اصباح الشيعة بمصباح الشريعة

قطب الدين محمد بن الحسين الكيدري

اصباح الشيعة بمصباح الشريعة

المؤلف:

قطب الدين محمد بن الحسين الكيدري


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٥٢

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد الله الذي ألهمنا أن نحل (١) معاقد الحق ، فنحل (٢) بحلها مقاعد الصدق ، وأمدنا بإمداد التوفيق حتى تحرينا سواء الطريق ، وتنزهت عقائدنا في الدين عن الأهواء المضلة وآراء المرتدين ، وقابلنا بالإقبال والقبول مراسم العترة الطاهرين من آل الرسول ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ ، فاتخذناهم في تتبع الشرائع قدوة ، وفي التطلع على ثنايا الحقائق أسوة ، وجعلنا عتبتهم الشريفة باب حطة ، يفزع إليها من كل معضلة وحطة ، لا نبغي مدى الأعمار عنهم حولا (٣) ولا نرضى بمن في الأقطار منهم ، فلله جل اسمه الحمد على ما توالت من نعمة التي لا تحصى ولا تعد ، وتلألأت من آلائه التي لا توصف ولا تعد ، حمدا على صفايا المحامد يرتضيه ، ومن صحائف الكتبة الكرام يصطفيه.

ثم أفضل الصلاة والتحية على محمد المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلى وصيه الذي هو في

__________________

(١) من الحل بمعنى الفتح يقال : حل العقدة : فتحها ـ لسان العرب.

(٢) من أحل بمعنى النزول والحلول نقيض الارتحال. المصدر السابق.

(٣) من التحول بمعنى التنقل من موضع إلى موضع والاسم الحول ومنه قوله تعالى ( خالِدِينَ فِيها لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلاً ). الكهف : ١٠٨ ـ لسان العرب.

٢١

غوامض العلم باب مدينته.

أما بعد : فإن درة يتيمة من الصدف النبوي. وثمرة ذات قيمة عظيمة من الشجر العلوي ، قد أنتج من خاطره اللطيف ، وخرج من لطيفه الشريف فرط عنايته وشدة تشوفه (١) إلى كتاب بديع في فقه الفرقة المتسمية بالشيعة الإمامية الموسومين بفضل اختصاص بأهل البيت من بين الفرق الإسلامية ، على آنق (٢) ترتيب وتهذيب ، وأرشق تفضيل وتبويب ، قد أقتصر على محض الأصول ، وجرد عن فضول الفصول ، يشتمل على فوائد المجلدات ، ويندرج لخفة حجمه في سلك المختصرات ، من أتقنه تيقن أن الحق مغزاه وفحواه.

فحداني عالي همته وحتم إشارته على تصنيف هذا الكتاب ، الذي برز بفنون من الفضل على أكثر كتب الأصحاب ، يشهد بصحته العقل وملهمه والعاقل ومعلمه (٣) ويرتع في رياضة العالم البصير ، ويسبح (٤) في حياضه المتبحر النحرير ، وما ذلك ، ـ بعد توفيق الله عز اسمه ـ إلا بيمن نفسه وعلو همته ، أرجو أن يقع فيما يرضاه من مبتدأة إلى منتهاه ، فيكون شكرا مني لبعض نعمائه.

وسميته « إصباح الشيعة بمصباح الشريعة » جعله الله للمتفقهة مصباحا ، وليل حيرتهم صباحا ، والله أعتد وإياه أستعين ، وهو حسبي ونعم الوكيل.

__________________

(١) تشوفت إلى الشي‌ء : تطلعت ، مجمع البحرين.

(٢) الآنق : الحسن المعجب.

(٣) المعلم : الأثر الذي يستدل به على الطريق. ومعلم كل شي‌ء مظنته. لسان العرب.

(٤) سبح الرجل في الماء سبحا ، من باب نفع ، والاسم السباحة بالكسر. المصباح المنير.

٢٢

كتاب الطهارة

الطهارة أما بالماء أو بالتراب ، فالتي بالماء الوضوء والغسل ، والتي بالتراب التيمم.

الفصل الأول(١)

الماء كله طاهر ما لم تحصل فيه نجاسة ، والطاهر قد يكون غير مطهر كما استخرج من جسم أو اعتصر منه والمرقة وغير ذلك مما لا يطلق عليه اسم الماء.

ومطهر الماء ما عدا ذلك وهو إما راكد أو جار ، والجاري إذا خالطه نجاسة غيرت لونه أو طعمه أو رائحته فهو نجس لا يطهر إلا بزوال ذلك التغير بتكثير الماء ، وماء المطر الجاري من الميزاب وإن خالطه نجاسة وماء الحمام مع المادة كالجاري كلاهما.

والراكد إما أن يكون في بئر له نبع أو لا يكون كذلك ، فماء البئر ينجس بما يقع فيه من النجاسة قليلا كان أو كثيرا ، ثم إن تغير إحدى صفاته بالنجاسة نزح إلى أن يزول ذلك التغير [ إن تعذر نزح الكل ] (٢) وإن لم يتغير نزح الكل.

إذا وقع فيها مسكر أو فقاع أو مني أو دم حيض أو استحاضة أو نفاس أو

__________________

(١) تعريف الفصول وترقيمها فيما إذا تجاوزت فصلا واحدا منا.

(٢) ما بين المعقوفتين موجود في « س ».

٢٣

مات فيها بعير ، فإن تعذر نزح الكل تناوب في نزحه أربعة رجال من الغداة إلى الرواح.

