اسطورة التحريف

محمود الشريفي

اسطورة التحريف

المؤلف:

محمود الشريفي


الموضوع : العقائد والكلام
الطبعة: ١
الصفحات: ١٦٠

١
٢

٣
٤

المقدمه

بعد انتصار الثورة الاسلاميّه في ايران واشتداد قدرتها يوماً فيوماً رأى الاستكبار العالمي أنّ منافعه في خطر جدّي إذ زعم في البداية أنّ الثورة الاسلاميّه ايضا كما هو دأب سائر الثورات والحركات تميل الي الغرب او الشرق قتصير محدودة ولا تكون مضرة بحاله ، ولكن فهم تدريجاً ان هذه الثورة الاسلاميّة بتمام معنى الكلمة وهدفها إحياء الإسلام في كلّ العالم وانقاذ المسلمين من يد المستعمرين.

بعد أمد قصير من نجاح الثورة وانعطاف المسلمين من أقصى العالم إليها وجعل الثورة أملاً وأسوة لهم إزدادت مخاوف المستعمرين فقاموا بمواجهة هذه الثورة بشتّى الوسائل ، فدبّروا مؤامرةً شيطانيّة لمجابهة الثورة وإسقاط نظام الجمهورية الإسلاميّة وذلك من خلال فرض الحرب من قبل العراق ودعم الاحزاب المعارضة للنظام الاسلامي وغيرها ، هذا من الجانب السياسي.

٥

ومن جانب أخر هاولوا إثارة النزاعات الطائفيّة بزرع الفتنة أو إحياء الخلافات الجزئية الّتي كانت تبيد على مرّ العصور لكنهم أرادوا ان يمزّقوا شمل المسلمين وان يفصلوا عضواً مهمّاً من جسد الأمّة الإسلاميّه المتمثّل بالطائفة الشيعيّة وارادوا ان يبرزوا للعالم ـ ما هو خلاف الواقع ـ وهو أنّ الثورة في ايران ثورة طائفيّة لا علاقه لها بالعالم الاسلامي.

ومع الأسف الشديد إنّ كثيراً من حكّام البلاد الإسلاميّة لقطع أيادي الاستعمار من البلاد الإسلاميّة عن طريق توعية المسلمين وتصدير فكر ثورة الإسلامية الإيرانيّة إلى سائر البلاد قاموا بمعاداة النظام الاسلامي وتؤازروا مع المعسكر الكفر العالمي لمواجهة هذه الثورة الفتيّة والسعي لبّث الخلاف بين ابناء الأمّة الإسلاميّة وإشاعة التهم ضد اتباع بعض المذاهب.

وكان من التهم الّتي أوردوا على الشيعة قبل الثورة الإسلامية وركّزوا عليها بعدها هي تهمة تحريف القرآن. وهذا مما يؤسفنا اذ بعد اضمحلال الغلاة والحشويّة وانهيار عقائدهم وبعد ان اثبت العلماء بالبراهين الواضحه أنّ قرآن الّذي بين الدفّتين هو القرآن الّذي نزل على محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو الذي جمع في عهد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وعدم اعتبار الروايات المجعولة التي كانت مخالفة لهذا الرأي وبعد اعلام جميع علماء الإسلام في كلّ العالم بأنّ هذا القرآن هو القرآن المنزل على رسولنا صلى‌الله‌عليه‌وآله وبعد

٦

مساعي جمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة لطبع هذا القرآن بخطّ عثمان طه ونشره في كلّ العالم وحثّ المسلمين على تلاوته وحفظه وبعد اضمحلال الأرضيّة التي يمكن ان تنبت عقيدة التحريف بعد كلّ هذا نرى جمعاً من العلماء المرتزقة من وعّاظ السلاطين بوحي من الحكام الخونة ينسبون تحريف القرآن الى الشيعة بدلاً من رد هذا القول السخيف. وقد تصدّوا الترويج ذلك ، فنراهم يطرحون هذا الافتراء كلّ يوم بعناوين جديدة لاتّهام الشيعة ، والحال أنّ العقيدة الشيعة خلاف ذلك وعلماء الشيعة صرّحوا في كتبهم المختلفة بأنّ القرآن المنزل على النبيّ صلّى الله عليه وآله ولم يمسه يد التغيير والتحريف كما اخبر بذلك الخبير المتعال في قوله تعالى : (انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون) (١) فمن كان لديه أدنى معرفة بكتب الشيعة وما فيها يعلم ان نسبة تحريف القرآن إليهم كذب محض واتّهام نشأ من الجهل أو من الأغراض السياسيّة بل هي اسطورة بناها الخونة والأعداء الإسلام والمسلمين.

