بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٣١
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

وأصحاب التقويم أيضا يذكرون كثيرا منها في صفحات تقاويمهم ، في كل سنة ولعل فيما أوردناه هنا كفاية لما قصدناه ، إنشاء الله تعالى ، ولعل من عثر على النصف الاول من كتاب العدد المشار إليه ، وجد كثيرا مما يتعلق بسوانح أيام الشهر من أوله إلى اليوم الخامس عشر منه. والله الموفق.

٢٠١

أبواب

« ( ما يتعلق بشهر شوال من الادعية والاعمال وغيرها ) »

١

* ( ( باب ) ) *

* « ( عمل اول ليلة منه وهى ليلة عيد الفطر ) » *

أقول : قد ذكرنا استحباب غسل هذه الليلة مع بعض أعمالها في كتاب الطهارة والصلاة وفي كتاب الزكاة والصيام وكتاب الدعاء وكتاب المزار أيضا فارجع إليها.

٢

* ( ( باب ) ) *

* « ( عمل أول يوم من هذا الشهر وهو يوم عيد الفطر ) » *

أقول : قد أوردنا أكثر أعمال هذا اليوم في كتاب الطهارة ، وكتاب الصلاة وكتاب الدعاء ، وكتاب الزكاة ، وكتاب الصيام ، وكتاب الحج وكتاب المزار و غيرها أيضا ، ولنورد هنا ما يصلح في هذا المقام إنشاء الله تعالى ، واعلم أن الاعمال المستحبة في أول كل شهر قد سبقت في باب أول هذا الجزء ، فتذكر.

[ ١ ـ لد : من الدعاء بعد صلاة العيد (١) : اللهم إني توجهت إليك بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله أمامي ، وعلي من خلفي وأئمتي عن يميني وشمالي ، أستتر بهم من عذابك وسخطك وأتقرب إليك زلفى لا أجد أحدا أقرب إليك منهم فهم أئمتي فآمن بهم خوفي من عذابك وسخطك ، وأدخلني برحمتك الجنة في عبادك

__________________

(١) سيأتى في كتاب الصلاة كيفية صلاة العيد وآدابه وبعدها باب أدعية عيد الفطر و زوائد آداب صلاته وخطبها ، وفى الباب ذكر هذه الادعية المنقولة في الفوق ، برواية أخرى فراجع.

٢٠٢

الصالحين ، أصبحت بالله مؤمنا موقنا مخلصا على دين محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وسنته ، وعلى دين علي وسنته ، وعلى دين الاوصياء وسنتهم ، آمنت بسرهم وعلانيتهم ، وأرغب إلى الله تعالى فيما رغبوا فيه ، وأعوذ بالله من شر ما استعاذوا منه ، ولا حول ولا قوة ولا منعة إلا بالله العلي العظيم ، توكلت على الله ، حسبي الله ، ومن يتوكل على الله فهو حسبه.

اللهم إني اريدك فأردنى ، وأطلب ما عندك فيسره لي ، اللهم إنك قلت في محكم كتابك المنزل وقولك الحق ، ووعدك الصدق ، « شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن ، هدى للناس » فعظمت شهر رمضان بما أنزلت فيه من القرآن الكريم وخصصته بأن جعلت فيه ليلة القدر ، اللهم وقد انقضت أيامه ولياليه ، وقد صرت منه إلى ما أنت أعلم به مني ، فأسألك يا إلهي بما سألك به ملائكتك المقربون وأنبياؤك المرسلون ، وعبادك الصالحون أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تقبل مني كل ما تقربت به إليك فيه ، وتتفضل علي بتضعيف عملي وقبول تقربي وقرباتي ، واستجابة دعائي وهب لي من لدنك رحمة ، وأعتق رقبتي من النار و آمني يوم الخوف من كل الفزع ومن كل هول أعددته ليوم القيامة ، أعوذ بحرمة وجهك الكريم وبحرمة نبيك صلى‌الله‌عليه‌وآله وبحرمة الاوصياء عليهم‌السلام أن يتصرم هذا اليوم ولك قبلي تبعة تريد أن تؤاخذني بها أو خطيئة تريد أن تتقتصها مني لم تغفرها لي.

أسألك بحرمة وجهك الكريم يا لا إله إلا أنت بلا إله إلا أنت أن ترضى عني ، وإن كنت رضيت عني فزد فيما بقي من عمرى رضا ، وإن كنت لم ترض عني فمن الان فارض عني يا سيدي ومولاي الساعة الساعة الساعة واجعلني في هذه الساعة وفي هذا اليوم وفي هذا المجلس من عتقائك من النار عتقا لارق بعده.

اللهم إني أسألك بحرمة وجهك الكريم أن تجعل يومى هذا خير يوم عبدتك فيه منذ أسكنتنى الارض ، أعظمه أجرا وأعمه نعمة وعافية ، وأوسعه رزقا وأبتله عتقا من النار وأوجبه مغفرة وأكمله رضوانا وأقربه إلى ما تحب وترضى.

اللهم لا تجعله آخر شهر رمضان صمته لك وارزقني العود فيه ثم العود فيه حتى

٢٠٣

ترضى ويرضى كل من له ] (١) قبلى تبعة ، ولا تخرجنى من الدنيا إلا وأنت عني راض.

اللهم اجعلني من حجاج بيتك الحرام ، في هذا العام وفي كل عام المبرور حجهم ، المشكور سعيهم ، المغفور ذنبهم ، المستجاب دعاؤهم ، المحفوظين في أنفسهم وأديانهم وأموالهم وذراريهم ، وجميع ما أنعمت به عليهم.

اللهم اقلبنى من مجلسي هذا ، وفي يومى هذا ، وفي ساعتى هذه ، مفلحا منجحا مستجابا دعائى مرحوما صوتى ، مغفورا ذنبي.

