اصباح الشيعة بمصباح الشريعة

قطب الدين محمد بن الحسين الكيدري

اصباح الشيعة بمصباح الشريعة

المؤلف:

قطب الدين محمد بن الحسين الكيدري


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٥٢

يجوز أن يتمتع بمستضعفة إذا لم يجد مؤمنة عفيفة مستبصرة معتقدة للحق ، ولا يجوز بالناصبة لعداوة آل محمد ـ عليهم‌السلام ـ ولا بأس باليهودية والنصرانية ويكره بالمجوسية والفاجرة ، فإن فعل منع المجوسية من أكل المحرمات والفاجرة من الفجور.

لا يجب عليه أن يسألها ألها زوج أم لا ، لتعذر قيام البينة بذلك ، هذا في المأمونة المعروفة بالديانة والصيانة ، فأما المتهمة فليفتش عن أمرها احتياطا ، ولا بأس أن يتمتع ببكر لا أب لها من غير ولي ، ويدخل بها إذا كانت بالغا ، وإن لم تبلغ ولها أب لم يجز العقد عليها إلا بإذن أبيها ، وإن كانت بالغا ـ وهي التي لها تسع سنين ـ جاز أن يعقد عليها بلا إذن أبيها إلا أنه لا يحل له أن يفضي إليها.

ويجوز التمتع بالأمة بإذن سيدها ، وبأمة المرأة بغير إذن سيدتها ، ويجوز أن يزيد في التمتع على أربع نسوة ، والأحوط أن لا يزيد ، والولد لا حق بالرجل ، عزل أم لا.

ومن كانت عنده حرة (١) لا يتمتع بأمة إلا برضاها ، وإذا تمتع بإحدى الأختين وانقضى أجلها ، لم يحل له التمتع بالأخرى إلا بعد انقضاء عدة الأولى كما في الدوام.

ومتى تزوجت امرأة متعة سرا بغير إذن وليها ، على أنه لا يفضي إليها ، فزوجها الولي من رجل آخر علانية ، يجب عليها ألا تمكن الزوج من نفسها إلى انقضاء مدة متعتها ، ولا عدة عليها ، فإذا دخل بها الزوج قالت له : قد زوجت منك بغير أمري وقد رضيت الآن فاستأنف العقد ، فإن كانت المدة طويلة ولم يصبر الزوج فليتصدق المتمتع عليها بما بقي له من الأيام ، وليتق الله تعالى في ذلك صيانة لنفسها ، وسترا عليها (٢) لأنها قد ابتليت والدار دار هدنة ، والمؤمنون في تقية ،

__________________

(١) في الأصل : « ومن كانت عنده امرأة » والأصح ما في المتن.

(٢) في « س » : وتسترا عليها.

٤٢١

كذا جاء الأثر عن الرضا ـ عليه‌السلام ـ أنه قال(١) « لا تدع التمتع ولو بحبشية زرقاء فإنكم تحيون بذلك السنة ». (٢) من خاف في ذلك على نفسه أو ماله أو مذلة تلحقه وجب عليه ألا يفعله.

الفصل التاسع

يصح عقد النكاح الدائم وإن لم يذكر المهر ، ويلزمه مهر المثل ، والمهر ما تراضى عليه الزوجان مما له قيمة ، ويحل تملكه قليلا كان أو كثيرا ، فإن عقد على مهر فاسد كالخمر والخنزير والميتة ، صح العقد وفسد المهر ، ويلزم مهر المثل ، وقيل : لا ينعقد النكاح (٣) ، وإن كانا ذميين وأسلما قبل الأداء فعليه قيمته عند مستحليه.

ويستحب أن لا يتجاوز بالمهر السنة المحمدية وهو خمسمائة درهم ، ويجوز أن يصدقها تعليم شي‌ء من القرآن أو الحكم والآداب ، أو بناء دار أو خياطة ثوب ، وغير ذلك مما له أجرة ، سوى الإجارة مدة ، إذ هي كانت مختصة بموسى ـ عليه‌السلام.

وإذا أصدقها تعليم قرآن لم يجز حتى يكون مقداره معلوما معينا بالسور ، وإن كان تعليم آيات معدودة وجب تعيينها ، لأنها تختلف ، فإن أصدقها تعليم سورة معينة وهو لا يحفظها وقال : علي أن أحصل ذلك لك ، صح ، وإن أصدقها تعليم سورة [ معينة ] (٤) فلقنها ، فلم تحفظ ، أو أصدقها عبدا فهلك قبل القبض ، فعليه أجرة [ مثل ] (٥) تعليم تلك السورة أو قيمة العبد.

__________________

(١) في الأصل : « كذا جاء الأثر عن الرضا ـ عليه‌السلام ـ وروي عن الرضا ـ عليه‌السلام ـ أنه قال : ».

(٢) لم نعثر عليه في المجامع الحديثية.

(٣) الشيخ ، النهاية : ٤٦٩. والقاضي ، المهذب : ٢ ـ ٢٠٠.

(٤) ما بين المعقوفات موجود في « س ».

(٥) ما بين المعقوفات موجود في « س ».

٤٢٢

إذا أصدقها تعليم سورة معينة ، ثم طلقها قبل الدخول وقبل تعليمها ، فعليه أن يلقنها نصف السورة ، وإن طلقها بعد التعليم رجع إليها (١) بنصف أجرة [ مثل ] (٢) ما علمها. وكذا إذا وهبت المرأة صداقها لزوجها ثم طلقها قبل الدخول ، فله أن يرجع إليها (٣) بنصف المهر.

