الفوائد الطوسيّة

محمد بن الحسن الحرّ العاملي [ العلامة الشيخ حرّ العاملي ]

الفوائد الطوسيّة

المؤلف:

محمد بن الحسن الحرّ العاملي [ العلامة الشيخ حرّ العاملي ]


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مكتبة المحلاتي
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٥٦٢

حبها ، والحصر أنما هو للشرب الحقيقي فإن إدخال الدخان الى الفم وإخراجه منه ليس بشرب حقيقي قطعا ولو سلم فهو مخصوص بغير الخبائث فالأفراد المشتبهة منها داخلة في الشبهات ويعارض الحصر المذكور بحصر المباح من الأطعمة والأشربة في الطيبات وليس عندنا نص صريح في حصر نوع من الأنواع غير هذين النوعين كما يعلم بالتتبع والله أعلم.

٥٢١

فائدة (٩٩)

ادعى بعض المعاصرين ان التياسر في ان مثل خراسان عن سمت القبلة غير جائز واستدل بأنه إذا تياسر المصلى ولو قليلا انحرف عن الكعبة بنحو ثلاثمائة فرسخ.

وأقول : هذا بعيد من التحقيق والحق ان مسمى التياسر لا يستلزم انحرافا كثيرا على ان المصلى غير مأمور بالعلم واليقين مع البعد بعين الكعبة بل الواجب العمل بالظن بالجهة كما تقرر والجهة تتسع مع البعد كلما زاد كما صرحوا به فبعد تحصيل سمت القبلة في خراسان ان تياسر الإنسان يسيرا كان أولى من تيامنه قليلا كما وقع التصريح به في النص معللا بزيادة الحرم عن يسار الكعبة مما عن يمينها وقد قال جماعة من علمائنا بوجوب التياسر ، واحتمال التيامن يعارض ما يتخيل في احتمال التياسر ولا شك ان سمت القبلة في خراسان له عرض وهو خط يشتمل على اجزاء كثيرة فاستقبال الأجزاء التي إلى يسار المصلى بعد تجاوز نصف الخط أولى خصوصا أقرب الاجزاء الى النصف بل لو تياسر عن مجموع السمت يسيرا لم يخرج عن القبلة

وبيانه ان المصلى إذا تياسر بقدر عشر عرض إصبع مثلا فقد حصل في مسافة ثلاثة اذرع شرعية تقريبا وهي ما بين قدميه ومحل سجوده بسبب التياسر عشر عرض إصبع من الانحراف ففي ثلثين ذراعا يحصل انحراف بقدر عرض إصبع والذراع الشرعي أربع وعشرون إصبعا ففي سبعمائة وعشرين ذراعا يحصل من الانحراف

٥٢٢

قدر ذراع لان الانحراف يحصل متساوي النسبة والفرسخ اثنا عشر ألف ذراع وهو ستة عشر ميلا وكسر (١) بالنسبة إلى سبعمائة وعشرين.

فيحصل في الفرسخ انحراف قدر ستة عشر ذراعا وكسر تقريبا (٢) نضربها في اثنين وعشرين تبلغ ثلاثمائة واثنين وخمسين ذراعا وذلك لان اثنين وعشرين فرسخا وكسر درجة من ثلاثمائة وستين درجة من درجات العرض أو الطول.

وقد ذكروا ان عرض مكة أحد وعشرون درجة وعرض طوس سبع وثلاثون فتزيد عن عرض مكة ستة عشر درجة تضرب ستة عشر درجة في ثلاثمائة واثنين وخمسين ذراعا وهو الانحراف الحاصل في كل درجة تبلغ خمسة آلاف وأربعمائة واثنين وأربعين ذراعا وهو أقل من ميل ونصف ، وقد تقرر ان الحرم اثنا عشر ميلا أربعة عن يمين الكعبة وثمانية عن يسارها.

وذكر بعض المحققين ان بعد طوس عن مكة أربعمائة وخمسون فرسخا والظاهر أنه أقل من ذلك وعلى تقدير ما قاله تضرب ستة عشر ذراعا في أربعمائة وخمسين فرسخا تبلغ ستة آلاف وتسعمأة ذراع.

وانما قلنا ان الدرجة اثنان وعشرون فرسخا وكسر لان محيط كرة الأرض ثمانية آلاف فرسخ وهي مقابلة لدوائر العرض والطول وكل دائرة تنقسم الى ثلاثمائة وستين درجة فإذا قسمنا ثمانية آلاف على ثلاثمائة وستين درجة قابل كل درجة اثنان وعشرون فرسخا وكسرا وهو تسعان من فرسخ الذي ذكرناه تقريبي كما أشرنا اليه ويزيد الحساب يسيرا باعتبار تفاوت الطول كما يفهم من حساب بعض المحققين الذي من نقله.

