إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض

الشيخ علي الغروي العلي ياري

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض

المؤلف:

الشيخ علي الغروي العلي ياري


الموضوع : الفقه
الناشر: بنياد فرهنگ إسلامي كوشانپور
المطبعة: المطبعة العلمية
الطبعة: ٢
ISBN: 964-6438-03-2
الصفحات: ٤٤٠

وفيه عدم مقاومته لما مرّ من الصّحاح ، لقصور سنده ، أو يخصّ بإرث الأولاد الذّكور ، ومن يعقل من القرابة ، ويتعيّن حمله على ذلك مراعاة للجمع ، وفي جعله مشهورا نظر.

والّذي صرّح به هو في شرح الإرشاد أنّ هذا قول المفيد ، والحقّ أنّه قول الصّدوق خاصّة ، وكيف كان فليس بمشهور.

وفي المسألة أقوال كثيرة ، أجودها وهو الّذي دلّت عليه الرّوايات الصّحيحة ما اختاره الشّيخ في النّهاية وجماعة أنّ المعتق إن كان رجلا ورثه أولاده الذّكور دون الإناث ، فإن لم يكن له ولد ذكور ، ورثه عصبته دون غيرهم ، وإن كان امرأة ورثه عصبتها مطلقا.

والشّهيد في الدّروس اختار مذهب الشّيخ في الخلاف ، وهو كقول النّهاية ، إلّا أنّه جعل الوارث للرّجل ذكور أولاده وإناثهم استنادا في إدخال الإناث إلى رواية عبد الرّحمن بن الحجّاج عن الصّادق عليه‌السلام إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دفع مولى حمزة إلى ابنته.

وإلى رواية السّكونى عن الباقر عليه‌السلام عن أبيه عليه‌السلام إنّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : الولاء لحمة كلحمة النّسب (١) ، خرج ما خرج بالإجماع ، وبقى الباقى داخلا تحت عموم الخبر ، والرّوايتان ضعيفتان ، الاولى : بالحسن بن سماعة ، والثّانية : بالسّكونى ، مع أنّها عمدة القول الّذي اختاره الشّهيد في اللّمعة ، وجعله مشهورا.

وفي الدّروس قول الصّدوق خاصّة ، وفي الشّرح قول المفيد ، والعجب من ابن إدريس مع اطّراحه خبر الواحد الصّحيح تمسّك هنا بخبر السّكونى

__________________

(١) التّهذيب ( ص : ٢٥٥ ، ج : ٨ ) ، الإستبصار ( ص : ٢٤ ، ج : ٤ ) ، الفقيه ( ص : ١٣٢ ، ج : ٣ ) ، وسائل الشّيعة ( ص : ٧٥ ، ج : ٢٣ ).

٣٢١

محتجّا بالإجماع عليه مع كثرة الخلاف ، وتباين الأقوال والرّوايات.

الثّالثة :

قول الحسن بن أبى عقيل : إنّه يرثه وارث المال مطلقا ، قال : وروى عن أمير المؤمنين والأئمّة سلام الله عليهم من ولده إنّهم قالوا : تقسم الدّية على من أحرز الميراث ، ومن أحرز الميراث ، أحرز الولاء ، لحديث اللّحمة.

الرّابعة :

قال الشّيخ في الخلاف : إنّه يرثه أولاد المنعم إن كان رجلا ، ذكورا كانوا أم إناثا ، وإن كانت امرأة فلعصبتها دون ولدها ، سواء كانوا ذكورا أم إناثا ، واستدلّ عليه بإجماع الفرقة المحقّة وأخبارهم.

قال الشّيخ محمّد على الأعسم النّجفى رحمه‌الله :

وبعد موت المنعم المذكور

ولآئه لولده الذّكور

وإن يكونوا انعدموا فالرّقبة

ولآئها لماله من عصبة

كما إذا المرأة أعتقت فقد

انتقل الولاء لهم لا للولد

وقيل بالتّعميم في الميراث

لمطلق الذّكور والإناث

وقيل في ذلك أقوال آخر

أحسنها الّذي به التّفصيل مرّ

لكثرة الصّحاح غير القابلة

للحمل كالرّواية المقابلة

وحكم أولاد العتيق في الولاء

حكم أبيهم باتّفاق من حلا

الخامسة :

قال المفيد : إنّ الولاء لأولاد المعتق الذّكور دون الإناث ، ذكرا كان المعتق أم انثى ، فإن لم يكن هناك أولاد ذكور ورثه عصبة للمعتق ، وهذه الأقوال كما ترى ، واستدلّ المفيد عليه بصحيحة ابن معاوية ، وخصوص السّؤال لا يخصّص.

