اصباح الشيعة بمصباح الشريعة

قطب الدين محمد بن الحسين الكيدري

اصباح الشيعة بمصباح الشريعة

المؤلف:

قطب الدين محمد بن الحسين الكيدري


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٥٢

تكبيرة الإحرام ، أو ترك الركوع حتى يسجد بعده فيما عدا الأخريين من الرباعيات ، أو ترك السجدتين فيما ذكرناه حتى يركع(١) وكذا إذا ترك ركوعا أو سجدتين في ركعة واحدة ولا يدري في أيها ، أو زاد ركوعا أو سجدتين في ركعة من الركعات المذكورة ولا يدري في أيها زاد ، أو زاد في الصلاة ركعة فصاعدا أو نقص ركعة فصاعدا ولم يذكر حتى تكلم ، أو استدبر القبلة ، وقيل : لا يعيد بل يبني على صلاته سواء كان ذلك في الثنائي أو الرباعي ، لأن الفعل الذي وقع منه بعد ذلك كان في حكم السهو ، واختار هذا الشيخ أبو جعفر ـ رضي‌الله‌عنه ـ ، (٢) أو شك في الأوليين من كل رباعية ، أو في المغرب كلها ، أو في الغداة ، أو الجمعة ، أو فرض السفر ولا يدري (٣) كم صلى ، أو أتم حيث يجب فيه التقصير ساهيا وذكر والوقت باق ، أو شك فلم يدر كم صلى.

وثانيها : يوجب التلافي إما في الحال أو بعدها وذلك في ثلاثين موضعا : من شك في النية ولم ينتقل من حالها ، أو في تكبيرة الإحرام وهو في حالها نوى وكبر ، أو في القراءة أو شي‌ء منها وهو قائم لم يركع وقرأ ، فإن ذكر أنه قرأ فلا شي‌ء عليه أو سها عن القراءة أو شي‌ء منها حتى كاد يركع فذكر أنه لم يقرأ ، قرأ ثم ركع ، أو سها عن قراءة الحمد حتى قرأ سورة أخرى قرأ الحمد ثم السورة [ فلا شي‌ء عليه ] (٤) أو شك في الركوع وهو قائم ركع ، فإن ذكر أنه ركع لا يرفع رأسه فإن لم يذكر حتى يرفع رأسه حذف الركوع الزائد إن كان في الأخريين ، وإن كان غيرهما أعاد كما مضى ، أو شك في تسبيح الركوع أو سها عنه فذكر وهو راكع سبح ، أو ترك الركوع ناسيا وقد هوى إلى السجود فذكر قبل أن يسجد ، رجع فركع ، فإن لم يذكر حتى

__________________

(١) كذا في الأصل ، ولكن في « س » : ذكرنا فركع.

(٢) المبسوط : ١ ـ ١٢١.

(٣) في الأصل : فلا يدرى.

(٤) ما بين المعقوفتين موجود في « س ».

٨١

سجد السجدتين حذف السجدتين وأعاد الركوع إن كان في الأخريين ، وفيما عدا هما يعيد ، أو نسي السجدتين وعاد إلى القراءة ثم ذكر وهو قائم لم يركع سجد هما ، فإن لم يذكر حتى ركع حذف الركوع وسجد السجدتين إن كان في الأخريين ، أو شك في السجدتين أو واحدة منهما قبل أو يقوم سجدهما أو إحداهما ، أو شك في تسبيح السجود وهو ساجد أو سها عنه وذكر قبل رفع رأسه سبح ، أو رفع المأموم رأسه من الركوع أو السجود قبل الإمام ناسيا ثم ذكر عاد إليه ، أو ترك السجدة الواحدة وقام ثم ذكر قبل الركوع ، رجع فسجد من أي ركعة كانت ، فإن لم يذكر حتى ركع مضى في صلاته وقضاها بعد التسليم ، وكذا إن نسي في كل ركعة سجدة واحدة أو نسي التشهد الأول حتى قام ثم ذكر قبل الركوع رجع فتشهد ، فإن لم يذكر حتى ركع مضى وقضاه إذا سلم بلا تسليم.

وإن نسي التشهد الأخير حتى يسلم ثم ذكر ، قضاه بتسليم بعده ، ومن نسي ركعتين من صلاة الليل أو أكثر ، ثم ذكر بعد أن أوتر صلى ما نسي وأوتر بعده خرج الوقت أو لا ، ومن نسي التشهد في النافلة وذكر في الركوع بعده أسقط ذلك وجلس وتشهد وسلم ثم استأنف ما كان يصلي.

وثالثها : ما لا حكم له وذلك أيضا في ثلاثين موضعا : من شك في شي‌ء وقد انتقل إلى حالة أخرى ، كأن شك (١) في النية أو في تكبيرة الإحرام وهو في حال القراءة ، أو في القراءة وهو في الركوع ، أو في الركوع وهو في السجود ، أو في السجود وهو قائم ، أو في تسبيح الركوع أو السجود وقد ارتفع منه ، أو في التشهد الأول وقد قام إلى الثالثة ، أو سها عن القراءة حتى ركع ، أو نسي الجهر أو الإخفات في موضعيه ، أو نسي التسبيح في الركوع أو السجود حتى ارتفع ، أو نسي رفع الرأس من الركوع ، أو الطمأنينة بين السجدتين ، أو زاد سجدة واحدة في أي ركعة كانت ،

__________________

(١) في الأصل : كأن قد شك.

