إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض

الشيخ علي الغروي العلي ياري

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض

المؤلف:

الشيخ علي الغروي العلي ياري


الموضوع : الفقه
الناشر: بنياد فرهنگ إسلامي كوشانپور
المطبعة: المطبعة العلمية
الطبعة: ٢
ISBN: 964-6438-03-2
الصفحات: ٤٤٠

وثانيها : كلالتها مع التعدّد في قوله : « فَإِنْ كانُوا ـ أى : أولاد الامّ ـ أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ » (١).

والسّادس : نصف نصفه ، وهو السّدس ، نصّ عليه تعالى شأنه في ثلاثة مواضع :

أحدها : الأبوان مع الولد في قوله : « وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمّا تَرَكَ إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ » (٢).

وثانيها : الامّ مع عدم الولد إذا كان للميّت إخوة في قوله : « فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ ».

وثالثها : الواحد من أولادها في قوله في حقّ أولاد الامّ : « وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ » (٣).

ثمّ إنّ مخارج هذه السّهام خمسة مع كون الفروض ستّة ، كما قال الشّيخ الأعسم رحمه‌الله تعالى :

مخارج الفروض أدنى عدد

تخرج منه لا بكسر مفسد

فمخرج النّصف هو الاثنان

ومخرج الثمن من الثّمان

والرّبع من أربعة والسّدس

من ستّة والكلّ لا يلتبس

والثّلث والثّلثان من ثلاثة

لا غيرها عند ذوى شهامة

وأمّا أهل هذه السّهام ، فهؤلاء الّذين نظمه شيخنا الحرّ العاملىّ رحمه‌الله :

__________________

(١) سورة النّساء ، الآية ١٢.

(٢) سورة النّساء ، الآية ١١.

(٣) سورة النّساء ، الآية ١٢.

١٢١

للزّوج لا مع ولد والبنت

نصف لكلّ منهما والاخت

للأبوين أو أب أمّا إذا

كانت لأمّ فهي ليست هكذا

والرّبع سهم اثنين زوج مع ولد

وزوجة لا معه فليعتمد

هذا وحكم زوجة إن يكن

ابن له تخصيصها بالثّمن

والثّلثان حصّة البنتين

فصاعدا كذلك للأختين

للأبوين أو أب والإرث

للأمّ لا مع حاجبيها الثّلث

وإن يكن إخوة أولاد

فما لها من سدسها ازدياد

والثّلث للإثنين من بينها

فصاعدا أيضا فكن ينسيها

والأبوان لهما السّدسان

مع البنات أو مع الولدان

والسّدس للأمّ مع الحاجب أو

بواحد من ولدها كما رووا

هذا الّذي ذكرنا مختار الطّائفة المحقّة الإماميّة.

وأمّا أهل السّهام ، فعلى قول العامّة من الرّجال عشرة ، ومن النّساء سبعة ، كما نظم إليه البعض من علمائهم :

