الأمالي

أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطّوسي [ شيخ الطائفة ]

الأمالي

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطّوسي [ شيخ الطائفة ]


المحقق: مؤسسة البعثة
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الثقافة للطباعة والنشر
الطبعة: ١
الصفحات: ٨٨٨

ولما رأى الملك ذلك ارتاع له وظنه سحرا ، فقال : ردوا الفيل إلى مكانه.

ثم قال لعبد المطلب : فيم جئت؟ فقد بلغني سخاؤك وكرمك وفضلك ، ورأيت من هيبتك وجمالك وجلالك ما يقتضي أن أنظر في حاجتك فسلني ما شئت ، وهو يرى أنه يسأله في الرجوع عن مكة ، فقال له عبد المطلب : إن أصحابك غدوا على سرح لي فذهبوا به فمرهم برده علي.

قال : فتغيظ الحبشي من ذلك وقال لعبد المطلب : لقد سقطت من عيني ، جئتني تسألني في سرحك وأنا قد جئت لهدم شرفك وشرف قومك ، ومكرمتكم التي تتميزون بها من كل جيل ، وهو البيت الذي يحج إليه من كل صقع في الأرض ، فتركت مسألتي في ذلك وسألتني في سرحك!

فقال له عبد المطلب : لست برب البيت الذي قصدت لهدمه ، وأنا رب سرحي الذي أخذه أصحابك ، فجئت أسألك فيما أنا ربه ، وللبيت رب هو أمنع له من الخلق كلهم ، وأولى به منهم.

فقال الملك : ردوا إليه سرحه ، وانصرف إلى مكة ، وأتبعه الملك بالفيل الأعظم مع الجيش لهدم البيت ، فكانوا إذا حملوه على دخول الحرم أناخ ، وإذا تركوه رجع مهرولا. فقال عبد المطلب لغلمانه : ادعوا لي ابني ، فجئ بالعباس ، فقال : ليس هذا أريد ، ادعوا لي ابني ، فجئ بأبي طالب ، فقال : ليس هذا أريد ، ادعوا لي ابني ، فجئ بعبد الله أبي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلما أقبل إليه قال : اذهب يا بني حتى تصعد أبا قبيس (١) ، ثم اضرب ببصرك ناحية البحر ، فانظر أي شئ يجئ من هناك وخبرني به.

قال : فصعد عبد الله أبا قبيس ، فما لبث أن جاء طير أبابيل (٢) مثل السيل والليل ، فسقط على أبي قبيس ، ثم صار إلى البيت فطاف به سبعا ، ثم صار إلى الصفا والمروة فطاف بهما سبعا ، فجاء عبد الله إلى أبيه فأخبره الخبر ، فقال : انظر يا بني ما يكون من

__________________

(١) أبو قيس : جبل بمكة.

(٢) أبابيل : جماعات.

٨١

أمرها بعد فأخبرني به ، فنظرها فإذا هي قد أخذت نحو عسكر الحبشة ، فأخبر عبد المطلب بذلك ، فخرج عبد المطلب وهو يقول : يا أهل مكة ، اخرجوا إلى العسكر فخذوا غنائمكم.

قال : فأتوا العسكر ، وهم أمثال الخشب النخرة ، وليس من الطير إلا ما معه ثلاثة أحجار في منقاره ورجليه ، يقتل بكل حصاة منها واحدا من القوم ، فلما أتوا على جميعهم انصرف الطير ، ولم ير قبل ذلك ولا بعده ، فلما هلك القوم بأجمعهم جاء عبد المطلب إلى البيت فتعلق بأستاره وقال :

يا حابس الفيل بذي المغمس (١)

حبسته كأنه مكوكس (٢)

في محبس تزهق فيه الأنفس

فانصرف وهو يقول في فرار قريش وجزعهم من الحبشة :

طارت قريش إذ رأت خميسا

فظلت فردا لا أرى أنيسا

ولا أحس منهم حسيسا

إلا أخا لي ماجدا نفيسا

مسودا في أهله رئيسا

١٢١ / ٣٠ ـ أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الكاتب ، قال : حدثنا الحسن بن علي الزعفراني ، قال : حدثنا إبراهيم بن محمد الثقفي ، قال : حدثنا أبو الوليد العباس بن بكار الضبي ، قال : حدثنا أبو بكر الهذلي ، قال : حدثنا محمد بن سيرين ، قال : سمعت غير واحد من مشيخة أهل البصرة يقولون : لما فرغ علي بن أبي طالب عليه‌السلام من الجمل ، عرض له مرض ، وحضرت الجمعة ، فتأخر عنها ، وقال لابنه الحسن عليه‌السلام : انطلق يا بني فجمع بالناس. ـ فأقبل الحسن عليه‌السلام إلى المسجد ، فلما استقل على المنبر حمد الله وأثنى عليه وتشهد وصلى على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقال : أيها الناس ، إن الله اختارنا بالنبوة ،

__________________

(١) المغمس : موضع بطريق الطائف.

(٢) أي منكس.

