الفوائد الطوسيّة

محمد بن الحسن الحرّ العاملي [ العلامة الشيخ حرّ العاملي ]

الفوائد الطوسيّة

المؤلف:

محمد بن الحسن الحرّ العاملي [ العلامة الشيخ حرّ العاملي ]


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مكتبة المحلاتي
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٥٦٢

ثم قال الطبرسي إنما يستعمل الركوع في الخضوع مجازا وتوسعا.

وحاديعشرها : ان يكون الأول مجازا بمعنى الأفضل وذلك ان الأول مقدم على غيره تقدما حسيا والأفضل مقدم على المفضول تقدما معنويا وهذا القسم من المجاز والتشبيه في غاية الحسن وله أمثلة ونظائر.

وثاني عشرها : أن يكون الوجه فيه مجموع ما ذكر من الوجوه أو ما يمكن اجتماعه فيها ويحتمل توجيه الحديث غير ذلك على بعد والله أعلم.

٣٨١

فائدة (٨٧)

حديث شهر رمضان لا ينقص أبدا (١).

أقول : هذا الحديث يجب تأويله قطعا لما ذكره الشيخ وغيره من تضعيفه وخلو الأصول والكتب الصحيحة منه ومخالفته لظاهر القرآن والأحاديث المتواترة وإجماع الإمامية ولا يظهر منهم مخالف الا ظاهر شذاذ لا يعتد بقولهم بل ظاهر واحد منهم ، وتأويله ممكن بوجوه ذكر علمائنا جملة منها وخطر بخاطري جملة أخرى وأنا اذكر من ذلك اثنى عشر وجها.

أحدها : الحمل على التقية وان لم يذكره أحد فيما أعلم لكنه متجه فقد قال الشيخ في التهذيب ان المعتبر في تعرف أوائل الشهور هو الأهلة دون العدد كما يذهب اليه شذاذ من المسلمين.

وقد ألف الشيخ المفيد رسالة في إثبات العمل بالرؤية وإبطال العدد وقال ان القول بان شهر رمضان لا ينقص ابدا قول جماعة من الغلاة والعامة فظهران جماعة من الغلاة والعامة يذهبون الى العدد فيمكن حمل حديثه على التقية هذا وان كان مذهب قليل العامة لكن يقتضي الحكمة والمصلحة التقية في مثله ويجوز إرادة إخفاء المذهب

ولعل القائل كان مشهورا ذلك الوقت أو كان هو الحاضر في ذلك المجلس

__________________

(١) التهذيب ج ٤ ص ١٦٨.

٣٨٢

وهو السائل والناقل.

وثانيها : الحمل على ان أبدا قيد للكلام وان النفي راجع إليه خاصة كما قرره الشيخ في التهذيب وجماعة من علمائنا أي لا يكون دائما ناقصا بل يكون تارة تاما وتارة ناقصا.

ثم ان الشيخ اعترض على نفسه بما حاصله ان هذا الحكم غير مخصوص بشهر رمضان فلا وجه لتخصيصه بالذكر وافراده بهذا الحكم.

وأجاب بان له سببا أوجب التخصيص قد وردت فيه الروايات وهو أن قوما كذبوا على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فزعموا ان الذي صامه من شهر رمضان كان النقصان فيه أكثر من التمام وان أكثر ما يكون شهر رمضان على النقصان قابلهم آخرون فادعوا انه لم يصم الا تماما ولا يكون صيامه ابدا الا على التمام فاقتضت الحال الرد على الفريقين « انتهى ».

وثالثها : الحمل على الغالب وعلى هذا فتصح التعليلات المذكورة في بعض الاخبار ولا يلزم كونها حقيقة لأن الأمر ح سهل ولا يجب العمل بذلك لأنه غير كلي ولوجود معارضه.

ورابعها : الحمل على حالة الاستثناء وحصول المانع من الرؤية في آخر الشهر فإنه يجب الحكم بالتمام وكذا الاشتباه في أول الشهر بمعنى رجحان صوم يوم الشك وفيه مبالغة في البحث على صوم يوم الثلثين من شعبان بنية الندب وحاصله انه لا ينقص ابدا مع عدم الرؤية.

وخامسها : ان يبقى على ظاهره بان يقال انه لا يكون سنة من السنين ناقصا وان كان يجب الرؤية تسعة وعشرين فقد كان آخر شهر شعبان أول شهر رمضان في نفس الأمر مع الإمكان ولو بتجويز وقوع ذلك في رجب وصورة عدم الإمكان نادرة جدا ومع ذلك لا يجب القضاء ولا يجب العمل الا بالرؤية لأنا مكلفون بذلك

٣٨٣

لا بنفس الأمر ذكر هذا بعض مشايخنا وربما يؤيده انك لا تجد في هذه الاخبار بقضاء يوم أصلا مع عدم تحقق الرؤية بخلاف أخبار الرؤية فإنها صريحة وكان المراد بهذه الاخبار الاعتقاد وبالأخبار الأخرى العمل ولعل هذا مراد ابن بابويه بقرينة ما أورده في باب الصوم للرؤية والفطر للرؤية (١).

