اصباح الشيعة بمصباح الشريعة

قطب الدين محمد بن الحسين الكيدري

اصباح الشيعة بمصباح الشريعة

المؤلف:

قطب الدين محمد بن الحسين الكيدري


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٥٢

من المتعاقدين.

والأمة تجبر على إرضاع الولد (١) ، ولا يسترضع المرأة إلا عاقلة مسلمة عفيفة وضيئة الوجه ، غير عمشاء ولا حمقاء ، ولا يجوز استرضاع الكافرة ، فإن اضطر إلى ذلك ، فرخص في اليهودية والنصرانية خاصة ، بشرط أن يمنعها من أكل المحرمات وشربها ، ولا يسلم الولد إليها تحمله إلى بيتها ، ولا يسترضع من ولد من زنى مختارا.

__________________

(١) في « س » : والأمة يجب عليها إرضاع الولد.

٤٤١

[ أحكام الحضانة ] (١)

الفصل الخامس عشر

إذا افترق الزوجان فالأم أحق بالطفل الصغير للتربية والحضانة من الأب ، ونفقته على الأب ، وإذا بلغ الطفل حدا يميز بين ضره ونفعه في العادة ، وهو سبع سنين فصاعدا ، فالأب أحق به إن كان ذكرا ، والأم أولى بها إن كانت أنثى ما لم تتزوج ، وإن كان الولد عاقلا رشيدا فله الخيار في المقام عند أيهما شاء ، ذكرا كان أو أنثى ، غير أنه يكره للبنت مفارقة أمها إلى أن تتزوج.

إذا فسق الأب فالأم أولى بها ، فإن فسقت هي أيضا ، سقطت حضانتها ، وكذا إن تركت الحضانة باختيارها ، فالأب أولى به من أم الأم ، وإذا كان أحدهما مسافرا بقدر التقصير فالأب أحق به ، وإذا كان أحدهما كافرا ، فالمسلم أولى به أيهما كان ، وإن كان أحدهما مملوكا ، فالحر أولى به ، وإن كان الولد مملوكا ، فسيده أولى به ، وبعد الأبوين فالأولى بميراث الولد أولى به ، فإن تساووا أخرج بالقرعة ، ومن فسق (٢) أو كفر أو غاب فكمن مات.

__________________

(١) ما بين المعقوفتين منا.

(٢) في الأصل : ومتى فسق.

٤٤٢

كتاب النّفقة

يجب نفقة الولد على والده في الفاضل عن قوت يومه بمال في يده أو قدرة على كسب ، إذا كان الولد صغيرا أو معسرا ، والكبير الناقص الخلقة كالصبي والمعسر ، وذلك مثل الضرير (١) والزمن والمعضوب (٢) والمجنون ، وإن كانا موسرين ، أو كان الكبير قادرا على كسب كفايته ، فلا يجب ، وإذا لم يكن له والد ، أو كان معسرا ، فنفقته على جده ، فإن فقد الجد أو كان معسرا ، فعلى أبي الجد ، وهلم جرا ، فإن فقد الآباء ، أو أعسروا ، فعلى أمه ، وإن لم تكن ، أو كانت معسرة ، فعلى جدته وهكذا جدتها وإن علت مع فقد القريبة أو إعسارها ، وكذا كل من وقع عليه اسم الأب أو الجد ، الأقرب فالأقرب.

ونفقة الوالد على ولده وكذا الجد وإن علا ، والأم وأمهاتها وأجدادها وإن علت ينفق عليهم من فاضل قوته إذا كانوا فقراء ، غير قادرين على كسب ما يسد خلتهم ، ولا يجب على الولد إعفاف والده بنكاح أو ملك يمين.

إذا كان له ولدان ، أو أب وابن ، ولا يسعهما فاضل قوته ، كان الفاضل بينهما ، وإذا كان له أب وجد ، أو ابن وابن ابن ، ولا يسع الفاضل كليهما ، كان الأقرب أولى. إذا كان للمعسر أب وابن موسران فنفقته عليهما بالسوية. إذا كان له زوجة

__________________

(١) في « س » : ونحو ذلك ، مثل الضرير.

(٢) رجل معضوب : زمن لا حراك به ، كأن الزمانة عضبته ومنعته الحركة. المصباح المنير.

٤٤٣

وذو رحم ، ولا يسعهما فاضل قوته ، فالزوجة أحق بذلك ، لأن نفقتها على سبيل المعاوضة ، ولا يتعلق بإيسار الزوج ، ويسقط نفقة الأقارب بفواتها ، بخلاف نفقة الزوجة فإنها في الذمة.

من كان غنيا وله أب معسر له زوجة معسرة ، وأطفال لا مال لهم ، فعليه نفقة والده وزوجة والده ، لأنها من مؤنة والده ، دون نفقة إخوته ، ويستحب أن ينفق على من يرثه من الأقارب مع فقد الوالدين والولد ، ويجب نفقة زوجة الولد على الوالد.

