اصباح الشيعة بمصباح الشريعة

قطب الدين محمد بن الحسين الكيدري

اصباح الشيعة بمصباح الشريعة

المؤلف:

قطب الدين محمد بن الحسين الكيدري


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٥٢

طلوع الفجر الثاني ، ورخص لصاحب العذر في تقديمها أول الليل ، والقضاء أفضل من ذلك ، ووقت ركعتي الفجر طلوع الفجر الأول إلى طلوع الحمرة من ناحية المشرق.

ويكره ابتداء النوافل بعد فريضة الغداة ، وعند طلوع الشمس ، وعند قيامها نصف النهار إلى أن تزول إلا في يوم الجمعة ، وبعد فريضة العصر ، وعند غروب الشمس ، فأما النافلة التي لها سبب كقضاء النوافل ، وصلاة الزيارة ، وتحية المسجد ، وصلاة الإحرام والطواف ، فإنه لا يكره على حال.

والصلاة بعد وقتها قضاء ، وفي وقتها أداء ، وليس لها قبل وقتها إجزاء ، وأول الوقت أفضل مما بعده ، وقيل : إن الفرض متعلق بأوله ، ومن أخره لغير عذر أثم غير أنه قد عفي عنه (١) ، والأول أمتن. (٢).

من فاتته صلاة فريضة فوقتها حين يذكرها ما لم يتضيق وقت فريضة حاضرة ، وكذلك قضاء النافلة ما لم يدخل وقت فريضة ، وصلاة الكسوف وصلاة الجنازة وركعتا الإحرام وركعتا الطواف كذلك.

من شرع في الصلاة قبل دخول وقتها على ظن دخول ثم دخل وهو في الصلاة أجزأه ، وإن دخل بعد فراغه منها أعاد ، ولا يجوز لغير ذي العذر قبول قول الغير في دخول الوقت ، ويجوز لذي العذر ، إلا أنه إذا قبل ثم علم أنه فرغ قبل دخوله أعاد.

الفصل الرابع

من كان مشاهدا للكعبة بأن يكون في المسجد الحرام ، أو في حكم المشاهد

__________________

(١) المفيد في المقنعة : ٩٤.

(٢) في الأصل : والأول أبين.

٦١

بأن يكون ضريرا ،(١) أو يكون بينه وبين الكعبة حائل ، أو يكون خارج المسجد بحيث لا تخفى عليه جهة القبلة ، يلزمه التوجه إلى نفس الكعبة ، ومن كان مشاهدا للمسجد أو في حكم المشاهد ممن كان في الحرم يلزمه التوجه إلى نفس المسجد ، ومن كان خارج الحرم أو نائيا عنه يلزمه التوجه إلى الحرم.

وأهل العراق يتوجهون إلى الركن العراقي ، وأهل اليمن إلى الركن اليماني ، وأهل المغرب إلى الغربي ، وأهل الشام إلى الشامي ، ويلزم أهل العراق التياسر قليلا استظهارا لأن الحرم عن يمين الكعبة أربعة أميال وعن يسارها ثمانية ، ويعرف أهل العراق ومن يصلي إلى قبلتهم من أهل الشرق قبلتهم بكون الجدي خلف المنكب الأيمن لمستقبلها ، أو بكون الفجر (٢) موازيا لمنكبه الأيسر ، أو بكون (٣) الشفق موازيا لمنكبه الأيمن ، أو بكون (٤) عين الشمس عند الزوال على حاجبه الأيمن ، فإن فقد هذه الأمارات أو اشتبه عليه ذلك صلى الصلاة الواحدة أربع مرات إلى أربع جهات (٥) ، ومع الضرورة إلى جهة واحدة أيتها شاء.

وقد تعلم القبلة بالمشاهدة ، أو بخبر عن مشاهدة توجب العلم ، أو بأن نصبه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو بعض الأئمة ـ عليهم‌السلام ـ ، أو علم أنهم صلوا إليها ، ومن لا يحسن الاستدلال بالأمارات أو كان أعمى جاز له أن يرجع في معرفة القبلة إلى قول عدل ، فإن فقد العدل فحكمه حكم فاقد الأمارات.

ومن كان في جوف الكعبة صلى إلى أي جهة شاء ، وكذا (٦) إن كان فوقها وقف حيث شاء إلا على طرف الحائط بحيث لا يبقى بين يديه جزء من البيت ، فإن

__________________

(١) الضرير : الأعمى.

(٢) في « س » : أو يكون الفجر.

(٣) في الأصل : « أو كون » بحذف الباء.

(٤) في الأصل : « أو كون » بحذف الباء.

(٥) في الأصل : أربع جهة.

(٦) في « س » : وكذلك.

٦٢

صلاته حينئذ لا يجوز لأنه يكون مستدبر القبلة ، ويجوز أن يصلي مستلقيا متوجها إلى البيت [ المعمور ](١) ومتى انهدم البيت جاز الصلاة إلى عرضته ، وإن وقف في عرصته جاز إلا إذا لم يبق بين يديه جزء من أساسه.

وبالجملة فرض المتوجه العلم بجهة القبلة (٢) فإن تعذر العلم قام الظن مقامه ، ولا يجوز الاقتصار على الظن مع إمكان العلم ، ولا على الحدس مع إمكان الظن ، فمن فعل ذلك فصلاته باطلة وإن أصاب بتوجهه جهة القبلة لأنه ما فعل التوجه على الوجه المأمور به ، فيجب أن يكون غير مجز (٣).

ومن توجه مع الظن ثم تبين أن توجهه كان إلى غير القبلة أعاد الصلاة إن كان وقتها باقيا ، ولم يعد إن كان قد خرج ، إلا أن يكون استدبرها ، فإنه يعيد على كل حال ، ولا يصلي إلى أربع جهات إلا من لم يعلم جهة القبلة ولا ظنها ، ومن عدا أهل العراق أماراتهم غير هذه الأمارات بل يكون على حسب ما يناسب أركانهم (٤).