وسادسها : ان يكون المراد لا ينقص فضله ولا شرفه ابدا بالنسبة إلى غيره من الشهور وكذلك شعبان لا يتم أبدا بالنسبة اليه وان كان شهر رمضان تسعة وعشرين وشعبان ثلثين بحسب الرؤية.

وسابعها : أن يكون المراد لا يجوز إطلاق لفظ النقصان على هذا الشهر الشريف لأنه محتمل للذم بل ظاهر فيه غالب الاستعمال في ذلك وهو خلاف المطلوب كما ورد انه لا يجوز ان يقال رمضان بغير شهر لأنه من أسماء الله فلا يجوز ان يقال جاء رمضان وذهب رمضان (٢) ونظير ذلك ما روى عنهم عليهم‌السلام أنهم سئلوا عن القرآن أمخلوق هو فقالوا انه ليس بمخلوق ولا خالق ولكنه كلام الله محدث (٣) فلم يطلقوا لفظ المخلوق على القرآن لأنه ورد في اللغة بمعنى مكذوب فقصدوا التزام غاية الأدب والاحترام للقرآن وله نظائر أخر متعددة في ألفاظ ورد النهى عن الإتيان بها في الدعاء لإبهامها خلاف المطلوب قد أوردتها في مقدمات الصحيفة الثانية وفي أبواب الدعاء من وسائل الشيعة.

وثامنها : ان يكون المراد لا ينقص صومه المفروض ابدا سواء كان بحسب الرؤية تاما أم لا يعنى ان الصوم الواقع فيه مجز ولا يجب قضاء يوم منه وان اتفق تسعا وعشرين ، فيدل على بطلان قول أهل العدد وعلى عدم جواز إطلاق النقص على الفرض بسبب نقصان الشهر واليه الإشارة بقولهم عليهم‌السلام في حديث آخر ولا تكون

__________________

(١) التهذيب ج ٤ ـ ص ١٥٩.

(٢) الوسائل ج ٢ ص ١٠٧ ط القديمة.

(٣) تفسير البرهان ج ١ ص ٨.

٣٨٤

فريضة ناقصة (١).

وتاسعها : أن يكون التأبيد محمولا على الزمان الطويل كما حملوا عليه ما تمسك به اليهود من قول موسى عليه‌السلام على ما زعموا تمسكوا بالسبب ابدا وكذا بعض آيات الوعيد على بعض الحالات وحاصل المعنى حينئذ انه لا يكون أكثر الأوقات ناقصا كما قاله بعض العامة وورد به الخبر عنهم يعنى ان نقصه غير غالب على تمامه والفرق بين هذا وبين الثالث لا يخفى.

أما لفظا فلان رجوع النفي إلى المقيد يخالف رجوعه الى القيد والمقيد وأما معنا فلان نفى غلبة النقصان غير إثبات عليه التمام وان أحدها يلزم الأخر هنا غالبا لكن بقي احتمال التساوي ولا مفسدة في تجويزه ليلزم نفيه.

وعاشرها : أن يكون المراد أن شهر رمضان لا ينقص ابدا عن أقل ما يكون الشهر العربي أعني تسعة وعشرين يوما فاذا كان بحسب الرؤية ثمانية وعشرين يوما يجب قضاء يوم منه وهذا منصوص متفق عليه فالمراد لا يظن ان هذا الشهر مخصوص بهذا النقص كما في استنباط في الأشهر الرومية ولا يلزم مثل ذلك في قوله وشعبان لا يتم أبدا لأن كثيرا من الروايات خالية من تلك الزيادة وما اشتمل عليه ما تحمل الزيادة فيه على محمل آخر مما مضى ويأتي.

وحاديعشرها : ان يكون المراد لا ينقص فرض صومه ابدا بمعنى ان كل يوم ثبت كونه منه وجب صومه ويكون إشارة إلى عموم الفرض واستغراقه لجميع الأيام التي هي من الشهر واستيعابه لجميع اجزاء كل يوم منه.

كقوله تعالى ( ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ ) فلا يخرج من الفرض يوم ولا جزء من يوم والفرق بين هذا وبين الثاني واضح فان هذا باعتبار الوجوب وذلك باعتبار الاجزاء.

وثاني عشرها : أن يكون المراد لا ينقص أبدا أي بحسب القضاء أو لا ينقص

__________________

(١) الوسائل ج ٢ ص ١٠٠.