اللهم واجعل فيما شئت وأردت وقضيت وحتمت وأنفذت وقدرت أن تطيل عمري ، وأن تقوى ضعفى ، وتجبر فاقتى ، وأن تعز ذلي ، وتونس وحشتى ، و أن تكثر قلتى وأن تدر رزقي ، في عافية ويسر وخفض عيشى ، وتكفينى كل ما أهمني من أمر دنياي وآخرتي ، ولا تكلنى إلى نفسي فأعجز عنها ، ولا إلى الناس فيرفضونى ، وعافنى في بدني وديني وأهلى وولدي وأهل مودتي وجيرانى و إخواني وذريتي ، وأن تمن علي بالامن أبدا ما أبقيتنى توجهت إليك بمحمد وآل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقدمتهم إليك أمامى وأمام حاجتي وطلبتى وتضرعي ومسئلتى فاجعلنى بهم عندك وجيها في الدنيا والاخرة ، فانك مننت علي بمعرفتهم فاختم لي بهذه السعادة إنك على كل شئ قدير فانك وليي ومولاي وسيدي وربي وإلهي وثقتي ورجائي ، ومعدن مسئلتي ، وموضع شكواى ومنتهى رغبتي ومناى فلا تخيبن عليك رجائي يا سيدي ومولاي ، فلا تبطلن عملي وطمعى ورجائى لديك يا إلهي ومسئلتي واختم لي بالسعادة والسلامة والاسلام والامن والايمان ، والمغفرة والرضوان ، والشهادة والحفظ ، يا منزولا به كل حاجة ، يا الله يا الله يا الله أنت لكل حاجة فتول عافيتها ، ولا تسلط علينا أحدا من خلقك بشئ لا طاقة لنا به من أمر الدنيا ، وفرغنا لامر الاخرة يا ذا الجلال والاكرام ، وصل على محمد وآل محمد وبارك على محمد وآل محمد وسلم على محمد وآل محمد ، كأفضل ما صليت و

__________________

(١) ما بين العلامتين أضفناه من المصدر ، وكان محله بياضا.

٢٠٤

باركت وترحمت وسلمت وتحننت ومننت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد (٢).

دعاء آخر :

[ ٢ ـ قل : الدعاء بعد صلاة العيد ] : اللهم إني سألتك أن ترزقني صيام شهر رمضان وأن تحسن معونتي عليه ، وأن تبلغني استتمامه وفطره وأن تمن على في ذلك بعبادتك ، وحسن معونتك ، وتسهيل أسباب توفيقك فأحببتني وأحسنت معونتي عليه ، وفعلت ذلك بي ، وعرفتني حسن صنيعك ، وكريم إجابتك ، فلك الحمد على ما رزقتني من ذلك ، وعلى ما أعطيتني منه ، اللهم وهذا يوم عظمت قدره وكرمت حاله ، وشرفت حرمته ، وجعلته عيدا للمسلمين وأمرت عبادك ، أن يبرزوا لك فيه ، لتوفي كل نفس ما عملت وثواب ما قدمت ، ولتفضل على أهل النقص في العبادة والتقصير في الاجتهاد في أداء الفريضة مما لا يملكه غيرك ، ولا يقدر عليه سواك ، اللهم وقد وافاك في هذا اليوم في هذا المقام من عمل لك عملا قل ذلك العمل أو كثر كلهم يطلب أجر ما عمل ، ويسأل الزيادة من فضلك في ثواب صومه لك وعبادته إياك على حسب ما قلت « يسأله من في السماوات والارض كل يوم هو في شأن ».

اللهم وأنا عبدك العارف بما ألزمتني والمقر بما أمرتنى المعترف بنقص عملى والتقصير في اجتهادي ، والمخل بفرضك علي ، والتارك لما ضمنت لك على نفسي ، اللهم وقد ضمنت فشبت صومي لك في أحوال الخطاء والعمد ، والنسيان والذكر والحفظ بأشياء نطق بها لساني أو رأتها عيني وهوتها نفسي أو مال إليها هواي وأحبها قلبي أو اشتهتها روحي ، أو بسطت إليها يدي ، أو سعيت إليها برجلى من حلالك المباح بأمرك إلى حرامك المحظور بنهيك ، اللهم وكل ما كان مني محصى علي غير مخل بقليل ولا كثير ولا صغير ولا كبير اللهم وقد برزت إليك وخلوت بك لاعترف لك بنقص عملي ، وتقصيري فيما يلزمني ، وأسألك العود على بالمغفرة والعائدة الحسنة

__________________

(١) البلد الامين : ٢٤١ ـ ٢٤٣.

٢٠٥

علي بأحسن رجائى وأفضل أملي وأكمل طمعى في رضوانك ، اللهم فصل على محمد وآل محمد واغفرلي كل نقص وكل تقصير وإساءة وكل تفريط وكل جهل وكل عمد وكل خطاء دخل على في شهري هذا وفي صومي له وفي فرضك على ، وهبه لي وتصدق به على وتجاوز لي عنه يا غاية كل رغبة ، ويا منتهى كل مسألة ، واقلبنى من وجهي هذا وقد عظمت فيه جائزتي ، وأجزلت فيه عطيتي وكرمت فيه حبائي وتفضلت على بأفضل من رغبتي وأعظم من مسألتي يا إلهي.

يا الله يا الله يا الله يا الله يا الله الذي ليس كمثلك شئ ، صل على محمد وآل محمد ، واغفر لي ذنوبي العمد منها والخطأ في هذا اليوم وفي هذه الساعة ، يا رب كل شئ ووليه افعل ذلك بي ، وتب بمنك وفضلك ورأفتك ورحمتك على توبة نصوحا لا أشقى بعدها أبدا ، يا الله يا الله يا الله يا الله يا الله يا الله يا الله لك الامثال العليا والاسماء الحسنى ، أعوذ بك من الشك بعد اليقين ، ومن الكفر بعد الايمان ، يا إلهى اغفر لي ، يا إلهى تفضل على ، يا إلهي تب على ، يا إلهى ارحمني ، يا إلهى ارحم فقرى ، يا إلهى ارحم ذلي ، يا إلهى ارحم مسكنتي ، يا إلهى ارحم عبرتي ، يا إلهي لا تخيبنى وأنا أدعوك ولا تعذبني وأنا أستغفرك ، اللهم إنك قلت لنبيك عليه وآله السلام ، « وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون » أستغفرك يا رب وأتوب إليك ، أستغفر الله أستغفر الله من جميع ذنوبي كلها ما تعمدت منها وما أخطأت وما حفظت وما نسيت اللهم إنك قلت لنبيك عليه وآله الصلاة والسلام : « وإذا سألك عبادى عني فاني قريب اجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون » اللهم إني أدعوك كما أمرتنى فاستجب لي كما وعدتني إنك لا تخلف الميعاد ، اللهم صل على محمد وآل محمد الاوصياء المرضيين بأفضل صلواتك [ وبارك عليهم بأفضل بركاتك وأدخلني في كل خير أدخلتهم فيه وأخرجني من كل سوء أخرجتهم منه ، في الدنيا والاخره يا أرحم الراحمين.