٨٢

أو صلى إلى يمين القبلة أو شمالها ولم يذكر حتى يخرج الوقت ، أو سها وتواتر سهوه ، وقيل : إن حد ذلك أن يسهو ثلاث مرات متواليات ،(١) أو سها في سهو ، أو سها فوضع اليمين على الشمال ، أو قال : « آمين » آخر الحمد ، أو التفت إلى ورائه ، أو أن أنينا بحرفين ، أو قهقه قهقهة ، أو تأفف بحرفين ، أو فعل فعلا كبيرا ليس من أفعال الصلاة ما لم يكن من نواقض الطهارة ، أو سها فلم يمكن جبهته على الأرض في السجود ، أو سها في النافلة سوى ما سبق ، أو سها الإمام وقد حفظ عليه المقتدون ، أو سها المقتدون وقد حفظ عليهم الإمام ، وإن سها كلهم أو أكثرهم فيما يوجب الاستئناف أعادوا احتياطا.

ورابعها : ما يوجب الاحتياط وذلك في خمسة مواضع :

من شك فلا يدري كم صلى ثنتين أم ثلاثا في الرباعيات وقد تساوت ظنونه ، بنى على الثلاث وتمم ، فإذا سلم صلى ركعة من قيام أو ركعتين من جلوس ، بالحمد وحدها أو ما يقوم مقامها من التسبيح ، فإن كان صلى أربعا كانت الركعة من قيام أو الركعتان من جلوس نافلة ، وإن كان صلى ثلاثا كان ذلك تمام الصلاة.

وكذا من شك بين الثلاث والأربع بنى على الأربع ، وسلم وصلى ركعتين من جلوس أو ركعة من قيام وإن شك بين الثنتين والثلاث والأربع ، بنى على الأربع فإذا سلم ، صلى ركعتين من قيام ، وركعتين من جلوس ، فإن كان صلى ثنتين كانت الركعتان من قيام تمام الصلاة والركعتان من جلوس نافلة ، وإن كان صلى ثلاثا كانت الركعتان من جلوس تمام الصلاة والركعتان من قيام نافلة ، وإن صلى أربعا كان كلاهما نافلة.

__________________

(١) ابن حمزة في الوسيلة : ١٠٢.

٨٣

ومن شك بين الثنتين والأربع بنى على الأربع ، فإذا سلم صلى ركعتين من قيام.

ومن شك في النافلة فلا يدري كم صلى بنى على الأقل وإن بنى على الأكثر جاز.

وخامسها : ما يوجب الجبران بسجدتي السهو وذلك في خمسة مواضع : إن تكلم في الصلاة ناسيا ، أو سلم في غير موضعه ناسيا ، أو نسي التشهد الأول حتى ركع في الثالثة وقضاه بعد التسليم ، أو نسي سجدة واحدة حتى ركع فيما بعدها ثم قضاها بعد التسليم ، أو شك بين الأربع والخمس بنى على الأربع فإن ذكر أنه صلى خمسا أعاد ، وفي أصحابنا من قال : تجب سجدتا السهو في كل زيادة أو نقصان على سبيل النسيان بعد التلافي. (١)

وتكون سجدتا السهو بعد التسليم يكبر ويسجد ويقول : [ فيه ] (٢) : « بسم الله وبالله ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته » أو غير ذلك من ذكر الله تعالى ، ثم يرفع رأسه بالتكبير ثم يعود إلى السجدة الثانية بالتكبير ، ويفعل كما فعل في الأولى ، ويجلس ويتشهد تشهدا خفيفا ، يتضمن الشهادتين والصلاة على النبي وآله ـ عليهم‌السلام ـ ، ويسلم بعده.

وهما واجبتان فمن تركهما كانتا في ذمته ويجب عليه الإتيان بهما ولو بعد حين ، لكن لا يجب بتركهما إعادة الصلاة ، فمن شك فيهما أو في إحداهما قبل الانتقال إلى حالة أخرى أتى بهما احتياطا وبعد الانتقال لا ، ومن سها سهوين أو أكثر مما يوجب سجدتي السهو سجدهما لكل سهو بانفراده احتياطا ، وقيل : ليس عليه أكثر من سجدتين ، لأن زيادته يحتاج إلى دليل. (٣)

__________________

(١) قال في مفتاح الكرامة : ٣ ـ ٣١٥ : قيل بوجوبهما لكل زيادة ونقصان ونسبه جماعة منهم المصنف في التحرير وولده في الإيضاح إلى الصدوق.

(٢) ما بين المعقوفتين موجود في الأصل.

(٣) في « س » : محتاج إلى دليل. ولاحظ المبسوط : ١ ـ ١٢٣.

٨٤

الفصل السادس عشر

صلاة الجمعة لا تصح ولا تنعقد إلا بحضور السلطان العادل أو من يأمره هو ، واجتماع سبعة نفر وجوبا وخمسة ندبا ، وأن يكون بين الجمعتين ثلاثة أميال وهي فرسخ واحد فصاعدا ، وأن يخطب خطبتين ، ولا تجب إلا على كل ذكر حر بالغ ، كامل العقل ، غير مريض ولا أعمى ولا أعرج ، ولا شيخ لا حراك به ، ولا مسافر ، ولا من بينه وبين مصلى الجمعة ما زاد على فرسخين ، (١) ولا بد أن يكون مسلما حتى تصح منه العبادة.

والعبد والمسافر والمرأة إذا صلوها سقط عنهم فرض الظهر وإن كان لم يجب عليهم ولم ينعقد بهم ، (٢) والمريض والأعمى والأعرج ومن كان على أكثر من فرسخين أو حضروا الجمعة وتم بهم العدد وجب عليهم الدخول فيها وانعقدت بهم وإن كان لم تجب عليهم.

والكافر تجب عليه ولا تنعقد به ، لأنه مخاطب أي مكلف بالعبادات ، ولا يصح ذلك منه كافرا.

ومن كان بينهم وبين الجمعة فرسخان إلى فرسخ وفيهم العدد الذي ينعقد به الجمعة ، أقاموها إن شاءوا أو حضروا البلد للجمعة ، فإن لم يكن فيهم العدد لزمهم حضورها ما لم تتجاوز المسافة فرسخين ، فإن تجاوزت فعليهم الظهر لا غير.

