بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٩٦
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

سن : محمد بن علي ، عن موسى بن سعدان إلى آخر الخبرين (١).

٤٨ ـ ثو : أبي ، عن سعد ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن بعض أصحابنا قال : من منع قيراطا من الزكاة فما هو بمؤمن ولامسلم.

وقال أبوعبدالله عليه‌السلام : ما ضاع مال في بر ولا بحر إلا بمنع الزكاة.

وقال : إذا قام القائم أخذ مانع الزكاة فضرب عنقه (٢).

سن : أبي عن بعض أصحابه مثله (٣).

٤٩ ـ ثو : ابن الوليد ، عن الصفار عن أيوب بن نوح ، عن ابن سنان عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إن الله عزوجل يبعث يوم القيامة ناسا من قبورهم مشدودة أيديهم إلى أعناقهم ، لايستطيعون أن يتناولوا بها قيس أنملة معهم ملائكة يعيرونهم تعييرا شديدا ، يقولون : هؤلاء الذين منعوا خيرا قليلا من خير كثير ، هؤلاء الذين أعطاهم الله عزوجل فمنعوا حق الله عزوجل في أموالهم (٤).

٥٠ ـ ثو : أبي ، عن سعد ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن صفوان بن يحيى ، عن داود ، عن أخيه عبدالله قال : بعثني إنسان إلى أبي عبدالله عليه‌السلام زعم أنه يفزع في منامه من امرأة تأتيه ـ قال : فصحت حتى سمع الجيران ـ فقال أبوعبدالله عليه‌السلام : اذهب فقل له : إنك لاتؤدي الزكاة ، فقال : بلى والله إني لاؤديها ، قال : فقل له : إن كنت تؤديها فانك لا تؤديها إلى أهلها.

وذكر أحمد بن أبي عبدالله أن في رواية أبي بصير قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : من منع الزكاة سأل الرجعة عند الموت ، وهو قول الله عزوجل

__________________

(١) المحاسن : ٨٧ ـ ٨٨.

(٢) ثواب الاعمال : ٢١٢ ـ ٢١١.

(٣) المحاسن : ٨٨.

(٤) ثواب الاعمال : ٢١٠.

٢١

« حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت » (١).

سن : أبي ، عن صفوان ، عن داود ، عن أخيه مثله (٢).

٥١ ـ وروى بعض الافاضل من جامع البزنطى عن جميل ، عن رفاعة عنه عليه‌السلام مثله.

وروى بهذا الاسناد عنه عليه‌السلام أنه قال : ما فرض الله على هذه الامة شيئا أشد عليهم من الزكاة ، وفيها تهلك عامتهم (٣).

٥٢ ـ مجالس الشيخ : الحسين بن إبراهيم ، عن محمد بن وهبان ، عن محمد ابن أحمد بن زكريا ، عن الحسن بن فضال ، عن علي بن عقبة ، عن أسباط عن أيوب بن رأشد قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : مانع الزكاة يطوق بحية قرعاء تأكل من دماغه ، وذلك قول الله تعالى « سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة » (٤).

ومنه : بهذا الاسناد ، عن علي بن عقبة ، عن رفاعة بن موسى ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : ما فرض الله عز ذكره على هذه الامة أشد عليهم من الزكاة ، و ما تهلك عامتهم إلا فيها (٥).

٥٣ ـ نهج البلاغة : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : سوسوا إيمانكم بالصدقة وحصنوا أموالكم بالزكاة ، وادفعوا أمواج البلاء بالدعاء (٦) ومنه قال عليه‌السلام : إن الله سبحانه فرض في أموال الاغنياء أقوات الفقراء فما جاع فقير إلا بما منع غني ، والله تعالى جده سائلهم عن ذلك (٧).

__________________

(١) ثواب الاعمال : ٢١١.

(٢) المحاسن : ٨٧.

(٣) وتراه في الكافى : ج ٣ ، ص ٤٩٧.

(٤) أمالى الطوسى : ج ٢ ص ٣٠٤.

(٥) أمالى الطوسى : ج ٢ ص ٣٠٥.

(٦) نهج البلاغة تحت الرقم ١٤٦ من الحكم ، والسياسة : حفظ الشئ بما يحوطه من غيره والقيام بأمره وحسن النظر اليه.

(٧) نهج البلاغة تحت الرقم ٣٢٨ من قسم الحكم ، وفيه : بما متع الغنى.

٢٢

ومنه قال عليه‌السلام : ثم إن الزكاة جعلت مع الصلاة قربانا لاهل الاسلام فمن أعطاها طيب النفس بها ، فانها تجعل له كفارة ، ومن النار حجازا ووقاية فلا يتبعنها أحد نفسه ، ولايكثرن عليها لهفه ، فان من أعطاها غير طيب النفس بها يرجو بها ما هو أفضل منها فهو جاهل بالسنة ، مغبون الاجر ، ضال العمل ، طويل الندم (١).

٥٤ ـ اعلام الدين : عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا أردت أن يثري الله مالك فزكه ، وإذا أردت أن يصح الله بدنك ، فأكثر من الصدقة ، الخبر.

٥٥ ـ كتاب الامامة والتبصرة : عن محمد بن عبدالله ، عن محمد بن جعفر الرزاز ، عن خاله علي بن محمدعن عمرو بن عثمان الخزاز ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الزكاة قنطرة الاسلام.

٥٦ ـ دعائم الاسلام : عن الحسن بن علي عليه‌السلام قال : ما نقصت زكاة من مال قط.

