اصباح الشيعة بمصباح الشريعة

قطب الدين محمد بن الحسين الكيدري

اصباح الشيعة بمصباح الشريعة

المؤلف:

قطب الدين محمد بن الحسين الكيدري


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٥٢

ويصح البيع بدون الآخرين وإن كان مكروها ، هذا إن لم يكونا ذهبا وفضة ، فإن كان أحدهما ذهبا أو فضة (١) والآخر مما عداهما سقط اعتبار الشروط الثلاثة.

وروي أنه إذا اتفق كل واحد من العوضين في الجنس وأضيف إلى أحدهما ما ليس من جنسه سقط اعتبار التماثل في المقدار ، كبيع دينار ودرهم بدينارين. (٢)

الفصل الثالث

وللسلم أربعة شروط تخصه ، زائدة على ما سبق وهي : ذكر الأجل ، وذكر موضع التسليم ، وأن يكون رأس المال مشاهدا ، وأن يقبض في مجلس العقد.

الفصل الرابع

إذا قال المشتري للبائع : بعنيه بكذا ، فقال [ البائع ] (٣) : بعتك ، لم يصح حتى يقول المشتري بعده : اشتريت ، فعلى هذا كل ما يجري بين الناس إنما هي استباحة وتراض ، وليس ذلك بيعا منعقدا ، ويصح من كل واحد (٤) من المتبايعين الرجوع.

من باع عينا غائبة ولم يذكر الصفة والجنس أو أحدهما لم يصح البيع ، ولا يجوز بيع عين بصفة مضمونة كأن يقول : بعتك هذا الثوب على أن طوله كذا وعرضه كذا ، فإن لم يكن كذا ، فعلي بدله بتلك الصفة ، لأن العقد لم يقع على البدل ويحتاج فيه إلى استئناف عقد.

__________________

(١) كذا في « س » ولكن في الأصل : « وإن كان أحدهما ذهبا وفضة ».

(٢) انظر وسائل الشيعة : ١٢ ، ب ٦ من أبواب الصرف. ومستدرك الوسائل : ١٣ ، ب ١٦ من أبواب الربا.

(٣) ما بين المعقوفتين موجود في « س ».

(٤) كذا في الأصل ولكن في « س » : ويصح لكل واحد.

٢٠١

إذا ابتاع ثوبا على حف نساج (١) وقد نسج بعضه ، على أن ينسج الباقي ، بطل ، لاجتماع خيار الرؤية وانتفائها في شي‌ء واحد.

إذا اشترى شيئا مما يسرع إليه التلف ، كالفواكه ، بعد أن رآه بزمان يعلم أنه قد تلف فيه ، بطل.

كل ما يمكن اختباره من المطعوم والمشروب من غير إفساد له ، لا يجوز بيعه بغير اختباره ، فإن تبايعا كانت الصحة موقوفة على تراضيهما.

الفصل الخامس

يثبت في الحيوان الخيار ثلاثا للمشتري خاصة شرطا أو لا ، وما زاد فبحسب الشرط ، فإن شرطا مدة معلومة ثم أوجبا البيع ، ثبت العقد وبطل الشرط المتقدم.

إذا ابتاع بشرط الخيار ولم يسم وقتا ، بل أطلقه ، فله الخيار ثلاثا لا غير. وإذا ابتاع معينا وتفرقا بلا تقابض ، فالمبتاع أحق به إلى ثلاثة أيام ، فإن مضت ولم يحضر الثمن ، فالبايع بالخيار بين الفسخ والمطالبة بالثمن ، وإن هلك في مدة الثلاثة ، فهو من مال البائع.

إذا أراد انعقاد ما يشتريه لولده من نفسه ، اختار لزوم العقد عند انعقاده ، أو يختار بشرط بطلان الخيار على كل حال ، وقيل : ينتقل من مكان العقد. (٢)

بيع العين المشاهدة يدخله خيار المجلس بإطلاق العقد ، وخيار الشرط

__________________

(١) كذا في الأصل ولكن في « س » : « ولو باع ثوبا على خف نساج » والصحيح ما في المتن. والحف : المنسج. لسان العرب.

(٢) قال الشيخ في المبسوط : ٢ ـ ٧٨ : إذا أراد أن يشتري لولده من نفسه ، وأراد الانعقاد ، ينبغي أن يختار لزوم العقد عند انعقاد العقد ، أو يختار بشرط بطلان الخيار على كل حال ، وقد قيل : إنه ينتقل من المكان الذي يعقد فيه العقد ، فيجري ذلك مجرى تفرق المتبايعين. ولاحظ المهذب : ١ ـ ٣٥٣.

٢٠٢

بحسب الشرط ثلاثا فصاعدا ، وبيع الحيوان يدخله خيار المجلس وخيار الثلاثة بإطلاق العقد وما زاد فبالشرط ، وبيع خيار الرؤية يدخله الخياران معا ، وخيار الشرط إذا رآه.

وخيار الرؤية يكون على الفور دون خيار المجلس ، وكذا بيع السلم ، الصرف يدخله خيار المجلس دون خيار الشرط لأن من شرط صحته القبض.

وأما النكاح والطلاق والخلع والعتق والوقف والصلح فلا يدخلها الخياران معا ، وكذا المكاتبة المطلقة إذا أدى شيئا ، فإما المشروطة فللمولى خيار الشرط دون خيار المجلس ، وللعبد الخياران معا.

