الأمالي

أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطّوسي [ شيخ الطائفة ]

الأمالي

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطّوسي [ شيخ الطائفة ]


المحقق: مؤسسة البعثة
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الثقافة للطباعة والنشر
الطبعة: ١
الصفحات: ٨٨٨

[٣٨]

مجلس يوم الجمعة

الرابع عشر من شعبان سنة سبع وخمسين وأربع مائة

فيه بقية أحاديث الحسين بن إبراهيم القزويني ، وابن شاذان القمي ، والغضائري.

بسم الله الرحمن الرحيم

١٤٤٨ / ١ ـ وبهذا الاسناد ، عن علي بن عقبة ، عن أبي كهمس ، عن عمرو بن سعيد بن هلال ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أوصني. فقال : أوصيك بتقوى الله والورع والاجتهاد ، واعلم أنه لا ينفع اجتهاد لا ورع فيه ، وانظر إلى من هو دونك ، ولا تنظر إلى من هو فوقك ، فكثيرا ما قال الله ( عزوجل ) لرسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ( فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم ) (١) ، وقال ( عز ذكره ) : ( ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا ) (٢) فإن نازعتك نفسك إلى شئ من ذلك ، فاعلم أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان قوته الشعير ، وحلواه التمر ، ووقوده السعف ، وإذا أصبت بمصيبة فاذكر مصابك برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فإن الناس لم يصابوا بمثله أبدا ، ولن يصابوا بمثله أبدا.

١٤٤٩ / ٢ ـ وبهذا الاسناد ، عن علي بن عقبة ، عن سعيد بن عمرو الجعفي ، عن محمد بن مسلم ، قال : دخلت على أبي جعفر عليه‌السلام ذات يوم ، وهو يأكل متكئا ،

__________________

(١) سورة التوبة ٩ : ٥٥.

(٢) سورة طه ٢٠ : ١٣١.

٦٨١

وقد كان يبلغنا أنه ينهى عن ذلك (١).

١٤٥٠ / ٣ ـ وعنه ، قال : أخبرنا أبو الحسن (٢) ، قال : حدثنا علي بن محمد بن متولة القلانسي ، قال : حدثنا حمزة بن القاسم ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، قال : حدثنا محمد بن الحسين ، قال : حدثنا محمد بن أبي عمير ، عن المفضل بن عمر ، قال : جاز مولانا جعفر بن محمد الصادق عليه‌السلام بالقائم المائل في طريق الغري ، فصلى عنده ركعتين ، فقيل له : ما هذه الصلاة؟ قال : هذا موضع رأس جدي الحسين بن علي عليهما‌السلام ، وضعوه هاهنا.

١٤٥١ / ٤ ـ وعنه ، قال : أخبرنا أبو الحسن ، قال : حدثنا إبراهيم بن محمد المذاري ، قال. حدثني محمد بن جعفر ، قال : حدثني محمد بن عيسى ، قال : حدثني يونس بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن مسكان ، عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام ، قال : سألته عن القائم المائل في طريق الغري. فقال : نعم ، إنه لما جاوز سرير أمير المؤمنين علي عليه‌السلام انحنى أسفا وحزنا على أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وكذلك سرير أبرهة لما دخل عليه عبد المطلب انحنى ومال.

١٤٥٢ / ٥ ـ وعنه ، قال : أخبرنا أبو الحسن ، قال : حدثني الخال أبو القاسم جعفر ابن محمد بن قولويه ، قال : حدثني حكيم بن داود القياف ، قال : حدثني سلمة بن الخطاب ، قال : حدثني سليمان بن سماعة الحذاء ، عن عمه عاصم ، عن الصادق جعفر بن محمد عليهما‌السلام ، أنه سئل : ما بال المتهجدين من أحسن الناس وجها؟ قال : لأنهم خلوا بالله سبحانه ، فكساهم من نوره.

١٤٥٣ / ٦ ـ وعنه ، بهذا الاسناد ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من ولد له ثلاث بنين ، ولم يسم أحدهم محمدا ، فقد جفاني.

__________________

(١) يأتي تاما في الحديث : ١٤٧٠.

(٢) أبو الحسن هنا ، وفي ما يأتي في بداية الأسانيد ، هو ابن شاذان ، ويأتي التصريح باسمه في الحديث : ١٤٥٥.

٦٨٢

١٤٥٤ / ٧ ـ وعنه ، قال : أخبرنا أبو الحسن ، عن أبيه ، عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن عبد الله بن سنان ، عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام ، قال : إن لأهل الجنة (١).

١٤٥٥ / ٨ ـ وعنه ، قال : أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن شاذان ، قال : حدثني أبو الحسين محمد بن علي بن المفضل بن همام الكوفي ، قال : حدثني محمد ابن علي بن معمر الكوفي ، قال : حدثني محمد بن الحسين الزيات الكوفي ، قال : حدثنا أحمد بن محمد ، قال : حدثني أبان بن عثمان ، قال : حدثني أبان بن تغلب ، عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام ، قال : لما انصرفت فاطمة عليها‌السلام من عند أبي بكر ، أقبلت على أمير المؤمنين عليه‌السلام فقالت : يا بن أبي طالب ، اشتملت مشيمة الجنين ، وقعدت حجرة الظنين (٢) ، نقضت قادمة الأجدل (٣) ، فخانك (٤) ريش الأعزل ، هذا ابن أبي قحافة قد ابتزني نحيلة أبي وبليغة ( ) ابني ، والله لقد أجد في ظلامتي ، وألد في خصامي ، حتى منعتني قيلة (٦) نصرها ، والمهاجرة وصلها ، وغضت الجماعة دوني طرفها ، فلا مانع ولا دافع ، خرجت والله كاظمة ، وعدت راغمة ، فليتني ولا خيار لي مت قبل ذلتي ، وتوفيت قبل منيتي ، عذيري فيك الله حاميا ، ومنك عاديا (٧) ، ويلاه في كل شارق ، ويلاه مات المعتمد ووهن العضد ، شكواي إلى ربي ، وعدواي (٨) إلى أبي ، اللهم أنت أشد قوة.