٨٢

واصطفانا على خلقه ، وأنزل علينا كتابه ووحيه ، وأيم الله لا ينقصنا أحد من حقنا شيئا إلا تنقصه الله في عاجل دنياه وآجل آخرته ، ولا يكون علينا دولة إلا كانت لنا العاقبة ( ولتعلمن نبأ ه بعد حين ) (١).

ثم جمع بالناس ، وبلغ أباه كلامه ، فلما انصرف إلى أبيه عليه‌السلام نظر إليه وما ملك عبرته أن سألت على خديه ، ثم استدناه إليه فقبل ، بين عينيه ، وقال : بابي أنت وأمي ( ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم ) (٢).

١٢٢ / ٣١ ـ أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان ، قال : أخبرنا أبو الحسن علي بن خالد المراغي ، قال : حدثنا ثوابة بن يزيد ، قال : حدثنا أحمد بن علي ابن المثنى ، عن شبابة بن سوار ، قال : حدثني مبارك بن سعيد ، عن خليد الفراء ، عن أبي المحبر ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أربع مفسدة للقلوب : الخلوة بالنساء ، والاستماع منهن ، والاخذ برأيهن ، ومجالسة الموتى.

فقيل : يا رسول الله ، وما مجالسة الموتى؟ قال : مجالسة كل ضال عن الايمان ، وجائر عن الاحكام.

١٢٣ / ٣٢ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي ، قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدثنا عبد الله بن حريش ، قال : حدثنا أحمد بن برد ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبي لبابة بن عبد المنذر : أنه جاء يتقاضى أبا اليسر دينا له عليه ، فسمعه يقول : قولوا له ليس هو هاهنا ، فصاح أبو لبابة : يا أبا اليسر ، اخرج إلي ، فخرج إليه ، فقال : ما حملك على هذا؟ فقال : العسر ، يا أبا لبابة. قال : الله. قال : الله. فقال أبو لبابة : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : من أحب أن يستظل من

__________________

(١) سورة ص ٣٨ : ٨٨.

(٢) سورة آل عمران ٣ : ٣٤ ويأتي في الحديث : ١٥٩.

٨٣

فور جهنم؟ فقلنا : كلنا نحب ذلك. قال : فلينظر غريما أو ليدع لمعسر (١).

١٢٤ / ٣٣ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد الزيات ، قال : حدثنا علي بن مهرويه القزويني ، قال : حدثنا داود بن سليمان الغازي ، قال : سمعت الرضا علي بن موسى عليهما‌السلام يقول : من استفاد أخا في الله ، فقد استفاد بيتا في الجنة.

١٢٥ / ٣٤ ـ أخبرني أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان ، قال : أخبرني أبو الحسن علي بن خالد المراغي ، قال : حدثنا أبو بكر أحمد بن إسماعيل بن ماهان ، قال : حدثنا زكريا بن يحيى الساجي ، قال : حدثنا بندار بن عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن سهل بن الجراح ، عن عطاء بن يزيد ، عن تميم الداري ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الدين نصيحة. قيل : لمن يا رسول الله؟ قال : لله ولرسوله ولكتابه ، وللأئمة في الدين ، ولجماعة المسلمين.

١٢٦ / ٣٥ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو نصر محمد بن الحسين البصير ، قال : حدثنا أحمد بن نصر بن سعيد الباهلي ، قال : حدثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي ، قال : حدثنا عبد الله بن حماد ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر بن يزيد ، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن جده عليهم‌السلام ، قال : لما قضى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مناسكه من حجة الوداع ، ركب راحلته وأنشأ يقول : لا يدخل الجنة إلا من كان مسلما. فقام إليه أبو ذر الغفاري رحمه‌الله فقال : يا رسول الله ، وما الاسلام؟ فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : الاسلام عريان لباسه التقوى ، وزينته الحياء ، وملاكه الورع ، وجماله (٢) الد ين ، وثمره العمل الصالح ، ولكل شئ أساس ، وأساس الاسلام حبنا أهل البيت.

١٢٧ / ٣٦ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو بكر محمد بن عمر بن

__________________

(١) يأتي في الحديث : ١٠٢٥.

(٢) في نسخة : وكماله.

٨٤

سالم الجعابي ، قال : حدثنا عمرو بن سعيد السجستاني ، قال : حدثنا محمد بن يزيد الفريابي (١) ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن ميسرة بن حبيب ، عن المنهال بن عمرو ، عن زر ابن حبيش ، عن حذيفة بن اليمان ، قال : سمعت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : أتاني ملك لم يهبط إلى الأرض قبل وقته ، فعرفني أنه استأذن الله ( عزوجل ) في السلام علي ، فأذن له فسلم علي ، وبشرني أن ابنتي فاطمة سيدة نساء أهل الجنة ، وأن الحسن والحسين عليهما‌السلام سيدا شباب أهل الجنة.

١٢٨ / ٣٧ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد ، قال : حدثنا أبو بكر أحمد بن إسماعيل بن ماهان ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا مسلم ، قال : حدثنا عروة بن خالد ، قال : حدثنا سليمان التميمي ، عن أبي مجلز ، عن قيس بن سعد بن عبادة ، قال : سمعت علي بن أبي طالب عليه‌السلام يقول : أنا أول من يجثو بين يدي الله ( عزوجل ) يوم القيامة للخصومة.