ومع ذلك لا يزيد عدد الأنواع عن ميل ونصف الا يسيرا فاذا تياسر الإنسان مقدار خمس إصبع انحرف هناك قدر ثلاثة أميال تقريبا وان تياسر قدر نصف عرض

__________________

(١) وهو خمسة عشر ميلا وكسر ـ خ ل

(٢) قدر خمسة أذرع ونصف تقريبا ـ خ ل

٥٢٣

إصبع انحرف هناك قدر ستة أميال تقريبا وتحقيق ضبطه ليس من المهمات والغرض نفى المفسدة التي توهمها ذلك الفاضل على انه إذا دل الدليل على استحباب التياسر أو وجوبه تعين العمل به من غير بحث وعلى ما قلناه من ترجيح النصف الأيسر من سمت القبلة على الأيمن لا إشكال أصلا لجواز استقبال تلك الاجزاء ابتداء والله الهادي.

٥٢٤

فائدة (١٠٠)

ادعى بعض الطلبة الآن انه لا يحصل من الاخبار الا الظن لا يحصل من شي‌ء منها العلم لا من جهة السند ولا من جهة الدلالة ولا يخفى على أحد ان هذا إفراط عظيم بليغ ما سبقه أحد اليه والحق ان خبر الواحد المحفوف بالقرائن يفيد العلم من جهة السند والخبر المتواتر كذلك والخبر الذي لم يتواتر ولم يكن محفوفا بالقرائن يفيد الظن لا العلم وان اخبار الكتب المعتمدة بعضها متواتر والباقي محفوف بالقرائن وان الخبر من أى قسم من الأقسام الثلاثة كان تنقسم دلالته الى قسمين قطعية وظنية فمن ادعى خلاف ذلك فقد غلط غلطا فاحشا وقد استدل هذا القائل بشبهات غير دالة على مطلبه.

وأنا أجيب عنها إجمالا ثم تفصيلا فالجواب الإجمالي من وجوه.

أحدها : ان ما ادعاه من العموم مخالف للوجدان والضرورة والبديهة ، أما سندا فلانا في كل يوم نسمع اخبارا ممن لا يتهم ولا يشتبه عليه مثل ذلك الخبر ويكون من أهل الصلاح والعلم والثقة وقد أخبر عن محسوس مع كمال اطلاعه عليه واعتنائه به فلا يبقى عندنا شك ولا ريب خصوصا إذا انضم الى ذلك كتابة ذلك الخبر بخطه وإرساله من بلاد الى بلاد وتحرزه من فضيحة نفسه بظهور كذبه وتجنبه للإثم الى غير ذلك فكثيرا ما يحصل من هذا الخبر اليقين بحيث لا يبقى شك وتخلف ذلك في بعض القبور لا يستلزم عدم حصول اليقين في شي‌ء منها لأن القرائن هناك

٥٢٥

لم تصل الى حد اليقين هذا في المحفوف بالقرائن.

وأما التواتر فهو أوضح من ذلك فانا في كل يوم إذا سمعنا خبرا من جماعة عشرة أو عشرين أو أكثر أو أقل وكان المخبر عنه أمرا محسوسا ولم يكونوا متهمين لا يبقى عندنا شك أيضا ومن نازع في ذلك وادعى انه لا يعلم شيئا مما في الدنيا أصلا وانما يظن ظنا فقد كابر.

وأما من جهة الدلالة فكذلك فان من حصل بيننا وبينه محاورة يحصل العلم واليقين ببعض مراده ومعاني كلامه والظن ببعضها وذلك أمر وجداني لا يقبل التشكيك وكذلك المكاتبات بل أبلغ من ذلك كما قيل في الأمثال كتابك أبلغ ما يظن (١) عنك.

وثانيها : ان ما ادعاه من عموم نفى العلم مخالف للضرورة من جهة أخرى وهي الاعتقادات التي جزم بها الناس من الأمور النقلية الثابتة بالأخبار كوجود عيسى وموسى وداود وسليمان ونوح والطوفان وذي القرنين ودعوى نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله للنبوة وظهور المعجزات على يده وكذا أئمتنا (ع) ووجود مكة واليمن والهند وسائر المدن المشهور ووجوب الصلاة والصوم والحج والزكاة وسائر الواجبات وتحريم الزنا واللواط والربا والقتل والسرقة والخمر وسائر المحرمات وغير ذلك من أمور الدنيا والدين ، ونسبة الكتب المشهورة إلى مصنفيها من كتب الصرف والنحو والمنطق والحكمة والكلام والأصول والفقه والحديث والتفسير والرجال والتواريخ وغير ذلك وأكثر اعتقادات أرباب المذاهب كالشيعة والسنة والزيدية والأشاعرة والمعتزلة وغيرهم

ودعوى انه لا يحصل في جميع تلك المواضع الا الظن مكابرة بل جنون محض ومعلوم ان ذلك العلم واليقين حصل في بعض تلك المواضع من التواتر وفي بعضها من خبر الواحد المحفوف بالقرائن وان دلالتها وسندها أفاد العلم واليقين

__________________

(١) ما ينطق عنك ـ خ ل

٥٢٦

فكيف يحكم بعموم نفى العلم

وثالثها انه يستلزم أن يكون العمل في النبوة والإمامة والمعاد وأمثالها من أصول الاعتقادات على الظن سندا ودلالة دون العلم وبطلانه واضح وكثير من أخبار الفروع لا يقصر عن أخبار النص على امام من الأئمة (ع) كالعسكرى مثلا سندا ودلالة ورابعها : ان ذلك يستلزم عدم وجود العلم أصلا لأن كل ما يدعى انه علم يرد عليه أقوى من تلك الشبهات.