الفصل الخامس

يجوز الصلاة في كل لباس إلا ما كان نجسا ، أو إبريسما محضا للرجال بالاختيار ، أو ممنوعا من التصرف فيه شرعا ، أو شعر ما لا يؤكل لحمه سوى الخز الخالص ، أو كان ذهبا ، طرازا (٥) كان أو خاتما أو غير ذلك ، وجلد ما لا يؤكل لحمه

__________________

(١) ما بين المعقوفتين موجود في « س ».

(٢) في « س » : الكعبة.

(٣) في الأصل : غير مجزئة.

(٤) في الأصل : أركانها.

(٥) في « س » : طرزا. والطراز : علم للثوب. وهو معرب وجمعه طرز مثل كتاب وكتب وثوب مطرز بالذهب وغيره. المصباح المنير.

٦٣

سوى الكلب والخنزير ـ إذا ذكي ودبغ يجوز لبسه في غير حال الصلاة ، فأما في الصلاة فلا ، ويجوز الصلاة في السنجاب والحواصل خاصة. (١)

وتكره الصلاة في الثوب المكفوف بالحرير للرجال ، وفي خلاخل من ذهب لها صوت للمرأة ، وفي خاتم الحديد ، وفي التكة والجورب والقلنسوة المعمول من وبر ما لا يؤكل لحمه ما لم يكن هو أو المصلي رطبا ، أو المعمول عن حرير محض ، وذكر أن الصلاة في ثوب يكون تحت وبر الثعلب أو فوقه مكروهة غير محظورة ، وفي الثوب أو الخاتم الذي فيه تمثال أو صورة ذي روح خاصة ، ومع اللثام والنقاب للمرأة ، أو يكون مشدود الوسط ، أو في قباء مشدود إلا في الحرب ، وفي الثياب السود ما عدا العمامة (٢) والخف فإنه لا بأس بهما ، وفي الثياب المفدمة (٣) يكون مكروها ، أو يكون مؤتزرا فوق القميص ، أو مشتملا للصماء وهو أن يلتحف بالإزار ويدخل طرفيه جميعا من تحت يديه ويجعلهما على منكب واحد فعل اليهود ، وفي عمامة لا حنك لها وبغير رداء للإمام ، وفي ثوب شاف لا مئزر تحته ، وفي الشمشك (٤) ، والنعل السندي (٥) ، ومع الحديد المشهر ، سكينا كان أو سيفا أو مفتاحا أو دراهم سودا ، وفي ثوب شارب الخمر ومستحل شي‌ء من النجاسات وإن لم يعلم أن عليه نجاسة ، ويكره وصل الشعر بشعر الغير من الرجل والمرأة جميعا.

__________________

(١) نقل العلامة المجلسي ـ قدس‌سره ـ في البحار : ٨٠ ـ ٢٢٨ عن حياة الحيوان أن الحوصل جمعه حواصل وهو طير كبير له حوصلة عظيمة يتخذ منها الفروة. ونقل عن ابن البيطار أن هذا الطائر يكون بمصر كثيرا ويعرف بالبجع.

(٢) في الأصل : إلا العمامة.

(٣) الثوب المفدم ـ بإسكان الفاء ـ : المصبوغ بالحمرة صبغا مشبعا. مجمع البحرين.

(٤) الشمشك ـ بضم الشين وكسر الميم ـ قيل : إنه المشاية البغدادية. مجمع البحرين.

(٥) النعل السندي منسوب إلى بلاد السند ، أو إلى السندية قرية معروفة من قرى بغداد. مجمع البحرين.

٦٤

الفصل السادس

العورة التي لا يجوز الصلاة إلا بسترها من الرجل سوأتان ومن المرأة من فوقها إلى قدمها إلا الوجه والكفين وظهر القدمين (١) وإن كان الأفضل منها ستر ما سوى الوجه ، والأمة يجوز أن تصلي مكشوفة الرأس إلا المكاتبة غير المشروط عليها وقد انعتق بعضها بأداء شي‌ء ، أو كان بعضها حرا فهي إذا كالحرة سواء ، والفضل للرجال في ستر ما بين السرة إلى الركبة مع الركبة ، وأفضل منه أن يصلي في ثوب صفيق ورداء ، والأمة إذا أعتقت وهي في الصلاة حاسرة سترت الرأس إن أمكن ، وإلا أتمت الصلاة ولا شي‌ء عليها ، وحكم الصبية دون تسع سنين حكم الأمة ، وإن بلغت خلال الصلاة بما لا ينقض الوضوء فكما في عتق الأمة.

الفصل السابع

ما لا يجوز عليه الصلاة من المكان هو المغصوب والنجس ، سواء كان المصلي هو الغاصب أو غيره ، فإنه لا يجزيه صلاته فيه إلا مضطرا ، وإذا دخل ملك غيره وعلم بشاهد الحال أن صاحبه لا يكره الصلاة فيه وصلى جاز.

من كان في ملك غيره بإذنه فأمره بالخروج عند تضيق وقت صلاة فتشاغل بالخروج وصلى في طريقه جاز ، لأنه متشاغل بالخروج وإنما قدم فرض الصلاة على فرض غيره ، وإن لم يتضيق لم يجزه.

ولا يجوز أن يصلي الرجل وامرأة تصلي متقدمة له أو محاذية لجهته سواء كانت مقتدية به أو لا ، فإن فعلا بطلت صلاتهما إلا إذا كان (٢) بينهما عشر أذرع فصاعدا ،

__________________

(١) في الأصل : وظهور القدمين.