اللهم صل على محمد وآل محمد وأعتق رقبتي من النار عتقا بتلا لارق بعده أبدا ولا حرق بالنار ، ولا ذل ولا وحشة ولا رعب ولا لوعة [ ولا روعة ] ولا فزعة ولا رهبة

٢٠٦

بالنار ، ومن علي بالجنة بأفضل حظوظ أهلها ، وأشرف كراماتهم ، وأجزل عطاياك لهم ، وأفضل جوائزك إياهم وخير حبائك لهم ، اللهم صل على محمد وآل محمد واقلبنى من مجلسي هذا ومن مخرجي هذا ، ولا تبق فيما بيني وبينك ولا فيما بيني وبين أحد من خلقك ذنبا إلا غفرته ولا خطيئة إلا محوتها ، ولا عثرة إلا أقلتها ولا فاضحة إلا صفحت عنها ، ولا جريرة إلا خلصت منها ، ولاسيئة إلا وهبتها لي ، ولا كربة إلا وقد خلصتني منها ولادينا إلا قضيته ، ولا عائلة إلا أغنيتها ، ولا فاقة إلا سددتها ، ولا عريا إلا كسوته ، ولا مريضا إلا شفيته ، ولا سقيما إلا داويته ولا هما إلا فرجته ولا غما إلا أذهبته ، ولاخوفا إلا آمنته ، ولا عسرا يسرته ولا ضعفا إلا قويته ، ولا حاجة من حوائج الدنيا والاخرة إلا قضيتها على أفضل الامل و أحسن الرجاء وأكمل الطمع إنك على كل شئ قدير.

اللهم إنك أمرتني بالدعاء ودللتني عليه فسئلتك ووعدتني الاجابة فتنجزت بوعدك ، وأنت الصادق القول الوفي العهد ، اللهم وقد قلت « ادعوني أستجب لكم » وقلت : « واسألوا الله من فضله » وقلت « وعد الصدق الذي كانوا يوعدون » اللهم وأنا أدعوك كما أمرتني متنجزا لوعدك فصل على محمد وآل محمد وأعطني كل ما وعدتنى وكل امنيتي وكل سؤلي وكل همي وكل نهمتي وكل هواى وكل محنتي واجعل ذلك كله سائحا في جلالك ثابتا في طاعتك مترددا في مرضاتك متصرفا فيما دعوت إليه غير مصروف منه قليلا ولا كثيرا في شئ من معاصيك ، ولا في مخالفة لامرك ، إله الحق رب العالمين.

اللهم وكما وفقتني لدعائك فصل على محمد وآل محمد ووفق لى إجابتك إنك على كل شئ قدير ، اللهم من تهيأ أو تعبأ أو أعد أو استعد لوفادة إلى مخلوق رجاء رفده وجوائزه ونوافله وفضائله وعطاياه فاليك يا سيدي كانت تهيئتي وتعبئتي وإعدادى ، واستعدادي ، رجاء رفدك وجوائزك وفواضلك ونوافلك وعطاياك وقد غدوت إلى عيد من أعياد امة نبيك محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ولم آتك اليوم بعمل صالح أثق به قدمته ، ولا توجهت بمخلوق رجوته ، ولكنى أتيتك خاضعا مقرا بذنوبي ، وإساءتي

٢٠٧

إلى نفسي ولا حجة لي ولا عذر لي ، أتيتك أرجو أعظم عفوك الذي عفوت به عن الخاطئين ، وأنت الذي غفرت لهم عظيم جرمهم ، ولم يمنعك طول عكوفهم على عظيم جرمهم ، أن عدت عليهم بالرحمة فيامن رحمته واسعة ، وفضله عظيم ، يا عظيم يا عظيم يا عظيم ، يا كريم يا كريم يا كريم ، صل على محمد وآل محمد ، وعد علي برحمتك ، وامنن علي بعفوك وعافيتك ، وتعطف على بفضلك ، وأوسع علي رزقك يا رب! إنه ليس يرد غضبك إلا حلمك ، ولا يرد سخطك إلا عفوك ، ولا يجير من عقابك إلا رحمتك ، ولا ينجيني منك إلا التضرع إليك ، فصل على محمد وآل محمد وهب لي يا إلهي فرجا بالقدرة التي بها تحيي أموات العباد ، وبها تنشر ميت البلاد ولا تهلكني يا إلهى غما حتى تستجيب لي ، وتعرفني الاجابة في دعائي ، وأذقني طعم العافية إلى منتهى أجلي ولا تشمت بي عدوي ، ولا تسلطه علي ولا تمكنه من عنقي.

