اصباح الشيعة بمصباح الشريعة

قطب الدين محمد بن الحسين الكيدري

اصباح الشيعة بمصباح الشريعة

المؤلف:

قطب الدين محمد بن الحسين الكيدري


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٥٢

مكيال أو يعد(١) ويعتبر الباقي بحسابه كيلا كالجوز.

ولا يجوز بيع ما لا يملكه في الحال ، ليشتريه ويسلمه إلى المشتري بعده ، ولا بيع الدابة على أنها تحمل ، لأنه غير معلوم ، فإن اتفق ذلك مضى البيع ، ولا خيار للمشتري ، وإن لم تحمل فله الخيار ، وإن اشترط أنها لبون جاز ، وإن شرط أنها تحلب كل يوم أرطالا لم يجز.

إذا باع بهيمة حاملا أو جارية حاملا واستثنى حملها لنفسه لم يجز ، لأن الحمل كالعضو من الأم ، وإن باع جارية حبلى بولد حر لم يجز ، لأن الحمل يكون مستثنى وهو يمنع من صحة البيع ، وبيع الحمل في بطن أمه منفردا عن الأم لا يجوز ، ولا يجوز بيع عبد شائع من عبيد ، لأنه مجهول.

وبيض ما لا يؤكل لحمه كلحمة في أن لا يجوز بيعه ، ويجوز بيع دود القز وبذره ، (٢) والنحل إذا حبسها في بيتها ورآها المشتري.

ولا يجوز بيع السمك في الماء والطير في الهواء ، لفقد الملك ، وتعذر التسليم ، ويجوز بيع القصب في الآجام مع ما فيها من السمكة. والحمامة الطيارة التي تأوي إلى البروج ، لا يجوز لأصحابها بيعها إلا إذا كانت البروج مسدودة (٣) لا طريق لها إلى الطيران منها ، وكذا حكم السمك في الماء ، ويجوز تقبيل برك الحيتان إذا قبل الأرض والماء ، فإن قبل السمك دون غيره لم يجز ، ولا يجوز أن يشترى من الصياد ما يضرب بشبكته ، لأنه مجهول ، ومن دخل الماء أرضه فبقي فيها سمك فصاحب الأرض أحق به ، ولا يملك إلا بالأخذ ، وإن كان الأرض استأجرها غيره ، فالمستأجر أحق به.

__________________

(١) في الأصل : أو يعده.

(٢) في الأصل : وبزره.

(٣) في الأصل : « مشدودة » بدل « مسدودة ».

٢٤١

وإذا عشش طائر في دار إنسان أو أرضه ، وفرخ ، أو انكسرت رجل ظبي فيها أو خاض في الطين (١) فبقي فيها ، أو نزل الثلج فمكث ، فصاحب الأرض أحق بذلك ، فإن أخذه غيره ملكه بالأخذ. ومن وقع طائر في شبكته ملكه ، وإن أخذه غيره وجب رده عليه.

ويجوز اكتراء شبكة الصيد ، ولا يجوز بيع اللبن في الضرع ، ولا الصوف على الغنم ، إلا إذا باع معهما شيئا آخر ، وإن حلب شيئا من اللبن واشتراه مع ما بقي في الضرع في الحال جاز ، وكذا لا يجوز بيع ما في بطون الأنعام والطيور من الحمل والبيض وغيرهما ، منفردا ، لأنه مجهول ولا يمكن تسليمه ، وله أن يبيعه مع شي‌ء آخر ، فإن لم يحصل مما في البطون شي‌ء كان الثمن فيما معه.

ولا بأس أن يعطى الإنسان الغنم والبقر بالضريبة مدة بالسمن والمصل ، وإعطاء ذلك بالذهب والفضة أحوط.

المسك طاهر يجوز بيعه في فأره قبل أن يفتح ، والأحوط أن يباع بعد فتحه. (٢)

وإذا أتى بثوب في ظلمة (٣) وقال : بعتكه بكذا فإذا لمسته وجب البيع ولا خيار بعده ، لم يصح ، للجهل بالمبيع. (٤)

رجلان لكل منهما عبد على حدة فباعاه من آخر بثمن واحد لم يجز ، لأن ثمن كل منهما مجهول ، فإن كانا شريكين في العبدين جاز ، ولا يجوز بيعتان في بيعة واحدة كأن يقول : بعتك بألف درهم نقدا وبألفين (٥) نسيئة بأيهما شئت فخذه ، لأن الثمن

__________________

(١) كذا في الأصل ولكن في « س » : أو انكسرت رجل ظبي وخاض في الطين.

(٢) كذا في الأصل ولكن في « س » : والأحوط أن يباع بعده.

(٣) في « س » : في ظلماء.

(٤) لكونه من مصاديق بيع الملامسة ، قال في المبسوط : ٢ ـ ١٥٨ : فأما بيع الملامسة فهو أن يأتي الرجل بثوبه مطويا أو منثورا في ظلمة فيقول : بعتك هذا الثوب بكذا وكذا فإذا لمسته وجب البيع ولا خيار لك ، إذا نظرت إلى طوله وعرضه ، والمنابذة أن يبيعه. وهذا كله لا يصح للجهل بالمبيع إجماعا.

(٥) في الأصل : أو بألفين.

٢٤٢

غير معين ، وكذا إذا قال : بعتكه بألف على أن تبيعني دارك بألف ، لم يصح ، لأنه لا يلزمه بيع ذلك.

