يقال بذلك في الأمارتين القائمة إحداهما على وجوب الشيء والأُخرى على وجوب ضدّه.
والسرّ في ذلك هو ما ذكرناه من الفرق بين الأسباب المعاملية والعناوين الثانوية ، وأنّ عدم جريان التزاحم والتخيير في الأسباب المعاملية ولزوم التساقط فيها لا يجري في اجتماع العناوين المحكومة بأحكام شرعية متضادّة أو متناقضة أو متخالفة ، الذي يدخلها تارةً في باب التزاحم ، وأُخرى في باب اجتماع الأمر والنهي ، وثالثة في تعارض العموم من وجه ، ورابعة في اجتماع المقتضي واللاّمقتضي ، على اختلاف الأحكام اللاحقة لتلك العناوين المجتمعة.
بل يمكن الفرق بين ما نحن فيه من السببية وبين مثل لزوم إطاعة الوالدين فيما لو أمر أحدهما بخلاف ما أمر به الآخر ، فإنّ أوامرهما بالنسبة إلى وجوب الاطاعة من قبيل الأسباب المعاملية في الجهة التي شرحناها ، وهو أنّه لا ينفذ أمر أحدهما بخلاف ما سبقه من أمر الآخر ، ولو اقترنا سقطا.
نعم ، لو قلنا إنّ في البين أحكاماً ثانوية مجعولة على طبق ما يأمران ، دخل عنوان ما أمر به الوالدان تحت العناوين الثانوية ، وكان الكلام فيه عين الكلام فيما تقدّم من أنّه ربما يكون اختلافهما من قبيل التزاحم وربما كان من قبيل التعارض إلى آخره ، كلّ ذلك بالنسبة إلى تلك القضية العامّة القائلة بأنّ ما يأمر به الوالدان هو حكم الله في حقّ ولدهما.
ثمّ لا يخفى أنّ الذي حرّرته عنه قدسسره في هذا المقام منافٍ لما هو موجود في الكتاب ، قال قدسسره فيما حرّرته عنه (١) بعد تقدّم الأبحاث المتعدّدة فيما يتعلّق بباب التعارض ، ومنها البحث عن الأمارتين المتعارضتين ، وهل يكون التعارض بناءً
__________________
(١) درس ليلة الاثنين ٢١ ج سنة ١٣٤٥ [ منه قدسسره ].