__________________

(١) كذا ، وفيه سقط.

(٢) الظنين : المتهم.

(٣) قوادم الطير : مقاديم ريشه ، والأجدل : الصقر.

(٤) كذا ، ولعلها تصحيف : خاتك ، وخات البازي على الصيد : انقض عليه ليأخذه فسمع لريشه دوي ، وخاته : اختطفه.

(٥) النحيلة : المطية ، والبليغة : ما يتبلغ به ويكفي لسد الحاجة ، وكلاهما بالتصغير.

(٦) قيلة : وهي قيلة بنت كاهل ، أم الأوس.

(٧) العادي : العدو ، أو من : عدا فلانا عن الامر : صرفه وشغله.

(٨) العدوي : طلبك إلى وال ليعديك على من ظلمك ، أي ينتقم منه.

٦٨٣

فأجابها أمير المؤمنين عليه‌السلام : لا ويل لك ، بل الويل لشانئك ، نهنهي من غربك (١) ، يا بنت الصفوة ، وبقية النبوة ، فوالله ما ونيت في ديني ، ولا أخطأت مقدوري ، فإن كنت ترزئين (٢) البلغة فرزقك مضمون ، ولعيلتك مأمون ، وما أعد لك خير مما قطع عنك ، فاحتسبي. فقالت : حسبي الله ونعم الوكيل.

١٤٥٦ / ٩ ـ وعنه ، أخبرنا أبو الحسن ، عن محمد بن علي بن المفضل ، عن علي ابن الحسن أبي الحسن النحوي الرازي ، قال : أخبرني الحسن بن علي الزفري ، قال : حدثني العباس بن بكار الضبي ، قال : حدثني أبو بكر الهذلي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : خطب أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال : الحمد لله الذي لا يحويه مكان ، ولا يحده زمان ، علا بطوله ، ودنا بحوله ، سابق كل غنيمة وفضل ، وكاشف كل عظيمة وإزل (٣) ، أحمده على جود كرمه ، وسبوغ نعمه ، واستعينه على بلوغ رضاه ، والرضا بما قضاه ، وأؤمن به إيمانا ، وأتوكل عليه إيقانا.

وأشهد أن لا إله إلا الله ، الذي رفع السماء فبناها ، وسطح الأرض فطحاها ، أخرج منها ماءها ومرعاها ، والجبال أرساها ، لا يؤوده خلق ، وهو العلي العظيم.

وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، أرسله بالهدى المشهور ، والكتاب المسطور ، والدين المأثور ، إبلاء لعذره ، وإنهاء لامره ، فبلغ الرسالة ، وهدى من الضلالة ، وعبد ربه حتى أتاه اليقين ، فصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كثيرا.

أوصيكم بتقوى الله ، فإن التقوى أفضل كنز ، وأحرز حرز ، وأعز عز ، فيها نجاة كل هارب ، ودرك كل طالب ، وظفر كل غالب ، وأحثكم على طاعة الله ، فإنها كهف العابدين ، وفوز الفائزين ، وأمان المتقين.

واعلموا ـ أيها الناس ـ أنكم سيارة ، قد حدا بكم الحادي ، وحدا لخراب الدنيا

__________________

(١) نهنه فلانا عن الشئ : كفه عنه وزجره ، ويقال : كففت من غربه ، أي من حدته.

(٢) رزأه حقه أو ماله : نقصه.

(٣) الأزل : الداهية.

٦٨٤

حادي ، وناداكم للموت منادي ، فلا تغرنكم الحياة الدنيا ، ولا يغرنكم بالله الغرور.

ألا وإن الدنيا دار غرارة خداعة ، تنكح في كل يوم بعلا ، وتقتل في كل ليلة أهلا ، وتفرق في كل ساعة شملا ، فكم من منافس فيها ، وراكن إليها من الأمم السالفة ، قد قذفتهم في الهاوية ، ودمرتهم تدميرا ، وتبرتهم تتبيرا ، وأصلتهم سعيرا.

أين من جمع فأوعى ، وشد فأوكى ، ومنع فأكدى؟ بلى أين من عسكر العساكر ، ودسكر الدساكر (١) ، وركب المنابر ، أين من بنى الدور ، وشرف القصور ، وجمهر الألوف؟ قد تداولتهم أيامها ، ابتعلتهم أعوامها ، فصاروا أمواتا ، وفي القبور رفاتا ، قد نسوا ما خلفوا ، ووقفوا على ما أسلفوا ، ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق ، ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين.

وكأني بها وقد أشرقت بطلائعها ، وعسكرت بفظائعها ، فأصبح المرء بعد صحته مريضا ، وبعد سلامته نقيضا ، يعالج كربا ، ويقاسي تعبا ، في حشرجة السباق ، وتتابع الفواق ، وتردد الأنين ، والذهول على البنات والبنين ، والمرء قد اشتمل عليه شغل شاغل ، وهول هائل ، قد اعتقل منه اللسان ، وتردد منه البنان ، فأصاب مكروها ، وفارق الدنيا مسلوبا ، لا يملكون له نفعا ، ولا لما حل به دفعا ، يقول الله ( عزوجل ) في كتابه : ( فلولا إن كنتم غير مدينين * ترجعونها إن كنتم صادقين ) (٢).

ثم من دون ذلك أهوال القيامة ، ويوم الحسرة والندامة ، يوم تنصب الموازين ، وتنشر الدواوين ، بإحصاء كل صغيرة ، وإعلان كل كبيرة ، يقول الله في كتابه : ( ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا ) (٣).

ثم قال : أيها الناس ، الآن الآن من قبل الندم ، ومن قبل ( أن تقول نفس يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين * أو تقول لو أن الله

__________________

(١) الدساكر : جمع دسكرة ، وهي بناء شبه القصر حواليه بيوت ، تكون للملوك ، وقيل : القرية العظيمة.

(٢) سورة الواقعة ٥٦ : ٨٦ ، ٨٧

(٣) سورة الكهف ١٨ : ٤٩.