(٢) في « س » : كانت.

٦٥

أو كانت هي غير مصلية ، وإن صلت بجنب الإمام بطلت صلاتها وصلاة الإمام ولا تبطل صلاة المأمومين ، وإن صلت خلفه في صف بطلت صلاة من عن يمينها وشمالها ومن يحاذيها من خلفها لا غير ، وحمل المرتضى ـ رضي‌الله‌عنه ـ ذلك على الكراهة. (١)

وتكره الصلاة في وادي ضجنان ، ووادي الشقرة ، والبيداء ، وذات الصلاصل ، وهي أربعة مواضع في طريق مكة ، (٢) وفي قرى النمل ، وجوف الوادي ، والحمام سوى المسلخ ، وبين المقابر إلا إذا كان بينه وبين القبر عشر أذرع

__________________

(١) في كتابه المسمى بـ « المصباح » لاحظ المختلف : ٢ ـ ١١١ من الطبع الحديث.

(٢) في الجواهر : قيل : إن ذات الصلاصل اسم الموضع الذي أهلك الله فيه نمرود ، وضجنان واد أهلك الله فيه قوم لوط.

و « البيداء » : هي التي يأتي إليها جيش السفياني قاصدا مدينة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيخسف الله به تلك الأرض.

وفي خبر ابن المغيرة المروي عن كتاب الخرائج والجرائح : « نزل أبو جعفر ـ عليه‌السلام ـ في ضجنان فسمعناه يقول ثلاث مرات : لا غفر الله لك ، فقال له أبي : لمن تقول جعلت فداك؟ قال : مر بي الشامي لعنه الله يجر سلسلته التي في عنقه وقد دلع لسانه يسألني أن أستغفر له ، فقلت له : لا غفر الله لك ».

وعن عبد الملك القمي : سمعت أبا عبد الله ـ عليه‌السلام ـ يقول : بينا أنا وأبي متوجهان إلى مكة من المدينة فتقدم أبي في موضع يقال له « ضجنان » إذ جاءني رجل في عنقه سلسلة يجرها فأقبل علي فقال : اسقني ، فسمعه أبي فصاح بي وقال : لا تسقه لا سقاه الله تعالى ، فإذا رجل يتبعه حتى جذب سلسلته وطرحه على وجهه في أسفل درك الجحيم ، فقال أبي : هذا الشامي لعنه الله تعالى.

والمراد به على الظاهر معاوية صاحب السلسلة التي ذكرها الله تعالى في سورة الحاقة.

أنظر جواهر الكلام : ٨ ـ ٣٤٩. والوسائل : ٣ ـ ٤٥٠ ، الباب ٣٣ و ٣٤ من أبواب مكان المصلي.

وقال في مجمع البحرين : في الحديث نهي عن الصلاة في وادي شقرة ـ وهو بضم الشين وسكون القاف. وقيل بفتح الشين وكسر القاف ـ : موضع معروف في طريق مكة. قيل : إنه والبيداء وضجنان وذات الصلاصل مواضع خسف وأنها من المواضع المغضوب عليها.

٦٦

من جهاته سوى خلفه.

والنافلة إلى قبور الأئمة مرخص فيها ، وفي أرض الرمل والسبخة إذا لم يتمكن من السجود عليهما وفي جواد الطرق (١) سوى الظواهر بينها ، وفي معاطن الإبل خاصة ، وفي البيع والكنائس وبيوت النيران ، وبيوت المجوس إلا إذا رش الموضع بالماء وجف ، وفي بيت فيه مجوسي ، وفي موضع ينز حائط قبلته من بول أو قذر ، وحيث يكون في قبلته نار في مجمرة أو قنديل (٢) أو سيف مشهر إلا عند الخوف من العدو ، أو يكون في قبلته أو يمينه أو شماله صور وتماثيل إلا أن يغطيها أو كانت الصورة تحت رجليه ، وأن يكون بين يديه مصحف مفتوح أو شي‌ء مكتوب ، لأنه يشغله عن الصلاة ، وأن يصلي الفرض خاصة في جوف الكعبة مختارا ، ومن كان موضع سجوده طاهرا وعلى باقي مكانه نجاسة يابسة لا تتعدى إليه أجزأت صلاته سواء تحركت بحركته أو لم تتحرك بأن تكون النجاسة في أطرافه.

الفصل الثامن

لا يجوز السجود إلا على الأرض أو ما أنبتته الأرض مما لا يؤكل ولا يلبس على مجرى العادة بعد أن كان ملكا ، أو في حكم الملك ، وخاليا من النجاسة ، ولا يجوز على ما هو بعضه كاليد ، ولا على المعادن كلها ، ولا على الكحل والزرنيخ والنورة ، ولا على القير مختارا ، ولا على الزجاج والرماد والصهروج (٣) ، ومن وقع في أرض

__________________

(١) الجادة : وسط الطريق والجمع : جواد كدابة ودواب. مجمع البحرين.

(٢) في « س » : أو في قنديل.

(٣) الصهروج والصاروج ورد كلاهما في الحديث. قال في القاموس : الصاروج : النورة واختلاطها ، والصهريج كقنديل : حوض يجتمع فيه الماء ، والمصهرج المعمول بالصاروج.

٦٧

رمضاء سجد على ثوب يتقي به الحر ، فإن فقد الثوب فعلى كفه ، وكذلك يسجد على الثوب من كان في موضع قذر ولم يتمكن من غيره.