وإن مات فيها حمار أو بقرة أو دابة أو ما هو في قدر جسمها نزح منه كر ، وإن مات فيها إنسان كبير أو صغير ، نزح سبعون دلوا ، وإن وقع فيها دم كثير أو عذرة رطبة ، نزح خمسون دلوا ، وإن مات فيها كلب أو خنزير أو ثعلب أو أرنب أو سنور أو شاة أو غزال أو ما أشبهها أو بال فيها رجل أو امرأة أو وقع فيها ماء نجس فأربعون دلوا.

وإن وقع فيها دم قليل أو عذرة يابسة فعشرة دلاء ، وإن وقع فيها كلب وخرج حيا أو مات فيها حمامة أو دجاجة وما أشبههما ، أو فأرة تفسخت فيها أو وزغة ماتت فيها وتفسخت ، أو بال فيها صبي أو ارتمس جنب فسبع دلاء ، وإن وقع فيها ذرق الدجاج فخمس دلاء.

وإن مات فيها فأرة ولم تتفسخ أو حية أو وزغة أو عقرب فثلاث دلاء ، وإن مات فيها عصفور وما أشبهه أو بال فيها رضيع لم يأكل الطعام فدلو واحد ، والاعتبار بالدلو المعتادة.

والأولى أن يكون بين البئر والبالوعة سبع أذرع إذا كانت البئر تحتها أو الأرض رخوة ، وإن كانت في الصلبة أو فوقها مما يكون نبع الماء من جهته فخمسة أذرع ، وكل نجاسة لم يرد في النزح منها نص ، وجب نزح الجميع من ذلك احتياطا.

وأما ماء غير البئر : فإن كان كرا فحكمه حكم الماء الجاري ، والكر ما يكون ثلاثة أشبار ونصفا طولا وعرضا وعمقا ، أو ألفا ومائتي رطل بالعراقي ، وقيل : بالمدني ، (١) فإن تغير بالنجاسة بحيث يسلبه إطلاق اسم الماء لم يجز استعماله ، وإن

__________________

(١) القائل هو السيد المرتضى اختاره في الناصريات المسألة ٢ ، ورسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة ـ ٢٢ ، واختاره الصدوق في الفقيه : ١ ـ ٦.

٢٤

نقص عن كر نجس بما يقع فيه من النجاسة قليلة [ كانت ](١) أو كثيرة إلا ما تعذر التحرز منه ، كرؤوس الإبر من الدم وغيره ، فإنه معفو عنه.

فإن تمم كرا بطاهر أزال التغير طهر ، وكذلك إن كان الكر النجس في موضعين فجمع بينهما مع فقد التغير ، وقيل : لا يطهر في المسألتين بذلك ، بل إنما يطهر بطريان كر طاهر عليه إن زال به التغير ، وإن لم يزل فبزيادته إلى أن يزول. (٢)

إذا جمع بين طاهر غير مطهر ومطهر فالحكم للأغلب ، فإن تساويا ، قيل : يطهر لأن الأصل الإباحة. (٣) وقيل : لا يطهر بدليل الاحتياط [ وفقد إطلاق اسم الماء ] (٤) وقيل : يطهر إن أطلق اسم الماء. (٥)

وسؤر الكلب والخنزير والكافر ومن في حكمه وجلال الطيور والبهائم وما في منقاره أثر دم يأكل الميتة من الطيور (٦) كل ذلك نجس. وسؤر الحائض المتهمة والدجاج غير الجلال والبغال والحمير مكروه.

وما استعمل في غسل الجنابة والحيض يجوز استعماله إذا لم يكن بها نجاسة إلا في رفع الحدث به خاصة وما استعمل في إزالة النجاسة نجس.

ويكره الطهارة بالشمس ، ولا يجوز الطهارة بالمائع غير الماء ولا إزالة النجاسة وقيل : يجوز إزالة النجاسة (٧) والمعول على الأول ، ويكره استعمال ماء

__________________

(١) ما بين المعقوفتين موجود في « س ».

(٢) ذهب إليه الشيخ ـ قدس‌سره ـ في الخلاف ، المسألة ٤٨ ـ ٥٠ من كتاب الطهارة ، وقال العلامة في التذكرة : ١ ـ ٢٣ : لو جمع بين نصفي كر نجس لم يطهر على الأشهر. وقال بعض علمائنا : يطهر وبه قال الشافعي.

(٣) ذهب إليه الشيخ الطوسي ـ قدس‌سره ـ في المبسوط : ١ ـ ٨.

(٤) ما بين المعقوفتين من « س ».

(٥) لاحظ المهذب للقاضي ابن البراج : ١ ـ ٢٤.

(٦) وفي « س » : أو يأكل الميتة من الطيور.

(٧) القائل هو السيد المرتضى ـ قدس‌سره ـ لاحظ الناصريات ، المسألة ٢٢.

٢٥

مات فيه الوزغة والعقرب من الماء القليل. ولا يجزي الطهارة بالماء المغصوب.

الماء النجس لا يجوز استعماله إلا في الشرب عند الخوف من الهلاك.

لو شك في الماء أهو طاهر أو نجس؟ لم يلتفت إلى الشك إذ الأصل الطهارة.

اشتبه إناءان أحدهما طاهر ماؤه والآخر نجس لم يجز استعمالهما ، وإن كان أحدهما طاهرا غير مطهر والآخر مطهرا استعملهما معا ، وإن أخبره رجلان بتعيين ذلك لم يجب عليه القبول لفقد الدليل ، وقيل : يجوز قبول قول عدلين في ذلك. (١)

يجب غسل الإناء من النجاسة ، ثلاث مرات بالمطلق ، وروي مرة واحدة ، (٢) والأول أحوط ، ومن الخمر والمسكر وموت الفأرة سبع مرات ، ومن ولوغ الكلب والخنزير ثلاث مرات أولهن بالتراب إن وجد.

