الفوائد الطوسيّة

محمد بن الحسن الحرّ العاملي [ العلامة الشيخ حرّ العاملي ]

الفوائد الطوسيّة

المؤلف:

محمد بن الحسن الحرّ العاملي [ العلامة الشيخ حرّ العاملي ]


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مكتبة المحلاتي
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٥٦٢

قوله عليه‌السلام : وان لم تكن تلك المعرفة التي من جهة الرؤية ايمانا لم تخل هذه المعرفة التي من جهة الاكتساب ان تزول « أ » ولا تزول في المعاد.

أقول : يعنى إذا تبين فساد اللازم الذي هو القول بعدم وجود مؤمن في الدنيا أصلا بالنص والإجماع والضرورة تبين فساد الملزوم الذي هو انحصار الايمان في المعرفة الضرورية فثبت ان المعرفة الكسبية ايمان ويلزم زوالها في الآخرة واليه أشار بقوله عليه‌السلام لم تخل هذه المعرفة ان تزول اى لم تخل من حكم الزوال اى لا بد من زوالها.

وبعض الأصحاب قال : ان النقطة زائدة من النساخ لتقدم مثل هذا اللفظ وهو هناك بالمعجمة قطعا فتوهم انه هنا كذلك وانما هو بالمهملة وتشديد اللام والمعنى لم يجز أو لم يحل اعتقاد ان تزول بل تبقى « انتهى » وفيه بعد وعلى ما قلناه معناه صحيح.

والحاصل ان المراد انه لا بد من زوال المعرفة الكسبية عند حصول المعرفة الضرورية لاستحالة اجتماع الضدين في محل واحد والا لزم أن يكون في القلب معرفة ضرورية وكسبية فيجوز اجتماع ظنين مختلفين أو يقينين كذلك أو ظن ويقين بشي‌ء واحد من غير ان يزيل أحدهما الأخر أو اتصاف الظن أو اليقين بضعف وشدة باعتبار معلوم واحد أو مظنون واحد وكل ذلك محال فعلم من ذلك انه يجب زوال المعرفة الكسبية في الآخرة إذا حصلت المعرفة اليقينية فيلزم عدم وجود مؤمن في الآخرة.

وأيضا فقد ثبت ان الايمان في الدنيا مشروط باعتقاد ان الله لا يرى فان زال ذلك في المعاد لزم المحال لان الله واحد لا يتغير حاله ولا يتبدل حكم رؤيته في الدنيا والآخرة فالأيمان بأنه لا يرى لا يجوز تغيره في المعاد لأن العلة في عدم رؤيته واحدة في الحالين وإذا قلنا ان الايمان هو المعرفة الكسبية المشروطة بعدم الرؤية فلا شك ان الضرورية ضدها ومع قطع النظر عن التضاد اما ان يفيد الرؤية المعرفة فيلزم

٢١

تحصيل الحاصل أولا فيلزم ان يكون الكسب أقوى من الرؤية حيث يحصل به الايمان دونها وهو معلوم البطلان وليس الخبر كالعيان.

وقوله : ولا يزول في كتاب التوحيد للصدوق رحمه‌الله ولن تزول (١) وهو أبلغ لدلالته على التأبيد على قول أكثر النحويين ولا يخفى ان عدم الزوال مسبب عن عدم إمكان الرؤية بقوله لم تخل تلك المعرفة ان تزول والله اعلم.

قوله عليه‌السلام فهذا دليل على ان الله تعالى لا يرى بالعين إذا العين تؤدى الى ما وصفناه.

أقول : هنا تقدير مضاف أي إذ رؤية العين بل لا بد من تقدير جملة من المضافات كما في قوله تعالى : حكاية عن السامري ( فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ ) (٢) حيث قدّروه من اثر حافر فرس الرسول ، وهنا ذات العين لا تؤدى الى هذه المفاسد بل تقديره إذ جواز رؤية العين واعتقاد جواز رؤية العين تؤدى الى ما وصفناه اى لوازم فاسدة يدل فسادها على فساد ملزوماتها وهي ان لا يكون في الدنيا مؤمن أولا يكون في الآخرة مؤمن أو تحصيل الحاصل أو اجتماع الضدين في محل واحد أو اجتماعهما في حكم واحد عند أصحاب القياس أو عدم تضاد الضرورة والكسب والظن واليقين أو اليقينين المتفاوتين أو الظنين كذلك وكل ذلك محال وبعض هذه اللوازم مصرح بها والباقي يفهم مما تقدم تقريره والله اعلم.

__________________

(١) وفي المطبوعة من نسخ التوحيد عندنا أولا تزول مكان ولن تزول.

(٢) طه : ٩٦.

٢٢

فائدة (٤)

في توضيح حديث أحمد بن إسحاق في باب الرؤية أيضا من الكافي قوله عليه‌السلام لا تجوز الرؤية ما لم يكن بين الرائي والمرئي هواء ينفذه البصر (١).