ويكره السجود على القرطاس المكتوبة لمن يحسن القراءة خاصة ، ومن (١) وقع في الثلج ولم يجد ما يسجد عليه دق الثلج بحيث يتمكن من السجود [ عليه ] (٢) وسجد عليه ، وإذا عملت سجادة بسيور ظاهرة تقع الجبهة عليها لم يجز السجود عليها ، وإذا أصاب شيئا مما عمل من نبات الأرض سوى القطن والكتان نجاسة مانعة وجففتها الشمس خاصة جاز السجود عليه ، وكذا الأرض ، وإذا صار الميت رميما واختلط بالتراب لم يجز السجود على ذلك التراب لأنه نجس.

الموضع الذي أصابه البول تزول نجاسته بإحدى ستة أشياء : إما بأن يكثر عليه الماء حتى يستهلكه ولا يرى له لون ظاهر ولا رائحة ، أو بأن يمر عليه سيل أو ماء جار ، أو بأن يحفر الموضع في حال رطوبته فينتقل ترابه جميع الأجزاء الرطبة ، أو يحفر الموضع فينقل ترابه حتى يغلب على الظن أنه نقل جميع الأجزاء النجسة ، أو بأن يجي‌ء (٣) عليه مطر أو سيل فيقف فيه بمقدار ما يكاثره من الماء ، أو بأن يجف الموضع بالشمس دون غيرها.

وحكم الخمر حكم البول إلا في تجفيف الشمس فإنه لا يطهره ، ولا يحكم بطهارة الموضع مع بقاء لون الخمرة أو رائحتها لأن بقاء ذلك يدل على بقاء العين إلا أن يظن أن رائحته بالمجاورة فحينئذ يحكم بطهارته.

والجامد من النجاسة كالعذرة والدم إذا كان العين قائمة وكانت يابسة فأزيلت عن مكانها فالمكان طاهر ، وإن بقيت لها رطوبة بعد الإزالة فتلك الرطوبة

__________________

(١) في « س » : وإن.

(٢) ما بين المعقوفتين موجود في « س ».

(٣) في « س » : يجري.

٦٨

بمنزلة البول ، وإن كانت العين مستهلكة فإنما يجوز السجود على ذلك الموضع إما بقلع التراب حتى يتحقق أنه لم يبق من النجاسة شي‌ء ، وإما بأن يطين المكان بطين طاهر ، فإن ضرب منه لبن لم يجز السجود عليه ، فإن طبخ آجرا طهرته النار. (١)

الفصل التاسع

الأذان والإقامة سنتان مؤكدتان في الفرائض الخمس خاصة للمنفرد ، وواجبان في الجماعة بها ، وروي أنهما يجبان على الرجال في كل صلاة جماعة سفرا وحضرا ، ويجبان عليهم جماعة وفرادى سفرا وحضرا (٢) في الفجر والمغرب والجمعة ، والإقامة دون الأذان يجب عليهم في باقي الفرائض ، ومن قال بالندبية جعلهما في هذه المواضع أوكد (٣) ، ومن صلى جماعة بغير هما فاتته فضيلة الجماعة وأجزأته الصلاة.

ولا يجوزان في النوافل ، ولا في صلاة الكسوف والعيدين بل يقال فيهما : الصلاة الصلاة ، وإذا شرع المنفرد الصلاة (٤) بغير هما رجع إليهما واستأنف ندبا إلا إذا كان ركع ، ومن جمع بين صلاتين لا يؤذن بينهما ، ومن أذن وأقام ليصلي وحده فجاءه قوم وأرادوا الجماعة أعادهما ، وإذا دخل قوم وقد صلى الإمام جماعة ، فأرادوا الجماعة صلى بهم أحدهم بلا أذان وإقامة ما لم ينفض الجمع ، فإن انفض أعادهما ،

__________________

(١) الآجر بالمد والتشديد أشهر من التخفيف : اللبن إذا طبخ ، والواحدة الأجرة وهو معرب. مجمع البحرين.

(٢) في « س » : بسفر وحضر.

(٣) السيد المرتضى في الناصريات ، المسألة ٦٥.

(٤) في « س » : في الصلاة.

٦٩

وإذا أتت النساء بهما لم يسمعن الرجال.

وإذا سمع الأذان امتنع من الكلام ندبا ولو عن القرآن ، والترتيب في فصولهما واجب ، وندب المؤذن إلى أن يأتي بهما على طهارة ، ويكون مستقبل القبلة ، ولا يتكلم في خلالهما ، ويكون قائماً مع الاختيار ، ولا يكون ماشيا ولا راكبا ، ويرتل الأذان ويحدر الإقامة ، ولا يعرب أواخر الفصول ، ويفصل بينهما بجلسة ، أو سجدة ، أو خطوة ، أو نفس ، أو ركعتين نافلة إلا في المغرب فإنه لا يأتي فيه بالركعتين ولا بالسجدة.

ومن شرط صحتهما دخول الوقت ، وإن تكلم أو أحدث في خلال الأذان بنى على ما سبق بعد أن توضأ من الحدث ، وفي الإقامة استأنف ، والسكوت الطويل بين فصول الأذان يبطل حكمه.

ويجوز أذان الصبي والمرأة والأعمى إذا سدد وعرف الوقت ، والتثويب بدعة ، وهو قول « الصلاة خير من النوم ».

وفصول الأذان أربع تكبيرات ، ثم الإقرار بالتوحيد مرتين ، ثم الإقرار بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مرتين ، ثم الدعاء إلى الصلاة مرتين ، ثم إلى الفلاح مرتين ، ثم إلى خير العمل مرتين ، ثم تكبيرتان ، ثم تهليلتان.

والإقامة يسقط من أولها التكبير دفعتين ، ويزاد بعد « حي على خير العمل » ، « قد قامت الصلاة » دفعتين ، ويسقط التهليل مرة واحدة ، ولا بأس أن يقتصر في السفر وحال الضرورة على مرة مرة فيهما ، ولا يجوز الأذان للصلاة قبل دخول وقتها وقد روي جواز ذلك في الفجر خاصة (١).