إذا تزوج العبد القن أو المكاتب أو المدبر بحرة فأولدها ، كان الولد حرا ، وعليها حضانته ونفقته ، دون العبد إلا إذا أعتق وأيسر.

الفصل السادس عشر

يجب على الرجل نفقة زوجته ، وليس عليه إخدامها إلا إذا كانت ممن يخدم مثلها في الشرف والنسب ، وغير الشريفة تستحق الإخدام (١) في حال مرضها خاصة ، ومن وجب عليه الإخدام ، مخير بين أن يشتري خادما ، أو يكتري ، أو يخدمها بنفسه ، وإذا تكفلت (٢) خدمة نفسها لم يكن لها مطالبة الزوج بأجرة الخدمة.

ونفقة الزوجة على الموسر مدان ، من غالب قوت البلد ، كل يوم ، وعلى المتوسط مد ونصف ، وعلى من دونه مد ، وكذا في مقدار الأدم والكسوة ، وإذا اتفقا على أخذ البدل عنها جاز ، وإن زاد لبعض أزواجه على الواجب جاز ، وقد ترك الأفضل.

ووقت وجوب النفقة لها ، حالة تمكينها إياه من الاستمتاع بها ، دون حال

__________________

(١) في « س » : تستحق إخدامها.

(٢) في « س » : « تكلفت » وهو تصحيف والصحيح ما في المتن.

٤٤٤

العقد ، فإن تعللت في التمكين بطلب مسكن دون مسكن ، وبلد دون آخر ، سقط وجوب النفقة ، وتجب النفقة بوجود التمكين لا بإمكانه ، فلو بقيا بعد العقد سنين ، ولم يطالبها هو بالتمكين ، ولا طالبته هي بالنفقة ، لم تجب النفقة.

وتسقط نفقتها بالنشوز وبمندوب الإحرام والصوم إذا كان بغير إذن زوجها ، بخلاف الواجب.

يجب على القن والمكاتب والمدبر نفقة زوجاتهم مع التمكين ، والنفقة من كسب العبد إن أذن له مولاه في التزويج ، وإن لم يكن مكتسبا ، تعلقت برقبته ، وليس للسيد أن يسافر بعبده إلا بعد أن يضمن نفقة زوجته.

للمطلقة طلاقا رجعيا ، النفقة ما دامت في العدة ، بخلاف البائنة بالطلقة الثالثة ، أو بالخلع ، فإنه لا نفقة لها ولا سكنى ، إلا إذا كانت حاملا ، ولا نفقة في النكاح المفسوخ ، ولا للملاعنة الحامل ، إلا أن يكذب الزوج نفسه ، فحينئذ لها النفقة ، ونفقة قدر ما انقطع عنها ، ونفقة الحمل (١) إنما تجب للحامل لأجل الحمل ، ولا نفقة للمتوفي عنها زوجها في العدة من تركته ، فإن كانت حاملا أنفق عليها من نصيب حملها.

إذا تزوج حر بأمة فأبانها ، وهي حامل ، وجب النفقة على سيد الأمة إذا اشترط استرقاق الولد ، فإن كان الزوج مملوكا ، فالنفقة على سيد الولد ، فإن كانت الأم حرة ، والأب عبدا ، فالنفقة على الأم إلا إذا أعتق وأيسر.

إذا أعسر الرجل بنفقة زوجته ، فعليها النظرة إلى ميسرة ، ولا يفسخ الحاكم العقد بمطالبتها. (٢) ومتى استقرضت المرأة على زوجها في حال غيبته نفقتها بالمعروف لزم الزوج قضاؤه.

__________________

(١) في « س » : ونفقة الحامل.

(٢) في الأصل : لمطالبتها.

٤٤٥

الفصل السابع عشر

العبد إن كان غير مكتسب ، لصغر أو كبر أو زمانة أو مرض ، فنفقته على سيده ، وإن كان مكتسبا فسيده (١) بالخيار بين أن ينفق عليه وأن يجعل نفقته في كسبه ، فإن زاد كسبه على نفقته ، أو نقص عنه ، فلسيده أو عليه ، ومقدار النفقة قدر الكفاية لمثله في العرف ، وجنسها غالب قوت البلد للمماليك ، وكذا في الكسوة ، ولا يعتبر في ذلك حال سيده ، ويسوى بين المماليك في الطعام والكسوة ، ويفرق بين السرية والخادمة ، ولا يجوز أن يكلف العبد ما لا يطيقه ، ومتى تعطل عن الكسب ، كانت نفقته في مال مولاه.