والوارثون من الرّجال عشرة

أسماؤهم معروفة مشتهرة

الابن وابن الابن مهما نزلا

والأب والجدّ له وإن علا

والأخ من أىّ الجهات كانا

قد أنزل الله به القرآنا

وابن الأخ المدلى إليه بالأب

فاسمع مقالى ليس بالمكذّب

والعمّ وابن العمّ من أبيه

فاشكر لذى الإيجاز والتّنبيه

والزّوج والمعتق ذوى الولاء

فجملة الذّكور هؤلاء

والوارثات من النّساء سبع

لم يعط انثى غيرهنّ الشّرع

١٢٢

بنت وبنت ابن وأمّ مشفقه

وزوجة وجدّه ومعتقه

والاخت من أىّ الجهات كانت

فهذه عدّتهنّ بانت

فالفرض في نصّ الكتاب ستّة

لا فرض في الإرث سواها البتّة

نصف وربع ثمّ نصف الرّبع

والثّلث والسّدس بنصّ الشّرع

والثّلثان وهما التّمام

فاحفظ لكلّ حافظ مقام

فالنّصف فرض خمسة أفراد

الزّوج والانثى من الأولاد

وبنت الابن عند فقد البنت

والاخت في مذهب كلّ مفت

وبعدها الاخت الّتي من الأب

عند انفرادهنّ من معقّب

والرّبع فرض الزّوج إن كان معه

من ولد الزّوجة من قد منعه

وهو لكلّ زوجة أو أكثرا

مع عدم الأولاد فيما قدّرا

وذكر أولاد البنين يعتمد

حيث اعتمدنا القول في ذكر الولد

والثّمن للزّوجة والزّوجات

مع البنين أو مع البنات

أو مع أولاد البنين فاعلم

ولا تظنّ الجمع شرطا فافهم

والثّلثان للبنات جمعا

ما زاد عن واحدة فسمعا

وهو كذاك لبنات الابن

فافهم مقالى فهم صافى الذّهن

وهو الاختين فما يزيد

قضى به الأحرار والعبيد

هذا إذا كنّ لأمّ وأب

أو لأب فاحكم بهذا تصب

والثّلث فرض الامّ حيث لا ولد

ولا من الإخوة جمع ذو عدد

كاثنين وثنتين أو ثلاث

حكم الذّكور فيه كالإناث

ولا ابن ابن معها أو بنته

ففرضها ثلث كما نبيّنه

وإن يكن زوج وأمّ وأب

فثلث الباقى لها مرتّب

١٢٣

وهكذا مع زوجة فصاعدا

فلا تكن عن العلوم قاعدا

وهو لاثنين أو اثنتين

من ولد الامّ بغير مين

وهكذا إن كثروا أو زادوا

فما لهم فيما سواه زاد

ويستوى الإناث والذّكور

فيه كما أوضحه المشهور

والسّدس سبعة من العدد

أب وأمّ ثمّ بنت ابن وجد

والاخت بنت الأب ثمّ الجدّة

وولد الامّ تمام العدّة

فالأب يستحقّه مع الولد

وهكذا الامّ بتنزيل الصّمد

ما زال يقفو أثره ويحتذى

وهكذا مع ولد الابن الّذي

وهو لها أيضا مع الاثنين

من إخوة الميّت فقس هذين

والجدّ مثل الأب عند فقده

في حوز (١) ما يصيبه ومدّه (٢)

إلّا إذا كان هناك أخوه

لكونهم في القرب وهو اسوه

أو أبوان معهما زوج ورث

فالامّ للثّلث مع الجدّ ترث

وهكذا ليس شبيها بالأب

في زوجة الميّت وأمّ وأب

وحكمه وحكمهم سيأتي

مكمّل البيان في الخالات

وبنت الابن تأخذ السّدس إذا

كانت مع البنت مثالا يحتذى (٣)

وهكذا الاخت مع الاخت الّتي

بالأبوين يا أخي أدلّت

والسّدس فرض جدّة في النّسب

واحدة كانت لأمّ وأب

وولد الامّ ينال السّدسا

والشّرط في إفراده لا ينسى

__________________

(١) من الحيازة وهو الجمع

(٢) والمدّ هنا بمعنى : الطّول ، والسّعة ، من قوله : مدّ الله رزقه ، أى : وسعه ، ومدّ الله عمره أى أمهله وطوّله.

(٣) بصيغة المجهول.

١٢٤

إن تساوى نسب الجدّات

وكنّ كلهنّ وارثات

فالسّدس بينهنّ بالسّويّة

في القسمة العادلة الشّرعيّة

وإن تكن قربى لأمّ حجبت

أمّ أب بعدى وسدسا سلبت (١)

وإن تكن بالعكس فالقولان

وفي كتب أهل العلم منصوصان

لا تسقط البعدى على الصّحيح

واتّفق الجلّ على التّصحيح

وكلّ من أدلّت وارث

فما لها حظّ من الموارث

وتسقط البعدى بذات القربى

في مذهب الأولى (٢) فقل لى حسبى (٣)

وقد تناهت قسمة الفروض

من غير إشكال ولا غموض

وأمّا بناء على مذهب الشّيعة كما مرّ ، فأهل هذه السّهام فخمسة عشر.

فالنّصف : لأربع ، للزّوج مع عدم الولد للزّوجة ، وإن نزل ، سواء كان من غيره ، أو معه ، والبنت الواحدة والاخت للأبوين ، والاخت للأب مع فقد اخت الأبوين ، إذا لم يكن ذكر في الموضعين ، وإلّا فللذّكر مثل حظّ الأنثيين.

والرّبع : لاثنين ، للزّوج مع الولد للزّوجة ، وإن نزل وكان من غيره ، والزّوجة وإن تعدّدت مع عدمه للزّوج ، وإن كان لها ولد من غيره.

والثّمن : لقبيل واحد ، وهو : الزّوجة وإن تعدّدت مع الولد للزّوج ، وإن نزل وكان من غيره.

والثّلثان لثلاثة : البنتين فصاعدا ، والاختين للأبوين فصاعدا ، والاختين للأب مع فقد المتقرّب بالأبوين فصاعدا ، كذلك إن لم يكن ذكر في الموضعين.

__________________

(١) أى : أخذت.

(٢) أى : يكفينى.

(٣) أى : في مذهب الأرجح والأصح.

١٢٥

والثّلث : لقبيلتين ، الامّ مع عدم من يحجبها من الولد والإخوة ، وللأخوين أو لاثنين فصاعدا من ولد الامّ ذكورا أم إناثا ، أم بالتّفريق.

والسّدس : لثلاث ، للأب مع الولد ، وإن نزل ذكرا كان أو انثى ، وإن حصل له مع ذلك زيادة بالرّدّ ، فإنّها بالقرابة لا بالفرض.

وللأمّ مع الولد ، وإن نزل الولد أيضا ، وكذا مع الحاجب من الإخوة ، وللواحد من كلالة الامّ ، يعنى : أولادها.