وأما الإجارة والمزارعة والمساقاة والقسمة والسبق والرماية والحوالة والجعالة والقراض ، فلا يدخلها خيار المجلس لأنه يختص البيع ، ولا مانع من دخول خيار الشرط. وأما الهبة فللواهب الخيار قبل القبض وبعده ما لم يتعوض منها أو لم يتصرف فيها الموهوب له ولم يكن الهبة لولده الصغار.

والشفيع إذا ملك الشقص بالثمن وانتزع من يد المشتري فليس له خيار المجلس ، والرهن بدين للراهن الخيار بين أن يقبض أو لا ، فإن أقبض لزم من جهته ، وكان من جهة المرتهن جائزا إن شاء أمسك أو فسخ ، قال الشيخ : والأحوط أن يقول : إن الرهن يلزم من قبل الراهن بالقول ، ويلزمه إقباضه ، وأما من جهة المرتهن ، فهو جائز على كل حال. (١)

وإن كان رهنا في بيع كأن يقال : بعتك هذه الدار بألف على أن ترهن عبدك ، فالراهن بالخيار في مدة خيار المجلس أو الشرط بين أن يقبض الرهن أو لا ، فإن أقبض لزم الرهن من جهته ، ولكل منهما فسخ البيع في مدة الخيار ، فإن لزم بالتفرق

__________________

(١) المبسوط : ٢ ـ ٧٩.

٢٠٣

أو بانقضاء خيار الشرط فقد لزم الرهن على ما كان ، وإن فسخا أو أحدهما البيع بطل الرهن ، وإن لم يقبض الرهن حتى لزم البيع بالتفرق أو بانقضاء مدة الخيار ، فالراهن بالخيار(١) بين أن يقبض أو لا ، فإن أقبض لزم الرهن من جهته وإن امتنع لم يجبر عليه وكان البائع المرتهن بالخيار ، إن شاء أقام على البيع بلا رهن وإن شاء فسخ ، وعلى ما سبق من لزوم الرهن بالقول من الراهن ولزوم الإقباض ، متى لزم البيع لزم إقباض الرهن.

خيار الشرط يورث إذا مات أحد المتبايعين أو كلاهما يقوم الوارث مقامه.

وإن كان عبدا أو مكاتبا قام مولاه مقامه ، وكذا إن جن أحدهما أو أغمي عليه في مدة الخيار قام الولي مقامه ولا اعتراض له إذا أفاق.

يجوز التقابض في مدة الخيارات الثلاث والخيار باق. ومبدأ خيار الشرط من حين التفرق بالأبدان لا من حين العقد ، لأن الخيار يدخل بعد ثبوت العقد ، والعقد لا يثبت إلا بعد التفرق ، فإن شرطا أن يكون من حين العقد ، أو يكون مدة أحدهما أقل من مدة الآخر ، صح ، ولكل منهما الفسخ بالعيب ، والإمضاء قبل القبض وبعده ، ولا يحتاج إلى حضور صاحبه.

إذا باع وشرط الخيار لأجنبي صح ، وإذا قال : بعتك (٢) على أن استأمر فلانا في الرد ، كان على ما شرط ، ولا حد لاستئماره إلا أن يذكر زمانا معينا.

إذا قال : بعتك (٣) على أن تنقد لي الثمن إلى عشر مثلا فإن نقدتني ، وإلا فلا بيع ، كان على ما شرط.

__________________

(١) في الأصل : فللراهن الخيار.

(٢) في الأصل : « بعتكه ». قال في الحدائق : ١٩ ـ ٤٠ : والفرق بين المؤامرة وجعل الخيار لأجنبي ، ان الغرض من المؤامرة الانتهاء إلى أمره ، فليس لذلك المستأمر ـ بفتح الميم ـ الفسخ أو الالتزام ، وإنما إليه الأمر والرأي خاصة ، بخلاف من جعل له الخيار.

(٣) في الأصل : بعتكه.

٢٠٤

إذا باع عبدين وشرط مدة الخيار في أحدهما ولم يعينه بطل البيع ، وإن عينه ثبت الخيار فيمن (١) عين لا غير.

إذا اشترى شاة وحبسها (٢) ثلاثة أيام ، ثم أراد ردها ، رد معها ثلاثة أمداد من طعام إن كان لها لبن وقد شربه ، وإلا فلا.

وروى أصحابنا أن البيع بشرط يجوز وهو أن يقول : بعتك إلى شهر. قال الشيخ : والأحوط عندي أن يكون المراد بذلك أن يكون للبائع خيار الفسخ دون أن يكون مانعا من انعقاد العقد. (٣)

كل تصرف لو وقع من البائع كان فسخا ، ومتى وقع من المشتري ، كان إقرارا بالرضاء بالبيع ولزم العقد من جهته. (٤)

الإكراه على التفرق لا يبطل خيار المجلس.

إذا قال : بعتك بشرط ، ولم يذكر مقدار الشرط ، كان البيع باطلا. وقيل : يصح البيع ويرجع ويثبت شرطا فقط. (٥)

إذا باع بشرط الخيار متى شاء ، فالبيع باطل لأنه مجهول.

إذا هلك المبيع قبل القبض في مدة الخيار أو بعدها ، بطل البيع ، وهلك على البائع وبطل الثمن ، ورد الثمن إن كان مقبوضا ، وسقط (٦) عن المشتري إن لم يكن

__________________

(١) في « س » : « فيما » بدل « فيمن ».

(٢) في « س » : « فحبسها ».

(٣) المبسوط : ٢ ـ ٨٢ وفي « س » : وروى أصحابنا ان البيع بشرط لا يجوز ..