وعقيدتنا في هذه المسألة هي النفي التامّ لها وردّ الأخبار الواردة في الآثار الإسلاميّة الّتي توهم وجود التحريف أو التغيير أو النقص ، فهي لا تخرج عن كونها أخبار آحاد وطرقها ضعيفة ومخالفة للقرآن الكريم ، فلا يمكن الركون اليها مقابل تواتر القرآن الكريم والأخبار الّتي تدلّ

__________________

(١) الحجر : ٩

٧

على سلامته ، فيجب علينا تأويل تلك الأخبار أو تفسيرها وتحليلها أو ردّها.

بل نقول أنّ كون القرآن محظوظاً من التحريف بديهى بين المسلمين خصوصاً عند الشيعة ، ولم يعرض لهم شكّ في هذه المسألة إلاّ لبعض الأخبارية منهم ، ودليل ذلك أنّ الشيعة الإمامية يستدلّون ويستندون الى القرآن في المسائل الفقهيّة والأبحاث الاجتماعيّة والسياسيّة والأخلاقيّة وغيرها ويتمسّكون به وله عندهم قيمة عظيمة فوق كلّ كتاب ، ويهتمّون بحفظه وتلاوته وطبعه صحيحاً ودوّنوا حوله كتباً تفسيرية وشروحاً وترجمات كثيرة.

فذلك ليس من الإنصاف توجيه هذا الإتّهام إلى المسلمين والشيعة خصوصاً بعد نجاح ثورة الإسلاميّة واستقرار النظام الإسلامي واهتمام هذا النظام بالقرآن وسيعة واجتهاده في نشر القرآن صحيحاً في جميع أقطار العالم وإيجاد مؤسّسة تشرف على طبع القرآن الصحيح عند جميع المسلمين وتخصيص مطابع لطبع القرآن.

لكن مع بالغ أسف نرى تكرار هذا الإتّهام السخيف ونسبته إلى الشيعة يوماً فيوماً فلهذا رأيت أنّ البحث في هذه المسألة ضروري فاخترت هذا الموضوع حتيّ أوضح أنّها فرية ومقالة باطلة بل أسطورة ليس لها أيّة قيمة كما ستعرف ضمن البحث إن شاء الله.

إن القرآن هو كتاب الله المنزل على رسوله الأمين لهداية الناس وتزكيتهم وإخراجهم من الظلمات الجهل إلى نور العلم ، وهو دستور

٨

لجميع أهل الدنيا منذ نزوله من عند الله وهو الّذي لا ياتيه الباطل منذ نزوله وإلى يومنا هذا وإلى يوم القيامة كما أخبر به جلّ وعلا بقوله : (وَإِنّهُ لكتابٌ عزيزٌ * لا يأتيهِ الباطلُ مِن بينِ يَديهِ ولامن خلفِهِ تنزيلٌ من حكيمٍ حميدٍ) (١) وهو الكتاب قويم لايعتريه أيّ خطاء ونقصٍ ولا تمسّه أيدي المضلّين والخونة وهو الكتاب الّذي عجز الجنّ والإنس من أن يأتوا بمثله ولو بسورة قصيرة وإن كان بعضهم لبعض ظهيراً ـ حيث قال : (وَقل جاءَ الحقُّ وزهقَ الباطلُ إنَّ الباطلَ كانَ زهوقاً) (٢) وقال : (كذلكَ يضربُ اللهُ الحقَّ والباطلَ فأمّا الزَبَدُ فيذهَبُ جفاءً وَأمّا ما ينفعُ النّاسَ فيمكُثُ في الأرضِ) (٣).

وفي الختام جدير أن أتقدّم بجزيل الشكر والتقدير لأستاذنا العلاّمة آية الله الشيخ محمد هادي المعرفة ـ أعلى الله مقامه الشريف ـ لهدايتي وإرشادي في سبيل تدوين هذه الرسالة ومراجعته بعد تدوينها وبيان ملاحظات جيّدة لتكميلها أرجو له من الله تعالى أن يحشره مع الرسول وآله عليهم السلام.