هذا ما ذكره الأصحاب في حكم السّهام المقدّرة منفردة ، ويدلّ عليه السّنّة ، والكتاب ، والإجماع بقسميه ، ولو بمعونة الوسائط ، الّتي منها : إجماع المفسّرين ، المنعقد على كون المراد بالاخت المفروض لها النّصف ، خصوص ما لو كانت لأب وأمّ ، أو لأب ، وإن شذّ الحسن الّذي زعم أنّ النّصف سهم البنت ، وسهم الاخت بحال الاجتماع دون الانفراد الّذي قد زعم أنّ كلّا منهما معه يحوز المال كلّه ، كالولد الذّكر.

وتوهّم الصّدوق اختصاص الولد الحاجب بالصّلبى.

وقال غير واحد تصريحا ، وتلويحا حجب الولد وإن كان غير وارث : كالمملوك ، والكافر.

وخالف ابن عبّاس الّذي غلط بزعمه أنّ سهم البنتين : النّصف ، أو نصفا ، أو قيراطا.

وأمّا حكمها منضمّة بعضها إلى بعض ، فأكثرها ممتنع ضرورة ، إنّ ما فوق الثّنائى كلّه ممتنع سوى نادر للعول الباطل عندنا.

وأمّا صور اجتماعها الثّنائى ممكنا ، أو ممتنعا الّذي لم يتعرّض لغيره الأصحاب الّذين قد اعتذر بعضهم لعدم تعرّضهم له بلزوم العول الّذي لا يلزم في بعض صورة الواقعة جزما ، فستّ وثلاثون حاصلة من ضرب السّتّة في

١٢٦

مثلها ، يسقط خمسة عشر ، للتّكرار الحاصل فيما عدا الأوّل في الثّانى في صورة واحدة لدخوله في أقسام الأوّل ، وفي الثّالث في صورتين ، لدخوله في أقسامهما ، وفي الرّابع في ثلاثة ، وفي الخامس في أربعة ، وفي السّادس في خمسة ، ويمتنع منها ثمان لعدم الإمكان واحدة من صور اجتماع النّصف مع غيره ، وهى اجتماعه مع الثّلاثين ، لاستلزام العول الباطل عندنا ، وإن كان أصله واقع ، كالزّوج مع اختين فصاعدا لأب ، لكن يدخل النّقص عليهما ، فلم يتحقّق الاجتماع مطلقا.

واثنتان من صور اجتماع الرّبع مع غيره ، وهما اجتماعه مع مثله ، لأنّه سهم الزّوج مع الولد والزّوجة ، لا معه ، فلا يجتمعان.

واجتماعه مع الثّمن المعلوم مع غيره ، وهما هو مع مثله ، لأنّه نصيب الزّوجة مع الولد ، وإن تعدّدت خاصّة ، وهو مع الثّلث ، لأنّه نصيب الزّوجة مع الولد ، والثّلث نصيب الامّ ، لا معه ، أو الاثنين من أولادها معهما.

وواحدة من صور الثّلاثين ، وهى : هما مع مثلهما ، لعدم اجتماع مستحقّهما متعدّدا في مرتبة واحدة مع بطلان العول.

واثنتان من صور الثّلث ، وهما اجتماعه مع مثله ، وإن فرض في البنتين والاختين ، حيث إنّ لكلّ واحدة ثلثا ، إلّا أنّ السّهم هنا هو جملة الثّلاثين ، لا بعضهما ، وهو مع السّدس ، لأنّه نصيب الامّ مع عدم الحاجب ، والسّدس نصيبها معه ، أو مع الولد.

ويبقى من الصّور : ثلاثة عشر ، فرضها واقع صحيح ، لا ما ذكره في التّنقيح من كون الباقى صحيحا خمس عشرة ، زعما منه أنّ السّاقط للتّكرار أربع عشرة ، وللامتناع سبع ، ثمّ صوّر جدولا يخالف ما ذكره الأصحاب المعلوم من مذهبهم ، إنّه لم يبق إلّا الصّور الّتي أشار الشّهيد إلى تسع منها ،

١٢٧

بقوله :

ويجتمع النّصف مع مثله ، كزوج واخت لأب ، ومع الرّبع كزوجة واخت كذلك ، وكزوج وبنت ، ومع الثّمن كزوجة وبنت.

وقد تقدّم أنّه لا يجتمع مع الثّلاثين لاستلزامه العول المعلوم من المذهب بطلانه.

ويجتمع مع الثّلث كزوج وأمّ ، وككلالة الامّ المتعدّدة مع اخت لأب ، ومع السّدس ، كزوج وواحد من كلالة الامّ ، وكبنت مع أمّ ، وكأخت الأب مع واحد من كلالة الامّ.

ويجتمع كلّ من الرّبع والثّمن مع الثّلاثين.

فالأوّل : كزوج وابنتين ، وكزوجة واختين لأب.

والثّانى : كزوجة وابنتين.

ويجتمع الرّبع مع الثّلث كزوجة وأمّ ، وزوجة مع متعدّد من كلالة الامّ ، ومع السّدس ، كزوجة وواحد من كلالة الامّ ، وكزوج واحد الأبوين مع ابن.

ويجتمع الثّمن مع السّدس ، كزوجة وابن وأحد الأبوين.