إذا صليت الجمعة في موضعين بينهما أقل من فرسخ في حالة واحدة بطلتا ، وعليهما الجمعة في موضع واحد إن بقي الوقت وإلا فالظهر أربعا ، وإن تقدمت إحداهما لزمت المتأخرة الظهر لا غير ، فإن لم تعلم السابقة أو لم تتعين بطلتا معا ،

__________________

(١) كذا في الأصل ولكن في « س » : « ولا من بينه وبين من يصلي الجمعة ما زاد على فرسخين. »

(٢) في « س » : ولا ينعقد بهم.

٨٥

والسبقة تحصل بمقدار تكبيرة الإحرام.

والمسافر إذا نوى مقام عشرة أيام لزمته الجمعة ، ومن لزمه الجمعة فصلى الظهر عند الزوال أربعا لم يجز عن الجمعة ، فإن لم يحضرها حتى خرج الوقت قضاها أربعا ، وإن صلى الظهر في أول الوقت من فرضه الأربع منفردا أو في جماعة ثم حضر الجمعة لم يجب عليه الدخول فيها ، والأفضل الدخول.

يتعمم الإمام ويتردى ببرد يمنية أو عدني ، شاتيا كان أو قائظا (١) ، ولا تصح الجمعة من دون الخطبة ، ومن شرطها أن يأتي بها قائماً ، ويفصل بين الخطبتين بجلسة وقراءة سورة خفيفة ، والكلام فيهما وبينهما مكروه غير محظور ، ويعتمد على سيف أو عصى أو قوس ، فإن خطب جالسا بلا عذر ، بطلت صلاة من علم دون من لم يعلم ، ومن شرط الخطبة الطهارة ، وأقل ما تكون الخطبة حمد الله تعالى والثناء عليه والصلاة على النبي وعلى الأئمة من آله ـ عليهم‌السلام ـ ، والدعاء للمؤمنين ، والوعظ والانذار ، وقراءة سورة خفيفة بين الخطبتين ، ويقتصد في الخطبة ولا يطول لئلا تفوته فضيلة أول الوقت.

يأخذ الإمام في الخطبة بقدر ما إذا فرغ منها زالت الشمس ، فإذا زالت نزل وصلى بالناس ، وإذا أخذ في الخطبة فليس لأحد أن يصلي أو يتكلم بل يصغي إلى الخطبة ، ومن دخل في خلال الخطبة لا يسلم ، والأذان يوم الجمعة مرة واحدة والثاني مكروه ، وأدنى ما يلحق الجمعة أن يدرك الإمام راكعا في الركعة الثانية ، فإن وافق تكبيرة الإحرام حال رفع رأس الإمام منه فقد فاته الجمعة وعليه الظهر أربعا ، وإذا أدرك مع الإمام ركعة صلى أخرى إذا سلم الإمام.

ويستحب للإمام الجهر بالقراءة في الجمعة ، ويقنت قنوتين : أحد هما في الركعة الأولى قبل الركوع ، والآخر في الثانية بعد الركوع ، ومن صلى يوم الجمعة

__________________

(١) من القيظ وهو شدة الحر ، والمراد انه يلبس العمامة والرداء في الصيف والشتاء.

٨٦

أربعا يستحب له الجهر أيضا ، ولا بأس أن يجمع المؤمنون في زمان التقية بحيث لا ضرر عليهم فيصلوا جماعة بخطبتين ركعتين ، وأبى ذلك صاحب المراسم ،(١) وأراه آخذا بزمام الاحتياط.

ومن وكيد السنن غسل يوم الجمعة ، ووقته من طلوع الفجر إلى الزوال ، وكلما قرب من الزوال كان أفضل ، فإن فاته قضاه بعد الزوال أو يوم السبت ، وإذا خاف فقد الماء قدمه يوم الخميس.

ويستحب تقديم النوافل للظهر والعصر يوم الجمعة خاصة قبل الزوال ، وأن يزاد فيها أربع ركعات ، ويجمع بين الفريضتين بلا توسط أذان بينهما ، وإن صلى ست ركعات من النوافل بين الفرضين جاز ، فإن لم يتفق تقديمها أخرها إلى بعد العصر ، فإن الجمع بين الفرضين في أول الوقت [ كان ] (٢) أفضل على كل حال ، ويحرم البيع يوم الجمعة حين يقعد الإمام على المنبر بعد الأذان على من وجبت عليه الجمعة خاصة.

الفصل السابع

عشر يكره تعلية المساجد بل تبنى جما (٣) وسطا ، ويكره أن تكون مظللة ، ويستحب أن تكون مكشوفة ، ولا يجوز أن تكون مزخرفة أو مذهبة أو مصورا عليها ، ولا تعلى المنارة على حائط المسجد ، وتكره المحاريب الداخلة في الحائط ، ولا يجوز نقض المسجد إلا إذا استهدم ، ولا يؤخذ شي‌ء منه في ملك ولا في طريق ، ويكره أن

__________________

(١) سلار : المراسم : ٢٦١.

(٢) ما بين المعقوفتين ليس في الأصل.

(٣) أي بلا شرفة. قال في مجمع البحرين : وفي الحديث : ان المساجد لا تشرف تبنى جما ، أي لا تشرف جدرانها.

٨٧

يتخذ طريقا ، ويجنب البيع والشراء ، والمجانين والصبيان ، وإقامة الحدود ، وإنشاد الشعر والضالة ورفع الأصوات ، وعمل الصنائع ، ويكره سل السيف فيه.

ولا يجوز إزالة النجاسة فيه ، ولا دخول مشرك فيه ذميا كان أو غيره ، ولا يبصق ولا يتنخم فيه ، ولا يقصع القمل (١) ، ولا تكشف العورة ، ولا يدخله من أكل الثوم والبصل ونحوهما نيا حتى تزول رائحته ، ويكره النوم فيه ، ولا يجوز الدفن فيه ، ومن أراد دخوله تعاهد نعله احترازا من النجاسة ويقدم الرجل اليمنى على اليسرى ، وإذا خرج فبالعكس.