ولا يجوز أن يزيد في ثمن سلعة (١) زيادة لا يشترى بها غير راغب في شرائها بل ليقتدي به المستام.

إذا تبايع اثنان سلعة وهما بعد في مجلس الخيار ، فجاء آخر يعرض على المشتري سلعة كسلعته ، بأقل منها أو خيرا منها ، ليفسخ ما اشتراه ، أو يشتريها منه ، فقد فعل محظورا ، غير أنه ينفسخ بفسخ المشتري ، ويصح شرى الثانية ، وكذا يحرم السوم على سوم أخيه إلا أن يكون المبيع في المزايدة. ولا يجوز أن يبيع حاضر لباد بأن يكون سمسارا له ، ولا يجوز تلقي الجلب ، فإن فعل واشترى صح البيع وللبائع الخيار إذا ورد السوق ، فإذا وردها ولم يشتغل بتعرف السعر وتبين الغبن بطل خياره.

وحد التلقي المنهي عنه أربع فراسخ فما دونها ، فإن زاد فلا بأس ، وكذا لا بأس إذا رجع من ضيعته (٢) فلقي جلبا فاشتراه.

الآدمي إذا كان حرا أو مملوكا لكن موقوفا أو مكاتبا غير مشروط وقد أدى شيئا من مكاتبته أو أم ولد حي لم يكن ثمنها باقيا في ذمة صاحبها ، فإنه لا يجوز بيع هؤلاء ، واللقيط كالحر.

وغير الآدمي من الحيوان ضربان : نجس وطاهر. فالنجس (٣) ضربان : نجس العين ونجس الحكم.

__________________

(١) في « س » : في ثمن سلعته.

(٢) في الأصل : من ضيعة.

(٣) في « س » : والنجس.

٢٤٣

فنجس العين : الكلب والخنزير وجميع المسوخ ، كالقردة والدببة (١) وغيرهما من مسوخ الماء ، فلا يجوز بيع شي‌ء من ذلك ، ولا الانتفاع به إلا الكلب المعلم للصيد ، وكلب الماشية ، والحائط للزرع أو البيوت خاصة.

ونجس الحكم ضربان : ما ينتفع به وما لا ينتفع به. فما ينتفع به يجوز تملكه وبيعه كالفهد والنمر والثعلب والأرنب والسنور وجوارح الطير.

وما لا ينتفع به لا يجوز بيعه ولا تملكه ، كالأسد والذئب والضبع والحدأة (٢) والنسر والرخمة (٣) وبغاث الطير (٤) وأنواع الغربان (٥) وسائر الحشرات من الحيات والعقارب والفأرة والجعلان والديدان.

وأما الطاهر من الحيوان فيجوز بيعه وتملكه.

وغير الحيوان ضربان : نجس وطاهر ، فالنجس ضربان : نجس العين ونجس الحكم.

فنجس العين لا يجوز بيعه ولا الانتفاع به ، كالخمر وكل مسكر والفقاع والمني من كل حيوان ، والبول والعذرة (٦) والسرقين مما لا يؤكل لحمه ، وميتات كل ما له نفس سائلة ، وجلودها قبل الدباغ وبعده ، ودماؤها.

__________________

(١) الدببة ـ كعنبة ـ جمع الدب بضم المهملة وتشديد الموحدة حيوان خبيث يعد من السباع. مجمع البحرين.

(٢) الحدأة ـ كعنبة ـ : وهو طائر خبيث ، ويجمع بحذف الهاء كعنب. مجمع البحرين.

(٣) الرخمة ـ كقصبة ـ : طائر يأكل العذرة ، وهو من الخبائث ، وليس من الصيد. مجمع البحرين.

(٤) البغاث ـ جمع بغاثة ـ : طائر أبيض بطي‌ء الطيران أصغر من الحدأة. وفي الدروس : البغاث ما عظم من الطير وليس له مخلاب معقب أي معوج ، وربما جعل النسر من البغاث. مجمع البحرين.

(٥) الغربان جمع الغراب.

(٦) في الأصل : والبول والغائط.

٢٤٤

ونجس الحكم ضربان : جامد ومائع. فالجامد إن كانت النجاسة على ظاهره ولم يختلط به غسل ، فإن تعذر الغسل ، أزيلت النجاسة ، وشي‌ء مما حوله ، ثم يبيع ، وذلك (١) كالجمد والفواكه والخضر [ والبواري ] (٢) والثياب والأحجار وغيرها ، ومتى اختلطت النجاسة بالماء ، ثم جمد (٣) أو بالدقيق أو العجين ، ثم خبز أو باللبن ثم اتخذ منه الجبن (٤) والأقط لم يجز بيعه بحال. والمائع من السمن والدهن واللبن والعسل والخل إذا نجس لم يجز بيعه [ بحال ] (٥) وكذا الماء النجس لا يجوز بيعه قبل تطهيره ، ولا يمكن تطهير الدهن المائع إذا نجس ، لأنه لا يمتزج بالماء فيطهر به ، ورخص في بيع الدهن [ النجس ] (٦) ممن يستصبح به تحت السماء ، ويجوز بيع لبن المرأة والأتان. (٧)

ولا يجوز بيع شعر الإنسان وظفره وغيره مما ينفصل عنه لأنه لا ثمن له ، وأما عذرته وسرقين ما لا يؤكل لحمه وخرء الكلاب والنعم فيجوز الانتفاع بها في الزرع وأصول الأشجار ، وإن لم يجز بيعها.