وعن محمد بن علي أنه لما غسل أباه عليا عليه‌السلام نظروا إلى مواضع المساجد من ركبتيه وظاهر قدميه كأنها مبارك البعير ونظروا إلى عاتقه وفيه مثل ذلك ، فقالوا لمحمد : يا ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : قد عرفنا أن هذا من إدمان السجود فما هذا الذي ترى على عاتقه؟ قال : أما لولا أنه مات ما حدثتكم عنه كان لايمر به يوم إلا أشبع فيه مسكينا فصاعدا ، ما أمكنه ، وإذا كان الليل نظر إلى ما فضل عن قوت عياله فجعله في جراب ، فاذا هدأ الناس وضعه على عاتقه و تخلل المدينة ، وقصد قوما لايسئلون الناس إلحافا ، وفرغه فيهم من حيث لايعلمون من هو ، ولايعلم بذلك أحد من أهله غيري ، فاني كنت اطلعت على ذلك منه يرجو بذلك فضل إعطاء الصدقة بيده ، ودفعها سرا.

__________________

(١) نهج البلاغة تحت الرقم ١٩٧ من قسم الخطب ، وفيه « حجابا ووقاية » خ.

٢٣

وكان يقول : إن صدقة السر تطفئ غضب الرب [ كما يطفئ الماء النار فاذا تصدق أحد كم فأعطى بيمينه فليخفها عن شماله ] (١).

وعن علي عليه‌السلام أنه قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : إن صدقة المؤمن لاتخرج من يده حتى يفك عنها لحى سبعين شيطانا ، وصدقة السر تطفئ غضب الرب كما يطفئ الماء النار ، فاذا تصدق أحدكم فأعطى بيمينه فليخفها عن شماله.

وعن جعفر بن محمد عليه‌السلام أنه قال : ما كان من الصدقة والصلاة والصوم وأعمال البر كلها تطوعا فأفضلها ماكان سرا ، وما كان من ذلك واجبا مفروضا فأفضله أن يعلق به.

وعن علي عليه‌السلام أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : يدفع بالصدقة الداء والد بيلة (٢) والغرق والحرق والهدم والجنون حتى عد صلى‌الله‌عليه‌وآله سبعين نوعا من البلاء.

وعن أبي جعفر محمد بن علي عليه‌السلام أنه قال : كان في بني إسرائيل رجل له نعمة ، ولم يرزق من الولد غير واحد ، وكان له محبا ، وعليه شفيقا ، فلما بلغ مبلغ الرجال ، زوجه ابنة عم له ، فأتاه آت في منامه فقال : إن ابنك هذا ليلة يدخل بهذه المرأة يموت ، فاغتم لذلك غما شديدا وكتمه ، وجعل يسوف بالدخول حتى ألحت امرأته عليه وولده وأهل بيت المرأة فلما لم يجد حيلة استخار الله وقال لعل ذلك كان من شيطان ، فأدخل أهله عليه ، وبات ليلة دخوله قائما و ينتظر ما يكون من ابنه حتى إذا أصبح غدا عليه فأصابه على أحسن حال ، فحمد الله وأثنى عليه ، فلما كان الليل نام فأتاه ذلك الذي كان أتاه في منامه فقال : إن الله عزوجل دفع عن ابنك ، وأنسأ أجله بما صنع بالسائل.

فلما أصبح غدا على ابنه فقال : يا بني هل كان لك صنيع صنعته بسائل في ليلة ابتنائك بامر أتك؟ قال : وما أردت من ذلك؟ قال : تخبرني به ، فاحتشم منه

__________________

(١) ما بين العلامتين لايوجد في المصدر المطبوع.

(٢) الدبيلة : داء في الجوف من فساد يجتمع فيه وكأنها قرحة.

٢٤

فقال : لابد من أن تخبرني بالخبر ، قال : نعم لما فرغنا مما كنا فيه من إطعام الناس بقيت لنا فضول كثيرة من الطعام ، وادخلت إلي المرأة ، فلما خلوت بها ودنوت منها ، وقف سائل بالباب ، فقال : يا أهل الدار واسونا مما رزقكم الله فقمت إليه فأخذت بيده ، وأدخلته وقربته إلى الطعام ، وقلت له : كل ، فأكل حتى صدر ، وقلت : ألك عيال؟ قال : نعم ، قلت : فاحمل إليهم ما أردت فحمل ما قدر عليه ، وانصرف وانصرفت أنا إلى أهلي ، فحمد الله أبوه وأخبره بالخبر.

وعن علي بن الحسين عليه‌السلام أنه نظر إلى حمام مكة ، فقال : أتدرون ماسبب كون هذا الحمام في الحرم؟ قالوا : ما هو يا ابن رسول الله؟ قال : كان في أول الزمان رجل له دار فيها نخلة قد أوى إلى خرق في جذعها حمام ، فاذا أفرخ صعد الرجل فأخذ فراخه فذبحها ، فأقام بذلك دهرا طويلا لايبقى له نسل فشكا ذلك الحمام إلى الله ما ناله من الرجل فقيل له : إنه إن رقى إليك بعد هذا فأخذ لك فرخا صرع عن النخلة فمات.

فلما كبرت فراخ الحمام رقى إليها الرجل ووقف الحمام لينظر إلى ما يصنع به ، فلما توسط الجذع وقف سائل بالباب فنزل فأعطاه شيئا ثم ارتقى فأخذ الفراخ ونزل بهافذبحها ولم يصبه شئ.

قال الحمام : ما هذا يا رب؟ فقيل له : إن الرجل تلافى نفسه بالصدقة فدفع عنه ، وأنت فسوف يكثر الله نسلك ويجعلك وإياهم بموضع لا يهاج منهم شئ إلى أن تقوم الساعة ، وأتى به إلى الحرم فجعل فيه.

وعن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : السائل رسول رب العالمين فمن أعطاه فقد أعطى الله ، ومن رده فقد رد الله.

وعن علي صلوات الله عليه أنه قال : لا تردوا السائل (١) ولو بشق تمرة و أعطوا السائل ولوجاء على فرس ، ولا تردوا سائلا جاء كم بالليل ، فانه قد يسأل من ليس من الانس ولا من الجن ، ولكن ليزيد كم الله به خيرا.