٦٨٥

هداني لكنت من المتقين * أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين ) ، فيرد الجليل ( جل ثناؤه ) : ( بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين ) (١) ، فوالله ما سأل الرجوع إلا ليعمل صالحا ، ولا يشرك بعبادة ربه أحدا.

ثم قال : أيها الناس ، الآن الآن ، ما دام الوثاق مطلقا ، والسراج منيرا ، وباب التوبة مفتوحا ، ومن قبل أن يجف القلم ، وتطوى الصحيفة ، فلا رزق ينزل ، ولا عمل يصعد ، المضمار اليوم ، والسباق غدا ، فإنكم لا تدرون إلى جنة ، أو إلى نار ، واستغفر الله لي ولكم.

١٤٥٧ / ١٠ ـ وعنه ، قال : أخبرنا الحسين بن عبيد الله ، عن أبي علي أحمد بن جعفر بن سفيان البزوفري ، عن حميد بن زياد ، عن العباس بن عبيد الله بن أحمد الدهقان ، عن إبراهيم بن صالح الأنماطي ، رفعه ، قال (٢) : لما أصبح علي عليه‌السلام بعد البيعة ، دخل بيت المال ، فدعا بمال كان قد اجتمع ، فقسمه ثلاثة دنانير ثلاثة دنانير بين من حضر من الناس كلهم ، فقام سهل بن حنيف فقال : يا أمير المؤمنين ، قد أعتقت هذا الغلام ، فأعطاه ثلاثة دنانير ، مثل ما أعطى سهل بن حنيف.

__________________

(١) سورة الزمر ٣٩ : ٥٦ ـ ٥٩.

(٢) في النسخة زيادة لا تنسجم مع الحديث والظاهر أنه سقط قسم من سند الحديث وصدره ، وما أثبتناه وفقا لنسخة بحار الأنوار ٣٢ : ٣٨ / ٢٣ طبعة وزارة الارشاد و ٨ : ٣٧٣ الطبعة الحجرية.

٦٨٦

[٣٩]

مجلس يوم الجمعة

السابع عشر من ذي القعدة سنة سبع وخمسين وأربع مائة

فيه بقية أحاديث ابن شاذان القمي ، والغضائري ،

والشيخ المفيد ، والحسين بن إبراهيم القزويني.

بسم الله الرحمن الرحيم

١٤٥٨ / ١ ـ حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي رحمه‌الله ، قال : أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن الحسن بن شاذان القمي ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا محمد بن الحسن ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، قال : حدثنا محمد بن عيسى ، قال : حدثني علي بن بلال ، عن محمد بن بشر الدهان ، عن محمد بن سماعة ، قال : سأل بعض أصحابنا الصادق عليه‌السلام ، فقال له : أخبرني أي الأعمال أفضل؟ قال : توحيدك لربك. قال : فما أعظم الذنوب؟ قال : تشبيهك لخالقك.

١٤٥٩ / ٢ ـ وعنه ، قال : أخبرنا أبو الحسن ، عن أبيه ، عن محمد بن الحسن ، قال : حدثنا محمد بن أبي القاسم ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن خالد ، قال : حدثنا علي ابن محمد القاساني ، قال : حدثني أبو أيوب المدائني ، قال : حدثني سليمان الجعفري ، قال : سمعت أبا الحسن الرضا يقول : لا تقتلوا القنبرة ، ولا تأكلوا لحمها ، فإنها كثيرة التسبيح ، وتقول في آخر تسبيحها : « لعن الله مبغضي آل محمد ».

٦٨٧

١٤٦٠ / ٣ ـ وعنه ، باسناده ، قال : كان علي بن الحسين عليهما‌السلام يقول : ما أزرع الزرع لطلب الفضل فيه ، وما أزرعه إلا ليتناوله الفقير وذو الحاجة ، ولتتناول منه القنبرة خاصة من الطير.

١٤٦١ / ٤ ـ وعنه ، قال : أخبرنا أبو الحسن ، عن القاضي أبي الفرج المعافى بن زكريا ، قال : حدثنا أحمد بن هوذة ، قال : حدثنا إبراهيم بن إسحاق ، قال : حدثني محمد بن سليمان الديلمي ، عن أبيه ، قال : سألت جعفر بن محمد عليهما‌السلام : لم سميت الجمعة جمعة؟ قال : لان الله ( تعالى ) جمع فيها خلقه لولاية محمد وأهل بيته عليهم‌السلام.

١٤٦٢ / ٥ ـ وعنه ، قال : أخبرنا أبو الحسن ، عن أبي عبد الله محمد بن علي ، عن محمد بن جعفر بن بطة ، قال : حدثنا محمد بن الحسن ، قال : حدثني حمزة بن يعلى الأشعري ، قال : حدثني محمد بن داود بن محمد النهدي ، قال : حدثني علي بن الحكم ، عن الربيع بن محمد المسلي ، عن عبد الله بن سليمان ، عن الباقر عليه‌السلام ، قال : سألته عن زيارة القبور. قال : إذا كان يوم الجمعة فزرهم ، فإنه من كان فيهم في ضيق وسع عليه ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، يعلمون بمن أتاهم في كل يوم ، فإذا طلعت الشمس كانوا سدى.

قال : قلت : فيعلمون بمن أتاهم ، فيفرحون به؟ قال : نعم ، ويستوحشون له إذا انصرف عنهم.

١٤٦٣ / ٦ ـ وعنه ، قال : أخبرنا أبو الحسن ، قال : حدثني ابن الخال أبو أحمد عبد العزيز بن جعفر بن قولويه ، قال : حدثني محمد بن عيسى ، قال : حدثنا محمد بن خلف ، قال : حدثني موسى بن إبراهيم المروزي ، قال. حدثني موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌السلام ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فلا يلبث في موضع تسمع نفسه امرأة ليست له بمحرم.

