الأمالي

أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطّوسي [ شيخ الطائفة ]

الأمالي

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطّوسي [ شيخ الطائفة ]


المحقق: مؤسسة البعثة
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الثقافة للطباعة والنشر
الطبعة: ١
الصفحات: ٨٨٨

فأسقط الشق منه ضربة عجبا

كما تناول ظلما صاحب الرحبة (١)

١٢٨٠ / ١٦ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد بن جعفر بن الحسن العلوي الحسني رضي‌الله‌عنه ، قال : حدثنا موسى بن عبد الله بن حسن ، قال : حدثني أبي ، عن جدي ، عن أبيه عبد الله بن حسن ، عن أبيه وخاله علي بن الحسين ، عن الحسن والحسين ابنا علي بن أبي طالب ، عن أبيهما علي بن أبي طالب عليهم‌السلام ، قال : جاء رجل من الأنصار إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : يا رسول الله ، ما أستطيع فراقك ، واني لادخل منزلي فأذكرك ، فأترك ضيعتي وأقبل حتى أنظر إليك حبا لك ، فذكرت إذا كان يوم القيامة وأدخلت الجنة فرفعت في أعلى عليين ، فكيف لي بك يا نبي الله؟ فنزلت ( ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ) (٢) فدعا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : الرجل ، فقرأها عليه ، وبشره بذلك.

١٢٨١ / ١٧ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثني أحمد ابن محمد بن سعيد الهمداني ، قال : أخبرنا محمد بن أحمد بن نصر أبو عبد الله التيملي التمار ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني موسى بن عبد الله بن الحسن ، عن أبيه ، عن آبائه ، قال : أتى رجل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : فقال : يا رسول الله ، رجل يحب من يصلي ولا يصلي إلا الفريضة ، ويحب من يتصدق ولا يتصدق إلا بالواجب ، ويحب من يصوم ولا يصوم إلا شهر رمضان؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : المرء مع من أحب.

١٢٨٢ / ١٨ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا أبو صالح محمد بن صالح بن فيض بن فياض العجلي الساوي ، قال : حدثنا أحمد بن

__________________

(١) المراد بصاحب الرحبة أمير المؤمنين عليه‌السلام وقد تقدم الحديث مختصرا عن كثير بن الصلت في الحديث : ٤١٣.

(٢) سورة النساء ٤ : ٦٩.

٦٢١

محمد بن عيسى الأشعري ، قال. حدثنا الحسن بن أبان ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : لو أن رجلا أحب رجلا لله ( عزوجل ) ، لأثابه الله ( تعالى ) على حبه إياه ، وإن كان في علم الله من أهل الجنة.

١٢٨٣ / ١٩ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثني عبد الرزاق بن سليمان بن غالب الأزدي بأرتاح ، قال : حدثنا الفضل بن المفضل بن قيس بن رمانة الأشعري سنة أربع وخمسين ومائتين وفيها مات بالكوفة ، قال : حدثنا حماد بن عيسى الغريق ، قال : حدثني عمر بن أذينة ، عن أبان بن أبي عياش ، عن سليم ابن قيس ، عن علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من فقه الرجل قلة كلامه فيما لا يعنيه.

١٢٨٤ / ٢٠ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا عبد الله ابن محمد بن عبد العزيز البغوي ، قال : حدثني محمد بن عباد المكي ، قال : حدثنا حاتم بن إسماعيل ، عن محمد بن عجلان ، عن محمد بن كعب ، عن عبد الله بن شداد ، عن عبد الله بن جعفر ، قال : لقنني علي بن أبي طالب عليه‌السلام كلمات الفرج ، وأخبرني أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لقنهن إياه ، وأمره إذا نزل به كرب أو شدة أن يقول : ( لا إله إلا الله الحليم الكريم ، لا إله إلا الله العلي العظيم ، سبحان الله ، وتبارك الله رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع ، ورب العرش العظيم ، والحمد لله رب العالمين.

١٢٨٥ / ٢١ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا محمد ابن أحمد بن أبي حازم التيملي قاضي القصر ، وصالح بن أحمد بن يونس الهروي وغيرهما ، قالوا : حدثنا يحيى بن الفضل أبو زكريا العنزي البصري ، قال : حدثنا أبو عامر العقدي ، قال : حدثنا هارون بن إبراهيم الأهوازي ، عن محمد بن سيرين ، عن حميد بن عبد الرحمن الحميري ، عن علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، قال : سمعت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : يقول : أحبب ـ وقال بعضهم : حب ـ حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما ، وابغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما.

١٢٨٦ / ٢٢ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا إسحاق

٦٢٢

ابن محمد بن مروان بن زياد الكوفي الغزال ببغداد ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا مسبح بن حاتم ، قال : حدثني سلام بن أبي عمرة أبو علي الخراساني ، عن محمد بن سيرين ، عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من حسد عليا فقد حسدني ، ومن حسدني فقد كفر.

١٢٨٧ / ٢٣ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا علي بن أحمد بن عمرو بن سعيد الحرامي بالكوفة ، قال : حدثنا الحسين بن الحكم بن سلم الحميري ، قال : حدثني الحسن بن الحسين الأنصاري العرني ، قال : حدثني حسين بن سليمان ـ يعني الأنصاري ـ ، عن أبي الجارود ، عن محمد بن سيرين ، عن أنس بن مالك : أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من حسد عليا حسدني ، ومن حسدني دخل النار.