محمود الشريفي

٢٠ / ٨ / ٨٦

__________________

(١) فصلت : ٤١

(٢) الإسراء : ٨١

(٣) الرعد : ١٧

٩
١٠

الفصل الأوّل

معني التحريف وأقسامه

١١
١٢

معنى التّحريف لغةً

قال الزمخشري : (على حرفٍ) : على طرف من الدين لا في وسطه وقلبه. وهذا مثل لكونهم على قلق واضطراب في دينهم ، لاعلى سكون وطمأنينة ، كالّذي يكون على طرف العسكر ، فإن أحسّ بظفر وغنيمة قرّ واطمأنّ ، والاّ فرّ وطار على وجهه. (١)

وقال الطريحي : التحرّف الميل إلى حَرفٍ أي طرف ، وقيل يريد الكرّ بعد الفرّ وتغرير العدوّ. وقوله : (يَسمَعُون كلامَ اللهِ ثمَّ يحرِّفونَهُ) أي يقلبونه ويغيّرونه ، وحرفُ كلّ شيءٍ : طرفه وشفيره وحدّه. (٢)

وقال الراغب الإصفهاني : وتحريف الكلام أن تجعله على حَرفٍ من

__________________

(١) الكشّاف ، ج ٣ ، ص ١٤٦. ذكر ذلك في تفسير قوله تعالى : (ومن الناس من يعبد الله على حرف فان أصابه خير اطمان به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين) الحج : ١١.

(٢) مجمع البحرين ، ص ٤٨٩ « حرف »

١٣

الاحتمال يمكن حمله على الوجهين ، قال عزّ وَجلّ : (يحرِّفونَ الكِلمَ عن مواضِعِهِ) و (يحرِّفونَ الكِلمَ من بعد مواضِعِهِ) و (يحرِّفونَ الكِلمَ من بعدِ ما عقلوهُ). (١)

ومعلوم أنّ التحريف بهذا المعنى تفسير معنوي أي تفسير الكلم على غير وجهها وبغير ما وضعت له.

القرآن ولفظ التحريف

استعمل القرآن لفظ التحريف في معناه اللغوي ، أي التصرّف في الكلمة وتفسيرها على غير وجهها ، وهو تحريف معنوي كما أشير إليه في قول الله تعالى : (يحرِّفونَ الكَلِمَ عن مواضعهِ). (٢)

وكذا في قوله تعالى في سورة البقرة : (وقد كانَ فريقٌ منهُم يسمَعونَ كلامَ اللهِ ثمَّ يحَرِّفونهُ من بعدِ ما عقلوُهُ) (٣) أي : أنهم كانوا يحرّفونه بعد علمهم بالمعنى الحقيقي الذي اُريد منه ، ولكن كان المراد الحقيقي على خلاف مصالحهم.

فهو من سوء التأويل كما عبّر عنه الشيخ الطوسي في التبيان وقال : « وقوله (يحرِّفونَ الكَلِمَ) فالتحريف يكون بأمرين : بسوء التأويل وباتغيير والتبديل ». (٤)

___________________

(١) المفردات في غريب القرآن ، ص ١١٤ « حرف ».

(٢) النساء : ٤٦

(٣) البقره : ٧٥

(٤) التبيان ، ج ٣ ، ص ٤٧٠.

١٤

وكذلك أشار إلى هذا المعنى قوله تعالى : (وَإنَّ منهم لفريقاً يَلوُونَ ألسِنتهُم بِالكتابِ لتَحسبوُهُ من الكتابِ وما هوَ من عند اللهِ ويقولونَ عَلَى اللهِ الكذبِ وهُمْ يعْلَمُونَ). (١)

وقال الشيخ محمد عبده : « من التحريف تأويل القول بحمله على غير معناه الّذي وضع له ، وهو المتبادر ، لأنّه هو الّذي حملهم على مجاحدة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وانكار نبوته وهم يعلمون إذ أوّلوا ولا يزالون يؤوّلون البشارات به الى اليوم. » (٢)

وأمّا التحريف اللفظي بمعنى الزيادة أو النقصان أو التبديل الكلم إلى كلمات غيرها فلم يعهد استعماله في القرآن ظاهراً ، كما اشير إليه بعض المحقّقين. (٣)

أمّا التحريف المعنوي فقد وقع في القرآن قطعاً ، فتحمل فيه الآيات على غير معانيها ، ولعلّ إلى هذا المعنى أشار الإمام الباقرعليه‌السلام في رسالته إلى سعد الخير حيث قال : « وكان من نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه ، وحرّفوا حدوده فهم يروونه ولا يرعونه ». (٤)

ولكن هذا المعنى من التحريف ليس محطّ نظرنا وبحثنا بل مورد بحثنا هو التحريف اللفظي الاصطلاحي.