إذا تزوج مسلم كتابية على تعليم شي‌ء من القرآن ، للتبصر والاهتداء به صح ، وإن كان تعليمها للمباهاة بحفظها ، لم يصح ، ويلزمه مهر المثل إذا دخل بها ، فإن تزوج مسلم كتابية ، أو مشرك مشركة على تعليم شي‌ء من التوراة ، كان المهر فاسدا ، لأنه منسوخ مغير مبدل ، وكذلك إن كان الصداق هجوا أو فحشا من الشعر لم يصح ، وكان لها مهر مثلها ، وإن كان الشعر حكما وزهدا صح ، وإن كان الصداق خياطة ثوب معين ، فهلك الثوب ، فلها مثل أجره خياطة ذلك الثوب ، دون مهر المثل ، وكذا في كل مهر معين ، وكل مهر فاسد يوجب مهر المثل كله بعد الدخول ونصفه قبله ، والمرأة تملك الصداق بالعقد وكان الزوج ضامنا متى تلف في يده.

إذا أصدقها غنما حاملا ، أو غيرها من الحيوان ، فولدت ثم طلقها قبل الدخول ، رجع في نصف الغنم ونصف أولادها ، وإن حملت الغنم عندها ، فلا شي‌ء له من الأولاد.

وإذا كان الصداق مما له مثل ، كالأثمان والحبوب والأدهان ، فتلف ، وقد طلقها قبل الدخول فله نصف (٤) مثله ، وإن لم يكن له مثل ، كالثوب والعبد ، فله

__________________

(١) في « س » : « عليها ».

(٢) ما بين المعقوفتين موجود في « س ».

(٣) في « س » : « عليها ».

(٤) في « س » : « فله مثله » والصحيح ما في المتن.

٤٢٣

نصف قيمته ، وعليها أقل الأمرين بين قيمته يوم القبض ويوم العقد ، لأن ما زاد بعد العقد يكون لها ، وإن لم يتلف لكن لو نقص نقصان عين لا نقصان قيمة : كأن يكون الحيوان بصيرا فعمي أو صحيحا فمرض فكما في التالف.

وإن زاد زيادة متميزة : كأن يكون بهيمة فنتجت ، أو جارية فولدت ، أو شجرة فأثمرت ، فإنها لها ، وإن كان غير متميزة : كأن يكبر ، أو يسمن ، أو يتعلم العبد القرآن ، فهي بالخيار بين إعطاء النصف بزيادته ونصف قيمته ، هذا كله إن كان بعد القبض.

وإن كان قبله ونقص فلها الخيار بين قبض نصفه وأن تتركه ولها عليه نصف القيمة ، وإن زاد زيادة متميزة ، فالزيادة له ولها نصف الأصل ، وإن كانت غير متميزة فكما كان بعد القبض.

إذا أصدقها شيئا ثم ارتدت قبل الدخول عاد كله إليه إلا في الزيادة المتميزة ، فإنها لها ، وفي غير المتميزة الزوج بالخيار بين رد الكل وبين رد مثله أو قيمته.

إذا أصدقها عبدا مجهولا ، أو دارا مجهولة ، فلها عبد وسط ، أو دار وسط.

إذا عقدا النكاح سرا بمهر ذكراه ، ثم عقدا في العلانية بأقل منه أو أكثر ، لم يلزم إلا الأول ، فإن تواعدا بمهر (١) من غير عقد ، ثم عقد الزوج بأكثر منه لزم ما وقع عليه العقد.

ومتى عقد على امرأة وسمى المهر إلى أجل معلوم إن جاء به وإلا بطل العقد ، ثبت العقد ولزم المهر وإن تأخر عن الوقت المذكور.

ومتى خلا الرجل بامرأته فأرخى الستر ، ثم طلقها ، استقر عليه المهر على

__________________

(١) في « س » : فإن تواعد المهر.

٤٢٤

ظاهر الحال ، وعلى الحاكم أن يحكم به ، وإن لم يدخل بها ، إلا أنه لا يحل للمرأة أن تأخذ أكثر من نصف المهر ، فإن أقام الزوج البينة على أنه لم يدخل بها : بأن توجد المرأة بكرا فلا يلزمه أكثر من نصف المهر.

ومتى مات الرجل عن زوجته قبل الدخول بها ، وجب على ورثته أن يعطوها المهر كاملا ، ويستحب لها أن تترك نصفه. وإن ماتت المرأة قبل الدخول بها ، فلأوليائها نصف المهر ، وإن ماتت بعد الدخول ولم تطالب بالمهر في حياتها ، كره لأوليائها المطالبة به ، هذا كله فيمن سمي مهرها.

فأما التي لم يسم مهرها فلا يلزم لها بالعقد مهر ، لكن لها أن تطالبه بفرض مهرها ، فإن المهر يجب بفرضهما ، أو بفرض الحاكم ، أو بالدخول ، فإن طلقها قبل الفرض وقبل الدخول ، فلا مهر لها ، لكن يجب لها المتعة ، وهي على الموسع خادم ، أو دابة ، أو ما أشبههما (١) وعلى المتوسط ثوب أو ما أشبهه (٢) وعلى الفقير خاتم أو نحوه (٣) ، وإن طلقها بعد الفرض وقبل الدخول ، فلها المطالبة بما اتفقا عليه ، أو فرضه الحاكم.

وإذا مات أحدهما قبل الفرض وقبل الدخول ، فلا مهر لها وورثه الآخر ، وعليها العدة ، وفرض السلطان يكون بقدر مهر المثل ، أعني : مثل نسائها من الطرفين الأقرب فالأقرب ، وإن تجاوز خمسمائة درهم لم يجب ، فإن دخل بها بعد أن أعطاها شيئا فليس لها سواه.

وإن تزوجها على ما يحكم به أحدهما أو كلاهما من المهر ، فإن كان بحكم

__________________

(١) في الأصل : وما أشبهها.