الفصل الثامن عشر

الجماعة فيما عدا الجمعة من الفرائض سنة مؤكدة ، وأقل من تنعقد به اثنان ، ولا تنعقد إلا بتقديم الأذان والإقامة ، وقيل : إن ذلك من الفضل دون الوجوب ، (٢) ولا ينبغي أن يترك الجماعة مختارا ، ولا يجوز أن يقف المأموم قدام الإمام ، ومن كان بينه وبين الصفوف حائل يمنع من مشاهدتها لم يجز له الاقتداء ، وينبغي أن يكون بين الصفين مربض غنم ، ويكره وقوف الإمام في المحراب الداخل في الحائط ، ولا يجوز أن يكون الإمام على مثل دكة عالية أو سقف والمقتدون أسفل منه ، ويكره أن يقف المأموم وحده وفي الصفوف فرجة.

ويجب أن يكون الإمام مؤمنا معتقدا للحق من القول (٣) بالتوحيد والعدل والنبوة وإمامة الاثني عشر ـ عليهم‌السلام ـ والبراءة من أعدائهم ، وأن يكون عدلا

__________________

(١) القصع : قتل الصؤاب والقملة بين الظفرين. لسان العرب.

(٢) الشيخ : الخلاف كتاب الصلاة ، المسألة ٢٨ من مسائل مواقيت الصلاة. والمرتضى : الناصريات ، المسألة ٦٥.

(٣) كذا في الأصل ولكن في « س » : يؤمن.

٨٨

مرضيا ، ولا يجوز إمامة المخالف في شي‌ء من ذلك ولا الموافق إذا لم يكن عدلا مرضيا ، ومن صلى خلف إمام ثم تبين أنه كان فاسقا أو كافرا لم يجب عليه الإعادة ولا عليهما إذا تابا.

ويقدم في الجماعة أقرأهم ، ويعتبر في القراءة ما يحتاج إليه في الصلاة ، فإن تساووا فأفقههم ، فإن تساووا فأشرفهم ، فإن تساووا فأقدمهم هجرة ، فإن تساووا فأسنهم (١) في الإسلام ، وإن تساووا فأصبحهم وجها ، والهاشمي المستجمع للصفات أولى من غيره.

ولا يجوز أن يؤم أمي بقارئ ، ولا عبد بحر ، ولا أعرابي بمهاجر ، ولا مقيد بمطلق ، ولا قاعد بقائم ، ولا مجذوم ولا أبرص ولا محدود ولا مفلوج بمن ليس كذلك ويجوز بمثلهم ، ولا يجوز إمامة ولد الزنا ، ولا عاق والديه ، ولا قاطع رحم ، ولا سفيه ، ولا أغلف ، ولا أن تؤم امرأة بخنثى ويجوز بالعكس ، ويجوز أن يؤم الأعمى بالبصير إذا كان معه من يوجهه إلى القبلة.

ويكره الاقتداء بمن يبدل حرفا بحرف ولا يأتي بالحروف على البيان والصحة أو لا يفصح بالقراءة لعجمة أو غيرها ، أو غيرها ، أو يلحن في القراءة ، إذا لم يحسن إصلاح لسانه ، فإن أحسن وتعمد اللحن بطلت صلاته وصلاة من اقتدى به إن علموا بذلك ، فإن لم يعلموا فلا شي‌ء عليهم ، ولا يتقدمن أحد على غيره في مسجده ولا في منزله ولا في إمارته إلا بأمره وإذنه.

ويكره للرجل أن يصلي بقوم وهم له كارهون ، ويكره أن يؤم المتيمم بالمتوضى‌ء ، والمسافر بالحاضر ، فإن فعل فإنه إذا أتم صلاته يقدم من يصلي بهم تمام الصلاة ، ولا يمكن الصبيان والعبيد من الصف الأول. وإذا (٢) صلى في مسجد

__________________

(١) كذا في الأصل ولكن في « س » : فأسبقهم.

(٢) في الأصل : فإذا.

٨٩

جماعة كره أن يصلى تلك الصلاة فيه دفعة أخرى جماعة ، فإن حضر قوم صلوها فرادى ، وروي : أنه يجوز إلا أنهم لا يؤذنون ولا يقيمون ما لم تنفض الصفوف ، فإذا انفضت(١) أذنوا وأقاموا ثم صلوها جماعة.

ويجوز أن يأتم المتنفل بالمفروض وأن يؤم به ، اختلف الفرضان أو اتفقا ، كمن صلى وحده ثم ائتم بغيره أو أم به معيدا تلك الصلاة ثانية تطوعا ، ويجوز أن يقتدي المؤدي بالقاضي وإن اختلف الفرضان ، ولا يجوز لمن لم يصل الظهر أن يصلي مع الإمام العصر ، فإن صلى ظهره مع عصر الإمام جاز ، ولا يجوز الاقتداء بمن اقتدى بغيره.

وإن صلى اثنان كل واحد منهما على عزم أنه مأموم بطلت صلاتهما ، وعلى عزم أنه إمام صحت ، ومن فارق الإمام لا لعذر بطلت صلاته ، فإن فارقه لعذر وتمم صحت صلاته.

من كبر تكبيرة الإحرام قبل الإمام لم يصح ووجب عليه أن يقطعها بتسليمة ثم يستأنف الصلاة معه أو بعده بتكبيرة الإحرام ، ولا يجوز أن يقرأ خلفه سواء كانت الصلاة يجهر فيها بالقراءة أو لا يجهر ، بل ينصت إلى القراءة فيما يجهر ويسبح الله مع نفسه فيما لا يجهر ، وروي استحباب قراءة الحمد وحدها فيما لا يجهر فيه ، (٢) وإذا خفي قراءة الإمام على المأموم فيما يجهر قرأ لنفسه ، فإن سمع همهمة فهو بالخيار ، وإذا صلى خلف من لا يقتدى به متقيا أجزأه (٣) من القراءة كحديث النفس ، وإن قرأ الحمد وحدها جاز ، وإن قرأ الإمام سجدة العزائم ولم يسجد أومأ هو بالسجود.