ويجتمع الثّلثان مع الثّلث ، كإخوة لأمّ مع اختين فصاعدا لأب ، ومع

١٢٨

السّدس كبنتين وأحد الأبوين ، وكأختين لأب مع وأحد من كلالة الامّ.

ويجتمع السّدس مع السّدس ، كأبوين مع الولد.

فهذه جملة الصّور الّتي يمكن اجتماعها بالفرض ثنائيّا وهى ثلاثة عشر.

وأمّا صور الاجتماع لا بحسب الفرض ، بل بالقرابة اتّفاقا ، فلا حصر له لاختلافه بإختلاف الوارث كثرة وقلّة ، ويمكن معه فرض ما امتنع لغير العول.

فيجتمع الرّبع مع مثله في بنتين ، وابن ، ومع الثّمن في زوجة وبنت وثلاث بنين ، والثّلث مع السّدس في زوج وأبوين.

وعلى هذا : إذا خلّف الميّت ذا فرض أخذ فرضه ، فإن تعدّد في طبقة أخذ كلّ فرضه ، فإن فضل من التّركة شي‌ء عن فروضهم ردّ عليهم ، على نسبة الفروض مع تساويهم في الوصلة ، عدا الزّوج والزّوجة ، والمحجوب عن الزّيادة.

١٢٩

العول :

ولا ميراث عندنا للعول على تقدير نقصان الفريضة ، أى : المال عن السّهام بدخول أحد الزّوجين ، أو زيادة عن المال.

فذهب جمهور العامّة إلى القول بالعول ، بأن تجمع السّهام كلّها ، ويلحق الزّيادة بها ، وتقسم الفريضة عليها ، ليدخل النّقص على كلّ واحد بحسب فرضه ، كالدّيون إذا ضاق المال عن مقابلتها.

قال شيخنا الشّيخ محمّد على المشتهر بالأعسم النّجفى رحمه‌الله :

والعول في قسمة إرث الميّت

يبطل باتّفاق أهل البيت

لم يفترض سبحانه في المال

ما لم يسعه ذا من المحال

لكن يكون النّقص للبنتين

والبنت أو للأخت والاختين

وكلّ ذي فرضين كلّما يصدّ

عن واحد فهو إلى الثّانى يردّ

لا يدخل النّقص عليه الحصص

أو زادت السّهام والمال نقص

نصّ على ذاك أئمّة الهدى

وضلّ عنه غيرهم وما اهتدى

وكذا للعصبة على تقدير زيادة الفريضة عن السّهام ، إلّا مع عدم القريب منهم ، لعموم آية : « اولوا الأرحام » ، والسّنّة ، والإجماع الّذي

١٣٠

لا ريب بتواتر منقولة ، كالنّصوص ، لضرورة المذهب.

ولا خلاف إلّا من العامّة ، فإنّهم ذهبوا إليهما ، وبنوا قواعد مذهبهم عليهما.

أمّا الأوّل : لغة ، بمعنى الجور ، والميل ، والغلبة ، يقال : في عال الحكم ، أى : جار ، ومال ، وعال الشّي‌ء ، أى غلبه ، وعال الميزان : نقص ، وجار ، أو زاد ، أو ارتفع أحد طرفيه عن الآخر ، أو مال.

وهذا عن اللّحيانى قال : إنّا تبعنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، واطّرحوا قول الرّسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وعالوا في الموازين.

ومنه قول عثمان : كتب إلى أهل الكوفة : لست بميزان لا أعول ، يعنى : لا أميل عن الاستواء والاعتدال.

وبه فسّر أكثرهم قوله تعالى : « ذلك أدنى أن لا تعولوا » (١).

ومنهم مجاهد قال : أى : ذلك أقرب أن لا تميلوا ، ولا تجور.

وقال الفرّاء : ومنه قراءة ابن مسعود ، ولا يعل أن يأتينى بهم جميعا ، معناه لا يشقّ عليه ذلك ، ويقال : لا يعلنى ، أى : لا يغلبنى.

وقالت الخنانى :

وتكفنى العشيرة ما عالها

وإن كان أصغرهم مولدا

وعالت الفريضة في الحساب ، تعول عولا زادت.

وقال اللّحيانى : ارتفعت.

زاد الجوهرى : وهو أن تزيد سهاما ، فيدخل النّقصان على الفرائض.

قال أبو عبيدة : أظنّه مأخوذا من الميل ، وذلك أنّ الفريضة إذا عالت ،

__________________

(١) سورة النّساء ، الآية ٤.

١٣١

فهي تميل على أهل الفريضة جميعا ، فتنقصهم.

وروى الأزهرى عن المفضل أنّه أتى في ابنتين وأبوين وامرأة ، فقال : صار ثمنها تسعا.

قال أبو عبيدة : أراد أنّ السّهام عالت حتّى صار للمرأة التّسع ، ولها في الأصل الثّمن ، وذلك أنّ الفريضة لو لم تعل كانت من أربعة وعشرين فلمّا عالت صارت من سبعة وعشرين سهما ، فلابنتين الثّلثان ستّة عشر سهما ، وللأبوين السّدسان ثمانية أسهم ، وللمرأة ثلاثة ، وهذه ثلاثة من سبعة وعشرين وهو التّسع ، وكان لها قبل العول ، ثلاثة من أربعة وعشرين ، وهو الثّمن ، انتهى ما في تاج العروس.