أقول : لا يخفى ان من أعجب حواس الحيوانات البصر وقد تحير العقلاء والعلماء في وجه إدراكه الأشياء هل هو بخروج الشعاع من العين واتصاله بالمرئى فيلزم الحركة والانتقال على العرض ، أو خروج جوهر من العين مع صغرها فيتصل بنصف كرة العالم ونحوها وكلاهما محال أم هو بانطباع صورة المرئي في العين فيلزم انطباع العظيم في الصغير مع بقاء كل منهما على حاله وهو محال أم بقوة خلقها الله للنفس تدرك المرئي عند حصول الشرائط ولعله أقرب فإن فيه الاعتراف بالعجز عن الإحاطة بكنه الأسرار الإلهية والإقرار بالقصور عن ادراك غايات الحكم الربانية ، والشرائط عشرة ، سلامة الحاسة وكثافة المبصر وعدم القرب والبعد المفرطين والمقابلة أو حكمها ووقوع الضوء على المرئي وكونه غير مفرط وعدم الحجاب والتعمد للابصار وتوسط الشفاف. وعند اجتماعها تجب الرؤية والمخالف مكابر لا يلتفت الى خلافه وما قلناه مع كونه من القطعيات البديهية يدل عليه أحاديث رؤية الهلال وغيرها.

ثم لا يخفى ان أكثر هذه الشرائط بل كلها يستفاد من كلام الامام عليه‌السلام

__________________

(١) ج ١ ص ٩٧

٢٣

مع اختصاره وبلاغته فان نفوذ البصر مع اختلال شرط منها محال أو ليس بلازم

قوله عليه‌السلام فيه : فاذا انقطع الهواء عن الرائي والمرئي لم تصح الرؤية.

أقول : هذا يتحقق مع فقد كل واحد من الشرائط السابقة ولو بالتأمل والعناية على ان تحققه مع فقد البعض كاف في ثبوت أصل المطلب وما يترتب عليه إثباتا ونفيا أو المراد الهواء المعهود أي الذي ينفذه البصر فاللام للعهد الذكرى وكونه للجنسية ممكن لأنه عبر ثانيا بانقطاعه لا بعد منه كما اعتبر في الأول وجوده فتغيير الأسلوب قرينة على ذلك ومع اختلال اى شرط كان ينقطع الهواء عن الرائي من حيث كونه رائيا أو مطلقا أو عن المرئي كذلك أو عنهما فلا تصح الرؤية.

قوله عليه‌السلام : وكان في ذلك الاشتباه.

أقول : يحتمل معنيين أحدهما : أن يراد وكان في ذلك اشتباه المرئي على الرائي اى كان في انقطاع الهواء عدم الرؤية وبقاء المرئي على اشتباهه فلا تصح الرؤية ولا تتضح حاله للرائى بها وهذا الوجه قريب يناسب ما قبله دون ما بعده.

وثانيهما : ان يراد وكان في ذلك اى الحكم المذكور وحصول الرؤية مع الشروط وعدمها مع عدمها الاشتباه بين الرائي والمرئي في الشرائط المعتبرة بينهما والأوصاف الموجودة فيهما المجوزة لكون كل واحد منهما رائيا للآخر من المقابلة وكون كل منهما في جهة وكونه جسما مركبا ومغايرته لبصره واحتياجه إلى الشرائط وافتقاره الى آلة يبصر بها وغير ذلك مما يمتنع نسبته الى الله سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا وهذا الوجه يناسب ما بعده من التعليل الاتى.

قوله عليه‌السلام فيه : لأن الرائي متى ساوي المرئي في السبب الموجب بينهما في الرؤية وجب الاشتباه وكان في ذلك التشبيه.

أقول : لا يخفى ان المساواة في الأسباب والشرائط يلزم منها الاشتباه في الأوصاف وان لم يلزم منها المساواة في كل وجه فيلزم هنا كون الله في مكان

٢٤

وكونه مقابلا أو حكمه الى غير ذلك من الأشياء المذكورة سابقا وغيرها من الأشياء المقتضية لكونه تعالى مرئيا وما يترتب على ذلك وما يستلزمه فيلزم مشابهته تعالى لخلقه فيما يوجب نسبة النقص والاحتياج اليه المستلزمين للإمكان والحدوث المنافيين للوجوب والقدم وهذه كلها مفاسد معلومة البطلان فيلزم بطلان ملزومها الذي هو الرؤية لما علم من الأدلة القطعية على بطلان المشابهة المذكورة.

قوله عليه‌السلام فيه : لأن الأسباب لا بد من اتصالها بالمسببات.

أقول : يعنى انه لا بد من حصول الشروط واتصالها بالمشروط بها في الوجود فلو لم يكن بينهما اتصال بان كان أحد الشرائط معدوما أو الجميع لم يمكن كون المشروط موجودا ويمكن ان يراد بالأسباب العلل التامة وان مسبباتها اعنى معلولاتها لا تنفك عنها اى لا توجد بدون وجودها ولا يتأخر وجود أحدهما عن الأخر كما اشتهر بينهم وفيه ما فيه وكلا الوجهين يناسب خصوص المقام.