وخامسها : انه يلزم منه تكليف ما لا يطاق لتواتر الأمر بطلب العلم واليقين والنهى عن العمل بالظن وعلى تقدير تخصيص الجميع بالأصول مع انه لا دليل عليه فان شبهات هذا القائل عامة شاملة للأصول والفروع.

وسادسها : انه يلزم منه التناقص الفاحش في كلام الشارع حيث تواتر النص على وجوب طلب العلم وتحريم العمل بالظن وعلى قول هذا القائل العلم هو الظن والظن هو العلم فيكون واجبا محرما ومثل هذا التناقض لا ينسب الى المجانين فكيف ينسب الى الشارع الحكيم المطلق فثبت ان بعض الاخبار يفيد العلم سندا ودلالة وبعضها يفيد الظن وهو المطلوب.

وسابعها : ان ذلك مخالف لصريح القران في آيات كثيرة دلت على وجوب العمل بالعلم وعدم جواز العمل بالظن مطلقا كقوله تعالى ( وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلّا أَمانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلّا يَظُنُّونَ ) (١).

وقوله تعالى : ( أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ ) (٢).

وقوله تعالى : ( وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ إِنَّما يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ ) (٣).

وقوله ( ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ حاجَجْتُمْ فِيما لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ ) (٤)

__________________

(١) البقرة : ٧٨

(٢) البقرة : ٨٠

(٣) البقرة ١٦٩

(٤) آل عمران : ٦٦

٥٢٧

وقوله تعالى : ( وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلّا يَخْرُصُونَ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ) (١)

وقوله تعالى : ( فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ ) (٢)

وقوله تعالى : ( ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ) الى قوله ( فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ ) (٣).

أقول : هذه الآية الشريفة صريحة في عدم جواز العمل بالظن في الفروع لان التحريم للضأن ليس من الأصول.

وقوله تعالى : ( سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ شَيْ‌ءٍ كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتّى ذاقُوا بَأْسَنا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلّا تَخْرُصُونَ ) (٤) أقول هذه الآية كما ترى صريحة في الأصول والفروع لان الشرك من الأصول والتحريم من الفروع وقوله تعالى : ( أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ ).

وقوله تعالى : ( وَما يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً ) (٥).

وقوله تعالى : ( إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلّا يَخْرُصُونَ ) (٦)

وقوله تعالى : ( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) (٧).

وقوله تعالى : ( وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ) (٨) وقوله تعالى : ( وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمٌ ) (٩).

__________________

(١) الانعام : ١٧٠

(٢) الانعام : ١٤٤

(٣) الانعام : ١٤٤

(٤) الانعام : ١٤٨

(٥) يونس : ٣٦

(٦) يونس : ٦٦

(٧) الأنبياء : ٧

(٨) الاسراء : ٣٦

(٩) النور : ١٥

٥٢٨

قوله تعالى ( وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ) (١).

وقوله تعالى : ( إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدى ) (٢).

وقوله تعالى : ( وَما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً ) (٣)

وقوله تعالى : ( إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ) (٤) الى غير ذلك من الآيات الكثيرة جدا الدالة على حصول العلم من الكتاب والسنة أو من بعضها وذلك يبطل عموم النفي للعلم والإثبات للظن.

وثامنها : ان ذلك مخالف للأحاديث المتواترة الصحيحة الصريحة التي لا تحصى.

فمنها : قول ابى جعفر عليه‌السلام من أفتى الناس بغير علم ولا هدى من الله لعنته مليكة الرحمة ومليكة العذاب (٥).

وقول الصادق عليه‌السلام : أنهاك عن خصلتين فيهما هلك الرجال أن تدين بالباطل وتفتي الناس بما لا تعلم (٦) وقول ابى جعفر عليه‌السلام ما علمتم فقولوا وما لم تعلموا فقولوا الله اعلم (٧).

وفي حديث القضاة أربعة رجل قضى بجور وهو يعلم فهو في النار ، ورجل قضى بجور وهو لا يعلم فهو في النار الحديث (٨)

وقوله عليه‌السلام : حق الله على العباد ان يقولوا ما يعلمون ويقفوا عند ما لا يعلمون (٩)

__________________

(١) الجاثية : ١٨

(٢) النجم ـ ٢٣

(٣) النجم : ٢٨

(٤) الحجرات : ٦

(٥) الوسائل ج ٣ ص ٣٦٩

(٦) أيضا ج ٣ ص ٣٦٩

(٧) أيضا ج ٣ ص ٣٦٩

(٨) الوسائل ج ٣ ص ٣٦٩

(٩) الوسائل ج ٣ ص ٣٧٠

٥٢٩

وقول على عليه‌السلام : العلم مخزون عند اهله وقد أمرتم بطلبه من اهله فاطلبوه (١) وقول الصادق عليه‌السلام : انه لا يسعكم فيما ينزل بكم مما لا تعلمون الا الكف عنه والتثبت والرد إلى أئمة الهدى الحديث (٢).