٣٨٥

قضاؤه ابدا بمعنى انه لا يجزى في قضائه إلا عدة ما فات يوما بدل يوم فلا يظن انه إذا فات كله لسفر أو مرض أو غيرهما من الأعذار أو عمدا وكان ثلثين يوما انه يجزى صوم تسعة وعشرين يوما قضاء ، عنه لان الشهر كثيرا ما يكون تسعة وعشرين.

وعلى هذا يجوز ان يكون المراد لا ينقص قضاؤه عنه.

فالثاني : قد تقرر وظهر والأول بمعنى ان قضاؤه لا يجب زيادته عليه بان يجب قضاء يومين بدلا عن يوم فلا يظن أنه شرفه يقتضي ذلك كما توهمه بعض المخالفين.

قال الشيخ في الخلاف : من أفطر يوما من شهر رمضان على وجه تلزمه الكفارة [ المجمع عليها أو الكفارة على الخلاف ] فإنه يقضى يوما آخر ( بدله )

وقال ربيعة : يقضى اثنى عشر يوما قال لان الله تعالى رضي من عباده شهرا من اثنى عشر شهرا وجب أن يكون كل يوم بإزاء اثنى عشر يوما.

وقال سعيد بن المسيب يقضى عن كل يوم شهرا وروى ذلك عن أنس عن النبي ص.

وقال النخعي يقضى عن كل يوم ثلاثة أيام.

ورووا عن على عليه‌السلام وابن مسعود انه لا قضاء عليه لعظم الجرم انتهى ملخصا (١).

وهذه أقوال عجيبة وأعجب منها ما قاله الشيخ في الخلاف نقلا عن المخالفين حيث قال إذا اشترك اثنان في وطي امرأة في طهر واحد على وجه يصح ان يلحق به النسب وأتت بولد [ لمدة يسكن أن يكون من كل واحد منهما ] أقرعنا بينهما [ فمن خرجت قرعته ألحقنا به قال على عليه الصلاة والسلام ].

وقال الشافعي نريه القافة وبه قال عمر ومالك وربيعة وداود وعطا.

__________________

(١) الخلاف ص ٣٨٩ كتاب الصيام مسئلة ٤٥ الطبعة الثانية ج ١.

٣٨٦

وقال أبو حنيفة الحقه بهما ولا أريه القافة فألحقه باثنين ولا الحقه بثلاثة.

وقال الطحاوي وجماعة : تلحقه بثلاثة وأكثر.

وقال المتأخرون ومنهم الكرخي والرازي يجوز ان يلحق الولد بمائة أب على قول أبي حنيفة.

وقال أبو حنيفة أيضا إذا كان لرجل أمتان فحدث ولد فقالت كل واحدة منهما هو ابني من سيدي ألحقته بهما فجعلته ابنا لكل واحد منهما وللأب أيضا « انتهى » (١) وفي مثل هذه الأقوال عبرة عظيمة للعاقل وقد ذكرتها استطرادا وبطلانها أوضح الواضحات.

__________________

(١) فقد لخص المؤلف ره كلمات الخلاف فراجع المجلد الثاني ص ٦٤٤ مسئلة ٢٣.

٣٨٧

فائدة (٨٨)

في بعض الأدعية التي نقلها الشيخ وغيره اللهم انى أسألك برحمتك التي لا تنال منك الا بالرضا والخروج عن معاصيك والدخول في كل ما يرضيك والنجاة من كل ورطة والمخرج من كل كبيرة والعفو عن كل سيئة يأتي بها منى عمد وزل بها مني خطأ أو خطرت بها منى خطرات نسيت ان أسألك خوفا تعينني به على حدود رضاك إلخ (١).

أقول : محل الاشكال هنا هو ان الفعل المضارع اعنى أسألك الأول لا يظهر له مفعول ولا يظهر لحذفه نكتة ولا قرينة وقد اتفقت أكثر النسخ المعتبرة على ثبوت الواو في والنجاة وغيرها من المعطوفات وبدون ذكر المفعول لا يظهر للكلام معنى يعتد به وقد سألني عنه بعض الأفاضل فخطر لي وجوه.

أحدها : ان يكون الباء في برحمتك للتبعيض كما قالوه في قوله تعالى : ( عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ ) (٢) ».

وكقول الشاعر :

شرب النزيف ببرد ماء الحشرج.

وح فالباء هنا بمنزلة من التبعيضية فكأنه قال أسألك من رحمتك اى رحمة من

__________________

(١) مصباح المتهجد ص ٤٥ ـ وفي المصدر المطبوع اللهم انى أسألك برحمتك التي لا تنال الا برضاك والخروج من جميع معاصيك والدخول في كل ما يرضيك.

(٢) سورة الدهر ـ ٦.