(٤) في الأصل : لزمه العقد من جهته.

(٥) قال الشيخ في المبسوط : ٢ ـ ٨٣ : وإذا قال : بعتك بشرط ولم يذكر مقدار الشرط ، كان البيع باطلا ، وقال بعضهم : يصح البيع ويرجع ويثبت شرطا فقط.

(٦) في « س » : ويسقط.

٢٠٥

مقبوضا ، وإن هلك بعد(١) القبض لم يبطل البيع وإن رده على البائع وديعة أو عارية.

الفصل السادس

الربا هو التفاضل بين شيئين من جنس واحد من المكيل والموزون خاصة ، وذلك محظور غير سائغ ، لا نقدا ولا نسيئة ، ولا تفاوت في ذلك إن كان النقدان من الذهب والفضة أحدهما مضروبا أو مصاغا ، أو لا يكون كذلك وإن كان المصاغ أكثر قيمة.

والمغشوش من الذهب أو الفضة (٢) لا يجوز بيعه بغير المغشوش من ذلك الجنس ، لأن ما فيه من الذهب أو الفضة مجهول سواء كان الغش مستهلكا أو لا ، فإن اشترى بالمغشوش ثوبا مثلا جاز ، وإن اشترى بالذهب المغشوش فضة أو بالعكس كان جائزا.

ويجوز بيع الذهب بالفضة متفاضلا نقدا لا نسيئة ، وكذا في كل جنسين اختلفا مما يكال أو يوزن (٣) ، ولا يجوز فيه التفرق قبل القبض ، فإن فعلا بطل البيع.

إذا باع موزونا أو مكيلا بجنس آخر منه غير الثمنين كبر بتمر مثلا ، أو مكيلا بموزون جاز التفاضل فيه والتماثل ، فإن افترقا قبل القبض لم يبطل البيع ، والأحوط التقابض قبل التفرق. ويجوز بيع جنس بجنس مثله متماثلا ، وأما متفاضلا فلا ، والأحوط أن يكون يدا بيد.

ما لا يكون فيه الربا كالثياب والحيوان مثلا ، وما لا يكال ولا يوزن ، يكره

__________________

(١) في « س » : « قبل القبض » والصحيح ما في المتن.

(٢) في « س » : والفضة.

(٣) في الأصل : ويوزن.

٢٠٦

التفاضل فيه نسيئة ، كبيع ثوب بثوبين.

البر والشعير جنس واحد في الربا ، وفي الزكاة جنسان.

بيع الرطب بالتمر لا يجوز متفاضلا ومتماثلا.

ما يتداوى به من الطين الأرمني وغيره مما يوزن ففيه الربا ، وأما الطين الذي يؤكل ، فحرام أكله وبيعه.

الماء لا ربا فيه لأنه لا يكال ولا يوزن.

المماثلة المعتبرة في الربا عرف أهل الحجاز على عهد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فما (١) كانت العادة فيه الكيل ، لم يجز إلا كيلا في سائر البلاد وكذا في الوزن. (٢) والمكيال مكيال أهل المدينة ، والميزان ميزان أهل مكة.

وما لا تعرف له عادة في عهد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، يحمل على عادة بلد ذلك الشي‌ء.

بيع الحنطة بدقيقها متماثلا نقدا جائز ، ولا يجوز نسيئة لا متماثلا ولا متفاضلا ، والأحوط في ذلك الوزن ، دون الكيل ، لأن الدقيق أخف وزنا من الحنطة.

ولا يجوز بيع لين الخبز بيابسه لا متماثلا ولا متفاضلا ، إذا كان من جنسه ، وبغير جنسه يجوز متماثلا ومتفاضلا ، كخبز الحنطة بخبز الذرة.

الأدهان إذا كانت في الأصل واحدا ـ وإن اختلفت أسماؤها ـ لا يجوز التفاضل فيها ، كدهن الورد والنيلوفر والياسمين والبنفسج ، إذ الأصل فيها دهن الشيرج.

يجوز بيع الشهد بالعسل مثلا بمثل وإن كان في الشهد الشمع ، وكذا

__________________

(١) ما بين المعقوفتين موجود في الأصل ، وهو الصحيح.

(٢) في « س » : وكذا الوزن.

٢٠٧

الحبوب وإن كان في أحد المثلين قليل تبن ، أو زوان(١) أو غيرهما.

لبن الغنم الأهلي جنس غير لبن الغنم الوحشي وهو الظباء ، وكذا لبن البقر الأهلي خلاف لبن بقر الوحش ، ولبن الإبل جنس آخر ، يجوز بيع جنس منها بجنس آخر متفاضلا ، وأما بجنسه فلا ، إلا متماثلا ، وكذا حكم ما يتخذ من اللبن كالسمن والزبد والجبن والأقط والمصل وغيرها. (٢)

واللحمان كالألبان في اختلاف الأجناس وكذا الحيتان.

والطيور كل ما اختص منها بصفة واسم فهو صنف غير الآخر ، لا يجوز بيع جنس منها بجنسه متفاضلا ، نيئا (٣) كان أحدهما والآخر (٤) مشويا أو مطبوخا سمينا كان [ أحدهما ] (٥) والآخر مهزولا.

والشحم والألية واللحم ليس بعضها جنسا لبعض.

بيع اللحم بحيوان من جنسه لا يجوز ، كبيع لحم شاة بشاة ، وبغير جنسه يجوز ، وإن كان الحيوان غير مأكول اللحم كالبغل والعير.

يجوز بيع دجاجة فيها بيض ، بالبيض ، وشاة في ضرعها لبن باللبن.