إذا عرفت هذا فهنا فائدة تترتب على بعض ما تقدم وهي ان المرئي في حال حكم المقابلة كما يرى الشي‌ء في المرآت هل هو عين المرئي أم شبح آخر يغايره وان شابهه يبنى ذلك على الخلاف السابق في حصول الرؤية ويفهم من كلام بعضهم ان الصورة المرئية في المرآت ليست عين المرئي ولا غيره وهو غير معلوم (١) ثم ان الذي يترجح ويظهر مما تقدم انها عين المرئي وكذلك ما رواه الكليني (٢) في آخر باب الرؤية عن هشام بن الحكم في جملة كلام ان البصر إذا لم يجد له منفذا لرجع راجعا فحكى ما رواه كالناظر في المرآة فتدبر ويتفرع على ذلك ما لو رأى صورة المرآة في المرآة إذا قابلتها ببعض أعضائها التي تحرم رؤيتها في غير هذه الصورة وكذا إذا قابلت الماء الصافي أو نحوهما هل تكون تلك الرؤية محرمة أم لا وكذا حيث يكون النظر ينشر الحرمة هل يحكم بان مثل هذه الرؤية ينشر الحرمة أم لا.

__________________

(١) وهو غير معقول ـ خ ل

(٢) ج ١ ص ٩٩ ح ١٢.

٢٥

وكذا في صورة النذر والعهد واليمين إذا كان متعلق هذه الأشياء النظر إلى شي‌ء أو عدم النظر هل يحصل الوفاء أو الحنث بهذه الصورة أم لا والذي يظهر مما أشرنا إليه سابقا التحريم هنا ونشر الحرمة وثبوت الوفاء أو الحنث لما ذكر لكن لا يمكن الاعتماد في الفتوى على مثله كما لا يخفى ولا يتبادر فهم هذا المعنى من إطلاق لفظ الرؤية فالأولى التمسك بالاحتياط في الفتوى والعمل بل يتعين ذلك.

وقد روى الشيخ والكليني بإسنادهما ان يحيى بن أكثم سأل أبا الحسن عليه‌السلام عن الخنثى وقول على عليه‌السلام انه يورث من المبال ومن ينظر إليه إذا بال أو عسى أن يكون امرأة وقد نظر إليها الرجال أو عسى أن يكون رجلا وقد نظر اليه النساء وهذا ما لا يحل فأجاب أبو الحسن الثالث عليه‌السلام عنها قول على عليه‌السلام في الخنثى انه يورث من المبال فهو كما قال وينظر قوم عدول يأخذ كل واحد منهم مرآة ، ويقوم الخنثى خلفهم عريانة فينظرون في المرآة فيرون شبحا فيحكمون عليه (١).

وهذا الحديث الشريف غير صريح في جواز الرؤية هنا مطلقا بل هو مخصوص بهذه الصورة وهي محل ضرورة لا شبهة في جواز الرؤية فيها والظاهر ان الجواب اقناعى لإسكات الخصم يعنى انه يمكن الاحتياط والاستظهار بهذا الوجه وبالجملة ليس بصريح في مغايرة المرئي هنا في المرآة اعنى الصورة العضو الذي يراد رؤيته والا لما جاز لهم الحكم على ذلك الشبح فلا يلزم جواز الرؤية مطلقا لأنه قياس ونحن لا نقول به وما قلناه يؤيده الاعتبار والاستظهار وموافقة الاحتياط المأمور به في كثير من الاخبار والله تعالى اعلم.

__________________

(١) التهذيب ج ٩ ص ٣٥٦ ، كا ـ ج ٧ ص ١٥٩.

٢٦

فائدة (٥)

في الكافي (١) والتهذيب والاستبصار عن حماد بن عيسى عن بعض أصحابنا عن ابى عبد الله عليه‌السلام ، انه سئل عن التيمم فتلا هذه الآية ( وَالسّارِقُ وَالسّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما ) (٢) ، وقال ( فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ ) (٣) قال : فامسح على كفيك من حيث موضع القطع وقال ( وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ) (٤).

أقول : في هذا الحديث إجمال واشكال من عدة وجوه.

منها : ان السؤال وقع عن التيمم فاما أن يكون سؤالا عن الكيفية أو الكمية أو الوقت أو العذر المسوغ له أو ما يتيمم به أو ما يوجبه أو ما ينقضه أو ما يبيحه أو نحو ذلك والجواب لا يطابق شيئا من المذكورات.

والجواب : انه تضمن بيان بعض الكيفية وهو مسح الكفين وحد ما يمسح منهما وذلك كاف ولعل الامام عليه‌السلام فهم من السائل اختصاص سؤاله بذلك أو اقتضى الحال الاقتصار في الجواب عليه كما في قوله تعالى : ( يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ ) (٥)

__________________

(١) الكافي ج ٣ ص ٦٢ التهذيب ج ١ ص ٢٠٦ ح ٢.