٣٢٢

فروع

الاولى

لو مات المنعم من ذكرين ثمّ مات أحدهما من الأولاد ثمّ المعتق ، فإن قلنا بالأوّل فقد ورثه الابنان ، ولمّا مات أحدهما انتقل حقّه إلى ورثته ، فميراثه للابن وورثة الآخر ، وإن قلنا بالثّانى ورثه الابن وحده ، لأنّ المعتبر أقرب الورثة إلى المنعم يوم المعتق.

الثّانى

لو مات المعتق عن ابنين ثمّ ماتا وخلّف أحدهما عشرة والآخر واحدا ثمّ مات

والمعتق اشترك الواحد والعشرة نصفين قطعا على الأوّل ، لأنّ أب العشرة ورث نصف الولاء ، وأب الواحد ورث نصفه الآخر ، فانتقل ما ورث كلّ منهما إلى ورثته ، وكذا على أجود الاحتمالين ، لأنّ لكلّ نصيب من يتقرّب به لو كان موجودا لكونه بمنزلة النّسب ، ويحتمل أن يرث كلّ واحد جزء من أحد عشر جزء لتساويهم في الولاء.

الثّالث

لو مات المنعم وخلّف ابنا وابن ابن آخر ، ثمّ مات الابن وخلّف ابنا ،

٣٢٣

ثمّ مات المولى ، فتركته للابن الّذي كان حيّا عند موت المنعم لانتقاله إلى أبيه ، ثمّ إليه على الأوّل ، ولهما على الثّانى.

الرّابع

لو مات السّيد عن أخ من أب وابن أخ من الأبوين ، فمات الأخ من الأب عن ابن ، ثمّ مات العتيق ، فما له لابن الأخ من الأب ولابن الأخ من الأبوين على الثّانى.

الخامس

على القول بأنّ الولاء لا يورث ، فهل يرثه الإمام عليه‌السلام؟ إشكال ينشأ من أنّ ولاء الإمامة قسيم لولاء العتق ، فلا يكون قسما منه ومن أنّ الولاء من جملة الموروثات ، كالأموال ، ويرثه الوارث ، لأنّ البحث على تقديره فيرثه الإمام كسائر الأموال وسائر الوارث ، وهو قوىّ فإن قلنا به لم يردّ على الزّوجين إن قلنا به ، لأنّ الرّدّ عليهما مشروط بعدم بعدم المشارك ، ويكون الباقى للإمام عليه‌السلام كما لو مات المعتق عن أحدهما وكان المعتق موجودا.

السّادس

لو ماتت المنعمة وتركت ابنها وأخاها فمات مولاها ، فميراثه لابنها على قول المفيد رحمه‌الله ، وهو أنّ الولاء للأولاد الذّكور خاصّة رجلا كان المنعم أو امرأته بعد موت المنعم ، فإن مات ابنها بعدها قبل المولى وترك عمّا ثمّ مات المعتق وخلّف أخا مولاته وعمّ ابنها ، فميراثه لأخيها ، لأنّه أقرب عصبة السّيدة على الثّانى ، ولعمّ ابنها على الأوّل.

٣٢٤

السّابع

للزّوج أو الزّوجة مع المعتق ومن بحكمه النّصيب الأعلى النّصف للزّوج ، والرّبع للزّوجة ، والباقى للمولى (١) ، أو لمن بحكمه على المشهور ، وذهب أبو الصّلاح إلى ردّه للزّوج دون مولى المنعمة استنادا إلى ما يصلح مستندا في ذاته ومقاومته من وجوه يطول الكتاب بذكر تفاصيلها وقال في المختلف : وهذا ليس بجيّد.

الثّامن

لو اجتمع مع الأولاد الوارثين أب قيل : بالشّركة ، وقيل : بأولوية الابن ، وقوىّ الأوّل الشّهيد الثّانى ، ويقوم أولاد الأولاد مقام آبائهم عند عدمهم ويأخذ كلّ منهم نصيب من يتقرّب به كغيره ، ومع عدم المرتبة الاولى ترث المرتبة الثّانية ، وهم الأجداد والإخوة وأولادهم.

وجعل ابن الجنيد الجدّ أولى من الأخ ، وهو تحكّم.