وما يجري فيه الربا ، لا يجوز بيع بعضه ببعضه جزافا ، وكذا ما يباع عددا ، لا يجوز بيعه جزافا. ويجوز بيع بعضه ببعض ، متفاضلا ومتماثلا ، كبيضة ببيضتين ،

__________________

(١) الزوان : حب يخالط البر فيكسبه الرداءة وفيه لغات. المصباح المنير.

(٢) الأقط : يتخذ من اللبن المخيض يطبخ ثم يترك حتى يمصل. والمصل ـ مثال فلس ـ : عصارة الأقط ، وهو ماؤه الذي يعصر منه حين يطبخ. المصباح المنير.

(٣) الني‌ء ـ مهموز وزان حمل ـ : كل شي‌ء شأنه أن يعالج بطبخ ، أو شي‌ء ولم ينضج ، فيقال : لحم ني‌ء. المصباح المنير.

(٤) في الأصل : أو الآخر مشويا.

(٥) ما بين المعقوفتين موجود في « س ».

٢٠٨

وحلة بحلتين ، وحمار بحمارين. ويجوز بيع مد من بر ودرهم بمدي بر(١) وبيع دينار وألف درهم بألف دينار ، وزيادة كل ذلك نقدا.

لا يجوز بيع التمر بالتمر إذا كان خرصا بما يوجد منه.

ومن كان معه دراهم أو دنانير محمول عليها ، لم يجز صرفها بالجياد إلا بعد بيانها وإن كانت صارت إليه بالجياد.

إذا اشترى سلعة بدراهم أو دنانير معينة لم يجز تسليم غيرها إلا برضاء البائع.

إذا خرج المبيع من غير جنس ما وقع عليه البيع ، بطل البيع ، وإن خرج بعض من غير جنسه دون الباقي ، بطل البيع في ذلك البعض خاصة.

إذا اشترى دراهم بدنانير بأعيانها ، فوجد ببعضها عيبا ، كان البيع صحيحا ، وللمشتري أن يرد المعيب بالعيب ، أو يفسخ البيع في الجميع ، وإن كان في الذمة بلا تعيين (٢) وأطلقا ، رجع الإطلاق إلى نقد البلد إن كان واحدا وإلى الغالب (٣) من نقوده إن اختلفت ، وإن لم يكن غالب لم يصح البيع إلا إذا وصف وذكر حال العقد.

ولا يجوز أن يتفرقا حتى يتقابضا ، وإذا (٤) وجد أحدهما بعد التقابض عيبا من جنسه ، أو لا من جنسه قبل التفرق ، فله الإبدال ، وبعد التفرق إن كان العيب لا من جنسه بطل الصرف ، لأنهما تفرقا من غير قبض ، لما تناوله العقد ، وإن كان العيب في البعض ، بطل العقد في ذلك البعض لا غير ، وإن كان العيب من جنسه ،

__________________

(١) كذا في الأصل ولكن في « س » : ودرهم بمدين.

(٢) في الأصل : بلا تعين.

(٣) في الأصل : أو إلى الغالب.

(٤) في « س » : فإذا.

٢٠٩

بأن يكون الذهب خشنا أو سكة أحدهما مخالفة للسكة المعروفة وكان في الكل ، فله إما الرد واسترجاع ثمنه ، أو الرضى أو إبداله ، وإن كان في البعض ، أبدل أو فسخ في الجميع.

الأواني المصاغة من الذهب والفضة معا ، إذا لم يمكن تخليص أحدهما من الآخر ، وكذا الدنانير المضروبة منهما لم تبع إلا بالذهب ، إذا كان الغالب فيها الفضة ، أو بالفضة إذا كان الغالب الذهب ، فإن تساويا بيعت بالذهب والفضة معا ، والأحوط أن يجعل معهما شي‌ء آخر.

جوهر الذهب والفضة (١) ومعادنهما لا يجوز بيعهما إلا بغير جنسهما ، ليؤمن فيه من الربا. وجوهر الأسرب والنحاس والرصاص لا بأس بالإسلاف فيه (٢) وإن كان فيه ذهب يسير أو فضة قليلة.

إذا باع سيفا محلى بفضة بدراهم أو سيفا محلى بذهب بدنانير وكان ما فيه من الذهب أو الفضة أقل من الثمن في الوزن جاز ، وكان الفاضل من الثمن ثمن النصل والعلاقة ، (٣) فإن كان ما فيه من الذهب أو الفضة مثله أو أكثر منه لم يجز إلا أن يستوهب السير (٤) والنصل إذا كان مثله ، فأما إذا كان أكثر فلا يجوز على حال ، ويجوز بيعه بغير جنس حليته أو بعوض.

إذا اشترى خاتم فضة مع فصه بفضة جاز إذا كان الثمن أكثر مما فيه من الفضة.

__________________

(١) كذا في الأصل ولكن في « س » : شي‌ء آخر غير جوهر الذهب والفضة.

(٢) في « س » : « بالإسلام فيه » وهو تصحيف.

(٣) النصل : حديدة السيف والرمح والسكين. والعلاقة من العلق وهو السيف ، والنفيس من كل شي‌ء. لسان العرب.

(٤) السير : ما قد من الأديم طولا. لسان العرب.

٢١٠

من كان معه مائة درهم صحاح ، يريد أن يشتري بها مكسرة أكثر منها وزنا ، فاشترى بصحاح ذهبا ، ثم اشترى بالذهب دراهم مكسرة ، أكثر وزنا من الدراهم الصحاح ، جاز.