ومن ذلك ما قيل للحميراء :

تجمّلت تبغّلت ولو عشت تفيّلت

لك التّسع من الثّمن فبالكلّ تصرّفت

فالجمهور على ما في الرّوضة جعلوا النّقص موزّعا على جميع الورثة بإلحاق السّهم الزّائد للفريضة ، وقسمتها على الجميع ، سمّى هذا القسم عولا.

أمّا من الميل ، ومنه قوله تعالى : « ذلك أدنى ألّا تعولوا » (١).

وسمّيت الفريضة : عائلة ، على بمعنى الضّرر أهلها لميلها بالجور عليهم بنقصان سهامهم ، أو من عال الرّجل إذا كثر عياله ، لكثرة السّهام فيها ، أو من عال إذا غلب لغلبة أهل السّهام بالنّقص ، أو من عالت النّاقة ذنبها إذا رفعته لارتفاع الفرائض أهلها بزيادة السّهام.

وعلى ما ذكرناه إجماع أهل البيت سلام الله عليهم وأخبارهم به متظافرة.

__________________

(١) سورة النّساء ، الآية ٤.

١٣٢

بل على تقدير الزّيادة يدخل النّقص عندنا على الأب ، والبنت ، والبنات ، والأخوات للأب والامّ ، أو للأب.

فلو خلفت زوجا وأبوين ، كان للزّوج النّصف ثلاثة من ستّة ، ولأمّها الثّلث اثنان منها ، والباقى ، وهو الواحد للأب الّذي قد دخل النّقص عليه بناء على ما قيل من كون المناسب له اثنان ، كالأمّ.

ولو خلفت زوجا ، وأبوين وبنتا ، فللزّوج الرّبع كملا ، وللأبوين السّدسان كذلك ، والباقى للبنت ، وكذا لو كان بنتين فصاعدا مع الأبوين ، أو أحدهما ، والزّوج الّذي لم ينقص من ربعه ، ولا من سدس كلّ من الأبوين ، وكزوجة وأبوين وبنتين اللّتين يكون الباقى لهما بعد ثمن الزّوجة ، وسدسى الأبوين.

وكزوج مع أخوين من الامّ ، واختين لأب ، أو اخت منه ، فإنّ للزّوج نصفه ، وللأخوين عن الامّ ثلثهما ، والباقى لمن بقى.

وكزوجة مع اخت لأب ، أو اختين له فصاعدا مع أخوين من قبل الامّ ، فإنّ للزّوجة ربعها ، وللأخوين من الامّ ثلثهما ، والباقى لمن بقى ، كما يعلم ذلك من الإجماع الّذي لا ريب بتواتر منقولة.

كالنّصوص الّتي منها قول أبى جعفر عليه‌السلام في الصّحيح في زوج ، وأبوين وابنة ، للزّوج الرّبع ثلاثة [ أسهم ] من اثنى عشر [ سهما ] ، وللأبوين السّدسان أربعة [ أسهم ] من اثنى عشر [ سهما ] ، وبقى خمسة أسهم ، فهي للابنة ، لأنّها لو كانت ذكرا لم يكن لها غير ما بقى خمسة من اثنى عشر سهما. (١)

__________________

(١) الكافى ( ص : ٩٦ ، ج : ٧ ) ، الوسائل ( ص : ١٣١ ، ج : ٢٦ ) ، التّهذيب ( ص : ٢٨٨ ، ج : ٩ ) ، الفقيه ( ص : ١٩٣ ، ج : ٤ ).

١٣٣

وفي الآخر الّذي قال فيه زرارة : هذا ما ليس فيه خلاف عند أصحابنا عن أبى عبد الله عليه‌السلام وعن أبى جعفر عليه‌السلام إنّهما سئلا عن امرأة تركت زوجها وامّها وابنتيها ، قال عليه‌السلام : للزّوج الرّبع ، وللأمّ السّدس ، وللابنتين ما بقى ، لأنّهما لو كانا ابنين لم يكن لهما شي‌ء إلّا ما بقى ، ولا تزاد المرأة [ أبدا ] على نصيب الرّجل لو كان مكانها. (١)

الحديث الّذي يوجد قريبا منه في غير واحد من النّصوص.