__________________

(١) في الأصل : ما لم تنقض الصفوف فإذا انقضت. لاحظ الوسائل : ٥ ب ٦٥ من أبواب صلاة الجماعة.

(٢) نفس المصدر : ب ٣١ ، من أبواب صلاة الجماعة ، ح ١٥.

(٣) في الأصل : أجزأته.

٩٠

ومن أدرك من الركوع مع الإمام مقدار أن يسبح تسبيحة فقد أدرك تلك الركعة ، فإن خاف فوت الركوع أجزأه تكبيرة واحدة للافتتاح والركوع وينوي به الافتتاح لا غير ، ولا بأس أن يأتي ببعض التكبير منحنيا ، ومن خاف فوت الركوع أحرم وركع ومشى في ركوعه حتى يلحق بالصف ، والأفضل أن يسجد موضعه ثم يلحق معه في الركعة الثانية.

من فاته ركعة مع الإمام جعل ما يلحق معه أول صلاته ، فإذا سلم الإمام قام فتمم ما فاته ، ويقرأ مع الإمام الحمد وسورة إن أمكن وإلا فالحمد وحدها.

وإذا جلس لا في وقت جلوسه مع الإمام حمد الله وسبحه ، ويستحب للإمام أن يسمع من خلفه التكبيرات كلها ، وقول : سمع الله لمن حمده ، والشهادتين ، ولا يجوز للمأموم أن يرفع رأسه من الركوع أو السجود قبل الإمام ، فإن فعله ناسيا عاد إليه ، وإن كان عامدا لم يعد بل يقف حتى يلحقه الإمام ، هذا للمقتدي ، وغير المقتدي لا يجوز له العود مطلقا.

إذا حدث الإمام حدث يجب أن يستخلف غيره ليتمم الصلاة بهم ، ويستحب أن لا يستخلف إلا من شهد الإقامة ، فإن استخلف من فاته بعض الصلاة صلى بهم تمام صلاتهم ، ويومى‌ء إليهم ليسلموا ويقوم هو فيتمم صلاة نفسه ، وإذا مات الإمام فجأة نحى عن القبلة من غير أن يباشر جسمه ، ويقدم من يتمم بهم الصلاة.

ولا يجوز الجماعة في النوافل إلا صلاة الاستسقاء ، ولا يبرح الإمام مكانه حتى يتم صلاته من فاته شي‌ء منها.

٩١

الفصل التاسع عشر

يجب التقصير في الصلاة والصوم في كل سفر بلغ ثمانية فراسخ ، بريدين ، أربعة وعشرين ميلا ، إلا إذا كان السفر معصية فإنه لا يجوز فيه ، وذلك مثل اتباع السلطان الجائر في طاعته من غير ضرورة ، وطلب الصيد للهو والبطر لا لنفقة العيال ، فأما للتجارة فروي : أنه يتم الصلاة ويفطر الصوم ، (١) وإذا كانت المسافة أربعة فراسخ (٢) وأراد الرجوع من يومه قصر ، وإن لم يرد ذلك وكان أربعة فصاعدا ولم يبلغ الثمانية فهو مخير بين الإتمام والتقصير في الصلاة دون الصوم ، وإن نقص عن أربعة لم يجز التقصير في الصلاة أيضا ، ومع ما ذكرنا لا يجوز التقصير إلا بعد أن يخرج ويتوارى عنه جدران بلده ، أو يخفى عليه أذان مصره ، والمسافة في البحر كهي في البر في ذلك ، وإذا ردت الريح السفينة فوقفت لذلك كان الفرض التقصير ، لأنه لم ينو المقام.

المكاري والملاح والراعي والبريد والبدوي ، والذي لم يكن له دار مقام ، والوالي الذي يدور في ولايته ، والذي يدور في جبايته ، والدائر في تجارته من سوق إلى سوق ، ومن كان سفره أكثر من حضره ، لا يجوز لهؤلاء التقصير إلا إذا كان لهم في بلدهم مقام عشرة أيام ، فحينئذ يجب التقصير ، وإن كان مقامهم في بلدهم خمسة أيام قصروا الصلاة بالنهار وتمموها بالليل ، ولا يحتاج إلى نية التقصير ، بل ينوي فرض الوقت فحسب.

ومن خرج بنية السفر ثم بدا له وهو في الصلاة تمم ، وإذا خرج من منزله وقد دخل وقت الصلاة وجب عليه التمام إذا بقي من الوقت ما يفي به ، فإن تضيق

__________________

(١) جامع الأحاديث : ٧ ـ ٦١ ، ب ١٣ من أبواب صلاة المسافر.

(٢) في « س » : أربع فراسخ.

٩٢

الوقت قصر ، وكذا إذا قدم وقد بقي وقت التمام تمم وإلا قصر.

قال المرتضى ـ رضي‌الله‌عنه ـ (١) : الأظهر أنه يصلي بحسب حاله وقت الأداء فيتمم الحاضر ويقصر المسافر ما داما في وقت من الصلاة وإن كان أخيرا ، فإن خرج الوقت لم يجز إلا قضاؤها بحسب حاله عند دخول أول وقتها ، ومن دخل عليه الوقت وهو مسافر فنوى المقام قبل خروج الوقت لزمه. وكل من تعلق عزمه بعزمه التمام ، وفإن غير نيته عن المقام بعد أن صلى على التمام ولو واحدة لم يجز له التقصير إلا بعد الخروج ، وإن غير نيته قبل أن يصلي شيئا على التمام قصر ما بينه وبين شهر ، فإذا مضى شهر لم يجز له التقصير ولو صلاة واحدة.