إذا غسل مرة أو مرتين فوقع فيه نجاسة أخرى ، استأنف الغسل ثلاثا ولا يعتد بالسالف ، وقيل : لا يستأنف. (٣)

ما كان قرعا (٤) أو خشبا من إناء الخمر لا يطهر بالغسل ، وقيل : إن النهي عن استعمال ذلك محمول على الكراهية دون الحظر. (٥)

لا يجوز الاستقاء للطهارة بالدلو المأخوذة من جلد ما لا يؤكل لحمه وإن ذكي.

__________________

(١) لاحظ السرائر : ١ ـ ٨٦.

(٢) انظر تهذيب الأحكام : ١ ـ ٢٨٣ ، ح ٨٣٠ قال العلامة ـ قدس‌سره ـ بعد نقل الحديث : علق نفي البأس على مطلق الغسل الحاصل بالمرة الواحدة. انظر مختلف الشيعة : ١ ـ ٥٠٠ من الطبع الحديث.

(٣) لاحظ المبسوط : ١ ـ ١٤.

(٤) القرع : الدباء وبالعكس : وهو وعاء كانوا ينتبذون فيه فكان النبيذ يغلي فيه سريعا ويسكر ـ لسان العرب ، ومجمع البحرين ، وانظر الوسائل : ٢ ـ ١٠٧٥ ، ب ٥٣ من أبواب النجاسات ، ح ٢.

(٥) القائل هو الشيخ ـ قدس‌سره ـ في المبسوط : ١ ـ ١٥.

٢٦

الفصل الثاني

مقدمة الوضوء ضربان : مفروض ومسنون.

والمفروض (١) : ترك استقبال القبلة واستدبارها في حال البول والغائط ، إلا في موضع لا يمكن الانحراف ، وغسل مخرج النجو أو مسحه بالحجر حتى ينقى إن لم يتعد النجاسة موضعها ، أو بما يزيل العين كالحجر والمدر والخرق إن كان طاهرا ، وغسل مخرج البول بالماء لا غير ، وأقله مثلا ما عليه ، وعند ضرورة حرج وفقد ماء ينشفه بالمدر والخرق.

ولا يستنج (٢) مع الاختيار إلا باليسار ولا يستنج (٣) بالروث ولا بما لا يزيل العين كالعظم والحديد ، ولا استعمال الأحجار التي استعملت في الاستنجاء.

والمسنون : التستر عن الناس عند الحاجة ، وتقديم الرجل اليسرى عند دخول الخلاء ، واليمنى عند الخروج ، والتسمية والتعوذ من الشيطان عند دخول الخلاء ، وتغطية الرأس ، وترك استقبال القمرين بالحدثين ، والريح بالبول ، ومسقط الثمار ، وحيث يتأذى المسلمون بنجاسته فيه ، والمياه الجارية والراكدة.

ولا يبول في حجرة الحيوان ، ولا في الأرض الصلبة ، ويقعد على أرض مرتفعة عند البول ، ولا يطمح (٤) ببوله في الهواء ، ولا يستنج وفي إصبعه خاتم ، نقش فصه اسم الله تعالى أو أسماء خيرته من بريته ، أو فصه حجر له حرمة كحجر زمزم.

__________________

(١) في « س » : فالمفروض.

(٢) في الأصل : ولا يستنجى.

(٣) في الأصل : ولا يستنجى.

(٤) طمح ببوله : رفعه ورمى به. مجمع البحرين.

٢٧

ولا يقرأ القرآن حال الغائط إلا آية الكرسي ، ولا يأكل ولا يشرب ولا يستاك ولا يتكلم مختارا ، ويدعوا بالأدعية المشهورة.

وإذا بال مسح من عند المقعد إلى أصل القضيب ثلاثا وينتر (١) القضيب ثلاثا ، ولا يضره ما يرى (٢) بعده من البلل ، وإن لم يفعل ذلك ورأى بللا بعد الوضوء انتقض ، وأن يجمع بين الحجر والماء وأن يستعمل ثلاثة أحجار وإن نقي بواحد.

الفصل الثالث

الوضوء إما واجب وهو ما تستباح به الصلاة أو الطواف بالبيت ، وإما ندب كما يقصد به مس المصحف أو كتابته ، أو الدخول إلى موضع شريف ، أو للنوم ، أو لما ندب إليه من الكون على الطهارة ، ثم هو يشتمل على واجب وندب :

فالواجب : أن ينوي به رفع الحدث واستباحة الصلاة ، أو الطواف متقربا إلى الله تعالى ، وإن نوى استباحة صلاة بعينها جاز أن يستبيح به سائر الصلوات نفلا كان أو فرضا ، وأن لا ينتقل من تلك النية إلى نية ترفع حكمها وينافيها.

ويتعين وجوبها عند غسل الوجه ، وهي بالقلب لا علقة بها (٣) باللسان ، وأن يغسل وجهه بكف من الماء من قصاص شعر الرأس إلى محادر (٤) الذقن طولا في عرض ما دارت عليه الإبهام والوسطى ، فإن غسل من المحادر إلى القصاص لا يجزئه لأنه خلاف المأمور به ، وقيل : يجزئه لأنه يكون غاسلا (٥) ويغسل بكف

__________________

(١) النتر : جذب الشي‌ء بجفوة. ومنه نتر الذكر في الاستبراء مجمع البحرين.

(٢) في « س » : ما رأى.