وفي الخبر الّذي قد حكم بصحّته ، وموافقته للكتاب ، الفضل بن شاذان عن علىّ عليه‌السلام : لا يزاد الزّوج على النّصف ، ولا ينقص من الرّبع ، ولا تزاد المرأة على الرّبع ، ولا تنقص من الثّمن ، وإن كنّ أربعا ، أو دون ذلك فهنّ فيه سواء ، ولا يزاد الإخوة من الامّ على الثّلث ، ولا ينقصون من السّدس ، وهم فيه سواء الذّكر والانثى ، ولا يحجبهم عن الثّلث إلّا الولد والوالد. (٢)

وفي المستفيضة : انّ الّذي أحصى رمل عالج ليعلم إنّ السّهام لا تعول على ستّة ، ولو يبصرون وجهها لم يجز ستّة. (٣)

وفي كلام زرارة الإجماع على رواية ذلك عن الصّادقين سلام الله عليهما حيث قال بعد أن قال له على بن سعيد أنّ بكير بن أعين حدّثه عن أبى جعفر عليه‌السلام : السّهام لا تعول هذا ما ليس فيه اختلاف بين أصحابنا عن أبى جعفر عليه‌السلام وأبى عبد الله عليه‌السلام.

بل وعليه إجماع المسلمين من لدن مبدئه إلى زمان الثّانى الّذي قد

__________________

(١) الكافى ( ص : ٩٧ ، ج : ٧ ) ، الوسائل ( ص : ١٣٢ ، ج : ٢٦ ) ، التّهذيب ( ص : ٢٨٨ ، ج : ٩ ).

(٢) الفقيه ( ص : ٢٥٨ ، ج : ٤ ).

(٣) الفقيه ( ص : ٢٥٤ ، ج : ٤ ).

١٣٤

صدر في عصره موت رجل ترك ابنته وأبويه وزوجته ، فعال الفريضة لجهله ، وأنكر عليه علىّ عليه‌السلام وسائر الصّحابة ، عدا ابن مسعود الّذي لا نصيب له في الفقه الّذي قد اعترف العجلى أنّ كلّ أحد أفقه منه فيه حتّى المخدّرات.

وسأله بعض السّواد عن أخ له من أبيه وامّه قد مات ، وله أخ آخر من امّه ، فقال : الإرث لمن قد كان أخا له من امّه ، فأنكر عليه ذلك ، وقال له : هب ؛ إنّ أبانا كان حمارا ، فسمّيت المسألة بالحماريّة ، كما لا زال السّواد ينكرون عليه في أمثال ذلك فضلا عن الصّحابة الّذين قد تكون دعوى الإجماع.

منهم : صريحة من مثل عبيدة السّلمانى ، وزفر بن اوس ، والزّهرى ، وأضرابهم من علماء الجمهور على إنكارهم عليه في المقام الّذي يكفى فيه إنكار العقل الّذي يستحيل عنده التّناقض ، والإغراء بالجهل ، وأن يفرض الله في مال لا يفى به السّهام ، فضلا عن إنكار على عليه‌السلام وأولاده المعصومون سلام الله عليهم ، وأتباعه الّذين منهم : ابن عبّاس المروىّ عنه في المعتبرة من شاء باهلته عند الحجر الأسود ، إنّ الله لم يذكر في كتابه نصفين وثلثا.

وأيضا قال : سبحان الله العظيم : أترون أنّ الّذي أحصى رمل عالج عددا جعل في مال نصفا ونصفا وثلثا ، فهذان النّصفان قد ذهبا بالمال ، فأين موضع الثّلث؟

فقال له زفر بن اوس البصرى : يا ابن عبّاس ؛ فمن أوّل من أعال الفرائض؟!

قال عمر : لمّا التفّت الفرائض عنده ، ودافع بعضها بعضا؟.

قال : والله ما أدرى أيّكم قدّم الله ، وأيّكم أخّر الله ، وما أجد شيئا هو أوسع من أن أقسم عليكم هذا المال بالحصص ، فأدخل على كلّ ذي حقّ ما دخل عليه من عول الفريضة.

قال ابن عبّاس : وأيم الله ؛ لو قدّمتم من قدّم الله ، وأخّرتم من أخّر

١٣٥

الله ، ما عالت الفريضة.

فقال له زفر بن اوس : وأيّهما قدّم ، وأيّهما أخّر؟

فقال ابن عبّاس : كلّ فريضة لم يهبطها الله عزوجل عن فريضة ، إلّا إلى فريضة (١) ، فهذا ما قدّم الله.

وأمّا ما أخّر (٢) ، فكلّ فريضة إذا زالت عن فرضها لم يكن لها إلّا ما بقى ، فتلك الّتي أخّر الله.

فأمّا من قدّم الله (٣) ، فالزّوج له النّصف ، فإذا دخل عليه ما يزيله عنه رجع إلى الرّبع ، ولا يزيله عنه شي‌ء ، والزّوجة لها الرّبع ، فإذا (٤) زالت عنه صارت إلى الثّمن لا يزيلها عنه شي‌ء ، والامّ لها الثّلث ، فإذا (٥) زالت عنه صارت إلى السّدس لا يزيلها عنه شي‌ء ، فهذه الفرائض الّتي قدّم الله عزوجل.