١٢٩ / ٣٨ ـ أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان ، قال : حدثنا أبو الحسن علي بن خالد ، قال : حدثنا عبد الله بن مسلم القطان ، قال : حدثنا سعيد بن عبد الرحمن ، قال : حدثنا إسماعيل بن صبيح ، قال : حدثنا صباح المزني ، عن حكيم ابن جبير ، عن عقبة الهجري ، عن عمه ، قال : سمعت عليا عليه‌السلام على المنبر وهو يقول : لأقولن اليوم قولا لم يقله أحد قبلي ، ولا يقوله أحد بعدي إلا كاذب ، أنا عبد الله وأخو رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ونكحت سيدة نساء الأمة.

١٣٠ / ٣٩ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو عبيد الله محمد بن عمران المرزباني ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى المكي ، قال : حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا يحيى بن أبي بكير ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن أبي عبد الله الجدلي ، قال : دخلت على أم سلمة زوجة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقالت : أيسب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فيكم؟ فقلت :

__________________

(١) في نسخة : القرياني.

٨٥

معاذ الله! قالت : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : من سب عليا فقد سبني.

١٣١ / ٤٠ ـ أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان ، قال : أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه ، قال : حدثنا أبو علي محمد بن همام الإسكافي ، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى ، قال : حدثنا الحسين بن سعيد الأهوازي ، قال : حدثنا علي بن حديد ، عن سيف بن عميرة ، عن مدرك بن زهير ، قال : قال أبو عبد الله جعفر بن محمد عليه‌السلام : يا مدرك ، إن أمرنا ليس بقبوله فقط ، ولكن بصيانته وكتمانه عن غير أهله ، اقرأ أصحابنا السلام ورحمة الله وبركاته وقل لهم : رحم الله امرءا اجتر مودة الناس إلينا ، فحدثهم بما يعرفون وترك ما ينكرون.

١٣٢ / ٤١ ـ أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي ، قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني ، قال : حدثنا خالد بن يزيد بن كثير الثقفي ، قال : حدثني أبو خالد ، عن حنان بن سدير ، عن أبي إسحاق ، عن ربيعة السعدي ، قال : أتيت حذيفة بن اليمان ، فقلت له : حدثني بما سمعت من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ورأيته يعمل به. فقال : عليك بالقران. فقلت له : قد قرأت القران ، وإنما جئتك لتحد ثني بما لم أره ولم أسمعه من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، اللهم إني أشهدك على حذيفة أني أتيته لتحدثني فإنه قد سمع وكتم.

قال : فقال حذيفة : قد أبلغت في الشدة ، فقال لي : خذها قصيرة من طويلة ، وجامعة لكل أمرك ، إن آية الجنة في هذه الأمة لتأكل الطعام وتمشي في الأسواق.

فقلت له : فبين لي آية الجنة فأتبعها ، وآية النار فأتقيها.

فقال لي : والذي نفس حذيفة بيده ، إن آية الجنة والهداة إليها إلى يوم القيامة لائمة آل محمد عليهم‌السلام ، وإن آية النار والدعاة إليها إلى يوم القيامة لأعداؤهم (١).

__________________

(١) يأتي في الحدثي : ١٧١.

٨٦

١٣٣ / ٤٢ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الكاتب ، قال : أخبرنا الحسن بن علي بن عبد الكريم ، قال : حدثنا إبراهيم بن محمد الثقفي ، قال : أخبرني عبيد الله بن القاسم (١) ، قال : حدثنا عمرو بن ثابت ، عن جبلة بن سحيم ، عن أبيه ، قال : لما بويع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام بلغه أن معاوية قد توقف عن إظهار البيعة له ، وقال : إن أقرني على الشام وأعمالي التي ولانيها عثمان بايعته ، فجاء المغيرة إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال له : يا أمير المؤمنين ، إن معاوية من قد عرفت ، وقد ولاه الشام من قد كان قبلك ، فوله أنت كيما تتسق عرى الأمور ثم اعزله إن بدا لك.

فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : أتضمن لي عمري يا مغيرة فيما بين توليته إلى خلعه؟ قال : لا. قال : لا يسألني الله ( عزوجل ) عن توليته على رجلين من المسلمين ليلة سوداء أبدا : ( وما كنت متخذ المضلين عضدا ) (٢) لكن أبعث إليه وأدعوه إلى ما في يدي من الحق ، فإن أجاب فرجل من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم ، وإن أبى حاكمته إلى الله ، فولى المغيرة وهو يقول : فحاكمه إذن وأنشأ يقول :

نصحت عليا في ابن حرب نصيحة

فرد فما منى له (٣) الدهر ثانيه

ولم يقبل النصح الذي جئته به

وكانت له تلك النصيحة كافيه (٤)

وقالوا له ما أخلص النصح كله

فقلت له إن النصيحة غاليه

__________________

(١) في نسخة : عبد الله بن أبي هاشم.