يا رب إن رفعتني فمن ذا الذي يضعني وإن وضعتني فمن ذا الذي يرفعني ومن ذا الذي يرحمني إن عذبتني ، ومن ذا الذى يعذبني إن رحمتني ، ومن ذا الذي يكرمني إن أهنتني ، ومن ذا الذي يهينني إن أكرمتني ، وإن أهلكتني فمن ذا الذي يعرض لك في عبدك ، أو يسألك عن أمره ، وقد علمت يا إلهى أنه ليس في حكمك جور ولا ظلم ، ولا في عقوبتك عجلة ، وإنما يعجل من يخاف الفوت وإنما يحتاج إلى الظلم الضعيف ، وقد تعاليت عن ذلك سيدي علوا كبيرا ، اللهم فصل على محمد وآل محمد ، ولا تجعلني للبلاء غرضا ، ولا لنقمتك نصبا ، و مهلني ونفسني ، وأقلني عثرتي ، وارحم تضرعي ، ولا تتبعنى ببلاء على أثر بلاء فقد ترى ضعفى وقلة حيلتي وتضرعي إليك ، أعوذ بك اليوم من غضبك فصل على محمد وآله وأعذني ، وأستجير بك من سخطك فصل على محمد وآل محمد وأجرني ، و أسترحمك فصل على محمد وآله وارحمني ، وأستهديك فصل على محمد وآل محمد و اهدني ، وأستنصرك فصل على محمد وآل محمد وانصرني ، وأستكفيك فصل على محمد وآل محمد واكفني ، وأسترزقك فصل على محمد وآل محمد وأغنني ، وأستعصمك فيما

٢٠٨

بقي من عمري ، فصل على محمد وآل محمد وأعصمني ، وأستغفرك لما سلف من ذنوبي فصل على محمد وآل محمد واغفر لي ، فاني لن أعود لشئ كرهته إن شئت ذلك يا رب ، يا حنان يا منان ، يا ذا الجلال والاكرام صل على محمد وآل محمد واستجب لى جميع ما سألتك وطلبته منك ورغبت فيه إليك ، وقدره أرده واقضه وأمضه وخرلي فيما تقضي منه ، وتفضل علي به ، وأسعدني بما تعطيني منه وزدني من فضلك وسعة ما عندك فانك واسع كريم ، وصل ذلك كله بخير الاخرة ونعيمها يا أرحم الراحمين إله الحق رب العالمين.

اللهم صل على محمد وآل محمد ، وافتح لهم فتحا يسيرا ، واجعل لهم من لدنك سلطانا نصيرا ، الهلم أظهر بهم دينك وسنة نبيك عليه وآله السلام ، حتى لا يستخفي بشئ من الحق مخافة أحد من الخلق ، اللهم إنا نرغب إليك في دولة كريمه تعز بها الاسلام وأهله وتذل بها النفاق وأهله ، وتجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك ، والقادة إلى سبيلك ، وترزقنا بها كرامة الدنيا والاخرة ، اللهم ما أنكرنا من الحق فعرفناه ، وما قصرنا عنه فبلغناه ، اللهم واستجب لنا ، واجعلنا ممن يتذكر فتنفعه الذكرى ، اللهم وقد غدوت إلى عيد من أعياد امة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ولم أثق بغيرك ولم آتك بعمل صالح أثق به ، ولا توجهت بمخلوق رجوته ، اللهم بارك لنا في عيدنا هذا كما هديتنا له ورزقتنا ، وأعنا عليه ، اللهم تقبل منا ما أديت عنا فيه من حق ، وما قضيت عنا فيه من فريضة ، وما اتبعنا فيه من سنة ، وما تنفلنا فيه من نافلة ، وما أذنت لنا فيه من تطوع ، وما تقربنا إليك من نسك ، وما استعملنا فيه من الطاعة ، وما رزقتنا فيه من العافية والعبادة ، اللهم تقبل منا ذلك كله زاكيا وافيا يا أرحم الراحمين ، اللهم لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا ولا تذلنا بعد إذ أعززتنا ولا تضلنا بعد إذ وقفتنا ولا تهنا بعد إذ أكرمتنا ، ولاتفقرنا بعد إذ أغنيتنا ولا تمنعنا بعد إذ أعطيتنا ، ولا تحرمنا بعد إذ رزقتنا ، ولا نغير شيئا من نعمك علينا ولا إحسانك إلينا لشئ كان منا ، ولا لما هو كائن ، فان في كرمك وعفوك و فضلك سعة لمغفرتك ذنوبنا برحمتك فأعتق رقابنا من النار بلا إله إلا أنت يا لا إله

٢٠٩

إلا أنت أسألك بوجهك الكريم إن كنت رضيت عني في هذا الشهر أن تزداد عني رضا لا سخط بعده أبدا علي ، وإن كنت لم ترض عني ـ وأعوذ بك من ذلك ـ فمن الان فارض عني رضا لا سخط بعده أبدا علي ، وارحمني رحمة لا تعذبني بعدها أبدا وأسعدني سعادة لا أشقى بعدها أبدا ، وأغنني غنى لا فقر بعده أبدا ، واجعل أفضل جائزتك لي اليوم فكاك رقبتي من النار ، وأعطني من الجنة ما أنت أهله و إن كنت بلغتنا به ليلة القدر وإلا فأخر آجالنا إلى قابل حتى تبلغناه في يسرمنك وعافية يا أرحم الراحمين ، ولا تجعله آخر العهد منا بشهر رمضان ، وأعط جميع المؤمنين والمؤمنات ما سألتك لنفسي برحمتك يا أرحم الراحمين ما شاء الله لا قوة إلا بالله حسبنا الله ونعم الوكيل ، وصلى الله على خير خلقه محمد وآله وسلم تسليما.

اللهم إنك ترى ولا ترى ، وأنت بالمنظر الاعلى ، فالق الحب والنوى ، تعلم السر وأخفى ، فلك الحمد يا رب العالمين ، ولك الحمد في أعلا عليين ، ولك الحمد في النور ، ولك الحمد في الظل والحرور ، ولك الحمد في الغدو والاصال ، ولك الحمد في الازمان والاحوال ، ولك الحمد في قفر أرضك ، ولك الحمد على كل حال ، إلهى صلينا خمسنا ، وحصنا فروجنا ، وصمنا شهرنا ، وأطعناك ربنا ، وأدينا زكاة رؤوسنا طيبة بها نفوسنا ، وخرجنا إليك لاخذ جوائزنا ، فصل اللهم على محمد وآل محمد ، ولا تخيبنا ، وامنن علينا بالتوبة والمغفرة ، ولا تردنا على عقبنا ولا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا ، ولا تجعله آخر العهد منا ، وارزقنا صيامه وقيامه أبدا ما أبقيتنا ، و امنن علينا بالجنة ، ونجنا من النار ، وزوجنا من الحور العين ، آمين رب العالمين إنك على كل شئ قدير ، وصلى الله على خيرته من خلقه محمد النبي وآله الطيبين الطاهرين وسلم تسليما (١).