(٣) في « س » : لها.

(٤) محادر الذقن : ـ بالدال المهملة ـ : أول انحدار الشعر عن الذقن وهو طرفه. مجمع البحرين.

(٥) القائل هو السيد المرتضى بناء على ما حكاه عنه المحقق في المعتبر : ١ ـ ١٤٣.

٢٨

أخرى يده اليمنى ، من المرفق إلى أطراف الأصابع ، وإن ابتدأ من رءوس الأصابع إلى المرفق لا يجزئه ، وقيل : يجزئه لأنه غاسل(١) ويغسل المرفق أيضا ثم يغسل يسراه كذلك.

ومقطوع اليد دون المرفق يغسل ما بقي ، وفوق المرفق لا غسل ، والزائد من اليد والإصبع دون المرفق يجب غسله وفوقه لا يجب ، وأن يمسح ببقية النداوة رأسه ، ولا يستأنف للمسح ماء جديدا ، فإن لم يبق نداوة أخذ من أشفار عينيه وحاجبيه ولحيته ، فإن لم يكن استأنف الوضوء ، ولا يمسح إلا مقدم الرأس مقدار ما يقع عليه اسم المسح.

ولا يستقبل شعر الرأس ، فإن خالف أجزأه لأنه ماسح ، وقيل : لا يجزئه (٢) ، ويجوز أن يمسح على شعر رأسه ويمسح الرجلين من رءوس الأصابع إلى الكعبين وإن عكس جاز ، والكعب العظم الناتي في وسط القدم عند معقد الشراك.

ومقطوع الرجل إلى الكعبين لا يلزمه مسح ، ولا يجوز المسح على حائل بين العضو والمسح لا في الرأس ولا في الرجل مختارا.

وأقل ما يجزي من الماء في الوضوء ما يكون به غاسلا ولو كالدهن بشرط أن يجري على العضو ، والإسباغ في مد من الماء ، وأن يبدأ بغسل الوجه ثم باليد اليمنى ثم باليسرى ثم بمسح (٣) الرأس ثم بمسح (٤) الرجلين ، ولا يجب الترتيب في الرجلين ، وقيل : يقدم اليمنى على اليسرى (٥) ، وأن لا يؤخر غسل عضو من عضو

__________________

(١) القائل هو السيد المرتضى في المسائل الناصريات ، المسألة ٢٩ ، واختاره الحلي في السرائر : ١ ـ ٩٩.

(٢) ذهب إليه الشيخ في الخلاف ، المسألة ٣١ من كتاب الطهارة واختاره سلار في المراسم لاحظ الينابيع الفقهية : ١ ـ ٢٤٧.

(٣) في « س » : ثم يمسح.

(٤) في « س » : ثم يمسح.

(٥) وهو خيرة سلار في المراسم لاحظ الينابيع الفقهية : ١ ـ ٢٤٧.

٢٩

إلى أن يجف ما تقدم مع اعتدال الهواء ، وأن يوصل الماء إلى ما تحت الخاتم ونحوه ، ويمسح على خرقة الجرح والجبائر إن تعذر نزعها وإن أمكنه وضع ذلك العضو في الماء وضعه ، ولا يمسح عليه ولا يوضئه غيره مختارا.

وأما الندب : فأن يغسل يده من النوم أو البول مرة ومن الغائط مرتين قبل إدخالهما الإناء ، ويتمضمض ثلاثا ويستنشق ثلاثا بغرفة أو غرفتين أو ثلاث ، وأن يغسل وجهه ويديه ، [ ثانيا وقيل : الغسلة الثانية بدعة وما عليه معول ] (١) ، ويبتدئ الرجل في الغسلة الأولى بظاهر يديه ، وفي الثانية بباطنها ، والمرأة بالعكس ، وأن يمسح الرأس بمقدار ثلاثة أصابع مضمونة ، وأن تضع المرأة قناعها لمسح الرأس في المغرب والغداة خاصة ، ويمسح الرجل بكفه كلها ، وأن يقدم الاستنجاء على الوضوء ، ولا يستعين بغيره بصب الماء عليه ، ولا يتمندل ، ويأتي في خلال ذلك بالأدعية المشهورة.

من تيقن الحدث وشك في الوضوء أو تيقنهما معا ولم يدر أيهما سبق ، أو شك في الوضوء وهو على حاله ، أو ترك عضوا من أعضاء الطهارة متعمدا أو ناسيا إلى أن لم تبق معه نداوة ، أعاد في جميع ذلك الوضوء والصلاة إن صلاها ، وكذلك من ترك الطهارة متعمدا أو ناسيا ، ومن شك في بعض أعضاء الوضوء وهو على حاله أعاد عليه وعلى ما بعده ، ومن ترك الاستنجاء أو الاستبراء متعمدا أو ناسيا وصلى أعاد ذلك مع الصلاة دون الوضوء.

ومن توضأ وصلى الظهر ثم أحدث وتوضأ وصلى العصر ثم ذكر أنه أحدث عقيب إحدى الطهارتين قبل أن صلى ، أو ذكر أنه ترك عضوا من أعضاء الطهارة ولا يدري من أي الطهارتين كان وقد أحدث فيما بينهما ، أعاد الوضوء والصلاتين

__________________

(١) ما بين المعقوفتين موجود في « س ».