(٢) سورة الكهف ١٨ : ٥١.

(٣) أي ما قدر له.

(٤) في نسخة : عافية.

٨٧

فقام قيس بن سعد رحمه‌الله فقال : يا أمير المؤمنين ، إن المغيرة أشار عليك بأمر لم يرد الله ، فقدم فيه رجلا وأخر فيه أخرى ، فإن كان لك الغلبة تقرب إليك بالنصيحة ، وإن كانت لمعاوية تقرب إليه بالمشورة ، ثم أنشأ يقول :

كاد ومن أرسى ثبيرا مكانه

مغيرة أن يقوى عليك معاوية

وكنت بحمد الله فينا موفقا

وتلك التي أراكها غير كافيه

فسبحان من علا السماء مكانها

وأرضا دحاها فاستقرت كما هية

١٣٤ / ٤٣ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو نصر محمد بن الحسين المقرئ ، قال : حدثني أبو محمد عبد الله بن محمد البصري ، قال : حدثنا عبد العزيز بن يحيى ، قال : حدثنا موسى بن زكريا ، قال حدثنا أبو خالد ، قال : حدثني العتبي ، قال : سمعت الشعبي يقول : سمعت علي بن أبي طالب عليه‌السلام يقول : العجب ممن يقنط ومعه الممحاة. فقيل له : وما الممحاة؟ قال : الاستغفار.

١٣٥ / ٤٤ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، » قال : حدثنا الشريف الصالح أبو محمد الحسن بن حمزة العلوي رحمه‌الله قال : حدثنا أحمد بن عبد الله ، قال : حدثنا جدي أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، عن أبيه ، عن يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبيدة الحذاء ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما‌السلام ، قال : قال : ألا أخبركم بأشد ما افترض الله على خلقه؟ إنصاف الناس من أنفسهم ، ومواساة الاخوان في الله ( عزوجل ) ، وذكر الله على كل حال ، فإن عرضت له طاعة لله عمل بها ، وإن عرضت له معصية تركها (١).

١٣٦ / ٤٥ ـ حدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد ، قال : حدثنا أبو بكر محمد بن

__________________

(١) يأتي نحو ه في الحديثين : ١٣٩٣ و ١٤٤٦.

٨٨

عمر الجعابي ، قال : حدثني أبو جعفر محمد بن صالح القاضي ، قال : حدثنا مسروق ابن المرزبان ، قال : حدثنا حفص ، عن عاصم ، عن أبي عثمان ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن أعجز الناس من عجز عن الدعاء ، وأن أبخل الناس من بخل بالسلام.

١٣٧ / ٤٦ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي ، قال : حدثني الحسن بن حماد بن حمزة أبو علي من أصل كتابه ، قال : حدثنا الحسن بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، قال : حدثنا محمد بن سليمان الأصفهاني ، عن عبد الرحمن الأصفهاني ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، قال : د عاني النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وأنا أرمد العين ، فتفل في عيني وشد العمامة على رأسي ، وقال : اللهم اذهب عنه الحر والبرد ، فما وجدت بعدها حرا ولا بردا.

١٣٨ / ٤٧ ـ حدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد ، قال : حدثنا أبو بكر محمد بن عمر رحمه‌الله ، قال : حدثني أحمد بن عيسى بن أبي موسى بالكوفة ، قال : حدثنا عبدوس بن محمد الحضرمي ، قال : حدثنا محمد بن فرات ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن علي عليه‌السلام ، قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يأتينا كل غداة فيقول : الصلاة رحمكم الله الصلاة ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) (١).

١٣٩ / ٤٨ ـ حدثنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو عبيد الله محمد بن عمران المرزباني ، قال : حدثنا أحمد بن محمد ، قال : حدثنا الحسن بن عليل العنزي ، قال : حدثنا عبد الكريم بن محمد ، قال : حدثنا علي بن سلمة ، عن أبي أسلم محمد بن مخلد ، عن أبي هياج عبد الله بن عامر ، قال : لما أتى نعي الحسين عليه‌السلام إلى المدينة خرجت أسماء بنت عقيل بن أبي طالب ( رضي‌الله‌عنهما ) في جماعة من نسائها حتى

__________________

(١) سورة الأحزاب ٣٣ : ٣٣.

٨٩

انتهت إلى قبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلاذت به وشهقت عنده ، ثم التفتت إلى المهاجرين والأنصار ، وهي تقول.

ماذا تقولون إن قال النبي لكم

يوم الحساب وصدق القول مسموع

خذلتم عترتي أو كنتم غيبا

والحق عند ولي الأمر مجموع

أسلمتموهم بأيدي الظالمين فما

منكم له اليوم عند الله مشفوع

ما كان عند غداة الطف إذ حضروا

تلك المنايا ولا عنهن مدفوع

قال : فما رأينا باكيا ولا باكية أكثر مما رأينا ذلك اليوم.