وأنشد العرني :

إني حسدت فزاد الله في حسدي

لا عاش من عاش يوما غير محسود

ما يحسد المرء إلا من فضائله

بالعلم والظرف أو بالبأس والجود

٦٢٣

[٣٠]

مجلس يوم الجمعة

الثامن عشر من جمادى الآخرة سنة سبع وخمسين وأربع مائة

فيه بقية أحاديث أبي المفضل محمد بن عبد الله الشيباني.

بسم الله الرحمن الرحيم

١٢٨٨ / ١ ـ حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي ( قدس الله روحه ) ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني ، قال : حدثنا علي بن رجاء بن صالح ، قال : حدثنا حسن بن حسين العرني ، قال : حدثنا خالد بن مختار ، عن الحارث بن حصين ، عن القاسم بن جندب الأزدي ، عن أنس بن مالك ، قال : كنت خادما للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فكان إذا ذكر عليا عليه‌السلام رأيت السرور في وجهه ، إذ دخل عليه رجل من ولد عبد المطلب فجلس فذكر عليا عليه‌السلام ، فجعل ينال منه ، وجعل وجه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يتغير ، فما لبث أن دخل علي عليه‌السلام فسلم فرد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عليه ، ثم قال : علي والحق معا هكذا ـ وأشار بإصبعيه ـ لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، يا علي حاسدك حاسدي ، وحاسدي حاسد الله ، وحاسد الله في النار.

١٢٨٩ / ٢ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال. حدثنا محمد بن الحسين بن حفص الخثعمي بالكوفة ، قال : حدثنا علي بن محمد بن مروان السدي ، قال : حدثنا أحمد بن المفضل الحفري ، عن صالح بن أبي الأسود ، عن أخيه أسنده له عن عبد الله بن الحسن بن الحسن ، قال : كان الوحي ينزل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله

٦٢٤

ليلا ، فلا يصبح حتى يعلمه عليا عليه‌السلام ، وينزل الوحي نهارا فلا يمسي حتى يعلمه عليا عليه‌السلام.

١٢٩٠ / ٣ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا أبو أحمد عبيد الله بن الحسين بن إبراهيم العلوي النصيبي ببغداد ، قال : حدثني محمد بن علي ، عن أبيه علي بن موسى الرضا ، عن أبيه موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام : الهيبة خيبة ، والفرصة خلسة ، والحكمة ضالة المؤمن ، فاطلبوها ولو عند المشرك ، تكونوا أحق بها وأهلها.

١٢٩١ / ٤ ـ وعنه ، قال. أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد العلوي الحسني ، قال : حدثنا أحمد بن عبد المنعم بن النضر أبو نصر الصيداوي ، قال. حدثنا حماد بن عثمان ، عن حمران بن أعين ، قال : سمعت علي بن الحسين عليهما‌السلام يقول : لا تحقر اللؤلؤة النفيسة أن تجتلبها من الكبا (١) الخسيسة ، فإن أبي حدثني قال : سمعت أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول : إن الكلمة من الحكمة تتلجلج في صدر المنافق نزوعا إلى مظانها حتى يلفظ بها ، فيسمعها المؤمن ، فيكون أحق بها وأهلها ، فيلقفها.

١٢٩٢ / ٥ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا محمد بن علي بن مهدي الكندي العطار بالكوفة وغيره ، قال : حدثنا محمد بن علي بن عمرو بن طريف الحجري ، قال : حدثني أبي ، عن جميل بن صالح ، عن أبي خالد الكابلي ، عن الأصبغ بن نباتة ، قال : دخل الحارث الهمداني على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام في نفر من الشيعة وكنت فيهم ، فجعل ـ يعني الحارث ـ يتأود في مشيته ويخبط الأرض بمحجنه وكان مريضا ، فأقبل عليه أمير المؤمنين عليه‌السلام وكانت له منه منزلة ، فقال : كيف تجدك ، يا حارث؟ قال : نال الدهر مني يا أمير

__________________

(١) الكيبا : الكناسة والمزبلة.

٦٢٥

المؤمنين ، وزادني أوارا وغليلا اختصام أصحابك ببابك. قال : وفيم خصومتهم؟ قال : في شأنك والبلية من قبلك ، فمن مفرط غال ومقتصد قال ، ومن متردد مرتاب لا يدري أيقدم أو يحجم. قال : فحسبك يا أخا همدان ، ألا إن خير شيعتي النمط الأوسط ، إليهم يرجع الغالي ، وبهم يلحق التالي.

قال : لو كشفت ـ فداك أبي وأمي ـ الرين عن قلوبنا ، وجعلتنا في ذلك على بصيرة من أمرنا؟

قال : قدك (١) ، فإنك امرؤ ملبوس عليك ، إن دين الله لا يعرف بالرجال ، بل بآية الحق ، فاعرف الحق تعرف أهله.

يا حار ، إن الحق أحسن الحديث ، والصادع به مجاهد ، وبالحق أخبرك فارعني سمعك ، ثم خبر به من كانت له حصانة من أصحابك ، ألا إني عبد الله وأخو رسوله ، وصديقه الأول ، قد صدقته وآدم بين الروح والجسد ، ثم إني صديقه الأول في أمتكم حقا ، فنحن الأولون ونحن الآخرون ، ألا وأنا خاصته ـ يا حار ـ وخالصته وصنوه ، ووصيه ووليه ، وصاحب نجواه وسره ، أوتيت فيهم الكتاب وفصل الخطاب ، وعلم القرون والأسباب ، واستودعت ألف مفتاح يفتح كل مفتاح ألف باب يفضي كل باب إلى ألف ألف عهد ، وأيدت ـ أو قال : أمددت ـ بليلة القدر نفلا ، وإن ذلك ليجري لي ولمن استحفظ من ذريتي ما جرى الليل والنهار حتى يرث الله الأرض ومن عليها.

