اصباح الشيعة بمصباح الشريعة

قطب الدين محمد بن الحسين الكيدري

اصباح الشيعة بمصباح الشريعة

المؤلف:

قطب الدين محمد بن الحسين الكيدري


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٥٢

وإذا استأجره لحفر عشرين بعشرة دراهم أو أقل أو أكثر ، قسم على مائة قسم وعشرة أقسام ، وذلك لأن حفر ما قرب من الأرض أسهل ، لأنه يخرج التراب من قرب. وإذا استأجره لحفر الأنهار والقنى ، جاز تقدير ذلك بالأيام والشهور وبالعمل ، ومتى قدره بالعمل أراه الأرض مقدار طولها وعرضها وعمقها.

إذا استأجر امرأة للرضاع مطلقا ، لم يلزمها مراعاة الصبي وتربيته إلا بالشرط ، ومن شرط صحة ذلك تقدير المدة ، ومشاهدة الصبي ، وتعيين الأجرة ، فإن استأجرها بنفقتها وكسوتها ، لم يصح ، لأنه مجهول.

إذا آجر عبدا مدة ، ثم أعتقه ، نفذ العتق ، وصح الإجارة ، وليس للعبد الرجوع على سيده بأجرة المثل ، لما يلزمه من العمل في الإجارة بعد العتق.

إذا آجر الأب أو الوصي الصبي أو شيئا من ماله صحت الإجارة ، فإن (١) بلغ الصبي قبل انقضاء المدة ، لم يكن له فسخها فيما بقي ، ومتى تيقن الوصي ، أنه يبلغ قبل مضي المدة ، بطل إجارة ما زاد على وقت البلوغ.

إجارة المشاع جائزة ، ويقوم المستأجر مقام المالك ، ويجوز إجارة الدراهم والدنانير والحلي ، بشرط أن يعين جهة الانتفاع بها ، فإن لم يعين فلا.

إذا تلف الشي‌ء في يد صانع بتعد منه ، فعليه ضمانه ، وأما بغير التعدي فلا ،

__________________

٤×٤ = ١٦

٥× ٥ = ٢٥

٦ × ٦ = ٣٦

٧ × ٧ = ٤٩

٨ × ٨ = ٦٤

٩ × ٩ = ٨١

١٠ × ١٠ = ١٠٠

١٦ – ٦ = ١٠

٢٥ – ١٠ = ١٥

٣٦ – ١٥ = ٢١

٤٩ – ٢١ = ٢٨

٦٤ – ٢٨ = ٣٦

٨١ – ٣٦ = ٤٥

١٠٠ – ٤٥ = ٥٥

(١) في « س » : فإذا.

٢٨١

وكذا في الفساد والعيب.

وما ضاع في الحمام ، لا ضمان على الحمامي فيه.

الرائض (١) والراعي إذا خرجا من عادة الرياضة (٢) والرعاة في ضرب البهائم ، فعليهما ضمان التالف (٣) بذلك.

إذا تلف ما استؤجر الصانع للعمل فيه ، بحضرة مالكه بعد الفراغ من العمل ، لم تسقط أجرته ، وإن لم يكن بمحضر منه ، فعمل وتلف قبل التسليم ، لم يستحق الأجرة ، ولا يضمن الصانع إلا بالتعدي.

ومن استأجر غيره لينفذه في حوائجه ، فنفقته عليه دون الأجير إلا بالشرط ، ولا يجوز للأجير أن يعمل لغير من استأجره ، حين يكون أجيرا. (٤)

__________________

(١) راض الدابة يروضها روضا ورياضة : وطأها وذللها ، أو علمها السير. لسان العرب.

(٢) في « س » : من عادة الراضة.

(٣) في « س » : ضمان التلف.

(٤) في الأصل : حتى يكون أجيرا.