(٢) في الأصل : وما أشبهه.

(٣) هذا ما أثبتناه ولكن في الأصل و « س » : ونحوه.

٤٢٥

المرأة ، وجب عليه الرضا بما حكمت ، ما لم تتجاوز السنة المحمدية ، وإن(١) تزوجها على حكمه ، فما حكم به وجب عليها الرضاء به قل أو كثر ، وإن (٢) كان بحكمهما فعلى ما اتفقا ، فإن مات أحدهما قبل الحكم ، فلها المتعة لا غير.

إذا تزوجها على كتاب الله وسنة نبيه ، ولم يسم مهرا ، كان مهرها خمسمائة درهم لا غير ، ولا ينعقد التزويج بهبة المرأة نفسها للرجل ، لاختصاص ذلك بالنبي ـ عليه‌السلام ـ ، وإذا زوج أمته بعبده لم يجب المهر ، ويستحب أن يذكر مهرا ، لأنه من سنة النكاح.

إذا زوج الأب أو الجد من له إجبارها على النكاح من البكر ، صغيرة أو كبيرة بدون مهر المثل ، ثبت المسمى دون مهر المثل. (٣)

للأب أو الجد مع الأب أن يعفو عن بعض المهر لا عن كله ، وأما أب البكر أو الثيب التي جعلت الأمر إليه إذا طلقها الزوج قبل الدخول ، فللأب أن يعفو عن مهرها ويبرئ ذمة الزوج من نصفه ، وكذا الجد.

ويجوز للرجل قبض مهر ابنته المولى عليها لصغر أو جنون أو سفه ، وأما الرشيدة غير المولى عليها فإن كانت بكرا جاز له القبض ما لم تنهه عنه ، وإن كانت ثيبا فلا.

والصداق كالدين في أنه يكون معجلا ومؤجلا ، وإطلاق العقد يفيد التعجيل ، فإن شرط التأجيل صح.

متى تزوجها على أنها بكر ووجدها ثيبا جاز له أن ينقص من مهرها شيئا.

إذا أبرأت زوجها عن مهرها في مرضها ولم تملك سواه ، لم يسقط عنه إلا

__________________

(١) في « س » : « فإن » في كلا الموردين.

(٢) في « س » : « فإن » في كلا الموردين.

(٣) في « س » : بدون مهر المثل جاز وثبت المسمى دون مهر المثل.

٤٢٦

ثلثه. إذا أبرأت زوجها عن عين مهرها(١) وكان مجهولا ، أو فاسدا كخمر ، لم يصح ، لأنها غير مملوكة ، وكذا إن (٢) أبرأت من لم يسم لها مهرا عن المهر قبل الفرض.

الفصل العاشر

نكاح الشغار باطل ، وهو أن يزوج الرجل غيره بنته أو أخته على أن يتزوج بنت المزوج (٣) أو أخته على أن يكون بضع كل واحدة منهما مهرا للأخرى (٤) فجعل بضع البنت ملكا للرجل بالزوجية وملكا للبنت بالمهر.

فإن قال : زوجتك بنتي على أن تزوجني بنتك على أن صداق كل واحدة منهما مائة ، أو صداق إحداهما مائة وصداق الأخرى مائتان ، صح النكاح وبطل الصداق ، لأنه جعل التزويج مهرا ، لأنه ما رضي مهرا لبنته إلا بشرط أن يحصل له نكاح بنت زوجها ، وهو شرط باطل لا يلزم الوفاء به فبطل (٥) صداق المائة ، وإذا بطل وجب أن يرد إلى المائة ما نقص من الصداق لأجل الشرط ، وذلك القدر مجهول ، والمجهول إذا أضيف إلى معلوم صار الكل مجهولا ، فبطل الصداق وسقط ، فوجب مهر المثل ، ولا يفسد النكاح بفساد الصداق.

وإن قال : زوجتك بنتي على أن تزوجني بنتك ، فجعل صداق كل منهما تزويج البنت ، صح النكاح وبطل الصداق ، ولها مهر المثل.

__________________

(١) في الأصل : « عن غير مهرها » والصحيح ما في المتن قال الشيخ في المبسوط : ٤ ـ ٣١١ : وإن ذكر لها مهرا لم يخل من أحد أمرين ، إما أن يكون صحيحا أو فاسدا. وإن كان فاسدا مثل أن يزوجها مفوضة المهر أو أصدقها مهرا مجهولا أو خمرا أو خنزيرا ، سقط المسمى ووجب مهر المثل ، فإن أبرأته عن العين المسماة في العقد لم يصح ، لأنها ما ملكت المسمى فلا يصح أن تبرئه عنه.

(٢) في « س » : وكذا إذا.

(٣) في « س » : « بنت الزوج » والصحيح ما في المتن.

(٤) في « س » : مهر الأخرى.

(٥) في « س » : « فيبطل صداق المائة إذ أصدق المائة » والصحيح ما في المتن.

٤٢٧

إذا عقد على امرأة وشرط لها في الحال ما يخالف الكتاب والسنة ، كأن لا يتزوج عليها ، أو لا يتسرى أو لا يتزوج بعد موتها ، صح العقد وبطل الشرط ، فإن شرطت عليه في حال العقد ألا يفتضها بطل النكاح ، وقيل : لم يبطل ولم يكن له وطؤها إلا إذا أذنته من بعد فيه. (١)

وقيل : إن هذا يختص عقد المتعة. (٢)

إذا شرط أن لا يطأها ليلا ، أو أن لا يدخل عليها سنة ، صح العقد وبطل الشرط ، وإن (٣) شرط أن لا نفقة لها لزمته النفقة في الدوام دون المتعة.