وقوله عليه‌السلام طلب العلم فريضة على كل مسلم (٣).

وقول على عليه‌السلام : ايها الناس اتقوا الله ولا تفتوا الناس بما لا تعلمون (٤).

وقوله عليه‌السلام : طلب العلم فريضة من فرائض الله (٥).

وقوله عليه‌السلام : ان طلب العلم أوجب عليكم من طلب المال (٦).

وقوله عليه‌السلام : من أفتى الناس بغير علم لعنته مليكة السماء والأرض (٧).

وقوله عليه‌السلام : من عمى نسي الذكر واتبع الظن وبارز خالقه ومن نجا من ذلك فمن فضل اليقين (٨).

وقول الصادق عليه‌السلام : من شك أو ظن فأقام على أحدهما فقد حبط عمله ان حجة الله هي الحجة الواضحة (٩).

وقول ابى جعفر عليه‌السلام من أفتى الناس برأيه فقد دان الله بما لا يعلم (١٠).

وقول ابى الحسن موسى عليه‌السلام انما العلم ثلاثة آية محكمة أو فريضة عادلة أو سنة قائمة (١١).

وقول الرضا عليه‌السلام في الرجل يعطى الرجل الكتاب إذا علمت ان الكتاب له فاروه عنه (١٢).

__________________

(١) الوسائل ص ٣٧٠

(٢) الكافي ج ١ ص ٥٠

(٣) أيضا ج ١ ص ٣٠

(٤) الوسائل ج ٣ ص ٣٧٠

(٥) الوسائل ج ٣ ص ٣٧٠

(٦) أيضا ص ٣٧٠

(٧) أيضا ج ٣ ص ٣٧٠

(٨) الوسائل ج ٣ ص ٣٧٢

(٩) أيضا ج ٣ ص ٣٧٢

(١٠) أيضا ص ٣٧٢

(١١) أيضا ج ٣ ص ٣٧٢

(١٢) الوسائل ج ٣ ص ٣٧٧

٥٣٠

وقول الصادق عليه‌السلام : القلب يتكل على الكتابة (١).

وقولهم (ع) : إياكم والظن فان الظن أكذب الكذب (٢).

وقولهم عليهم‌السلام إذا تطيرت فامض وإذا ظننت فلا تقض (٣).

وقول ابى الحسن عليه‌السلام وقد سئل عن اختلاف الحديث ما علمتم انه قولنا فالزموه وما لم تعلموا فردوه إلينا (٤)

وفي وصية النبي لعلي عليهما‌السلام قال يا على أعجب الناس ايمانا وأعظمهم يقينا قوم يكونون في آخر الزمان لم يلحقوا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وحجب عنهم الحجة فآمنوا بسواد على بياض (٥)

وقولهم عليه‌السلام طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة (٦).

وقول ابى جعفر الثاني عليه‌السلام وقد سئل عن كتب أصحاب أبي جعفر وابى عبد الله عليهم‌السلام حدثوا بها فإنها حق (٧).

وقوله عليه‌السلام : وقد سئل عن كتب بنى فضال خذوا بما رووا وذروا بما رأوا (٨) الى غير ذلك من الاخبار المتواترة الدالة على افادة بعض الاخبار العلم أو أكثرها.

وتاسعها : ان ما ذكره هذا القائل مخالف لعبارات أكثر علمائنا المتقدمين والمتأخرين فإنهم يصرحون بأن بعض الاخبار يفيد العلم سندا ودلالة وبعضها يفيد الظن ولا تحضرني عباراتهم كلها فلننقل بعضها ولنشر إلى الباقي.

قال السيد المرتضى على ما نقله صاحب المعالم أن أكثر أخبارنا المروية في كتبنا معلومة مقطوع على صحتها اما بالتواتر من طريق الإشاعة والإذاعة ، واما بأمارة وعلامة دلت على صحتها وصدق رواتها فهي مفيدة للعلم مقتضية للقطع وان

__________________

(١) الوسائل ج ٣ ص ٣٧٧

(٢) الوسائل ج ٣ ص ٣٧٥

(٣) الوسائل ج ٢ ص ١٨٠

(٤) الوسائل ج ٣ ص ٣٨٣

(٥) الوسائل ج ٣ ص ٣٧٩

(٦) المستدرك ج ٣ ص ١٧٤

(٧) الوسائل ج ٣ ص ٣٧٨

(٨) الوسائل ج ٣ ص ٣٨٠

٥٣١

وجدناها مودعة في الكتب بسند مخصوص معين من طريق الآحاد « انتهى ».

ونقل عنه أيضا صاحب المعالم انه قال : ان معظم الفقه تعلم مذاهب أئمتنا عليهم‌السلام فيه بالضرورة وبالأخبار المتواترة وما لم يتحقق ذلك فيه لعله الأقل « انتهى ».