إذا باع مجوسي خمرا أو خنزيرا ثم أسلم وقبض الثمن بعد الإسلام حل له ، ولا يجوز أن يبيع شيئا من ذلك بعد الإسلام ، لأن تملكه قد زال ، وروي أنه إذا كان عليه دين جاز أن يبيعه عنه من ليس بمسلم ويقضى بذلك دينه ولا يجوز أن يتولى ذلك مسلم. (٨)

__________________

(١) في « س » : يبيع ذلك.

(٢) ما بين المعقوفتين موجود في « س ».

(٣) في « س » : ثم أجمد.

(٤) في الأصل : « الخبز » بدل « الجبن ».

(٥) ما بين المعقوفات موجود في « س ».

(٦) ما بين المعقوفات موجود في « س ».

(٧) الأتان : الأنثى من الحمير. المصباح المنير.

(٨) وسائل الشيعة : ١٢ ، ب ٥٧ ، من أبواب ما يكسب به ، ح ٢.

٢٤٥

ولا يجوز بيع أنواع الملاهي ، كالطنابير والعيدان(١) وغيرهما ، وكذلك عمل الأصنام والصلبان والتماثيل المجسمة وصور الحيوان محظور بيعها وشراؤها ، ولا بأس باستعمالها في الفرش وما يوطأ بالأرجل.

واللعب بالشطرنج والنرد وسائر أنواع القمار وبيعها وشراؤها محرم ، وكذلك معونة الظالمين وأخذ الأجرة على ذلك ، وبيع السلاح لسائر الكفار ، وكسب المغنيات والنوائح بالأباطيل ، وأخذ الأجرة على غسل الأموات وحملهم ودفنهم ، والتكسب بنسخ كتب الضلال وحفظها ، وأخذ الأجرة على الأذان ، والصلاة بالناس ، وكسب الزواني (٢) ومهور البغايا وتعلم السحر والكهانة والقيافة والشعبذة والتكسب بها كلها وهجاء (٣) أهل الإيمان ومدائح أهل الضلال بلا ضرورة.

وأما أخذ الأجرة على مدح (٤) أهل الإيمان بالصدق ، وعلى نسخ كتب الضلال وانتساخها ، لإثبات الحجج على الخصم والنقض ، فلا بأس به. وكذا أخذ الأجرة على الخطبة في الأملاك وأجرة المغنية في الأعراس (٥) إذا لم تغن بالأباطيل ولا يدخلن على الرجال ، وعلى ختن الرجال وخفض الجواري ، لا بأس بذلك.

ويحل كسب الماشطة إذا لم تغش ، ولم تدلس في العمل ، بأن تصل شعر المرأة بشعر غيرها من النساء ، وتشم الخدود وتستعمل ما لا يجوز في شريعة الإسلام ، ولا بأس أن تصل بشعر غير الناس ، ويحل كسب القابلة ، وكذا كسب الحجام إذا

__________________

(١) عود اللهو وعود الخشب جمعه أعواد وعيدان ، والأصل « عودان » لكن قلبت الواو ياء لمجانسة الكسرة قبلها. المصباح المنير.

(٢) الزوان : حب يخالطه البر فيكسبه الرداءة وفيه لغات. وأهل الشام يسمونه الشيلم. المصباح المنير.

(٣) في « س » : وبهجاء.

(٤) في « س » : على مدائح.

(٥) في الأصل : وكذا أخذ الأجر في الإملاكات وأجر المغنية في الأعراس.

٢٤٦

لم يشرط ، ويكره له الشرط ، والأفضل لذي المروءة أن ينزه نفسه عن أكل أجرة الحجام.

ولا بأس بأخذ الأجرة والرزق على الحكم والقضاء بين الناس ، من السلطان العادل خاصة ، دون الظالم والتنزه عنه أفضل ، ولا بأس بشراء المصاحف وبيعها غير أنه لا يباع المكتوب بل يباع الجلد والأوراق ، ولا بأس ببيع ما يكن به من آلة السلاح ، كالدروع والخفاف من الكفار ، والتنزه عنه أفضل.

ولا يأخذ ما ينثر في الأعراس والإملاكات إلا إذا علم من قصد صاحبه الإباحة ، ولا بأس بأخذ أجر العقارات والدور والمساكن إلا إذا عمل فيها شي‌ء من المحظورات باختياره ورضاه ، فإنه لا يجوز إذا ، ولا بأس بأجرة السفن والحمولات ، إلا إذا علم أنه يحمل فيها أو عليها شي‌ء من المحرمات ، فإنه لا يجوز ، ولا بأس ببيع الخشب ممن ينحت منه الصنم أو الصليب أو شيئا من الملاهي ، ولا بأس ببيع العنب والعصير ممن يجعله خمرا.

فأما إذا باع الخشب على أن ينحت منه ذلك ، أو باع العنب على أن يجعله خمرا ، فلا يجوز ، ولا بأس ببيع عظام الفيل ، واتخاذ المشط والمدهن وغير ذلك منها ، والتكسب بها ، ولا بأس ببيع جلود السباع ، كالأسد والنمر والفهد وغيرها ، إذا كانت مذكاة ومدبوغة.