إذا شرط في حال العقد ألا يخرجها من بلدها لم يكن له أن يخرجها إلا برضاها ، فإن شرط أنه إذا أخرجها إلى بلده (٤) كان عليه المهر مائة دينار ، وإن لم يخرج كان مهرها خمسين دينارا ، فمتى أراد إخراجها إلى بلد الشرك فلا شرط له عليها ، ولزمه المهر كملا ، وليس عليها الخروج معه ، وإن أراد إخراجها إلى بلد الإسلام ، كان له ما اشترط عليها.

ومن أعتق عبده وشرط عليه في حال العتق أن يزوجه جاريته فإن تسرى عليها أو تزوج ، لزمه شي‌ء معين ، فتزوج العبد أو تسرى عليها ، لزمه ما شرط عليه مولاه.

وأما النكاح الذي يحلل المرأة للزوج الأول ، فهو المستدام الذي عقده عليها زوج بالغ ، ويكون قد دخل بها ، سواء كان الزوج حرا أو عبدا ، ومتى كان النكاح متعة ، أو يكون الزوج غير بالغ ، أو مع بلوغه لم يدخل بها ، أو كان الوطء بملك

__________________

(١) الشيخ : النهاية : ٤٧٤ ـ باب المهور وما ينعقد به النكاح.

(٢) الشيخ : المبسوط : ٤ ـ ٣٠٤.

(٣) في « س » : وإذا.

(٤) في الأصل : « إلى بلدة » والأصح ما في المتن.

٤٢٨

اليمين ، لم تحل للأول ، وكذا إن تزوجها على أنه إذا حللها للزوج الأول ، لم يكن بينهما نكاح ، أو متى يبيحها للأول بطل النكاح ولم تحل له بذلك ، ولا يتعلق به طلاق وظهار وغيرهما من أحكام النكاح ، ويفرق بينهما ، وإن أصابها فلها مهر مثلها ، وعليها العدة ولا نفقة وإن كانت حاملا ، وإن نكحها على أنه إذا أباحها للأول طلقها ، صح النكاح ، وبطل الشرط ، وتحللت المرأة للزوج الأول. (١)

من وجد المطلقة ثلاثا على فراشه وظنها زوجته أو أمته فوطأها لم تحل بذلك للأول ، لأنها لم تتزوج ، وأقل ما يقع به التحليل من الوطء ما غاب به قدر الحشفة ، ويقع التحليل بالملوك الخصي إذا أدخل والتذ ، وإن لم ينزل.

إذا قالت الغائبة لمطلقها : قد اعتددت منك ، وتزوجت آخر ، ثم طلقني واعتددت منه ، قبل منها إن كانت مدة الغيبة تحتمل ذلك ، وإلا فلا. إذا وطئها الثاني في الدبر لم يحلل.

البكر المطلقة ثلاثا لا تحل للأول إلا بافتضاض الثاني.

والإحصان لا يحصل إلا بأن تكون له زوجة يغدو إليها ويروح ، سواء كانت حرة ، أو أمة ، أو ملك يمين ، مسلمة ، أو ذمية ، والمتمتع بها لا تحصن ، وقيل : إن ملك اليمين لا تحصن ، (٢) وكذلك إذا كان أحد الزوجين كافرا.

الفصل الحادي عشر

يستحب أن لا تزوج الصغيرة إلا بعد تسع سنين ، فإن فعل لم يجز للزوج الدخول حتى تبلغ ، فإن فعل فأفضاها ، لزمه المهر والدية كاملة ، ونفقتها ما دامت حية ، وإن أفضاها بعد تسع سنين فلا عليه سوى المهر ، هذا إذا كانت في عقد

__________________

(١) في الأصل : ويحلل المرأة للزوج الأول.

(٢) القائل : ابن أبي عقيل وابن الجنيد ، لا حظ المختلف : ٧٥٧ ـ الطبعة الحجرية.

٤٢٩

صحيح أو شبهة ، وإن كانت مكرهة يلزمه ديتها على كل حال ، ولا مهر لها.

وليجتنب العقد إذا كان القمر في العقرب ، ويستحب فيه الإعلان والإشهاد والخطبة والوليمة عند الزفاف ، وليجنب (١) مجلسه من المناكير ، كشرب المحرمات وضرب المعازف ، فإن فعل ذلك لم يجز حضوره ، وكذلك إن كان فيه صور منصوبة لذوات الأرواح لا يدخله.

وأخذ ما ينثر فيه لا بأس به إذا علم من صاحبه إباحته.

ويستحب أن يكون العقد والزفاف بالليل والإطعام بالنهار ، وإذا دخل على المرأة يستحب أن يكونا على وضوء ، وأن ينزع خفيها ، ويغسل رجليها في إناء ، ويصب الماء من باب الدار إلى أقصاها ، ويضع يده على ناصيتها ، ويدعو بالمأثور.

ويكره الجماع ليلة الخسوف ، ويوم الكسوف ، ومن غروب الشمس إلى مغيب الشفق ، ومن طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، وفي الريح السوداء والصفراء ، وعند الزلازل ، وفي محاق الشهر ، (٢) وفي أول ليلة من كل شهر إلا شهر رمضان لقوله تعالى ( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ ) (٣) وفي ليلة النصف من كل شهر ، وفي ليلة الفطر ، وليلة الأضحى ، وفي ليلة الأربعاء ، وفي وجه الشمس ، وفوق السطوح ، وفي استقبال القبلة واستدبارها ، وفي السفينة ، وفي الليلة التي يريد في صبيحتها السفر ، وفي الليلة التي قدم فيها أهله من السفر ، وفي حال كونه عريانا أو قائماً ، وفي الهاجرة (٤) ، وبين الأذان والإقامة ، ويكره الكلام في حال الجماع بغير ذكر الله تعالى ، وكذا النظر في فرجها.