إذا تقابضا وافترقا بالأبدان ، أو تخايرا إمضاء البيع بعد التقابض ، فإن تخايرا قبل التقابض ، بطل الصرف ، فأما إذا تقابضا قبل التفرق والتخاير ، لكنه اشترى منه بالذهب الذي قبضه ، دراهم مكسرة ، صح الشرى ، لأن هذا تصرف منه ، والتصرف إمضاء للبيع ، وقطع للخيار ، فإذا باع الصحاح بوزنها من المكسرة ووهب [ له ] (١) الزيادة جاز ، وكذا إن ضم إلى الصحاح جنسا آخر يكون ثمنا للزيادة.

إذا اشترى دينارا بعشرين درهما ، ومعه تسعة عشر درهما ، فسلمها إليه ، ثم قبض الدينار منه ، ثم استقرض منه درهما مما دفعه إليه وأعطاه في المجلس ، إتماما [ للعشرين ] (٢) جاز ، فإن لم يقرضه فاسخة الصرف ، واشترى منه من الدينار ، بقدر دراهمه التسعة عشر ، فيكون في يده جزء من عشرين جزءا من الدينار ، مقبوضا عن وديعة ، والباقي عن الصرف ، فإن شاء استرجع ذلك الجزء منه ، أو وهبه له ، أو اشترى به عوضا منه ، أو جعله ثمنا لموصوف في ذمته إلى أجل ، فيكون سلما.

وإن لم يفاسخه لكن قبض الدينار وفارقه ليوفيه الدرهم انفسخ الصرف في قدر الدرهم دون الباقي ، فإن تصارفا فلا بأس أن يطولا مقامهما (٣) في مجلسهما ، أو أن يصطحبا من مجلسهما إلى غيره ، ليوفيه ، لأنهما لم يتفرقا.

والتوكيل في القبض ، لا يكون قبضا ، بل يجب أن يقبض الوكيل قبل تفرقهما ، لأن قبض وكيله بمنزلة قبضه ، ولا يجوز التفرق إلا بعد القبض أو المفاسخة ، لأنه ربا.

__________________

(١) ما بين المعقوفات موجود في الأصل.

(٢) ما بين المعقوفات موجود في الأصل.

(٣) كذا في الأصل ولكن في « س » : أن يطول مقامهما.

٢١١

إذا اشترى عشرين درهما بدينار فقال له آخر : ولني نصفها بنصف الثمن ، صح. والتولية بيع. وإن قال له : اشتر عشرين درهما نقرة بدينار لنفسك ثم ولني نصفها بنصف الثمن لم يجز ، لأنه إذا اشتراها لنفسه ثم ولاه كانت التولية بيعا من الغائب وذلك لا يجوز.

إذا كان له عند صيرفي دينار فقبض منه الدراهم من غير أن يبتاع لم يكن ذلك صرفا وكان للصيرفي في ذمته تلك الدراهم ، وله عند الصيرفي دينار ، ولا يجوز أن يتقاصا لأنهما جنسان مختلفان ، فإن أبرأ كل منهما صاحبه مما له عليه فقد برأت ذمتهما.

من كان له على غيره دنانير وأخذ منه الدراهم ثم تغيرت الأسعار ، كان له أن يسعر يوم قبض الدراهم.

إذا كان له على صيرفي دنانير فقال له : حولها إلى الدراهم ، وساعره (١) على ذلك ، جاز وإن لم يوازنه ويناقده في الحال ، لأن النقدين جميعا من عنده.

إذا قال لصائغ (٢) : صغ لي خاتما من فضة لأعطيك وزنها فضة وأجرتك للصياغة ، فعمل لم يصح وكان الخاتم ملك الصائغ ، واحتاج في شرائه إلى عقد مستأنف.

ولا بأس بابتياع درهم بدرهم ويشترط معه (٣) صياغة خاتم أو غيره ، وكذا لا بأس أن يشتري طعاما على أن يطحنه أو

دقيقا على أن يخبزه أو ثوبا على أن يخيطه ونحو ذلك مما يكون في مقدوره ، فأما ما لا يكون في مقدوره من الشرط كأن يشتري الزرع على أن يسلمه إليه سنبلا أو الرطب على أن يسلمه تمرا فلا يجوز.

__________________

(١) ساعر : ساوم.

(٢) في « س » : للصائغ.

(٣) في الأصل : يشرط معه.

٢١٢

ولا يجوز أن يبيع ثوبا بمائتي درهم من صرف عشرين درهما بدينار ، لأن الثمن غير معين ولا موصوف بصفة يعلم بها ، وكذا لا يصح أن يشتري ثوبا بمائتي درهم [ إلا ] (١) دينارا أو بمائة دينار إلا درهما ، لأن الثمن مجهول ، لا يدرى إلا بالتقويم والرجوع إلى أهل الخبرة.

لا ربا بين الولد ووالده لأن مال الولد في حكم مال الوالد ، ولا بين العبد وسيده لأن مال العبد لسيده ، (٢) ولا بين الرجل وأهله ، ولا بين المسلم والحربي ، لأنهم في الحقيقة في‌ء للمسلمين ، وإنما لا يتمكن منهم ، ويثبت بين المسلم والذمي ، فمتى اشترى المسلم من الحربي درهمين بدرهم جاز ، ولا يجوز أن يبيعه درهمين بدرهم.

