والذي صنعتم أفضل.

فإن قيل : كيف يقولون إن الفرض هو التمتع ، وقد قسموا عليهم‌السلام الحج على ثلاثة أضرب تمتع وإفراد وقران ، فلو كان الامر على ما ادعيتم لما كان لهذا التقسيم فائدة.

٥٠٤

١٢ ـ روى ذلك محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن معاوية بن عمار قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : الحج ثلاثة أصناف حج مفرد وإقران وتمتع بالعمرة إلى الحج وبها أمر رسول الله صلى الله عليه وآله والفضل فيها فلا نأمر الناس إلا بها.

٥٠٥

١٣ ـ عنه عن أبي علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان عن إسحاق بن عمار عن منصور الصيقل قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : الحج عندنا

__________________

ـ ٥٠٢ ـ ٥٠٣ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٥٤ واخرج الأول الكليني في الكافي ج ١ ص ٢٤٦.

ـ ٥٠٤ ـ ٥٠٥ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٥٣ الكافي ج ١ ص ٢٤٦ واخرج الأخير الصدوق في الفقيه ص ١٧٧.

١٥٣

على ثلاثة أوجه حاج متمتع وحاج مفرد سايق الهدي وحاج مفرد للحج.

قيل : ليس في هذين الخبرين ما ينافي ما قدمناه لأنهم إنما قسموا الحج على ثلاثة أضرب لسائر المكلفين ثم ميزوا كل قوم منهم بفرض يخصهم ، فكان فرض من نأى عن الحرم التمتع ، وفرض من هو ساكن الحرم إما الافراد أو الاقران ولأجل ذلك قال في الخبر الأول وبها أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولا نأمر الناس إلا بها يعني من نأى عن الحرم من سائر أهل البلاد ، فلو قيل : لو كان الامر على ما ذكرتم لما كان لتفضيلهم التمتع على ما عداه من أنواع الحج فائدة لأنه إنما يكون له على غيره فضل إذا ساواه في الاجزاء وفي كونه طاعة يستحق بها الثواب وزاد عليه فأما إذا كان الفرض التمتع لا غير فلا وجه لتفضيله على ما عداه من أنواع الحج.

٥٠٦

١٤ ـ روى ذلك سعد بن عبد الله بن يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير عن حفص بن البختري والحسن بن عبد الملك عن زرارة جميعا عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : المتعة والله أفضل وبها نزل القرآن وبها جرت السنة.

٥٠٧

١٥ ـ وعنه عن يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير عن أبي أيوب إبراهيم ابن عيسى قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام أي أنواع الحج أفضل؟ فقال : المتعة ، وكيف يكون شئ أفضل منها ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : لو استقبلت من أمري ما استدبرت فعلت كما فعل الناس.

٥٠٨

١٦ ـ موسى بن القاسم عن صفوان وابن أبي عمير وغيرهما عن عبد الله بن سنان قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام إني قرنت العام وسقت الهدي قال : ولم فعلت ذلك التمتع والله أفضل لا تعودن.

__________________

ـ ٥٠٦ ـ ٥٠٧ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٥٤ واخرج الأخير الكليني في الكافي ج ١ ص ٢٤٦ والصدوق في الفقيه ص ١٧٧.

ـ ٥٠٨ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٥٤.

١٥٤

٥٠٩

١٧ ـ محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أبي أيوب الخزاز قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام أي أنواع الحج أفضل؟ فقال : التمتع ، وكيف يكون شئ أفضل منه ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : لو استقبلت من أمري ما استدبرت لفعلت مثل ما فعل الناس.

٥١٠

١٨ ـ محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام في السنة التي حج فيها وذلك في سنة اثنتي عشرة ومائتين ، فقلت جعلت فداك بأي شئ دخلت مكة مفردا أو متمتعا ، فقال : متمتعا فقلت : أيما أفضل التمتع في العمرة إلى الحج أفضل أو من أفرد فساق الهدي؟ فقال : كان أبو جعفر عليه‌السلام يقول : التمتع بالعمرة إلى الحج أفضل من المفرد السائق للهدي ، وكان يقول : ليس يدخل الحاج بشئ أفضل من المتعة.