__________________

(١) في المصباح المنير : جنبت الرجل الشر جنوبا ، من باب قعد : أبعدته عنه ، وجنبته بالتثقيل مبالغة.

(٢) في « س » : « وفي محاق الشمس » والصحيح ما في المتن. قال الحلي في السرائر : يقال : بكسر الميم وضمها وهن الثلاث ليال الأواخر من الشهر ، سميت بذلك لإمحاق القمر فيها أو الشهر. لاحظ السرائر : ٢ ـ ٦٠٥.

(٣) البقرة : ١٨٧.

(٤) الهاجرة : نصف النهار عند اشتداد الحر. مجمع البحرين.

٤٣٠

وإذا جامع مرة ، أو احتلم ، وأراد أن يجامع مرة أخرى ، يستحب (١) أن يغتسل أو يغسل فرجه ، ويتوضأ وضوء الصلاة ، لا سيما إذا كانت المرأة حاملا ، ويجوز أن يطوف على جماعة من الإماء له بغسل واحد ، دون الحرائر ، لوجوب القسم بين الحرائر.

ومن كان له حرتان يكره أن يجامع إحداهما بحضرة الأخرى (٢) ولا يجامع أهله في بيت فيه غيره ، ولا بأس بالعزل عن الأمة ، مملوكة كانت أو مزوجة أذنت أو لا ، ولا يجوز عن الحرة إلا بإذنها ، فإن عزل من غير إذنها ، وجب لها عشر دية الجنين : عشرة دنانير.

ووطء الزوجة في الدبر مكروه ، ويتعلق به أحكام الوطء في الفرج ، من إفساد الصوم ، ووجوب الكفارة ، والغسل ، ووجوب الحد إن لم تكن زوجته أو مملوكته ، وعليه المهر إن كانت مكرهة ، ويجب به العدة في المزوجة إلا أنه لا يثبت به الإحصان والتحليل للزوج الأول ، وروي : أنه لا يتعلق به نقض الصوم ووجوب الكفارة والغسل إلا إذا أنزل. (٣)

ووطء المرأة في حال الحيض في الفرج محرم ، وتارك وطء امرأته أكثر من أربعة أشهر مأثوم ، والاستمناء باليد محظور.

من كان عنده أربع نساء لا يجوز أن يبيت عند إحداهن أكثر من ليلة واحدة إلا برضاء الباقية وتحليلهن إياه ، أو ترك إحدى الباقية ليلتها ، والتي وهبت ليلتها ليس لها عوضها من بعد.

من تزوج بأربع ابتداء وقام بالنفقة والمهر والسكنى لهن ، فله أن لا يبيت

__________________

(١) في الأصل : استحب.

(٢) في « س » : بحضرة المرأة الأخرى.

(٣) لاحظ الوسائل : ١ ب ١٢ من أبواب الجنابة.

٤٣١

عندهن ، فإن بات عند إحداهن ، وجب عليه القسمة(١) حينئذ ، والأحوط أن يستخرج بالقرعة من ابتدأ بها ، وهكذا من بعدها ، فإن بات عند واحدة ليلتين ، قضى ذلك في حق الباقية ، ولا يلزم من تسوية المبيت تسوية المقاربة ، وإن كان الأولى ذلك مع التمكن ، ويتعلق القسمة بالليل دون النهار.

إذا كان بعض أزواجه ذمية ، أو أمة مزوجة ، فلها ليلة ، وللمسلمة ليلتان ، ولا قسمة (٢) للمملوكة مع الحرة ، ولا قسمة (٣) للناشزة ، والمجنونة التي تخرق ثوب الزوج ، ولا الصغيرة غير البالغة حد التمتع ، ويجب للحائض والنفساء والرتقاء والمحرمة والمظاهر منها والمولى منها ، ويجب التسوية على العنين والمجبوب.

والمستحب في القسمة ليلة ليلة وإن قسم مثنى أو ثلاث جاز ، وإن كان له زوجتان جاز أن يقسم لواحدة ثلاث ليال ، أو ليلتين وللأخرى واحدة ، وإن كن ثلاثا ، لم يقسم لواحدة أكثر من ليلتين.

وإذا تزوج ببكر فله أن يخصها بسبعة أيام لا أكثر ، والثيب بثلاثة.

إذا أراد أن يسافر بإحدى زوجاته ، فالأولى أن يخصها بالقرعة ، ولا قضاء عليه للباقية ، وإن أخرجها بلا قرعة قضى للباقية بقدر الغيبة احتياطا.

ولا يسكن من له أكثر من امرأة في بيت واحد ، إلا برضاهن به ، وللرجل أن يمنع زوجته من الخروج من بيته ، وإن كان لحضور المجالس والمآتم (٤) والأعراس ودخول الحمام وزيارة القبور ، ويستحب أن لا يمنعها من حضور موت الوالدين وغيرهما من ذوي القربى والحقوق.

__________________

(١) في « س » : وجب عليه القسم.

(٢) في « س » : « ولا قسم » في كلا الموردين.

(٣) في « س » : « ولا قسم » في كلا الموردين.

(٤) في الأصل : والمواتم.