__________________

(١) كتاب الاقبال : ٥١٠ ـ ٥١٥ في ط ، وص ٢٩١ ـ ٢٩٥ في ط آخر.

٢١٠

٣

* « ( باب ) » *

* « ( أعمال باقى أيام هذا الشهر ولياليه ) » *

أقول : قد مر في طي الابواب السابقة جملة مما يناسب أيام هذا الشهر ولياليه.

« أبواب »

* « ( ما يتعلق بشهر ذى القعدة من الاعمال ) » *

* « ( والادعية وغير ذلك ) » *

١

* « ( باب ) » *

* « ( عمل اول ليلة منه وأول يوم منه ) » *

أقول : ومن جملة أعماله ما سبق في باب أول هذا الجزء من أعمال أول كل شهر.

٢

* ( باب ) *

* « ( أعمال باقى أيام هذا الشهر ولياليه ) » *

أقول : قد مر في كتاب الصيام ما يناسب هذا الباب.

٣

* ( باب ) *

* « ( أعمال خصوص يوم دحو الارض من أيامه ) » *

اقول : قد مضى فيما سبق ما يناسب هذا اليوم.

٢١١

أبواب

« ( ما يتعلق بشهر ذى الحجة من الاعمال ) »

* « ( والادعية وما يناسب ذلك ) » *

١

* ( باب ) *

* « ( عمل اول ليلة منه واول يومه واعمال باقى عشر ذى الحجة ) » *

أقول : قد مضى بعض ما يناسبه في كتاب الصيام ، وفي كتاب الدعاء ، وسيجي ء شطر منه في كتاب الحج (١).

٢

* ( باب ) *

* « اعمال خصوص يوم عرفة وليلتها وأدعيتهما ) » *

* « ( زايدا على ما مر في طى الباب السابق ) » *

أقول : قد أوردنا كثيرا من أخبار هذا الباب في مواضع : منها في كتاب الحج وكتاب المزار ، وفي كتاب الطهارة والصلاة ، والدعاء والصيام وغيرها أيضا فليراجع إليها.

١ ـ لد : يوم عرفة يستحب صومه لمن لا يضعف عن الدعاء ، والاغتسال قبل الزوال ، فاذا زالت الشمس فابرز تحت السماء وصل الظهرين [ تحسن ركوعهن

__________________

(١) من أراد أعمال هذه الشهور والايام فليراجع كتاب الاقبال والبلد الامين وسائر كتب الادعية.

٢١٢

وسجودهن فاذا فرغت فكبر الله مائة مرة ، واحمده مائة مرة ، وسبحه مائة مرة واقرء التوحيد مائة مرة ، واحمد الله تعالى وهلله ومجده ، وأثن عليه ما قدرت وتخير لنفسك من الدعاء ما أحببت ، واجتهد فانه يوم دعاء ومسألة ، ثم قل : اللهم من تهيأ وتعبأ ـ إلى آخره وقد مر ذكره (١) في أدعية ليلة الجمعة ـ ثم ادع بدعاء علي بن الحسين عليهما‌السلام يوم عرفة (٢) وقد ذكرناه في محله من الصحيفة في هذا الكتاب ـ ثم ادع بهذا الدعاء وهو من أدعية علي بن الحسين عليهما‌السلام أيضا ذكره الطوسي في مصباحيه « اللهم أنت الله رب العالمين » وساق الدعاء نحو ما سيجئ عن الاقبال للسيد ابن طاووس (٣) ].

٢ ـ لد : ثم ادع بدعاء الحسين عليه‌السلام وهو : « الحمد لله الذي ليس لقضائه دافع » وساق الدعاء على نحو ما سننقله عن الاقبال لابن طاووس أيضا إلى قوله عليه‌السلام « الطيبين الطاهرين المخلصين وسلم » وبعده « ثم اندفع عليه‌السلام في المسألة واجتهد في الدعاء وقال وعيناه تكفان دموعا : « اللهم اجعلني أخشاك » وساق تتمة الدعاء إلى قوله عليه‌السلام : « شر فسقة الجن والانس » على نحو ما سيأتي في الاقبال.

وفيه أيضا بعده قال بشر وبشير : ثم رفع عليه‌السلام صوته وبصره إلى السماء وعيناه ما طرتان كأنهما مزادتان ، وقال : « يا أسمع السامعين » وساقه إلى قوله عليه‌السلام : « على كل شئ قدير يا رب يا رب » وفيه أيضا بعده « قال بشر وبشير : فلم يكن له جهد إلا قوله : يا رب يا رب بعد هذا الدعاء وشغل من حضر ممن كان حوله ، وشهد ذلك المحضر عن الدعاء لانفسهم وأقبلوا على الاستماع له عليه‌السلام و التأمين على دعائه ، قد اقتصروا على ذلك لانفسهم ، ثم علت أصواتهم بالبكاء معه ، و غربت الشمس وأفاض عليه‌السلام وأفاض الناس معه.

وينبغي أن يقول هذا التسبيح بعد ذلك وثوابه لا يحصى كثرة تركناه اختصارا وهو :

__________________

(١) أدعية ليلة الجمعة مستوعبة في كتاب الصلاة.

(٢) راجع البلد الامين ص ٤٨٣ ـ ٤٩٠.

(٣) البلد الامين : ٢٤٥ ـ ٢٥١.

٢١٣

سبحان الله قبل كل أحد وسبحان الله بعد كل أحد وسبحان الله مع كل أحد ، وسبحان الله يبقي ربا ويفنى كل أحد ، وسبحان الله تسبيحا يفضل تسبيح المسبحين فضلا كثيرا قبل كل أحد ، وسبحان الله تسبيحا [ يفضل تسبيح المسبحين فضلا كثيرا بعد كل أحد. وسبحان الله تسبيحا يفضل تسبيح المسبحين فضلا كثيرا مع كل أحد ، وسبحان الله تسبيحا يفضل تسبيح المسبحين فضلا كثيرا لربنا الباقي ويفنى كل أحد ، وسبحان الله تسبيحا ] لا يحصى ولا يدرى ولا ينسى ولا يبلى ولا يفنى ، و ليس له منتهى ، وسبحان الله تسبيحا يدوم بدوامه ويبقى ببقائه ، في سني العالمين ، و شهور الدهور ، وأيام الدنيا ، وساعات الليل والنهار ، وسبحان الله أبد الابد ، و مع الابد ، مما لا يحصيه العدد ، ولا يفنيه الامد ، ولا يقطعه الابد ، وتبارك الله أحسن الخالقين.