وأبشرك ـ يا حار ـ ليعرفني ، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ، وليي وعدوي في مواطن شتى ، ليعرفني عند الممات وعند الصراط وعند المقاسمة. قال : قلت : وما المقاسمة ، يا مولاي؟ قال : مقاسمة النار ، أقاسمها قسمة صحاحا ، أقول : هذا وليي ، وهذا عدوي.

ثم أخذ أمير المؤمنين عليه‌السلام بيد الحارث وقال : يا حار ، أخذت بيدك كما أخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بيدي ، فقال : لي واشتكيت إليه حسد قريش والمنافقين

__________________

(١) قدك : اسم فعل أمر بمعنى يكفيك.

٦٢٦

لي : إنه إذا كان يوم القيامة أخذت بحبل ـ أو بحجزة ، يعني عصمة ـ من ذي العرش ( تعالى ) ، وأخذت أنت يا علي بحجزتي ، وأخذت ذريتك بحجزتك ، وأخذ شيعتكم بحجزتكم ، فماذا يصنع الله بنبيه ، وما يصنع نبيه بوصيه ، خذها إليك يا حار قصيرة من طويلة ، أنت مع من أحببت ، ولك ما احتسبت ـ أو قال : ما اكتسبت ـ قالها ثلاثا. فقال الحارث ـ وقام يجر رداءه جذلا ـ : ما أبالي وربي بعد هذا ، متى لقيت الموت أو لقيني.

قال جميل بن صالح : فأنشدني السيد بن محمد في كتابه :

قول علي لحارث عجب

كم ثم أعجوبة له حملا

يا حار همدان من يمت يرني

من مؤمن أو منافق قبلا

يعرفني طرفه وأعرفه

بنعته واسمه وما فعلا

وأنت عند الصراط تعرفني

فلا تخف عثرة ولا زللا

أسقيك من بارد على ظمأ

تخاله في الحلاوة العسلا

أقول للنار حين تعرض للعرض

دعيه لا تقبلي الرجلا

دعيه لا تقربيه إن له

حبلا بحبل الوصي متصلا

١٢٩٣ / ٦ ـ وعنه ، قال. أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال. حدثنا يحيى بن علق بن عبد الجبار السدوسي بسيرجان ، قال : حدثني عمي محمد بن عبد الجبار ، قال : حدثنا علي بن الحسين بن عون بن أبي حرب بن أبي الأسود الدؤلي ، عن أبيه الحسين بن عون ، قال : دخلت على السيد بن محمد الحميري عائدا في علته التي مات فيها ، فوجدته يساق به ، ووجدت عنده جماعة من جيرانه ، وكانوا عثمانية ، وكان السيد جميل الوجه ، رحب الجبهة ، عريض ما بين السالفتين (١) ، فبدت في وجهه نكتة سوداء مثل النقطة من المداد ، ثم لم تزل تزيد وتنمي حتى طبقت وجهه ـ يعني اسودادا ـ فاغتم لذلك من حضره من الشيعة ، فظهر من الناصبة سرور وشماتة ، فلم يلبث بذلك إلا قليلا حتى بدت في ذلك المكان من وجهه لمعة بيضاء ، فلم تزل تزيد

__________________

(١) السالفة : جانب العنق ، وهما سالفتان.

٦٢٧

أيضا وتنمي حتى أسفر وجهه وأشرق ، وأفتر السيد ضاحكا ، وأنشأ يقول :

كذب الزاعمون أن عليا

لن ينجي محبه من هناة (١)

قد وربي دخلت جنة عدن

وعفا لي الاله عن سيئاتي

فأبشروا اليوم أولياء علي

وتولوا عليا حتى الممات

ثم من بعده تولوا بنيه

واحدا بعد واحد بالصفات

ثم أتبع قوله هذا : « أشهد أن لا إله إلا الله حقا حقا ، وأشهد أن محمدا رسول الله حقا حقا ، أشهد أن عليا أمير المؤمنين حقا حقا ، أشهد أن لا إله إلا الله » ثم أغمض عينيه بنفسه ، فكأنما كانت روحه ذبالة (٢) طفئت ، أو حصاة سقطت.

قال علي بن الحسين : قال لي أبي الحسين بن عون : وكان أذينة حاضرا ، فقال : الله أكبر ، ما من شهد كمن لم يشهد ، أخبرني ـ وإلا فصمتا ـ الفضيل بن يسار ، عن أبي جعفر وعن جعفر عليهما‌السلام أنهما قالا : حرام على روح أن تفارق جسدها حتى ترى الخمسة ، حتى ترى محمدا وعليا وفاطمة وحسنا وحسينا عليهم‌السلام بحيث تقر عينها ، أو تسخن عينها ، فانتشر هذا القول في الناس ، فشهد جنازته والله الموافق والمفارق.