٤٣٢

[ أحكام الولادة ] (١)

الفصل الثاني عشر لا يتولى أمر النساء في الولادة إلا النساء مع التمكن ، ويغسل المولود ندبا ، ويؤذن في أذنه اليمنى ، ويقام في الأخرى ، ويحنك بماء الفرات إن وجد ، وإلا فبماء عذب ، وإن لم يوجد إلا المالح (٢) مرس (٣) فيه من التمر أو العسل يحنك به ، ويستحب تحنيكه بتربة الحسين ـ عليه‌السلام ـ ، ويسميه باسم حسن من أسماء الأنبياء والأئمة ، ويكنيه بكنية والده ، وإذا سماه محمدا لا يكنيه أبا القاسم ، ويكره أن يسمي ابنه حكما أو حكيما أو خالدا أو مالكا أو حارثا أو هماما أو مباركا أو ميمونا أو بشيرا أو شهابا.

ويعق عن ولده يوم السابع بكبش عن الذكر ، وبشاة عن الأنثى من الضأن لا غير ، ندبا ، ويحلق رأسه ويتصدق بوزن شعره ذهبا أو فضة مع العقيقة في موضعه ندبا ، ولا يجزي في العقيقة إلا ما يجزي في الأضحية ، والحمل (٤) الكبير يجزئ عن الكبش أو الشاة عند فقد ذلك.

وإذا لم يتمكن من العقيقة قضاها بعد ندبا ، ولا يقوم مقام العقيقة الصدقة بثمنها ، ومن لم يعق عنه والده يعق عن نفسه إذا أدرك ندبا ، وتعطى القابلة ربع

__________________

(١) ما بين المعقوفتين منا.

(٢) في الأصل : إلا الملح.

(٣) مرست التمر مرسا ـ من باب قتل ـ : دلكته في الماء حتى تتحلل أجزاؤه. المصباح المنير.

(٤) الحمل ـ بفتحتين ـ : ولد الضائنة في السنة الأولى. المصباح المنير.

٤٣٣

العقيقة ، وإن كانت ذمية لا تعطى منها ، بل تعطى ربع ثمنها ، وإذا لم يكن للولد قابلة ، أعطيت أمها الربع ، وتتصدق هي به ، ولا تأكل منه ، وإن كانت القابلة أم الرجل ، أو من هو في عياله ، لم يعط منها شيئا ، ولا يجوز أن يأكل منها أبواه.

ولا يكسر للعقيقة عظم ندبا ، ويطبخ اللحم ويدعى عليه (١) جمع من المؤمنين ، وإن فرق اللحم على الفقراء جاز ، وإن مات المولود قبل الظهر من يوم السابع لم يعق عنه ، وإن مات بعد الظهر ، عق عنه ندبا.

والختان فرض لازم ، عند بلوغ الصبي ، وسنة قبل ذلك من حين ولادته ، ولا يؤخر عن اليوم السابع ندبا ، وفي خفض الجواري فضل ، وليس بفرض.

والكافر غير المختون إذا أسلم وجب ختانه وإن شاخ ، (٢) ويكره أن يحلق من شعر رأس الصبي ، ويترك بعض ، والرجل مخير بين حلق شعر الرأس وتركه ، وندب إلى إزالة جميع شعر بدنه لا سيما شعر العانة والإبطين.

__________________

(١) في الأصل : ويدعى إليه.

(٢) في النهاية : ومتى أسلم الرجل وهو غير مختتن ختن وإن كان شيخا كبيرا.

٤٣٤

[ أحكام الرضاع ] (١)

الفصل الثالث عشر

من وطأ امرأة وطأ يلحق به النسب بنكاح صحيح ، أو فاسد ، أو وطء شبهة ، أو ملك يمين ، فحصل بينهما ولد ، ودر لبن غذائه ، كان لبنا للفحل ، لأنه ثار ودر بفعله ، فإذا رضع مولود من هذا اللبن في مدة الحولين من الولادة خمس عشرة رضعة متوالية ، لم ترضعه أمه أو امرأة أخرى بينهما ، وقيل : عشر رضعات (٢) وحد كل رضعة ما يروي الصبي منه ويمسك عنه ، أو رضع يوما وليلة إذا لم ينضبط العدد ، [ فإذا وجد العدد ] (٣) أو رضع مقدار ما ينبت عليه اللحم والعظم ، ثبتت الحرمة بينه وبينهما ، وانتشرت الحرمة من جهته إليهما ومنهما إليه.

أما منه إليهما ، فيتعلق به وبولده ، دون من هو في درجته من إخوته وأخواته أو أعلى منه من أمهاته وجداته وأخواله وخالاته ، أو آبائه وأجداده وأعمامه وعماته ، فإن الرضاع فيهم كلا رضاع.

ويحل للفحل نكاح أخت هذا المولود ، ونكاح أمهاته وجداته ، ويحل لأخ الرضيع نكاح هذه المرضعة. قال الشيخ أبو جعفر (٤) : وروى أصحابنا أن جميع أولاد الفحل يحرمون على هذا المرتضع وعلى أبيه وعلى إخوته وأخواته.

__________________

(١) ما بين المعقوفتين منا.

(٢) في « س » : « رضاعات » والقائل : ابن حمزة في الغنية في ضمن الينابيع الفقهية : ١٨ ـ ٢٧٠ والقاضي في المهذب : ٢ ـ ١٩٠.

(٣) ما بين المعقوفتين موجود في « س ».

(٤) لاحظ النهاية : ٤٦٢.

٤٣٥

وأما الحرمة من جهتهما إليه ، فيتعلق بكل واحد منهما ، ومن كان من نسلهما ، ومن كان في درجتهما ، من أخواتهما وإخوتهما ومن كان أعلى منهما ، من آبائهما وأمهاتهما.