ثم قل : والحمد لله قبل كل أحد ـ اه ـ كما مر في التسبيح غير أنك تبدل لفظ التسبيح بالتحميد وكذلك تقول « ولا إله إلا الله والله أكبر » (١).

وقال الكفعمي في حاشية البلد الامين المذكور على أول هذا الدعاء : وذكر السيد الحسيب النسيب رضي الدين علي بن طاووس قدس الله روحه في كتاب مصباح الزائر قال : روى بشر وبشير الاسديان أن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما‌السلام خرج عشية عرفة يومئذ من فسطاطه متذللا خاشعا فجعل عليه‌السلام يمشي هونا هونا حتى وقف هو وجماعة من أهل بيته وولده ومواليه في ميسرة الجبل ، مستقبل البيت ثم رفع يديه تلقاء وجهه كاستطعام المسكين ثم قال : « الحمد لله الذي ليس لقضائه دافع » اه قلت : معنى هونا أي مشيا رويدا رفيقا يعني بالسكينة والوقار ، قاله العزيزي. انتهى ما في حاشية البلد الامين (٢).

صبا : في بحث زيارة يوم عرفة روى بشر وبشير الاسديان وساق على نحو ما نقلناه عن حاشية البلد الامين ثم أورد هذا الدعاء على نحو ما في البلد الامين.

٣ ـ قل : فمن ذلك ما رويناه باسنادنا إلى جدى أبي جعفر الطوسي رضي

__________________

(١) البلد الامين ٢٥١ ـ ٣٥٩.

(٢) البلد الامين : ٢٥١.

٢١٤

الله عنه ، فبما ذكره في كتاب تهذيب الاحكام باسنادنا إلى مولانا الصادق صلوات الله عليه ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام : ألا اعلمك دعاء يوم عرفة ، وهو دعاء من كان قبلي من الانبياء؟ قال تقول :

لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد ، يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شئ قدير ، اللهم لك الحمد كالذي تقول وخيرا مما تقول ، وفوق ما يقول القائلون ، اللهم لك صلاتي ونسكى ومحياي و مماتى ، ولك براءتي ولك حولي ومنك قوتي ، اللهم إني أعوذ بك من الفقر ومن وسواس الصدر ، ومن شتات الامر ، ومن عذاب القبر ، اللهم إني أسئلك خير الرياح ، وأعوذ بك من شر ما تجئ به الرياح ، وأسئلك خير الليل والنهار اللهم اجعل في قلبي نورا ، وفي سمعي وبصري نورا وفي لحمي وعظامي نورا ، و في عروقي ومقعدي ومقامي ومدخلي ومخرجي نورا ، وأعظم لي نورا ، يا رب يوم ألقاك إنك على كل شئ قدير.

أقول : وقد كنا ذكرنا في كتاب عمل اليوم والليلة في صفات المخلصين في الدعوات عدة روايات وسوف نذكر في هذا الموضع ما يليق منها.

أقول : فمن ذلك ما رويناه باسنادنا إلى محمد بن الحسن بن الوليد باسناده إلى القاسم بن حسين النيسابوري قال : رأيت أبا جعفر عليه‌السلام عند ما وقف بالموقف مد يديه جميعا ، فما زالتا ممدودتين إلى أن أفاض فما رأيت أحدا أقدر على ذلك منه.

ومن ذلك ما رويته باسنادي إلى محمد بن الحسن الصفار باسناده إلى علي ابن داود ، قال : رأيت أبا عبدالله عليه‌السلام في الموقف آخذا بلحيته ومجامع ثوبه وهو يقول بأصبعه اليمنى منكس الرأس هذه رمتي بما جنيت.

ومن ذلك ما رويته باسنادي عن محمد بن الحسن بن الوليد أيضا باسناده إلى حماد بن عبدالله قال : كنت قريبا من أبي الحسن موسى عليه‌السلام بالموقف فلما همت الشمس [ للغروب ] أخذ بيده اليسرى بمجامع ثوبه ثم قال :

« اللهم إني عبدك وابن عبدك ، إن تعذبني فبامور قد سلفت مني ، وأنا بين

٢١٥

يديك برمتي وإن تعف عني فأهل العفو أنت يا أهل العفو ، يا أحق من عفى اغفر لي ولاصحابي » وحرك دابته فمر.

ومن ذلك مما لم نذكره في عمل اليوم والليلة عن مولانا علي بن موسى الرضا صلوت الله عليه في يوم عرفة « اللهم كما سترت على ما لم أعلم ، فاغفر لي ما تعلم ، وكما وسعني علمك فليسعنى عفوك ، وكما بدأتني بالاحسان فأتم نعمتك بالغفران ، وكما أكرمتني بمعرفتك فاشفعها بمغفرتك ، وكما عرفتني وحدانيتك فأكرمني طماعيتك ، وكما عصمتني مما لم أكن أعتصم منه إلا بعصمتك ، فاغفر لي ما لو شئت عصمني منه يا جواد يا كريم يا ذا الجلال والاكرام.

أقول : فانظر رحمك الله إلى القوم الذين تقتدي بآثارهم ، وتهتدي بأنوارهم فكن عند دعوتك وفي محل مناجاتك على صفاتهم في ضراعاتهم.

ومن الدعوات المشرفة في يوم عرفة دعاء مولانا الحسين بن علي صلوات الله عليه.