من ارتكب الربا جاهلا بتحريمه ثم علم به استغفر الله ولم يعد ، وإن كان عالما بتحريمه وجب عليه رد كل ما جمع من الربا على صاحبه ، فإن جهل المقدار صالحه على ما يرضى به ، وإن لم يعرف صاحبه تصدق به عنه ، فإن لم يعرف المقدار ولا الصاحب أخرج الخمس والباقي مباح له. (٣)

الفصل السابع : في أحكام العقود

من باع نخلا قد أطلع ، فإن كان قد أبر (٤) ، فثمرته له وإلا للمشتري ، وكذا في وجوه التمليك ، (٥) وإن اطلعت النخلة في ملك المشتري ثم فلس (٦) بالثمن ،

__________________

(١) ما بين المعقوفتين موجود في الأصل ، وهو الصحيح.

(٢) في الأصل : لأن ماله لسيده.

(٣) في « س » : « مباح » بإسقاط « له ».

(٤) تأبير النخل هو تلقيحه.

(٥) في الأصل : في وجوه التمليكات.

(٦) في « س » : ثم أفلس.

٢١٣

رجع البائع عليه بالنخلة دون الطلع ، فإن أبر بعض دون بعض فثمرة المأبور للبائع وثمرة غير المأبور للمشتري ، وإن هلكت الثمرة للمشتري في يد البائع قبل التسليم كان للمشتري فسخ البيع وإجازته في الأصول بجميع الثمن ، أو بحصته من الثمن.

وإذا اشترى عبدا فقطعت يده قبل القبض ، فالمشتري مخير بين فسخ البيع وإجازته بجميع الثمن لا غير ، لأن الثمن لا ينقسم على الأطراف ، وينقسم على أصول النخل والثمرة.

إذا باع أرضا وفيها القطن وقد خرجت جوزته ، فإن كان قد تشقق الجوزة فالقطن للبائع وإلا فللمشتري ، إلا أن يقع الشرط بخلافه في الحالين ، وإن كان بدل القطن الحنطة ، أعتبر بإخراج السنابل. (١)

يجوز بيع أصول القطن دون الأرض (٢) إذا كان مما يبقى فيحمل سنتين فصاعدا.

ما لا يكون في الأكمام من الثمرة كالعنب والتين والتفاح إذا بيع أصله وقد خرجت الثمرة فهي للبائع إلا بالشرط ، وإن خرجت في ملك المشتري فهي له.

وما يخرج من ثمرته (٣) في أكمام ودونه قشر كالجوز واللوز إذا بيع الأصل وقد ظهرت الثمرة فهي للبائع إلا بالشرط.

وإذا بيع شجر الورد أو الياسمين أو النسرين أو البنفسج أو النرجس وغير ذلك مما يبقى أصله في الأرض ، ويحمل حملا بعد حمل ، فإن كان تفتح ورده فللبائع وإلا فللمشتري.

__________________

(١) في الأصل : إخراج السنابل.

(٢) كذا في الأصل ولكن في « س » : يجوز بيع أصول القطن دون القطن ودون الأرض.

(٣) في الأصل : وما يخرج ثمرته.

٢١٤

إذا باع أصل التوت وقد خرج ورقه فهو للمشتري تفتح أو لا ، لأن الورق من الشجر بمنزلة الأغصان وليس بثمر.

إذا باع نخلا على أن يقطعه المشتري أجذاعا فتركه حتى أثمر ، فالثمرة للمشتري ، فإن كان البائع سقاه وراعاه فله أجرة المثل.

إذا باع شجرة تين وعليها تين ظاهر ولم يلقطه حتى حدث حمل آخر للمشتري ، فاشتبها سلم الجميع إلى المشتري ، أو يفسخ البيع إذ لا يمكن تسليم المبيع ، وكذا في الباذنجان والقثاء والبطيخ.

إذا قال : بعتك هذه الأرض بحقوقها ، دخل البناء والشجر في البيع ، وإن لم يقل بحقوقها لم يدخل. واسم البستان يشتمل على الأرض والشجر.

إذا قال : بعتك هذه القرية بحقوقها ، لم يقع اسم القرية إلا على البيوت ، ولا يكون المزارع من حقوقها ، وإن كانت بين البيوت أشجار دخلت في البيع لأنها من حقوق القرية والبيوت.

إذا باع دارا دخل في البيع الأرض والبناء والشجرة النابتة فيها والحيطان والسقوف والأغلاق والأبواب المنصوبة والبئر وما فيها من الآجر والماء ، دون متاع البيت والأبواب المقلوعة وشبهها مما لا يدخل تحت اسم الدار.

لا يصح بيع ماء البئر لأنه إن باع الجميع فهو مجهول ، لأن له مددا ، وإن باع الموجود منها لم يمكن تسليمه إلا بأن يختلط بغيره ، فإن باع منه أرطالا معلومة وعلم أن الماء أكثر منها جاز ، ويجوز بيع العين كلها أو سهم منها.

يباع معدن الذهب والفضة بغير جنسه ليؤمن من الربا.

إذا باع أرضا وفيها بذر لم ينبت بعد وكان بذرا لما يجز دفعة بعد أخرى ، كالقت (١) ، أو لأصل يبقى لحمل بعد حمل كنوى التمر ، دخل في البيع ، لأنه من

__________________

(١) القت : الرطب من علف الدواب أو يابسة. مجمع البحرين.

٢١٥

حقوقه ، وهكذا إذا غرس في الأرض(١) غراسا وباع (٢) قبل أن ينبت الغراس ويرسخ عروقه ، دخل في البيع.