١٤٠ / ٤٩ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو عبيد الله محمد بن عمران المرزباني ، قال : حدثنا أحمد بن محمد الجوهري ، قال : حدثني الحسن بن عليل العنزي ، عن عبد الكريم بن محمد ، قال : حدثنا حمزة بن القاسم العلوي ، عن عبد العظيم بن عبد الله العلوي ، عن الحسن بن الحسين العرني ، عن غياث بن إبراهيم ، عن الصادق جعفر بن محمد عليهما‌السلام ، قال : أصبحت يوما أم سلمة ( رضي‌الله‌عنها ) تبكي ، فقيل لها : مم بكاؤك؟ فقالت : لقد قتل ابني الحسين الليلة ، وذلك ـ أنني ما رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله منذ مض إلا الليلة ، فرأيته شاحبا كئيبا ، فقالت : قلت : مالي أراك يا رسول شاحبا كئيبا؟ قال : ما زلت الليلة أحفر القبور للحسين وأصحابه ( عليه وعليهم‌السلام ).

١٤١ / ٥٠ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد ، قال : حدثنا علي بن العباس ، قال : حدثنا عبد الكريم بن محمد ، قال : حدثنا سليمان بن مقبل الحارثي ، قال : حدثنا المحفوظ بن المنذر ، قال : حدثني شيخ من بني تميم ، كان يسكن الرابية قال : سمعت أبي يقول : ما شعرنا بقتل الحسين عليه‌السلام حتى كان مساء

٩٠

ليلة عاشورا ، فإني جالس بالرابية ومعي رجل من الحي فسمعنا هاتفا يقول :

والله ما جئتكم حتى بصرت به

بالطف منعفر الخدين منحورا

وحوله فتية تدمى نحورهم

مثل المصابيح يطفون الدجى نورا

وقد حثثت قلوصي (١) كي أصادفهم

من قبل أن يتلاقى الخرد (٢) الحورا

فعاقني قدر والله بالغه

وكان أمرا قضاه الله مقدورا

كان الحسين سراجا يستضاء به

الله يعلم أني لم أقل زورا

صلى الاله على جسم تضمنه

قبر الحسين حليف الخير مقبورا

مجاورا لرسول الله في غرف

وللرصي وللطيار مسرورا

فقلت له : من أنت يرحمك الله؟ قال : أنا وأبي من جن نصيبين ، أردنا مؤازرة الحسين عليه‌السلام ومواساته بأنفسنا ، فانصرفنا من الحج فأصبناه قتيلا.

١٤٢ / ٥١ ـ أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو عبيد الله محمد بن عمران المرزباني ، قال : حدثني أحمد بن محمد الجوهري ، قال : حدثنا محمد بن مهران ، قال : حدثنا موسى بن عبد الرحمن المسروقي ، عن عمر بن عبد الواحد ، عن إسماعيل بن راشد ، عن حذلم بن ستير (٣) ، قال : قدمت الكوفة في المحرم من سنة إحدى وستين ، منصرف علي بن الحسين عليهما‌السلام بالنسوة من كربلاء ومعهم الاجناد يحيطون بهم ، وقد خرج الناس للنظر إليهم ، فلما أقبل بهم على الجمال بغير وطاء جعل نساء الكوفة يبكين ، ويلتدمن (٤) ، فسمعت علي بن الحسين عليه‌السلام وهو يقول بصوت ضئيل ، وقد نهكته العلة ، وفي عنقه الجامعة ، ويده مغلولة إلى عنقه : إن هؤلاء النسوة يبكين ، فمن قتلنا؟!

__________________

(١) القلوص : الناقة الشابة.

(٢) الخرد : جمع خرود ، البكر التي لم تمس.

(٣) في نسخة : كثير.

(٤) التدمت المرأة : ضربت صدرها في النياحة ، وقيل : ضربت وجهها في المأتم.

٩١

قال : ورأيت زينب بنت علي عليه‌السلام ولم أر خفرة (١) قط أنطق منها ، كأنها تفرغ عن لسان أمير المؤمنين عليه‌السلام.

قال : وقد أومأت إلى الناس أن اسكتوا ، فارتدت الأنفاس ، وسكنت الأصوات ، فقالت : الحمد لله ، والصلاة على أبي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

أما بعد : يا أهل الكوفة ، ويا أهل الختل والخذل ، فلا رقأت العبرة ولا هدأت الرنة ، فإنما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا ، تتخذون أيمانكم دخلا بينكم (٢) ، ألا وهل فيكم ألا الصلف الظلف والضرم الشرف (٣) خوارون في اللقاء ، عاجزون عن الأعداء ، ناكثون للبيعة ، مضيعون للذمة ، فبئس ما قدمت لكم أنفسكم أن سخط الله عليكم وفي العذاب أنتم خالدون (٤). أتبكون! إي والله فابكوا كثيرا واضحكوا قليلا ، ولقد فزتم بعارها وشنارها (٥) ، ولن تغسلوا دنسها عنكم أبدا. فسليل خاتم الرسالة ، وسيد شباب أهل الجنة ، وملاذ خيرتكم ، ومفزع نازلتكم ، وأمارة محجتكم ، ومدرجة حجتكم خذلتم وله قتلتم! ألا ساء ما تزرون (٦) فتعسا ونكسا ، ولقد خاب السعي ، وتبت الأيدي ، وخسرت الصفقة ، وبؤتم بغضب من الله ( وضربت عليهم الذلة والمسكنة ) (٧).

