الأمالي

أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطّوسي [ شيخ الطائفة ]

الأمالي

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطّوسي [ شيخ الطائفة ]


المحقق: مؤسسة البعثة
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الثقافة للطباعة والنشر
الطبعة: ١
الصفحات: ٨٨٨

زمان جديد ، وعند كل قوم غض إلى يوم القيامة.

١٢٠٤ / ٩ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا الحسن ابن علي بن عاصم البزوفري ، قال : حدثنا سليمان بن داود أبو أيوب الشاذكوني المنقري ، قال : حدثنا حفص بن غياث القاضي ، قال : كنت عند سيد الجعافرة جعفر ابن محمد عليهما‌السلام لما أقدمه المنصور ، فأتاه ابن أبي العوجاء ، وكان ملحدا ، فقال له : ما تقول في هذه الآية ( كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ) (١) ، هب هذه الجلود عصيت فعذبت ، فما بال الغيرية؟ فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : ويحك هي هي ، وهي غيرها.

قال : أعقلني هذا القول. فقال له : أرأيت لو أن رجلا عمد إلى لبنة فكسرها ، ثم صب عليها الماء وجبلها ، ثم ردها إلى هيئتها الأولى ، ألم تكن هي هي ، وهي غيرها؟ فقال : بلى ، أمتع الله بك.

١٢٠٥ / ١٠ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا الحسن ابن علي بن عاصم البزوفري ، قال : حدثنا سليمان بن داود أبو أيوب الشاذكوني المنقري ، قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، قال : سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهما‌السلام يقول : وجدت علوم الناس كلها في أربع خلال. أولها أن تعرف ربك ، والثانية أن تعرف ما صنع ، والثالثة أن تعرف ما أراد منك ، والرابعة أن تعرف ما يخرجك من دينك (٢).

١٢٠٦ / ١١ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال. حدثنا أبو جعفر محمد بن جرير الطبري سنة ثمان وثلاث مائة ، قال : حدثنا محمد بن حميد الرازي ، قال. حدثنا سلمة بن الفضل الأبرش ، قال : حدثني محمد بن إسحاق ، عن عبد الغفار بن القاسم. قال أبو المفضل : وحدثنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي

__________________

(١) سورة النساء ٤ : ٥٦.

(١) يأتي في الحديث : ١٣٥١.

٥٨١

 ـ واللفظ له ـ ، قال : حدثنا محمد بن الصباح الجرجرائي ، قال : حدثني سلمة بن صالح الجعفي ، عن سليمان الأعمش وأبي مريم جميعا ، عن المنهال بن عمرو ، عن عبد الله ابن الحارث بن نوفل ، عن عبد الله بن عباس ، عن علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، قال : لما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) (١) دعاني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال لي : يا علي ، إن الله ( تعالى ) أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين ، قال : فضقت بذلك ذرعا ، وعرفت أني متى أناديهم بهذا الامر أرى منهم ما أكره ، فصمت على ذلك ، وجاءني جبرئيل عليه‌السلام فقال : يا محمد ، إنك إن لم تفعل ما أمرت به عذبك ربك ( عزوجل ) ، فاصنع لنا يا علي صاعا من طعام ، واجعل عليه رجل شاة ، واملا لنا عسا (٢) من لبن ، ثم أجمع بني عبد المطلب حتى أكلمهم ، وأبلغهم ما أمرت به. ففعلت ما أمرني به ، ثم دعوتهم أجمع ، وهم يومئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصون رجلا ، فيهم أعمامه أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب.

فلما اجتمعوا له صلى‌الله‌عليه‌وآله ، دعاني بالطعام الذي صنعت لهم ، فجئت به ، فلما وضعته تناول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله جذمة (٣) من اللحم ، فشقها بأسنانه ، ثم ألقاها في نواحي الصحفة ، ثم قال : خذوا بسم الله ، فأكل القوم حتى صدروا ، ما لهم بشئ من الطعام حاجة ، وما أرى إلا مواضع أيديهم ، وأيم الله الذي نفس علي بيده إن كان الرجل الواحد منهم ليأكل ما قدمت لجميعهم ، ثم جئتهم بذلك العس فشربوا حتى رووا جميعا ، وأيم الله إن كان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله ، فلما أراد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يكلمهم بدره أبو لهب إلى الكلام فقال : لشد ما سحركم صاحبكم! فتفرق القوم ، ولم يكلمهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

فقال لي من الغد : يا علي ، إن هذا الرجل قد سبقني إلى ما سمعت من القول ،

__________________

(١) سورة الشعراء ٢٦ : ٢١٤.

(٢) العس : القدح الكبير.

(٣) أي قطعة.