قيل له : نحن وإن قلنا إن التمتع هو الفرض الذي أوجب الله وإنه لا يجزي غيره في براءة الذمة لم نقل إن المفرد والقارن عاص لله تعالى لان من أفرد الحج أو قارن فإنه يستحق الثواب الجزيل وإن لم يسقط عنه الفرض ونظير ذلك من وجبت عليه الزكاة فتصدق بشئ من ماله تطوعا فإنه يستحق بذلك ثواب وإن كان فرض الزكاة باقيا في ذمته ، على أنه ليس في هذه الأخبار أن المتمتع أفضل من القارن والمفرد في أي حال وهل هو في حجة الاسلام أو في غيره من الحج الذي يتطوع بعد ذلك ، وإذا لم يكن ذلك في ظاهره جاز لنا أن نحمل هذه الأخبار على من يكون قد قضى حجة الاسلام ثم أراد بعد ذلك الحج فإنه يجوز له أي الثلاثة فعل من أنواع الحج وإن كان التمتع أفضل.

__________________

ـ ٥٠٩ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٥٤ في الكافي ج ١ ص ٢٤٦. الفقيه ص ١٧٧.

ـ ٥١٠ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٥٤ الكافي ج ١ ص ٢٤٦.

١٥٥

٥١١

١٩ ـ فأما ما رواه محمد بن أبي عمير عن عمر بن أذينة عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قلت : لأبي جعفر عليه‌السلام ما أفضل ما حج الناس؟ فقال : عمرة في رجب وحجة مفردة في عامها قلت : فما الذي يلي هذا؟ قال : المتعة (١) قلت فما الذي يلي هذا؟ قال : الافراد والاقران قلت : فما الذي يلي هذا؟ قال : عمرة مفردة فيذهب حيث شاء فإن أقام بمكة إلى الحج فعمرته تامة وحجته ناقصة مكية ، قلت : فما الذي يلي هذا؟ قال : ما يفعل الناس اليوم يفردون الحج فإذا قدموا مكة وطافوا بالبيت أحلوا وإذا لبوا أحرموا فلا يزال يحل ويعقد حتى يخرج إلى منى فلا حج ولا عمرة.

فلا ينافي ما قدمناه من الاخبار في أن التمتع أفضل على كل حال لان ما تضمن هذا الخبر الوجه فيه من اعتمر في رجب وأقام بمكة إلى أوان الحج ولم يخرج ليتمتع فليس له إلا الافراد ، فأما من خرج إلى وطنه ثم عاد في أوان الحج أو أقام بمكة ثم خرج إلى بعض المواقيت وأحرم بالتمتع إلى الحج فهو أفضل حسب ما قدمناه والذي يدل على ذلك :

٥١٢

٢٠ ـ ما رواه موسى بن القاسم عن صفوان بن يحيى وحماد بن عيسى وابن أبي عمير وابن المغيرة عن معاوية بن عمار قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام ونحن بالمدينة إني اعتمرت عمرة رجب وأنا أريد الحج فأسوق الهدي وأفرد أو أتمتع؟ قال : في كل فضل وكل حسن قلت : فأي ذلك أفضل؟ فقال : إن عليا عليه‌السلام كان يقول لكل شهر عمرة تمتع فهو والله أفضل ثم قال : إن أهل مكة

__________________

(١) توجد زيادة في التهذيب ج ١ ص ٤٥٥ ولم توجد في النسخ التي بأيدينا وهي ( قلت فكيف أتمتع؟ فقال : يأتي فيلبى بالحج فإذا أتى مكة وطاف وسعى وأحل من كل شئ وهو محتبس وليس له ان يخرج من مكة حتى يحج.

* ـ ٥١١ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٥٥.

ـ ٥١٢ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٥٥ الكافي ج ١ ص ٢٤٧ ذكر الحديث بتفاوت وزيادة في آخره

١٥٦

يقولون إن عمرته عراقية وحجته مكية وكذبوا أوليس هو مرتبطا بحجة لا يخرج حتى يقضيه.

٥١٣

٢١ ـ عنه عن صفوان وابن أبي عمير عن يزيد (١) ويونس بن ظبيان قالا : سألنا أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل يحرم في رجب أو في شهر رمضان حتى إذا كان أوان الحج أتى متمتعا؟ فقال : لا بأس بذلك.