ومع فقدهم فالأعمام وأولادهم الأقرب يمنع الأبعد.

وفي إرث الإناث منهم قولان ، لحديث : اللّحمة : نعم ، ولخبر العصبة : لا.

وهو قول الباقر عليه‌السلام : إنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام قضى بميراث المعتق للعصبة الّذين يعقلون عنه ، والإناث لا تعقلون ، فلا يرثن ، وصحّح الشّهيد في الشّرح الأوّل ، والشّهيد الثّانى في الرّوضة قوىّ الثّانى.

ولا يرثه المتقرّب بالامّ من الإخوة وغيرهم على المشهور ، فيستوى الأخ من الأب ، والأخ من الأبوين على إشكال منشأه عموم النّصّ على أنّه إذا

__________________

(١) للمنعم ـ خ ل.

٣٢٥

اجتمع الأخ من الأب والأخ من الأبوين منعه الأخ من الأبوين ، وسقوط اعتبار نسب الامّ ، إذ لا يرث المتقرّب بها ، فالمقتضى في التّوريث التّقريب بالأب مشترك.

فإن لم يكن للمنعم قرابة فمولى المولى ، فإن عدم فقرابة مولى المولى ، فإن عدموا فمولى لمولى المولى ، ثمّ قرابته.

فعلى هذا فإن عدموا أجمع فضا من الجريرة ، فإن فقد فالإمام عليه‌السلام مع حضوره على الأشهر أو بيت المال.

التّاسع

المولى لا يرث المنعم ، وإن لم يخلّف وارثا على المشهور ، بل ادّعى عليه الشّيخ الإجماع ، ويدلّ عليه مع ذلك الأصل ، وإنّ الإرث لا بدّ من سبب شرعىّ مستند إليه ، وهو مفقود هنا ، وقوله عليه‌السلام إنّما الولاء لمن أعتق ، المفيد للحصر.

وخالف في ذلك ابن بابويه وابن الجنيد ، ولعلّ استنادهما إلى خبر : اللّحمة ، وقد عرفت ضعفه ، إنّما لو دار الولاء ، كما لو اشترى ولد مولى المعتقة أباه فاعتقه توارثا ، فإن مات الأب فميراثه لابنه ، وإن مات الابن ولا مناسب له ، فميراثه المعتق أبيه.

ولو مات العتيق ولا وارث له ، فميراثه للابن الّذي باشر عتقه ، فإن ماتا ولا مناسب لهما ، قال الشّيخ في المبسوط على رجوع الولاء إلى مولى الامّ لكونه كالنّسب ، وهو لا يزول بوجود أولى منه ، وبغير الانجرار لانقطاع الولاء يقتضى عدمه ، إذ لا وجه لعوده إليه ، وحديث اللّحمة مع ضعفه لا يدلّ على المساواة من كلّ وجه الفرق أيضا واضح إذ المنتقل عن مولى الامّ هو نفس الولاء المنتقل في النّسب إلى القريب حقّ الإرث لا نفس النّسب ، فإنّه باق على حاله ، وإن لم يرث به فإذا زال المانع عمل الأوّل مقتضاه ، فالقول

٣٢٦

بعدم عوده إلى مولى الامّ متّجه ، وعليه يكون الإرث للإمام عليه‌السلام.

العاشر

لو خلّف المولى بنت مولاه ومولى أبيه ، فالميراث للإمام عليه‌السلام إن منعنا البنت لأنّه ثبت عليه الولاء بالمباشرة ، فلا يثبت عليه بإعتاق الأب لعدم مباشرته.

الحادى عشر

لا يجتمع الميراث بالولاء والنّسب سواء اتّحد الوارث بهما أم تعدّد ، بل الإرث بالنّسب خاصّة ، فالأخ المعتق يرث بالإخوة لا بالولاء.

الثانى عشر

لو أعتق الرّجل وابنته عبدا فمات عنها ، وعن ابن ، ثمّ مات المولى فالولاء بين الابن والبنت نصفان إن قلنا بعدم ولاء البنات ، وإن قلنا به كان لهما الثّلثان ، لأنّ لها نصف بالعتق ومن النّصف الآخر سدس ، فإن مات الابن قبل المولى وخلّف بنتا ، ثمّ مات المولى ، فللمعتقة النّصف والباقى للإمام عليه‌السلام منعنا البنت وإلّا ورثت البنت الثّلث إن جعلنا موروثا وإلّا فلا.