ومن دخل في الصلاة بينة القصر ثم عن (٢) له المقام عشرا تمم ، وكذا إذا دخل بنية المقام [ عشرا ] (٣) ثم عن له الخروج تمم لا غير.

إذا مال في سفر التقصير إلى الصيد لهوا أو بطرا تمم إلى أن يعود إلى السفر.

إذا مر في طريقة بضيعة له أو ملك له أو حيث له فيه قرابة فنزل ثم طرح ولم ينو المقام ، فإن كان قد استوطنه ستة أشهر فصاعدا تمم وإلا قصر.

إذا خرج في طلب غريم هرب أو عبد آبق على عزم أن يرجع حيث يجده لم يقصر ، لأنه شاك في المسافة ما لم يسرها ، فإذا بدا له الرجوع عن بعض الطريق كان في حكم سفر مستأنف ويعتبر المسافة.

ومن خرج إلى مسافة فرسخ بنية أن ينتظر الرفقة ولم ينو المقام قصر إلى شهر ثم تمم ، فإن عن لبعضهم حاجة في البلد فعاد إليه قصر في الطريق ، فإذا حضر

__________________

(١) في المصباح لاحظ المختلف : ٣ ـ ١١٩ من الطبع الحديث.

(٢) عن : عرض. لسان العرب.

(٣) ما بين المعقوفتين ليس في الأصل.

٩٣

بلده (١) وحضرت الصلاة تمم لأنه في مقامه وإن أراد الخروج بلا فصل ، وإن عاد في طريقه إلى بلد غير بلده وكان قد نوى فيه مقام عشرة لحاجة ، قصر فيه لأنه لم يعد إلى وطنه ، ومن أتم في السفر ناسيا ثم علم (٢) به لم تلزمه الإعادة إلا إذا بقي الوقت ، وإن أتم متعمدا أعاد إلا إذا لم يكن عالما بوجوب التقصير.

من قصر مع الجهل بجواز التقصير بطلت صلاته ، لأنه صلى صلاة على غير بصيرة من صحتها ، ومن سافر إلى بلد له طريقان : أحدهما فيه مسافة التقصير دون الآخر ، فسلك الأبعد لغير غرض لزمه التقصير (٣) لأن ما دل على وجوب التقصير عام ، وقال ابن البراج : لم يقصر. (٤)

ويستحب الإتمام في السفر في أربعة مواطن : مكة ، والمدينة ، ومسجد الكوفة ، والحائر ، وروي : في حرم الله وحرم الرسول وحرم أمير المؤمنين ـ عليه‌السلام ـ وحرم الحسين ـ عليه‌السلام ـ (٥) فعلى هذه الرواية يجوز الإتمام خارج المسجد بالكوفة وبالنجف ، وعلى الأول لا يجوز إلا في نفس المسجد.

وقال المرتضى ـ رضي‌الله‌عنه ـ : لا تقصير في مكة ومسجد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومشاهد الأئمة القائمين مقام الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. (٦)

ويستحب للمسافر أن يعقب كل فريضة « سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر » ثلاثين مرة جبرانا للصلاة.

__________________

(١) كذا في « س » ولكن في الأصل : فإذا دخل بيته وحضرت.

(٢) في الأصل : وعلم.

(٣) في الأصل : لزمه القصر.

(٤) المهذب : ١ ـ ١٠٧.

(٥) لاحظ الوسائل : ٥ ب ٢٥ من أبواب صلاة المسافر ح ١.

(٦) رسائل الشريف المرتضى ، المجموعة الثالثة : ٤٧.

٩٤

الفصل العشرون

يجب التقصير في الصلاة عند الخوف من العدو سفرا كان أو حضرا ، وقيل : لا يقصر إلا بشرط السفر.

إذا كان العدو في غير جهة القبلة بحيث لا يتمكن من الصلاة إلا أن يستدبر القبلة ، أو يكون على يمينها ، أو شمالها ، ولا يأمن المسلمون مكرهم ، وخافوا إن يتشاغلوا بالصلاة هجموا عليهم ، وكان في المسلمين كثرة بحيث يمكن أن تقاوم فرقة منهم (١) العدو ، فحينئذ يفرقها الإمام فرقتين إحداهما توازي العدو والأخرى يصلون معه ، فإذا قاموا إلى الثانية طول الإمام قراءته وهم يتممون الصلاة وينوون الانفراد بها ويسلمون ويمضون إلى العدو ، وتجي‌ء الفرقة الأخرى ويصلي بهم الإمام الركعة الثانية ، ويطول التشهد حتى يتموا (٢) صلاتهم فيسلم بهم.

وإن كانت صلاة المغرب صلى بأي الفرقتين شاء من الأولى والأخرى ركعة ، وبالثانية ركعتين ، وأن يصلي بالأولى ركعة وبالثانية ركعتين فأفضل. (٣)

وينبغي أن يكون سلاحهم الذي يصلون معه خاليا من النجاسة إلا ما لا يتم الصلاة فيه منفردا ، كالسيف والسكين والقوس والسهم والرمح ، فإن صلى الإمام مرتين بالفرقتين وتكون الأخرى نفلا له جاز.

إذا سها الإمام في الركعة الأولى بما يوجب سجدتي السهو كان عليه وعلى الفرقة الأولى سجدتان ، وإن سها في الثانية كان عليه وعلى الفرقة الثانية ، وإن سهت الفرقتان فيما انفردوا به فعليهم دون الإمام.

__________________

(١) كذا في الأصل ولكن في « س » : كل فرقة منهم.

(٢) كذا في الأصل ولكن في « س » : يتمموا.

(٣) كذا في « س » ولكن في الأصل : وأن يصلي بالأولى ركعة أفضل.