__________________

(١) آل عمران : ٧٨.

(٢) تفسير المنار ، ٥ ، ١٤٠.

(٣) صيانة القرآن من التحريف ، ٢٢.

(٤) الكافي ، ٥٣ ، ٢.

١٥

أقسام التحريف اللفظي

والتحريف اللفظي والاصطلاحي على أقسام مختلفه ، فيجب علينا بيان اهمّها والبحث عنها :

القسم الأوّل : التغيير في الحروف والحركات.

القسم الثاني : التغيير في الكلمات.

القسم الثالث : التغيير في الآيات والسور.

أمّا القسم الأوّل وهو التغيير والتحريف في الحركات فقد وقع في القرآن لوجود اختلاف القراءات في بعض كلمات آيات القرآن حتّى بلغت القراءات السبع أو العشر.

لكن إنّا نعتقد أنّ اختلافها لم يأت من الله عزّ وجلّ أو الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله بل جاء من جانب المسلمين لعدم وقوفهم على القراءة الّتي علّمهم إيّاها الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله وتفرّقهم في البلاد مع وجود بعض اللهجات الخاصّة في البلاد ممّا وجود يمهد الأرضية اللازمة التحريف والتغيير في

١٦

الإعراب والحروف كما يمكن أن يمكن أن تكون علّة ذلك عدم وجود النقط وعلامات الإعراب في المصحف في ذلك الزمان كقراءة (فتبيّنوا) ، (فتثبتوا) ولدلائل أخرى ...

وهذه الاختلافات في القراءة دوّنها المفسّرون وغيرهم في كتبهم التفسيرية وكتب القراءات حتىّ صار علم القراءة علماً خاصاً من علوم القرآن كما روى أهل السنّة والشيعة.

ومن أراد مزيد الاطّلاع على هذه القراءات فليراجع تفسير مجمع البيان الطبرسي حيث روى هذه الإختلافات.

والقرآن الّذي بين الدفّتين كُتب على أساس القراءات المشهورة الّتي ثبت تواترها أو اشتهارها عند المسلمين.

وأمّا قسم الثاني والثالث وهو تغيير بعض الكلمات أو زيادة بعض الكلمات والآيات اعتقاداً بأنّه يجوز تبديل بعض الكلمات المشتركة أو لإيضاح الكلمات ورفع الإبهام منها كما أعلن الجواز في ذلك ابن عباس على ما يروى عنه فهو ممّا لا بأس به من التزام الشرط وعدم الالتباس.

وأمّا مع الاعتقاد بأنّها من النصّ القرآني فهو سخيف ، كما نردّ ونعرض عن روايات الآحاد الّتي وردت حول تحريف هذه الكلمات والآيات.

وأمّا ازدياد بعض السور كما نقل عن بعض المنحرفين كإنكار كون سورة يوسف من القرآن فهو قول سخيف وباطل لايعتنى به.

١٧

وأمّا التحريف بالنقيصة بمعنى حذف بعض الكلمات أو الآيات أو السور فهو مما ننكره أشد الإنكار ولم يقبله عامّة المسلمين إلاّ القليل منهم وإن وردت فيه روايات أكثرها من طرق اهل السنّة وبعضها من طرق الشيعة إلاّ أنّ الجميع هذه الروايات تكون في موضع رفض من قبل المسلمين ، وسنبحث عنها فيما يلي نحو الاختصار بعون الله تعالى.

ملخّص كلام المرحوم آية الله العظمى الخوئي :

قال : يطلق لفظ التحريف ويراد منه عدّة معان على سبيل الاشتراك ، فبعض منها واقع في القرآن باتّفاق من المسلمين ، وبعض منها لم يقع فيه باتّفاق منهم ايضاً ، وبعض منها وقع الخلاف بينهم.