الثّالث عشر

ولاء ولد المعتقة لمن أعتقه ، وإن أعتق حملا معهما ، أمّا لو حملت بعد العتق ، فالولاء لمولاها إذا كان الأب رقّا ، ولو كان حرّا في الأصل فلأولاد وإن كان معتقا ، فالولاء لمولاه ، ولو أعتق بعد الولادة انجرّ من مولى الامّ إلى مولاه لانجراره من الضّعيف إلى القوىّ ، لأنّ ثبوت الولاء لمولى الامّ كان لعدم الولاء على الأب ، فإذا وجد قدم وانجرّ إليه ، فإن فقد فلعصبة المولى ،

٣٢٧

فإن لم يكن عصبة فلمولى عصبة المولى ، ولا يرجع إلى مولى الامّ.

فإن عدم المولى وعصباتهم ، وكان هنا ضامن جريرة كان له ، وإلّا كان للإمام عليه‌السلام ، ويأتى هنا قول الشّيخ المذكور سابقا ، ولو كانت الامّ حرّة أصلية ، والأب معتق ففى ثبوت الولاء لمولى الأب من حيث أنّ الابن للأب وهو معتق ، وإلّا كما لو انعكس الفرض لتبعيّة أشرف الطّرفين وجهان ، ظاهر الأصحاب الثّانى.

فعلى هذا شرط الولاء أن لا يكون في أحد الطّرفين حرّ أصلىّ.

الرّابع عشر

لو تزوّج العبد بمتعة فأولدها فولاء الولد لمولاها ، فإن أعتق الجدّ ففى انجرار الولاء من مولاه الامّ إلى مولاه نظر لمنع كونه أبا حقيقة ، وبالانجرار قال الشّيخ رحمه‌الله : فلو أعتق الأب بعد ذلك انجرّ الولاء من مولى الجدّ إلى مولاه ، لأنّ الجدّ إنّما جرّه لكون الأب رقّا ، وهذا هو المسمّى عندهم بجر الجر ، وعلى العدم لو مات الأب رقّا ففى انجراره حينئذ إلى مولى الجدّ بالعتق السّابق على موت لأب وجهان ، نعم لأنّ المانع وجود الأب وهو رقّ ، فإذا زال زال المانع ، ولا لأنّه لمّا امتنع الحرّ عند العتق استقرّ الولاء لمولى الامّ.

الخامس عشر

لو تلاعن المعتقان لنفى الولد فمات ، ولا مناسب له كان ميراثه لمولى امّه لانتفائه عن مولى أبيه بسبب انتفائه عنه.

ولا فرق بين تقدّم عتق الامّ على عتق الأب أو تأخّره لاشتراكهما في المقتضى ، ولأنّه إن كان عتق الامّ متقدّما انجرّ إلى مولى الأب ظاهرا ، فلمّا

٣٢٨

انتفى عنه باللّعان ظهر فساد الانجرار ، وإن كان متأخّرا كان ثبوته لمولى الأب ابتداء مبنىّ على الظّاهر ، فإذا انتفى النّسب على الأب انحصر في مولى الامّ ، وفي كلا التّقديرين نظر ، أمّا الأوّل فلأنّ ولاء معتقها مشروط بكون الأب رقّا ، أو كافرا حين عتقها ، فلو كان حرّا أصليّا لم يكن لمولى الامّ ولاء وهو متّفق هنا ، لأنّ الأب غير معلوم ، والأصل فيه الحريّة ، فكيف يكون الولاء لمولى الامّ مع الشّكّ في الشّرط المقتضى للشّكّ في المشروط.

وأمّا الثّانى : فلأنّ الولاء لمعتق الأب ، فإذا انتفى عنه باللّعان فأىّ سبب يقتضى عوده إلى الامّ ، والولاء لا ينجرّ من القوىّ إلى الضّعيف ، فينبغى أن لا يكون لأحد عليه ولاء إذ لا شكّ في أنّ له أبا ، والأصل الحرّية ، ولو اعترف به الأب بعد ذلك لم يرث الأب ، ولا المنعم عليه ، لأنّ اعترافه به ، وإن أوجب عود النّسب ، إلّا أنّ الأب لا يرثه ولا من يتقرّب به لما مرّ.

السّادس عشر

لو اشترى أحد الابنين مع أبيه مملوكا فأعتقاه ، ثمّ مات الأب ، فمات المولى ، فللشّريك ثلاثة الأرباع ولأخيه الرّبع.