٢٨٢

كتاب القرض

القرض جائز من كل مالك ، للتبرع ، فلا يجوز للولي أو الوصي (١) إقراض مال الطفل ، إلا أن يخاف ضياعه ، فيحتاط في حفظه بإقراضه. ويكره للمرء أن يستدين ما هو غني عنه ، ويحرم ذلك عليه مع عدم القدرة على قضائه ، وزوال الضرورة إليه. وكل ما يجوز السلم فيه ، يجوز إقراضه ، من المكيل والموزون والمزروع والحيوان وغير ذلك ، وكل ما لا يصح ذلك فيه ، مما لا يتحدد بالصفة ، كالجواهر ، لا يصح مداينته. (٢) وهو مملوك بالقبض. ويجوز أن يقرض غيره مالا ، على أن يأخذه في بلد آخر ، وعلى أن يعامله في بيع أو إجارة أو غيرهما.

ويجوز أن يأخذ المقرض خيرا مما كان فيه (٣) من غير شرط ، سواء كان ذلك عادة من المقترض أو لا. ويحرم اشتراط الزيادة فيما يقضى به ، سواء كانت في القدر أو الصفة ، وكذا إذا كان فيما يدخله (٤) الربا لعموم الأخبار. (٥) وإذا كان للدين مثل ، بأن يكون مكيلا أو موزونا فقضاؤه بمثله لا بقيمته ، وإذا كان مما لا مثل له ،

__________________

(١) في الأصل : للولي والوصي.

(٢) في الأصل : لا يصح هذا فيه.

(٣) في « س » : مما كان له.

(٤) كذا في الأصل ولكن في « س » : « وكذا إن كان فيما لا يدخله » والصحيح ما في المتن.

(٥) لاحظ الوسائل : ١٢ ، ب ١٥ و ١٢ من أبواب الربا.

٢٨٣

كالثياب والحيوان ، فقضاؤه برد قيمته.

ولا يحل المطل بالدين (١) بعد المطالبة به ، لغني ، ويكره لصاحبه المطالبة به مع الغنى عنه ، وظن حاجة من هو عليه إلى الارتفاق به ، ويحرم عليه ذلك مع العلم بعجزه عن الوفاء ، ولا يحل له المطالبة على حال. (٢)

ويكره له النزول عليه ، فإن نزل لم يجز له أن يقيم أكثر من ثلاثة أيام ، ويكره له قبول هديته لأجل الدين ، والأولى به إذا قبلها الاحتساب بها من جملة ما عليه.

ولا يجوز لصاحب الدين المؤجل ، أن يمنع من هو عليه من السفر ، ولا أن يطالبه بكفيل ، ولو كان سفره إلى الجهاد ، أو كانت مدته أكثر من أجل الدين ، ويكره استحلاف الغريم المنكر ، ومتى حلف لم يجز لصاحب المال إذا ظفر بشي‌ء من ماله ، أن يأخذ منه بمقدار حقه ، ويجوز له ذلك إذا لم يحلف إلا أن يكون ما ظفر به وديعة عنده ، فإنه لا يجوز له أخذ شي‌ء منها بغير إذنه. ويصح الرجوع في القرض كما في الهبة.

إذا كان له على غيره مال حال ، فأجله فيه ، لم يصر مؤجلا ، وإنما يستحب له الوفاء بما وعده ، وكذا إن اتفقا على الزيادة لم يثبت ، وإن حط عنه بعضه أو كله صح.

ومن وجب عليه دين ، وغاب عنه صاحبه غيبة لم يقدر عليه معها ، وجب أن يعزل مقدار ذلك من ملكه ، فإن حضرته الوفاة ، ولم يرجع صاحبه ، أوصى به إلى من يثق به ، فإن مات من له الدين سلمه (٣) إلى ورثته ، فإن لم يعرف له وارثا ، اجتهد في طلبه ، فإن لم يجد له وارثا ، تصدق به عنه وبرئت ذمته.

__________________

(١) مطله بدينه مطلا : إذا سوفه بوعد الوفاء مرة بعد أخرى. المصباح المنير.

(٢) كذا في الأصل ولكن في « س » : ولا يحل له المطالبة في الحرم على كل حال.

(٣) في « س » : « سلمت » والصحيح ما في المتن.