وإن كان بذرا لما يحصد مرة واحدة كالحنطة ، فإن كان قد باع الأرض مطلقا ، لم يدخل البذر في البيع ، وللمشتري الخيار بين الفسخ والإجازة إن لم يعلم ذلك ، وإن علم فلا وعليه تركه إلى أو ان الحصاد ، (٣) وإن كان باع الأرض مع البذر ، صح.

وحيث قلنا يترك إلى أوان الحصاد ، إن حصده البائع قصيلا (٤) لم يكن له الانتفاع بالأرض إلى وقت الحصاد ، لأن الذي استحقه هو تبقية الزرع الذي حصده.

إذا كان الزرع مما يحصد مرة بعد أخرى وكان مجزورا دخلت العروق في بيع الأرض لأنها من حقوقه ، وإن لم يكن مجزورا ، فالجزة الأولى للبائع لا غير ، إلا إذا شرطها المشتري ، وإن لم يشترط طالب البائع بجزها في الحال لئلا يختلط حقهما ، ولا بأس ببيع الزرع قصيلا ، وعلى المبتاع قطعه قبل أن يسنبل ، فإن لم يقطعه كان البائع بالخيار بين أن يقطعه وأن يتركه ، فإن تركه إلى أوان الحصاد ، كانت الغلة للمشتري وعليه خراج ذلك.

الفصل الثامن

بيع الثمرة دون الشجرة بعد بدو صلاحها جائز ، وأما قبل بدو صلاحها ، فإن كان البيع سنتين فصاعدا جاز ، وإن كان سنة واحدة جاز بشرط القطع في

__________________

(١) في « س » : « الأصل » بدل « الأرض ».

(٢) في « س » : أو باع.

(٣) في حاشية الأصل : « وقت الحصاد ـ بالفتح ـ : يوم الحصيد ، وبالكسر : يوم الكيل والوزن ».

(٤) القصل : القطع ، والقصيل : ما اقتصل من الزرع أخضر. لسان العرب.

٢١٦

الحال ، وأما بشرط التبقية أو مطلقا بلا شرط فلا. وإن كان الأصل لواحد والثمرة لآخر ، فباع الثمرة صاحبها من صاحب الأصل ، لم يصح ، كما لم يصح من غيره.

وبدو الصلاح في النخل أن يتلون البسر ويصفر ، وفي الورد أن ينشر ورده (١) وتنعقد الثمرة ، وفي الكرم أن ينعقد الحصرم (٢) ، وفي القثاء أن يتناهى عظم بعضه.

إذا كان في البستان ثمار مختلفة وبدا صلاح بعضها ، جاز بيع الجميع ، سواء كان من جنسه أو من غير جنسه ، وأما البستانان ، فلكل واحد حكم نفسه.

بيع الحمل الظاهر دون الأصل مثل القثاء (٣) قبل بدو الصلاح مطلقا أو بشرط التبقية إلى أو ان اللقاط ، لا يجوز ، ويجوز بشرط القطع ، وبعد بدو الصلاح يجوز على الوجوه الثلاثة ، فإن اشتراه وتركه حتى اختلط بحمل حادث ولم يتميزا ، سلم البائع الجميع إلى المشتري ، أو فسخ البيع.

يجوز أن يبيع الثمار في بستان ، ويستثني منها أرطالا معلومة ، أو ثمار نخلات معينة ، واستثناء الربع أو الثلث أحوط. واستثناء نخلة غير معينة لا يجوز ، لأن ذلك مجهول.

إذا أصاب الثمرة جائحة (٤) قبل التخلية بينها وبين المشتري ، بطل البيع إن تلف الجميع ، وإن تلف البعض ، انفسخ في التالف لا غير ، وبعد التسليم لا ينفسخ ، وكان من مال المشتري ، وإذا عجز البائع عن سقي الثمرة وتسليم الماء ، فللمشتري الخيار.

__________________

(١) كذا في « س » ولكن في الأصل : وفيما الورد ان ينتثر ورده. وفي المبسوط : ٢ ـ ١١٤ : فاما ما يتورد فبدو صلاحه : أن ينتثر الورد وينعقد.

(٢) الكرم : ـ وزان فلس ـ العنب ، والحصرم : أول العنب ما دام حامضا. مجمع البحرين.

(٣) في « س » : من مثل القثاء.

(٤) الجائحة : الآفة يقال : جاحت الآفة المال : إذا أهلكته. المصباح المنير.

٢١٧

وحكم التلف (١) من جهة البائع ، كالتلف بالجائحة ، وأما التلف من جهة أجنبي (٢) فالمشتري مخير بين فسخ البيع واسترداد الثمن وبين إجازته ، ورجوعه بالقيمة إلى الأجنبي ، هذا قبل القبض ، وأما بعده فمن ضمان المشتري ، وله الرجوع بالقيمة إلى المتلف إن كان غير الله ، بائعا كان أو غيره.

لا بأس أن يبيع ما ابتاعه من الثمرة بزيادة مما اشتراه ، وإن كان قائماً في الشجر.

لا يجوز بيع محاقلة ؛ (٣) ما انعقد فيه الحب واشتد من السنبل بحب من ذلك السنبل ، وأما بحب سواه من جنسه فجائز ، وإن كان الأحوط أن لا يفعل ، تحرزا من الربا.

ولا يجوز بيع مزابنة (٤) التمر على رءوس الشجر بتمر منه ، وأما بتمر على الأرض (٥) فلا بأس ، والأحوط أن لا يجوز ، لما سبق في السنبل.