وقد صرح علماؤنا في كتب الأصول كالتهذيب وشروحه والنهاية والمبادي وشروحه والمعالم والزبدة وشروحهما وتمهيد القواعد وأصول المحقق والمعتبر والعدة وغير ذلك بان الخبر المتواتر يفيد العلم وان الخبر المحفوف بالقرينة يفيد العلم وان المنازع مكابر ، وانه يجوز نسخ القرآن وتخصيصه بالخبر المتواتر وبالخبر المحفوف بالقرينة لان سندهما قطعي كما ان سند القرآن قطعي وجوزوا تخصيص القرآن بل نسخه بخبر الواحد أيضا لأن سند القرآن قطعي ودلالته ظنية وخبر الواحد بالعكس وفيه خلاف وان شئت فارجع الى عباراتهم.

وكذلك جملة من عبارات الصدوق والكليني والشيخ وغيرهم من المتقدمين والمتأخرين قد صرحوا وأجمعوا على ان بعض الاخبار يفيد العلم سندا ودلالة وبعضها مفيد للظن.

وعاشرها : ان هذه الشبهات لو تمت وبقيت على عمومها وإطلاقها لزم أن لا يحصل العلم بنقل القرآن وهو باطل بالضرورة.

وحاديعشرها : أنه يلزم عدم وجود مؤمن ولا ايمان لأن الظن غير معتبر هناك وانما المعتبر العلم واليقين ومقتضى تلك الشبهات عدم وجود العلم أصلا والعقل لا يدل على ان فلانا نبي وفلانا امام بل هذا أمر نقلي.

وثاني عشرها : انه يلزم ان يكون لفظ العلم واليقين مهملين غير موضوعين لمعنى ، لعدم وجود شي‌ء يصدقان عليه فان خصصها ذلك القائل بالمشاهدات فان فيها احتمالات أقوى مما تضمنته تلك الشبهات بالنسبة إلى قدرة الله وغير ذلك من تشكلات الجن والملئكة والشياطين وعمل ساحر ومشعبد وغير ذلك.

وثالث عشرها : ان ما ادعاه هذا القائل مخالف لإجماع العقلاء فان كل أحد

٥٣٢

منهم يستفيد من بعض الاخبار العلم سندا ودلالة ومن بعضها الظن.

ورابع عشرها : ان هذا من مطالب الأصول وقد اتفقوا على انه لا يجوز العمل فيها بدليل ظني وما استدل به على عموم نفى العلم ظنّي فلا يجوز العمل به اتفاقا.

وخامس عشرها : انه استدل بدليل ظني على ظنية الاخبار وهو دوري فيكون باطلا.

وسادس عشرها : انه ما أوردناه من الأجوبة الإجمالية والتفصيلية مفيدة للعلم والظن لا يعارض العلم بل يجب ردّه.

وسابع عشرها : ان جميع ما استدل به أخص من المدعى لأنه مخصوص بنوع واحد فتحتاج الأنواع الباقية الى القياس والّا لم تدخل تحت الدليل والقياس باطل.

وثامن عشرها : انه استدل بأخبار على ان الاخبار لا تفيد العلم فان كانت هذه الاخبار التي استدل بها تفيد العلم انتقض مطلبه وان كانت تفيد الظن فلا دليل على حجيته هيهنا فينبغي أن يأتي بدليل الحجية فان أتى به دل على حجية باقي الأخبار فدليله ينافي مطلبه على التقديرين.

وتاسع عشرها : ان الفرض النادر والاحتمال البعيد لو نافى العلم لم يكن العلم موجودا أصلا وهو بديهي البطلان لان اليقينيّات الستة المشهورة لا تخلو من احتمال وان كان ضعيفا وأيضا فالعلم العادي لا ينافيه الاحتمال العقلي كالعلم بعدم انقلاب الجبل ذهبا والبحر دما.

قال العلامة في التهذيب : العلم يستجمع الجزم والمطابقة والثبات ولا ينتقض بالعاديات لحصول الجزم واحتمال النقيض باعتبارين « انتهى ».

والعشرون : كلام علمائنا المتقدمين والمتأخرين صريح في ان أصحاب الأئمة (ع) كانوا يعملون بالأخبار المتواترة والمحفوفة بالقرائن ويستفيدون منهما

٥٣٣

العلم وينكرون العمل بالظن وذلك في زمن الأئمة عليهم‌السلام بأمرهم وتقريرهم.

والقول بعدم وجود المتواتر وقلته وعدم وجود القرائن أو قلتها من أقوال العامة المخالفين للأئمة (ع) فلا يجوز الالتفات اليه ، ومعلوم ان أخبارنا أوثق من اخبارهم والتواتر والقرائن فيها أكثر ودلالتها أقوى.

ودعوى اندراس القرائن غير مسموعة لأن المستفاد من أحاديث الأئمة (ع) ومن كلام علمائنا المتقدمين والمتأخرين كالكليني وابن بابويه والشيخ في العدة والاستبصار ، والبهائي في مشرق الشمسين والمحقق في الأصول والمعتبر والشهيد في الذكرى ، والشهيد الثاني في شرح الدراية وغير ذلك ان القرائن أنواع بعضها يدل على كون المضمون حكم الله في الواقع وبعضها على ثبوت الحكم عنهم (ع) وان احتمل كونه من باب التقية ونحوها وبعضها على ترجيحه على معارضه.