الفصل الثامن عشر

من ملك بهيمة أو طيرا كان عليه نفقتها ، سواء كانت مما يقع عليه الذكاة أو لا ، ثم إن كانت البهيمة في جوف البلد ولم ينفق (٢) عليها صاحبها ، ألزمه السلطان النفقة عليها ، أو بيعها ، أو ذبحها إن كانت مما يذبح ، وإن كانت في الصحراء ، أو كان لها في الكلاء كفاية فلا [ شي‌ء ] (٣) عليه ، بل تركها لترعى ، وإن كانت لا تكفيها ، أو كانت مجدبة (٤) ، فكما في البلد ، وإن كان لها لبن وفق حاجة الولد ، فلا يجوز أن يتعرض للبنها ، وإن كان أكثر من ذلك ، فله أخذ الفضل ، فإذا استغنى بالعلف ، أخذ كله.

__________________

(١) في « س » : فهو.

(٢) في « س » : ولا ينفق.

(٣) ما بين المعقوفتين موجود في « س ».

(٤) قال في المبسوط : ٦ ـ ٤٧ : وإن أجدبت الأرض فلم يبق فيها معتلف ، أو كان بها من المعتلف ما لا يكفيها فالحكم فيه على ما فصلناه.

٤٤٦

كتاب الطلاق

الطلاق ضربان : طلاق السنة وطلاق العدة ، وكل منهما ثلاث ، فمن (١) طلق مدخولا بها ، جاز له أن يتزوجها بلا توسط نكاح الغير ، فإذا تزوجها ثانيا ، ثم طلقها بالشرائط ، فله الرجوع إليها قبل انقضاء العدة أو التزوج بها بعد ذلك (٢) فإذا تزوجها ثالثا ، ثم طلقها ، لم يكن له الرجوع إليها في العدة ، ولا التزوج بها بعدها (٣) حتى تنكح زوجا غيره ، وطلاق العدة من ذلك ، هو ما يراجعها الزوج بعده قبل انقضاء العدة. وطلاق السنة هو ما لم يراجعها حتى تخرج من العدة.

والطلاق إما واجب ، أو مندوب ، أو محظور ، أو مباح ، أو مكروه.

فالواجب طلاق المولي بعد تربص أربعة أشهر ، أو الفئة.

والمندوب طلاق من تعذر الاتفاق بينه وبينها ، وفسدت الحال بالشقاق.

والمحظور طلاق الحائض بعد الدخول ، ولم يغب عنها شهرا ، أو في طهر قربها فيه بجماع قبل أن يظهر بها حمل.

ومتى لم تكن حائضا ، أو كانت وقد غاب عنها زوجها شهرا فصاعدا ، أو لم

__________________

(١) في « س » : ومن.

(٢) في « س » : أو التزويج بها بعد ذلك.

(٣) كذا في الأصل ولكن في « س » : « ولا يتزوج بما بعدها » والصحيح ما في المتن.

٤٤٧

يقربها في الطهر المذكور ، أو قربها فيه ، وهي حامل وطلقها ، كان الطلاق مباحا.

والمكروه طلاق من كانت الحال بينها وبين الزوج عامرة ، وكل منهما يقدر على القيام بحق صاحبه.

الفصل الأول

شروط صحة الطلاق :

أن يكون المطلق بالغا كامل العقل (١) غير مكره ولا غضبان ، بحيث لا يملك مع غضبه الاختيار.

وأن يكون قاصدا إلى التحريم به ، غير حالف ولا ساه ولا حاك ولا لاعب ، متلفظا بصريحه.

وأن يكون مطلقا من الاشتراط وموجها إلى معقود عليها.

وأن يكون معينا لها ، ويعلقه بجملتها دون أبعاضها.

وأن تكون هي طاهرا من الحيض والنفاس (٢) طهرا لم يقربها فيه بجماع إلا أن تكون حاملا ، أو ليست ممن تحيض ، أو غير مدخول بها ، أو مدخولا بها ، وهي غائبة عن زوجها.

وأن يكون بمحضر من شاهدي عدل.

من دام زوال عقله في العادة واحتاج إلى الطلاق ، طلق عنه وليه ، فإن لم يكن له ولي ، فالإمام أو نائبه ، وإذا أشهد رجلين واحدا بعد الآخر ، ولم يشهدهما في مكان واحد لم يقع الطلاق ، وإذا طلق ولم يشهد ثم أشهد بعد أيام وقع الطلاق من وقت الإشهاد وتعتد منه ، وإذا كتب بيده أنه طلق زوجته وهو حاضر لم يقع

__________________

(١) في « س » : « كاملا العقل » والصحيح ما في المتن.

(٢) في الأصل : طاهرا من الحيض أو النفاس.

٤٤٨

طلاقه ، وإن كتب ـ وهو غائب ـ بخطه : فلانة طالق ، وقع ، وإن قال لغيره : اكتب إلى فلانة امرأتي بطلاقها ، لم يقع.

والأخرس يكتب الطلاق بيده ، وإن لم يحسن ، أومأ إلى الطلاق بما يفهم منه ، كما يومئ إلى سائر أغراضه وقد وقع ، وقد روي أنه يضع المقنعة على رأسها ويتنحى عنها ، وإذا راجعها أخذ المقنعة عن رأسها (١).