٣٠

في المسألتين لأنه ما أدى واحدة منهما بيقين. (١)

ومن توضأ لكل صلاة من الخمس وضوءا على حدة ثم ذكر أنه أحدث عقيب واحدة من هذه الطهارات لا غير ، ولا يدري ما هي ، توضأ وأعاد الصلوات كلها لأنه لا يقطع على أنه صلى واحدة منها بيقين ، (٢) فإن لم يحدث عقيب واحدة إلا أنه ذكر أنه ترك عضو من أعضاء طهارة لا يتعين له ، أعاد الصلاة الأولى لا غير ، لأن المشكوك هي الأولى تعلق الشك بها أو لا.

الفصل الرابع

ما ينقض الطهارة على ثلاث أضرب :

ضرب ينقضها ويوجب الوضوء لا غير ، وهو البول والغائط والريح والنوم الغالب على السمع والبصر ، وكل ما يزيل العقل والتمييز ، من الإغماء والجنون والسكر وغيرها.

وضرب ينقضها ويوجب الغسل ، وهو خروج المني على كل حال ، والتقاء الختانين ، والحيض والنفاس ، ومس الميت من الناس بعد البرد بالموت قبل الغسل ، ومس قطعة قطعت من حي أو ميت من الناس وفيها عظم.

وضرب ينقضها ويوجب الوضوء في حال والغسل في أخرى ، وهو دم الاستحاضة وما يخرج من الجوف من بول أو غائط إن كان دون المعدة ينقض الطهارة ، وإن كان فوقها فلا ينقض ، ولا ناقض سوى ذلك.

__________________

(١) ولا يخفى أنه إن أتى بأربع ركعات بقصد ما في الذمة بطهارة مجددة كان متيقنا لذلك ، فلا يحتاج إلى إعادتهما جميعا ، نعم يجب عليه إعادتهما إن اختلفتا في العدد ، كالمغرب والعشاء.

(٢) ولا يخفى ما فيه ، لأنه إن توضأ وأتى بالصبح والمغرب وأربع ركعات بقصد ما في الذمة مرددة بين الظهر والعصر والعشاء مخيرا فيها بين الجهر والإخفات لكان مؤديا جميعها بيقين.

٣١

الفصل الخامس

الغسل : إما واجب كما لاستباحة الصلاة أو الطواف ، أو لدخول المساجد ، أو مس كتابة المصحف أو اسم من أسماء الله تعالى أو أسماء أنبيائه وحججه ـ عليهم‌السلام ـ ، وإما ندب كما سيأتي ، ومن الواجب تغسيل الميت من الناس وغسل من مسه ، وقيل : إنه ندب (١) والأشهر الأول. (٢)

الفصل السادس

الجنابة تكون بشيئين : بإنزال الماء الدافق ، وبالجماع في الفرج وإن لم ينزل ، وحد الجماع التقاء الختانين وغيبوبة الحشفة ، ويجب [ الغسل ] (٣) على الرجل والمرأة بأحد هذين أعني الجماع المذكور وخروج المني ، والجماع في الدبر من غير إنزال هل يوجب الغسل عليهما؟ فيه روايتان ، وإن أولج في فرج بهيمة ولم ينزل يجب الغسل احتياطا ، وقيل : لا يجب لفقد الدليل ، والأصل براءة الذمة. (٤)

من وجد في ثوبه منيا ولم يعلم متى خرج ، فإن كان الثوب يستعمله هو وغيره لا يجب عليه الغسل (٥) وإن كان فعله أولى احتياطا ، وإن لم يستعمله غيره اغتسل وجوبا ويعيد كل صلاة صلاها فيه من آخر نومة نام فيه (٦) إن لم يغتسل بعدها بما يرفع الحدث ، وقيل : [ لا إعادة ] (٧) لفقد الدليل ، ويغسل الثوب ويعيد

__________________

(١) اختاره السيد المرتضى على ما حكاه عنه الشيخ في الخلاف ، كتاب الطهارة ، المسألة ١٩٣.

(٢) بل هو المشهور لاحظ المختلف : ١ ـ ٣١٣ من الطبع الحديث.

(٣) ما بين المعقوفتين موجود في « س ».

(٤) الشيخ : المبسوط : ١ ـ ٢٨.

(٥) في الأصل : لا يجب الغسل عليه.

(٦) في الأصل : نومه نام فيه ، وقال في المبسوط : ١ ـ ٢٨ : من أول نومة نامها.

(٧) ما بين المعقوفتين ليس في الأصل ، والصحيح ما في المتن.

٣٢

كل صلاة لم يخرج وقتها. (١)

يحرم على الجنب خمسة أشياء : قراءة العزائم ، وهي الم تنزيل وحم السجدة ، وو النجم واقرأ ، ومس كتابة المصحف وشي‌ء عليه اسم الله أو نبي أو وصي أو إمام ، ودخول المساجد إلا عابر سبيل ووضع شي‌ء فيها ، ويكره له الأكل والشرب إلا بعد المضمضة والاستنشاق ، والنوم إلا بعد الوضوء والخضاب.

ويجب الاستبراء بالبول والاجتهاد عند الغسل على الرجل ، فإن لم يفعل ورأى بللا بعد الغسل أعاد ، ويغسل يديه إن نجستا وجوبا وإلا فاستحبابا ثلاثا (٢) ويتمضمض ويستنشق ثلاثا ثلاثا ندبا ، وينوي رفع الحدث واستباحة ما يستبيح به من القرب متقربا إلى الله تعالى أعني : رضاه وثوابه واجبا ، ويقرن النية بحال غسل الرأس أو غسل اليدين.