__________________

(١) لاحظ الوسائل : ٤ ب ٨ من أبواب الأذان والإقامة.

٧٠

الفصل العاشر

ما يقارن (١) حال الصلاة على ضربين مفروض ومسنون ، وكل واحد منهما ينقسم قسمين : فعل وكيفية.

والمفروض من الأفعال في الركعة الأولى أربعة عشر فعلا : القيام مع القدرة أو ما يقوم مقامه مع العجز عنه ، والتوجه إلى القبلة ، والنية ، وتكبيرة الإحرام ، والقراءة ، والركوع ، والتسبيح فيه ، ورفع الرأس منه ، والسجود الأول ، والتسبيح فيه ، ورفع الرأس منه ، والسجود الثاني ، والذكر فيه ، ورفع الرأس منه.

والمفروض من الكيفيات في هذه الركعة ثلاث وعشرون كيفية : مقارنة النية لتكبيرة الإحرام ، واستدامة حكمها إلى عند الفراغ من الصلاة ، والتلفظ بـ « الله أكبر » ، وقراءة الحمد وسورة أخرى معها في الفرائض مع القدرة والاختيار ، وفي النوافل الحمد وحدها مجز ، والجهر بالقراءة فيما يجهر فيه وهو الغداة والمغرب والعشاء الآخرة ، والإخفات فيما يخافت فيه وهو الظهر والعصر ، والانحناء في الركوع بمقدار ما يتمكن من وضع الكفين على الركبتين ، والتسبيح فيه وفي كل واحد من السجدتين مرة مرة ، والطمأنينة في الركوع ، والطمأنينة إذا انتصب منه ، (٢) والسجدة على سبعة أعظم : الجبهة واليدين والركبتين وأطراف أصابع الرجلين ، والطمأنينة في السجدة الأولى ، والطمأنينة إذا انتصب منها والطمأنينة في السجدة الثانية.

والترتيب في الصلاة ، وهو أن يبدأ بالقيام ، والتوجه إلى القبلة ، ثم النية ، ثم تكبيرة الإحرام ، ثم القراءة ، ثم الركوع ، ثم السجود ، يكون جميع الأفعال والكيفيات في الركعة الأولى سبعة وثلاثين فعلا وكيفية.

__________________

(١) في « س » : ما يفعل.

(٢) في « س » : عنه.

٧١

وفي الركعة الثانية مثلها إلا تجديد النية وكيفيتها ، وتكبيرة الإحرام وكيفيتها ، وهي أربعة (١) وينضاف إلى ذلك في الثانية ستة أشياء : الجلوس للتشهد ، والطمأنينة فيه ، والشهادتان ، والصلاة على النبي ، والصلاة على آله ، يصير الجميع ستة وسبعين فعلا وكيفية.

فإن كانت صلاة الفجر انضاف إلى ذلك التسليم على قول بعض أصحابنا وعلى قول الباقين هو سنة. (٢)

وإن كانت المغرب انضاف إلى ذلك في الركعة الثالثة مثل ما في الثانية وصار التسليم في آخرها.

وإن كانت الصلاة رباعية انضاف إلى ما في الركعتين مثل ذلك إلا الأربعة المذكورة ويحول التسليم إلى آخرها فمن ترك شيئا من هذه الفرائض أو قدم شيئا منها على شي‌ء متعمدا بطلت صلاته ، وإن كان ناسيا بطلت في موضع دون موضع ، إلا القيام والتوجه إلى القبلة فإنه لا يترتب أحدهما على الآخر وجوبا بل يجوز أن يقدم أيهما شاء ، أو يقعا منه في حالة واحدة.

وتنقسم هذه المفروضات قسمين : أحدهما يسمى ركنا ، والآخر لا يسمى ذلك ، والركن هو ما إذا تركه عامدا أو ناسيا بطلت صلاته ، وما ليس بركن إذا تركه عامدا بطلت صلاته ، وإذا تركه ناسيا لم تبطل صلاته وله حكمه ، (٣) فالأركان خمسة : القيام مع القدرة ، والنية ، وتكبيرة الإحرام ، والركوع ، والسجود.

وأما الأفعال المسنونة وكيفيتها (٤) فسيأتي شرحها بعون الله تعالى.

__________________

(١) في « س » : أربع.

(٢) لاحظ المختلف : ٢ ـ ١٧٤ من الطبع الحديث ، والتذكرة : ٣ ـ ٢٤٢ من الطبع الحديث.

(٣) في الأصل : لم تبطل وله حكم.

(٤) في « س » : وكيفياتها.

٧٢

الفصل الحادي عشر

من الندب أن ينظر المصلي في حال القيام إلى موضع سجوده ، ويفرق بين قدميه بمقدار أربع أصابع إلى شبر ، ويضع يديه على فخذيه محاذيا لعيني ركبتيه ، والمرأة تجمع بين قدميها وتضم ثديها إلى صدرها.

والنية بالقلب ولا اعتبار فيها باللسان ، ولا بد فيها من التعيين ، مثاله أن يخطر بباله : أني أصلي فريضة الظهر أداء قربة إلى الله تعالى ، لا يجزي أقل منه ، فينوي الصلاة ليتميز مما ليس بصلاة ، وينوي الظهر ليتميز من العصر ونحوه ، وينوي الفرض ليتميز من الندب ، وينوي الأداء ليتميز من القضاء ، وينوي القربة ليتميز مما يراءى به ، ووقتها حين استفتاح الصلاة ، وما تقدم عزم لا اعتبار به.