١٤٦٤ / ٧ ـ وعنه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : أري رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بني أمية يصعدون على منبره من بعده ، ويضلون الناس عن الصراط القهقرى ، فأصبح

٦٨٨

حزينا. قال : فهبط عليه جبرئيل ، فقال : يا رسول الله ، مالي أراك كئيبا حزينا؟ قال. يا جبرئيل ، رأيت بني أمية في ليلتي هذه يصعدون منبري من بعدي ، ويضلون الناس عن الصراط القهقرى! قال : والذي بعثك بالحق نبيا ، إني ما اطلعت عليه ، وعرج إلى السماء ، فلم يلبث أن نزل عليه بآي من القرآن يؤنسه بها : ( أفرأيت إن متعناهم سنين * ثم جاءهم ما كانوا يوعدون * ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون ) (١) ، وأنزل عليه ( إنا أنزلناه في ليلة القدر * وما أدراك ما ليلة القدر * ليلة القدر خير من ألف شهر ) (٢) جعل الله ليلة القدر لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله خيرا من ألف شهر ملك بني أمية.

١٤٦٥ / ٨ ـ وعنه ، قال : أخبرنا الحسين بن عبيد الله ، عن أحمد بن محمد بن يحيى ، عن أبيه محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن الحسن أخيه ، عن زرعة ، عن سماعة ، قال : قال لي : صل في ليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان في كل واحدة منهما ، إن قويت على ذلك ، مائة ركعة سوى الثلاث عشرة ، واسهر فيهما حتى تصبح ، فإن ذلك يستحب أن يكون في صلاة ودعاء وتضرع ، فإنه يرجى أن تكون ليلة القدر في إحداهما ، وليلة القدر خير من ألف شهر.

فقلت له : كيف هي خير من ألف شهر؟ قال : العمل فيها خير من العمل في ألف شهر ، وليس في هذه الأشهر ليلة القدر ، وهي تكون في رمضان ، وفيها يفرق كل أمر حكيم.

فقلت : وكيف ذلك؟ فقال : ما يكون في السنة ، وفيها يكتب الوفد إلى مكة.

٩ / ١٤٦٦ ـ وبهذا الاسناد ، عن الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن بكير ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : سألته عن ليلة القدر. قال : هي إحدى وعشرون أو ثلاث وعشرون.

__________________

(١) سورة الشعراء ٢٦ : ٢٠٥ ـ ٢٠٧.

(٢) سورة القدر ٩٧ : ١ ـ ٣.

٦٨٩

قلت : أليس إنما هي ليلة القدر؟ قال : بلى.

قلت : فأخبرني بها. قال : وما عليك أن تفعل خيرا في ليلتين؟

١٤٦٧ / ١٠ ـ وعنه ، بهذا الاسناد ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن علي (١) ، قال : كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام فقال له أبو بصير : ما الليلة التي يرجى فيها ما يرجى؟ قال : في إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين.

قال : فإن لم أقو على كلتيهما؟ قال : ما أيسر ليلتين فيما تطلب!

قال : قلت : فربما رأينا الهلال عندنا ، وجاءنا من يخبر بخلاف ذلك في أرض أخرى؟ فقال : ما أيسر أربع ليل تطلبها فيها!

قلت : جعلت فداك ، ليلة ثلاث وعشرين ليلة الجهني (٢)؟ فقال : إن ذلك ليقال.

قلت : جعلت فداك ، إن سليمان بن خالد روى في تسع عشرة يكتب وفد الحاج. فقال لي : يا أبا محمد ، يكتب وفد الحاج في ليلة القدر ، والمنايا والبلايا والأرزاق ، وما يكون إلى مثلها في قابل ، فاطلبها في إحدى وثلاث ، وصل في كل واحدة منهما مائة ركعة ، واحيهما إن استطعت إلى النور ، واغتسل فيهما.

قال : قلت : فإن لم أقدر على ذلك ، وأنا قائم؟ قال : فصل وأنت جالس.

قلت : فإن لم أستطع؟ قال : فعلى فراشك.

قلت. فإن لم أستطع؟ قال : فلا عليك أن تكتحل أول ليل بشئ من النوم ، فإن أبواب السماء تفتح في شهر رمضان ، وتصفد الشياطين ، وتقبل أعمال المؤمنين ، نعم الشهر رمضان ، كان يسمى على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله المرزوق.

١٤٦٨ / ١١ ـ وعنه ، قال : أخبرنا الحسين بن عبيد الله ، عن أحمد بن محمد بن يحيى ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي

__________________

(١) القاسم بن محمد هو الجوهري ، وعلي هو ابن أبي حمزة البطائني.

(٢) هو عبد الله بن أنيس الجهني ، أبو يحيى المدني ، حليف بني سلمة من الأنصار ، سأل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن ليلة القدر ، فقال : إني شاسع الدار ، فمرني بليلة أنزل لها. قال : أنزل ليلة ثلاث وعشرين.

٦٩٠

عمير ، عن محمد بن الحكم أخي هشام ، عن عمر بن يزيد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : إن لله في كل ليلة من شهر رمضان عتقاء من النار إلا من أفطر على مسكر ، أو مشاحن ، أو صاحب شاهين.

قال : قلت : وأي صاحب شاهين؟ قال : الشطرنج.

١٤٦٩ / ١٢ ـ وعنه ، قال : أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد ، قال : قال : أخبرني أبو القاسم إسماعيل بن محمد الأنباري الكاتب ، قال : حدثنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد الأزدي ، قال : حدثنا شعيب بن أيوب ، قال : حدثنا معاوية بن هشام ، عن سفيان ، عن هشام بن حسان ، قال : سمعت أبا محمد الحسن بن علي عليهما‌السلام يخطب الناس بعد البيعة له بالامر ، فقال : نحن حزب الله الغالبون ، وعترة رسوله الأقربون ، وأهل بيته الطيبون الطاهرون ، وأحد الثقلين اللذين خلفهما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في أمته ، والثاني كتاب الله ، فيه تفصيل كل شئ ، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، فالمعول علينا في تفسيره ، لا نتظنى تأويله ، بل نتيقن حقائقه ، فأطيعونا فإن طاعتنا مفروضة ، إذ كانت بطاعة الله ( عزوجل ) ورسوله مقرونة ، قال الله ( عزوجل ) : ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول ) (١) ، ( ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ) (٢).