٥٨٢

فتفرق القوم قبل أن أكلمهم ، فعد لنا من الطعام بمثل ما صنعت ثم اجمعهم لي. قال : ففعلت ثم جمعتهم ، فدعاني بالطعام فقربته لهم ، ففعل كما فعل بالأمس ، وأكلوا حتى ما لهم به من حاجة ، ثم قال : أسقهم ، فجئتهم بذلك العس فشربوا حتى رووا منه جميعا.

ثم تكلم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا بني عبد المطلب ، إني والله ما أعلم شابا في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به ، إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة ، وقد أمرني الله ( عزوجل ) أن أدعوكم إليه ، فأيكم يؤمن بي ويؤازرني على أمري ، فيكون أخي ووصيي ووزيري وخليفتي في أهلي من بعدي؟ قال : فأمسك القوم ، وأحجموا عنها جميعا. قال : فقمت وإني لأحدثهم سنا ، وأرمصهم (١) عينا ، وأعظمهم بطنا ، وأحمشهم (٢) ساقا. فقلت : أنا يا نبي الله أكون وزيرك على ما بعثك الله به. قال : فأخذ بيدي ثم قال : إن هذا أخي ووصيي ووزيري وخليفتي فيكم ، فاسمعوا له وأطيعوا. قال : فقام القوم يضحكون ، ويقولون لأبي طالب : قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع.

١٢٠٧ / ١٢ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثني أحمد ابن عيسى بن محمد بن الفراء الكبير سنة عشر وثلاث مائة ، قال : حدثنا القاسم بن إسماعيل الأنباري ، قال : حدثنا إبراهيم بن عبد الحميد ، قال : حدثنا معتب مولى عبد الله بن مسلم ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما‌السلام ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال : جاء أعرابي إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا رسول الله ، هل للجنة من ثمن؟ قال : نعم.

قال : ما ثمنها؟ قال : « لا إله إلا الله » يقولها العبد الصالح مخلصا بها.

قال : وما إخلاصها؟ قال : العمل بما بعثت به في حقه ، وحب أهل بيتي.

قال : وحب أهل بيتك لمن حقها؟ قال : أجل ، إن حبهم لأعظم حقها.

__________________

(١) الأرمص : الذي في عينه الرمص ، وهو وسخ أبيض جامد يجتمع في الموق.

(٢) أحمش الساقين : دقيقهما.

٥٨٣

١٢٠٨ / ١٣ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا عبد الله ابن محمد بن عبيد بن ياسين بن محمد بن عجلان مولى الباقر عليه‌السلام ، قال : حدثني أبي ، عن جده ياسين بن محمد ، عن أبيه محمد بن عجلان ، قال : أصابتني فاقة شديدة ولا صديق لمضيق ، ولزمني دين ثقيل وغريم يلج باقتضائه ، فتوجهت نحو دار الحسن بن زيد ، وهو يومئذ أمير المدينة لمعرفة كانت بيني وبينه ، وشعر بذلك من حالي محمد بن عبد الله بن علي بن الحسين ، وكان بيني وبينه قديم معرفة ، فلقيني في الطريق فأخذ بيدي وقال لي : قد بلغني ما أنت بسبيله ، فمن تؤمل لكشف ما نزل بك؟ قلت : الحسن ابن زيد.

فقال : إذن لا تقضى حاجتك ولا تسعف بطلبتك ، فعليك بمن يقدر على ذلك ، وهو أجود الأجودين ، فالتمس ما تؤمله من قبله ، فإني سمعت ابن عمي جعفر بن محمد يحدث عن أبيه عن جده ، عن أبيه الحسين بن علي ، عن أبيه علي بن أبي طالب عليهم‌السلام ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : أوحى الله إلى بعض أنبيائه في بعض وحيه إليه. وعزتي وجلالي لأقطعن أمل كل مؤمل غيري بالإياس ، ولا كسوته ثوب المذلة في الناس ، ولأبعدنه من فرجي وفضلي ، أيؤمل عبدي في الشدائد غيري ، أو يرجو سواي! وأنا الغني الجواد ، بيدي مفاتيح الأبواب وهي مغلقة وبابي مفتوح لمن دعاني ، ألم يعلم أنه ما أوهنته نائبة لم يملك كشفها عنه غيري ، فما لي أراه بأمله معرضا عني ، قد أعطيته بجودي وكرمي ما لم يسألني ، فأعرض عني ولم يسألني وسأل في نائبته غيري! وأنا الله ابتدئ بالعطية قبل المسألة ، أفأسأل فلا أجيب؟ كلا أوليس الجود والكرم لي ، أوليس الدنيا والآخرة بيدي ، فلو أن أهل سبع سماوات وأرضين سألوني جميعا فأعطيت كل واحد منهم مسألته ، ما نقص ذلك من ملكي مثل جناح بعوضة ، وكيف ينقص ملك أنا قيمه؟ فيا بؤس لمن عصاني ولم يراقبني.

فقلت : يا بن رسول الله ، أعد علي هذا الحديث ، فأعاده ثلاثا فقلت : لا والله لا سألت أحدا بعد هذا حاجة ، فما لبثت أن جاءني برزق وفضل من عنده.