٣٨٨

رحمتك أو شيئا من رحمتك فتقدر المفعول لدلالة الباء عليه أو نقول انها لدلالتها عليه مغنية عن ذكره وتقديره لان معناه يفهم منها ولا يخفى ان تقدير المفعول غير ممكن على تقدير كون الباء للقسم كما هو الظاهر.

وثانيها : ان يحكم بزيادة الواو في محل يناسب كونه مفعولا ويحتمل كون الزيادة من الناسخ الأول لتوالى المعطوفات بالواو وهو محل الاشتباه ثم اتففت فيه أكثر النسخ ويؤيده أنه يوجد في نسخة بحذف الواو من والنجاة ، ولا يخفى أن النجاة والمخرج والعفو لا مناسبة لعطفها على الرضا والخروج والدخول الا بتكلف بعيد وانما المناسب كونها مفعولات للفعل المضارع اعنى أسألك.

وثالثها : ان يكون هذا الفعل المتعدى قد نزل منزلة اللازم كما ذكروه في مثله لبعض الاعتبارات المناسبة هنا.

ورابعها : ان يقدر مفعول عام اى أسألك جميع ما احتاجه أو كل ما تراه لي صلاحا أو كل خير أو نحو ذلك.

وخامسها : ان يقدر مفعول خاص بحسب ما يريد الداعي وما يكون أهم عنده في ذلك الوقت ولعل تركه ليكون صالحا قابلاً لكل قسم عام أو خاص.

وسادسها : ان يكون مفعول أسألك الأول : خوفا ويكون أسألك الثاني : منزلا منزلة اللازم ويكون ذكر المفعول استدراكا للنسيان بناء على انه متوجه الى مفعول السؤال.

وسابعها : ان يكون الكلام من باب التنازع صادق على هذا التركيب واعمال كل واحد من العاملين في الاسم المذكور جائز بالتفصيل المقرر.

وثامنها : أن يكون الباء في برحمتك زائدة في المفعول كما حكموا بزيادتها في مواضع متعددة نحو هذا الموضع.

وتاسعها : كون الباء لتأكيد التعدية كما ذكروه في أمثال هذا التركيب.

٣٨٩

فائدة (٨٩)

في التهذيب حديث صورة متنه هكذا قال قلت للعبد الصالح عليه‌السلام أرضعت أمي جارية بلبني فقال : هي أختك من الرضاعة ، قال قلت فتحل لأخي (١) من أمي لم ترضعها بلبنه يعني بلبن هذا الرجل (٢) ولكن ببطن آخر قال : والفحل واحد قلت : نعم ، وهي أختي لأبي وأمي قال : اللبن للفحل صار أبوك أباها وأمك أمها (٣) أقول : هذا الحديث لا يخلو من اشكال وحزازة وتعقيد في السؤال والذي خطر بالبال ان قوله أرضعت أمي يعنى النسبية ويمكن ارادة الرضاعية أو الأعم ، وهو وان كان بعيدا لكن الحكم صحيح قوله : جارية اى بنتا صغيرة أعم من الحرة والأمة إطلاق الجارية على هذا المعنى كثير جدا قوله : بلبني اى باللبن الذي رضعت منه اعنى لبن الفحل.

ويحتمل احتمالا قريبا ان يكون المراد بلبى اللبن الحاصل عن ولادتي يعنى رضعت أنا وتلك البنت من لبن بطن واحد والقرينة على ذلك موجودة كما ترى ولعل السائل كان يظن ان هذا الاختلاف يؤثر في الحكم المسؤل عنه أو أراد بيان الواقع.

قوله فقال : هي أختك من الرضاعة حكم بنشر الحرمة وهو مبني على اجتماع الشرائط.

__________________

(١) الأخ لي خ م

(٢) نسخة المصدر : يعنى ليس بهذا البطن

(٣) التهذيب ج ٧ ص ٣٢٢

٣٩٠

قوله : قال قلت فتحل لأخي من أمي حرف الاستفهام هنا مقدر قطعا قوله :لم ترضعها بلبنه هذه الجملة صفة للجارية في المعنى وان كان اللفظ يأباه وانما هي حال من ضمير تحل وفي بعض النسخ زيادة لفظ أخت قبل جملة لم ترضعها.

وحينئذ تزول الحزازة والمراد انها لم ترضعها بلبنه الصادر عن ولادته اى لم ترضع معه في بطن واحد وولادة واحدة كما رضعت معى لما يأتي قوله :لبن هذا الرجل المراد به الأخ المذكور قريب الا صاحب اللبن فان ذلك لا يستقيم لفظا لأنه غير مذكور أصلا فكيف تصح الإشارة إليه بهذا الموضوعة للإشارة إلى القريب بل المشار إليه الأخ المذكور قريبا ولا يعنى ( ولا معنى ) للتصريح فيما يأتي باتحاد الفحل.