(٢) المائدة ـ ٣٨

(٣) المائدة : ٦

(٤) مريم : ٦٤.

(٥) البقرة ١٨٨ ـ ٢١٨.

٢٧

( يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ ) الا ترى ان السائل قبل ذلك ونقله ولم يراجع الامام عليه‌السلام

ومنها : تلاوة الآيتين في الجواب مع انه لا يظهر بهما دلالة على الحكم المذكور الموافق لعمل الشيعة أصلا بل ربما ظهر منهما دلالة على ما يناقضه كما لا يخفى.

والجواب : لعل غرض الامام عليه‌السلام ان الأيدي تطلق على إطلاقات شتى كما كما في آيتي الوضوء والسرقة وغيرهما وانه لا يجوز إنكار ما ذهبنا اليه لجواز إطلاق الأيدي عليه ، ووجه آخر ربما كان أقرب هو انه لما قيد في آية الوضوء الأيدي بقوله ( إِلَى الْمَرافِقِ ) والتأسيس أولى من التأكيد فهم ان القيد محتاج اليه والا لكان بمنزلة الزائد والعبث فيلزم ارادة ما دون ذلك المفصل من إطلاق اليد كما هو ثابت في آية القطع إجماعا إذ لا قائل بوجوبه من المرفق فيكون الغرض منه الرد على العامة القائلين باستيعاب اليدين الى المرفقين في التيمم وجوبا فكأنه قال آية التيمم مطلقة كآية السرقة فلم قيد تموها بما لا يدل عليه دليل إذ تقييدها في الوضوء لا يوجب تقييدها في التيمم بوجه كما لا يخفى والأصل عدم التناول لما زاد على مضمون آية السرقة.

ومنها : ان المعتبر عند الشيعة في القطع هو قطع الأصابع الأربع وترك الإبهام والكف وهذا القدر في التيمم لا يجزى عندهم ولا عند غيرهم وان كان المقصود بالاستشهاد آية الوضوء فذلك القدر غير واجب عند الشيعة إلا القليل وهو مخالف لصريح هذا الحديث أيضا ولغيره من الأحاديث الكثيرة.

والجواب : لعل المراد الاستشهاد على ورود الأيدي مطلقة إطلاقات متعددة كما ذكرناه ويكون إشارة الى ان ما كان مقيدا منصوصا كآية الوضوء لا يجوز العدول عنه وما لم يكن كذلك كآية التيمم وآية السرقة علم بيانه من جهة السنة

وجواب آخر هو ان مذهب بعض العامة في القطع انه من مفصل الزند فيكون احتجاجا عليهم بما يعتقدونه وهو ان الأيدي أطلقت على قولكم في آية السرقة على هذا القدر وأطلقت في آية التيمم أيضا فيجب حمله على ذلك لأصالة

٢٨

عدم الزيادة ولعدم النص على التقييد ولما تقدم ولا ينافيه ان الاحتجاج عليهم في هذا الحكم المخالف لمذهبهم ينافي ملاحظة التقية في الحكم الأخر لأنه يمكن ان تقتضي الحال التقية في أحد الحكمين دون الثاني كما هو ظاهر أو يكون المحتج عليهم مصرين على حكم القطع جازمين به دون حكم التيمم بل كان عندهم فيه شك وتردد على ان الاحتجاج عليهم بما يعتقدونه لا يلزم منه موافقتهم فيه بل يمكن مجامعته للتصريح بمخالفتهم إذا اقتضاه الحال.

ومنها : ان في هذه الضمائر تشويشا لان الضمير « تلا » عائد الى الامام وضمير قال الاولى الى الله والثانية الى الامام والثالثة الى الله وهو غير مستحسن. والجواب : لا يمتنع ان تكون الضمائر كلها عائدة الى الامام عليه‌السلام كما لا يخفى غايته ان تكون قال الاولى والثالثة بمعنى تلا أو تمثل أو نحوهما وهو غير بعيد أو تقول الضمير الثالث والرابع عايدان الى الامام فلا تشويش سلمنا لكن نقول مثل هذا واقع في التنزيل وهو فن من فنون البلاغة كما في قوله تعالى : ( لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ ) (١) وغير ذلك على ان هذه العبارة المشتملة على الضمائر واقعة في كلام الراوي الذي نقل عنه حماد فلعله لم يكن من أهل البلاغة.

ومنها : ان قوله ( وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ) (٢) لا يظهر مناسبته للحكم ولا ـ للاستشهاد.

والجواب : ان الغرض منه كما يفهم من أحاديث كثيرة هو الله لم يترك شيئا بغير حكم ولا حكما بغير دليل حتى بيّن جميع ذلك في القرآن اما في ظاهره أو باطنه وهم عليهم‌السلام اعلم به كقوله تعالى ( ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْ‌ءٍ ) ـ ( وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْ‌ءٍ ) (٣) وغير ذلك أو المراد ان الله لم ينس تقييد آية التيمم بقوله الى المرافق وقولكم يشعر بنسبة النسيان اليه تعالى عن ذلك والله تعالى اعلم.