ويلكم! أتدرون أي كبد لمحمد فريتم ، وأي دم له سفكتم ، وأي كريمة له أصبتم ( لقد جئتم شيئا إذا * تكاد السماوات يتفطرن منة وتنشق الأرض وتخر

__________________

(١) الخفرة الحيية.

(٢ ) تضمين من سورة النحل ١٦ : ٩٢.

(٣) في أمالي الشيخ المفيد : ٣٢٢ الصلف النطف والصدر الشنيف. والنطف : المريب أو النجس ، والشنيف : المبغض.

(٤) تضمين من سورة المائدة ٥ : ٨٠

(٥) الشنار : أقبح العيب والعار.

(٦) تضمين من سورة الأنعام ٦ : ٣١ والنحل ١٦ : ٢٥.

(٧) سورة البقرة ٢ : ٦١.

٩٢

الجبال هدأ ) (١).

ولقد أتيكم بها خرقاء شوهاء بلاغ الأرض والسماء ، أفعجبتم أن قطرت السماء دما ، ولعذاب الآخرة أخرى ، فلا يستخفنكم (٢) المهل ، فإنه لا يحفزه البدا ر ، ولا يخاف عليه فوت (٣) الثار ، كلا ( إن ربك لبالمرصاد ) (٤).

قال : ثم سكتت ، فرأيت الناس حيارى ، قد ردوا أيديهم في أفواههم ، ورأيت شيخا قد بكى حتى اخضلت لحيته ، وهو يقول :

كهولكم خير الكهول ونسلكم

إذا عد نسل لا يخيب ولا يخزى

١٤٣ / ٥٢ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو عبيد الله محمد بن عمران ، قال : حدثنا محمد بن إبراهيم بن خالد ، قال : حدثنا عبد الله بن أبي سعيد الرزاق ، قال : حدثني مسعود بن عمرو الجحدري ، قال : حدثني إبراهيم بن داحة ، قال : أول شعر رثي به الحسين بن علي عليه‌السلام قول عقبة بن عمر والسهمي ، من بني سهم بن عوف ابن غالب :

إذا العين قرت في الحياة وأنتم

تخافون في الدنيا فأظلم نورها

مررت على قبر الحسين بكربلا

ففاض عليه من دموعي غزيرها

فما زلت أرثيه وأبكي لشجوه (٥)

ويسعد عيني دمعها وزفيرها

وبكيت من بعد الحسين عصائبا

أطافت به من جانبيه قبورها

سلام على أهل القبور بكربلا

وقل لها مني سلام يزورها

سلام بآصال العشي وبالضحى

تؤديه نكباء الرياح ومورها (٦)

__________________

(١) سورة مريم ١٩ : ٨٩ و ٩٠.

(٢) في نسخة : يستعجلنكم.

(٢) في نسخة : فوات.

(٤) سورة الفجر ٨٩ : ١٤.

(٥) الشجو : الهم والحزن ، والشوط من البكاء.

(٦) النكباء : ريح انحرفت ووقعت بين ريحين كالصبا والشمال ، والمور : الغبار تثيره الريح ، والمور : الاضطراب.

٩٣

ولا برح الوفاد زوار قبره

يفوح عليهم مسكها وعبيرها (١)

١٤٤ / ٥٣ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد ، قال : حدثني جعفر بن محمد بن مسعود ، عن أبيه أبي النضر العياشي ، قال : حدثنا محمد بن حاتم (٢) ، قال : حدثني محمد بن معاذ ، قال : حدثنا زكريا بن عدي ، قال : حدثنا عبيد الله بن عمر (٣) ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن حمزة بن أبي سعيد الخدري ، عن أبيه ، قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول على المنبر : ما بال أقوام يقولون : إن رحم رسول الله لا تشفع (٤) يوم القيامة؟ بلى والله ، إن رحمي لموصلة في الدنيا والآخرة ، وإني أيها الناس فرطكم يوم القيامة على الحوض ، فإذا جئتم قال الرجل : يا رسول الله ، أنا فلان بن فلان ، فأقول : أما النسب فقد عرفته ، لكنكم أخذتم بعدي ذات الشمال وارتددتم على أعقابكم القهقرى.

١٤٥ / ٥٤ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا الشريف الصالح أبو محمد الحسن بن حمزة العلوي ، قال : حدثني أبو الحسن علي بن الفضل ، قال : حدثني أبو تراب عبيد الله بن موسى ، قال : حدثني أبو القاسم عبد العظيم بن عبد الله الحسني ، قال : سمعت أبا جعفر محمد بن علي بن موسى عليه‌السلام يقول : ملاقاة الاخوان نشرة (٥) تلقيح للعقل وإن كان نزرا قليلا.

١٤٦ / ٥٥ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : حدثني المظفر بن محمد الوراق ، قال : حدثني أبو علي محمد بن هشام ، قال : حدثني أبو سعيد الحسن بن زكريا البصري ، قال : حدثني عمرو (٦) بن المختار ، قال : حدثني أبو محمد النرسي ، عن

__________________

(١) يأتي في الحديث : ٤١٧.