ويجوز للغائب توكيل الغير في الطلاق ، بخلاف الحاضر. إذا أراد عزل الوكيل ، فليعلمه إن أمكنه ، وإلا فليشهد شاهدين. إذا وكل رجلين في طلاق امرأته ، لم يجز لأحدهما الانفراد ولم يقع الطلاق إلا بعد اتفاقهما عليه ، ولا يصح أن يوكل امرأة في طلاق نفسها.

وإذا طلق غير مدخول بها ، أو مدخولا بها قد غاب عنها زوجها شهرا فصاعدا ، وقع الطلاق في حال الحيض ، وإن كان غاب تلك المدة ثم عاد وهي حائض ، لم يجز أن يطلقها حتى تطهر ، وإن لم يجامعها بعد العود ، ولا يعتبر رضاء المرأة في طلاقها ، ولا في رجوع الزوج إليها.

الفصل الثاني

صريح الطلاق أن يقول : أنت أو هي أو فلانة طالق ، أو ما يكون بمعناه بأي لسان كان ، ولا يقع الطلاق بشي‌ء من الكنايات نوى ذلك أو لا ، كقوله : أنت خلية أو بريئة أو بتلة أو بائن أو حرام أو اذهبي أو الحقي بأهلك ، أو حبلك على غاربك أو فرجك علي حرام. أو قال : سرحتك أو فارقتك أو أنت مفارقة ، وأراد الإخبار عن الماضي. أو قال : أنت طالق طلاق الحرج ، أو جعل الأمر إليها ، فاختارت نفسها.

__________________

(١) الوسائل : ١٥ ، ب ١٩ من أبواب مقدمات الطلاق ، ح ٢ ـ ٣.

٤٤٩

إذا قال : طلقتك أو أنت مطلقة ، ونوى الطلاق ، وقع.

إذا قال : أنت الطلاق ، لم يقع ، لأنه ليس بصريح الطلاق. وإذا قال : أنت طالق ، ونوى أكثر من واحد ، لم يقع إلا واحد ، والطلاق الثلاث في طهر واحد بلفظ واحد أو ثلاث مرات ، لا يقع منها إلا واحدة في المدخول بها ، وغيرها.

إذا قيل له : طلقت امرأتك؟ فقال : نعم ، لزمه في الحكم طلقة واحدة ، وإن ادعى أنه أراد طلاقا سابقا على هذه الزوجية ، وصدقته المرأة ، صدق ، وإن كذبته فعليه البينة ، وإن فقدت البينة وادعى علمها بذلك ، فأنكرت ، فالقول قوله مع اليمين.

وإذا قيل له : هل لك زوجة؟ فقال : لا ، لم يكن طلاقا.

إذا قال : أنت طالق غدا ، أو في غرة شهر كذا ، لم يقع شي‌ء ، فإن جعل ذلك نذرا على نفسه وجب الوفاء [ به ] (١) إن لم يمنع منه مانع حيض أو غيره.

إذا قال : أنت طالق إن شاء الله ، لم يقع. ولا يقع طلاق المرأة قبل التزوج بها ، ومن يعتقد وقوع الطلاق الثلاث والطلاق المشروط والطلاق قبل النكاح من المخالفين ، فطلق على بعض تلك الوجوه ، وقع بذلك الفرقة بخلاف معتقد الحق.

الفصل الثالث

من أراد أن يطلق زوجته طلاق العدة ، وقد دخل بها ، وهو غير غائب عنها ، فليطلقها في طهر لم يقربها فيه بجماع ، أو قربها فيه وقد ظهر بها حمل ، بمحضر من شاهدي عدل ، ثم (٢) ليراجعها قبل انقضاء العدة ولو بيوم ، وليواقعها ثم يستبرئها بحيضة ، فإذا طهرت فليطلقها ثانية كالأولى ، ثم يراجعها قبل انقضاء

__________________

(١) ما بين المعقوفتين موجود في « س ».

(٢) في الأصل : من شاهدين ثم.

٤٥٠

العدة ، ويواقعها ثم يستبرئها (١) بحيضة ثم يطلقها الثالثة ، وقد بانت منه في الحال ، ولا تحل له حتى تنكح زوجا غيره بعد العدة ، فإذا تزوجت بالغا غيره تزوج الدوام وقد دخل بها ثم طلقها أو مات عنها واعتدت ، جاز أن ينكحها الأول بمهر وعقد جديدين.

فإذا طلقها ثلاثا أخر كذلك ، ثم تزوجت بآخر ثم فارقها وتزوجها الأول ثم طلقها ثلاثا أخر تتمة تسع [ تطليقات ] (٢) كل ذلك على ما سبق ، لم تحل للأول أبدا ، ومتى راجعها لم يجز له أن يطلقها طلاق العدة إلا بعد أن يواقعها ويستبرئها بحيضة ، فإن لم يواقعها أو عجز عن وطئها وأراد طلاقها طلقها طلاق السنة ، فإن واقعها وارتفع حيضها استبرأها بثلاثة أشهر ثم يطلقها إن شاء.