١٢٩٤ / ٧ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا إبراهيم ابن حفص بن عمر العسكري بالمصيصة ، قال : حدثنا عبيد بن الهيثم بن عبيد الله الأنماطي البغدادي بحلب ، قال : حدثني الحسن بن سعيد النخعي ابن عم شريك ، قال : حدثني شريك بن عبد الله القاضي ، قال : حضرت الأعمش في علته التي قبض فيها ، فبينا أنا عنده إذ دخل عليه ابن شبرمة وابن أبي ليلى وأبو حنيفة ، فسألوه عن حاله ، فذكر ضعفا شديدا ، وذكر ما يتخوف من خطيئاته ، وأدركته رنة فبكى ، فأقبل عليه أبو حنيفة ، فقال : يا أبا محمد ، اتق الله ، وانظر لنفسك ، فإنك في آخر يوم من أيام الدنيا ، وأول يوم من أيام الآخرة ، وقد كنت تحدث في علي بن أبي طالب بأحاديث ، لو رجعت عنها كان خيرا لك.

__________________

(١) الهناة : الداهية ، والهنات : خصال الشر.

(٢) الذبالة : الفتيلة التي تسرج.

٦٢٨

قال الأعمش : مثل ماذا ، يا نعمان؟ قال : مثل حديث عباية : أنا قسيم النار ).

قال : أو لمثلي تقول يا يهودي؟ أقعدوني سندوني أقعدوني ، حدثني ـ والذي إليه مصيري ـ موسى بن طريف ، ولم أر أسديا كان خيرا منه ، قال : سمعت عباية بن ربعي إمام الحي ، قال : سمعت عليا أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول : أنا قسيم النار ، أقول : هذا وليي دعيه ، وهذا عدوي خذيه.

وحدثني أبو المتوكل الناجي ، في إمرة الحجاج ، وكان يشتم عليا عليه‌السلام شتما مقذعا ـ يعني الحجاج ( لعنه الله ) ـ عن أبي سعيد الخدري رضي‌الله‌عنه ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا كان يوم القيامة يأمر الله ( عزوجل ) فأقعد أنا وعلي على الصراط ، ويقال لنا : أدخلا الجنة من آمن بي وأحبكما ، وأدخلا النار من كفر بي وأبغضكما.

قال أبو سعيد : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما آمن بالله من لم يؤمن بي ، ولم يؤمن بي من لم يتول ـ أو قال : لم يحب ـ عليا ، وتلا ( ألقيا في جهنم كل كفار عنيد ) (١).

قال فجعل أبو حنيفة إزاره على رأسه ، وقال : قوموا بنا ، لا يجيئنا أبو محمد بأطم من هذا.

قال الحسن بن سعيد : قال لي شريك بن عبد الله : فما أمسى ـ يعني الأعمش ـ حتى فارق الدنيا رحمه‌الله.

١٢٩٥ / ٨ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا أبو علي أحمد بن محمد بن الحسين بن إسحاق بن جعفر العلوي العريضي الشيخ الصالح بحران ، قال : حدثنا جدي الحسين بن إسحاق ، عن أبيه ، عن أخيه موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي عليهم‌السلام ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : يعير الله ( عزوجل ) عبدا من عباده يوم القيامة ، فيقول : عبدي ، ما منعك إذ مرضت أن تعودني؟ فيقول : سبحانك ، أنت رب العباد لا تألم ولا تمرض! فيقول : مرض أخوك المؤمن فلم تعده ، وعزتي وجلالي لو عدته لوجدتني عنده ، ثم لتكلفت

__________________

(١) سورة ق ٥٠ : ٢٤.

٦٢٩

بحوائجك فقضيتها لك ، وذلك من كرامة عبدي المؤمن ، وأنا الرحمن الرحيم.

١٢٩٦ / ٩ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا الحسين ابن موسى بن خلف الفقيه برأس عين ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن خالد الرقي القطان ، قال : حدثنا زيد بن حباب ، قال : أخبرنا حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أبي رافع ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : قال : إن الله ( تعالى ) يقول : يا بن آدم ، مرضت فلم تعدني. قال : يا رب ، كيف أعودك وأنت رب العالمين! قال : مرض فلان عبدي ، ولو عدته لوجدتني عنده ، واستسقيتك فلم تسقني. قال : يا رب كيف وأنت رب العالمين! قال : استسقاك عبدي فلان ، ولو سقيته لوجدت ذلك عندي ، واستطعمتك فلم تطعمني. قال : يا رب ، كيف وأنت رب العالمين! قال : استطعمك عبدي ، ولو أطعمته لوجدت ذلك عندي.

١٢٩٧ / ١٠ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا أبو أحمد عبيد الله بن الحسين بن إبراهيم العلوي النصيبي ببغداد ، قال : حدثنا علي بن حمزة العلوي ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا علي بن موسى الرضا ، قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي عليهم‌السلام ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : قال : مثل المؤمن إذا عوفي من مرضه مثل البردة البيضاء تنزل من السماء في حسنها وصفائها.

١٢٩٨ / ١١ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا محمد ابن علي بن معمر أبو الحسين الكوفي المؤدب بواسط ، قال : حدثنا حمدان بن المعافى الصبيحي ، قال : حدثنا موسى بن سعدان ، عن يونس بن يعقوب ، قال : سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهما‌السلام يقول : المؤمن أكرم على الله أن يمر به أربعون يوما لا يمحصه الله ( تعالى ) فيها من ذنوبه ، وإن الخدش والعثرة وانقطاع الشسع واختلاج العين وأشباه ذلك ليمحص به ولينا من ذنوبه ، وأن يغتم لا يدري ما وجهه ، وأما الحمى فإن أبي حدثني ، عن آبائه ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : قال : حمى ليلة كفارة سنة.