(٢) في نسخة : خالد.

(٣) في نسخة : عمرو.

(٤) في نسخة : لا تنفع.

(٥) النشرة : الرقية التي يعالج بها المريض والمجنون.

(٦) في نسخة : عمر.

٩٤

النضر بن سويد ، عن عبد الله بن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام ، عن آبائه عليهم‌السلام ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : كيف بك يا علي إذا وقفت على شفير جهنم وقد مد الصراط ، وقيل للناس : جوزوا ، وقلت لجهنم : هذا لي وهذا لك؟

فقال علي عليه‌السلام : يا رسول الله ، ومن أولئك؟ فقال : أولئك شيعتك معك حيث كنت.

تم المجلس الثالث ، والحمد لله رب العالمين والصلاة على محمد

وآله الطاهرين ، ويتلوه المجلس الرابع من أمالي الشيخ أبي

جعفر محمد بن الحسن الطوسي رضي‌الله‌عنه.

٩٥

٩٦

[٤]

المجلس الرابع

فيه أحاديث أحمد بن محمد بن الصلت الأهوازي

وبقية أحاديث الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان.

بسم الله الرحمن الرحيم

١٤٧ / ١ ـ أخبرنا أحمد بن محمد بن الصلت الأهوازي ، قال : أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة الحافظ ، قال : أخبرنا جعفر بن عبد الله ، قال : حدثنا عمر بن خالد أبو حفص ، عن محمد بن يحيى المدني ، قال : سمعت جعفر بن محمد عليهما‌السلام يقول : من كان في حاجة أخيه المؤمن المسلم ، كان الله في حاجته ما كان في حاجة أخيه.

١٤٨ / ٢ ـ وبهذا الاسناد ، عن ابن عقدة ، عن عاصم بن عمرو ، عن محمد بن مسلم ، قال : أتاني رجل من أهل الجبل ، فدخلت معه على أبي عبد الله عليه‌السلام ، فقال له عند الوداع : أوصني. فقال : أوصيك بتقوى الله وبر أخيك المسلم ، وأحب له ما تحب لنفسك ، وأكره له ما تكره لنفسك ، وإن سألك فأعطه ، وإن كف عنك فاعرض عليه ، ولا تمله خيرا فإنه لا يملك ، وكن له عضدا فإنه لك عضد ، إن وجد عليك فلا

٩٧

تفارقه حتى تسل سخيمته (١) ، وإن غاب فاحفظه في غيبته ، وإن شهد فاكنفه وأعضده ووازره وأكرمه ولاطفه ، فإنه منك وأنت منه.

١٤٩ / ٣ ـ وبهذا الاسناد ، عن ابن عقدة ، قال : حدثني أحمد بن الحسن ، قال : حدثنا الهيثم بن محمد ، عن محمد بن الفيض ، عن معلى بن خنيس ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : ما حق المؤمن على المؤمن؟ قال : سبع حقوق واجبات ، ما منها حق إلا واجب عليه ، إن خالفه خرج من ولاية الله ، وترك طاعته ، ولم يكن لله فيه نصيب.

قال : قلت حدثني ما هن؟

فقال : ويحك يا معلى ، إني عليك شفيق ، أخشى أن تضيع ولا تحفظ ، وأن تعلم ولا تعمل. قال : قلت : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

قال عليه‌السلام : أيسر حق منها أن تحب له ما تحب لنفسك ، وتكره له ما تكره لنفسك ، والحق الثاني أن تمشي في حاجته وتتبع رضاه ولا تخالف قوله ، والحق الثالث أن تصله بنفسك ومالك ويديك ورجليك ولسانك ، والحق الرابع أن تكون عينه ودليله ومرآته وقميصه ، والحق الخامس أن لا تشبع ويجوع ولا تلبس ويعرى ولا تروى ويظمأ ، والحق السادس أن يكون لك امرأة وخادم وليس لأخيك امرأة وخادم فتبعث بخادمك فتغسل ثيابه ، وتصنع طعامه ، وتمهد فراشه ، فإن ذلك كله لما جعل بينك وبينه ، والحق السابع أن تبر قسمه ، وتجيب دعوته ، وتشهد جنازته ، وتعود مريضه ، وتشخص ببدنك في قضاء حوائجه ، ولا تلجئه إلى أن يسألك ، فإذا حفظت ذلك منه فقد وصلت ولايتك بولايته وولايته بولايته ( تعالى ).

١٥٠ / ٤ ـ وبهذا الاسناد ، عن ابن عقدة ، قال : حدثنا محمد بن الفضل بن إبراهيم بن المفضل بن قيس بن رمانة ، قال : حدثني أبي ، عن عبد الله بن أبي يعفور ، قال : قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام : إنه من عظم دينه عظم إخوانه ، ومن استخف بدينه

__________________

(١) السخيمة : الموجدة والضغينة في النفس.

٩٨

استخف بإخوانه ، يا محمد ، اخصص بمالك وطعامك من تحبه في الله ( عزوجل ).