ومن مر بالثمر (١) جاز له أن يأكل منها قدر كفايته ، ولا يجوز حمل شي‌ء منها وإفساده.

ولا يجوز بيع السرقة والخيانة وشراؤهما إذا عرفهما بعينهما ، فإن لم يعرفهما فلا بأس. ولا يجوز بيع تراب الصياغة ، لأن له أربابا لا يتميزون ، فإن باعه ، تصدق به على الفقراء.

__________________

(١) في « س » : بالثمرة.

٢٤٧

إذا انكسرت سفينة في البحر ، فأخرج البحر بعض ما غرق وأخرج بعض بالغوص ، فما أخرجه البحر ، لأربابه ، وما أخرج بالغوص لمن أخرجه.

ولا يجوز بيع الأرزاق من السلطان ، لأن ذلك غير مضمون ، ولا يجوز شراء ما يعلمه غصبا ، فإن ألجأته الضرورة إلى ذلك ، رده إلى صاحبه إن تمكن ، وإلا تصدق به عنه ، ولا بأس بشراء الأطعمة والحبوب على اختلافها من سلاطين الجور ما لم يعلم شيئا من ذلك غصبا ، وإن علم فلا يجوز ، ويجوز أخذ جوائزهم وشراء ما يأخذونه من الخراج والصدقات ، وإن لم يستحقوها ، إذا لم يعلمها غصبا ، وكذا شراء ما يسبونه ، لأن الأئمة ـ عليهم‌السلام ـ أحلوا لشيعتهم من ذلك.

ولا يجوز شراء الجلود إلا ممن يثق به أنه لا يبيع إلا ذكيا (١) فإن اشتراها ممن لا يثق به ، فلا يجوز أن يبيعها على أنها ذكية ، بل يبيعها بلا ضمان.

ويكره استعمال الصروف ، لأن صاحبها لا يكاد يسلم من الربا ، وبيع الأكفان ، لأن صاحبها لا يسلم من تمني موت الأحياء ، وبيع الطعام ، لأنه لا يسلم من الاحتكار ، وبيع الرقيق وشراؤهم ، وصنعة الذبح والنحر ، لأن ذلك يسلب الرحمة من القلب ، وكل حرفة فيها استخراج نجاسة ومباشرتها ، كالكناس والقصاب. ولا بأس بالنساجة والحياكة ، والتنزه عنه أفضل.

ويكره كسب الصبيان ، وأخذ الأجرة على تعليم القرآن ، ونسخ المصاحف ، إذا شرط المعلم أو الناسخ ، وإن لم يشرط فلا بأس ، ويكره أن ينزي الحمير على الدواب ، ولا بأس بكسب صاحب الفحل من الإبل والبقر والغنم إذا أقامها للنتاج ، ويكره عقد الإجارة على ذلك.

ينبغي أن يجتنب مدح ما يبيعه ، وذم ما يشتريه ، واليمين على ذلك ، وكتمان

__________________

(١) في « س » : إلا ممن يثق انه لا يبيعه إلا ذكيا.

٢٤٨

العيب فيما يبيعه ، وعرض الجيد دون الردي‌ء ، وإذا قال له غيره : اشتر لي شيئا ، فلا يعطه(١) من عنده ، وإن كان ما عنده خيرا إلا بعد إعلامه به ، وكذا (٢) إذا قال له : بعه لي ، فلا يشتره (٣) لنفسه ، وإن زاد في ثمنه ، إلا بإعلامه ، ولا يربح على المؤمن إلا عند الضرورة ، ويقبل المستقبل ، ويسوى بين الصغير والكبير والساكت والمماكس والعارف بالسعر والجاهل به في البيع أو الشراء (٤) ويكره الاستحطاط من الثمن بعد عقد البيع ، وقبض المبيع ، ويجتنب مبايعة السفلة وذوي العاهات والمحارفين والأكراد ، ويكره السوم فيما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس. ولا يكونن أول من يدخل السوق.

الفصل التاسع عشر

أجرة المنادي على من أمر به ، وأجرة الكيال ووزان المتاع على البائع ، لأن عليه توفير المتاع ، وأجرة الناقد ووزان المال ، على المبتاع ، لأن عليه توفية المال ، ومن انتصب نفسه للبيع (٥) والشراء للناس ، فأجرة ما يبيعه على البائع ، وأجرة ما يشتريه على المبتاع.

من دفع متاعا إلى السمسار ولم يأمره ببيعه ، فباعه ، أو أمره ببيعه ، ولم يذكر له لا نقدا ولا نسيئة ، فباع نسيئة (٦) ، أو أمره ببيعه نقدا فباعه نسيئة (٧) أو بالعكس منه ، كان مخيرا بين الفسخ والإمضاء ، وكذا إن باعه بأقل مما رسمه نقدا أو نسيئة ،

__________________

(١) في « س » : فلا يعطيه.

(٢) في الأصل : وكذلك.

(٣) في « س » : فلا يشتريه.

(٤) في « س » : في البيع والشراء.

(٥) كذا في الأصل ولكن في « س » : وينتصب للبيع.

(٦) في « س » : بنسيئة.

(٧) في « س » : بنسيئة.

٢٤٩

فإن أمضاه(١) كان له مطالبة الوسيط بتمام المال ، وإن باعه بأكثر مما سمى له ، كان ذلك لصاحب المال إن لم يختر فسخ البيع ، لمخالفة الوسيط له.