ومعنى استدامة حكم النية أن لا ينقض نيته (١) إلى أن يفرغ من الصلاة بنية ترفع حكمها ، كأن ينقلها من القربة إلى الله إلى القربة إلى غير الله أو من الفرض إلى النفل ، أو نوى بالقيام أو الركوع لغير الصلاة ، فأما إذا دخل في الصلاة بنية النفل ثم نذر إتمامها خلال الصلاة فقد انعقد نذره ووجب عليه إتمامها (٢) ، ومتى نوى الكلام في الصلاة أو الخروج منها أو الحدث ، فقد أثم ولم تبطل صلاته إلا بعد فعل ذلك.

ومن ذكر وهو في الصلاة أن عليه فائتة نقل النية إلى الفائتة ما لم يتضيق وقت الحاضرة ، فإن نقل مع التضيق ، أو نقل نيته من الفريضة إلى النافلة أو من النافلة إلى الفائتة بطل كلاهما ولم يجزه عن واحد منهما ، وكذا إن نوى الظهر والعصر

__________________

(١) في الأصل : بنيته.

(٢) في الأصل : إتمامه.

٧٣

[ معا ](١) لم يجز عن واحدة لأنهما لا يتداخلان.

وقيل : إن كيفية النية أن يريد فعل الصلاة المعينة لوجوبها ، أو لكونها ندبا على الجملة ، أو للوجه الذي له كانت كذلك على التفصيل ، إن عرفه طاعة لله وقربة إليه أي إلى ثوابه. (٢)

ويجب مقارنة النية آخر جزء منها لأول جزء من تكبيرة الإحرام ، ولا بد من التلفظ بـ « الله أكبر » ، ولا يقوم مقامها لفظة أخرى مثل « الله الأكبر » و « الله الكبير » وغير ذلك ، ومن لم يتأت له التلفظ بالتكبير بالعربية جاز أن يقول معناه بلغته.

ورفع اليدين بتكبيرة الإحرام وغيرها إلى حذاء شحمة الأذن ، مضمومتي الأصابع ، موجهتي الراحة نحو القبلة ، ثم إرسالهما على الفخذ حيال الركبة سنة.

وندب إلى التوجه بسبع تكبيرات معهن ثلاثة أدعية في سبعة مواضع : [ أول كل فريضة ] (٣) ، وأول ركعة من نوافل الظهر ، وأول ركعة من نوافل المغرب ، وأول الوتيرة ، وأول ركعة من صلاة الليل ، وفي أول الوتر ، وفي ركعتي الإحرام ، والواجب من هذه التكبيرات ما نوى به الدخول في الصلاة أيها كانت والباقي ندب.

إذا كبر بعد تكبيرة الإحرام تكبيرة أخرى ونوى بها الافتتاح بطلت صلاته ، لأن الثانية غير مطابقة للصلاة ، فإن كبر ثالثة ونوى بها الافتتاح انعقدت صلاته ، وعلى هذا أبدا ، وإن لم ينو بالثانية الافتتاح صحت صلاته.

__________________

(١) ما بين المعقوفتين ليس بموجود في الأصل.

(٢) القائل هو صاحب الغنية ، أنظر الغنية المطبوع مبعضا في سلسلة الينابيع الفقهية : ٤ ـ ٥٤٠.

(٣) ما بين المعقوفتين ليس بموجود في الأصل والصحيح ما في المتن.

٧٤

الفصل الثاني عشر

التعوذ قبل القراءة في الركعة الأولى خاصة ندب ولا يجهر به ، و « بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » آية من كل سورة ، وحكمها حكم السورة في الجهر بها والإخفات ، ويستحب الجهر بها فيما يخافت فيه بالقراءة ، ومن قدم بعض آي الحمد على بعض متعمدا استأنف الصلاة ، إذ الترتيب واجب فيها ، وإن كان ساهيا أتى بها مرتبة ولا شي‌ء ، ولا يقوم مقام الحمد غيرها في الأوليين ، ومن لا يحسنها أو لا يحسن بعضها قرأ ما يحسن منها أو غيرها ، وإن لم يحسن شيئا من القرآن سبح أو هلل بدله ثم تعلمه إن أمكن ، ومن ترك تشديدة من الحمد متعمدا فلا صلاة له لقوله ـ عليه‌السلام ـ : « لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب ». (١) وذلك يفيد قراءة جميعها والتشديد حرف منها ، وكذا إن لحن متعمدا أو مع التمكن من تعلمه سواء أحال المعنى أو لا ، ولا شي‌ء على الناسي.

وقراءة من لا يقدر على القراءة أن يحرك لسانه ، ولا يجوز أن يقرأ القرآن بغير لغته ، ولا يجزي من القراءة ما لا يسمعه نفسه (٢) فيما يخافت ، وفيما عدا الأوليين هو مخير بين الحمد وبين قول : « سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر » ثلاثا ، وإن لم يقل « الله أكبر » إلا في المرة الثالثة جاز ، وإن نسي القراءة في الأوليين استحب له القراءة في الأخريين ، وروي أنها تعينت له حينئذ. (٣)

إذا قرأ مع الحمد في الأوليين بعض سورة أو قرن بين سورتين معهما لم يحكم ببطلان صلاته وإن كان ذلك غير جائز ، ويجوز ذلك في حال الضرورة.

__________________

(١) مستدرك الوسائل : ٤ ب ١ من أبواب القراءة ، ح ٥.

(٢) في « س » : ما لا تسمعه نفسه.

(٣) انظر وسائل الشيعة : ٤ ب ٣٠ من أبواب القراءة ح ٣.