فمنها : كون الراوي ثقة لأن معناه الذي يؤمن منه الكذب عادة.

ومنها : كونه ممدوحا مدحا جليلا.

ومنها : كون الحديث موجودا في كتاب من الكتب المجمع عليها كالأصول الاربعمأة ونحوها وذلك يظهر من كتب الرجال ومن كتاب الاخبار للشيخ ومن كتاب من لا يحضره الفقيه وغير ذلك.

ومنها : وجوده في كتب الثقات المعتمدين وان لم يكن من الأصول :

ومنها : وجوده في كتاب أحد من أصحاب الإجماع.

ومنها : وجوده في أحد الكتب المتواترة المشهود لها كالكتب الأربعة ونحوها ومنها : كون راويه من أصحاب الإجماع وقد صح عنه وان رواه عن ضعيف أو مجهول.

ومنها : كونه موافقا للقرآن أعنى الآيات الواضحة الدلالة والمروي تفسيرها عنهم (ع)

ومنها : موافقته للسنة المتواترة أو المحفوفة بالقرينة.

٥٣٤

ومنها : تكرره في أصلين فصاعدا.

ومنها : كونه للضروريات لأنه راجع الى التواتر :

ومنها : عدم وجود معارض فان ذلك إجماع على نقله والعمل به كما ذكره الشيخ في الاستبصار وغيره.

ومنها : عدم احتماله للتقية.

ومنها : تعلقه بالاستحباب مع ثبوت الجواز لحديث من بلغه شي‌ء من الثواب.

ومنها : موافقته لدليل عقلي قطعي كحديث بطلان تكليف مالا يطاق وهو أيضا راجع الى التواتر لأنه لا ينفك منه.

ومنها : اجتماع قرينتين فصاعدا مما ذكر.

ومنها : موافقته لإجماع المسلمين.

ومنها : موافقته لإجماع الإمامية.

ومنها : موافقته للمشهور بينهم.

ومنها : كون الراوي غير متهم في تلك الرواية.

ومنها : وجوده في أحد الكتب المعروضة على الأئمة (ع) ككتاب ظريف المروي في الكتب الأربعة إلا الاستبصار وسائر الكتب المذكور في كتاب الرجال.

ومنها : كون راويه من الجماعة الذين وثقهم الأئمة (ع).

ومنها : كون راويه أوثق أو أعدل أو أفقه.

ومنها : كون دلالته أقوى من دلالة معارضة الى غير ذلك من القرائن الكثيرة

ولا يخفى على من تتبع كتب الحديث والرجال ان أكثر هذه القرائن باقية لم تندرس وأكثر أخبار الكتب المعتمدة محفوف بأكثر هذه القرائن فينبغي ترك الشك والتشكيك والمكابرة والوسواس ومن تتبع علم ان أكثر المطالب الشرعية. بلغت حد التواتر وان شئت فارجع الى ما ذكرناه سابقا في بحث التواتر.

والحادي والعشرون : ان قول القائل بنفي افادة الاخبار العلم وإثبات افادة

٥٣٥

الظن مجمل يحتاج الى التفصيل ويبقى واسطة وهي ما يفيد العلم من جهة والظن من جهة فإن الخبر المحفوف بالقرائن قد يفيد العلم بان مضمونه حكم الله في الواقع والظن بصدوره عن المعصوم لاحتمال كونه كذبا موضوعا موافقا للحق وذلك إذا كان موافقا لمحكمات القرآن والمتواتر من الاخبار كوجوب الصلاة وقد يكون بالعكس فيفيد العلم بثبوته عن المعصوم والظن بكون مضمونه حكم الله في الواقع كالخبر المحفوف بجملة من القرائن السابقة مع احتماله للتقية ونحوها.

وقد يكون سنده قطعيا ودلالته ظنية وقد يكون بالعكس وقد يكون سنده ودلالته ظنيتين ووجوب العمل به قطعيا وفي جميع هذه الأقسام مذهب المتقدمين من الإمامية والأخباريين من المتأخرين الى ان مناط العمل العلم لا الظن ومذهب العامة المخالفين لأئمتنا (ع) وبعض الأصوليين من الإمامية ان مناط العمل الظن مع انه لا دليل على جوازه بل الدليل قائم على المنع كما مضى ويأتي.