__________________

(١) الفتح ـ ٨.

(٢) مريم ـ ٦٣.

(٣) الانعام ٣٧ ، النحل ٨٩

٢٩

فائدة (٦)

حديث قياس إبليس مروي عن عدة طرق في الكافي وغيره وفي بعضها ان أول من قاس إبليس حيث قاس نفسه بآدم فقال خلقتني من نار وخلقته من طين فلو قاس الجوهر الذي خلق منه آدم بالنار كان ذلك أكثر نورا وضياء من النار (١)

أقول : لا يخفى ان المراد من الأحاديث المشار إليها ذم القياس وإبطاله بإبطال هذه الصورة ليظهر فساد القياس المتعارف وذلك من وجوه اثنا عشر.

أحدها : ان يكون المراد أن إبليس قاس نفسه بآدم فدله قياسه الفاسد على انه خير من آدم حيث انه خلق من النار وخلق آدم من طين وأخطأ في القياس فإنه لو عرف حقيقة ما خلق منه آدم وهو النور الذي هو أشرف من النار وأكثر ضياء منها لعلم ان قياسه معكوس عليه فان كان جاهلا بحال المقيس والمقيس عليه لم يجز القياس وكان فاسدا وان كان عالما كان أشد فسادا وكان كقول أبي حنيفة قال على وقلت انا. (٢).

فعلى التقدير الأول لا يعلم القياس وجه القياس فلا يحصل له العلم بالمساواة بين المقيس والمقيس عليه وقد يكون في الواقع القياس كقياس إبليس وعلى التقدير الثاني فالأمر أوضح فسادا حيث ترك ما يعلم الى ما لا يعلم كما ترك أبو حنيفة قول

__________________

(١) كاج ١ ص ٥٨ ح ١٨.

(٢) كا ج ١ ص ٥٧ ح ١٣.

٣٠

أمير المؤمنين عليه‌السلام الذي لا حجة فوقه الى القياس فظهر بطلان قياس إبليس وان لم يكن من قبيل قياس أبي حنيفة وأمثاله ومنه يظهر بطلان قياسهم من حيث انهم في أكثر المواضع التي عملوا فيها بالقياس خالفوا الأئمة عليهم‌السلام فاما ان يكونوا جاهلين بحال الأصل والفرع فلا يجوز لهم القياس أو عالمين فهم عليهم‌السلام اعلم منهم وعلى التقديرين يلزم بطلان القياس.

وثانيها : أن يكون المراد ان أصحاب القياس على تقدير علمهم بحال الأصل والفرع انما يعلمون الظاهر من حالهما وحكم الله عزوجل غالبا يكون متعلقا ببواطن الحقائق وأكثر الحكم الشرعية غير ظاهرة لنا فكل صورة من صور القياس يمكن ان تكون كقياس إبليس حيث قاس على ما ظهر له من حال النار والطين وغفل عن حال ذلك الجوهر والنور ولو علم به لعلم ان القياس باطل منعكس عليه.

وثالثا : أن يكون المراد ان ما من صورة من صور القياس الا ويمكن معارضتها بما هو مثلها أو أقوى منها كهذه الصور لكثرة الأصول التي يمكن القياس عليها وكثرة العلل التي يمكن استنباطها بل المنصوصة أيضا كما يظهر لمن نظر أحاديث العلل.

ورابعها : ان يكون المراد أن في هذه الصورة يدل القياس على بطلان القياس وكذلك أكثر صورة فيلزم منه بطلانه مطلقا هذا على تقدير كون قاس الثاني على وجه الحقيقة وهذا الوجه قريب من الذي قبله وفيه إشارة إلى جواز الاستدلال على الخصم بما يعتقده حجة وان كان في نفسه باطلا ولذلك ترى المتقدمين من أصحابنا يستدلون على المسائل في الظاهر بطريقة المخالفين وفي الباطن عملهم انما هو بقول المعصومين عليهم‌السلام صرح بذلك السيد المرتضى ره في رسالة أفردها لذلك.

وخامسها : ان يكون المراد ان أول من قاس إبليس الذي هو أعدى أعداء

٣١

أعداء الله وأصفيائه وهو دال على ذم مطلق القياس بل إبطاله لأنه سنة عدو الله والباعث على خلاف مراد الله.

وسادسها : ان يكون المراد ان أول صورة اتفق العمل فيها بالقياس كان قياسها فاسدا باطلا منتقضا وهو دليل على ذم مطلق القياس أيضا.