السّابع عشر

لو أوصى أبا لعتيق تبرّعا فالولاء له ، ولا يثبت الولاء بالالتقاط ، ولا بالإسلام على يده.

الثّامن عشر

لو سوّغنا عتق الحربى فأعتق مثله ثبت الولاء فإن جاء المولى مسلما فالولاء بحاله ، فإن اشترى السّيد وأعتق فعليه الولاء لمعتقه وله الولاء على

٣٢٩

معتقه ، وفي ثبوته لمولى السّيد على معتقه وجهان : نعم ، لأنّه مولى مولاه ، وعموم النّص على أنّ مولى المولى له ولاء ، ولا لأنّه لم يحصل منه إنعام عليه ، ولا سبب لذلك بخلاف معتق الرّقّ بالأصالة ، فإنّ معتق المعتق لولائه لم يصحّ عتق المعتق ، فإن كان الّذي أعتقه مولاه ، فكلّ مولى لصاحبه.

٣٣٠

القسم الثّانى

في ولاء ضامن الجريرة

قال الشّيخ الأعسم النّجفى رحمه‌الله :

قد يضمن الشّخص لشخص حدثه

ويقتضى ضمانه أن يرثه

إن كان خلوّا من قريب مطلقا

وفاقد الّذي ولاء اعتقا

فإن يجي‌ء كلّ بذا الضّمان

للآخر استوى به الاثنان

وعمّ ما بينهما الولاء وإن

يتّحد الضّمان خصّ من ضمن

ولم يجز ضمان غير السّائبة

مثل العتيق في الامور الواجبة

يفتقر الضّمان للعقد وقل

يلزم أو يجوز فيه أن يكل

قولان للأصل وللعموم

والأكثر القائل باللّزوم

ولا نزاع في اللّزوم لو عقل

عنه بل الخلاف فيه ما قبل

لا يتعدّى منه أن ينعدم

إلى قريب كولاء المنعم

أقول : الجريرة ، هى : الجناية والذّنب سمّيت بذلك لأنّها تجرّ العقوبة إلى الجانى ، ومنه الدّعاء :

٣٣١

يا من لم يؤاخذ بالجريرة ، ولم يهتك السّتر.

ومنه ضمان الجريرة ، وهو أن يضمن سائبة كالمعتق في الواجب ، أو حرّ الأصل بحيث لا يعلم له قريب وعقده كان يقول المضمون : عاقدتك على أن تنصرنى ، وتدفع عنّى ، وتعقل عنّى ، وأعقل عنك ، فيقول : قبلت.

فيكون ولاء له ، ويثبت الميراث إذا لم يكن للمضمون عنه مناسب ومعتق ، ولا يشترط ذلك في الضّامن ، ولا يرث المضمون إلّا أن يشترك الضّمان بينهما ، ولا يتعدّى الحكم الضّامن ، أى : لا يشترط في الضّامن عدم الوارث ، بل ولو كان له وارث ، ولو تجدّد للمضمون وارث بعد العقد ، ففى بطلانه أو مراعاته بموت المضمون كذلك وجهان ، أجودهما الأوّل ، لفقد شرط الصّحّة ، فيقدح طاريا كما يقدح ابتداء.

ثمّ انّ وجود الوارث الممنوع كالقاتل غير مانع ، كما يعلم ذلك كلّه في النّصوص ، وفتوى الأصحاب المستفاد من فتاويهم تصريحا وتلويحا ، واصولهم وقواعدهم ونصوصهم أنّ المعتق تبرّعا إذا مات مولاه ، وجميع عقبه ومن يرثه من جهة المولى تصير سائبة ، ويصحّ ضمانه كالمعتق في واجب ، فلا تعقل.

ولو اشترك بينهما ، قال أحدهما : عاقدتك على أن تنصرنى ، وتدفع عنّى ، وتعقل عنّى ، وترثنى ، فيقول : الآخر قبلت.

يعنى : الضّامن على أن تنصرنى وانصرك ، وتدفع عنّى وادفع عنك ، وتعقل عنّى ، وأعقل عنك ، وترثنى وأرث عنك.

وما أدّى هذا المعنى ، فيقول الآخر : قبلت ، وهو عقد لازم ، فيعتبر فيه ما يعتبر في العقود اللّازمة.

ولو كان للمضمون زوج أو زوجة فله نصيبه الأعلى ، والباقى للضّامن.