الحمد لله الذي ليس لقضائه دافع ، ولا لعطائه مانع ، ولا كصنعه صنع صانع ، وهو الجواد الواسع ، فطر أجناس البدائع ، وأتقن بحكمته الصنائع ، لا يخفى عليه الطلائع ، ولا تضيع عنده الودائع ، أتى بالكتاب الجامع ، وبشرع الاسلام النور الساطع ، وهو للخليفة صانع ، وهو المستعان على الفجائع ، جازي كل صانع ورائش كل قانع ، وراحم كل ضارع ، ومنزل المنافع ، والكتاب الجامع ، بالنور الساطع ، وهو للدعوات سامع ، وللدرجات رافع ، وللكربات دافع ، وللجبابرة قامع ، وراحم عبرة كل ضارع ، ودافع ضرعة كل ضارع ، فلا إله غيره ، ولا شئ يعدله ، وليس كمثله شئ ، وهو السميع البصير ، اللطيف الخبير ، وهو على كل شئ قدير.

اللهم إني أرغب إليك ، وأشهد بالربوبية لك مقرا بأنك ربي ، وأن إليك مردي ، ابتدأتني بنعمتك قبل أن أكون شيئا مذكورا ، وخلقتني من التراب ثم أسكنتني الاصلاب أمنا لريب المنون واختلاف الدهور ، فلم أزل ظاعنا من

٢١٦

صلب إلى رحم في تقادم الايام الماضية ، والقرون الخالية ، لم تخرجني لرأفتك بي ، ولطفك لي ، وإحسانك إلى في دولة أيام الكفرة ، الذين نقضوا عهدك وكذبوا رسلك ، لكنك أخرجتني رأفة منك وتحننا على للذي سبق لي من الهدى الذي يسرتني ، وفيه أنشأتني ومن قبل ذلك رؤفت بي بجميل صنعك وسوبغ نعمتك ، فابتدعت خلقي من مني يمنى ، ثم أسكنتني في ظلمات ثلاث بين لحم وجلد ودم لم تشهرني بخلقي ولم تجعل إلى شيئا من أمري ، ثم أخرجتني إلى الدنيا تاما سويا ، وحفظتني في المهد طفلا صبيا ، ورزقتني من الغذاء لبنا مريا عطفت علي قلوب الحواضن ، وكفلتني الامهات الرحائم ، وكلاتني من طوارق الجان وسلمتني من الزيادة والنقصان ، فتعاليت يا رحيم يا رحمن ، حتى إذا استهللت ناطقا بالكلام ، أتممت علي سوابغ الانعام ، فربيتني زائدا في كل عام ، حتى إذا كملت فطرتي ، واعتدلت سريرتي ، أوجبت على حجتك بأن ألهمتني معرفتك وروعتني بعجائب فطرتك ، وأنطقتني لما ذرأت في سمائك وأرضك من بدائع خلقك ونبهتنى لذكرك وشكرك وواجب طاعتك وعبادتك ، وفهمتني ما جائت به رسلك ويسرت لي تقبل مرضاتك ، ومننت علي في جميع ذلك بعونك ولطفك ، ثم إذ خلقتني من حر الثرى لم ترض لي يا إلهى نعمة دون اخرى ، ورزقتني من أنواع المعاش وصنوف الرياش بمنك العظيم علي ، وإحسانك القديم إلى حتى إذا أتممت على جميع النعم ، وصرفت عنى كل النقم ، لم يمنعك جهلي وجرأتي عليك أن دللتني على ما يقر بني إليك ، ووفقتني لما يزلفني لديك ، فان دعوتك أجبتني ، وإن سألتك أعطيتني ، وإن وإن أطعتك شكرتني ، وإن شكرتك زدتني ، كل ذلك إكمالا لانعمك على وإحسانا إلى ، فسبحانك سبحانك من مبدئ معيد حميد مجيد وتقدست أسماؤك ، وعظمت آلاؤك ، فأي أنعمك يا إلهى احصى عددا ، أو ذكرا أم أي عطائك أقوم بها شكرا ، وهي يا رب أكثر من أن يحصيها العادون ، أو يبلغ علما بها الحافظون ، ثم ما صرفت ودرأت عني اللهم من الضر والضراء أكثر مما ظهر لي من العافية والسراء وأنا اشهدك يا إلهى بحقيقة إيماني وعقد عزمات

٢١٧

يقيني وخالص صريح توحيدي ، وباطن مكنون ضميري ، وعلائق مجاري نور بصري ، وأسارير صفحة جبيني ، وخرق مسارب نفسي ، وخذاريف مارن عرنيني ومسارب صماخ سمعي ، وما ضمت وأطبقت عليه شفتاي ، وحركات لفظ لساني ومغرز حنك فمى وفكي ، ومنابت أضراسي ، وبلوغ حبائل بارع عنقي ، ومساغ مطعمي ومشربي ، وحمالة أم رأسي ، وجمل حمائل حبل وتيني ، وما اشتمل عليه تامور صدري ، ونياط حجاب قلبي ، وأفلاذ حواشي كبدي ، وما حوته شراسيف أضلاعي ، وحقاق مفاصلي ، وأطراف أناملي ، وقبض عواملي ، ودمي وشعري وبشري وعصبي وقصبي وعظامي ومخى وعروقي وجميع جوارحى ، وما انتسج على ذك أيام رضاعي ، وما أقلت الارض مني ونومي ويقظتي وسكوني وحركتي وحركات ركوعي وسجودي أن لو حاولت واجتهدت مدى الاعصار والاحقاب ـ لو عمرتها ـ أن أؤدي شكر واحدة من أنعمك ما استطعت ذلك إلا بمنك الموجب علي شكرا آنفا جديدا ، وثناء طارفا عتيدا.