ويطلق الحبلى ومستبينة الحمل متى شاء ، وهو أملك برجعتها ما لم تضع الحمل ، وإذا أراد أن يطلقها طلاق العدة قبل وضع الحمل ، واقعها ، ثم طلقها ، ثم راجعها ، ثم طلقها الثالثة ، لم تحل له حتى تتزوج بآخر ، ولا يجوز لها التزوج حتى تضع الحمل ، فإن كانت حاملا باثنين بانت من الزوج عند وضع الأول ، ولا تحل لغيره حتى تضع الثاني.

وأما طلاق السنة فأن يطلق مدخولا بها غير غائب عنها في طهر لم يجامعها فيه ، أو جامعها بعد ظهور الحمل ، بحضرة شاهدين طلقة واحدة ، ثم يتركها حتى تخرج من العدة ، أو تضع الحمل ، ثم يتزوجها ثانيا ، ثم يطلقها كمامر ، وتنقضي عدتها ، ثم يجدد العقد عليها ثالثا ، ثم يطلقها على الشرائط طلقة ثالثة ، فإنها لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره ، فإن تزوجت فيما بين التطليقات ، بالغا دائما ، ودخل بها ، هدم الطلاق السابق ، هكذا أبدا ، وللزوج الرجوع قبل تمام العدة من الطلقتين

__________________

(١) في الأصل : ثم استبرأها.

(٢) ما بين المعقوفتين موجود في « س ».

٤٥١

الأوليين.

ولزوج (١) غير المدخول بها أن يطلقها متى شاء ، حائضا كانت أو لا ، صغيرة أو لا ، بلغت أو لا ، إذا اجتمعت الشروط الأخر ، وتبين بالطلاق في الحال ، فإن تزوجها ثانيا ثم طلقها قبل الدخول ثم تزوجها ثالثا ثم طلقها قبل الدخول ، لم تحل له حتى تنكح زوجا آخر.

ومن لم تبلغ تسع سنين ، طلقها من دخل بها متى شاء ، وقد بانت في الحال ، وإن بلغت ذلك ، صبر عليها ثلاثة أشهر ثم طلقها ، وحكم الآئسة من المحيض (٢) ومثلها لا تحيض ـ وحد ذلك خمسون سنة ـ حكم غير البالغة ، وإذا (٣) أراد أن يطلق آيسة من المحيض (٤) ومثلها تحيض ، استبرأها بثلاثة أشهر ثم طلقها ، وحد ذلك دون الخمسين.

ومن غاب عن زوجته وكانت حائضا أو في طهر لم يجامعها فيه فلا يطلقها حتى يمضى ما بين شهر إلى ثلاثة ، فإذا طلقها كان أملك برجعتها ما لم يمض ثلاثة أشهر ، وهي عدتها ، إذا كانت ذات حيض ، فإذا راجعها أشهد على المراجعة ، فإن لم يشهد وبلغها الطلاق واعتدت فلا سبيل له عليها ، تزوجت أو لا ، وإن كان أشهد وقدمها وقد تزوجت ، فالزوجة زوجته وعلى الزوج الثاني مهر المثل ، وعليها العدة منه ، وإن طلق امرأته غائبا وأشهد ثم قدمها ، وقاربها فأتت بولد ، ثم ادعى الطلاق ، لم يقبل قوله ولا بينته ، والحق الولد به.

ومن طلق إحدى زوجاته الأربع ، غائبا عنهن ، طلاقا رجعيا ، لم يجز أن يعقد

__________________

(١) في الأصل : وللزوج.

(٢) في « س » : من الحيض.

(٣) في « س » : وإن.

(٤) في « س » : من الحيض.

٤٥٢

على الأخرى إلا بعد مضي تسعة أشهر مدة الأجلين : فساد الحيض ووضع الحمل ، وإن لم يكن غائبا عنهن جاز أن يتزوج بأخرى بعد عدة المطلقة ، وفي الطلاق البائن يجوز أن يتزوج بأخرى عقيب الطلاق.

ومن لا يصل إلى زوجته (١) في بلده فهو كالغائب عنها ، يطلقها بعد مضي شهر إلى ثلاثة ، والمسترابة يطلقها بعد مضي ثلاثة أشهر.

والغلام ابن عشر سنين يجوز طلاقه إذا أحسن ذلك ، وإن كان أقل سنا من ذلك ، أو لا يحسن الطلاق فلا ، ولا يجوز لوليه أن يطلق عنه إلا أن يكون قد بلغ فاسد العقل.

وإذا كانت تحت حر أمة فطلقها ثنتين لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره ، ولا يحللها له وطء مولاها إياها ، فإن اشتراها زوجها لم يكن له وطؤها ، حتى يزوجها من غيره ، ثم تفارقه وتعتد منه ، وطلاق الحرة تحت العبد ثلاث ، وطلاق الأمة ثنتان ، تحت حر كان أو عبد.