٦٣٠

[٣١]

مجلس يوم الجمعة

الخامس والعشرين من جمادى الآخرة سنة سبع وخمسين وأربع مائة

فيه بقية أحاديث أبي المفضل محمد بن عبد الله الشيباني.

بسم الله الرحمن الرحيم

١٢٩٩ / ١ ـ حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي ( قدس الله روحه ) ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا محمد بن جعفر الرزاز أبو العباس القرشي بالكوفة ، قال : حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، قال : حدثنا محمد ابن أبي عمير ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي حمزة ، عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما‌السلام ، قال : مثل المؤمن مثل كفتي الميزان ، كلما زيد في إيمانه زيد في بلائه ، ليلقى الله ( عزوجل ) ولا خطيئة له.

١٣٠٠ / ٢ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد بن جعفر العلوي الحسني رضي‌الله‌عنه ، قال : حدثنا الفضل بن القاسم العقيلي سنة خمس وثلاثين ومائتين ، قال : حدثني أبي ، عن جدي عبد الله بن محمد بن عقيل ، قال : سمعت علي بن الحسين عليهما‌السلام يقول : ما اختلج عرق ولا صدع مؤمن قط إلا بذنب ، وما يعفو الله ( تعالى ) عنه أكثر.

وكان إذا رأى المريض قد برئ قال : ليهنك الطهر ـ أي من الذنوب ـ فاستأنف العمل.

٦٣١

١٣٠١ / ٣ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا الحسن ابن محمد بن علي بن شاذان بن حباب الأزدي الخلال بالكوفة ، قال : حدثنا الحسن ابن أحمد بن عبد الله المزني الحلال ، قال : حدثنا إسماعيل بن صبيح اليشكري ، عن أبي خالد الواسطي ، عن أبي هاشم الرماني ، عن زاذان ، عن سلمان رضي‌الله‌عنه ، قال : د خل علي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يعودني وأنا مريض ، فقال : كشف الله ضرك ، وعظم أجرك ، وعافاك في دينك وجسدك إلى مدة أجلك.

١٣٠٢ / ٤ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد بن جعفر العلوي الحسني ، قال : حدثنا علي بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسين ، قال : حدثنا حسين بن زيد بن علي ، قال : دخلت مع أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما‌السلام على رجل من أهلنا ، وكان مريضا ، فقال له أبو عبد الله عليه‌السلام : أنساك الله العافية ، ولا أنساك الشكر عليها ، فلما خرجنا من عند الرجل قلت له : يا سيدي ، ما هذا الدعاء دعوت به للرجل؟ فقال لي : يا حسين ، العافية ملك خفي ، يا حسين إن العافية نعمة إذا فقدت ذكرت ، وإذا وجدت نسيت ، فقلت له : أنساك الله العافية لحصولها ، ولا أنساك الشكر عليها لتدوم له. يا حسين ، إن أبي أخبرني عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : يا صاحب العافية ، إليك انتهت الأماني.

١٣٠٣ / ٥ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا عمر بن إسحاق بن أبي حماد بن حفص القاضي بحلب ، قال : حدثنا محمد بن المغيرة بن عبد الرحمن الحراني بحران ، قال : حدثنا أبو قتادة عبد الله بن واقد التميمي ، قال : حدثني شداد بن سعيد أبو طلحة الراسبي ، عن عيينة بن عبد الرحمن ، عن رافع بن سحبان ، قال : حدثني عبد الله بن الصامت ابن أخي أبي ذر ، قال : حدثني أبو ذر وكان صغوه وانقطاعه إلى علي عليه‌السلام وأهل هذا البيت ، قال : قلت يا نبي الله ، إني أحب أقواما ما أبلغ أعمالهم؟ قال : فقال. يا أبا ذر ، المرء مع من أحب ، وله ما اكتسب.

قلت : فإني أحب الله ورسوله وأهل بيت نبيه؟ قال : فإنك مع من أحببت.

وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في ملأ من أصحابه ، فقال رجال منهم : فإنا نحب الله ورسوله ، ولم يذكروا أهل بيته ، فغضب صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم قال : أيها الناس ، أحبوا

٦٣٢

الله ( عزوجل ) لما يغذوكم به من نعمه ، وأحبوني بحب ربي ، وأحبوا أهل بيتي بحبي ، فوالذي نفسي بيده لو أن رجلا صفن بين الركن والمقام صائما وراكعا وساجدا ثم لقي الله ( عزوجل ) غير محب لأهل بيتي لم ينفعه ذلك.

قالوا : ومن أهل بيتك يا رسول الله ـ أو أي أهل بيتك هؤلاء ـ؟ قال : من أجاب منهم دعوتي ، واستقبل قبلتي ، وبن خلقه الله مني ومن لحمي ودمي.

قال : فقال القوم : فإنا نحب الله ورسوله وأهل بيت رسوله. قال : بخ بخ ، فأنتم إذن منهم ، أنتم إذن منهم ومعهم ، والمرء مع من أحب ، وله ما اكتسب.

١٣٥٤ / ٦ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي ، قال : حدثنا محمد بن حميد الرازي ، قال : حدثنا عبد الله ابن عبد القدوس ، قال : حدثنا الأعمش ، عن أبي إسحاق ، عن خنيس ، عن أبي ذر رضي‌الله‌عنه ، قال : سمعت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : إن مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح ، وكمثل باب حطة في بني إسرائيل.