الثاني والعشرون : انه قد تواتر النهى عن العمل بالظن في الكتاب والسنة ودل الدليل العقلي على المنع منه أيضا وهو كثير جدا ليس هذا محل جمعه ومعلوم انه لو جاز العمل بالظن لزم الفساد العظيم بل لزم صحة جميع المذاهب الفاسدة وحقية جميع الاعتقادات الباطلة لأن كل أحد له ظن بصحة اعتقاده وكل مذهب له دليل ظني ، اما عقلي أو نقلي من متشابهات الكتاب والسنة ( فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ ) وقد تواتر الأمر بطلب العلم والعمل به في الكتاب والسنة وقد تواتر الأمر بالعمل بأحاديث الكتب المعتمدة وأحاديث الثقات ، فاما أن يكون ذلك مفيدا للعلم وهو المطلوب ، واما ان يكون مفيدا للظن ونحن مأمورون بالعمل به فيكون مستثنى من الظن المنهي عنه فلو سلمنا كونه ظنا يجب العمل به صار النزاع لفظيا لا يترتب عليه شي‌ء فلا ينبغي الإنكار والتشنيع على الأخباريين بذلك.

لكن قد عرفت بطلان القول بأن الجميع ظني فوجب القول بان بعضه قطعي وبعضه ظني أو بعضه قطعي من جهة ، ظني من جهة أخرى كما مر فلو سلمنا دعواهم

٥٣٦

لم يضرنا شيئا ولم ينفعهم لكن مطلب العامة هنا فاسد خبيث لأنهم جعلوه دليلا على حجية كل ظن ، ومعلوم ان أسباب الظن كثيرة جدا ليس على حجية شي‌ء منها دليل يعتد به غير هذا النوع لو سلم كونه ظنيا حتى انتهى حال العامة وبعض المتأخرين من أصحابنا الى أن قالوا في عدة مواضع في الاستدلال على المدارك الظنية لنا انه مفيد للظن فيجب العمل به ولا يخفى عليك ما في هذا الاستدلال من القصور والتسامح

الثالث العشرون : انه يلزم مما ذكره هذا القائل ومن أدلته أن لا يحصل العلم لنا بأن الكليني والصدوق والمفيد والشيخ والمرتضى والمحقق والعلامة والشهيدان وأمثالهم من الشيعة ولا من المسلمين وانما يحصل لنا الظن من هذا النقل سندا ودلالة وكذا علماء السنة المشهورون وذلك باطل بالضرورة فهذه جملة من الأجوبة الإجمالية عن تلك الشبهات ، وأما التفصيلية فنقول : استدل هذا القائل على ظنية الأخبار بوجوه.

أحدها : ما ملخصه انهم (ع) علموا ان في الناس قويا وضعيفا فاحتاجوا الى وضع قانون فيه رعاية حال الكل فلا بد من استعارات ومجازات وأنحاء من المعاني بعض للعوام وبعض للخواص ، وأيضا أرادوا إصلاح الناس بالتدريج ومداواتهم من الجهل بما يوافق عقولهم.

والجواب : أما أولا ـ فبالمنع من ذلك التفاوت بالنسبة إلى أصول الاعتقادات والواجبات والمحرمات فان القدر المشترك من العقل والفهم بين المكلفين كاف في ذلك نعم التفاوت موجود بالنسبة إلى معرفة باقي العلوم كالمندوبات والمكروهات وتفسير القرآن وفهم المعاني الدقيقة والأدلة المتعددة وذلك غير محل النزاع. وأما ثانيا : فلان القانون الذي فيه رعاية حال الكل ينبغي ان يفيد الكل العلم لان ذلك ممكن لله وللنبي وللأئمة (ع) ومقدور لهم.

وأما ثالثا : فلان تعدد الأدلة مع اتحاد المدلول هو مقتضى ذلك القانون فكون بعض الأدلة ظنيا عند البعض قطعيا عند الباقي لا يستلزم ظنية المدلول ألا ترى ان

٥٣٧

التوحيد له الف دليل والعدل كذلك والنبوة والإمامة ضعف ذلك وكذا المعاد وأكثر الواجبات والمحرمات قريب من ذلك فلا يلزم ظنية كل حكم من الأحكام

وأما رابعا : فلا الاستعارات والمجازات لا بد لها من قرائن وأدلة تدل عليها ولا يجوز من الحكيم ان يخاطب بها من لا يفهمها ومن تتبع كلامهم (ع) وجد التصريحات أيضا فصار المجموع يفيد العلم.

وأما خامسا : فلان الأدلة السابقة والجوابات الإجمالية دالة على اختصاص هذا على تقدير تسليمه بغير الأحكام الشرعية.

وأما سادسا : فلان هذه شبهة ظنية ومعارضاتها قطعية فتكون باطلة أو مأولة.

وأما سابعا : فلانة لو لم يحصل لأحد منهم العلم لاختل القانون واضطربت الظنون وزاد الفساد وانتقض الغرض من خلق العباد وهذا الاختلال سوء الأحوال

وثانيها : قوله عليه‌السلام نحن معاشر الأنبياء أمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم (١) ما كلمهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، العباد بكنه عقله (٢) والجواب بعد الوجوه الإجمالية انه لا يدل على مطلبه.

أما أولا : فلان كلامه الناس على قدر عقولهم لا يدل على حصول الظن لهم من كلامه بل يدل على حصول العلم لهم بالكلام الذي يفيدهم العلم ولا أقل من الاحتمال فبطل الاستدلال.