٢٨٤

وإذا استدانت المرأة على زوجها ، في حال كونه غائبا عنها ، وجب عليه قضاء ما أنفقته (١) بالمعروف لا ما زاد عليه.

من مات حل ما عليه من دين مؤجل ، ولا يحل ماله من دين (٢) ، وقد روي من طريق الآحاد أنه يحل أيضا (٣). ولا يثبت الدين في التركة إلا بإقرار جميع الورثة ، أو شهادة عدلين منهم ، أو من غيرهم به ، مع يمين المدعي ، فإن أقر بعضهم ولم يكن على ما ذكرناه ، لزمه من الدين بمقدار حقه من التركة ، ولم يلزم غيره.

ومتى لم يترك المقتول عمدا ما يقضى به دينه ، لم يجز لأوليائه القود إلا أن يضمنوا قضاءه.

إذا استدان العبد بغير إذن سيده ، فلا ضمان عليه ولا على السيد إلا أن يعتق فيلزمه الوفاء ، وروي أنه يستسعي العبد في ذلك في حال العبودية. (٤)

__________________

(١) في « س » : قضاؤه وما أنفقته.

(٢) كذا في الأصل ولكن في « س » : ولا يحل ما له من دين.

(٣) الوسائل : ١٣ ، ب ١٢ ، من أبواب الدين والقرض ، ح ١ ٤.

(٤) نفس المصدر : ب ٣١ ، ح ١.

٢٨٥
٢٨٦

كتاب الرهن

الرهن جعل العين وثيقة في دين وغيره ، وشروط صحته : حصول الإيجاب والقبول من جائزي التصرف (١) ، وأن يكون المرهون عينا لا دينا ، وأن يكون مما يجوز بيعه ، وأن يكون المرهون به دينا لا عينا مضمونة ، كالمغصوب مثلا ؛ لأن الرهن إن كان على قيمة العين إذا تلفت لم يصح ، لأن ذلك حق لم يثبت بعد ، وإن كان على نفس العين فكذلك ، لأن استيفاء نفس العين من الرهن لا يصح ، وأن يكون الدين ثابتا ؛ فلو قال : رهنت كذا بعشرة تقرضنيها غدا ، لم يصح ، وأن يكون لازما ثابتا في الذمة ؛ كالقرض والثمن والأجرة وقيمة المتلف (٢) وأرش الجناية.

ولا يجوز أخذ الرهن على مال الكتابة المشروطة ، لأنه غير لازم ، فأما القبض فشرط في لزومه من جهة الراهن دون المرتهن ، وقيل : يلزم بالإيجاب والقبول لقوله تعالى ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (٣) والظاهر من المذهب المجمع عليه ، هو الأول ، وظاهر الآية ، يترك للدليل ، واستدامة القبض في الرهن ليست بشرط.

ولا يجوز للراهن أن يتصرف في الرهن بما يبطل حق المرتهن ، كالبيع والهبة

__________________

(١) كذا في الأصل ولكن في « س » : « وجواز التصرف » بدل « من جائزي التصرف ».

(٢) في « س » : وقيمة التلف.

(٣) المائدة : ١ ، والقائل هو الشيخ في الخلاف كتاب الرهن المسألة ٥.

٢٨٧

والرهن عند آخر ، والعتق ؛ فإن تصرف ، كان تصرفه باطلا ، ولم ينفسخ الرهن ، وإنما ينفسخ الرهن إذا فعل ما يبطل به حق المرتهن منه بإذنه. (١)

ويجوز له الانتفاع بما عدا ذلك ، من سكنى الدار ، وزراعة الأرض ، وخدمة العبد ، وركوب الدابة ، وما يحصل من صوف ، ونتاج ولبن ، إذا اتفق هو والمرتهن على ذلك ، وكذا يجوز للمرتهن الانتفاع بالسكنى والزراعة والخدمة والركوب والصوف واللبن ، إذا أذن له الراهن ، أو تكفل بمؤنة الرهن ، والأولى أن يصرف قيمة منافعه من صوف ولبن في مؤنته ، وما فضل من ذلك كان رهنا مع الأصل ، فإن سكن المرتهن الدار أو زرع الأرض بغير إذن الراهن ، أثم ولزمه أجرة الأرض والدار ، وكان الزرع له ، لأنه عين ماله ، والزيادة حادثة فيه ، وهي غير متميزة منه.