٧٥

والضحى وأ لم نشرح سورة واحدة ، وكذا الفيل والإيلاف ، ولا يبعضان في الفريضة ، (١) ويجوز الانتقال من سورة إلى أخرى ما لم يتجاوز نصفها إلا الإخلاص والجحد فإنه لا ينتقل عنهما إلا في الظهر يوم الجمعة ، فإنه يجوز الانتقال عنهما إلى الجمعة والمنافقين ما لم يتجاوز نصفها ، فإن تجاوز أتم ركعتين واحتسبهما نافلة واستأنف الفرض بهما.

ولا يقرأ في الفريضة سورة طويلة يفوت بقراءتها وقت الصلاة ولا العزائم الأربع ، فإن اتفق ذلك فلا يقرأ موضع السجود ، وأفضل ما يقرأ في الفرض بعد الحمد ، القدر والإخلاص والجحد ، وهو مخير فيما سوى ذلك ، وإن قرأ في النافلة موضع سجدة واجبة سجد فإذا ارتفع قام [ عن السجود ] (٢) بالتكبير فتمم السورة ، وإن كانت السجدة آخر السورة قام عن السجود بالتكبير وقرأ الحمد ثم ركع عن قراءة.

الفصل الثالث عشر

ومن الندب أن يكبر قبل الركوع ، ويمد عنقه فيه ، ويسوي ظهره ، ولا يدلي رأسه ، ولا يرفع ظهره ولا يجعله كسرج ، ويرد ركبتيه إلى خلفه ولا يقوسهما ، والمرأة تضع يديها على فخذيها ، وقيل : إن تكبير الركوع واجب. (٣)

ومن التكبيرات تكبير للقنوت ، [ وتكبير للركوع ] ، (٤) وتكبير للسجود ، وآخر للارتفاع منه ، وتكبير للسجود الثاني ، والآخر للارتفاع منه ، ومن أصحابنا من أسقط تكبير القنوت وجعل بدله تكبير القيام من التشهد الأول (٥) ، والأول أظهر

__________________

(١) في الأصل : في الفرائض.

(٢) ما بين المعقوفتين ليس في الأصل.

(٣) سلار في المراسم : ٦٩.

(٤) ما بين المعقوفتين موجود في « س ».

(٥) وهو الشيخ المفيد ـ قدس‌سره ـ انظر المختلف : ٢ ـ ١٧٩ من الطبع الحديث.

٧٦

وأشهر ، والزائد على التسبيحة الواحدة في الركوع والسجود إلى الثلاث أو الخمس أو السبع ندب.

وينظر في حال الركوع إلى ما بين رجليه ، ويكره أن تكون يده تحت ثيابه حال الركوع ، بل الندب أن تكون بارزة أو في كمه ، ويتلقى الأرض بيديه قبل ركبتيه للسجود ، ويرغم بأنفه ، وقيد السيد المرتضى ـ رضي‌الله‌عنه ـ إرغام الأنف بطرفه الذي يلي الحاجبين (١) وموضع السجود من قصاص شعر الرأس إلى الجبهة ، أي موضع وضع على الأرض منه أجزأه ، ومن منعه مانع من السجود على الجبهة سجد على أحد جانبيه فإن لم يتمكن فعلى ذقنه.

وكشف الجبهة ووضعها على المسجد بلا حائل واجب ، ولا يجوز أن يكون مسجده أرفع من مقامه إلا بما لا يعتد به كقدر لبنة ، ومن ترك تسبيح الركوع أو السجود ناسيا حتى رفع رأسه فلا شي‌ء عليه.

ومن الندب أن يكون متخويا (٢) في السجود لا يضع شيئا من جسده على شي‌ء ، ولا ساقيه على الأرض ، ويضع يديه حذاء منكبيه وشحمتي أذنيه ، ويضم أصابع يديه ، ويوجهها إلى القبلة ، ولا يحدودب (٣) ، ويفرج بين فخذيه ، وينظر في السجود إلى طرف أنفه ، والمرأة تقعد ثم تسجد لاطئة بالأرض.

ومن الندب جلسة الاستراحة بين السجدتين ، ويتورك فيها ولا يقعي وكذا بعدهما ، وإذا قام إلى الثانية رفع ركبتيه قبل يديه بخلاف المرأة فإنها لا تعتمد على يديها. ويرفع يديه بعد القراءة في الثانية بالتكبير للقنوت إلى حذاء شحمتي أذنيه

__________________

(١) رسائل الشريف المرتضى ، المجموعة الثالثة : ٣٢.

(٢) خوى الرجل في سجوده : رفع بطنه عن الأرض ، وقيل : جافى عضديه. المصباح المنير.

(٣) من الحدب بالتحريك : ما ارتفع وغلظ من الظهر واحدودب ظهره وقد حدب ظهره حدبا لسان العرب.

٧٧

موجها راحتيه نحو السماء ، ويقنت بكلمات الفرج أو يسبح ثلاثا ، أو يدعو بما شاء لدينه ودنياه بالعربية فإن لم يحسنها فبلغته ، ثم يرد بطن راحتيه تلقاء ركبتيه على تمهل(١) ويكبر ويركع.

ومن الندب أن يجلس في التشهد على وركعة الأيسر ويضع ظاهر قدمه اليمنى على باطن قدمه اليسرى ، ويضع يديه على فخذيه محاذيا لعيني ركبتيه مضمومتي الأصابع مبسوطتين وينظر إلى حجره ، والمرأة تجلس على أليتيها مضمومة الفخذين رافعة ركبتيها من الأرض ، وأن يأتي بما زاد على الشهادتين والصلاة من الألفاظ المروية.