__________________

(١) في المصدر المطبوع : ردوا السائل.

٢٥

وعن أبي جعفر محمد بن على صلوات الله عليه أنه قال لجارية عنده : لا تردوا سائلا ، فقال له بعض من حضره : يا ابن رسول الله إنه قد يسأل من لا يستحق فقال : إن رددنا من نرى أنه لايستحق خفنا أن نمنع من يستحق ، فيحل بنا ما حل بيعقوب النبي عليه‌السلام.

قيل له : وما حل به يا ابن رسول الله؟ قال : اعتر ببابه (١) نبي من الانبياء كان كتم أمر نفسه ، ولا يسعى في شئ من أمر الدنيا إلا الله ، إذا أجهده الجوع وقف إلى أبواب الانبياء والصالحين فسألهم فاذا أصاب ما يمسك رمقه كف عن المسألة فوقف ليلة بباب يعقوب فأطال الوقوف يسأل فغفلوا عنه ، فلا هم أعطوه ولا هم صرفوه.

حتى أدر كه الجهد والضعف ، فخر إلى الارض وغشي عليه ، فرآه بعض من مربه ، فأحياه بشئ وانصرف.

فاتي يعقوب تلك الليلة في منامه فقيل له : يا يعقوب يعتر ببابك نبي كريم على الله ، فتعرض أنت وأهلك عنه ، وعندكم من فضل ربكم كبير ،؟ الله عزوجل بك عقوبة تكون من أجلها حديثا في الاخرين.

فأصبح يعقوب مذعورا وجاءه بنوه يومئذ يسألونه ماسألوه من أمر يوسف ، وكان من أحبهم إليه ، فوقع في نفسه أن الذي تواعده الله به يكون فيه ، فقال لاخوته ما قال ، وذكر عليه‌السلام قصة يوسف إلى آخرها.

وعن علي صلوات الله عليه أنه قال : أتى إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاثة نفر فقال أحدهم : يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لي مائة اوقية من ذهب فهذه عشرة أواقي منها صدقة ، و جاء بعده آخر فقال : لي مائة دينار فهذه عشرة دنانير منها صدقة يا رسول الله ، وجاء الثالث فقال : يا رسول الله لي عشرة دنانير فهذا دينار منها صدقة ، فقال لهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : كلكم في الاجر سواء ، كلكم تصدق بعشر ماله.

__________________

(١) اعتره واعتربه وببابه : اعترض للمعروف من غير أن يسأل ، ولعله كان ليعقوب عليه‌السلام مضيف أو دهليز يجئ طلاب الطعام فيقفون فيه اعترارا للطعام فيطعمون وهذا النبى أيضا جاء إلى ذلك المكان طالبا للقرى فوقف طويلا ينتظر ، من دون أن يسألهم باللسان.

٢٦

وعن جعفر بن محمد عليهما‌السلام أنه سئل عن قول الله عزوجل : « يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الارض ولاتيمموا الخبيث منه تنفقون » (١) فقال عليه‌السلام : كانت عند الناس حين أسلموا مكاسب من الربوا ، ومن أموال خبيثة كان الرجل يتعمدها من بين ماله فيتصدق بها ، فنها هم الله عن ذلك.

وعن الحسين بن علي عليه‌السلام أنه ذكر عنده عن رجل من بني امية أنه تصدق بمال كثير ، فقال : مثله مثل الذي سرق الحاج وتصدق بما سرق إنما الصدقة صدقة من عرق جبينه فيها واغبر فيها وجهه ـ عنى عليا عليه‌السلام ـ ومن تصدق بمثل ما تصدق به؟ (٢).

٥٧ ـ دعائم الاسلام : روينا عن جعفر بن محمد عليه‌السلام عن أبيه ، عن آبائه عن علي عليهم‌السلام أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إذا أراد الله بعبد خيرا بعث إليه ملكا من خزان الجنة فيمسح صدره فتسخوا نفسه بالزكاة.

وعن علي عليه‌السلام قال : للعابد ثلاث علامات : الصلاة والصوم والزكاة.

وعن علي صلوات الله عليه أنه أوصى فقال في وصيته : واوصي ولدي وأهلى وجميع المؤمنين والمؤمنات بتقوى الله ربهم ، والله الله في الزكاة فانها تطفئ غضب ربكم.

وعنه عليه‌السلام عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال في الزكاة : إنما يعطئ أحدكم جزءا مما أعطاه الله فليعطه بطيب نفس منه ، ومن أدى زكاة ماله فقد ذهب عنه شرهه.

وعنه عليه‌السلام أنه قال : ما هلك مال في برولا بحر إلا لمنع الزكاة منه فحصنوا أموالكم بالزكاة ، وداووا مرضاكم بالصدقة ، واستدفعوا البلاء بالدعاء.

__________________

(١) البقرة : ٢٦٧.

(٢) دعائم الاسلام : ج ١ ص ٢٤١ ـ ٢٤٤.

٢٧

وعن محمد بن علي عليه‌السلام أنه قال : ما نقصت زكاة من مال قط ولا هلك مال في بر أو بحر اديت زكاته.

وعن علي صلوات الله عليه عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ما كرم عبد على الله إلا ازداد عليه البلاء ، ولا أعطى رجل زكاة ماله فنقصت من ماله ، ولا حبسها فزادت فيه ، ولا سرق سارق شيئا إلا حبس من رزقه.

وعن الحسن بن علي عليه‌السلام أنه قال : ما نقصت زكاة من مال قط (١).

وعن جعفر بن محمد ، عن آبائه عليهم‌السلام أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : لاتقوم الساعة حتى تكون الصلاة منا ، والامانة مغنما ، والزكاة مغرما الخبر.