وسابعها : ان يكون المراد ان أول قياس عمل به كان في مقابلة النص الصحيح الصريح الذي لا معدل عن العمل به بعد المراجعة والممانعة وهو دليل على ذم مطلق القياس كما مر ويشير اليه قولهم عليهم‌السلام ان أبا حنيفة كان يقول قال على وقلت ويضاف الى ذلك ما تقرر من ان لله في كل مسئلة حكما معينا منصوصا عليه عند الأئمة عليهم‌السلام فكل قياس لا تعلم موافقته النص ويحتمل كونه مقابلا فيكون فاسدا كقياس إبليس وما كان منه موافقا لا حاجة إليه بل يجب ان يكون العمل بالنص.

وثامنها : ان يكون المراد ان أول صورة عمل فيها بالقياس كانت مستلزمة للتكبر والافتخار والحسد ، ونحوها من المفاسد القبائح فظهر بطلان القياس وفساده.

وتاسعها : ان يكون المراد ان أول قياس عمل به كان سببا للفساد الكلى والجزئي الواقع في العالم (١) وناهيك بذلك دليلا على فساده وبطلانه فقد عرفت ان ذلك كان سبب كفر إبليس وعداوته لبني آدم وتسليطه عليهم فانجر الأمر الى كل فساد وقع في الأرض وكل فساد يقع الى يوم القيمة بل ولعذاب من يعذب ويخلد في النار أبد الآباد.

وعاشرها : ان القياس كان أول باعث على إنكار الشريعة ومقابلتها بالتكذيب واستعمال الظن في مقابلة العلم والعمل بالهوى والرأي وفي ذلك مفاسد لا تحصى وحاديعشرها. ان أول صورة عمل فيها بالقياس كانت كبيرة وذنبا لا يغفر

__________________

(١) في العلم ـ خ

٣٢

ولا يكفره شي‌ء.

وثاني عشرها : ان يكون المراد ان قياس إبليس بحسب الظاهر كان واضح الصحة والرجحان من حيث ان المخلوق من التراب مستحق لان تسجد له الملئكة فالمخلوق من النار يجب أن يكون أعظم رتبة منه فلا يجب السجود عليه لمن خلق من التراب كما لا يجب السجود على الثاني للأول وهو مع كونه بحسب الظاهر جليا فاسدا فكيف بالخفي ولا يدل على جواز القياس في منصوص العلة ولا قياس الأولوية لما يظهر من آخر الحديث من عدم استدلاله عليه‌السلام بالقياس على حكم أصلا ولو سلمنا استدلاله عليه‌السلام بصورة من القياس لم يدل على جوازه مطلقا لان من المعلوم ان علمهم عليهم‌السلام غير مستند الى القياس بل مأخوذ عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عن الله عزوجل بل لو فرض استناد علمهم اليه وجوازه لهم لم يدل على جوازه لغير المعصوم كما لا يخفى والله تعالى اعلم.

وقد روى على بن إبراهيم في تفسيره بإسناده عن إسحاق بن جرير قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام أى شي‌ء يقول أصحابك في قول إبليس خلقتني من نار وخلقته من طين قلت جعلت فداك قد قال ذلك وذكره الله في كتابه قال كذب إبليس لعنه الله يا إسحاق ما خلقه الله الا من طين ثم قال قال الله ( الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ ) خلقه الله من تلك النار وخلق النار من تلك الشجرة والشجرة أصلها من طين (١).

واعلم انه يفهم من الأحاديث المشار إليها ومن عدة أحاديث ومن عبارات جماعة من فقهائنا ان القياس كان يطلق عندهم على مطلق الاستنباط والاستدلال الظني لأنه يرجع الى القياس أو يكون دليل حجية القياس ومن تأمل الأحاديث تحقق ذلك ولهذا كانوا يطلقون المقاييس على جميع طرق الاجتهاد كما في مناقشات الصدوق ابن بابويه مع الفضل بن شاذان ويونس بن عبد الرحمن وهنا كلام آخر يأتي في بعض الفوائد ان شاء الله تعالى.

__________________

(١) تفسير القمي ج ٢ ص ٢٤٤ ط النجف.

٣٣

فائدة (٧)

في شرح الرضى وشرح ابن الناظم وغيرهما في بحث المعرف بالألف واللام عبارة استشكلها بعض الأصحاب فسأل عنها وهي هذه ومذهب الخليل أقرب لسلامته من دعوى الزيادة في الحرف ومن التعرض لالتباس الاستفهام بالخبر أو بقاء همزة الوصل في غير الابتداء مسهلة أو مبدلة (١).