وقد استوفينا ما يتعلق بهذا الباب في كتابنا الكبير وفيما ذكرناه كفاية إن شاء الله.

٩١ ـ باب فرض من كان ساكن الحرم من أنواع الحج

٥١٤

١ ـ موسى بن القاسم عن صفوان بن يحيى وابن أبي عمير عن عبد الله بن مسكان عن عبيد الله الحلبي وسليمان بن خالد وأبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ليس لأهل مكة ولا لأهل مر (٢) ولا لأهل سرف (٣) متعة وذلك لقول الله عز وجل : ( ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام ) ،

٥١٥

٢ ـ عنه عن علي بن جعفر قال : قلت لأخي موسى بن جعفر عليهم‌السلام لأهل مكة أن يتمتعوا بالعمرة إلى الحج؟ فقال : لا يصح أن يتمتعوا لقول الله عز وجل : ( ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام ).

٥١٦

٣ ـ عنه عن عبد الرحمان بن أبي نجران عن حماد بن عيسى عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام قول الله عز وجل في كتابه : ( ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام ) قال : يعني أهل

__________________

(١) نسخة في المطبوعة ود والتهذيب ( بريد ).

(٢) مر : بالفتح والتشديد موضع قال : الواقدي بينه وبين مكة خمسة أميال.

(٣) سرف : بفتح أوله وكسر ثانيه موضع على ستة أميال من مكة وقيل سبعة وقيل تسعة.

* ـ ٥١٣ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٥٥.

ـ ٥١٤ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٥٥ الكافي ج ١ ص ٢٤٨ بتفاوت يسير.

ـ ٥١٥ ـ ٥١٦ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٥٥.

١٥٧

مكة ليس عليهم متعة كل من كان أهله دون ثمانية وأربعين ميلا ذات عرق (١) وعسفان (٢) كما يدور حول مكة فهو ممن دخل في هذه الآية وكل من كان أهله وراء ذلك فعليه المتعة.

٥١٧

٤ ـ عنه عن أبي الحسن النخعي عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : في حاضري المسجد الحرام قال : ما دون المواقيت إلى مكة فهو حاضري المسجد الحرام وليس لهم متعة.

٥١٨

٥ ـ فأما ما رواه موسى بن القاسم عن صفوان بن يحيى عن عبد الله بن الحجاج وعبد الرحمان بن أعين قالا : سألنا أبا الحسن موسى عليه‌السلام عن رجل من أهل مكة خرج إلى بعض الأمصار ثم رجع فمر ببعض المواقيت التي وقت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أله أن يتمتع؟ فقال : ما أزعم أن ذلك ليس له والاهلال بالحج أحب إلي له ، ورأيت من سأل أبا جعفر عليه‌السلام وذلك أول ليلة من شهر رمضان فقال : له جعلت فداك ( إني قد نويت أن أصوم بالمدينة قال : تصوم إن شاء الله تعالى ، قال له وأرجوا أن يكون خروجي في عشر من شوال فقال : تخرج إن شاء الله تعالى فقال : له ) (٣) إني قد نويت أن أحج عنك أو عن أبيك فكيف أصنع؟ فقال : له تمتع فقال : له إن الله ربما من علي بزيارة رسوله صلى الله عليه وآله وزيارتك والسلام عليك وربما حججت عنك وربما حججت عن أبيك وربما حججت عن بعض إخواني أو عن نفسي فكيف أصنع؟ فقال : تمتع فرد عليه القول ثلاث مرات يقول له إني مقيم بمكة وأهلي بها فيقول له تمتع ، وسأله بعد ذلك رجل

__________________

(١) ذات عرق : موضع أول تهامة وآخر العقيق على نحو مرحلتين من مكة.

(٢) عسفان : كعثمان موضع على مرحلتين من مكة.

(٣) زيادة في التهذيب ولم توجد في النسخ التي بأيدينا.

* ـ ٥١٧ ـ ٥١٨ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٥٥.

١٥٨

من أصحابنا فقال : له إني أريد أن أفرد عمرة هذا الشهر يعني شوال فقال : له أنت مرتهن بالحج فقال : له الرجل إن أهلي ومنزلي بالمدينة ولي بمكة أهل ومنزل وبينهما أهل ومنازل ، فقال له أنت مرتهن بالحج ، فقال له الرجل : إن لي ضياعا حول مكة وأريد أن أخرج حلالا فإذا كان أيام الحج حججت.