١٣٠٥ / ٧ ـ وعنه ، قال. أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني ، قال : حدثني أسد بن يوسف بن يعقوب بن حمزة الجعفري ، قال : حدثنا محمد بن عكاشة ، قال : حدثنا أبو المغرا ـ وهو حميد بن المثنى ـ ، عن يحيى بن طلحة النهدي ، وعن أيوب بن الحر ، عن أبي إسحاق السبيعي ، عن الحارث ، عن علي عليه‌السلام ، قال : إن فاطمة عليها‌السلام شكت إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : ألا ترضين أني زوجتك أقدم أمتي سلما ، وأحلمهم حلما ، وأكثرهم علما ، أما ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة ، إلا ما جعله الله لمريم بنت عمران ، وأن ابنيك سيدا شباب أهل الجنة.

١٣٠٦ / ٨ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا أبو صالح محمد بن صالح بن فيض الساوي العجلي ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري ، قال : حدثني أحمد بن يزيد ، قال : حدثنا مروك بن عبيد ، قال : حدثنا جميل ابن دراج ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : خياركم سمحاؤكم ، وشراركم بخلاؤكم ، ومن خالص الايمان البر بالاخوان والسعي في حوائجهم في العسر واليسر.

٦٣٣

يا جميل ، إن البار ليحبه الرحمن ، أرو عني هذا الحديث ، فإن فيه ترغيبا في البر.

١٣٠٧ / ٩ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد بن جعفر العلوي الحسني ، قال : حدثنا علي بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسين ، قال : حدثنا حسين بن زيد بن علي ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده ، عن الحسين بن علي ، عن علي عليهم‌السلام ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : السلطان ظل الله في الأرض ، يأوي إليه كل مظلوم ، فإن عدل كان له الاجر وعلى الرعية الشكر ، وإن جار كان عليه الوزر وعلى الرعية الصبر حتى يأتيهم الامر.

١٣٠٨ / ١٠ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا أبو صالح محمد بن صالح بن فيض بن فياض العجلي الساوي ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري ، قال : حدثنا الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن حبيب السجستاني ، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر ، عن علي بن الحسين ، عن الحسين بن علي ، عن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، عن جبرئيل عليه‌السلام ، عن الله ( تعالى ) ، قال : وعزتي وجلالي لأعذبن كل رعية في الاسلام دانت بولاية إمام جائر ليس من الله ( عزوجل ) ، وإن كانت الرعية في أعمالها برة تقية ، ولأعفون عن كل رعية دانت لولاية إمام عادل من الله ( تعالى ) وان كانت الرعية في أعمالها طالحة مسيئة.

قال عبد الله بن أبي يعفور : سألت أبا عبد الله الصادق عليه‌السلام ، ما العلة أن لا دين لهؤلاء ، ولا عتب على هؤلاء؟ قال : لان سيئات الامام الجائر تغمر حسنات أوليائه ، وحسنات الإمام العادل تغمر سيئات أوليائه.

١٣٥٩ / ١١ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثني محمد ابن هارون بن حميد بن المجدر ، وعبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي ، قالا : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا أبو الأحوص ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن علي عليه‌السلام ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : للمسلم على المسلم ست

٦٣٤

بالمعروف : يسلم عليه إذا لقيه ، ويجيبه إذا دعاه ، ويسمته (١) إذا عطس ، ويعوده إذا مرض ، ويحضر جنازته إذا مات ، ويحب له ما يحب لنفسه.

١٣١٠ / ١٢ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا محمود ابن محمد بن مهاجر الرافقي المازني بحمص ، قال. حدثنا أبو شعيب صالح بن زيد السوسي المقرئ ، قال : حدثنا نصر بن حريش الصامت ، قال : حدثنا روح بن مسافر ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن علي عليه‌السلام ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : للمسلم على المسلم ست خصال بالمعروف : يسلم عليه إذا لقيه ، ويسمته إذا عطس ، ويعوده إذا مرض ، ويشهد جنازته إذا مات ، ويجيبه إذا دعاه ، ويحب له ما يحب لنفسه ، ويكره له ما يكره لها بظهر الغيب (١).

١٣١١ / ١٣ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا مسدد ابن أبي يوسف القلوسي بتنيس ، قال : حدثنا إسحاق بن يسار النصيبي ، قال : حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين ، قال : حدثنا إسرائيل بن يونس ، قال : حدثنا يزيد بن خيثم ، عن أبيه ، عن علي عليه‌السلام ، قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : ما من مسلم يعود مسلما غدوة إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي ، وإذا عاده مساء صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح ، وكان له خريف (٣) في الجنة.

١٣١٢ / ١٤ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا عبد الله ابن محمد بن عبد العزيز البغوي ، قال : حدثنا شريح بن يونس ، قال : حدثنا هشيم بن بشير ، قال : حدثنا يعلى بن عطاء ، عن عبد الله بن نافع : أن أبا موسى عاد الحسن بن علي عليهما‌السلام ، فقال علي عليه‌السلام : أما إنه لا يمنعنا ما في أنفسنا عليك أن نحدثك بما سمعنا أنه من عاد مريضا شيعه سبعون ألف ملك ، كلهم يستغفرون له ، إن كان

__________________

(١) أي يدعو له بقوله : الحمد لله ، ونحوه.

(٢) تقدم في الحديث : ١٠٤٣.

(٣) أي مخروف من ثمرها ، فعيل بمعنى مفعول.

٦٣٥

مصبحا حتى يمسي ، وإن كان ممسيا حتى يصبح ، وكان له خريف في الجنة (١).