وعنه عن آبائه عن علي صلوات الله عليهم قال : إن الله فرض على أغنياء الناس في أموالهم قدر الذي يسع فقراءهم ، فان ضاع الفقير أو أجهد أو عري فبما يمنع الغني وإن الله عزوجل محاسب الاغنياء في ذلك يوم القيامة ، ومعذبهم عذابا أليما.

وعن جعفر بن محمد عليه‌السلام أنه قال : إن الله فرض للفقراء في أموال الاغنياء ما يكتفون به ، فلو علم أن الذي فرض عليهم لايكفيهم لزادهم وإنما يؤتى الفقراء فيما اتوا من منع من منعهم حقوقهم ، لامن الفريضة لهم.

وعن علي عليه‌السلام أنه نهى أن يخفي المرء زكاته عن إمامه ، وقال : إن إخفاء ذلك من النفاق (٢).

وعن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : أول من يدخل النار أميرمسلط لم يعدل وذوثروة من المال لايعطي حق ماله ، ومقتر فاجر.

وعنه صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : إن لله بقاعا يدعين المنتقمات ينصب عليهن من منع ماله عن حقه فينفقه فيهن.

وعن جعفر بن محمد عليه‌السلام أنه قال : ما فرض الله على هذه الامة شيئا أشد

__________________

(١) دعائم الاسلام : ج ١ ص ٢٤٠.

(٢) دعائم الاسلام : ج ١ ص ٢٤٥.

٢٨

عليم من الزكاة ، فيها يهلك عامتهم.

وعنه صلوات الله عليه أنه قال في قول الله عزوجل : « حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت » (١) قال عليه‌السلام : يعني الزكاة.

وعن علي عليه‌السلام أنه قال : من كثر ماله ولم يعط حقه فانما ماله حيات تنهشه يوم القيامة.

وعنه عليه‌السلام أنه قال : لايقبل الله الصلاة ممن منع الزكاة.

وعنه عن رسول الله صلى الله وآله أنه قال : لاتتم صلاة إلا بزكاة ، ولاتقبل صدقة من غلول ، ولا صلاة لمن لا زكاة له ، ولازكاة لمن لاورع له.

وعنه صلى‌الله‌عليه‌وآله أن رجلا سأله فقال : يا رسول الله قول الله عزوجل « وويل للمشركين * الذين لايؤتون الزكوة وهم بالاخرة هم كافرون » (٢) قال : لايعاتب الله المشركين أما سمعت قوله : « فويل للمصلين * الذينهم عن صلوتهم ساهون * الذينهم يراؤن ويمنعون الماعون » ألا إن الماعون الزكاة ثم قال : والذي نفس محمد بيده ما خان الله أحد شيئا من زكاة ماله إلا مشرك بالله.

وعن علي صلوات الله عليه أنه قال : الماعون الزكاة المفروضة ، ومانع الزكاة كآكل الربا ، ومن لم يزك ماله فليس بمسلم.

وعن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه لعن الزكاة وآكل الربا (٣).

__________________

(١) المؤمنون : ١٠٠.

(٢) فصلت : ٦ و ٧.

(٣) دعائم الاسلام : ٢٤٧ ـ ٢٤٨.

٢٩

٢

( باب )

* ( من تجب عليه الزكاة ، وما تجب فيه ) *

* ( وما تستحب فيه ، وشرائط الوجوب من ) *

* ( الحول وغيره ، وزكاة القرض ) *

* ( والمال الغائب ) *

١ ـ ل : ابن الوليد ، عن محمد العطار ، عن الاشعري ، عن موسى بن عمر عن محمد بن سنان ، عن أبي سعيد القماط عمن ذكره ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : وضع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الزكاة على تسعة أشياء وعفا عما سوى ذلك : الحنطة ، و الشعير ، والتمر ، والزبيب ، والذهب والفضة ، والبقر ، والغنم ، والابل ، فقال السائل : فالذرة فغضب ثم قال : كان والله على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله السماسم والذرة والدخن وجميع ذلك فقيل إنهم يقولون : لم يكن ذلك عليه عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وإنما وضع على التسعة لما لم يكن بحضرته غير ذلك ، فغضب وقال : كذبوا ، فهل يكون العفو إلا عن شئ قد كان ، ولا والله ما أعرف شيئا عليه الزكاة غير هذا ، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر (١).

مع : أبي ، عن محمد العطار مثله (٢).

٢ ـ ل : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن البزنطي ، عن جميل قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام في كم الزكاة؟ فقال : في تسعة أشياء وضعها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعفا عما سوى ذلك ، فقال الطيار : إن عندنا حبا يقال له ، الارز ، فقال له أبوعبدالله صلى‌الله‌عليه‌وآله : وعندنا أيضا حب كثير ، فقال له : عليه شئ؟ قال : ألم أقل لك إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عفا عما سوى ذلك منها الذهب والفضة ، وثلاثة من الحيوان : الابل والغنم و

__________________

(١) الخصال ج ٢ ص ٤٦.

(٢) معانى الاخباص ١٥٤.

٣٠

البقر ، وما أنبتت الارض : الحنطة والشعير والزبيب والتمر (١).

٣ ـ ب : الطيالسي عن العلا ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قلت له : هل على مال اليتيم زكاة؟ فقال : لا ، قلت : فهل على الحلي زكاة؟ قال : لا ، قلت : الرجل يكون عنده المال قرضا فيحول عليه الحول عليه زكاة؟ قال : نعم (٢).

٤ ـ ب : الطيالسي ، عن العلاء قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : إن لي دينا ولى دواب وأرحاء وربما أبطأ علي الدين فمتى تجب علي فيه الزكاة إذا أنا أخذته؟ قال : سنة واحدة قال : قلت : فالدواب والارحاء فان عندي منها على فيه شئ؟ قال : لا ، ثم أخذ بيدي فضمها ثم قال : كان أبي عليه‌السلام يقول : إنما الزكاة في الذهب إذا قر في يدك ، قلت له : المتاع يكون عندي لا أصيب به رأس ماله ، على فيه زكاة؟ قال : لا (٣).