قوله : ولكن ببطن آخر قد عرفت معناه سابقا وظهر ان الامام أرضعت الأخوين والأخت لكن أرضعت السائل والجارية بلبن ولادة والأخ من لبن ولادة أخرى ويحتمل ان يكون المراد ان أمي لم ترضع هذه الجارية بلبن أخي يعنى لبن هذا الرجل أى أبي بأن يكون الأخ لم يرضع من الام ولكن ببطن آخر اى ولكن رضع ببطن آخر أي أرضعته زوجة أخرى من زوجات ابى فليس أخا للجارية من الرضاعة بل هي أختي من الولادة خاصة والضمير في لبنه راجع الى الأخ.

وقوله : يعني الى آخره ليس تفسيرا للضمير بل هو تفسير للبن أو تفسير للضمير والمراد بالرجل الأخ واضافة اللبن باعتبار حصوله عن ولادته.

قوله : قال والفحل واحد ، قلت : نعم إشارة إلى مناط الحكم وان اختلاف البطنين مع اتحاد الفحل والمرضعة على أحد الاحتمالين أو مع الاختلاف المرضعة الاحتمال على الأخر لا يوجب اختلاف الحكم بنشر الحرمة ولما كان هذا السؤال غير صريح في اتحاد الفحل لما مر حسن الاستفهام عن اتحاده أو الحكم به.

قوله : وهي أختي لأبي وأمي الظاهر ان الجملة خبرية والمراد ان الجارية التي رضعت معى أختي من الرضاعة وابى من الرضاعة أبوها وأمي من الرضاعة أمها لاتحاد الفحل والمرضعة وان حكمت بان اتحاد الفحل كاف بخلاف أختي

٣٩١

بالنسبة إلى الجارية فإنها ليست أختي لأمه من الرضاعة بناء على أحد الاحتمالين. ويحتمل كون الجملة استفهامية فيكون استفهم عن أمرين حيث سأل عن هذه الجارية هل تحل لأخيه من أمه وهل هي أخته لأبيه وأمه اى بمنزلة الأخت من الأبوين في نشر الحرمة ارادة للمبالغة والاستفهام أقرب لما يأتي في الجواب.

قوله : قال اللبن للفحل صار أبوك أباها وأمك أمها الجملة الأولى جواب للسؤال الأول والثانية للثاني والحكم بكون اللبن للفحل كاف في إثبات نشر الحرمة وتقرير الآخرة المحكوم بها.

وقوله : صار أبوك إلخ على تقدير الخبرية في الجملة السابقة لها موقع حسن كما لا يخفى فحاصل الكلام ان اللبن للفحل فقد صار أخوك أخا للجارية على كل حال وإذا كان أبوك أباها وأمك أمها فكيف تحل لأخيك من أمك والله أعلم.

٣٩٢

فائدة (٩٠)

في الخصال حديث ظاهره مشكل جدا سنده هكذا حدثنا أبي رضي الله قال حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن ابى عبد الله البرقي قال حدثنا محمد بن عبد الله بن مهران قال حدثني على بن الحسين بن عبيد الله اليشكري قال حدثني محمد بن المثنى الحضرمي عن عثمان بن زيد عن جابر بن يزيد عن ابى جعفر عليه‌السلام ويأتي متنه ان شاء الله ومضمونه ان الله ضمن للمؤمن عشرين خصلة مع ان كثيرا منها غير مطابق للواقع بحسب الظاهر من حال المؤمنين بل من حال المعصومين عليهم‌السلام فيجب تأويله لأنه ضعيف من وجوه اثنى عشر.

أحدها وجود معارضة الذي هو أرجح منه.

وثانيها : عدم وجوده في الكتب الأربعة مع وجود معارضاته فيها.

وثالثها : عدم مطابقته للواقع ومخالفته للعيان الظاهر.

ورابعها : معارضته للقرآن في آيات متعددة صريحة في ابتلاء المؤمنين ومعلوم انه يجب عرض الحديثين المختلفين على القرآن والعمل بما يطابقه كما أمر به الأئمة (ع)

وخامسها : انه خبر واحد يعارضه أحاديث كثيرة جدا

وسادسها : ان أحد رواته محمد بن عبد الله بن مهران وقد ذكروا انه غال كذاب ضعيف فاسد المذهب والحديث مشهور ، بذلك متهافت متهم وذكروا في مذمته غير ذلك أيضا.

وسابعها : ان أحد رواته على بن الحسين بن عبيد الله اليشكري وهو مجهول

٣٩٣

وليس هو الممدوح الذي هو وكيل قطعا لان ذلك هو ابن عبد ربه والرتبة تأتى الاتحاد واللقب أيضا كذلك.