٩٥

إذا صلى كل واحد منهم منفردا بلا جماعة بطل حكم التقصير إلا في السفر.

إذا اشتد الخوف فلم يتمكنوا من الصلاة كذلك صلى كل واحد منهم إيماء بحسب الإمكان راكبا كان أو ماشيا ، فإن لم يمكنه استقبال القبلة استقبلها بتكبيرة الإحرام ، ويسجد على الأرض أو على قربوس سرجه إن أمكن ، وإلا فبالإيماء يكون سجوده أخفض من ركوعه ، فإن لم يمكنه الإيماء أجزأه عن كل ركعة مرة « سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ».

ومن صلى مع شدة الخوف ركعة ثم أمن نزل وتمم صلاته على الأرض إن لم يستدبر القبلة ، فإن استدبرها استأنف ، وكذا إن صلى ركعة على الأرض آمنا فلحقه شدة الخوف ركب وتمم إيماء ، ويجوز صلاة شدة الخوف إذا خاف من سيل يلحقه ، أو عدو يأخذه ، أو سبع يفترسه ، ولم يقدر على التحرز منه.

إذا رأى سوادا فظن أنه عدو فصلى صلاة شدة الخوف ثم تبين أنه لم يكن عدوا فلا إعادة عليه.

إذا كان العدو في جهة القبلة لا يسترهم شي‌ء ، ولا يخاف من جنبتهم وبالمسلمين كثرة فلا صلاة خوف ، ويجوز أن يصطف المسلمون خلف الإمام صفين فيركعوا جميعا ، ثم يسجد الإمام مع الصف الأول ، والصف الأخير قيام يحرسونه ، فإذا فرغوا من السجود سجد الصف الأخير ، ثم يتأخر الصف الأول ويتقدم [ أول ] (١) الأخير إلى مقام الأول ، ثم يركع الإمام مع الصفين ، ثم يسجد مع الصف الذي يليه ، والصف الأخير قيام يحرسونه ، فإذا جلس الإمام والصف الأول ، سجد الأخير ، ثم يسلم بهم جميعا.

__________________

(١) ما بين المعقوفتين موجود في « س ».

٩٦

الفصل الحادي والعشرون

راكب السفينة يستقبل القبلة ويدور مع السفينة كيف ما دارت متوجها إليها ، فإن تعذر استقبلها بتكبيرة الإحرام ثم صلى كيف ما دارت ، فإن لم يتمكن من الصلاة قائماً صلى جالسا ، فإن لم يجد ما يسجد عليه وكان خشب السفينة مقيرا غطاه بثوب وسجد عليه ، فإن لم يجد سجد على القير وقد أجزأه ، والنافلة تصلي إلى صدر السفينة إذا عجز عن التوجه. (١)

الفصل الثاني والعشرون

من زال عقله بجنون أو إغماء سقط عنه فرض ما تقضى وقته دون ما أفاق في وقته ، والمريض الثابت العقل يصلي قائماً ، فإن عجز اعتمد على عصا أو حائط ، فإن عجز صلى جالسا ، والإنسان على نفسه بصيرة ، وروي : أنه إذا لم يقدر على الوقوف أو المشي مقدار زمان صلاته ، صلى جالسا ، فإن صلى جالسا وقدر أن يقوم فيركع فعل ، فإن لم يقدر على السجود ، رفع إليه ما يسجد عليه ، فإن عجز عن الصلاة جالسا صلى مضطجعا على يمينه ويسجد ، فإن عجز عن السجود أومأ به ، فإن لم يتمكن من الاضطجاع فمستلقيا إيماء ، يغمض عينيه للركوع وللسجود ويفتحهما للارتفاع ، فإن عرض له في أثناء الصلاة تمكن أو عجز عمل على مقتضاه بانيا على ما سبق منه ، [ و ] (٢) من عجز عن الوقوف لقراءة سورة طويلة لمرض أو ضعف جاز أن يقعد ، سواء كان منفردا أو مع الإمام ، وإذا صلى المريض جالسا جلس لما عدا التشهد متربعا أو مفترشا ، وللتشهد متوركا ، والمريض في

__________________

(١) في « س » : من التوجه.

(٢) ما بين المعقوفتين موجود في « س ».

٩٧

السفر يصلي الفرض على ظهر الدابة حسب الطاقة إن لم يقدر على النزول.

إذا حدث بالمبطون وهو في الصلاة ما ينقض وضوءه أعاد الوضوء وبنى على صلاته ، وكذلك سلس البول إذا استبرأ ، ندب إلى ألف خرقة على ذكره لئلا تتعدى النجاسة ، ولا يلزمه تجديد الوضوء عند كل صلاة.

والمقيد والأسير في الكفار والمصلوب ، يصلون إيماء إذا عجزوا عن شرائط الصلاة ، وإذا تضيق وقت الصلاة على الموتحل (١) والغريق والسابح ولم يتمكنوا مما يصلون عليه أو فيه صلوا إيماء ، سجودهم أخفض من ركوعهم ، مستقبلي القبلة (٢) مع الإمكان ، والعريان إذا فقد ما يستر به عورته من ثوب أو حشيش أو غيره (٣) ـ وكان وحده آمنا من اطلاع بشر ـ صلى قائماً ، وإن لم يأمن ووجد نقبا صلى فيه قائماً ، وإلا فجالسا ، وإن كانوا جماعة عراة وأرادوا الجماعة صلوا من جلوس صفا واحدا لا يتقدمهم الإمام إلا بركبتيه ، ويكون ركوعه وسجوده إيماء ، سجوده أخفض من ركوعه ، والمقتدون يركعون ويسجدون على الأرض جلاسا ، ولا يمكن أن تصلي معهم النساء إلا خلف (٤) حائل أو منفردين.