٥ ـ ب : الطيالسي ، عن إسماعيل بن عبدالخالق قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام أعلى الدين زكاة؟ قال : لا إلا أن يفربه (٤) فأما إن غاب سنة أو أقل أو أكثر فلا تزكه إلا في السنة التي تخرج فيها (٥).

٦ ـ ب : علي بن أخيه قال قال : ليس على المملوك زكاة إلا باذن مواليه وقال : ليس على الدين زكاة إلا أن يشاء رب الدين أن يزكيه.

__________________

(١) الخصال ج ٢ ص ٤٦.

(٢ ـ ٣) قرب الاسناد ٢٣.

(٤) الفرار بالدين ، بمعنى أنه يعطى ماله دينا ليفربه من الزكاة المفروضة فيه فانه يجب عليه الزكاة ، وأما اذا كان أدانه لغير هذه النية فغاب عنه ماله ولم يحل عليه الحول فلا بأس ، وللفرار من الزكاة صور اخرى : كما اذا وهب ماله من أحد أصدقائه أو أقربائه ويعلم هو أنه انما وهبها ليفر من الزكاة ، فيرد عليه هبته بعد شهر أو شهرين ، ليصدق عليه أنه غاب عنه ماله ولم يحل عنده عليه الحول ، أو يشرط على الموهوب له ذلك ، وصورة اخرى أنه يسبكة سبيكة ـ ثم يشترى بها مسكوكة ، وسيجئ لهاذكر.

(٥) قرب الاسناد ص ٧٩.

٣١

قال : وسألته عن الرجل يكون عليه الدين قال : يزكي ماله ولا يزكي ما عليه من الدين إنما الزكاة على صاحب المال.

وسألته عن الدين يكون على القوم المياسير إذا شاء قبضه صاحبه هل عليه زكاة؟ فقال : لا ، حتى يقبضه ويحول عليه الحول (١).

٧ ـ ع : أبي ، عن أحمد بن إدريس ، عن الاشعري ، عن الخشاب ، عن علي بن الحسين ، عن محمد بن أبي حمزة ، عن عبدالله بن سنان قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : مملوك في يده مال أعليه زكاة؟ قال لا ، قلت : ولا على سيده؟ قال : لا ، إن لم يصل إلى سيده وليس هو للمملوك (٢).

٨ ـ ن : فيما كتب الرضا عليه‌السلام للمأمون : لاتجب الزكاة على المال حتى يحول عليه الحول (٣).

٩ ـ ن : باسناد التميمي ، عن الرضا ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق (٤).

١٠ ـ ع : محمد بن موسى ، عن الحميري ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب عن عبدالله بن سنان قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : باع أبي عليه‌السلام من هشام بن عبدالملك أرضا له بكذا وكذا ألف دينار ، واشترط عليه زكاة ذلك المال عشر سنين ، وإنما فعل ذلك لان هشاما كان هو الوالي (٥).

١١ ـ ل : في خبر الاعمش عن الصادق عليه‌السلام : لاتجب على مال زكاة حتى يحول عليه الحول من يوم ملكه صاحبه (٦).

__________________

(١) قرب الاسناد ص ١٣٥.

(٢) علل الشرايع ج ٢ ص ٦١.

(٣) عيون الاخبارج ٢ ص ١٢٣ في حديث.

(٤) عيون الاخبارج ٢ ص ٦١.

(٥) علل الشرائع ج ٢ ص ٦٣.

(٦) الخصال ج ٢ ص ١٥٢.

٣٢

أقول : سيأتي بعض الاخبار في باب أدب المصدق.

١٢ ـ ع : أبي ، عن محمد العطار ، عن الاشعري ، عن محمد بن معروف ، عن أبي الفضل ، عن علي بن مهزيار ، عن إسماعيل بن سهل ، عن حماد بن عيسى عن حريز ، عن زرارة قال : قلت لابي جعفر عليه‌السلام : رجل كانت عنده دراهم أشهرا فحولها دنانير فحال عليها منذ يوم ملكها دراهم حول أيزكيها؟ قال : لا.

ثم قال : أرايت لو أن رجلا دفع إليك مائة بعير وأخذ منك مائتي بقرة فلبثت عنده أشهرا ولبثت عندك أشهرا فموتت عندك إبله ، وموتت عنده بقرك أكنتما تزكيانهما؟ فقلت : لا ، قال كذلك الذهب والفضة ثم قال : وإن حولت برا أو شعيرأ ثم قلبته ذهبا أو فضة فليس عليك فيه شئ إلا أن يرجع ذلك الذهب أو تلك الفضة بعينها أو عينه ، فان رجع ذلك إليك فان عليك الزكاة لانك قد ملكتها حولا.

قلت : له فان لم يخرج ذلك الذهب من يدي يوما؟ قال : إن خلط بغيره فيها فلا بأس ولاشئ فيما رجع إليك منه ، ثم قال : إن رجع إليك بأسره بعد إياس منه فلا شئ عليك فيه [ إلا ] حولا.

قال : فقال زرارة : عن أبي جعفر عليه‌السلام ليس في النيف شئ حتى يبلغ ما يجب فيه واحدا ، ولا في الصدقة والزكاة كسور ، ولا تكون شاة ونصف ، ولا بعير ونصف ، ولا خمسة دراهم ونصف ، ولا دينار ونصف ، ولكن يؤخذ الواحد ويطرح ما سوى ذلك حتى يبلغ ما يؤخذ منه واحدا فيؤخذ من جميع ماله.

قال : وقال زرارة وابن مسلم : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : أيما رجل كان له مال وحال عليه الحول فانه يزكيه ، قلت له : فان وهبه قبل حوله بشهر أو بيوم؟ قال : ليس عليه شئ إذن.