ويجب استدامة حكم النية إلى حين الفراغ عن الغسل بأن لا ينتقل منها إلى نية تنافيها ، فإن فعل ذلك في خلال الغسل ثم تممه لم يرتفع حكم حدثه لنقضه النية ، فإن عاد إلى النية بنى على ما غسل سواء جف ما سبق أو لا إذ الموالاة غير واجبة في الغسل وإن نوى مع رفع الحدث التبرد جاز لأنهما لا يتنافيان ، ثم يغسل رأسه ، ثم ميامنه ، ثم مياسره بحيث يصل الماء إلى أصول الشعر وظاهر جميع البدن.

والترتيب المذكور فيه واجب لا يجزي فيه خلافه ، وإن غسل رأسه بكرة وجسده ظهرا جاز ما لم يحدث ناقضا للوضوء ، فإن أحدث وجب الاستئناف ولم يجز البناء وقيل : يبني ويتوضأ لاستباحة الصلاة ، وهو اختيار المرتضى. (٣)

__________________

(١) الشيخ : المبسوط : ١ ـ ٢٨.

(٢) في « س » : ثلاثة.

(٣) حكاه المحقق عنه في المعتبر : ١ ـ ١٩٦.

٣٣

وأقل ما يجزي من الماء في الغسل ما يجزي على البدن ولو كالدهن ، والإسباغ بتسعة أرطال ، ويسقط الترتيب بالارتماس في الماء والوقوف تحت المجرى أو المطر والغسل بذلك ، وقيل : يترتب حكما.(١) وبمجرد غسل الجنابة خاصة تستباح الصلاة من غير وضوء ، وقران الوضوء [ مع الغسل ] (٢) بدعة.

الفصل السابع

دم الحيض أسود حار ، يحرم به ما يحرم على الجنب والصلاة والصوم والاعتكاف والطواف بالبيت والجماع ، ويجب عليها الغسل عند انقطاع الدم وقضاء الصوم دون الصلاة ، ويجب على زوجها إن وطأها حائضا متعمدا التعزير ، وعليها أيضا إن طاوعته ، وعلى الزوج بالوطء في أول الحيض تصدق دينار وفي وسطه نصف وفي آخره ربع.

وهل ذلك واجب أو ندب؟ فيه روايتان ، واختار الشيخ القول بالندبية. (٣)

ويكره لها قراءة ما عدا العزائم ومس المصحف وحمله والخضاب ، ولا يصح منها الوضوء والغسل لرفع الحدث ولا يصح طلاقها.

ولا يكون الحيض قبل تسع سنين ولا بعد خمسين سنة ، وروي أنه في القرشيات يمتد إلى ستين (٤) ، ولا يكون للحامل المستبين حملها ، وأقل مدة الحيض ثلاثة أيام متواليات ، وقيل : ثلاثة في جملة العشرة (٥) ، وأكثر ذلك عشرة وما بينهما بحسب عادة النساء ، فأول ما ترى المرأة الدم يجب أن تمتنع من الصوم والصلاة ،

__________________

(١) وهو خيرة سلار انظر المختلف : ١ ـ ٣٣٦.

(٢) ما بين المعقوفتين موجود في « س ».

(٣) النهاية : ٢٦.

(٤) لاحظ وسائل الشيعة : ٢ ـ ٥٨٠ ، ب ٣١ من أبواب الحيض.

(٥) الشيخ : النهاية : ٢٦ ، وابن البراج : المهذب : ١ ـ ٣٤.

٣٤

فإن استمر بها ثلاثة أيام متواليات قطعت على أنه دم حيض وإلا فلا ، وقضت الصوم والصلاة ، وعلى الرواية الأخرى(١) إذا رأته في جملة العشرة ثلاثة أيام لزم قضاء الصوم دون الصلاة ، وأقل مدة الطهر بين الحيضتين عشرة أيام ولا حد لكثيره.

والصفرة والكدرة في أيام الحيض حيض ، وما بعد انقضاء أكثر أيام الحيض يكون [ دم الاستحاضة ، وما بعد انقضاء أيام الطهر يكون ] (٢) حيضا مستأنفا ، والمبتدأة إذا اختلطت أيامها كلما رأت الدم تركت الصوم والصلاة ، وكلما طهرت صامت وصلت إلى أن تستقر عادتها بتقضي شهرين أو ثلاثة ترى فيها الدم أياما معلومة أو أوقاتا معينة فتعتمد عليها.

ويتميز دم الحيض من دم العذرة بأن القطنة تخرج منغمسة بدم الحيض ، ومتطوقة بدم العذرة ، ودم القرح يخرج من جانب الأيمن ودم الحيض من الأيسر ، ويتميز من دم الاستحاضة بالصفة.

إذا انقطع الدم فيما دون العشرة ولم تعلم أهي بعد حائض أم لا؟ أدخلت القطنة ، فإن خرجت وعليها دم وإن كان قليلا ، فهي بعد حائض ، وإلا فلا.

وتتوضأ الحائض في كل وقت صلاة وتجلس في مصلاها مستقبلة القبلة ذاكرة لله تعالى مقدار الصلاة ندبا ، وإذا طهرت جاز للزوج وطؤها قبل الغسل بعد غسل فرجها ، وغسل الحيض كغسل الجنابة ، ولا يجوز به استباحة الصلاة من دون الوضوء ، وقيل : يجوز (٣) والأول أشيع.

إذا دخل عليها وقت صلاة ومضى منه مقدار ما يمكنها أداؤها ولم تفعل ثم

__________________

(١) الوسائل : ٢ ، ب ١٢ من أبواب الحيض ، ح ٢.

(٢) ما بين المعقوفتين موجود في « س ».

(٣) السيد المرتضى : جمل العلم والعمل في ضمن رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة : ٢٤.