١٣١٣ / ١٥ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا محمد ابن محمد بن سليمان الباغندي ، والحسن بن محمد بن بهرام محمى المخرمي البزاز ، قالا : حدثنا سويد بن سعيد الحدثاني ، قال : أخبرنا الفضل بن عبد الله ، عن أبان بن تغلب ، عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما‌السلام ، قال : دخل علي جابر بن عبد الله وأنا في الكتاب ، فقال : اكشف عن بطنك. قال : فكشفت له ، فألصق بطنه ببطني ، وقال : أمرني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن أقرئك السلام.

١٣١٤ / ١٦ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد بن حسن العلوي الحسني ، قال : حدثنا أبو نصر أحمد بن عبد المنعم بن نصر الصيداوي ، قال : حدثنا حسين بن شداد الجعفي ، عن أبيه شداد ابن رشيد ، عن عمرو بن عبد الله بن هند الجملي ، عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما‌السلام : أن فاطمة بنت علي بن أبي طالب لما نظرت إلى ما يفعل ابن أخيها علي بن الحسين بنفسه من الدأب في العبادة ، أتت جابر بن عبد الله بن عمرو بن حزام الأنصاري ، فقالت له : يا صاحب رسول الله ، إن لنا عليكم حقوقا ، ومن حقنا عليكم أن إذا رأيتم أحدنا يهلك نفسه اجتهادا أن تذكروه الله وتدعوه إلى البقيا على نفسه ، وهذا علي بن الحسين بقية أبيه الحسين ، قد انخرم أنفه ، وثفنت جبهته وركبتاه وراحتاه دأبا منه لنفسه في العبادة. فأتى جابر بن عبد الله باب علي بن الحسين عليهما‌السلام ، وبالباب أبو جعفر محمد بن علي عليهما‌السلام في أغيلمة من بني هاشم قد اجتمعوا هناك ، فنظر جابر إليه مقبلا ، فقال : هذه مشية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وسجيته ، فمن أنت يا غلام؟ قال : فقال : أنا محمد بن علي بن الحسين ، فبكى جابر بن عبد الله رضي‌الله‌عنه. ثم قال : أنت والله الباقر عن العلم حقا ، ادن مني بأبي أنت وأمي ، فدنا منه فحل جابر أزراره ووضع يده في صدره فقبله ، وجعل عليه خده ووجهه ، وقال له : أقرئك عن جدك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله السلام ، وقد أمرني أن أفعل بك ما فعلت ، وقال لي : يوشك أن

__________________

(١) تقدم في الحديث : ٩٠١.

٦٣٦

تعيش وتبقى حتى تلقى من ولدي من اسمه محمد يبقر العلم بقرا. وقال لي : إنك تبقى حتى تعمى ثم يكشف لك عن بصرك.

ثم قال لي : ائذن لي على أبيك ، فدخل أبو جعفر على أبيه فأخبره الخبر ، وقال : إن شيخا بالباب ، وقد فعل بي كيت وكيت ، فقال : يا بني ذلك جابر بن عبد الله. ثم قال : أمن بين ولدان أهلك قال لك ما قال وفعل بك ما فعل؟ قال : نعم إنا لله ، إنه لم يقصدك فيه بسوء ، ولقد أشاط بدمك.

ثم أذن لجابر ، فدخل عليه فوجده في محرابه ، قد أنضته العبادة ، فنهض علي عليه‌السلام فسأله عن حاله سؤالا حفيا (١) ، ثم أجلسه بجنبه ، فأقبل جابر عليه يقول : يا بن رسول الله ، أما علمت أن الله ( تعالى ) إنما خلق الجنة لكم ولمن أحبكم ، وخلق النار لمن أبغضكم وعاداكم ، فما هذا الجهد الذي كلفته نفسك؟ قال له علي بن الحسين عليهما‌السلام : يا صاحب رسول الله ، أما علمت أن جدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فلم يدع الاجتهاد له ، وتعبد ـ بأبي هو وأمي ـ حتى انتفخ الساق وورم القدم ، وقيل له : أتفعل هذا وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر! قال : أفلا أكون عبدا شكورا.

فلما نظر جابر إلى علي بن الحسين عليهما‌السلام وليس يغني فيه من قول يستميله من الجهد والتعب إلى القصد ، قال له : يا بن رسول الله ، البقيا على نفسك ، فإنك لمن أسرة بهم يستدفع البلاء ، وتستكشف اللاواء (٢) ، وبهم تستمطر السماء فقال : يا جابر ، لا أزال على منهاج أبوي مؤتسيا بهما ( صلوات الله عليهما ) حتى ألقاهما؟ فأقبل جابر على من حضر فقال لهم : والله ما أرى في أولاد الأنبياء مثل علي بن الحسين إلا يوسف بن يعقوب عليهما‌السلام ، والله لذرية علي بن الحسين عليهما‌السلام أفضل من ذرية يوسف بن يعقوب ، إن منهم لمن يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا.

__________________

(١) أي كثيرا.

(٢) اللاواء : المشقة والشدة.

٦٣٧

[٣٢]

مجلس يوم الجمعة

الثاني من رجب سنة سبع وخمسين وأربع مائة

فيه بقية أحاديث أبي المفضل محمد بن عبد الله الشيباني.

بسم الله الرحمن الرحيم

١٣١٥ / ١ ـ حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي رضي‌الله‌عنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي ، قال. حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا أبو الأحوص ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن علي عليه‌السلام ، قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا دخل على مريض قال : أذهب البأس رب البأس ، واشف أنت الشافي لا شافي إلا أنت.