وأحذركم الاصغاء لهتاف الشيطان ، فإنه لكم عدو مبين ، فتكونوا أولياءه الذين قال لهم : ( لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني برئ منكم إني أرى ما لا ترون ) (٣) فتلقون إلى الرماح وزرا ، وإلى السيوف جزرا ، وللعمد حطما ، وللسهام غرضا ، ثم ( لا ينفع نفسا إيمانها لم

__________________

(١) سورة النساء ٤ : ٥٩.

(٢) سورة النساء ٤ : ٨٣

(٣) سورة الأنفال ٨ : ٤٨.

٦٩١

تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا ) (١).

١٤٧٠ / ١٣ ـ وعنه ، عن الحسين بن إبراهيم القزويني ، عن محمد بن وهبان ، عن محمد بن أحمد بن زكريا ، عن الحسن بن فضال ، عن علي بن عقبة ، عن سعيد بن عمرو الجعفي ، عن محمد بن مسلم ، قال : دخلت على أبي جعفر عليهما‌السلام ذات يوم وهو يأكل متكئا ، قال : وقد كان يبلغنا أن ذلك يكره ، فجعلت أنظر إليه ، فدعاني إلى طعامه ، فلما فرغ ، قال : يا محمد ، لعلك ترى أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله رأته عين وهو يأكل متكئا منذ بعثه الله إلى أن قبضه؟ ثم رد على نفسه فقال : لا والله ما رأته عين يأكل هو متكئ منذ أن بعثه الله إلى أن قبضه.

ثم قال : يا محمد ، لعلك ترى أنه شبع من خبز البر ثلاثة أيام متوالية منذ أن بعثه الله إلى أن قبضه؟ ثم إنه رد على نفسه ، ثم قال : لا والله ، ما شبع من خبز البر ثلاثة أيام متوالية إلى أن قبضه الله ، أما إني لا أقول : إنه لم يجد ، لقد كان يجيز (٢) الرجل الواحد بالمائة من الإبل ، ولو أراد أن يأكل لاكل ، ولقد أتاه جبرئيل عليه‌السلام بمفاتيح خزائن الأرض ثلاث مرار ، يخيره من غير أن ينقصه الله مما أعد له يوم القيامة شيئا ، فيختار التواضع لربه ، وما سئل شيئا قط ، فقال : لا ، إن كان أعطى ، وإن لم يكن قال : يكون إن شاء الله ( تعالى ) ، وما أعطى على الله شيئا قط إلا سلم الله له ذلك ، حتى إن كان ليعطي الرجل الجنة فيسلم الله ذلك له.

ثم تناولني بيده فقال : وإن كان صاحبكم (٣) عليه‌السلام ليجلس جلسة العبد ، ويأكل أكل العبد ، ويطعم الناس خبز البر واللحم ، ويرجع إلى رحله فيأكل الخبز (١) والزيت ، وإن كان ليشتري القميصين السنبلانيين (٥) ، ثم يختر غلامه خيرهما ، ثم

__________________

(١) سورة الأنعام ٦ : ١٥٨.

(٢) أي يعطيه جائزة.

(٣) أراد عليا عليه‌السلام.

(٤) في نسخة : الخل.

(٥) القميص السنبلاني. السابغ الطول ، وقيل : المنسوب إلى بلد بالروم.

٦٩٢

يلبس الآخر ، فإذا جاز أصابعه قطعه ، وإن جاز كعبيه حذفه ، وما ورد عليه أمران قط كلاهما لله رضا إلا أخذ بأشدهما على بدنه ، ولقد ولي الناس خمس سنين ما وضع آجرة على آجرة ، ولا لبنة على لبنة ، ولا اقتطع قطيعة ، ولا أورث بيضاء ولا حمراء ، إلا سبع مائة درهم فضلت من عطائه ، أراد أن يبتاع بها لأهله خادما ، وما أطاق عمله منا أحد ، وإنه كان علي بن الحسين عليهما‌السلام لينظر في كتاب من كتب علي عليه‌السلام فيضرب به الأرض ، ويقول : من يطيق هذا (١).

١٤٧١ / ١٤ ـ وبهذا الاسناد ، عن علي بن عقبة ، عن عبد الله بن سنان ، عن حفص. أن أبا عبد الله عليه‌السلام قال : إذا أحرم الرجل في صلاته ـ يعني التكبير ـ أقبل الله بوجهه عليه ، ووكل به ملكا يلتقط القرآن من فيه التقاطا ، فإن التفت في صلاته أعرض الله عنه بوجهه ، ووكله إلى ملائكته.

١٤٧٢ / ١٥ ـ وبهذا الاسناد ، عن علي بن عقبة ، عن عبد المؤمن الأنصاري ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : عرضت علي بطحاء مكة ذهبا ، فقلت : يا رب ، لا ولكن أشبع يوما وأجوع يوما ، فإذا شبعت حمدتك وشكرتك ، وإذا جعت دعوتك وذكرتك.

١٤٧٣ / ١٦ ـ وبهذا الاسناد ، عن علي بن عقبة ، عن أبي كهمس ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : من أعطي أربعا لم يحرم أربعا : من أعطي الدعاء لم يحرم الإجابة ، ومن أعطي الاستغفار لم يحرم المغفرة ، ومن أعطي التوبة لم يحرم القبول ، ومن أعطي الشكر لم يحرم الزيادة ، وذلك في كتاب الله ( عزوجل ).

١٤٧٤ / ١٧ ـ وبهذا الاسناد ، عن علي بن عقبة ، عن رفاعة بن موسى ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سمعته يقول : ما فرض الله ( عز ذكره ) على هذه الأمة أشد عليهم من الزكاة ، وما تهلك عامتهم إلا فيها.

١٤٧٥ / ١٨ ـ وبهذا الاسناد ، عن علي بن عقبة ، عن أسباط بن سالم مولى أبان ،

__________________

(١) تقدم صدره في الحديث : ١٤٤٩.