ومتى كان لأمه من الرضاع بنت من غير أبيه من الرضاع ، جاز أن يتزوجها ، لأن الفحل غير الأب ، واللبن للفحل ، فإن كانت البنت من غير هذا الفحل ولادة ، لا رضاعا ، حرمت ، وأما زوج المرضعة فهو أبوه رضاعا وأخوه عمه وأخته عمته وآباؤه أجداده ، وولده من غير هذه المرضعة إخوة لأبيه ومنها إخوة لأبيه وأمه ، هذا معنى قوله ـ عليه‌السلام ـ : « يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ». (١)

امرأة أرضعت صبيين ولكل منهما إخوة وأخوات ولادة ورضاعا جاز التناكح بين إخوة وأخوات هذا و [ بين ] (٢) إخوة وأخوات ذلك ، ولا يجوز بينهما أنفسهما ، ولا بين إخوتهما ، من جهة لبن الرجل الذي رضعا من لبنه. (٣)

لا ينتشر الحرمة برضاع من له أكثر من حولين ، ومتى وقع الرضاع المعتبر بعضه في الحولين ، وبعضه خارج الحولين ، لم يحرم.

إذا التقم المولود الثدي ثم أرسله لإعياء أو بتنفس أو انتقال إلى الثدي الأخرى (٤) ثم عاد إليه في الحال ، كان الكل رضعة واحدة ، وإن قطع قطعا بينا ، وطال الفصل بينهما ، فهما رضعتان.

لا يحصل التحريم بأن يصب اللبن في فيه فيصل إلى حلقه. إذا حلبت مرضعة لبنها مرات في إناء ، ثم ماتت فشرب الطفل ذلك ، عدد المرات المحرمة

__________________

(١) الوسائل : ج ١٤ ، ب ١ ، من أبواب ما يحرم بالرضاع ، ح ١ ، ٣ ، ٦ و ٧.

(٢) ما بين المعقوفتين موجود في « س ».

(٣) في « س » : رضع من لبنه.

(٤) كذا في الأصل ولكن في « س » : « لاعبا أو تنفس أو انتقل إلى الثدي الأخرى » والصحيح ما في المتن.

٤٣٦

لا يحرم. إذا رضع من لبن در لبكر أو لثيب غير مرضعة العدد المعتبر لم يحرم ، وكذا لو در لرجل(١) لبن فرضع منه ، أو رضع طفلان من لبن شاة أو بقرة ونحوها.

من كانت له امرأة لها دون الحولين وكبيرة لها لبن من غيره ، فإن أرضعت الصغيرة انفسخ نكاحهما ، لجمعة بين أم وبنتها ، وحرمت الكبيرة عليه أبدا ، وكذا الصغيرة إن كان دخل بالكبيرة ، وإلا استأنف العقد على الصغيرة ، وعليه نصف مهر الصغيرة ويسقط مهر الكبيرة ، لحصول الفسخ منها ، ويرجع الزوج بمهر الصغيرة على الكبيرة ، لأنها حالت بينهما ، وإن كان دخل بالكبيرة لم يسقط شي‌ء من مهرها ، وإن كانت المرضعة مكرهة على إرضاعها لم يلزمها شي‌ء إذا كان (٢) له أربع زوجات ، ثلاث لهن دون الحولين ، وكبيرة لها لبن من غيره ، فأرضعت صغيرتين معا الرضعة الأخيرة ، كأن أرضعت كلا منهما الرضعات التي قبلها ، ثم سلمت إلى كل منهما ثديا ، فارتضعتا جميعا ، ورويتا معا في حالة واحدة ، انفسخ نكاح الكبيرة والصغيرتين ، وحرمت الأم على التأبيد دخل بها أو لا ، وحرمت الصغيرتان أبدا إن دخل بالأم ، وإلا حرمتا تحريم جمع ، وله استئناف النكاح على كل منهما ، وحكم المهر ما مضى.

فإذا أرضعت الكبيرة الصغيرة الثالثة ، وكان دخل بالكبيرة انفسخ نكاحها ، وحرمت أبدا ، (٣) وإن لم يدخل فنكاح الصغيرة بحاله ، وإن كانت الكبيرة أرضعت إحداهن الرضعة الأخيرة فانفسخ نكاحهما [ معا ] (٤) ثم أرضعت الثانية والثالثة معا انفسخ نكاحهما معا ، فإن كان دخل بالكبيرة حرمتا أبدا ، وإلا فتحريم جمع ،

__________________

(١) في « س » : للرجل.

(٢) في « س » : لو كان.

(٣) كذا في الأصل و « س » ولكن في حاشية الأصل : انفسخ نكاحها وحرمتا.

(٤) ما بين المعقوفتين موجود في « س ».

٤٣٧

وله(١) استئناف نكاح كل منهما (٢) ، وحكم المهر ما مضى ، وإن أرضعت واحدة الرضعة الأخيرة انفسخ نكاحهما جميعا ، والتحريم والمهر كما سبق ، ثم أرضعت الأخرى الرضعة الأخيرة ، فإن كان دخل بالكبيرة انفسخ نكاح الثانية ، وإلا فلا ، ثم أرضعت الثالثة الرضعة الأخيرة صارت الثالثة أخت الثانية من رضاع ، وينفسخ نكاحهما.

إذا كانت له زوجة صغيرة حرة ، وأخرى أمة ، ولها لبن (٣) من غيره فأرضعت الأمة الصغيرة انفسخ نكاح الصغيرة إن كان وطأ الأمة وحرمت على التأبيد ، لأنها بنت موطوءته وإن لم يطأها لم ينفسخ نكاح الصغيرة ، وحرمت الأمة أبدا ، لأنها أم زوجته.

وإن كانت له زوجة صغيرة لها دون الحولين ، وكبيرة لها لبن من غيره فطلقهما معا فتزوج بهما آخر معا ، ثم أرضعت الكبيرة الصغيرة انفسخ نكاحهما معا ، وتحرم الكبيرة على الزوجين معا أبدا ، أما على الأول فلأنها الآن أم من كانت زوجته ، وعلى الثاني ، لأنها أم من هي زوجته ، وتحرم الصغيرة عليهما أبدا إن دخلا بالكبيرة وإلا فلا ، وإن دخل بها أحدهما فكما مضى.