أجل ولو حرصت والعادون من أنامك أن نحصى مدى إنعامك سالفة وآنفة لما حصرناه عددا ، ولا أحصيناه أبدا ، هيهات أنى ذلك وأنت المخبر عن نفسك في كتابك الناطق ، والنبأ الصادق « وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها » صدق كتابك اللهم ونباؤك ، وبلغت أنبياؤك ورسلك ما أنزلت عليهم من وحيك ، وشرعت لهم من دينك ، غير أني أشهد بجدي وجهدي ، ومبالغ طاقتي ووسعي ، وأقول مؤمنا موقنا :

الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا فيكون موروثا ، ولم يكن له شريك في الملك فيضاده فيما ابتدع ، ولا ولي من الذل فيرفده فيما صنع ، سبحانه سبحانه سبحانه لو كان فيهما آلهه إلا الله لفسدتا وتفطرتا. فسبحان الله الواحد الحق الاحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ، الحمد لله حمدا يعدل حمد ملائكته المقربين ، وأنبيائه المرسلين ، وصلى الله على خيرته من خلقه محمد خاتم النبيين و آله الطاهرين المخلصين ، اللهم اجعلني أخشاك كأني أراك ، وأسعدني بتقواك ،

٢١٨

ولا تشقني بمعصيتك ، وخرلي في قضائك ، وبارك لي في قدرك حتى لا احب تعجيل ما أخرت ، ولا تأخير ما عجلت.

اللهم اجعل غناي في نفسي ، واليقين في قلبي ، والاخلاص في عملي ، والنور في بصري ، والبصيرة في ديني ، ومتعني بجوارحي ، واجعل سمعي وبصري الوارثين مني وانصرني على من ظلمني ، وارزقني مآربي وثاري وأقر بذلك عينى ، اللهم اكشف كربتي واستر عورتي ، واغفرلي خطيئتي ، واخسأ شيطاني ، وفك رهاني واجعل لي يا إلهي الدرجة العليا في الاخرة والاولى.

اللهم لك الحمد كما خلقتني فجعلتني سميعا بصيرا ، ولك الحمد كما خلقتني فجعلتني حيا سويا ، رحمة بي وكنت عن خلقي غنيا.

رب بما رأتني فعدلت فطرتي ، رب بما أنشأتني فأحسنت صورتي ، يا رب بما أحسنت بي وفي نفسي عافيتني ، رب بما كلاتني ووفقتني ، رب بما أنعمت على فهديتنى ، رب بما آويتني ومن كل خير آتيتني وأعطيتني ، رب بما أطعمتني و سقيتني ، رب بما أغنيتني وأقنيتني ، رب بما أعنتني وأعرزتني ، رب بما ألبستني من ذكرك الصافي ، ويسرت لي من صنعك الكافي ، صل على محمد وآل محمد ، وأعني على بوائق الدهر ، وصروف الايام والليالي ، ونجني من أهوال الدنيا وكربات الاخرة واكفني شر مايعمل الظالمون في الارض ، اللهم ما أخاف فاكفني ، وما أحذر فقني ، وفي نفسي وديني فاحرسني ، وفي سفري فاحفظني ، وفي أهلي ومالي وولدي فاخلفني ، وفيما رزقتني فبارك لي ، وفي نفسي فذللني ، وفي أعين الناس فعظمني ، و من شر الجن والانس فسلمني ، وبذنوبي فلا تفضحني ، وبسريرتي فلا تخزني ، و بعملي فلا تبتلني ، ونعمك فلا تسلبني وإلى غيرك فلا تكلني.

إلى من تكلني إلى القريب يقطعني ، أم إلى البعيد يتجهمني ، أم إلى المستضعفين لي ، وأنت ربي ومليك أمرى ، أشكو إليك غربتي وبعد داري وهواني على من ملكته أمري ، اللهم فلا تحلل بي غضبك ، فان لم تكن غضبت على » فلا أبالي سواك غير أن عافيتك أوسع لي ، فأسئلك بنور وجهك الذي أشرقت له الارض والسموات

٢١٩

وانكشفت به الظلمات ، وصلح عليه أمر الاولين والاخرين ، أن لا تميتني على غضبك ولا تنزل بي سخطك ، لك العتبى حتى ترضى قبل ذلك لا إله إلا أنت ، رب البلد الحرام ، والمشعر الحرام ، والبيت العتيق ، الذي أحللته البركة ، وجعلته للناس أمنة ، يا من عفى عن العظيم من الذنوب بحلمه ، يا من أسبغ النعمة بفضله ، يا من أعطى الجزيل بكرمه ، يا عدتي في كربتي ، يا مونسي في حفرتي ، يا ولي نعمتي ، يا إلهي وإله آبائي إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ورب جبرئيل وميكائيل وإسرافيل ، ورب محمد خاتم النبيين وآله المنتجبين ، ومنزل التوراة والانجيل والزبور والقرآن العظيم ومنزل كهيعص وطه ويس والقرآن الحكيم ، أنت كهفي حين تعييني المذاهب في سعتها ، وتضيق على الارض برحبها ، ولو لا رحمتك لكنت من المفضوحين ، وأنت مؤيدي بالنصر على الاعداء ، ولو لا نصرك لي لكنت من المغلوبين.

يا من خص نفسه بالسمو والرفعة ، وأولياؤه بعزه يعتزون ، يا من جعلت له الملوك نير المذلة على أعناقهم فهم من سطواته خائفون ، تعلم خائنه الاعين وما تخفى الصدور ، وغيب ما تأتي به الازمان والدهور ، يا من لا يعلم كيف هو إلا هو ، يا من لا يعلم ما يعلمه إلا هو ، يا من كبس الارض على الماء وسد الهواء بالسماء ، يا من له أكرم الاسماء ، يا ذالمعروف الذي لا ينقطع أبدا ، يا مقيض الركب ليوسف في البلد القفر ، ومخرجه من الجب ، وجاعله بعد العبودية ملكا يا راد يوسف على يعقوب بعد أن ابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم ، يا كاشف الضر والبلاء عن أيوب ، يا ممسك يد إبراهيم عن ذبح ابنه بعد كبر سنه وفناء عمره ، يا من استجاب لزكريا فوهب له يحيى ولم يدعه فردا وحيدا ، يا من أخرج يونس من بطن الحوت ، يا من فلق البحر لبني إسرائيل فأنجاهم وجعل فرعون و جنوده من المغرقين ، يا من أرسل الرياح مبشرات بين يدي رحمته ، يا من لم يعجل على من عصاه من خلقه ، يا من استنقذ السحرة من بعد طول الجحود ، وقد غدوا في نعمته يأكلون رزقه ، ويعبدون غيره ، وقد حادوه ونادوه ، وكذبوا رسله ، يا الله

٢٢٠