واليك تفصيل ذلك :

الأوّل : نقل الشيء عن موضوعه وتحويله إلى غيره ، ومنه قوله تعالى : (مِنَ الّذينَ هادوا يحرِّفونَ الكَلِمَ عنْ مواضِعِهِ). (١)

ولا خلاف بين المسلمين في وقوع هذا التحريف في كتاب الله ، فأنّ كلّ من فسّر القرآن بغير حقيقته وحمله على غير معناه فقد حرّفه ، مثل أهل البدع والمذاهب الفاسدة الذين حرّفوا القرآن بتأويلهم آياته على آرائهم وأهوائهم ، وقد ورد المنع عن التحريف بهذا المعنى وذمّ فاعله في عدّة مرات من الروايات.

الثاني : النقص أو الزيادة في الحروف أو في الحركات ، مع حفظ

____________________

(١) النساء : ٤٦

١٨

القرآن وعدم ضياعه ، وإن لم يكن متميّزاً في الخارج عن غيره.

والتحريف بهذا المعنى واقع في القرآن قطعاً ، ومعناه أنّ القرآن المنزل إنّما هو مطابق لإحدى القراءات ، وأمّا غيرها فهو إمّا زيادة في القرآن وإمّا نقيصة فيه.

الثالث : النقص أو الزيادة بكلمة أو كلمتين ، مع التحفّظ على نفس القرآن المنزل. والتحريف بهذا المعنى قد وقع في صدر الإسلام في المصاحف التي انقطعت بعد عهد عثمان ، وأمّا القرآن الموجود فليس فيه زيادة ولا نقيصة.

الرابع : التحريف بالزيادة والنقيصة في الآية والسورة مع التحفّظ على القرآن المنزل ، والتسالم على قراءة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله إيّاها.

والتحريف بهذا المعنى أيضاً واقع في القرآن قطعاً ، فالبسملة ـ مثلاً ـ مماّ تسالم المسلمون على أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قرأها قبل كلّ سورة غير سورة التوبة ، وقد وقع الخلاف في كونها من القرآن بين علماء السنّة ، فاختار جمع منهم أنّها ليست من القرآن ، وذهب جماعة أخرى إلى أنّ البسملة من القرآن.

وأما الشيعة فهم متسالمون على جزئية البسملة من كل سورة غير سورة التوبة ، فعلى هذا وقع التحريف في القرآن بالزيادة أو بالنقيصة.

الخامس : التحريف بالزيادة بمعنى أنّ بعض المصحف الّذي بين أيدينا ليس من الكلام المنزل.

١٩

والتحريف بهذا المعنى باطل بإجماع المسلمين ، بل هو مماّ علم بطلانه باضرورة.

السادس : التحريف بالنقيصة بمعنى أنّ المصحف الّذي بأيدينا لايشتمل على جميع القرآن الّذي نزل من السماء فقد ضاع بعضه على الناس.

والتحريف بهذا المعنى هو الّذي وقع الخلاف فيه ، فأثبته قوم ونفاه آخرون.

ثمّ قال : والمعروف بين المسلمين عدم وقوع التحريف في القرآن ، وأنّ الموجود بأيدينا هو جميع القرآن المنزل على النبيّ الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد صرّح بذلك كثير من الأعلام :

منهم رئيس المحدّثين الصدوق محمد بن بابوية ، وقد عدّ القول بعدم التحريف من معتقدات الإمامية.

ومنهم شيخ الطائفة أبوجعفر محمد بن الحسن الطوسي ، وصرّح بذلك في أوّل تفسيره (التبيان) ونقل القول بذلك أيضاً عن شيخه علم الهدى السيّد مرتضى ، واستدلاله على ذلك بأتّم دليل.

ومنهم المفسّر الشهير الطبرسي في مقدمة تفسيره ( مجمع البيان ).

ومنهم شيخ الفقهاء الشيخ جعفر في بحث القرآن من كتابه ( كشف الغطاء ) وادّعى الإجماع على ذلك

ومنهم العلاّمة الجليل الشهشهاني في بحث القرآن من كتابه ( العروة الوثقى ) ونسب القول بعدم تحريف إلى جمهور المجتهدين.

٢٠