ولا يحل للراهن ولا المرتهن وطء الجارية المرهونة ، فإن وطأها الراهن بغير إذن المرتهن ، أثم ، وعليه التعزير ، فإن حملت وأتت بولد ؛ فإن كان موسرا وجب عليه قيمتها [ و ] (٢) تكون رهنا مكانها لحرمة الولد ، (٣) وإن كان معسرا بقيت رهنا بحالها وجاز بيعها في الدين ، فإن وطأها بإذن المرتهن ، لم ينفسخ الرهن ، حملت أو لم تحمل ، فإن وطأها المرتهن بغير إذن الراهن ، فهو زان ، وولده منها رق لسيدها ، ورهن معها ، فإن كان الوطء بإذن الراهن وهو عالم بتحريم ذلك ، لم يلزمه مهر ، فإن أتت بولد ، كان حرا ، لا حقا بالمرتهن ولا تجب قيمته ، ورهن المشاع جائز كالمقسوم.

ويجوز توكيل المرتهن في بيع الرهن ، وإذا كان الرهن مما يسرع إليه الفساد ، ولم يشترط بيعه إذا خيف فساده ، كان الرهن باطلا ، لأن المرتهن لا ينتفع به والحال هذه ، وإذا أذن المرتهن للراهن في بيع الرهن ، بشرط أن يكون ثمنه رهنا مكانه جاز ،

__________________

(١) كذا في الأصل ولكن في « س » : إذا فعل ما يبطل به من المرتهن منه بإذنه.

(٢) ما بين المعقوفتين موجود في « س ».

(٣) كذا في الأصل ولكن في « س » : لحرية الولد.

٢٨٨

ولم يبطل البيع.

وإن قال له : بع الرهن بشرط أن تجعل ثمنه من ديني قبل محله ، صح البيع وكان الثمن رهنا إلى وقت المحل ، ولم يلزم الوفاء بتقديم الحق قبل محله.

والرهن أمانة في يد المرتهن ، إن هلك (١) من غير تفريط فهو من مال الراهن ، ولا يسقط بهلاكه شي‌ء من الدين ، وإذا ادعى المرتهن هلاك الرهن ، كان القول قوله مع يمينه ، سواء ادعى ذلك بأمر ظاهر أو خفي.

وإذا اختلف الراهن والمرتهن في الاحتياط والتفريط ، وفقدت البينة ، فالقول قول المرتهن [ أيضا ] (٢) مع يمينه ، وإذا اختلفا في مبلغ الرهن أو مقدار قيمته ، فالقول قول الراهن [ مع يمينه ] (٣) وإذا اختلفا في مبلغ الدين ، أخذ ما أقر به الراهن وحلف على ما أنكره.

إذا مات المرتهن قبل القبض ، لم ينفسخ الرهن ، ويجب على الراهن تسليم الرهن إلى ورثته ، وإن جن ، سلم إلى وليه ، ويسقط الأجل بموت الراهن ويصير حالا ، ولا يسقط بموت المرتهن ، وينفسخ الرهن بفسخ المرتهن دون الراهن.

ولا يجوز للمرتهن أن يعير الرهن أو يكريه ، فإن أكراه كان الكراء للراهن دونه ، فإن اكترى شيئا ، ثم ارتهن الرقبة ، ثم أكراه من الراهن أو أعاره منه جاز.

إذا رهن شيئا بدين إلى شهر ، على أنه إن لم يقبض إلى محله ، كان مبيعا منه بالدين الذي له عليه ، لم يصح الرهن ، ولا البيع.

ونفقة الحيوان على الراهن دون المرتهن ، فإن أنفق المرتهن عليها ، كان له

__________________

(١) في « س » : وإن هلك.