الفصل الرابع

الطلاق البائن طلاق غير المدخول بها ، وطلاق المدخول بها وقد طلقت طلقتين ، والآئسة من المحيض ومثلها لا تحيض ، ومن لم تبلغ المحيض ومثلها لا تحيض ، وهي من لم تبلغ تسع سنين ، والمخالعة أي الطلقات الثلاث كان ، إلا إذا رجعت المرأة فيما بذلت من مالها قبل انقضاء العدة ، فللزوج إذن الرجوع إليها في الطلقة الأولى والثانية ، وأدنى ما يكون به المراجعة أن ينكر طلاقها ، أو يقبلها ، أو يلمسها (٢) يجوز للزوج أن يراجعها وهي لا تعلم بذلك ، ويستحب الإشهاد على

__________________

(١) في « س » : « إلى زوجة » والصحيح ما في المتن.

(٢) في « س » : أو يلامسها.

٤٥٣

المراجعة ، ويصح الرجعة (١) ما بقي من العدة لحظة.

إذا قال : راجعتك إن شئت ، لم يصح الرجعة ، إذ لا اعتبار بمشيتها في الرجعة.

إذا ادعت العدة بعد مدة تحتمل ذلك ، وادعى مراجعتها قبل الانقضاء ، فالقول قولها مع اليمين ، لأنها مؤتمنة على فرجها وانقضاء عدتها ، فإن كان الزوج سبقها (٢) بالدعوى وقد أشهد على الرجعة وادعت انقضاء العدة قبل مراجعته ، فالقول قوله مع يمينه ما لم يظهر انقضاؤها ، ويحلف على أنه لم يعلم بانقضائها قبل المراجعة ، وإن اتفقت دعواهما في وقت واحد ، أقرع بينهما فمن خرجت عليه ، فالقول قوله مع اليمين.

إذا طلقها طلاقا رجعيا ثم ارتد وكان قد أسلم عن كفر ، استتيب ، فإن عاد إلى الإسلام قبل انقضاء العدة ثلاثة أشهر ، كان أملك بها ، وبعدها لا شي‌ء. وإذا ارتدت المرأة دون الزوج ، لا يصح أن يراجعها الزوج في حال الردة ، فإن أسلمت قبل انقضاء العدة فله الرجوع.

الفصل الخامس

الإيلاء أن يحلف الرجل أن لا يطأ زوجته أبدا أو مدة تزيد على أربعة أشهر ، فإن حلف لما نقص منها ، لم يوجب حكما ، وإن علقه بما زاد على المدة المذكورة غالبا كخروج الدجال ونزول عيسى ـ عليه‌السلام ـ ونحو ذلك ، أو أطلق ولم يعلقه بزمان ثبت الحكم.

ولا ينعقد الإيلاء بغير اسم الله تعالى ، فشروط الإيلاء :

__________________

(١) في « س » : ويصح المراجعة.

(٢) في « س » : سبق.

٤٥٤

أن يكون الحالف بالغا كامل العقل.

وأن يكون المولى منها زوجة دوام.

وأن يكون الحلف بما ينعقد به الأيمان من أسماء الله تعالى خاصة.

وأن يكون ذلك مطلقا من الشروط.

وأن يكون مع النية والاختيار من غير غصب ملجئ ولا إكراه.

وأن يكون المدة التي حلف ألا يطأها فيها ، أكثر من أربعة أشهر.

وأن تكون الزوجة مدخولا بها.

وأن لا يكون إيلاؤه في صلاحه (١) لمرض يضر به الجماع ، أو في صلاح الزوجة أو حمل أو رضاع.

فمن آلى بهذه الشروط فمتى جامع حنث ولزمته كفارة يمين ، وإن استمر اعتزاله لها فهي بالخيار بين الصبر عليه وبين مرافعته إلى الحاكم ، فإن رافعته إليه أمره بالجماع والتكفير ، فإن أبى أنظره أربعة أشهر من حين المرافعة لا من حين اليمين ليراجع نفسه ، فإن مضت هذه المدة ولم يجب إلى ما أمره فعليه أن يلزمه الفئة أو الطلاق ، فإن أبى ضيق عليه في التصرف والمطعم والمشرب حتى يفعل أيهما اختار ، ولا تقع الفرقة بانقضاء المدة وإنما تقع بالطلاق.

ومن آلى أن لا يقرب زوجته المعقود عليها عقد متعة ، أو أمته ، لزمه الوفاء ، ومتى لم يف حنث وعليه الكفارة ، ولا حكم لها عليه إذا استمر على مقتضى الإيلاء.

إذا آلى العبد من زوجته الأمة ثم اشتراها انفسخ النكاح ، فإن أعتقها ثم تزوجها لا يعود حكم الإيلاء ، وكذا لو آلى من زوجته الحرة فاشترته ثم

__________________

(١) في « س » : في صلحه.

٤٥٥

أعتقته وتزوجت به.