٦٩٣

قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : جعلت فداك ، يعلم ملك الموت نفس من يقبض؟ قال : إنما هي صكاك تنزل من السماء : اقبض نفس فلان بن فلان.

١٤٧٦ / ١٩ ـ وبهذا الاسناد ، عن علي بن عقبة ، عن أسباط ، عن أيوب بن راشد ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : مانع الزكاة يطوق بحية قرعاء تأكل من دماغه ، وذلك قوله الله ( تعالى ) : ( سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة ) (١).

١٤٧٧ / ٢٠ ـ وبهذا الاسناد ، عن علي بن عقبة ، عن رجل ، عن أيوب بن الحر ، عن معاذ بن ثابت الفراء ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : إن المؤمن ليذنب فيذكره بعد عشرين سنة فيستغفر منه ، فيغفر له ، وإنما ذكره ليغفر له ، وإن الكافر ليذنب الذنب فينساه من ساعته.

١٤٧٨ / ٢١ ـ وبهذا الاسناد ، عن علي بن عقبة ، عن أبي كهمس ، قال : وبالاسناد الأول عن زرعة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : قلت له : أي الأعمال هو أفضل بعد المعرفة؟ قال : ما من شئ بعد المعرفة يعدل هذه الصلاة ، ولا بعد المعرفة والصلاة شئ يعدل الزكاة ، ولا بعد ذلك شئ يعدل الصوم ، ولا بعد ذلك شئ يعدل الحج ، وفاتحة ذلك كله معرفتنا ، وخاتمته معرفتنا ، ولا شئ بعد ذلك كبر الاخوان والمواساة ببذل الدينار والدرهم ، فإنهما حجران ممسوخان ، بهما امتحن الله خلقه بعد الذي عددت لك ، وما رأيت شيئا أسرع غنى ولا أنفى للفقر من إدمان حج هذا البيت ، وصلاة فريضة تعدل عند الله ألف حجة وألف عمرة مبرورات متقبلات ، والحجة عنده خير من بيت مملوء ذهبا ، لا بل خير من ملء الدنيا ذهبا وفضة تنفقه في سبيل الله ( عزوجل ) ، والذي بعث محمدا بالحق بشيرا ونذيرا لقضاء حاجة امرئ مسلم وتنفيس كربته ، أفضل من حجة وطواف وحجة وطواف ـ حتى عقد عشرا ـ ثم خلا يده ، وقال : اتقوا الله ، ولا تملوا من الخير ، ولا تكسلوا ، فإن الله ( عزوجل ) ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله لغنيان عنكم وعن أعمالكم ، وأنتم الفقراء إلى الله ( عزوجل ) ، وإنما

__________________

(١) ـ سورة آل عمران ٣ : ١٨٠.

٦٩٤

أراد الله ( عزوجل ) بلطفه سببا يدخلكم به الجنة.

١٤٧٩ / ٢٢ ـ وبهذا الاسناد ، عن رزيق ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من ترك الخمر للناس لا لله ، صيانة لنفسه ، أدخله الله الجنة.

١٤٨٠ / ٢٣ ـ وبهذا الاسناد ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : من السنة الجلسة بين الأذان والإقامة في صلاة الغداة وصلاة المغرب وصلاة العشاء ، ليس بين الأذان والإقامة سبحة ، ومن السنة أن يتنفل بركعتين بين الأذان والإقامة في صلاة الظهر والعصر.

١٤٨١ / ٢٤ ـ وبهذا الاسناد ، عن رزيق ، قال : كان أبو عبد الله عليه‌السلام يصلي الغداة بغلس عند طلوع الفجر الصادق أول ما يبدو ، وقبل أن يستعرض ، وكان يقول : ( وقران الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا ) (١) إن ملائكة الليل تصعد ، وملائكة النهار تنزل عند طلوع الفجر ، فأنا أحب أن تشهد ملائكة الليل والنهار صلاتي. قال : وكان يصلي المغرب عند سقوط القرص ، قبل أن تظهر النجوم.

١٤٨٢ / ٢٥ ـ وبهذا الاسناد ، عن رزيق ، قال : كان أبو عبد الله عليه‌السلام ربما يقدم عشرين ركعة يوم الجمعة في صدر النهار ، فإذا كان عند زوال الشمس أذن وجلس جلسة ثم أقام وصلى الظهر ، وكان لا يرى صلاة عند الزوال يوم الجمعة إلا الفريضة ، ولا يقدم صلاة بين يدي الفريضة إذا زالت الشمس ، وكان يقول : أول صلاة فرضها الله ( عزوجل ) على العباد صلاة الظهر يوم الجمعة مع الزوال.

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لكل صلاة أول وآخر لعلة تشغل سوى صلاة الجمعة وصلاة المغرب وصلاة الفجر وصلاة العيدين ، فإنه لا يقدم بين يدي ذلك نافلة.

قال : وربما كان يصلي يوم الجمعة ست ركعات إذا ارتفع النهار ، وبعد ذلك ست ركعات أخر ، وكان إذا ركدت الشمس في السماء قبيل الزوال أذن وصلى ركعتين

__________________

(١) سورة الإسراء ١٧ : ٧٨.

٦٩٥

فما يفرغ إلا مع الزوال ، ثم يقيم للصلاة فيصلي الظهر ، ويصلي بعد الظهر أربع ركعات ، ثم يؤذن ويصلي ركعتين ، ثم يقيم ويصلي العصر.

١٤٨٣ / ٢٦ ـ وبهذا الاسناد ، عن رزيق ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : إذا طلع الفجر فلا نافلة ، وإذا زالت الشمس يوم الجمعة فلا نافلة ، وذلك أن يوم الجمعة يوم ضيق ، وكان أصحاب محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله يتجهزون للجمعة يوم الخميس لضيق الوقت.