إذا هلك المتاع عند الواسطة بتفريط منه ، ضمن قيمته ، وأما بغير تفريط فلا ، ولا ضمان على الواسطة فيما يغلبه عليه ظالم ، والدرك في جودة المبيع على البائع ، وفي جودة المال على المبتاع.

الفصل العشرون

يكره حبس الأقوات الستة : الحنطة والشعير والتمر والزبيب والسمن والملح ، إذا لم يوجد ذلك إلا عند إنسان بعينه ، وأضر ذلك بالمسلمين ، ويجب إذا على السلطان إجبار صاحبه على بيعه ، من غير تعيين سعر ، ولا يمكنه الإمام من حبسه في حال الغلاء وقلة الأطعمة أكثر من ثلاثة أيام ، وفي الرخص والسعة أكثر من أربعين يوما.

ولا يكره حبس ما عدا ما ذكرناه لا في الرخص ولا في الغلاء (٢) ولا حبسها مع وجودها. ومن كان عنده فاضل طعام في القحط ، وبالناس ضرورة ، وجب عليه بذله.

__________________

(١) في « س » : « فإن أمضى ».

(٢) في الأصل : ولا الغلاء.

٢٥٠

كتاب إحياء الموات

فصل الموات من الأرض للإمام القائم مقام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خاصة ، لا يجوز لأحد أن يتصرف فيه إلا بإذنه ، ومن أحيى أرضا بإذن مالكها ، أو سبق إلى التحجير عليها ، كان أحق بالتصرف فيها من غيره ، وليس للمالك أخذها منه ، إلا أن لا يقوم بعمارتها ، ولا يقبل عليها ما يقبل غيره ، ولا يجوز لأحد أن يغير ما حماه النبي عليه‌السلام (١) من الكلاء ، لأن فعله حجة ، يجب الاقتداء به ، كقوله ، وللإمام أيضا أن يحمي من الكلاء لنفسه ، ولخيل المجاهدين ونعم الصدقة والجزية والضوال ما يكون في الفاضل عنه كفاية لمواشي المسلمين ، ولا اعتراض لأحد عليه ، ولا يجوز للإمام أن يقطع شيئا من الشوارع والطرقات ورحاب الجوامع ، إذ لا يملكها واحد بعينه ، والناس فيها مشتركون.

والماء المباح يملك بالحيازة ، سواء حازه في إناء ، أو ساقه إلى ملكه في نهر ، أو قناة أو غلب (٢) بالزيادة فدخل إلى أرضه ، وهو أحق بماء البئر التي ملك التصرف فيها بالإحياء ، وإذا كانت في البادية (٣) فعليه بذل الفاضل عن حاجته لغيره ، لنفسه وماشيته ، ليتمكن من رعي ما جاور البئر من الكلاء المشترك ، وليس عليه بذله لزرعه ، ولا بذل آلة الاستقاء.

__________________

(١) كذا في الأصل ولكن في « س » : أن يغيرها حماه النبي ـ عليه‌السلام.

(٢) في الأصل : إذا غلب.

(٣) في « س » : بالبادية.

٢٥١

ولمن أحيى البئر من حريمها ما يحتاج إليه في الاستقاء من آلة ومطرح الطين ، وروي : أن حد ما بين بئر المعطن (١) إلى بئر المعطن أربعون ذراعا وما بين بئر الناضح إلى بئر الناضح ستون ذراعا وما بين بئر العين وبئر العين في الأرض الصلبة خمسمائة ذراع وفي الرخوة ألف ذراع (٢) وعلى هذا لو أراد غيره حفر بئر (٣) إلى جانب بئره ليسرق (٤) منها الماء ، لم يكن له ذلك.

ولا يجوز له الحفر إلا أن يكون بينهما الحد المذكور ، فأما من حفر بئرا في داره ، أو في أرض له مملوكة ، فإنه لا يجوز له منع جاره (٥) من حفر بئر أخرى في ملكه ، ولو كانت بئر بالوعة تضر به ، والفرق بينهما أن الموات (٦) يملك التصرف فيه بالإحياء ، فمن سبق إلى حفر البئر صار أحق بحريمه ، وليس كذلك الحفر في الملك ، لأن ملك كل واحد منهما مستقر ثابت ، فجاز له أن يعمل فيه ما شاء.

ومن قرب إلى الوادي ، أحق بالماء المجتمع فيه من السيل ، ممن بعد عنه ، وقضى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أن الأقرب إلى الوادي يحبس الماء للنخل إلى أن يبلغ في أرضه إلى أول الساق وللزرع إلى أن يبلغ إلى الشراك ثم يرسله إلى من يليه (٧) ثم هكذا يصنع الذي يليه مع جاره ، ولو كان ذرع الأسفل يهلك إلى أن يصل إليه الماء لم يجب على من فوقه أن يرسله إليه حتى يكتفى ويأخذ منه قدر المذكور. (٨)

__________________

(١) بئر المعطن هي البئر التي يستقى منها لسقي الإبل وأصل المعطن والعطن مباركها حول المياه لتشرب. لاحظ السرائر للحلي ـ قدس‌سره ـ ٢ ـ ٣٧٤ من الطبع الحديث.