وثامنها : ان أحد رواته محمد بن القسم الحضرمي وهو مجهول غير موثق وليس هو بالموثق لان ذاك ليس بحضرمى ولا رتبته موافقة لرتبة هذا.

وتاسعها : ان أحد رواته عثمان بن زيد وهو مجهول لا يعلم حاله.

وعاشرها : ان أحد رواته جابر بن يزيد وهو مختلف فيه مدحا وذما فقد روى له ذم كثير ولا شك انه روى أحاديث كثيرة متشابهة ولعل هذا منها.

وحاديعشرها : انه حديث شاذ نادر لم يوجد إلا في كتاب الخصال ولا يوجد له موافق وما هذا شأنه لا يمكن الاعتماد عليه خصوصا مع وجود معارضة فإن الأحاديث المعتبرة مكررة في الكتب.

وثاني عشرها : انه محتمل للتأويل بل للتأويلات المتعددة وعدم احتمال معارضه لها لكثرته وصراحته وموافقته للقرآن وللواقع وغير ذلك.

ولنذكر من الأحاديث المعارضة له اثنى عشر حديثا تبركا وتيمنا.

الحديث الأول : ما رواه الشيخ الجليل ثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني في أصول الكافي في باب ابتلاء المؤمن عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن عبد الرحمن بن الحجاج قال :ذكر عند ابى عبد الله عليه‌السلام البلاء وما يخص الله عزوجل به المؤمن فقال سئل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من أشدّ الناس بلاء في الدنيا فقال النبيون ثم الأمثل فالأمثل ، ويبتلى المؤمن بعد على قدر أيمانه وحسن اعماله فمن صحّ ايمانه وحسن عمله أشد بلاؤه ومن سخف ايمانه وضعف عمله قل بلاؤه (١).

__________________

(١) الكافي ج ٢ ص ٢٥٢ ونعم ما قيل بالفارسية :

هر كه در اين بزم مقرب تر است

جام بلا بيشترش مى‌دهند

٣٩٤

الثاني : ما رواه فيه عن على بن إبراهيم عن أبيه ومحمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان عن حماد بن عيسى عن ربعي بن عبد الله عن فضيل بن يسار عن ابى جعفر عليه‌السلام قال أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأوصياء ثم الأماثل فالأماثل (١).

الثالث : ما رواه فيه عن على عن أبيه عن ابن ابى عمير عن أيوب عن محمد بن مسلم قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : المؤمن لا يمضى عليه أربعون ليلة الا عرض له أمر يحزنه يذكّر به (٢).

الرابع : ما رواه فيه عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن صفوان عن معاوية بن عمار عن ناجية قال قلت لأبي جعفر (ع) ان المغيرة يقول ان المؤمن لا يبتلى بالجذام ولا بالبرص ولا بكذا وبكذا فقال ان كان لغافلا عن صاحب يس انه كان مكنعا (٣) ثم رد أصابعه فقال كأني انظر الى تكنيعه أتاهم فأنذرهم ثم عاد إليهم من الغد فقتلوه ثم قال : ان المؤمن يبتلى بكل بليّة ويموت بكل ميتة ألا انه لا يقتل نفسه (٤).

الخامس : ما رواه فيه عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن على بن الحكم عن فضيل بن عثمان عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال ان في الجنة منزلة لا يبلغها عبد الا بالابتلاء في جسده (٥).

السادس : ما رواه فيه عن على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن حسين بن نعيم الصحاف عن ذريح المحاربي عن ابى عبد الله (ع) قال : كان على بن الحسين صلوات الله عليه يقول انى لأكره للرجل أن يعافي في الدنيا ولا يصيبه

__________________

(١) ج ٢ ص ٢٥٢

(٢) الكافي ج ٢ ص ٢٥٤

(٣) المكنع بتشديد النون أشل اليد

(٤) الكافي ج ٢ ص ٢٥٤

(٥) ج ٢ ص ٢٥٥

٣٩٥

شي‌ء من المصائب (١).

السابع : ما رواه فيه عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن على بن عقبة عن سليمان بن خالد عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : انه ليكون للعبد منزلة عند الله فما ينالها إلّا بإحدى خصلتين اما بذهاب ماله أو ببلية في جسده (٢).

الثامن : ما رواه فيه عن على عن أبيه عن ابن ابى عمير عن حسين بن عثمان عن عبد الله بن مسكان عن ابى بصير يعني المرادي عن ابى عبد الله (ع) قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مثل المؤمن كمثل خامة الزرع تكفئها الرياح كذا وكذا وكذلك المؤمن تكفئه الأوجاع والأمراض الحديث (٣).

التاسع : ما رواه فيه عن ابى على الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن ابن فضال عن ابن بكير قال سألت أبا عبد الله (ع) أيبتلى المؤمن بالجذام والبرص وأشباه هذا قال فقال وهل كتب البلاء الا على المؤمن (٤).