ثمّ انّ كلام الأصحاب مع إختلاف عباراتهم ، فمن بيان الصّيغة يدلّ

٣٣٢

على عدم تعيّنها بلفظ ، بل تقع بكلّ ما يشمل على إيجاب وقبول مفيد ضمان الجريرة ، والحدث كما هو المستفاد من الأخبار الّتي يستفاد منها الاكتفاء بمجرّد العقد ، ومجرّد ضمان الجريرة مع الرّضا به ، وأن يصرّح به لفظ الإيجاب لا القبول على تقدير اشتراط العقل ، فلا يبعد الاكتفاء بكلّ ما دلّ عليهما ، وإن لم يتقارنا ، ويكون على وفق العربية مع القدرة ما لم يقض الإجماع على خلاف ذلك ولزومه بمجرّد العقل ، ويكون جائز ، إلّا أن يعقل عنه قولان أظهرهما الأوّل الّذي يدلّ عليه الاصول والقواعد ، وآية : « أَوْفُوا بِالْعُقُودِ » ، وخبر المؤمنون عند شروطهم (١) ، والإجماع الظّاهر نقلا من مثل الحلّى ، وتفصيلا ، وإن قال بالثّانى جماعة ، وتبعهم الشّيخ في الخلاف استنادا إلى ما لا يصلح سندا في مقابلة ما مرّ.

__________________

(١) الإستبصار ( ص : ٢٣٢ ، ج : ٣ ) ، بحار الأنوار ( ص : ٩٦ ، ج : ٧٢ ).

٣٣٣

القسم الثّالث

في ولاء الإمامة

قال الأعسم رحمه‌الله :

وبعده الميراث للإمام

على الإمام أفضل السّلام

لأنّه وارث كلّ من خلا

عن وارث ذي نسب وذي ولاء

يتبع فيه رأيه لو حضرا

ومدّة الغيبة يعطى الفقراء

أقول : يثبت ولآئه عليه‌السلام مع فقد كلّ مناسب ومسابب حتّى الضّامن والزّوج والزّوجة ، بناء على الرّدّ عليهما ، فيردّ إليه عليه‌السلام مع حضوره من دون خلاف في ذلك ، إلّا عن ظاهر المفيد رحمه‌الله المستفاد من عبارت انتقال ولاء الضّمان بعد موت الضّامن إلى ورثته كولاء العتق ، ولا ريب أنّه بمكان من الضّعف والشّذوذ لمخالفته باصول المذهب وقواعده والنّصوص ومعاقد الإجماعات ، إذ المعلوم أنّ إرث الإمام عليه‌السلام مرتبة بعد فقد الضّامن فيضع عليه‌السلام به ما شاء على الأشهر ، وما كان يفعله أمير المؤمنين عليه‌السلام من قسمته في فقراء بلد الميّت وضعفاء جيرانه ، فهو تبرّع منع.

٣٣٤

ولو اجتمع معه أحد الزّوجين فله نصيبه الأعلى على قول ، والباقى للإمام عليه‌السلام ، وقيل : انّه لبيت المال.

وإن كان غائبا ، فالأحوط حفظه له ، والمشهور صرفه في المحاويج مطلقا أو من بلد الميّت.

والمروىّ صحيحا عن الصّادق عليه‌السلام والباقر عليه‌السلام : إنّ مال من لا وارث له من الأنفال (١).

فالقول بالإطلاق قوىّ ، كما اختاره جماعة منهم الشّهيد في الدّروس ، ولا شاهد إلّا ما روى من فعل علىّ عليه‌السلام ، وهو مع ضعف سنده لا يدلّ على ثبوته في نفسه ، ولا يجوز أن يدفع إلى سلطان الجور مع القدرة على منعه منه ، لأنّه غير مستحقّ له عندنا ، فلو دفعه إليه دافع اختيارا كان ضامنا ، ولو أمكنه دفعه عنه ببعضه وجب ، فإن لم يفعل ضمن ما كان يمكنه منعه منه ، ولو أخذه الظّالم قهرا فلا ضمان على من كان بيده ، كما لا ضمان عليه لو تلف من غير تفريط من دون خلاف في شي‌ء من ذلك ، ولو مات الإمام انتقل الميراث الّذي أخذه بحقّ الإمامة إلى الإمام الآخر ، لا إلى غيره من ورثته ، وفي الغنية الإجماع عليه ، وهو الموافق لأصول المذهب وقواعده.

__________________

(١) الإستبصار ( ص : ١٩٧ ، ج : ٤ ).