(٢) لاحظ وسائل الشيعة : ١٧ ، ب ١١ من أبواب إحياء الموات ، ح ٥ و ٢. باختلاف قليل ولا يخفى ان الناضح ـ كما في لسان العرب ـ : البعير الذي يستقى عليه الماء ، والمراد هنا حد حريم البئر التي يستقى منها بالناضح.

(٣) في « س » : حفر البئر.

(٤) في « س » : ليسترق.

(٥) في « س » : « منع جادة » وهو تصحيف.

(٦) في « س » : انه الموات.

(٧) لاحظ وسائل الشيعة : ١٣ ، ب ٨ من أبواب إحياء الموات.

(٨) في « س » : « قدر الزكاة » وهو تصحيف.

٢٥٢

كتاب الشفعة

الشفعة عبارة عن استحقاق الشريك المخصوص على المشتري تسليم المبيع بمثل ما بذل فيه أو قيمته. وهي مأخوذة من الزيادة ، لأن سهم الشريك يزيد بما ينضم إليه (١) فكأنه كان وترا ، فصار شفعا.

ويحتاج إلى معرفة شروط استحقاقها وأحكامها.

أما الشروط فستة وهي : أن يتقدم عقد بيع ينتقل معه الملك إلى المشتري. (٢)

وأن يكون الشفيع شريكا بالاختلاط في المبيع أو في حقه من شربه أو طريقه.

وأن يكون واحدا.

وأن يكون مسلما إذا كان المشتري كذلك.

وأن لا يسقط حق المطالبة ، ولا يعجز عن الثمن.

اشترطنا تقدم عقد البيع ، لأن الشفعة لا تستحق قبله ولا تستحق بما ليس ببيع ، من هبة أو صدقة أو مهر زوجة أو مصالحة أو ما أشبه ذلك ، (٣) واعتبرنا أن ينتقل الملك معه إلى المشتري ، تحرزا من البيع الذي فيه الخيار للبائع أو له

__________________

(١) في « س » : « يزيد ينضم إليه » والصحيح ما في المتن.

(٢) في « س » : ينتقل منه الملك إلى المشتري.

(٣) في « س » : وما أشبه ذلك.

٢٥٣

وللمشتري معا ، فإن الشفعة لا تستحق ها هنا ، لأن الملك لم يزل عن البائع ؛ فأما ما لا خيار فيه ، أو فيه الخيار للمشتري وحده ، ففيه الشفعة لأن الملك قد زال به عنه.

واشترطنا أن يكون شريكا للبائع ، تحرزا من القول باستحقاقها بالجوار ، فإنها لا تستحق (١) بذلك.

واشترطنا أن يكون واحدا ، لأن الشي‌ء إذا كان مشتركا بين أكثر من اثنين ، فباع أحدهم لم يستحق شريكه الشفعة عند أكثر أصحابنا ؛ (٢) وعلى هذا إذا كان الشريك واحدا ، ووهب بعض السهم ، أو تصدق به ، وباع الباقي للموهوب له ، أو المتصدق عليه ، لم يستحق [ فيه ] (٣) الشفعة.

واشترطنا أن يكون مسلما إذا كان المشتري كذلك ، تحرزا من الذمي لأنه لا يستحق على مسلم شفعة.

واشترطنا أن لا يسقط (٤) حق المطالبة ، لأنه أقوى من قول من يذهب (٥) إلى أن حق الشفعة على الفور ، ويسقط بتأخير الطلب مع القدرة عليه (٦) لأن ذلك هو الأصل في كل حق عقلا وشرعا ، ولا يخرج منه إلا ما أخرجه دليل قاطع.

واشترطنا عدم عجزه عن الثمن ، لأنه إنما يملك الأخذ إذا دفع إلى المشتري ما بذله للبائع فإذا تعذر عليه ذلك سقط حقه من الشفعة ، سواء كان عجزه لكونه

__________________

(١) كذا في الأصل ولكن في « س » : « فإنه لا يستحق ».

(٢) قال العلامة في المختلف : ٥ ـ ٣٣٢ ـ الطبع الحديث ـ : اختلف علماؤنا في الشفعة هل تثبت مع زيادة الشركاء على اثنين؟ فمنع منه الشيخان ، وعلي بن بابويه والسيد المرتضى وسلار وأبو الصلاح وابن البراج وابن حمزة والطبرسي وابن زهرة ، وقطب الدين الكيدري.

(٣) ما بين المعقوفتين موجود في الأصل.

(٤) كذا في الأصل ولكن في « س » : « واشترطنا أن يكون لا يسقط » والصحيح ما في المتن.

(٥) في الأصل : « لأنه أقوى من يذهب » والصحيح ما في المتن.

(٦) الشيخ ، المبسوط : ٣ ـ ١٠٨ ، والنهاية : ٤٢٤ ، والخلاف : كتاب الشفعة ، المسألة ٤.

٢٥٤

معسرا ، أو لكون ما وقع عليه العقد أو بعضه غير معلوم القيمة ، وقد فقدت عينه ، وروى أصحابنا أن حكمه كذا ، متى لم يحضر الثمن من البلد الذي هو فيه حتى مضت ثلاثة أيام(١) ومتى ادعى إحضاره من مصر (٢) آخر فلم يحضره حتى مضت مدة يمكن فيها وصول الثمن وزيادة ثلاثة أيام ، هذا ما لم يؤد الصبر عليه إلى ضرر ، فإن أدى إلى ذلك بطلت الشفعة ، وإذا كان الثمن مؤجلا فهو على الشفيع كذلك ، ويلزمه إقامة كفيل به إذا لم يكن مليا ، وهذا لا يتفرع على مذهب من قال من أصحابنا : أن حق الشفعة لا يسقط بالتأخير. (٣)

وإذا حط البائع من الثمن بعد لزوم العقد ، فهو للمشتري خاصة ولم يسقط عن الشفيع ، لأنه إنما يأخذ الشقص بالثمن الذي انعقد البيع عليه ، وما يحط بعد ذلك هبة مجددة لا دليل على لحوقها بالعقد.