إذا آلى من الرجعية [ جاز و ] (١) صح الإيلاء لأنها في حكم الزوجات وتحسب عليه المدة من وقت اليمين.

إذا آلى منها ثم ارتد أحدهما أو كلاهما لم يحسب المدة عليه لأنها إنما يحسب إذا كان المانع من الجماع اليمين ، وهاهنا المانع اختلاف الدين.

الفصل السادس

شروط صحة الظهار :

أن يكون المظاهر بالغا كامل العقل مؤثرا له قاصدا به التحريم ، متلفظا بقوله : أنت علي كظهر أمي أو إحدى المحرمات عليه (٢) موجها ذلك إلى معقود عليها ، سواء كانت حرة أو أمة ، دائما نكاحها أو مؤجلا.

وأن يكون ذلك مطلقا من الاشتراط على قول.

وأن يكون معينا لها.

وأن يكون في طهر لم يقربها فيه بجماع إلا أن تكون حاملا أو ليست ممن تحيض أو غير مدخول بها ، أو مدخولا بها وهي غائبة عن زوجها.

وأن يكون بمحضر من عدلين فإن فقد شي‌ء من ذلك فلا حكم له.

وإذا تكاملت الشروط حرمت الزوجة عليه ، فإن عاد لما قال بأن يريد استباحة الوطء ، لزمه أن يكفر قبله بعتق رقبة ، فإن لم يجد ، صام شهرين متتابعين ، فإن لم يستطع ، أطعم ستين مسكينا. وإذا جامع المظاهر قبل التكفير فعليه

__________________

(١) ما بين المعقوفتين موجود في « س ».

(٢) في الأصل : أو أحد المحرمات عليه.

٤٥٦

كفارتان : إحداهما للعود ، والأخرى عقوبة الوطء قبل التكفير ،(١) ولا يصح الظهار ولا الكفارة من الكافر ، لأن الكفارة عبادة تحتاج إلى نية والنية لا تصح من الكافر. (٢)

إذا قال لها : أنت علي كيد أمي ، أو كرجلها ، أو نفسها ، أو رأسها ، أو شعرها ، أو شي‌ء آخر من أعضائها ، وقصد بذلك الظهار لزمه حكمه. وإن قال : أنت علي كأمي ، وأراد مثلها في التحريم ، كان ظهارا وإلا فلا.

إذا قال : أنت معي أو عندي كظهر أمي ، ونحو ذلك ، كان ظهارا. إذا قال : أنت علي كظهر أختك أو عمتك أو خالتك ، أو ذكر من بانت منه بثلاث تطليقات لم يكن ظهارا.

وإذا كان له أربع زوجات فظاهر منهن بكلام واحد ، وقع الظهار منهن ، ووجب عليه أربع كفارات.

والظهار المعلق بشرط لا يجب فيه الكفارة إلا بعد حصول الشرط ، فإذا حصل ووطأ قبل أن يكفر ، لزمته كفارتان ، ومتى كفر قبل الوطء عامدا ، لزمه إعادتها بعده ، أما ناسيا فلا.

إذا ظاهر منها وطلقها وخرجت من العدة ، ثم استأنف عقدها فلا كفارة.

إذا ظاهر منها مرة بعد أخرى ونوى بكل منهما الاستئناف دون التأكيد ، فعليه لكل مرة كفارة ، فإن عجز عن ذلك فرق الحاكم بينهما ، وإن أراد التأكيد فللكل واحدة ، ومتى حلف بالظهار لم يلزمه حكمه.

إذا قال : أنت علي كظهر أمي إن دخلت الدار ، ففيه قولان ، والأقوى أن

__________________

(١) في « س » : عقوبة للوطء.

(٢) في « س » : لا تصلح من الكافر.

٤٥٧

الظهار المشروط يصح ، والمظاهر منها يحرم لمسها وتقبيلها ووطؤها فيما دون الفرج ، لتناول لفظ التماس ذلك.

إذا قال : أنت علي كظهر أمي يوما أو شهرا أو سنة ، أو نحو ذلك لم يقع. إذا عجز عن الكفارة ورافعته إلى الحاكم ، أجله ثلاثة أشهر ، فإن كفر فيها ، وإلا ألزمه الطلاق إن تمكن من ذلك ، وإلا صام ثمانية عشر يوما ، وإن عجز عن ذلك ، حرم وطؤها حتى يكفر ، وإن لم يجد رقبة مؤمنة جاز أن يعتق غير مؤمنة ، ولا يجزي في الكفارة إعتاق الأعمى والمقعد والزمن ، لأن بذلك ينعتق العبد.

إذا شرع في الصوم ثم قدر على الرقبة ترك الصوم وأعتق ندبا. والإطعام لكل مسكين نصف صاع بالعراقي ، وإذا ظاهر العبد فكفارته صوم شهر واحد لا غير.