١٥١ / ٥ ـ وبهذا الاسناد ، عن المفضل بن قيس ، عن أيوب بن محمد المسلي ، عن أبان بن تغلب ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : من كان وصل لأخيه بشفاعة في دفع مغرم أو جر مغنم ، ثبت الله ( عزوجل ) قدميه يوم تزل فيه الاقدام.

١٥٢ / ٦ ـ وبهذا الاسناد ، عن ابن عقدة ، قال : حدثني أحمد بن يحيى بن المنذر ، قال : حدثنا حسين بن محمد ، قال : حدثني أبي ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن صفوان بن مهران ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : أيما رجل مسلم أتاه رجل مسلم في حاجة ، وهو يقدر على قضائها ، فمنعه إياها ، عيره الله يوم القيامة تعييرا شديدا ، وقال له : أتاك أخوك في حاجة قد جعلت قضاؤها في يدك ، فمنعته إياها زهدا منك في ثوابها ، وعزتي لا أنظر إليك اليوم في حاجة معذبا كنت أو مغفورا لك.

١٥٣ / ٧ ـ أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد ، قال : حدثني أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه رحمه‌الله قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أيوب بن نوح ، عن صفوان بن يحيى ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما‌السلام ، قال : إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش : أين خليفة الله في أرضه؟ فيقوم داود النبي عليه‌السلام ، فيأتي النداء من عند الله ( عزوجل ) : لسنا إياك أردنا وإن كنت لله خليفة.

ثم ينادي ثانية : أين خليفة الله في أرضه؟ فيقوم أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فيأتي النداء من قبل الله ( عزوجل ). يا معشر الخلائق ، هذا علي بن أبي طالب ، خليفة الله في أرضه وحجته على عباده ، فمن تعلق بحبله في دار الدنيا ، فليتعلق بحبله في هذا اليوم ، ليستضئ بنوره ، وليتبعه إلى الدرجات الغلا من الجنان. قال : فيقوم أناس قد تعلقوا بحبله في الدنيا فيتبعونه إلى الجنة.

ثم يأتي النداء من عند الله ( عزوجل ) : ألا من إئتم بامام في دار الدنيا فليتبعه إلى حيث يذهب به ، فحينئذ « يتبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب. وقال الذين اتبعوا لو أن لناكرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم

٩٩

الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار » (١).

١٥٤ / ٨ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني المظفر بن أحمد البلخي ، قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن أبي الثلج ، قال : حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد الحسني ، قال : حدثنا عيسى بن مهران ، قال : حدثنا حفص بن عمر الفراء ، قال : حدثنا أبو معاذ الخزاز ، قال : حدثني يونس بن عبد الوارث ، عن أبيه ، قال : بينا ابن عباس رحمه‌الله يخطب عندنا على منبر البصرة إذ أقبل على الناس بوجهه ، ثم قال : أيتها الأمة المتحيرة في دينها ، أما والله لو قدمتم من قدم الله ، وأخرتم من أخر الله ، وجعلتم الوراثة والولاية حيث جعلها الله ، ما عال سهم من فرائض إذ ولا عال ولي لله ، ولا اختلف اثنان في حكم الله ، فذوقوا وبال ما فرطتم فيه بما قدمت أيديكم ( وسيعلم الذين ظلموا أي ، منقلب ينقلبون ) (٢).

١٥٥ / ٩ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : حدثنا أبو الطيب الحسين بن علي التمار ، قال : حدثنا أبو عبد الله بن محمد (٣) ، قال : حدثنا سويد ، قال : حدثنا الحكم بن سنان ، عن سدوس صاحب السابري ، عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا جمع الله الخلائق يوم القيامة فدخل أهل الجنة الجنة ، وأهل النار النار نادى مناد تحت العرش : تتاركوا المظالم بينكم ، فعلي ثوابكم.

١٥٦ / ١٠ ـ أخبرنا محمد بن محمد والحسن بن إسماعيل ، قال : أخبرنا أبو عبيد الله محمد بن عمران المرزباني ، قال : حدثنا عبد الله بن يحيى العسكري ، قال : حدثني أحمد بن زيد بن أحمد ، قال : حدثنا محمد بن يحيى بن أكثم أبو عبد الله ، قال : حدثني أبي يحيى بن أكثم القاضي ، قال : أقدم المأمون دعبل بن علي الخزاعي رحمه‌الله وآمنه على نفسه ، فلقا مثل بين يديه ـ وكنت جالسا بين يدي

__________________

(١) تضمين للآيتين ١٦٦ ـ ١٦٧ من سورة البقرة. وقد تقدم في الحديث : ٩٢ سندا ومتنا.

(٢) سورة الشعراء ٢٦ : ٢٢٧. وقد تقدم في الحديث : ٩٣.

(٣) كذا ، ويحتمل كونه أبا القاسم عبد الله بن محمد البغوي ، فإنه يروي عن سويد بن سعيد ، أو أبا عبد الله محمد ابن أيوب الرازي ابن ضريس ، فإنه من مشايخ أبي الطيب التمار.

١٠٠