وإذا تكاملت شروط استحقاق الشفعة ، استحقت في كل مبيع ، من الأرضين (٤) والحيوان والعروض ، كان ذلك مما يحتمل القسمة أو لا ، ومن أصحابنا من قال : لا يثبت حق الشفعة إلا فيما يحتمل القسمة شرعا من العقار والأرضين لا فيما لا يحتملها كالحمامات والأرحية ، ولا فيما لا ينقل ولا يحول إلا على وجه التبع لأرض ، كالشجر والبناء. (٥)

والشفعة مستحقة على المشتري دون البائع ، وعليه الدرك للشفيع. وإن لم يقبض المشتري المبيع قبض الشفيع ، وكان قبضه بمنزلة قبض المشتري ، وإذا كان الشريك غير كامل العقل ، فلوليه أو الناظر في أمور المسلمين المطالبة له بالشفعة ،

__________________

(١) لاحظ النهاية : ٤٢٥.

(٢) في « س » : « من حضر » وهو تصحيف.

(٣) السيد المرتضى : الانتصار : ٢١٩.

(٤) في « س » : من الأرض.

(٥) الشيخ : النهاية : ٤٢٤.

٢٥٥

وإذا ترك الولي ذلك ، فللصغير إذا بلغ ، والمجنون إذا عقل المطالبة. وإذا غرس المشتري وبنى ثم علم الشفيع بالشراء ، وطالب بالشفعة ، كان له إجباره على قلع الغرس والبناء ، إذا رد عليه ما نقص من ذلك بالقلع ، وإذا استهدم المبيع لا بفعل المشتري ، أو هدمه هو قبل علمه بالمطالبة من ذلك بالشفعة ، فليس للشفيع إلا الأرض والآلات ، وإن هدمه بعد العلم بالمطالبة فعليه رده إلى ما كان ، وإذا عقد المشتري البيع على شرط البراءة من العيوب ، أو علم بالعيب ورضي به ، لم يلزم الشفيع ذلك ، بل متى علم بالعيب رده على المشتري إن شاء ،(١) وإذا اختلف المتبايعان والشفيع في مبلغ الثمن ، وفقدت البينة ، فالقول قول المشتري مع يمينه.

وحق الشفعة موروث عند بعض أصحابنا (٢) لعموم آيات الميراث ، وعند بعضهم (٣) لا يورث.

لا شفعة في المعاوضة عند أكثر أصحابنا. (٤) وتثبت الشفعة للغائب. ومتى ثبتت الشفعة للشفيع ولم يعلم بها إلا بعد ان استقال البائع المشتري البيع (٥) فأقاله كان للشفيع إسقاط الإقالة ورد الشقص إلى المشتري وأخذه بالشفعة.

إذا اشترى شقصا واستحق الشفيع الشفعة ، فأصابه نقص (٦) ، وهدم قبل أخذ الشفيع ، كان بالخيار بين أخذه ناقصا بكل الثمن ، وبين تركه ، إن كان ذلك

__________________

(١) في الأصل : إذا شاء.

(٢) المفيد في المقنعة : ٦١٩ ، والسيد المرتضى في الانتصار : ٢١٧.

(٣) الشيخ في النهاية : ٤٢٥ ، والخلاف كتاب الشفعة : المسألة ١٢ ، والقاضي في المهذب : ١ ـ ٤٥٩.

(٤) كذا في الأصل ولكن في « س » : « لأن الشفعة » بدل « لا شفعة » والصحيح ما في المتن. قال العلامة في المختلف : ٥ ـ ٣٣٩ من الطبع الحديث : المشهور انه لا شفعة إلا إذا انتقلت الحصة إليه بالبيع. ولو انتقلت بغيره من المعاوضات كالصلح والإجارة. بطلت الشفعة.

(٥) كذا في الأصل ولكن في « س » : إلا بعد استقالة البائع المشتري.

(٦) هذا ما أثبتناه ولكن في النسخ التي بأيدينا « نقض » قال في المبسوط : ٣ ـ ١١٦ : إذا اشترى شقصا ... فأصابه نقص ...

٢٥٦

بآفة (١) سماوية ، وإن كان بفعل آدمي ، أخذ الشفيع العرصة بحصتها.

إذا أخذ الشفيع الشقص من المشتري فليس لهما خيار المجلس ، لأنه ليس ببيع. ومتى صالح المشتري الشفيع ، على ترك الشفعة بعوض بعد ثبوتها ، جاز.

إذا بلغ الشفيع أن الثمن دنانير أو حنطة فعفا فكانت دراهم أو شعيرا أو غيرهما لم تسقط الشفعة.