أقول : يعنى انه يلزم على مذهب سيبويه من ان المعرف هي اللام وحدها وان الهمزة زائدة لكن الابتداء بالساكن جملة من المحذورات أولها دعوى الزيادة في الحرف أي زيادة الهمزة مع ان الأصل عدم الزيادة فمعنى الزيادة في الحرف القول في بعض الحروف بأنه زائد أو الزيادة في جنس الحرف ويحتمل كون المراد من دعوى الزيادة في الحرف الذي هو ال بان يلزمه كونها مركبة من حرفين أحدهما أصلي والأخر زائد مع ان الزيادة في الحروف غير جايزة والمحذور الثاني مركب من أمرين أحدهما : التباس الاستفهام بالخبر وثانيهما : بقاء همزة الوصل في الدرج فهما محذور واحد لازم على تقديرين لا محذوران ليرد الاعتراض

__________________

(١) شرح ابن الناظم ص ٤٠ ط النجف

٣٤

بان ذلك غير لازم أو مشترك وهذا محل الاشكال وعلى ما قلناه يزول ذلك ويتضح بالمثال وله أمثلة كثيرة منها : قوله تعالى : ( قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ ) وتقريره ان نقول على مذهب سيبويه من ان همزة أل زائدة للوصل اما أن يجب عنده هنا حذفها أو إبقاؤها فإن وجب حذفها بقي همزة واحدة فيشتبه الاستفهام بالخبر ولا ينافي الاشتباه وجود أم لأنه يمكن فرض عدمها في مثال آخر ولأنها تجامع الخبر أيضا في غير هذه الصورة واما ان يجب عنده إبقاؤها فيلزم الشق الثاني وهو بقاء همزة الوصل في غير الابتداء وهو خلاف للقاعدة وهذا لا يلزم الخليل لأنه يختار أبقاهما كما هو الأصل في الحرف الأصلي ان لا يحذف فلا يلزم اشتباه لوجود همزتين ولا الشق الثاني إذ ليست هذه همزة الوصل والله أعلم.

٣٥

فائدة (٨)

في توضيح حديث في باب أرواح الكفار من الكافي قوله عليه‌السلام في وادي برهوت يرد عليه هام الكفار وصداؤهم (١).

أقول : ذكر صاحب الصحاح ان الهامة الرأس والجمع هام ، وهامة القوم رئيسهم. وذكر صاحب القاموس : ان الصدا : الرجل اللطيف الجسد ، والجسد من الإنسان بعد موته وحشو الرأس والدماغ وطائر يصر بالليل يقفز قفزانا وطائر يخرج من رأس المقتول إذا بلى بزعم الجاهلية والعطش.

وقال أيضا في القاموس الهامة : رأس كل شي‌ء وطائر من طير الليل وهو الصدى ورئيس القوم « انتهى » فقد ظهر ان الهام والصدى في المعنى متقاربان أو متحدان إذا عرفت هذا ففي معنى الحديث المذكور وجوه.

منها : ان يراد الورود على وادي برهوت في الآخرة من حيث انه واد من جهنم فهو مضاف إليها أي ترد على المضاف إليه وادي برهوت اعنى جهنم وذلك ليوافق بقية الأحاديث فإن المستفاد منها اختصاص الورود في الدنيا على وادي برهوت بأرواح الكفار وورود أبدانهم يوم القيمة على النار.

ومنها : ان يراد الورود في الدنيا ويراد بالأجسام اللطيفة نفس الأرواح على طريق التشبيه أو الاستعارة للمشاركة في مجرد اللطافة على ان الذي يفهم من كثير

__________________

(١) كا ـ ج ٣ ص ٢٤٦ ح ٥ ط الإسلامية

٣٦

من الاخبار وصرح به جمع من العلماء ان الروح جسم لطيف وعلى تقدير عدمه فلعل النكتة فيه تهجين حال أرواح الكفار وتخييل انها في الكثافة بمنزلة الأجسام اللطيفة.

ومنها : ان يراد الورود في الدنيا أيضا ويراد بالأجسام اللطيفة القوالب التي تتعلق بها الأرواح كما ورد في أهل الجنة وعدم التصريح به في غيره غير ضائر لأن هذا الحديث كاف ولعل التعلق ليمكن الشعور المعتد به لهم وفيه ان الخبر غير صريح فيه وتعلق أرواح الكفار بأجسام غير أجسامهم في البرزخ مع دخولهم نار الدنيا ظلم. اللهم الا ان يقال الورود لا يستلزم العذاب أو يقال باختصاص العذاب هنا بالروح.

ومنها : ان يكون هام مشدد إذ لم يثبت تخفيفه فهو من هم إذا دب اى مشى رويدا أو من هم إذا قصد أو من هم إذا حزن وعلى كل تقدير هو من أوصاف الأرواح وكون الصدى على هذا بمعنى حشو الرأس والدماغ ممكن بمعنى الشعور والعقل فهو من وصف الأرواح أيضا بمعنى ان لها في حال ورودها على وادي برهوت شعورا في الجملة.

ومنها : ما نقل عن نهاية ابن الأثير انه قال الهامة : رأس كل شي‌ء ج ها م وطائر من طير الليل وهو الصدى ثم قال الصدى طائر يخرج من رأس المقتول إذا بلى بزعم الجاهلية.

قيل كانت العرب يزعم ان روح القتيل الذي لا يدرك بثأره تصير هامة فيقول اسقوني اسقوني فإذا أدرك بثأره طارت.