١٣١٦ / ٢ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا عبد الله ابن محمد البغوي ، قال : حدثنا بشر بن هلال الصواف ، قال : حدثنا عبد الوارث بن سعيد بن صهيب ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد الخدري : أن جبرئيل أتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا محمد أشكوت؟ قال : نعم. قال : بسم الله أرقيك من كل شئ يؤذيك ، من شر كل نفس أو عين حاسد ، والله يشفيك ، بسم الله أرقيك.

١٣١٧ / ٣ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا أبو

٦٣٨

الحسن علي بن إسماعيل الموصلي الدقاق بالموصل ، قال : حدثنا علي بن الحسن العبدي ، قال : حدثنا الحسن بن بشر ، قال : حدثنا قيس بن الربيع ، عن الأعمش ، عن شقيق ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله. أجيبوا الداعي ، وعودوا المريض ، واقبلوا الهدية ، ولا تظلموا المسلمين.

١٣١٨ / ٤ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا محمد بن صاعد ، قال : حدثنا أبو سعيد عبد الله بن سعيد الأشج ، قال : حدثنا عقبة بن خالد ، قال : حدثنا موسى بن محمد التيمي ، عن أبيه ، عن جابر بن عبد الله ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أغبوا في العيادة (١) وأربعوا (٢) إلا أن يكون مغلوبا (٣).

١٣١٩ / ٥ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا عبد الله ابن محمد بن عبد العزيز البغوي ، قال : حدثنا داود بن عمرو الضبي ، قال : حدثنا عبد الله بن المبارك ، قال : أخبرنا يحيى بن أيوب بن عبد الله بن زحر ، عن علي بن يزيد ، عن القاسم ، عن أبي أمامة ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : من تمام عيادة المريض أن يدع أحدكم يده على جبهته أو يده ، فيسأله كيف هو ، وتحياتكم بينكم بالمصافحة.

١٣٢٠ / ٦ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا عبد الله ابن محمد البغوي ، قال : حدثنا صبيح بن دينار العلوي ببلد ، قال : حدثنا عفيف بن سالم ، عن أيوب بن عتبة اليماني ، عن القاسم عن أبي أمامة ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من تمام عيادة المريض إذا دخلت عليه أن تضع يدك على رأسه ، وتقول : كيف أصبحت وكيف أمسيت ، فإذا جلست عنده غمرتك الرحمة ، وإذا خرجت من عنده خضتها مقبلا ومدبرا ، وأومأ بيده إلى حقويه (٤).

١٣٢١ / ٧ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا أبو أحمد

__________________

(١) أي لا تعودوه في كل يوم ، لما يجد من ثقل العواد.

(٢)أي اقتصروا وارفقوا.

(٣) أي شديد المرض أو مغمى عليه ، فإنه حينئذ ينبغي أن تؤخر عيادته ويترك مع أهله.

(٤) الحقو : الخصر.

٦٣٩

إسماعيل بن موسى البجلي الحاسب ، قال : حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان ، قال : حدثنا معاوية بن هشام ، عن سفيان الثوري ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن ابن عباس ، قال : قيل للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : كيف أصبحت؟ قال : بخير من قوم لم يشهدوا جنازة ، ولم يعودوا مريضا.

١٣٢٢ / ٨ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا غياث بن مصعب بن عبدة أبو العباس الخجندي الرياشي ، قال : حدثنا محمد بن حماد الشاشي ، عن حاتم الأصم ، عن شقيق بن إبراهيم البلخي ، عمن أخبره من أهل العلم ، قال : قيل لعيسى بن مريم عليه‌السلام : كيف أصبحت ، يا روح الله؟ قال : أصبحت وربي ( تبارك وتعالى ) من فوقي ، والنار أمامي ، والموت في طلبي ، لا أملك ما أرجو ، ولا أطيق دفع ما أكره ، فأي فقير أفقر مني!

١٣٢٣ / ٩ ـ قال : وقيل للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : كيف أصبحت؟ قال : بخير من رجل لم يصبح صائما ، ولم يعد مريضا ، ولم يشهد جنازة.

١٣٢٤ / ١٠ ـ قال : وقال جابر بن عبد الله الأنصاري : لقيت علي بن أبي طالب عليه‌السلام ذات يوم صباحا ، فقلت : كيف أصبحت ، يا أمير المؤمنين؟ قال : بنعمة من الله وفضل من رجل لم يزر أخا ، ولم يدخل على مؤمن سرورا.

قلت : وما ذلك السرور؟ قال : يفرج عنه كربا ، أو يقضي عنه دينا ، أو يكشف عنه فاقته.

١٣٢٥ / ١١ ـ قال جابر : ولقيت عليا عليه‌السلام يوما ، فقلت : كيف أصبحت ، يا أمير المؤمنين؟ قال : أصبحنا وبنا من نعم الله وفضله ما لا نحصيه مع كثير ما نحصيه ، فما ندري أي نعمة أشكر ، أجميل ما ينشر ، أم قبيح ما يستر؟

١٣٢٦ / ١٢ ـ وقيل لأبي ذر رضي‌الله‌عنه : كيف أصبحت ، يا صاحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ قال : أصبحت بين نعمتين : بين ذنب مستور ، وثناء من اغتر به فهو المغرور.

١٣٢٧ / ١٣ ـ وقيل للربيع بن خثيم : كيف أصبحت ، يا أبا يزيد؟ قال : أصبحت

٦٤٠