العاشر : ما رواه فيه عن على عن أبيه عن ابن محبوب عن سماعة عن ابى ـ عبد الله عليه‌السلام قال : ان في كتاب على عليه‌السلام ان أشد الناس بلاء النبيون ثم الوصيون ثم الأمثل فالأمثل وانما يبتلى المؤمن على قدر أعماله الحسنة فمن صح دينه وحسن عمله اشتد بلاؤه وذلك ان الله عزوجل لم يجعل الدنيا ثوابا لمؤمن ولا عقوبة لكافر ومن سخف دينه وضعف عمله قل بلاؤه وان البلاء أسرع إلى المؤمن التقي من المطر الى قرار الأرض (٥).

الحادي عشر : ما رواه فيه عن على عن أبيه عن ابن ابى عمير عن هشام بن سالم

__________________

(١) الكافي ج ٢ ص ٢٥٦

(٢) ج ٢ ص ٢٥٧

(٣) ج ٢ ص ٢٥٨

(٤) الكافي ج ٢ ص ٢٥٨

(٥) الكافي ج ٢ ص ٢٥٩

٣٩٦

عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : ان أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الذين يلونهم ثم الأمثل فالأمثل (١)

الثاني عشر : ما رواه فيه عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أحمد بن عبيد عن الحسين بن علوان عن ابى عبد الله عليه‌السلام انه قال ان الله إذا أحب عبدا غته بالبلاء غتا وانا وإياكم لنصبح به ونمسي (٢).

أقول : والأحاديث في ذلك كثيرة جدا وإذ قد عرفت ضعف الحديث المسئول عنه وجب تأويله وذلك ممكن من وجوه اثنى عشر.

أحدها : ان نحمله على الأغلب اعنى غالب المؤمنين أو غالب حالاتهم ومعلوم ان أكثر العمومات الواردة مخصوصة وأكثر المطلقات مقيدة حتى قيل ما من عام الا وقد خص.

وثانيها : ان نحمله على غير كامل الأيمان فإن ذلك محل الامتحان كما وقع التصريح به في الأحاديث مكررا.

وثالثها : ان نحمله على ان الله لا يفعل بالمؤمن شيئا من الأشياء المذكورة بل ربما يفعلها هو بنفسه أو يكون من فعل الشيطان أو فعل بعض العباد كالذين يتركون نصرته أو يمنعونه حقه من زكاة أو خمس أو غيرهما أو يظلمونه بغير ذلك.

ورابعها : ان يحمل على ان جميع هذه الأشياء لا يقع بالمؤمن الا ان يفعل ذنبا يستحق ذلك أو يختار هو ذلك فالأول منهم.

من قوله تعالى : ( إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ ) (٣).

ومن قوله تعالى : ( وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ) (٤) وغير ذلك.

__________________

(١) الكافي ج ٢ ص ٢٥٢

(٢) ج ٢ ص ٢٥٣

(٣) الرعد ١١

(٤) الشورى ٣٠

٣٩٧

والثاني : مخصوص بالمعصوم ومن قاربه من الكاملين الذين يختارون البلا ويتمنونه لزيادة الثواب ويطلبون الشهادة ونحوها.

وقد روى ان الله أمر الملئكة والجن بنصر الحسين عليه‌السلام فعرضوا ذلك عليه فلم يقبله واختار الشهادة (١) ولا ينافيه قوله ( وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) (٢) لأنه يمكن ان يكون المراد به هلاك الدين كما في بعض الأحاديث ولاحتماله للتخصيص وله تأويلات أخر وتفاصيل ( أخر ) ليس هذا محل ذكرها.

وخامسها : ان يحمل على ان الله لا يفعل هذه الأشياء بالمؤمن لكن ربما حصلت التخلية من الله فوقع بفعل غيره والتخلية غير الفعل.

وسادسها : ان يحمل على ان المؤمن الكامل الايمان لا يصيبه شي‌ء من ذلك إذا دعا الله وسال صرفه عنه فإنه يجيب دعاه لكن لا يجب على المؤمن ان يدعو بصرف ذلك عنه.

وسابعها : ان يقول هذه الخصال ثابتة لمجموع المؤمنين لا لكل واحد بل كل خصلة مخصوصة بأفراد معينة عند الله أو صنف من المؤمنين دون صنف وقد قال الله تعالى ( هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ) (٣) ومعلوم ان أهل كل بلاد مخصوصون بقسم من الأقسام وكل من ملك شيئا اختص به فلم يحمل لغيره.

وثامنها : ان نقول هذه الخصال بعضها مخصوص بالآخرة وبعضها بالدنيا وبعضها بالرجعة وبعضها بالبرزخ وبعضها مشترك بحسب ما يمكن توجيهه إذ لا تصريح بخلاف ذلك ولا يلزم ان الجميع يكون حكمها واحد.