(٢) ما بين المعقوفتين موجود في « س ».

(٣) ما بين المعقوفتين موجود في الأصل ، وهو الصحيح.

٢٨٩

ركوبها ، أو الانتفاع بها ، أو الرجوع على الراهن بما أنفق ، فإن احتاجت الماشية إلى الرعي ، كان على الراهن رعيها بالنهار ، ثم يأوي بها إلى المرتهن بالليل.

إذا دبر عبده ثم رهنه ، صح رهنه وبطل تدبيره.

إذا دبر عبده ثم رهنه ، صح رهنه وبطل تدبيره.

إذا رهن عصيرا ، ثم صار خمرا ، زال ملك الراهن ، وانفسخ الرهن ، فإن صار (١) بعده خلا ، عاد ملك الراهن كما كان ، وعاد الرهن بحاله.

لا يدخل الشجر والبناء في رهن الأرض إلا بالشرط ، فإن رهن الأرض بحقوقها دخل فيها ذلك ، وإن رهن حيوانا حاملا ، لم يدخل الحمل في الرهن إلا بالشرط ، وإن حمل في حال الارتهان ، كان مع أمه رهنا.

إذا رهن نخلا مثمرا أو مؤبرا أو دار غلة أو أرضا أو غنما أو غيرها ، لا يدخل الثمرة ولا الغلة ولا الأجرة في الرهن إلا بالشرط.

إذا رهن أرضا بيضاء وسلمها إلى المرتهن ، ثم نبت فيها شجر بإنبات الراهن ، أو حمل السيل إليها نوى (٢) فنبتت فيها ، لم يدخل في الرهن.

إذا وضعا الرهن على يد عدل ، وشرطا أن يبيعه العدل وقت حلول أجل المال ، صح [ وكان ] (٣) توكيلا في البيع ، ولا ينعزل بعزل الراهن والمرتهن عن البيع (٤) إذا كانت الوكالة شرطا في عقد الرهن ، ويجب على الوكيل ألا يبيعه في المحل إلا بإذن المرتهن ومطالبته ، ولا يحتاج إلى إذن الراهن.

إذا امتنع الراهن عن قضاء الدين في محله ، وعن بيع الرهن ، حبسه

__________________

(١) في « س » : فإذا صار.

(٢) النوى : العجم ، الواحدة نواة. المصباح المنير.

(٣) ما بين المعقوفتين موجود في الأصل ، وهو الصحيح.

(٤) في الأصل : على البيع.

٢٩٠

الحاكم ،(١) أو باع عليه الرهن وقضى من ثمنه دينه.

إذا مات الراهن لم يكن لأحد من غرمائه أن يطالب بالرهن إلا بعد استيفاء المرتهن ماله على الرهن.

إذا سافر المرتهن بالرهن ضمن ، ولا يزول ضمانه إلا بأن يسلمه الراهن إليه من الرأس ، أو يبرئه من الضمان.

إذا حدث بالرهن عند المرتهن بعد القبض حدث ينقص به ثمنه ، لم يكن له رده.

من كان عنده رهن ولا يدري لمن هو ولم يطالبه به أحد ، باعه وأخذ ماله عليه وتصدق بالباقي عن صاحبه.

__________________

(١) في « س » : « حبسه الراهن » والصحيح ما في المتن.

٢٩١
٢٩٢

كتاب التفليس والحجر

المفلس من ركبته الديون وماله لا يفي بقضائها. ويجب على الحاكم الحجر عليه بشروط أربعة :

أحدها : ثبوت إفلاسه.

والثاني : ثبوت الديون عليه.

والثالث : كونها حالة.

والرابع : مسألة الغرماء الحجر عليه. فإذا حجر عليه تعلق بحجره أحكام ثلاثة :

أولها : تعلق ديونهم بالمال الذي في يده.