٣٣٥

الباب الثّالث

في اللّواحق وفيه مطالب

المطلب الأوّل وفيه فصول

الفصل الأوّل

إنّ الكافر إذا أسلم على يد مسلم ولم يكن له وارث حتّى ضامن الجريرة كان ولائه للمسلم فيرثه المسلم بالولاء لرواية ضعيفة ، وقد عمل عليها بعض الفقهاء ، وجعل الولاء أربعة أقسام.

قال الشّيخ محمّد على الأعسم النّجفى رحمه‌الله :

ومن يكن أسلم كافر على

يديه قيل إنّه له الولاء

إن لم يكن لذاك وارث أحد

لخبر ضعيف متن وسند

فأقحم هذا الولاء بين ولاء ضامن الجريرة ، وولاء الإمام عليه‌السلام ، لأنّ الإمام وارث من لا وارث له ، ولم يلتفت إليها أكثر العلماء لعدم استقامة متنها ، وضعف سندها ، ومخالفتها للنّصوص والقواعد والاصول.

٣٣٦

الفصل الثّانى

في بيان ولد الملاعنة

قال شيخنا الحرّ العاملى رحمه‌الله :

واعلم بأنّ ولد الملاعنة

نسبته إلى أبيه باينة

وليس إرث ما له لوالده

لكنّه لأمّه وولده

كذا لمن بامّه تقرّبا

من دون أن إلى أبيه انتسبا

فلا يرثه الّذين اقتربوا

بالأب إذ قد بان ذاك النّسب

وإن يكن أخ لأمّ وأب

معا فبالسّدس فقط هنا حبى

والوالد النافى إذا ما اعترفا

لم يرث ابنه الّذي له نفى

ويرث الابن الّذي هنا أقرّ

وفي أقارب أب الأب الخلف اشتهر

لذاك لا ترثه الأقارب

للأب بل هم هاهنا أجانب

قيل يجوز إرثهم وقيل لا

والقول بالمنع صحيحا جعلا

وقال شيخنا الأعسم رحمه‌الله :

توارث المنفى باللّعان

مع امّه ومن بها يدانى

٣٣٧

دون أبيه والّذي به انتسب

إلّا إذا أقرّ بعد بالنّسب

يرثه الابن بدون العكس

والحكم في قريبه ذو لبس

واعلم ؛ أنّ ولد الملاعنة الّذي زال عنه الفراش باللّعان فلا يرث منه أبوه حيث كان اللّعان لنفيه ، وترثه امّه لو انفردت ، وزوجته وولده ويرثهم ، فيكون المال لأمّه الثّلث بالتّسمية ، والباقى بالرّدّ على المشهور بين الأصحاب الدّالّ عليه كثير من الرّوايات.

وروى زرارة وأبو عبيدة في الصّحيحة عن الباقر عليه‌السلام في ابن الملاعنة ترث امّه الثّلث ، والباقى للإمام عليه‌السلام وفي الاولى جنايته عليه عليه‌السلام. (١)

وعمل بمضمونها الصّدوق رحمة الله عليه في حضور الإمام عليه‌السلام دون غيبته جمعا بين الأخبار ، لكن الرّوائد لا تقاوم ما دلّ من النّصوص المشتملة على الصّحيح ، والحسن على توريثها جميع مال ولدها عن زوجها الملاعن ، سيّما بعد عدم صراحته واعتضاده بعموم الكتاب والسّنّة والإجماع من المبسوط والخلاف.

وقال بعض الأفاضل : إنّ ما يستند إليه الصّدوق من الرّوايتين مخالف للإجماع ، وموافق للعامّة.

قلت : ولأجل ذلك يتعيّن الحمل على التّقيّة ، كما في التّهذيب ، لا على ما ذكره في الإستبصار من الحمل على ما إذا لم يكن عصبة يعقلون ديتها نظير ما قاله أبو على من أنّه إذا لم يكن لها عصبة كان لها ثلث ما خلّف ، والباقى لبيت مال المسلمين ، لأنّ جنايتها (٢) عليه.

__________________

(١) التّهذيب ( ص : ٣٤٣ ، ج : ٩ ) ، الإستبصار ( ص : ١٨٢ ، ج : ٤ ) ، وسائل الشّيعة ( ص : ٢٩٥ ، ج : ٢٦ ).

(٢) جنايته ، خ ل.