١٤٨٤ / ٢٧ ـ وبهذا الاسناد ، عن رزيق ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام ، يقول : رفع إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام بالكوفة أن قوما من جيران المسجد لا يشهدون الصلاة جماعة في المسجد. فقال عليه‌السلام : ليحضرن معنا صلاتنا جماعة ، أو ليتحولن عنا ، ولا يجاورونا ولا نجاورهم.

١٤٨٥ / ٢٨ ـ وبهذا الاسناد ، عن رزيق ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : شكت المساجد إلى الله ( تعالى ) الذين لا يشهدونها من جيرانها ، فأوحى الله ( عزوجل ) إليها : وعزتي وجلالي لا قبلت لهم صلاة واحدة ، ولا أظهرت لهم في الناس عدالة ، ولا نالتهم رحمتي ، ولا جاوروني في جنتي.

١٤٨٦ / ٢٩ ـ وبهذا الاسناد ، عن رزيق ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام ، يقول : صلاة الرجل في منزله جماعة تعدل أربعا وعشرين صلاة ، وصلاة الرجل جماعة في المسجد تعدل ثماني وأربعين صلاة مضاعفة في المسجد ، وإن الركعة في المسجد الحرام ألف ركعة في سواه في المساجد ، وإن الصلاة في المسجد فردا بأربع وعشرين صلاة ، والصلاة في منزلك فردا هباء منثورا ، لا يصعد منه إلى الله شئ ، ومن صلى في بيته جماعة رغبة عن المسجد فلا صلاة له ، ولا لمن صلى معه ، إلا من علة تمنع من المسجد.

١٤٨٧ / ٣٠ ـ وبهذا الاسناد ، عن رزيق ، قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام ، يقول : إن أمير المؤمنين عليه‌السلام بلغه أن قوما لا يحضرون الصلاة في المسجد ، فخطب فقال : إن قوما لا يحضرون الصلاة معنا في مساجدنا ، فلا يؤاكلونا ، ولا يشاربونا ، ولا

٦٩٦

يشاورونا ، ولا يناكحونا ، ولا يأخذوا من فيئنا شيئا ، أو يحضروا معنا صلاتنا جماعة ، وإني لاوشك أن آمر لهم بنار تشعل في دورهم فأحرقها عليهم أو ينتهون. قال : فامتنع المسلمون عن مؤاكلتهم ومشاربتهم ومناكحتهم حتى حضروا الجماعة مع المسلمين.

١٤٨٨ / ٣١ ـ وعنه ، قال : أخبرنا الحسين بن عبيد الله بن إبراهيم ، قال : حدثنا أبو محمد هارون بن موسى التلعكبري ، قال : حدثنا محمد بن همام بن سهيل ، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري ، عن محمد بن خالد الطيالسي الخراز ، قال : حدثنا أبو العباس رزيق بن الزبير الخلقاني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : إن قوما أتوا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا : يا رسول الله ، إن بلادنا قد قحطت ، وتأخر عنا المطر ، وتوالت علينا السنون ، فاسأل الله ( عزوجل ) أن يرسل السماء علينا. فأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بالمنبر فأخرج ، واجتمع الناس ، فصعد المنبر ودعا ، وأمر الناس أن يؤمنوا ، فلم يلبث أن هبط جبرئيل عليه‌السلام فقال : يا محمد ، أخبر الناس أن ربك قد وعدهم أنهم يمطرون يوم كذا وكذا.

قال : فلم يزل الناس يتتبعون ذلك اليوم وتلك الساعة حتى إذا كانت الساعة أهاج الله ريحا ، فأثارت سحابا ، وجللت السماء ، وأرخت عزاليها (١) ، فجاء أولئك النفر بأعيانهم إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا : يا رسول الله ، ادع الله أن يكف عنا السماء ، فإنا قد كدنا أن نغرق ، فاجتمع الناس ، ودعا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فأمرهم أن يؤمنوا ، فقال له رجل : يا رسول الله ، أسمعنا ، فإن كل ما تقول ليس نسمع. فقال : قولوا : اللهم حوالينا ولا علينا ، اللهم صبها في بطون الأودية ، وفي منابت الشجر ، وحيث يرعى أهل الوبر ، اللهم اجعله رحمة ، ولا تجعله عذابا.

١٤٨٩ / ٣٢ ـ وبهذا الاسناد ، عن رزيق ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : ما برقت قط في ظلمة ليل ولا ضوء نهار إلا وهي ماطرة.

١٤٩٠ / ٣٣ ـ وبهذا الاسناد ، عن رزيق ، قال : كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام

__________________

(١) أي انهمرت بالمطر ، وأصل العزالي : مصب الماء من القربة ونحوها.

٦٩٧

يوما إذ دخل عليه رجلان من أهل الكوفة من أصحابنا ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : تعرفهما؟ قلت : نعم ، هما من مواليك. فقال : نعم ، والحمد لله الذي جعل أجلة موالي بالعراق.

فقال له أحد الرجلين : جعلت فداك ، إنه كان علي مال لرجل ينسب إلى بني عمار الصيارف بالكوفة ، وله بذلك ذكر حق وشهود ، فأخذ المال ولم استرجع منه الذكر بالحق ، ولا كتبت عليه كتابا ، ولا أخذت منه براءة ، وذلك لأني وثقت به ، وقلت له : مزق الذكر بالحق الذي عندك ، فمات وتهاون بذلك ولم يمزقه ، وأعقب هذا أن طالبني بالمال وراثه وحاكموني ، وأخرجوا بذلك الذكر بالحق ، وأقاموا العدول ، فشهدوا عند الحاكم ، فأخذت بالمال ، وكان المال كثيرا ، فتواريت عن الحاكم ، فباع علي قاضي الكوفة معيشة لي ، وقبض القوم المال ، وهذا رجل من إخواننا ابتلى بشراء معيشتي من القاضي ، ثم إن ورثة الميت أقروا أن المال كان أبوهم قد قبضه ، وقد سألوه أن يرد علي معيشتي ، ويعطونه في أنجم معلومة ، فقال : إني أحب أن تسأل أبا عبد الله عليه‌السلام عن هذا. فقال الرجل : جعلني الله فداك ، كيف أصنع؟

فقال له : تصنع أن ترجع بمالك على الورثة ، وترد المعيشة إلى صاحبها ، وتخرج يدك عنها.