والإمام والمنفرد (٢) يسلم تجاه القبلة ، والمأموم إن كان على يساره أحد سلم تسليمتين يمينا وشمالا وإلا سلم يمينه مرة ، يكبر ثلاثا رافعا بها يديه إلى حذاء شحمتي أذنيه ثم يعقب بما شاء من الدعاء ، ولا يدعن تسبيح الزهراء ـ عليها‌السلام ـ وهي أربع وثلاثون تكبيرة وثلاث وثلاثون تحميدة وثلاث وثلاثون تسبيحة وإن قدم التسبيح على التحميد (٣) جاز ، وإذا فرغ سجد سجدة (٤) الشكر لاطئا بالأرض ، يسجد ثم يضع خده الأيمن على الأرض ثم الأيسر ثم يسجد أخرى ويأتي فيهما بما روي من الأذكار ، فإذا ارتفع كبر وأمر يده على مسجده ومسح بها وجهة وصدره ثلاثا وعلى علته إن كانت ، ثم ينصرف على اليمين.

__________________

(١) في « س » : مهل ، تمهل في الأمر : تمكث ولم يعجل. المصباح المنير.

(٢) في « س » : أو المنفرد.

(٣) كذا في الأصل ولكن في « س » : بتقديم التسبيح على التحميد.

(٤) في « س » : سجدتي.

٧٨

الفصل الرابع عشر

كل ما ينقض الوضوء إذا عرض في الصلاة يبطل الصلاة عمدا كان أو سهوا ، ومن الأفعال ما إذا حصل عمدا قطع الصلاة وإن حصل سهوا أو للتقية فلا ، وذلك وضع اليمين على الشمال ، وقول « آمين » آخر الحمد ، والالتفات بالكلية إلى وراء ، والتكلم بما ليس في الصلاة ، والفعل الكثير الذي ليس من أفعال الصلاة ، والأنين بحرفين ، والتأفف بحرفين ، والقهقهة ، وأن يصلي الرجل معقوص الشعر متعمدا ، ومن سلم في الأوليين ناسيا ثم تكلم عمدا على ظن أنه فرغ من الصلاة ثم ذكر أنه صلى ركعتين قيل : يجب أن يستأنف ، وقيل : لا يجب (١) ، وهذا أصح.

والفعل الكثير إن كان يتعلق بالصلاة أو كان من جملة العبادة لم يفسد الصلاة ، كأن يرتدي بردائه إذا سقط ، أو يسوى حصى مسجده ، أو يعد التسابيح بالحصى ، أو يحمد الله تعالى بعد العطسة ، أو يقول للمسلم : سلام عليكم ، ولا يجوز أن يقول : وعليكم السلام ، أو قرأ آية رحمة فسأل منها أو آية عذاب فاستعاذ منه ، أو يبكي من خشية الله ، وإن بكى لأمر دنياوي قطع الصلاة ، أو رعف فمشى إلى الماء وغسل ما أصابه الدم من ثوبه أو بدنه يبني على صلاته ما لم ينحرف عن القبلة أو لم يتكلم متعمدا بما يفسد الصلاة.

وتكره قراءة القرآن في الركوع والسجود والتشهد ، والالتفات إلى اليمين أو الشمال ، والتثاؤب ، والتمطي ، (٢) والفرقعة بالأصابع ، والعبث باللحية أو بشي‌ء من

__________________

(١) القول الأول للشيخ في النهاية : ٩٠ ، واختار في المبسوط القول الثاني ، انظر المبسوط : ١ ـ ١١٨ واختاره الحلي في السرائر : ١ ـ ٢٣٥.

(٢) التثاؤب : هي فترة تعتري الشخص فيفتح عندها فاه. والتمطي : التبختر ومد اليدين في المشي مجمع البحرين.

٧٩

الجوارح ، والتأوه بحرف واحد ، والنفخ في موضع السجود ، والإقعاء بين السجدتين ، ومدافعة الأخبثين ، والتنخم ،(١) والتبصق ، ومن عرضه شي‌ء من ذلك يأخذه بثيابه (٢) أو يرمي به تحت رجليه أو يمينا أو شمالا ، ولا يرميه تجاه القبلة.

ومن الندب أن يجعل بينه وبين ما يمر به ساترا ولو عنزة (٣) أو لبنة ، فإن لم يجد خط في الأرض بين يديه خطا ، ويجوز شرب الماء في النافلة ، وتنبيه الغير بتكبير أو إيماء أو ضرب حائط أو تصفيق يد ، وقتل العقرب والحية إذا خاف منهما إن لم يؤد إلى فعل كثير.

الفصل الخامس عشر

لا حكم للشك مع غلبة الظن لأنها تقوم مقام العلم في وجوب العمل عليه ، وإنما الحكم لما تتساوى فيه الظنون أو كان شكا محضا ، وجميع أحكام الشك والسهو يقع في مائة موضع من الصلاة تنقسم خمسة أقسام.

أحدها : يوجب إعادة الصلاة وذلك في ثلاثين موضعا : من سها فصلى بلا طهارة ، أو تطهر بماء نجس ثم صلى وقد سبق علمه بذلك ، خرج الوقت أو لا ، أو صلى قبل دخول الوقت ، أو صلى مستدبر القبلة بقي الوقت أو لا ، أو صلى إلى يمينها أو شمالها مع بقاء الوقت ، أو صلى في ثوب نجس ، أو سجد على شي‌ء نجس وكان قد سبق علمه بذلك ، أو صلى في ثوب مغصوب أو مكان مغصوب ، مع تقدم علمه بذلك مختارا ، أو ترك النية ، أو لم يدر فرضا نوى أو نافلة ، أو ترك

__________________

(١) تنخم : رمى بنخامته ، وهو ما يخرجه الإنسان من حلقه من مخرج الخاء. المصباح المنير.

(٢) في الأصل : في ثيابه.

(٣) العنزة بالتحريك ، أطول من العصا وأقصر من الرمح. كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يجعل العنزة بين يديه إذا صلى وكان ذلك ، ليستتر بها عن المارة. مجمع البحرين.

٨٠