وأمّا الّتي أخّر (٦) ففريضة البنات والأخوات لها النّصف إن كانت واحدة ، وإن كانت اثنتين ، أو أكثر ، فالثّلثان ، فإذا أزالتهنّ الفرائض عن ذلك لم يكن لهنّ إلّا ما بقى ، فتلك الّتي أخّر الله ، فإذا اجتمع ما قدّم الله ، وما أخّر ، بدئ بما قدّم الله ، فأعطى حقّه كملا ، فإن بقى شي‌ء كان لمن أخّر الله ، فإن لم يبق شي‌ء ، فلا شي‌ء له (٧)

الحديث المعلوم أخذه من أمير المؤمنين عليه‌السلام الّذي قد كان ابن عبّاس

__________________

(١) هذا : لا يجرى في كلالة الامّ ، كما لا يخفى ـ المرآة.

(٢) في الفقيه : ما أخّر الله.

(٣) في الفقيه : فأمّا الّتي قدّم الله.

(٤) في الفقيه : فإن.

(٥) في الفقيه : فإن.

(٦) في الفقيه : وأمّا الّتي أخّر الله.

(٧) الفقيه ( ص : ٢٥٦ ، ج : ٤ ).

١٣٦

من بعض تلامذته ، وإنّما ذكرناه مع طوله ، لاشتماله على امور مهمّة ، منها :

بيان علّة حدوث النّقص على من ذكر المستفاد من العقل والنّقل ، إنّ علّة دخول النّقص عليهم دون غيرهم ممّن له فرضان.

ذلك الّذي قد يكون صريحا من كثير من نصوص المقام المكذوب فيه على علىّ عليه‌السلام بموافقته للعجل قد عبّده أهل الخلاف الّذين لا مستند لهم من عقل ، ولا نقل ، سوى مقاله المدخول في حسبه ونسبه ، ولزوم خلافه التّرجيح من دون مرجّح ، وقياسه على الوصيّة والدّين.

وما يروى عن علىّ عليه‌السلام إنّه قد سئل ، وهو على المنبر عن بنتين وأبوين وزوجة ، فقال عليه‌السلام : صار ثمنها تسعا ، ولذا سمّوا : خزلهم الله ، هذا الحديث الجعلىّ منبريّة.

ومن المعلوم أنّه مع ضعفه ذاتا ومقاومة من وجوه ظاهر في التّقيّة مع احتماله الإنكار على مذهب العجل الّذي قد ظهر إنكار علىّ عليه‌السلام وأهل بيته ، وسائر الصّحابة عليه ظهور الشّمس في رابعة النّهار ، كظهور المرجّح ، ومنع القياس الّذي لا ريب إنّه مع الفارق في المقام المعلوم من أدلّة أمثاله إنّه لا يكون العول الّذي لا ريب إنّه زيادة في السّهام على الفريضة على وجه يحصل النّقص على الجميع بالنّسبة.

وإنّه مأخوذ من العول بمعنى الميل ، أو الكثرة ، أو الغلبة ، أو من عالت النّاقة ذنبها إذا رفعته إلّا بدخول الزّوج أو الزّوجة معهم.

وإنّ الوارث مطلقا ، إمّا أن يرث بالفرض خاصّة ، وهم من سمّى الله تعالى له سهما بخصوصه ، وهو الامّ والإخوة من قبلها ، أو الزّوج والزّوجة ، حيث لا ردّ.

وبالقرابة خاصّة ، وهو من دخل في الإرث بعموم الآية : « اولوا

١٣٧

الأرحام » ، كالأخوال والأعمام.

أو يرث بالفرض تارة ، وبالقرابة اخرى ، وهو : الأب ، والبنت وإن تعدّدت ، والاخت للأب كذلك ، فالأب مع الولد يرث بالفرض ، ومع غيره ، أو منفردا بالقرابة ، والبنات يرثن مع الولد بالقرابة ، ومع الأبوين بالفرض ، والأخوات يرثن مع الإخوة بالقرابة ، ومع كلالة الامّ بالفرض ، أو يرث بالفرض والقرابة معا ، وهو ذو الفرض على تقدير الرّدّ عليه.

وحينئذ فذكر الأب مع من يدخل النّقص عليهم من ذوى الفروض ليس في محلّه ضرورة إنّه مع الولد لا ينقص عن السّدس ، ومع عدمه ليس من ذوى الفروض المعلوم إنّ مسئلة العول مختصّة بهم ، ولذا تركه الشّهيد في الدّروس ، وقبله الفاضل في القواعد ، وذكره في غيرها ، والمحقّق في كتابيه ، والوجه تركه ، فلا تغفل ؛

وبالجملة : يستحيل أن يجعل الله سبحانه لمال نصفين وثلثا ، أو ثلثين ونصفا ، ونحو ذلك ممّا لا يفى به المال ، وإلّا لكان العياذ بالله جاهلا ، أو عابثا ، تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.

ثمّ إنّ العامّة استدلّوا على ثبوت العول بالمعقول والمنقول.

أمّا المعقول فمن وجوه أقواها أنّ النّقص لا بدّ من دخوله على الورثة على تقدير زيادة السّهام ، أمّا عند العائل فعلى الجميع ، وأمّا عند غيره فعلى البعض ، لكنّ النّقص على بعضهم دون بعض ترجيح بلا مرجّح ، فكان إدخاله على الجميع أعدل.