٣٥

حاضت ، يجب عليها قضاؤها ، وإن طهرت في وقت الصلاة وأخذت في تأهب الغسل من غير توان فخرج الوقت ، فلا قضاء عليها ، وإن توانت وجب عليها القضاء ، وإذا طهرت قبل مغيب(١) الشمس بمقدار ما تصلي فيه خمس ركعات تقضي الظهر والعصر ندبا ، فإن أدركت مقدار فرد ركعة إلى أربع لزمها العصر لا غير ، وإذا طهرت بعد مغيب الشمس إلى نصف الليل ، قضت العشاءين وجوبا ، وإذا طهرت إلى قبيل الفجر مقدار ما تصلي فيه أربع ركعات ، تقضيهما ندبا ، وإن لم تدرك أكثر من مقدار (٢) ثلاث ركعات أو أقل ، لم يلزمها سوى العشاء الآخرة ، وإذا (٣) طهرت قبل طلوع الشمس مقدار ما تصلي فيه ركعة تقضي الفجر وجوبا ، وإلا فلا.

إذا أصبحت صائمة ثم حاضت أفطرت وقضت ، وإذا حاضت بعد العصر ، أو كانت حائضا فطهرت خلال النهار أمسكت بقية النهار ندبا وقضت وجوبا.

الفصل الثامن

الغالب على دم الاستحاضة الرقة والبرودة والاصفرار ، وعلى دم الحيض الغلظة والحرارة والتدفق والحمرة المائلة إلى الاسوداد ، وما زاد على أكثر أيام الحيض أو النفاس وهو عشرة أيام فهو استحاضة وإن لم يكن بالصفة المذكورة.

وإذا استمر الدم بالمستحاضة المبتدئة فلها أربعة أحوال :

أولها : أن يتميز لها الدم بالصفة ، فما رأته بصفة الحيض حيض (٤) بشرط أن

__________________

(١) في « س » : قبل تغيب الشمس.

(٢) في الأصل : وإن لم يبق أكثر مقدار.

(٣) في الأصل : وإن طهرت.

(٤) في « س » : فحيض.

٣٦

لا يخرج من حدية ، وما رأته بصفة الاستحاضة استحاضة.

وإذا رأت المبتدئة ثلاثة أيام [ دم الحيض وثلاثة أيام ] (١) دم الاستحاضة وأربعة أيام كدرة (٢) كان الكل من الحيض ، وإنما يحكم بالطهر إذا جاوز العشرة ، وإن رأت ثلاثة أيام دم الاستحاضة ثم ثلاثة دم الحيض ثم دم الاستحاضة وجاوز العشرة ، فما هو بصفة دم الحيض حيض وما هو بصفة دم الاستحاضة طهر ، تقدم ذلك أو تأخر ، إذ ليست الثلاثة المتقدمة أولى بالإضافة إلى الحيض [ من المتأخرة ، فسقطا وعملت على التعيين فيما بصفة دم الحيض ] (٣) وكذلك إن رأت دم الاستحاضة خمسة ثم رأت باقي الشهر دم الحيض ، فأول ما رأته بصفة الحيض حيض إلى تمام العشرة وما بعدها استحاضة ، فإن استمر ذلك جعلت بعد الحيضة الأولى عشرة أيام طهرا ، وما بعدها استيناف حيضة ثانية ، وإن رأت ثلاثة عشر يوما دم الاستحاضة. ثم رأت الحيض واستمر بها ، كان ثلاثة من الأول حيضا ، والعشرة طهرا ، وما بعدها حيضة ثانية.

وثانيها : أن لا يتميز لها وهو أن ترى الدم أقل من ثلاثة أيام دم الحيض وبعدها دم الاستحاضة إلى آخر الشهر ، فيجب أن ترجع إلى عادة نسائها من أهلها.

وثالثها : أن لا تكون لها نساء أو كن مختلفات العادة ، فلترجع إلى لداتها (٤) من بلدها.

ورابعها : أن لا يكون لها لدات أو كن في العادة مختلفات ، فلتترك الصلاة

__________________

(١) ما بين المعقوفتين موجود في « س » وهو الصحيح لاحظ المبسوط : ١ ـ ٤٦.

(٢) في الأصل : دم كدرة.

(٣) ما بين المعقوفتين موجود في « س » وهو الصحيح لاحظ المبسوط : ١ ـ ٤٦.

(٤) اللدة : الترب والجمع لدات ولدون. لسان العرب.

٣٧

والصوم في الشهر الأول ثلاثة أيام ، وفي الثاني عشرة أيام ، أو في كل شهر سبعة أيام ، مخيرة في ذلك.

أما المعتادة فعلى أربعة أقسام :

الأول : من لها عادة بلا تميز ، (١) مثال ذلك : أن جرت عادة حيضها في الخمسة الثانية من الشهر ، فرأت الدم من أول الشهر واستمر بها ، تجعل ابتداء حيضها من الخمسة الثانية ، وإذا كانت عادتها خمسة أيام في كل شهر فرأت الدم قبلها أو بعدها بخمسة ولم ترفيها شيئا ، كان حيضا (٢) قد تقدم أو تأخر ، وإن اعتادت الدم في أول كل شهر خمسة فرأت ذلك في بعض الشهور على العادة وطهرت عشرة أيام ثم رأت دما ، فإن انقطع دون أكثر مدة الحيض كانت حيضة ثانية ، وإن استمر كذلك عملت على عادتها في الخمسة الأولى وجعلت الباقي استحاضة.