وكذا رجل له زوجة كبيرة ، وآخر له زوجة لها دون الحولين ، فطلق كل منهما زوجته وتزوجهما الآخر ، فأرضعت الكبيرة الصغيرة حرمت الكبيرة عليهما جميعا أبدا ، ولا تحرم الصغيرة على كل منهما إن لم يدخلا بالكبيرة.

إذا أتت المرأة بولد ونفاه زوجها باللعان ، فأرضعت مولودا بلبن هذا الولد ، حصل التحريم بين الصبيين دون الزوج ، ثم إن أقر به ثبت نسبه وتبعه حكم

__________________

(١) في « س » : فله.

(٢) في « س » : على كل منهما.

(٣) وبها لبن.

٤٣٨

الرضاع.

ولبن من أتت بولد من الزنا لا يحرم ولا يثبت به رضاع.

رجل زوج أم ولده من طفل حر له دون الحولين ، فأرضعته صار ولدها وولد سيدها ، وانفسخ نكاحها ، وحرمت عليهما أبدا ، أما على السيد ، فلأنها حليلة ابنه ، وأما على الطفل ، فلأنها أمة رضاعا وموطوءة أبيه.

إذا تزوج بزوجة لها دون الحولين ، فأرضعتها من يحرم عليه نكاح ابنتها ، انفسخ نكاحها ، كأن ترضعها أمه بلبن أبيه ، فهي أخته لأبيه وأمه ، وإن كان اللبن لغير أبيه ، فهي أخته لأمه ، وإن أرضعتها جدته فهي خالته ، وإن أرضعتها بنته صارت بنت بنته (١) وإن أرضعتها أخته ، صارت بنت أخته ، وإن أرضعتها امرأة أخيه بلبن أخيه فهو عمها. وإن كان اللبن لغير أخيه صارت ربيبة أخيه ، ونكاحها لا ينفسخ (٢) لأن له أن يتزوج بربيبة أخيه ، وإن أرضعتها امرأة أبيه بلبن أبيه صارت أخته من أبيه ، وإن كان اللبن لغير أبيه صارت ربيبة أبيه ، والنكاح بحاله ، لأنه يجوز له أن يتزوج بربيبة أبيه ، فإن أرضعتها امرأة ولده بلبن ولده صارت بنت ولده ، وإن كان بلبن غير ولده فهي ربيبة ولده والنكاح بحاله ، لأن له أن يتزوج بربيبة ولده ، سواء كانت المرضعة محرما له من نسب أو رضاع ، فأما إذا أرضعتها من لا تحرم عليه بنتها ، فالنكاح بحاله ، كأن أرضعتها عمته أو خالته أو امرأة عمه أو خاله ونحو ذلك.

لا يثبت الحكم بالرضاع إلا بشهادة عدلين ولا يقبل الشهادة فيه مطلقا بلا شرح ، وشرحها أن يقول : أشهد أن فلانة أرضعت فلانا خمس عشرة رضعة ، أو عشر رضعات ـ على القولين ـ غير متفرقات ، على ما مر في مدة الحولين ، ولم يفصل

__________________

(١) في « س » : « صارت بنت بنت » والصحيح ما في المتن.

(٢) في « س » : لم ينفسخ.

٤٣٩

برضاع امرأة أخرى ، ووصل اللبن إلى جوفه على ظاهر الحال ، بأن شاهدت الصبي ملتقما ثديها يمص اللبن ويحرك شفتيه ويبتلع ما كان يحصل في فيه.

إذا رأى الصبي داخلا رأسه تحت ثياب المرضعة ، لم يجز له أن يشهد بالرضاع.

إذا ادعى الزوج أنها تحرم له من رضاع ، قبل قوله فيما عليه ، ولا يقبل فيما له ، إلا ببينة ، ولزمه المهر كملا إن دخل بها ، وإن علم من حالهما أن أحدهما أكبر من الآخر بما لا يمكن حصول الرضاع بينهما ، لم يلتفت إلى دعواه.

الفصل الرابع عشر

مدة الرضاع الذي لا يجوز أكثر منها حولان وشهران ، ولا يجوز أن ينقص من الحولين أكثر من ثلاثة أشهر ، ولا يجوز إجبار الحرة على إرضاع ولدها ، إلا إذا لم يكن له مال ولا والد وغيره ، ممن يجب عليه نفقته ، أو كان معسرا ، فحينئذ يجب عليها إرضاعه ، وليس للزوجة إرضاع الولد إلا برضاء الزوج ، لأن له الاستمتاع بها ، والإرضاع يخل بذلك.

لا يصح (١) أن يستأجر الرجل زوجته لرضاع الولد إلا إذا بانت منه.

إذا تطوعت البائنة برضاع الولد ، أو رضيت بأجرة المثل ، فهي أحق به ، فإن طلبت (٢) أكثر من ذلك ، ووجد الأب من تتطوع بذلك أو ترضع بدونها فله ذلك.

ومن شرط صحة الإجارة أن تكون مدة الرضاع والأجرة وحال اللبن معلومة ، وأن تشاهد الصبي المرتضع ، ولا يصح أن يستأجرها بنفقتها وكسوتها مطلقا ، إلا إذا عين مقدار النفقة والكسوة ، وجنسهما ، ويبطل الإجارة بموت الصبي وكل واحد

__________________

(١) في « س » : لا يحل.

(٢) في الأصل : وإن طلبت.

٤٤٠