وتاسعها : ان الجبر باطل فكل ما كان من فعل الناس بالمؤمن فعلى الله ان يأمر الناس بما فيه صلاحه وينهاهم عما فيه أذاه وضرره وقد فعل ولا يمكن الا لجاء لمنافاته

__________________

(١) بحار الأنوار ج ٤٤ ص ٣٣٠

(٢) البقرة ١٩٥

(٣) البقرة : ٢٩

٣٩٨

التكليف وجميع ما ظاهره مخالف للواقع من فعل العباد اما نفس الفعل وأسبابه.

وعاشرها : ان نقول ان المؤمن على الله هذه الخصال الا ان يكون في وجودها مفسدة أو في عدمها حكمة ومصلحة راجحة بالنسبة الى بعض الإفراد.

وحادي عشرها : ان نقول ان للمؤمن على الله هذه الخصال أو عوضها مثلها أو خيرا منها في الدنيا والآخرة أو فيهما كما ورد مثله في توجيه قوله تعالى : ( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) (١).

وقوله ( أُجِيبُ دَعْوَةَ الدّاعِ إِذا دَعانِ ) من ان الله يستجيب للداعي فيما سأل أو فيما هو خير منه أو يدخر له من الثواب ما هو أعظم مما طلب.

وثاني عشرها : ان نذكر ما يختص كل واحد منها على التفصيل.

فنقول : روى جابر عن ابى جعفر عليه‌السلام قال للمؤمن على الله عزوجل عشرون خصلة يفي له بها.

له على الله تبارك وتعالى : ان لا يفتنه ولا يضله : يمكن كونه مخصوصا بالكامل الايمان أو المراد ان الفتنة والإضلال ليسا من فعل الله حقيقة وانما حصل من الله التمكين لاستحالته الجبر أو غير ذلك من الوجوه السابقة.

وله على الله ان لا يعريه ولا يجوعه فان الله ضمن رزقه قطعا ولا يجوع ولا يعرى الا نادرا بسبب منع من منعه حقه أو غصب بعض الظلمة ماله وليس ذلك الأمر القبيح من فعل الله أو هو مخصوص بالرجعة أو بالجنة كما في قوله تعالى : ( إِنَّ لَكَ أَلّا تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى ) (٢) ومعلوم ان الضميرين راجعان إلى الجنة.

وله على الله ان لا يشمت به عدوه يعني في الآخرة أو الرجعة أو شماتة خاصة بأن يزيد عن دينه أو يظهر بطلان حقه وحقية باطل خصمه كما ورد التصريح به في

__________________

(١) غافر ـ ٦٠

(٢) طه ـ ١١٨

٣٩٩

تفسير قوله تعالى : ( إِنّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ ) (١)

اى بالحجة أو في الرجعة وفي تفسير قوله تعالى : ( بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ ) (٢).

حيث قالوا : (ع) ما وقف حق قط بإزاء الباطل الأغلب الحق الباطل أو نقول شماتة عدوّ المؤمن به ليس من فعل الله ولا المصيبة كلها أيضا من فعل الله لأنه نهى عنهما معا.

وله على الله ان لا يهتك ستره. اى ما في الآخرة أو الرجعة أو مطلقا اى لا يظهر من أموره ما هو مستور فان حصل هتك سر نادرا فهو من فعل غير الله فان الله أمر بإظهار الجميل وستر القبيح أو المراد بهتك الستر ظهور بطلان دينه وحقيقة مذهب خصمه لكافر ولمبطل.

وله على الله ان لا يخذله ويعز أي في الآخرة أو في الرجعة أو بان يلهمه الحجة أو بان رخص له في العمل بالتقية أو بان يلطف به فلا يزيد عن دينه أو بان أمر باعزازه ونهى عن خذلانه.

وله على الله ان لا يميته غرقا ولا حرقا : أى المؤمن الكامل أو في الرجعة أو الان يذنب ذنبا يستحق به ذلك أو بأن ينهى عن ذلك من غير ان يخبر على الترك وقد فعل.

وله على الله ان لا يقع على شي‌ء ولا يقع عليه شي‌ء وجهه كما تقدم والوقوع اما مطلق السقوط أو المراد به اللواط.

وله على الله ان يقيه مكر الماكرين وله على الله ان يعيذه من سطوات الجبارين يعني في دينه إذ لا يقدرون ان يردوه عن دينه أو يظهروا بطلان مذهبه أو غالبا ويستقيم هنا جملة من الوجوه السابقة.

وله على الله ان يجعله معنا في الدنيا والآخرة. هذا لا اشكال فيه.

__________________

(١) غافر ٥١

(٢) الأنبياء ١٨

٤٠٠