والثانية : من لها عادة وتميز كأن اعتادت الحيض من أول كل شهر خمسة أيام فرأت في شهر عشرة أيام دم الحيض ، ثم رأت [ بعدها ] (٣) دم الاستحاضة واتصل ، يكون حيضها عشرة أيام ، اعتبارا بالتميز ، وكذا إذا اعتادت ثلاثة أيام من كل شهر ، فرأت ستة أيام في أول الشهر دما أحمر وأربعة أيام دما أسود واتصل ، أو اعتادت خمسة من أول الشهر فرأت في أول الشهر ثلاثة أيام دما أحمر وثلاثة أسود وأربعة أحمر واتصل ، كان حيضها في المسألتين الدم الأسود اعتبارا بالتميز وإن عملت في هذه المسائل على العادة دون التميز لقولهم ـ عليهم‌السلام ـ : المستحاضة ترجع إلى عادتها (٤) ولم يفصلوه كان قويا.

__________________

(١) في الأصل : ولا تميز.

(٢) في « س » : كان حيضها.

(٣) ما بين المعقوفتين موجود في « س ».

(٤) لاحظ الوسائل : ١٥ ، ب ٥ من أبواب العدد ، والوسائل : ٢ ، ب ٥ من أبواب الحيض.

٣٨

والثالثة : التي لها تميز ونسيت عادتها أو اختلطت عليها فيجب أن ترجع إلى صفة الدم وتعمل على التميز.

والرابعة : التي لا تميز لها بصفة الدم وأطبق عليها الدم وقد نسيت عادتها فإنها تترك الصلاة والصوم في كل شهر أياما مخيرة في أول الشهر أو وسطه أو آخره وللباقي حكم الاستحاضة.

وللمستحاضة ثلاثة أحوال :

أحدها : أن ترى دما (١) لا يرشح على القطنة ، فعليها تجديد الوضوء عند كل صلاة ، وتغيير القطنة والخرقة.

وثانيها : أن يرشح على الكرسف ولا يسيل ، فعليها غسل لصلاة الغداة ، وتجديد الوضوء لباقي الصلوات مع تغيير (٢) القطنة والخرقة.

وثالثها : أن يرشح ويسيل ، فعليها غسل للظهر والعصر ، وغسل للعشاءين ، وغسل الصلاة الليل والفجر وتجمع بين كل صلاتين ، فإذا فعلت ما ذكرناه من الغسل وتجديد الوضوء (٣) لم يحرم عليها ما يحرم على الحائض ، ويجوز لزوجها وطؤها ، ولم يجب عليها قضاء ما صامت في تلك الأيام ، فإن لم تفعل ذلك وصلت وصامت فعليها القضاء ولا يجوز لها أن تجمع بين الفرضين بوضوء واحد.

والاستحاضة حدث ينقض به الوضوء ، فإن كان دمها متصلا فتوضأت ثم ينقطع قبل الشروع في الصلاة ، استأنفت الوضوء لا محالة ، لا إذا انقطع في أثناء الصلاة ، وإذا توضأت قبل دخول الوقت وصلت في الوقت ، أو توضأت في الوقت وصلت في آخر الوقت ، لم يصح وضوءها ولا صلاتها ، لأن عليها أن تتوضأ وتصلي عقيبه بلا فصل.

__________________

(١) في الأصل : أن ترى الدم.

(٢) كذا في الأصل ولكن في « س » : وتجديد الوضوء لكل صلاة مع تغير.

(٣) في الأصل : أو تجديد الوضوء.

٣٩

الفصل التاسع

النفاس هو دم عقيب الولادة ، ولا حد لقليله إذ من الجائز أن يكون لحظة ثم ينقطع ، فيجب على المرأة الغسل في الحال ، ومتى ولدت ولم يخرج منها دم أصلا لم يتعلق بها حكم النفاس ، وأكثره عشرة ، وقيل : ثمانية عشر يوما. (١)

إذا ولدت ولدين وخرج معهما جميعا الدم ، كان أول النفاس من الولد الأول وآخره يستوفي من وقت الولادة الآخرة ولاء إلى أكثر أيامه إن امتد خروجه ولم ينقطع قبل ذلك ، وإن رأت الدم ساعة ثم انقطع ثم عاد قبل انقضاء العشرة ، كان الكل نفاسا ، وإن لم يعاودها حتى تمضي عشرة أيام طهر ، كان ذلك من الحيض لا من النفاس ، والحيض لا يتعقب النفاس بلا طهر بينهما ، وإذا رأت الدم بعد مضي الطهر عقيب النفاس أقل من ثلاثة ، لم يكن ذلك دم حيض ، بل يكون ذلك دم فاسد (٢) وكل أحكام النفساء كأحكام الحائض (٣) سوى حد القليل.

الفصل العاشر

يجب غسل الموتى والقتلى وأبعاضهما (٤) إلا المقتول بين يدي الإمام أو نائبه المحمول عن المعركة بلا رمق ، وإن كان جنبا فإنه يدفن بما أصابه دمه من لباسه (٥) إلا الخفين ففيهما قولان ، والكافر باغيا كان أو غيره ، والمرجوم والمقتول قودا إلا أنهما يؤمران بالاغتسال والتحنط والتكفن قبل الحد ، والسقط الذي لم يبلغ أربعة أشهر ، فإنه يلف في خرقة ويدفن بدمه ، والرجل الذي مات بين نساء بلا رجل مسلم

__________________

(١) السيد المرتضى : الانتصار لاحظ الينابيع الفقهية : ١ ـ ١٢٩.

(٢) في « س » : دم فساد.

(٣) في « س » : « وأحكام الحائض » والصحيح ما في المتن.

(٤) في الأصل : وأبعاضها.

(٥) كذا في الأصل ولكن في « س » : يدفن بما أصاب لباسه.

٤٠