الفصل الثالث والعشرون

من فاته صلاة لم يكن مخاطبا بها ، كالمجنون ، والمغمى عليه ، والزائل العقل بسبب من الله تعالى ، لم يلزمه قضاؤها إلا إذا أفاق وقد بقي من وقتها مقدار أدائها أو مقدار ركعة منها ، ويستحب له قضاء ثلاثة أيام ، وأقله يوم وليلة ، وكافر الأصل لا يلزمه أيضا قضاء ما فاته في حال كفره.

__________________

(١) استوحل المكان : صار ذا وحل ، وهو الطين الرقيق. المصباح المنير.

(٢) في الأصل : « الكعبة » بدل « القبلة ».

(٣) في الأصل : وغيره.

(٤) في « س » : مع حائل.

٩٨

وأما من كان كامل العقل ، بالغا ، وعلى ظاهر الإسلام أي نحلة كانت ، فإنه يجب عليه قضاء ما فاته بمرض (١) أو كسل أو سكر أو تناول مرقد أو نوم ، وإذا استبصر مخالف الحق لم يجب عليه إعادة ما صلاه قبل استبصاره ، ووقت الصلاة الفائتة وقت ما ذكرها (٢) ما لم يتضيق وقت فريضة حاضرة ، ومتى شرع في الفريضة الحاضرة في أول وقتها ثم ذكر أن عليه فائتة ، عدل بنيته إلى الفائتة ثم استأنف الحاضرة ، وينبغي أن يقضى الفوائت كما فاتته أولا فأولا ، فإن خالف لم يجزه ، (٣) فإذا تضيق وقت الحاضرة قطع الفائتة وصلى الحاضرة ، وإن صلى الحاضرة في أول الوقت قبل علمه بأن عليه فائتة أجزأته ، وبعد علمه فلا يجزئه ، ومن فاتته صلاة واحدة من الخمس ولا يدري أيها هي؟ صلى أربعا وثلاثا وثنتين ، ينوي بالأربع أما الظهر أو العصر أو العشاء الآخرة ، وبالثلاث المغرب ، وبالثنتين الغداة ، وقال صاحب الغنية : من فاتته صلاة من الخمس غير معلومة له بعينها لزمه أن يصلي الخمس بأسرها وينوي لكل صلاة منها قضاء الفائتة ، بدليل الإجماع وطريقة الاحتياط. (٤)

من فاتته صلاة بعينها مرات ولا يحصيها صلى إلى أن يغلب على ظنه أنه أتى عليها أو زاد ، فإن لم يعلمها بعينها صلى في كل وقت من كل صلاة إلى أن يغلب على ظنه أنه قضى ما عليه ، ولا يجوز نقل النية من النافلة إلى الفرض ، بل يجب استئناف الفائتة ، ويقضي في الحضر ما فاته في السفر مقصورا ، وفي السفر ما فاته في الحضر تاما.

__________________

(١) في « س » : لمرض.

(٢) في « س » : ما ذكرناها.

(٣) في « س » لم يجزئه.

(٤) ابن زهرة : الغنية المطبوع في ضمن سلسلة الينابيع الفقهية : ٤ ـ ٥٦١.

٩٩

ومن وجب عليه صلاة وأخرها عن وقتها حتى مات قضاها عنه وليه كما يقضى عنه حجة الإسلام والصيام ببدنه ، وإن تصدق بدله عن كل ركعتين بمد أجزأه ، فإن لم يقدر فلكل أربع مد ، فإن لم يقدر فمد لصلاة النهار ومد لصلاة الليل ، والصلاة أفضل ، هكذا ذكره المرتضى ـ رضي‌الله‌عنه ـ في العليل (١) وصاحب الغنية عاما ، لا يقال : كيف يكون فعل الولي تلافيا لما فرط فيه المتوفى وكان متعلقا في ذمته وليس للإنسان إلا سعيه وقد انقطع بموته عمله؟! لأنا نقول : إن الله تعالى تعبد الولي له بذلك ، والثواب له دون الميت ، وسمى به قضاء عنه من حيث حصل عند تفريطه ، وتعويلنا في ذلك على إجماع الفرقة المحقة وطريقة الاحتياط ، (٢) ومما يمكن التمسك به في ذلك عموم قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فدين الله أحق أن يقضى. (٣)

المرتد الذي يستتاب يقضي ما فاته من الصلاة والصوم والحج والزكاة في حال الردة وقبلها إذا تاب ، وكذا إذا أخل العاقل بعبادة ثم زال عقله ببلاء من الله تعالى يجب عليه قضاء ذلك إذا أفاق ، فإن لم يفق وجب على وليه. ومن ترك الصلاة وقال : لا اعتقد وجوبها علي ، فهو مرتد يجب قتله ، وإن قال : هي واجبة إلا أني (٤) ما فعلتها لكسل أو نحوه ، أنكر عليه وأمر بالقضاء. فإن لم يفعل عزر ، وإن ترك ثلاث صلوات عزر ثلاث مرات واستتيب في الرابعة ، فإن تاب وإلا قتل ، ويجزي عليه حكم المسلم لا المرتد.

ومن فاته شي‌ء من النوافل المرتبة في اليوم والليلة قضاه متى شاء ما لم يكن

__________________

(١) جمل العلم والعمل المطبوع في ضمن سلسلة الينابيع الفقهية : ٣ ـ ١٨٢ ، ورسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة : ٣٩.

(٢) ابن زهرة : الغنية المطبوع في ضمن سلسلة الينابيع الفقهية : ٤ ـ ٥٦٢.

(٣) مستدرك الوسائل : ٨ ـ ٢٦ ، ب ١٨ من أبواب وجوب الحج ، ح ٣ ، وبحار الأنوار : ٨٥ ـ ٣١٦ هذا نص الحديث : « فدين الله أحق بالقضاء ».

(٤) كذا في الأصل ، ولكن في « س » : « لكن » بدل « إلا اني ».

١٠٠