إذا بيع بعض الدار بدين ميت ، لم تثبت الشفعة لورثته ، لأن ملك الورثة كالمتأخر عن البيع ، لأنه حادث بعد موته ، وكذا إذا أوصى ببيع بعض الدار والتصدق بثمنه ، فلا شفعة لورثته لذلك. (٢)

إذا كانت دار بين ثلاثة شركاء أثلاثا ، فاشترى أحدهم نصيب أحد شريكيه ، فالمشتري والشريك الآخر في المبيع شريكان ، (٣) يملك المشتري نصفه بالبيع ، ويملك الآخر نصفه بالشفعة ، هذا على قول من يثبت الشفعة مع زيادة الشركاء على اثنين ، (٤) وإن كان المشتري أجنبيا ، استحق الشريكان ما اشتراه بالشفعة.

__________________

(١) في « س » : إن كان بآفة.

(٢) كذا في الأصل ولكن في « س » : « وكذلك » والصحيح ما في المتن.

(٣) كذا في « س » ولكن في الأصل : فالمشتري والشريك الآخر في البيع يشتركان.

(٤) القائل هو ابن الجنيد ، لاحظ المختلف : ٥ ـ ٣٣٣ من الطبع الحديث.

٢٥٧
٢٥٨

كتاب الشركة

من شرط صحة الشركة ، أن تكون في مالين متجانسين ، إذا اختلطا اشتبه أحدهما بالآخر ، وأن يخلطا حتى يصيرا مالا واحدا ، وأن يحصل الإذن في التصرف في ذلك ، وهذه الشركة هي التي تسمى شركة العنان. (١)

ولا تصح شركة المفاوضة ، وهي أن يشتركا في كل ما لهما وعليهما ، وما لهما متميزان ، ولا شركة الأبدان ، وهي الاشتراك في أجرة العمل ، ولا شركة الوجوه ، وهي أن يشتركا على أن يتصرف (٢) كل واحد منهما بجاهه ، لا برأس مال ، على أن يكون ما يحصل من فائدة ، بينهما.

وإذا انعقدت الشركة اقتضت أن يكون لكل واحد من الشريكين من الربح بمقدار رأس ماله ، وعليه من الوضيعة بحسب ذلك ، فإن اشترطا تفاضلا في

__________________

(١) في « س » : « شركة العيان » وهو تصحيف. قال في الحدائق : ٢١ ـ ١٦١ في بيان وجه هذه التسمية ما هذا نصه : فقيل : من عنان الدابة إما لاستواء الشريكين في ولاية الفسخ والتصرف واستحقاق الربح على قدر رأس المال ، كاستواء طرفي العنان. وإما لأن لكل واحد منهما أن يمنع الآخر من التصرف كما يشتهي ويريد ، كما يمنع العنان الدابة. وقيل : من « عن » إذا ظهر. إما لأنه ظهر لكل واحد منهما مال صاحبه ، أو لأنها أظهر أنواع الشركة ، ولهذا أجمع على صحتها. وقيل : من « العانة » وهي المعارضة ، لأن كل واحد منهما عارض بما أخرجه الآخر.

(٢) كذا في الأصل ولكن في « س » : « يقترض » والظاهر أنه تصحيف.

٢٥٩

الربح ، أو الوضيعة ، مع التساوي في رأس المال ، أو تساويا في كل ذلك(١) مع التفاضل في رأس المال ، لم يلزم الشرط ، وكذا إن جعل أحد الشريكين للآخر فضلا في الربح (٢) بإزاء عمله ، لم يلزم ذلك ، وكان للعامل أجرة مثله ، ومن الربح بحسب رأس ماله ، ويصح كل من ذلك بالتراضي ، ويحل تناول الزيادة بالإباحة (٣) دون عقد الشركة ويجوز الرجوع بها (٤) لمبيحها مع بقاء عينها.

والتصرف في مال الشركة على حسب الشرط ، إن يشترطا أن يكون لهما معا على الاجتماع ، فلم يجز لأحدهما أن ينفرد به ، وإن يشترطا (٥) أن يكون تصرفهما على الاجتماع والانفراد ، فهو كذلك ، وإن اشترطا التصرف لأحدهما لم يجز للآخر إلا بإذنه ، وكذا القول في صفة التصرف في المال ، من السفر به والبيع بالنسيئة والتجارة في شي‌ء معين ، ومتى خالف أحدهما ما وقع عليه الشرط ، كان ضامنا.

والشركة عقد جائز من كلا الطرفين ، يجوز فسخه لكل واحد منهما متى شاء ، ولا يلزم شرط التأجيل فيها.

والشريك المأذون له في التصرف ، مؤتمن على مال الشركة ، والقول قوله ، فإن ارتاب به شريكه ، حلف على قوله ، وإذا تقاسم الشريكان لم يقتسما الدين بل يكون الحاصل منه بينهما ، والمنكسر عليهما ، ولو اقتسماه فاستوفى أحدهما ولم يستوف الآخر لكان (٦) له أن يقاسم شريكه على ما استوفاه.

__________________

(١) في « س » : أو تساويا في ذلك.

(٢) كذا في الأصل ولكن في « س » : « وكذا إن جعل الشريكين للآخر أحد فصلا في الربح » والصحيح ما في المتن.

(٣) في « س » : « بالأخذ » بدل « بالإباحة » والصحيح ما في المتن.

(٤) في « س » : « بهما » والصحيح ما في المتن.

(٥) في الأصل : وإن اشترطا.

(٦) في « س » : « كان » بدل « لكان ».

٢٦٠