قال : وقال زرارة : عنه عليه‌السلام أنه قال : إنما هذا بمنزلة رجل أفطر في شهر رمضان يوما في إقامته ثم خرج في آخر النهار في سفر فأراد بسفره ذلك إبطال الكفارة التي وجبت عليه.

٣٣

وقال : إنه حين رأى الهلال الثاني عشر وجبت عليه الزكاة ، ولكنه لو كان وهبها قبل ذلك لجاز ، ولم يكن عليه شئ بمنزلة من خرج ثم أفطر إنما لا يمنع الحال عليه فأما ما لم يحل عليه فله منعه ، ولا يحل له مع (١) مال غيره فيما قد حال عليه.

قال زرارة : قلت له : مائتا درهم بين خمس اناس أو عشرة حال عليها الحول وهي عندهم ، أيجب عليهم زكاتها؟ قال : لا ، هي بمنزلة تلك يعني جوابه في الحرث ليس عليهم شئ حتى يتم لكل إنسان منهم مائتا درهم ، قلت : وكذلك في الشاه والابل والبقر والذهب والفضة وجميع الاموال؟ قال : نعم.

قال زرارة : وقلت له : رجل كانت عنده مائتا درهم فوهبها لبعض إخوانه أوولده أو أهله فرارا بها من الزكاة فعل ذلك قبل حالها بشهر قال : إذا دخل الشهر الثاني عشر فقد حال عليه الحول ، ووجبت عليه فيها الزكاة ، قلت له : فان أحدث فيها قبل الحول؟ قال : جاز ذلك له. قلت له : فانه فربها من الزكاة؟ قال : ما أدخل على نفسه أعظم مما منع من زكاتها. فقلت له : إنه يقدر عليها ، قال : فقال : وما علمه أنه يقدر عليها ، وقد خرجت من ملكه؟ قلت : فانه دفعها إليه على شرط ، فقال إنه إذا سماها هبة جازت الهبة وسقط الشرط وضمن الزكاة قلت له : كيف يسقط الشرط وتمضي الهبة ويضمن وتجب الزكاة؟ قال : هذا شرط فاسد ، و الهبة المضمونة ماضية ، والزكاة لازمة عقوبة له ، ثم قال : إنما ذلك له إذا اشترى بها دارا أو أرضا أو متاعا قال زرارة : قلت له : إن أباك قال لي : من فربها من الزكاة فعليه أن يؤديها؟ فقال : صدق أبي ، عليه أن يؤدي ما وجب عليه ومالم يجب فلا شئ عليه فيه ، ثم قال عليه‌السلام : أرأيت لو أن رجلا اغمي عليه

__________________

(١) في بعض النسخ « منع » واختاره في المطبوع ، وليس بشئ ، فان « لايحل » من حال يحول ، ومعناه « ولا يحول له مع مال غير هذا المال فيما قد دخل عليه الحال أى الحول » أى لايختلط حسابهما. وهكذا فيما يأتى قد يذكر « الحال » ويراد « الحول » كالقال والقول.

٣٤

يوما ثم مات قبل أن يؤديها أعليه شئ؟ ، قلت : لا إنما يكون إن أفاق من يومه ثم قال : لوأن رجلا مرض في شهر رمضان ثم مات فيه ، أكان يصام عنه؟ قلت : لافقال : وكذلك الرجل لايؤدي عن ماله إلا ما حال عليه (١).

١٣ ـ سن : أبي ، عن يونس ، عمن ذكره ، عن أبي إبراهيم عليه‌السلام قال : لا تجب الزكاة فيما سبك قلت : فان كان سبكه فرارا به من الزكاة قال : أما ترى أن المنفعة قد ذهبت منه (٢) فلذلك لا تجب عليه الزكاة (٣).

١٤ ـ ضا : اعلم أن الله تبارك وتعالى فرض على الاغنياء الزكاة بقدر مقدور وحساب محسوب فجعل عدد الاغنياء مائة وخمسة وتسعين ، والفقراء خمسة وقسم الزكاة على هذا الحساب ، فجعل على كل مائتين خمسة : حقا للضعفاء ، وتحصينا لاموالهم ، لاعذر لصاحب المال في ترك إخراجه ، وقد قرنها الله بالصلاة.

وأوجبها مرة واحدة في كل سنة ، ووضعها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على تسعة أصناف الذهب والفضة والحنطة والشعير والتمر والزبيب والابل والبقر والغنم.

وروي عن الجواهر والطيب وما أشبه هذه الصنوف من الاموال وكل ما دخل القفيز والميزان ربع العشر إذا كان سبيل هذه الاصناف سبيل الذهب والفضة في التصرف فيها والتجارة ، وإن لم يكن هذه سبيلها فليس فيها غير الصدقة فيما فيه الصدقة والعشر ونصف العشرفيما سوى ذلك في أوقاته ، وقد عفا الله عما سواها.

وليس على المال الغائب زكاة ولا في مال اليتيم زكاة ، وإن غاب مالك فليس عليك الزكاة إلا أن يرجع إليك ويحول عليه الحول وهو في يدك ، إلا أن يكون مالك على رجل متى ما أردت أخذت منه فعليك زكاته ، فان لم ترجع إليك منفعته.

__________________

(١) علل الشرائع ج ٢ ص ٦٢ ـ ٦٣.

(٢) انما ذهبت المنفعة ، لان السبيكة ارخص من المنقوشة ، ولا نه لايتمكن مع السبيكة عن المعاملات الا اذا بدلها من المنقوشة.

(٣) المحاسن ص ٣١٩.

٣٥

لزمتك زكاته.

فان استقرضت من رجل ملا وبقي عندك حتى حال عليه الحول فعليك فيه الزكاة فان بعت شيئا وقبضت ثمنه واشترطت على المشتري زكاة سنة أو سنتين أو أكثر من ذلك فانه يلزمه دونك.