وقيل كانوا يزعمون ان عظام الميت وقيل روحه تصير هامة فتطير ويسمونه الصدى « انتهى » وقد ذكر بعضه صاحب القاموس كما مر فتدبر والله أعلم.

٣٧

فائدة (٩)

اعلم ان اسم الجنس ما دل على ذات صالحة لأن تصدق على كثيرين ولو كان على سبيل البدلية وهو على قسمين جمعى وأفرادي.

فالأول : ما خص في الاستعمال بالصدق على الثلاثة فما فوقها وهو على ثلاثة أقسام.

الأول : ما يفرق بينه وبين واحدة بالتاء والتاء في واحدة كتمر وتمرة.

والثاني : ما تكون فيه دون مفردة ككما وكمأة.

والثالث : ما يفرق بينه وبين واحده بياء النسب كروم ورومي وزنج وزنجي.

والثاني : على قسمين أحدهما : ما يكون صادقا على الكل وعلى أى بعض فرض منه كالماء والعسل والثاني ما لا يكون كذلك كالإنسان ورجل فإن الإنسان مثلا يصدق على اى فرد فرض من افراده ولا يصدق على جملة الأفراد فلا يقال القوم إنسان بل يقال زيد إنسان والسر في ذلك ان أفراده أشخاص وهو انما يصدق عليها وأكثر من فرد (١) ليس بشخص فلا يصح صدقه عليه وبهذا ظهر ان ما قيل من ان اسم الجنس يصدق على القليل والكثير فاسد لأنه من خلط قسم من أحد قسمي اسم الجنس الأفرادي بالآخر.

__________________

(١) وأكثر بمعنى فرد ـ خ ل.

٣٨

فائدة (١٠)

في حاشية الخطائي اللهم الا ان يفرق بين التصريح بالفعل وتقديره.

قال المحقق اليزدي : قيل هذا مناف لما سبق من تصريحهم بكون الجملة التي خبرها فعلية كالفعلية في مجرد افادة التجدد لا ينافي صحة الفرق بينهما يأن الأولى تنصرف الى الدوام عند وجود الداعي والثانية لا تقبل ذلك وهو ظاهر « انتهى »

وتوضيحه ان الاسمية التي خبرها فعلية والفعلية المحضة سيان بالنظر الى ذاتيهما في إفادة التجدد وهذا لا ينافي الفرق بينهما من حيث ان الاولى تفيد الدوام من حيث وجود الداعي اليه وأما الثانية فلا تقبل ذلك من حيث ان الفعل فيها وضع لان ينسب الى الفاعل ولا ريب في إفادة التجدد وحاصل كلام صاحب القيل الرد على المحقق الخطائي من حيث انه فرق بين التصريح بالفعل وتقديره في الجملة الاسمية من ان الاولى تفيد الدوام دون الثانية بأن هذا مناف لتصريحهم بان الاسمية التي خبرها فعلية تفيد التجدد كالفعلية المحضة والمحقق اليزدي تسلم له هذا ولكن حكم بأنه لا ينافي الفرق بينهما من حيث وجود الداعي إلى الدوام في جانب الاولى دون الثانية لكونها لا تقبله لان الفعل وضع لان ينسب الى الفاعل والنسبة فيه تدل على التجدد فتأمل.

٣٩

فائدة (١١)

الرطل العراقي مائة وثلاثون درهما ، والرطل المدني مائة وخمسة وتسعون درهما ، والصاع ستة أرطال بالمدني وتسعة أرطال بالعراقي وهو الف ومائة وسبعون درهما.

وهذه التقديرات عندنا منصوصة في أحاديث الفطرة وغيرها والدرهم ستة دوانيق والدانق ثماني حبات من أوسط حب الشعير يكون مقدار العشرة دراهم سبعة مثاقيل فالمثقال درهم وثلاثة أسباع درهم والدرهم نصف المثقال وخمسة.

فالرطل العراقي أحد وتسعون مثقالا والرطل المدني مائة وستة وثلاثون مثقالا ونصف مثقال.

والصاع ثمانمائة وتسعة عشر مثقالا والرطل المدني مائة وستة وثلاثون مثقالا ونصف مثقال والصاع ثمانمائة وتسعة عشر مثقالا.

والكر الف ومأتا رطل بالعراقي وثمانمائة رطل بالمدني يكون مائة ألف مثقال وتسعة آلاف مثقال ومأتي مثقال :

والمن الشاهي ألف ومأتا مثقال يكون ألفا وسبعمائة وخمسة عشر درهما تقريبا كل عشرة أمنان اثنا عشر الف مثقال والمن التبريزي نصفه.

والرطل الدمشقي اثنا عشر أوقية والأوقية خمسون درهما فالرطل ستمائة درهم يكون أربعمائة وعشرين مثقالا فالكر مئتان وستون رطلا بالدمشقى.

ونصاب الغلات خمسة أوسق والوسق ستون صاعا فالوسق أربعون منا وثلثا من

٤٠