ومن له نخلة في دار غيره ويشق عليه الدخول إليها فيبيعها منه بخرصها تمرا جاز فيها ، لا غير ، أعني : في النخلة خاصة.

وما فيه الربا لا يجوز التفرق عن المكان قبل القبض ، والقبض فيما على النخلة ، التخلية ، وفي التمر ، النقل.

إذا كان شجر بين اثنين فقال أحدهما للآخر : أعطنيه (٦) بكذا رطلا ، أو : خذه مني به ، جاز ما اتفق.

__________________

(١) في « س » : وحكم التالف.

(٢) كذا في الأصل ولكن في « س » : وأما التلف بأجنبي.

(٣) المحاقلة : هي بيع الزرع في سنبله بحنطة. المصباح المنير.

(٤) المزابنة : بيع الثمر في رءوس النخل بتمر كيلا. المصباح المنير.

(٥) كذا في الأصل ولكن في « س » : مزابنة الثمرة على رءوس الشجر بثمر منه وأما على الأرض.

(٦) كذا في « س » ولكن في الأصل : أعطيته بكذا.

٢١٨

الفصل التاسع

يجوز بيع ما ابتاعه قبل القبض إلا في الطعام ، وقبض ما لا ينقل كالعقار التخلية بينه وبين المبيع ، وفي الحيوان أن يمشي به إلى مكان آخر ، وفي العبد أن يقيمه إلى موضع آخر ، وفيما يباع جزافا ، أن ينقله من موضعه ، وفيما يكال أن يكيله.

والقبض الصحيح أن يسلم البائع المبيع باختياره ، وأن يكون الثمن مؤجلا أو حالا إلا أن يكون المشتري أوفاه ، فيصح قبضه بغير اختيار البائع ، فأما إذا كان حالا ولم يوفه فلا يصح قبضه بلا اختياره ، وللبائع مطالبته برد المبيع إلى استيفاء الثمن ، وإذا كان الثمن معينا جاز بيعه قبل قبضه ، إلا إذا كان صرفا. ويجوز بيع صداق المرأة ومال الخلع للرجل قبل القبض.

إذا أسلم في طعام ثم باعه من آخر ، لم يصح إلا أن يجعله وكيله في القبض.

إذا أسلم في طعام معلم ، واستسلف من آخر مثله ، فلما حل عليه الأجل ، قال لمن أسلم إليه : امض (١) إلى من أسلمت إليه واكتل لنفسك ، (٢) لم يصح ، لأنه يكون قد باع طعاما قبل أن يكيله ، ويحتاج أن يرد ما أخذه على صاحبه ، ويكتاله عن الآمر بقبضه بتوكيله إياه ، أو يكتاله الآمر ويقبضه إياه بكيل مجدد ، إذا شاهده أو يصدقه فيه ، والأحوط للمشتري أن يكتاله بعد اكتيال الآمر.

إذا حل عليه الطعام بعقد السلم فدفع (٣) بدله إلى المسلم دراهم ، لم يجز ، لأن بيع المسلم فيه لا يجوز قبل القبض ، وإن قال : اشتر بها الطعام لنفسك ، لم يصح ، لأن الدراهم باقية على ملك المسلم إليه ، فلا يصح أن يشتري بها طعاما

__________________

(١) كذا في « س » ولكن في الأصل : « أفض » بدل « امض ».

(٢) في « س » : « واكتل إليه لنفسك ».

(٣) في « س » : ودفع.

٢١٩

لنفسه ، هذا إذا اشتراه بعينها ، وأما إذا اشتراه في الذمة ، ملك الطعام وضمن الدراهم التي عليه ، فيكون للمسلم إليه في ذمته دراهم(١) ، وله عليه الطعام الذي أسلم فيه. (٢)

من كان له على غيره طعام من سلم ، ولذلك الغير على آخر طعام سلما أيضا ، فأحاله عليه لم يجز ، لأن بيع المسلم فيه (٣) لا يجوز قبل القبض ، فإن كان أحد الطعامين أو كلاهما قرضا جاز.

من كان له على غيره طعام فباع منه جنسا آخر من الطعام في الذمة ، وفارقه قبل القبض ، لم يجز ، لأنه بيع دين بدين ، وأما من غير الطعام فيجوز ، وإن فارقه قبل القبض إذا كان معينا في الذمة.

إذا باع طعاما بعشرة مؤجلة ، فلما حل الأجل ، أخذ بها طعاما مثل ما أعطاه ، جاز وأما (٤) أكثر منه فلا ، وروى جوازه مطلقا. (٥)

إذا اشترى نخلا حائلة ، ثم أثمرت في يد البائع ، كانت الثمرة للمشتري ، وهي أمانة في يد البائع ، فإن هلكت الثمرة في يده ، لم يجب عليه ضمانها للمشتري ، إذا سلمت الأصول ، فإن هلكت الأصول دون الثمرة ، انفسخ البيع ، وسقط الثمن عن المشتري ، وله الثمرة بلا عوض ، لأنه ملكها.

__________________

(١) في النسخ التي بأيدينا « للمسلم » والصحيح ما أثبتناه وذلك لأن المسلم إليه هو البائع والدراهم له ، فتشتغل ذمة المشتري للبائع الذي هو المسلم إليه.

(٢) في « س » : أسلمه فيه.

(٣) في الأصل : بيع السلم.

(٤) في « س » : فأما.

(٥) لاحظ الخلاف كتاب البيوع ، المسألة ١٦٥. والمختلف : ٥ ـ ٢٨٢ و ٢٨٩ من الطبع الحديث.

٢٢٠