وليس في مال اليتيم زكاة إلا أن تتجربه ، فان اتجرت ففيه الزكاة ، و ليس في سائر الاشياء زكاة مثل القطن والزعفران والخضر والثمار والحبوب سوى ما ذكرت لك إلا أن يباع ويحول على ثمنه الحول ، وزكاة الدين على من استقرض فاذا كان لك على رجل مال فلاز كاة عليك فيه ، حتى يقضيه ويحول عليه الحول في يدك ، إلا أن تأخذ عليه منفعة في التجارة ، فان كان كذلك فعليك زكاته.

١٥ ـ نهج البلاغة : في حديثه عليه‌السلام أن الرجل إذا كان له الدين الظنون يجب عليه أن يزكيه امامضى إذا قبضه (١).

قال السيد رضي‌الله‌عنه : فالظنون الذي لا يعلم صاحبه أيقبضه من الذي هو عليه أم لا ، فكأنه الذي يظن به فمرة يرجو ومرة لايرجو ، وهذا من أفصح الكلام ، وكذلك كل أمر تطالبه ولا تدري على أي شئ أنت منه ، فهو ظنون ، وعلى ذلك قول الاعشى (٢) :

من يجعل الجد الظنون الذي

جنب صوب اللجب الماهر

مثل الفراتي إذا ماطما

يقذف بالبوصي والماهر

والجد البئر [ العادية في الصحراء ] والظنون التي لا يعلم هل فيها ماء أم لا.

١٦ ـ البيان للشهيد قدس‌سره : في الجعفريات عن أميرالمؤمنين عليه‌السلام : من كان له مال وعليه مال فليحسب ماله وما عليه فان كان له فضل مائتا درهم

__________________

(١) نهج البلاغة تحت الرقم ٦ من قسم غرائب الحكم.

(٢) هو الاعشى الكبير : أعشى قيس ، واسمه ميمون بن قيس بن جندل بن شراحيل يكنى أبوبصير ، ترى ذكره في الاغانى ج ٩ ص ١٠٨ ط دار الكتب.

٣٦

فليعط خمسة.

١٧ ـ الهداية : سئل الصادق عليه‌السلام عن الزكاة على كم أشياء هي؟ فقال : على الحنطة والشعير والتمر والزبيب والابل والبقر والغنم والذهب والفضة ، و عفا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عما سوى ذلك فقال له السائل : فان عندنا حبوبا مثل الارز والسمسم وأشباه ذلك؟ فقال الصادق عليه‌السلام : أقول لك : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عفا عما سوى ذلك فتسألني.

١٨ ـ كتاب زيد النرسى : عن أبي عبدالله عليه‌السلام في الرجل ، يكون له الابل والبقر والغنم أو المتاع فيحول عليه الحول فتموت الابل والبقر ويحترق المتاع فقال : ان كان حال عليه الحول وتهاون في إخراج زكاته فهو ضا من للزكاة وعليه زكاة ذلك ، وان كان قبل أن يحول عليه الحول فلا شئ عليه.

٣

* ( باب ) *

* ( زكاة النقدين وزكاة التجارة ) *

أقول : قد سبق في باب من تجب عليه الزكاة بعض الاخبار.

١ ـ ب : علي عن أخيه عليه‌السلام قال : سألته عن زكاة الحلي قال : إذن لايبقى ولا تكون زكاة في أقل من مائتي درهم ، والذهب عشرون دينارا فما سوى ذلك فليس عليه زكاة.

وسألته عن الرجل يعطي زكاته عن الدراهم دنانير ، وعن الدنانير دراهم بالقيمة أيحل ذلك؟ قال : لابأس (١).

٢ ـ ب : ابن أبي الخطاب ، عن البزنطي قال : سألت الرضا عليه‌السلام عن الرجل يكون في يده المتاع قد بار عليه ، وليس يعطى به إلا أقل من رأس ماله ، عليه زكاة؟ قال : لا ، قلت : فانه مكث عنده عشر سنين ثم باعه كم يزكي سنة؟ قال :

__________________

(١) قرب الاسناد : ١٣٥.

٣٧

سنة واحدة (١).

٣ ـ ب : الطيالسي عن إسماعيل بن عبدالخالق قال : سأل سعيد الاعرج السمان أبا عبدالله عليه‌السلام وأنا حاضر فقال : إنا نكبس السمن والزيت نطلب به التجارة فربما مكث السنتين والسنين أعليه ، زكاة؟ قال : فقال : إن كنت تربح فيه أو يجيئ منه رأس ماله ، فعليك الزكاة ، وإن كنت إنما تربص به لانك لاتجد رأس مالك فليس عليك حتى يصير ذهبا أو فضة [ فاذا صار ذهبا أو فضه ] فزكه للسنة التي تخرج فيها (٢).

٤ ـ ل : القطان ، عن ابن زكريا ، عن ابن حبيب ، عن ابن بهلول ، عن ابن معاوية ، عن إسماعيل بن مهران قال : سمعت جعفر بن محمد عليه‌السلام يقول : والله ما كلف الله العباد إلا دون ما يطيقون ، إنما كلفهم في اليوم والليلة خمس صلوات وكلفهم في كل ألف درهم خمسة وعشرين درهما ، وكلفهم في السنة صيام ثلاثين يوما ، وكلفهم حجة واحدة وهم يطيقون أكثر من ذلك (٣).

٥ ـ ل : في خبر الاعمش عن الصادق عليه‌السلام : الزكاة فريضة واجبة على كل مائتي درهم خمسة دراهم ، ولاتجب فيمادون ذلك من الفضة ، ولاتجب على مال زكاة حتى يحول عليه الحول من يوم ملكه صاحبه ، ولا يحل أن تدفع الزكاة إلا إلى أهل الولاية والمعرفة ، وتجب على الذهب الزكاة إذا بلغ عشرين مثقالا فيكون فيه نصف دينار (٤).