والجواب عنه : يمنع عدم ترجيح جانب النّقص المدّعى اختصاصه بالبعض ، فإنّ المرجّح الإجماع على نقصه وورود حديث عليه عن أهل العصمة سلام الله عليهم ، ووقوع الخلاف على نقص من عداه ، فيكون المجمع عليه

١٣٨

أولى به ، ولأنّ النّقص على خلاف الأصل في حقّ الجميع ترك العمل به في المجمع عليه ، فبقى الباقى على الأصل عملا بالاستصحاب.

وأمّا المنقول ، فما رواه عبيدة السّلمانى قال : كان علىّ عليه‌السلام فقام إليه رجل ، فقال : يا أمير المؤمنين ؛ رجل مات ، وترك ابنته ، وأبويه ، وزوجته ـ الحديث ـ (١)

فهذا صريح في إثبات العول ، وفيه :

أوّلا : ما مرّ.

وثانيا : أنّه مخالف لما نقلوه عنه من إنكاره عليه‌السلام العول في حديث طويل رواه عبيدة هذا ما حاصله :

أنّ عمر قضى في فريضة بالعول ، فردّ عليه علىّ عليه‌السلام ، فقال : على عليه‌السلام على ما رأى عمر.

وثالثا : إنّه ضعيف السّند.

__________________

(١) روى أبو طالب الأنبارى ، عن : الحسن بن محمّد بن أيّوب الجوزجانى ، عن : عثمان بن أبى شيبة ، عن : يحيى بن أبى بكر ، عن : شعبة ، عن : سمّاك ، عن : عبيدة السّلمانى قال : كان على عليه‌السلام على المنبر ، فقام إليه رجل وقال : يا أمير المؤمنين ؛ رجل مات ، وترك ابنتيه وأبويه وزوجة ، فقال علىّ عليه‌السلام : صار ثمن المرأة تسعا ، قال سمّاك : قلت لعبيدة : وكيف ذلك؟! قال : إنّ عمر بن الخطّاب وقعت في امارته هذه الفريضة ، فلم يدر ما يصنع ، وقال : للبنتين الثّلثان ، وللأبوين السّدسان ، وللزّوجة الثّمن ، قال : هذا الثّمن باقيا بعد الأبوين والبنتين.

فقال له أصحاب محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أعط هؤلاء فريضتهم ، للأبوين السّدسان ، وللزّوجة الثّمن ، وللبنتين ما يبقى.

فقال : فأين فريضتهما الثّلثان؟! فقال له علىّ بن أبى طالب عليه‌السلام : لهما ما يبقى.

فأبى ذلك عليه عمرو ابن مسعود ، فقال على عليه‌السلام : على ما رأى عمر ، قال عبيدة : وأخبرنى جماعة من أصحاب على عليه‌السلام بعد ذلك في مثلها إنّه أعطى للزّوج الرّبع مع الابنتين ، وللأبوين السّدسين ، والباقى ردّ على البنتين ، وذلك هو الحقّ ، وإن أباه قومنا. التّهذيب ( ص : ٢٥٩ ، ج : ٩ ).

١٣٩

ورابعا : بما قيل : إنّ الحديث لا يدلّ على الحكم بالعول ، بل على تهجينه ، ومعناه : أنّ ثمنها الّذي فرضه الله تعالى لها تسعا عند القائل بالعول ، ولهذا أجاب عليه‌السلام عن بعض الفروض ، وسكت عن الباقى.

فكأنّه : خرج مخرج الاستفهام الإنكارى ، بحذف أداة الاستفهام.

ومثله في القرآن حكاية عن إبراهيم عليه‌السلام : « هذا ربّى ». (١)

وفي الأشعار مثله كثير.

ولا ميراث عندنا للعصبة (٢) الّذين هم يرثون الرّجل عن كلالة من غير والد ولا ولد ، وعصبة الرّجل بنوه ، وقرابته لأبيه.

وفي التّهذيب : ولم أسمع للعصبة بواحد ، والقياس أن يكون عاصبا مثل طالب وطلبة ، وظالم وظلمة.

وأمّا في الفرائض : فكلّ من لم يكن له فريضة سمّاه ، فهو عصبة ، إن بقى شي‌ء بعد الفرائض أخذ ، هذا رأى أهل الفرائض والفقهاء.

وعندنا أئمّة اللّغة : العصبة : قوم الرّجل الّذين يتعصّبون له ، كأنّه على حذف الزّائد.

وقيل : العصبة : الأقارب من جهة الأب ، لأنّهم تعصبونه ويتعصّب بهم ، أى : يحيطون به ، ويشتدّ بهم.

وقال الأزهرى : عصبة الرّجل ، أوليائه الذّكور من ورثته ، سمّوا عصبة ، لأنّهم عصبوا بنسبه ، أى : استكفوا به ، فالأب طرف ، والابن طرف ، والعمّ جانب ، والأخ جانب ، والجمع : العصبات ، والعرب تسمّى قرابات الرّجل :

__________________

(١) سورة الأنعام ، الآية ٧٦.

(٢) العصبة محرّكة.

١٤٠