الفصل السابع

الخلع يكون مع كراهة الزوجة الرجل خاصة ، وهو مخير في فراقها إذا دعته (١) إليه حتى تقول له : لئن لم تفعل لأعصين الله بترك طاعتك ، ولأوطئن فراشك غيرك ، أو يعلم منها العصيان في شي‌ء من ذلك ، فيجب عليه إذن طلاقها ، ويحل له أخذ العوض على ذلك ، سواء بذلته له ابتداء أو بعد طلبه منها ، وسواء كان مثل المهر الذي دفعه إليها أو أكثر ، ولا يقع الخلع بمجردة بل لا بد من التلفظ معه بالطلاق فيقول : قد خلعتك على كذا فأنت طالق.

إذا شرطت أن لها الرجوع (٢) فيما بذلته متى شاءت جاز ، ولها أيضا ذلك بدون الشرط ، قبل انقضاء العدة خاصة ، وليس للزوج الرجوع إليها في العدة إلا بعد رجوعها فيما بذلته.

__________________

(١) في الأصل : إذا ادعته.

(٢) في « س » : إذا شرطت له ان لها الرجوع.

٤٥٨

ولا يقع الخلع في حال الحيض ولا بشرط ، ومتى كان البذل في الخلع خنزيرا أو خمرا أو ميتة بطل الخلع ، ووقع الطلاق ، رجعيا.

إذا قال : خالعتك على ما في هذه الجرة (١) من الخل ، فبان خمرا ، كان له مثل تلك الجرة خلا.

إذا خالعها على أن ترضع ولده حولين صح ، فإن جف اللبن أو مات الولد فله أجرة المثل لرضاع مثله في الحولين ، وإن كان ذلك بعد أن أرضعت سنة فله أجرة المثل لسنة.

التوكيل في الخلع من الغائب جائز ، وإذا قدر المال للوكيل فخالفه (٢) لم يصح الخلع.

وأما طلاق المبارأة فيكون مع كراهة كل واحد من الزوجين صاحبه ، ويجوز للزوج أخذ البدل عليه إذا لم يزد على ما أعطاها ، ولا يحل له أخذ الزيادة عليه ، يقول لها : قد بارأتك على كذا فأنت طالق ، ويكون التطليقة بائنة لا رجعة فيها إلا إذا رجعت فيما بذلته قبل العدة ، فله الرجوع إذن ، وأما بعد العدة فلا ، ويسقط السكنى والنفقة في الطلاق البائن.

الفصل الثامن

صحة اللعان بين الزوجين تقف على أمور :

منها أن يكونا مكلفين سواء كانا أو أحدهما من أهل الشهادة أو لا.

وأن يكون النكاح دواما.

__________________

(١) الجرة بالفتح إناء معروف. المصباح المنير.

(٢) في « س » : « فخالعه » والصحيح ما في المتن.

٤٥٩

وأن تكون الزوجة مدخولا بها ، وحكم المطلقة طلاقا رجعيا إذا كانت في العدة كذلك.

وألا تكون صماء ولا خرساء.

وأن يقذفها الزوج بالزنا يضيفه إلى مشاهدته ، بأن يقول : رأيتك تزنين ، ولو قال : يا زانية ، لم يثبت بينهما لعان ، أو ينكر حملها ، أو يجحد ولدها ولا يقيم أربعة من الشهود بما قذفها به.

وأن تكون منكرة لذلك.

وصفة اللعان أن يجلس الحاكم بينهما مستدبر القبلة ، ويوقفهما بين يديه ، المرأة عن يمين الرجل موجهين إلى القبلة ، ويقول للرجل : قل أشهد بالله إني فيما ذكرته عن هذه المرأة من الفجور لمن الصادقين ، فإذا قال ذلك ، أمره أن يعيده تمام أربع مرات ، فإذا شهد الرابعة قال له الحاكم : اتق الله عزوجل واعلم أن لعنة الله شديدة وعذابه أليم ، فإن كان حملك على ما قلت غيرة أو غيرها ، فراجع التوبة ، فإن عقاب الدنيا أهون من عقاب الآخرة ، فإن رجع عن قوله جلده حد المفتري وإن (١) أصر على ما ادعاه قال له : قل : إن لعنة الله علي إن كنت من الكاذبين ، فإذا قالها أقبل على المرأة ، وقال لها : ما تقولين فيما رماك به؟ فإن اعترفت رجمها ، وإن أقامت على الإنكار ، قال : قولي : أشهد بالله إنه فيما رماني به لمن الكاذبين ، فإذا قالت ، طالبها بإتمام أربع شهادات كذلك ، فإذا شهدت الرابعة وعظها كما وعظ الرجل ، فإن اعترفت رجمها ، وإن أصرت على الإنكار ، قال لها : قولي : إن غضب الله علي إن كان من الصادقين ، فإذا قالت ذلك ، فرق الحاكم بينهما ولا تحل له أبدا.

إذا طلق امرأته قبل الدخول بها ، فادعت أنها حامل منه (٢) فإن أقامت البينة

__________________

(١) في « س » : فإن.

(٢) في « س » : عنه.

٤٦٠