وثانيها : منعه من التصرف في ماله بما يبطل حق الغرماء ، كالبيع والهبة والإعتاق والمكاتبة والوقف ، ولو تصرف لم ينفذ تصرفه ، ويصح تصرفه فيما سوى ذلك ، من خلع ، وطلاق ، وعفو عن قصاص ، ومطالبة به ، وشراء بثمن في الذمة ، ولو جنى جناية توجب الأرش ، شارك المجني عليه الغرماء بمقداره [ لأن ذلك حق ثبت على المفلس بغير اختيار صاحبه ] (١) ، ولو أقر بدين وذكر أنه كان عليه قبل

__________________

(١) ما بين المعقوفتين موجود في « س ».

٢٩٣

الحجر ، قبل إقراره ، وشارك المقر له(١) سائر الغرماء.

وثالثها : إن كل من وجد عين ماله من غرمائه ، كان أحق بها من غيره إن وجد العين بحالها لم تتغير ، ولا تعلق بها حق لغيره ، برهن أو كتابة ، فإن تغيرت لم يخل تغيرها إما أن يكون بزيادة أو نقصان :

فإن كان بنقصان ، كان بالخيار بين أن يترك ويضرب بالثمن مع باقي الغرماء ، وبين أن يأخذ ، فإن أخذ وكان نقصان جزء ، ينقسم الثمن عليه ، كعبدين تلف أحدهما ، أخذ الموجود ، وضارب الغرماء بثمن المفقود ، وإن (٢) كان نقصان جزء لا ينقسم الثمن عليه ، كذهاب عضو من أعضائه ، فإن كان لا أرش له لكونه بفعل المشتري ، أو آفة سماوية أخذ العين ناقصة من غير أن يضرب مع الغرماء بمقدار النقص ، وإن كان له أرش ، لكونه من فعل أجنبي ، أخذه وضرب بقسط ما نقص بالجناية مع الغرماء.

وإن كان تغير العين بزيادة ، لم يخل إما أن تكون متصلة أو منفصلة ، فإن كانت متصلة ، لم يخل إما أن تكون بفعل المشتري أو بغير فعله ، فإن كانت بفعله ، كصبغ الثوب وقصارته ، كان شريكا للبائع بمقدار الزيادة ، وإلا أدى إلى إبطال حقه ، وذلك لا يجوز ، وإن كانت بغير فعله كالسمن والكبر وتعليم الصنعة ، أخذ العين بالزيادة ، لأنها تبع ، وإن كانت منفصلة كالثمرة والنتاج ، أخذ العين دون الزيادة ، لأنها حصلت في ملك المشتري.

ولو كانت العين زيتا ، فخلطه بأجود منه ، سقط حق بائعه من عينه ، لأنها في حكم التالفة ، بدلالة أنها ليست موجودة مشاهدة ، ولا من طريق الحكم ، لأنه ليس له أن يطالب بقسمته.

__________________

(١) في الأصل : « وشارك المقدار » والصحيح ما في المتن.

(٢) في « س » : فإن.

٢٩٤

ولا يجب على المفلس بيع داره التي يسكنها ، ولا عبده الذي يخدمه ، ولا دابته التي يجاهد عليها ، ويلزمه بيع ما عدا ذلك ، فإن امتنع باع الحاكم عليه ، وقسم الثمن بين الغرماء ، وإذا ظهر غريم آخر بعد القسمة ، نقضها الحاكم وقسم عليه.

ولا تصير الديون المؤجلة على المفلس حالة بحجر الحاكم عليه ، ويسمع البينة على الإعسار ، ويجب سماعها في الحال ، ولا يقف ذلك على حبس المعسر.

وإذا ثبت إعساره بالبينة أو صدقه في دعوى ذلك الغرماء لم يجز للحاكم حبسه ، ووجب عليه المنع من مطالبته وملازمته إلى أن يستفيد مالا ، وليس للغرماء مطالبة المعسر ، بأن يؤجر نفسه ويكتسب ، لإيفائهم ، بل هو إذا علم من نفسه القدرة على ذلك ، وارتفاع الموانع عنه فعله ليبرئ ذمته.