قال : فإذا أنا فعلت ذلك ، له أن يطالبني بغير هذا؟ قال له : نعم ، له أن يأخذ منك ما أخذت من الغلة من ثمن الثمار ، وكل ما كان مرسوما في المعيشة يوم اشتريتها ، يجب أن ترد كل ذلك إلا ما كان من زرع زرعته أنت ، فإن للمزارع إما قيمة الزرع وإما أن يصبر عليك إلى وقت حصاد الزرع ، فلو لم يفعل كان ذلك له ، ورد عليك القيمة ، وكان الزرع له.

قلت : جعلت فداك ، فإن كان هذا قد أحدث فيها بناء أو غرس؟ قال : له قيمة ذلك ، أو يكون ذلك المحدث بعينه يقلعه ويأخذه.

قلت : جعلت فداك ، أرأيت إن كان فيها غرس أو بناء ، فقلع الغرس وهدم البناء؟ فقال : يرد ذلك إلى ما كان ، أو يغرم القيمة لصاحب الأرض ، فإذا رد جميع ما

٦٩٨

أخذ من غلاتها إلى صاحبها ، ورد البناء والغرس وكل محدث إلى ما كان ، أو رد القيمة كذلك يجب على صاحب الأرض أن يرد عليه كل ما خرج عنه في إصلاح المعيشة من قيمة غرس أو بناء أو نفقة في مصلحة المعيشة ودفع النوائب عنها ، كل ذلك فهو مردود إليه.

١٤٩١ / ٣٤ ـ وبهذا الاسناد ، عن رزيق ، قال : سأل رجل أبا عبد الله عليه‌السلام عن امرأة حاملة رأت الدم. فقال : تدع الصلاة.

قال : فإنها رأت الدم ، وقد أصابها الطلق ، فرأته وهي تمخض؟ قال : تصلي حتى يخرج رأس الصبي ، فإذا خرج رأسه لم تجب عليها الصلاة ، وكل ما تركته من الصلاة في تلك الحال لوجع أو لما هي فيه من الشدة والجهد قضته إذا خرجت من نفاسها.

قال له : جعلت فداك ، ما الفرق بين دم الحامل ودم المخاض؟ قال : إن الحامل قذفت بدم الحيض ، وهذه قذفت بدم المخاض ، إلى أن يخرج بعض الولد ، فعند ذلك يصير دم النفاس ، فيجب أن تدع في النفاس والحيض ، فأما ما لم يكن حيضا أو نفاسا فإنما ذلك من فتق في الرحم.

١٤٩٢ / ٣٥ ـ وبهذا الاسناد ، عن رزيق ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام ، يقول : ما رأيت شيئا أسرع إلى شئ من الشيب إلى المؤمن ، وإنه وقار للمؤمن في الدنيا ، ونور ساطع يوم القيامة ، به وقر الله ( تعالى ) خليله إبراهيم عليه‌السلام ، فقال : ما هذا يا رب؟ قال له : هذا وقار ، فقال : يا رب زدني وقارا. قال أبو عبد الله عليه‌السلام : فمن إجلال الله إجلال شيبة المؤمن.

١٤٩٣ / ٣٦ ـ وبهذا الاسناد ، عن رزيق ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام ، يقول : عليكم بالدعاء والالحاح على الله ( عزوجل ) في الساعة التي لا يخيب الله ( عزوجل ) فيها برا ولا فاجرا.

قلت : جعلت فداك ، وأي ساعة هي؟ قال : هي الساعة التي دعا فيها أيوب عليه‌السلام وشكا إلى الله ( عزوجل ) بليته ، فكشف الله ( عزوجل ) ما به من ضر ، ودعا فيها يعقوب عليه‌السلام فرد الله يوسف وكشف الله كربته ، ودعا فيها محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله

٦٩٩

فكشف الله ( عزوجل ) كربته ، ومكنه من أكتاف المشركين بعد اليأس ، أنا ضامن أن لا يخيب الله ( عزوجل ) في ذلك الوقت برا ولا فاجرا ، البر يستجاب له في نفسه وغيره ، والفاجر يستجاب له في غيره ، ويصرف الله إجابته إلى ولي من أوليائه ، فاغتنموا الدعاء في ذلك الوقت.

١٤٩٤ / ٣٧ ـ وبهذا الاسناد ، عن رزيق ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : علمني دعاء إذا أنا أحرزت شيئا لم أخف عليه ضيعة. قال : تقول ( يا الله ، يا حافظ الغلامين بصلاح أبيهما ، احفظني واحفظ علي ديني وأمانتي ومالي ، فإنه لا حافظ حفظ ضيعة أحفظ علي مالي منك ، إنك حافظ حفيظ ، أخذت بسمع الله وبصره وقدرته على كل من أرادني وأراد مالي ، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ).

١٤٩٥ / ٣٨ ـ وبهذا الاسناد ، عن رزيق ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : إذا لبست ثوبا فقل : « اللهم ألبسني لباس الايمان ، وزيني بالتقوى ، اللهم اجعل جديده أبليه في طاعتك وطاعة رسولك ، وأبدلني بخلقه حلل الجنة ، ولا تجعلني أبليه في معصيتك ، ولا تبدلني بخلقه مقطعات النيران ».

١٤٩٦ / ٣٩ ـ وبهذا الاسناد ، عن رزيق ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : تمنوا الفتنة ، ففيها هلاك الجبابرة ، وطهارة الأرض من الفسقة.

١٤٩٧ / ٤٠ ـ وبهذا الاسناد ، عن رزيق ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : إذا تلاعن اثنان فتباعد منهما ، فإن ذلك المجلس تنفر عنه الملائكة. ثم قل : ( اللهم لا تجعل لها إلي مساغا ، واجعلها برأس من يكايد دينك ، ويضاد وليك ، ويسعى في الأرض فسادا ).

٧٠٠