٣٣٨

فتدبّر فيما يعلم من ملاحظته أنّه لا يرث أباه ، ولا يرثه حيث يكون اللّعان لنفى الولد ، وإن كان إطلاق النّص ، وظاهر الأكثر عدم الفرق في ذلك بين أن يكون السّبب في اللّعان هو القذف أو نفى الولد المعلوم من النّصّ والفتوى أنّه لا توارث بين امّه وزوجها الّذي قد لا عنها ، ولو بسبب القذف الّذي قد يقوّى ثبوت التّوارث بين الولد وولده إذا كان اللّعان بسببه ضرورة إنّه لا إرث له في نفى الولد الحاضر قبل ذلك ، فيبقى كلّ ما دلّ من كتاب وسنّة وإجماع ، نحوه على التّواريث بين الولد وولده من دون معارض صريح في المقام المعلوم من فتوى الأصحاب فيه ، ونصوصهم وإجماعاتهم إنّ ولد الملاعنة كما ترثه امّه وولده وزوجته إنّه مع وجود مانع من الإرث لهم.

ومع عدمهم فلقرابة امّه الذّكر والانثى بالسّوية ، كما في إرث غيرهم من المتقرّب بها كالخئولة وأولادهم ، ويترتّبون في الإرث على حسب قربهم إلى المورّث فيرثه الأقرب إليه منهم ، فالأقرب كغيرهم ، ويرث هو أيضا قرابة امّه لو كان في مرتبة الوارث دون قرابة أبيه الّذي لو كذّب نفسه في لعانه إلّا أن يكذّبوا الأب في لعانه على قول فورثه الولد من غير عكس ، آخذا بإقراره أوّلا ، وآخرا مضافا إلى الإجماع المنقول على لسان جمع ، والمعتبرة المستفيضة.

منها قول الصّادق عليه‌السلام في صحيح الحلبى ، فإن ادّعاه أبوه لحق به ، وإن مات ورثه الابن ولم يرث الأب ، وفي آخر يردّ إليه ولده ولا يرثه (١).

وفي معتبرة ابن مسلم بعد أن قال له عليه‌السلام : إذا أقرّ به الأب هل يرث الأب؟ قال : نعم ؛ ولا يرث الأب [ من ] الابن إلى غير ذلك (٢).

__________________

(١) الكافى ( ص : ١٦٠ ، ج : ٧ ) ، التّهذيب ( ص : ٣٣٩ ، ج : ٩ ) ، وسائل الشّيعة ( ص : ٢٦٢ ، ج : ٢٦ ).

(٢) الكافى ( ص : ١٦٠ ، ج : ٧ ) ، التّهذيب ( ص : ٣٣٩ ، ج : ٩ ) ، وسائل الشّيعة ( ص : ٢٦٣ ، ج : ٢٦ ).

٣٣٩

وما في بعض النّصوص من عدم ردّه على أبيه مع الاعتراف به بعد اللّعان ، فمع قصور سنده ومقاومته من وجوه شتّى شاذّ محمول على عدم إرث الولد أقارب الامّ إلّا مع إقرار الأب بعد اللّعان على ضرب من الاستحباب أو التّقيّة الّتي قد لا يشترط في الحمل عليها ، والقائل من العامّة صونا له من التّصوّب يعرض الجدّ أو الموجب له تضافر الأخبار والإجماعات على خلافه الّذي قد يكون من مسلّمات المذهب ، وإن قال به الشّيخ في الإستبصار ، وهل يرث حينئذ أقارب الأب مطلقا ، أو مع اعترافه به أو عدمه مطلقا ، أقوال ، أشهرها كما في الرّوضة الأخير ، وأقربها إلى قواعد المذهب ونصوصه الأوّل ، وأوسطها الوسط آخذا عليهم بإقراراهم على أنفسهم ، فتدبرّ ؛

ثمّ اعلم أنّه لو خلّف أخوين ، أحدهما من الأبوين ، والآخر من الامّ تساويا ، وكذا لو كانا اختا أو أخا ، واختا أو أخا ، واختين أو ابن أخ للأبوين ، وابن أخ للأمّ ، وخلّف أخوين للأبوين مع جدّ وجدّة للأمّ ، أو أحدهما تساويا ، ولو أنكر الحمل فتلاعنا فولدت توأمين توارثا بالامومة دون الابوّة ، كذا قال الأصحاب : ويشكل بأنّ انتفاء الابوّة ظاهرا لا يقتضى انتفائها في نفس الأمر.

٣٤٠