وعلى الحاكم إشهار المفلس بذلك ، ليعرف ، ولا يعامله إلا من رضي بإسقاط دعواه عليه.

الفصل الأول

المحجور عليه ضربان : محجور عليه لحق غيره ، ومحجور عليه لحق نفسه.

فالأول ثلاثة : المفلس ، وقد مر ، والمريض محجور عليه في الوصية بما زاد على الثلث من التركة ، لحق ورثته ، والمكاتب محجور عليه فيما في يده لحق سيده.

والثاني أيضا ثلاثة : الصبي والمجنون والسفيه.

ولا يرتفع الحجر عن الصبي إلا بأمرين : البلوغ والرشد ، والبلوغ يكون بأحد خمسة أشياء : السن وظهور المني والحيض والحلم والإنبات.

وحد السن في الغلام خمس عشرة ، سنة ، وفي الجارية تسع سنين ، والرشد (١)

__________________

(١) في « س » : والرشيد.

٢٩٥

يكون بشيئين : أن يكون مصلحا لماله ، وعدلا في دينه ، فإن اختل أحدهما استمر الحجر [ عليه ](١) أبدا إلى أن يحصل الأمران ، فإن ارتفع الحجر باجتماع الأمرين ثم صار مبذرا مضيعا أعيد الحجر عليه ، وإن عاد الفسق دون تبذير المال فالاحتياط يقتضي إعادة الحجر عليه.

ويصح طلاق المحجور عليه ، للسفه ، وخلعه ، ولا تدفع المرأة بدل الخلع إليه ، (٢) ويصح مطالبته بالقصاص ، وإقراره بما يوجبه ، ولا يصح تصرفه في أعيان أمواله ، ولا شراؤه بثمن في الذمة.

ولا يزول حجر [ السفيه إلا بحكم الحاكم ، وحجر المفلس لا يزول إلا بقسمة ماله بين الغرماء ، وحجر الصبي يزول ببلوغه رشيدا ] (٣) من كان للحاكم الحجر عليه كالسفيه والمفلس ، فالناظر في ماله الحاكم ، ومن يصير محجورا عليه ، كالصبي والمجنون ، كان الناظر في ماله الأب أو الجد.

الفصل الثاني

لا يجوز التصرف لولي الطفل مع شي‌ء من ملكه إلا للغبطة والمصلحة له ، أو لحاجة شديدة من الطفل إلى نفقته وكسوته ، ولا وجه له سواه [ ويجوز له شراؤه ] (٤) ويجوز له أن يتصرف في ماله بالتجارة (٥) وشرى العقار نظرا له ، وإذا بلغ الصبي وقد باع وليه شيئا من أملاكه ، فادعى أنه باعه بلا حاجة ولا غبطة ، فالقول قول الولي إن كان أباه أو جده ، وقول الصبي ، إن كان الولي وصيا أو أمينا ، وعليهما

__________________

(١) ما بين المعقوفتين موجود في « س ».

(٢) في « س » : بذل الخلع إليه.

(٣) ما بين المعقوفتين موجود في الأصل.

(٤) ما بين المعقوفتين موجود في « س ».

(٥) في « س » : للتجارة.

٢٩٦

البينة ، ويقبل قول الأب أو الجد له أنه أنفق على الصبي أو على عقاره بلا بينة ، ولا يقبل من الوصي إلا ببينة ، ويستحق الولي أجرة مثله في القيام بأمر اليتيم.

ومتى تصرف الولي على وجه لا حظ لليتيم فيه بطل ، ولم يستحق أجرا ، ولا يصح بيع الصبي وشراؤه إلا بعد أن يبلغ عشر سنين فصاعدا ويكون رشيدا.