وأما ثانيا : فلان العقل في تلك الاخبار قد قوبل بالجهل فعلم ان المراد به العلم فصار المعنى انه كلم الناس على قدر علمهم اى بقدر ما يستفيدون منه العلم لا الظن فالحديث حجة لنا لا لهم.

وأما ثالثا : فلان العقل له مراتب وكذا العلم وهذه الصفة لا تختص بالظن قطعا ألا ترى الى قوله عليه‌السلام لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا (٣).

__________________

(١) البحار ج ١ ص ٨٥

(٢) البحار ج ١ ص ٨٥

(٣) الأنوار النعمانية ج ١ ص ٥٣ ، ومصابيح الأنوار للسيد الشبر ره ج ١ ص ٣٠

٥٣٨

وقوله تعالى : ( فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً ) (١) والظن ليس بإيمان

وقوله تعالى : ( وَزِدْناهُمْ هُدىً ) (٢).

وقوله تعالى : ( وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ) (٣).

وأما رابعا : فلانة مخصوص بكلام الأنبياء فحمل كلام الأئمة عليه قياس مع الفارق.

وأما خامسا : فلانة ليس بصريح في الأحكام الشرعية وعلى تقدير صراحته ليس بصريح في الواجبات والمحرمات فلا بد من التخصيص بما ذكر لما مر.

وثالثها : ان الايمان والعقل على أربعين جزءا.

والجواب : هو ما تقدم وهذا أضعف شبهة لأن الإيمان ليس من الظنون وانما يدل على تفاوت درجات العمل ومراتب العلم اما في الكمية واما في الكيفية وهذا لا ينكره عاقل.

ورابعها : قوله (ص) رحم الله امرءا سمع مقالتي فوعاها وأداها كما سمعها فرب حامل فقه ليس بفقيه ورب حامل فقه الى من هو أفقه منه (٤).

والجواب : بعد الجوابات الإجمالية.

أما أولا : فلان قوله عليه‌السلام كما سمعها يدل على رجحان الرواية باللفظ ولا يجوز حمله على الوجوب لتواتر النصوص في جواز الرواية بالمعنى.

وأما ثانيا : فلانة لا اشعار له بذكر الظن أصلا.

وأما ثالثا : فلان رب للتقليل فيدل على ان بعض الدلالات ظنية وبعضها قطعية وهو موافق لقولنا لا لقول الخصم.

وأما رابعا : فان الفقه لغة الفهم وهو شامل للعلم والفهم والظن فلا يجوز للخصم تخصيصه بالظن لعدم المخصص وفي الاصطلاح الفقه هو العلم بالأحكام الشرعية

__________________

(١) التوبة : ١٢٤

(٢) كهف : ١٣

(٣) يوسف : ٧٦

(٤) المستدرك للعلامة النوري ره ج ٣ ص ١٨٢

٥٣٩

لا الظن فلهذا احتاجوا الى الجواب المشهور من ان ظنية الطريق لا تنافي علمية الحكم ورده شيخنا البهائي في الزبدة وبالجملة الفقه غير الظن لغة واصطلاحا.

وأما خامسا : فإنه مخصوص بقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو محتمل للنسخ وغيره مما لا يحتمله كلام الأئمة عليهم‌السلام والقياس باطل.

وأما سادسا : فلا دليل فيه على الأحكام الشرعية نصا فيخص بغيرها ويؤيده ان كلامه عليه‌السلام غالبا مخصوص بالأصول دون الفروع أو بالعلم دون الظن ولا ريب ان مراتبه تختلف كمية وكيفية كما مر.

وخامسها : قوله (ع) من استوى يوماه فهو مغبون (١) ولا يمكن حمله على العمل لاستلزامه تكليف ما لا يطاق فيكون في الاعتقادات.

والجواب : بعد الجوابات الإجمالية أما أولا : فلا نسلم امتناع حمله على العمل بل هو متعين نعم يخص بما لا ينتهي إلى تكليف ما لا يطاق والمخصص قطعي

وأما ثانيا : فلان الاعتقادات لا يكفى فيها الظن قطعا عندنا ولا عندكم فما أجبتم به فهو جوابنا.

وأما ثالثا : فلان الاعتقادات ان كانت متناهية بطل الاستدلال والا لزم تكليف ما لا يطاق فقد وقع الخصم فيما هرب منه وبالجملة فهذا أضعف الشبهات بل لا مناسبة له بهذا المطلب أصلا.

وأما رابعا : فلعل المراد باليومين الدنيا والآخرة وهذا لا يرد عليه شي‌ء بل يجب على العاقل العمل ليكون حاله في الآخرة خيرا من حاله في الدنيا فان كان في الدنيا بغير عمل وفي الآخرة بغير ثواب لعدم عمله فهو مغبون وله توجيهات أخر يطول بيانها.

وسادسها : قوله عليه‌السلام : لو علم أبو ذر ما في قلب سلمان لقتله (٢).

والجواب بعد الجوابات الإجمالية أما أولا : فلأنه لا اشعار له بالظن والعلم كما ترى.

__________________

(١) المستدرك ج ٢ ص ٣٥٢

(٢) الكافي ج ١ ص ٤٠١

٥٤٠