٦ ـ ن : فيما كتب الرضا عليه‌السلام للمأمون : الزكاة الفريضة في كل مائتي د رهم خمسة دراهم ، ولا يجب فيما دون ذلك شئ (٥).

٧ ـ ع : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن هاشم ، عن ابن مرا ر ، عن يونس

__________________

(١) قرب الاسناد : ٢٢٣.

(٢) قرب الاسناد : ٧٩ وما بين العلامتين ساقط عن الكمبانى.

(٣) الخصال : ج ٢ ص ١٠٧.

(٤) الخصال : ج ٢ ص ١٥٢.

(٥) عيون الاخبار : ج ٢ ص ١٢٣.

٣٨

قال : حدثني أبوالحسن ، عن أبي إبراهيم عليه‌السلام قال : لاتجب الزكاة فيما سبك قلت : فانكان سبكه فرارا من الزكاة؟ فقال : ألا تري أن المنفعة قد ذهبت منه لذلك لاتجب عليه الزكاة (١).

٨ ـ ع : أبي ، عن الحميرى ، عن إبراهيم بن مهزيار ، عن أخيه على ، عن إسماعيل بن سهل ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز عن هارون بن خارجة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قلت له : إن أخي يوسف ولي لهولاء أعمالا أصاب فيها أموالا كثيرة ، وإنه جعل ذلك المال حليا أراد أن يفر به من الزكاة أعليه زكاة؟ قال : ليس على الحلي زكاة ، وما أدخل على نفسه من النقصان في وضعه ومنعه نفسه أكثر مما خاف من الزكاة (٢).

٩ ـ ع : أبي ، عن سعد ، عن ابن هاشم عن ابن مرار ، عن يونس ، عن علي بن يقطين ، عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام قال : لا تجب الزكاة فيما سبك فرارا به من الزكاة ألا ترى أن المنفعة قد ذهبت ، فلذلك لاتجب الزكاة (٣).

١٠ ـ مع : ابن الوليد ، عن أحمد بن إدريس ، عن الاشعري ، عن أبي عبدالله الرازي ، عن نصربن صباح ، عن المفضل بن عمر قال : كنت عند أبي عبدالله عليه‌السلام فسأله رجل في كم تجب الزكاة من المال؟ فقال له : الزكاة الظاهرة أم الباطنة تريد؟ قال : اريدهما ، جميعا ، فقال : أما الظاهرة ففي كل ألف خمسة و عشرون درهما ، وأما الباطنة فلا تستأثر على أخيك بما هو أحوج إليه منك (٤).

١١ ـ ع : أبي وابن الوليد معا ، عن سعد والحميرى معا ، عن البرقي ، عن سلمة بن الخطاب ، عن الحسين بن راشد ، عن علي بن إسماعيل الميثمي ، عن حبيب الخثعمي قال : كتب أبوجعفر الخليفة إلى محمد بن خالد بن عبدالله القسري وكان

__________________

(١) علل الشرائع : ج ٢ ص ٥٨.

(٢) علل الشرايع : ج ٢ ص ٥٨.

(٣) علل الشرايع : ج ٢ ص ٥٩.

(٤) معانى الاخبار : ١٥٣.

٣٩

عامله على المدينة أن يسأل أهل المدينة عن الخمسة في الزكاة من المائتين كيف صارت وزن سبعة ، ولم يكن هذا على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأمره أن يسأل فيمن يسأل عبدالله بن الحسن وجعفر بن محمد عليه‌السلام.

فسأل أهل المدينة فقالوا : أدركنا من كان قبلنا على هذا ، فبعث إلى عبدالله وجعفر عليه‌السلام فسأل عبدالله فقال كما قال المستفتون من أهل المدينة ، قال : فما تقول أنت يا أبا عبدالله؟ فقال : إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله جعل في كل أربعين أوقية اوقية ، فاذا حسبت ذلك كان على وزن سبعة [ وقد كانت وزن ستة كانت الدراهم خمسة دوانيق ] (١).

قال حبيب : فحسبناه فوجدناه كما قال ، فأقبل عليه عبدالله بن الحسن فقال : من أين أخذت هذا؟ فقال قرأته في كتاب امك فاطمة عليها‌السلام ثم انصرف.

فبعث إليه محمد ابعث إلي بكتاب فاطمة فأرسل إليه أبوعبدالله عليه‌السلام أني

__________________

(١) هذا الحديث كسائر أخبار الباب مروى في الكافى أيضا لكنه قدس‌سره كان بانيا في الابواب الفقهية أن لا ينقل من الكتب الاربعة ، لكونها مشهورة بأيدى الفقهاء وانما أراد أن يجمع غير ما كان فيها خارجا عن تناول الفقهاء.

وكيف كان فالحديث مروى في الكافى ج ٣ ص ٥٠٧ وقد شرحه المؤلف العلامة في كتابه مرآت العقول ، وشرحه الفيض قدس‌سرهما في الوافى أيضا ، من أراد التفصيل فلير جع اليهما.

وقال الشهيد في الذكرى : المعتبر في الدنانير المثقال ، وهو لم يختلف في الاسلام وقبله ، وفى الدرهم ما استقر عليه في زمن بنى أمية باشارة زين العابدين عليه‌السلام بضم الدرهم البغلى إلى الطبرى وقسمتهما نصفين ، فصارت الدرهم ستة دوانيق كل عشرة سبعة مثاقيل ، ولا عبرة بالعدد في ذلك.

وقيل : انه كان في زمان المنصور وزن المائتين موافقا لوزن مائتين وثمانين في زمان الرسول فيكون المخرج منها خمسة على وزن سبعة ، وقبل زمان المنصور كان وزن المائتين موافقا لوزن مائتين وأربعين فيكون المخرج خمسة على وزن ستة والمخرج هو ربع العشر فلا تفاوت.

٤٠