للأب الفقير أن يأخذ من مال الولد الغني نفقته بلا إسراف ، إذا لم ينفق عليه الولد ، وإن كان منفقا فلا يجوز إلا بإذنه ، وله أن يأخذ منه ما يحج به الفرض خاصة بلا إذنه ، ولا يجوز أن يأخذ من مال ولده الصغير إلا قرضا ، ويجوز أن يقوم جارية ولده قيمة عادلة على نفسه ، ويضمنها ، ثم يطأها ما لم يطأها الولد ، ولا لامسها بشهوة ، ولا يجوز للولد أن يأخذ من مال الوالدين (١) بلا إذن منهما إلا ما يمسك به رمقه عند الخوف من تلف النفس ، ولا يجوز للمرأة أخذ مال زوجها بلا إذنه ، إلا المأدوم على الاقتصاد.

__________________

(١) في الأصل : من مال أبويه.

٢٩٧
٢٩٨

كتاب الصلح والقسمة

الصلح جائز ما لم يؤد إلى تحليل حرام أو تحريم حلال ، ولا يحل أن يأخذ بالصلح ما لا يستحق ولا يمنع به المستحق وهو جائز مع الإنكار.

إذا صالح غيره على نصيبه مما ورثاه بشي‌ء معلوم جاز.

نفسان لكل منهما حق عند صاحبه ، أحاط علما بمقداره أو لا ، فاصطلحا على أن يتتاركا ويتحللا جاز ، ولا رجوع لأحدهما على الآخر إن كان بطيبة نفس منهما.

من كان له على غيره ألفان فأبرأه من ألف وقبض الباقي ، فاستحقه آخر ورده على المستحق فلا رجوع له فيما أبرأه لأنه لم يشترط (١) في الإبراء سلامة الباقي له.

ادعى اثنان دارا في يد آخر ، أنها بينهما نصفين ، وصدق المدعى عليه أحدهما ، وكذب الآخر ، يرجع المكذب على المصدق بنصف ما صدق فيه ، فإن صالح المقر المقر له من القر به على مال بإذن صاحبه صح ، وكان المال (٢) بينهما نصفين ، وإن كان بغير إذنه ، صح الصلح في حقه دون حق صاحبه.

__________________

(١) في الأصل : لم يشرط.

(٢) في الأصل : إن كان المال.

٢٩٩

إذا ادعى دارا في يد آخر فأقر له بها وقال : صالحني منها على أن أسكنها سنة ثم أسلمها إليك ؛ جاز وله الرجوع ، وإن لم يقر له بها ، ثم صالحه ذلك (١) فلا رجوع له فيه.

إذا صالح من الدراهم على بعضها لم يجز ، لأنه ربا ، ولكن إن قبض بعضها وأبرأه من الباقي جاز.

الشوارع على الإباحة ، يجوز لكل أحد التصرف فيها بما لا يتضرر به المارة (٢) فإن أشرع جناحا (٣) وكان عاليا لا يضر بالمجتازين ، ترك ما لم يعارض فيه أحد من المسلمين ، فإن عارض وجب قلعه.

والسكة غير النافذة ملك لمن فيها طريق دورهم ، فلا يجوز لبعضهم فتح باب ولا إشراع جناح إلا برضا الباقين ضر ذلك أو لا ، (٤) ومتى أذنوا في ذلك كان لهم الرجوع فيه ، لأنه إعارة ، ولو صالحوا له على ترك الجناح بعوض لم يصح ، لأن إفراد الهواء بالبيع باطل.

ولا يجوز منعه من فتح كوة في حائطه ، لأن ذلك تصرف في ملكه خاصة ، فإن تساوت الأيدي في التصرف في شي‌ء ، وفقدت البينة حكم بالشركة ، أرضا كان ذلك ، أو دارا ، أو سقفا ، أو حائطا ، أو غير ذلك. (٥)

فإن كان للحائط عقد إلى أحد الجانبين ، أو فيه تصرف خاص لأحد المتنازعين ، كوضع الخشب ، فالظاهر أنه لمن العقد إليه ، والتصرف له ، فيقدم

__________________

(١) في « س » كذلك.

(٢) في « س » : فيما لا يتضرر به المارة.

(٣) في « س » : فإن أخرج جناحا.

(٤) في « س » : أضر ذلك أو لا.

(٥) في الأصل : وغير ذلك.

٣٠٠