فلا ينافي هذا الخبر ما قدمناه من الاخبار لان ما يتضمن أول الخبر من حكم من يكون من أهل مكة وقد خرج منها ثم يريد الرجوع إليها فإنه يجوز أن يتمتع فإن هذا حكم يختص بمن هذه صفته لأنه أجراه مجرى من كان من غير الحرم ، ويجري ذلك مجرى من أقام بمكة من غير أهل الحرم سنتين فإن فرضه يصير الافراد والاقران وينقل عنه فرض التمتع ، وأما ما ذكره بعد ذلك من سؤال من سأله فقال : إني أريد أن أحج عنك أو عن أبيك فقال : له تمتع فإنما أمره بذلك لان الذي يحج عنه من غير أهل الحرم فجاز له أن يحج عنه متمتعا لأنه إنما لا يجوز له أن يتمتع عن نفسه لا عن غيره ، وأما قوله بعد ذلك إني أحج عن نفسي ولي بمكة أهل وأنا مقيم بها فيجوز أن يكون ممن كان انتقل إلى مكة ولم يكن من أهلها ولم يمض عليه سنتان فصاعدا فان فرضه التمتع ، وأما سؤال الأخير الذي سأله فقال : لي بمكة أهل وبالمدينة أهل فإنما قال له : أنت مرتهن بالحج لأنه غلب عليه مقامه بالمدينة ولعله كان مقامه بها أكثر من مقامه بمكة فلم ينتقل فرضه إلى الافراد ، والذي يدل على أن التغليب في المقام في هذين البلدين مراعيا :

٥١٩

٦ ـ ما رواه موسى بن القاسم قال حدثنا عبد الرحمان عن حماد بن عيسى عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : من أقام بمكة سنتين فهو من أهل مكة لا متعة له فقلت لأبي جعفر عليه‌السلام أرأيت إن كان له أهل بالعراق وأهل بمكة؟ قال : فلينظر أيهما الغالب عليه فهو من أهله.

__________________

ـ ٥١٩ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٥٦.

١٥٩

٩٢ ـ باب توفير شعر الرأس واللحية من أول ذي القعدة لمن يريد الحج

٥٢٠

١ ـ أخبرني الشيخ رحمه‌الله عن أبي القاسم جعفر بن محمد عن محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال الحج أشهر معلومات شوال وذو القعدة وذو الحجة فمن أراد الحج وفر شعره إذا نظر إلى هلال ذي القعدة ومن أراد العمرة وفر شعره شهرا.

٥٢١

٢ ـ محمد بن يعقوب عن أحمد بن محمد عن الحسن بن علي عن بعض أصحابنا عن سعيد الأعرج عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لا يأخذ الرجل إذا رأى هلال ذي القعدة وأراد الخروج من رأسه ولا من لحيته.

٥٢٢

٣ ـ فأما ما رواه الحسين بن سعيد عن الحسن عن زرعة عن سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن الحجامة وحلق القفا في أشهر الحج فقال : لا بأس به والسواك والنورة.

فالوجه في هذا الخبر أن نحمل جواز ذلك على أشهر الحج التي هي شوال قال : لا بأس أن يأخذ الانسان من شعر رأسه ولحيته في هذا الشهر كله إلى غرة ذي القعدة يدل على ذلك.

٥٢٣

٤ ـ ما رواه الحسين بن سعيد عن القاسم بن محمد وفضالة عن حسين بن أبي العلا قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يريد الحج أيأخذ من شعره في شوال كله ما لم ير الهلال؟ قال : نعم لا بأس به.

٥٢٤

٥ ـ موسى بن القاسم عن عبد الله بن بكير عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال : خذ من شعرك إذا أزمعت على الحج شوال كله إلى غرة ذي القعدة.

__________________

ـ ٥٢٠ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٥٩ الكافي ج ١ ص ٢٥٣ الفقيه ص ١٧٥.

ـ ٥٢١ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٦٠ الكافي ج ١ ص ٢٥٣.

ـ ٥٢٢ ـ ٥٢٣ ـ ٥٢٤ ـ التهذيب ج ١ ص ٤٦٠ واخرج الأول الصدوق في الفقيه ص ١٧٥.

١٦٠