١٢٠٩ / ١٤ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا أبو

٥٨٤

عبد الله جعفر بن محمد بن جعفر الحسني ، قال : حدثنا موسى بن عبد الله بن موسى الحسني ، عن جده موسى بن عبد الله ، عن أبيه عبد الله بن الحسن ، وعميه إبراهيم والحسن ابني الحسن ، عن أمهم فاطمة بنت الحسين ، عن أبيها ، عن جدها علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : النساء عي وعورات ، فاستروا عيهن بالسكوت ، وعورتهن بالبيوت (١).

١٢١٠ / ١٥ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال. حدثنا أبو علي أحمد بن محمد بن الحسين بن إسحاق العلوي العريضي بحران ، قال : حدثنا جدي الحسين بن إسحاق بن جعفر ، عن أبيه ، عن أخيه موسى عليه‌السلام ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن آبائه ، عن علي عليه‌السلام ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : يقول الله ( عزوجل ) : ما من مخلوق يعتصم دوني إلا قطعت أسباب السماوات وأسباب الأرض من دونه ، فإن سألني لم أعطه ، وإن دعاني لم أجبه ، وما من مخلوق يعتصم بي دون خلقي إلا ضمنت السماوات والأرض رزقه ، فإن دعاني أجبته ، لم ان سألني أعطيته ، وإن استغفرني غفرت له.

١٢١١ / ١٦ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا إبراهيم ابن حفص بن عمر العسكري بالمصيصة من أصل كتابه ، قال : حدثنا عبد الله بن الهيثم ابن عبد الله الأنماطي البغدادي من ساكني حلب سنة ست وخمسين ومائتين ، قال : حدثنا الحسين بن علوان الكلبي ببغداد سنة مائتين ، قال : حدثني عمرو بن خالد الواسطي ، عن محمد وزيد ابني علي ، عن أبيهما علي بن الحسين عليهما‌السلام ، قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يرفع يديه إذا ابتهل ودعا كمن يستطعم.

__________________

(١) يأتي في الحديث : ١٣٨٢.

٥٨٥

[٢٥]

مجلس يوم الجمعة

السادس عشر من ربيع الأول سنة سبع وخمسين وأربع مائة

فيه بقية أحاديث أبي المفضل محمد بن عبد الله الشيباني.

بسم الله الرحمن الرحيم

١٢١٢ / ١ ـ حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي ( قدس الله روحه ) ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا أبو حامد محمد بن هارون بن حميد الحضرمي ، قال : حدثنا محمد بن صالح بن النطاع أبو عبد الله البصري ، قال : حدثنا المنذر بن زياد الطائي ، قال : حدثنا عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من أجرى الله على يده فرجا لمسلم ، فرج الله عنه كرب الدنيا والآخرة.

١٢١٣ / ٢ ـ وعنه ، باسناده عن جده : أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : من عال أهل بيت من المسلمين يومهم وليلتهم ، غفر الله له ذنوبه.

١٢١٤ / ٣ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا أبو حامد محمد بن هارون ، وأحمد بن عبيد الله بن محمد بن عمار الثقفي ، قال : حدثنا علي بن محمد بن سليمان النوفلي ، قال : حدثنا أبي ، عن أبيه ، عن إسحاق بن عبد الله بن

٥٨٦

الحارث ، عن أبيه ، عن عبد الله بن العباس ، قال : لما نزلت ( إنما المؤمنون إخوة ) (١) أخي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بين المسلمين ، فآخى بين أبي بكر وعمر ، وبين عثمان وعبد الرحمن ، وبين فلان وفلان حتى آخى بين أصحابه أجمعهم على قدر منازلهم ، ثم قال لعلي بن أبي طالب عليه‌السلام : أنت أخي ، وأنا أخوك.

١٢١٥ / ٤ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا أبي عبد الله بن المطلب الشيباني سنة ست عشرة وثلاث مائة ـ وفيها مات ـ ، قال : حدثنا إبراهيم بن بشر بالكوفة ، قال : حدثنا منصور بن أبي نويرة الأسدي ، قال : حدثنا عمرو ابن شمر ، عن إبراهيم بن عبد الأعلى ، عن سعد بن حذيفة بن اليمان ، عن أبيه ، قال : آخى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بين الأنصار والمهاجرين إخوة الدين ، وكان يؤاخي بين الرجل ونظيره ، ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب عليه‌السلام فقال. هذا أخي. قال : حذيفة فرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سيد المرسلين ، وإمام المتقين ، ورسول رب العالمين ، الذي ليس له في الأنام شبه ولا نظير ، وعلي بن أبي طالب أخوه.

١٢١٦ / ٥ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا رجاء بن يحيى بن سامان أبو الحسين العبرتائي ، قال. حدثنا أحمد بن هلال في منزله بالكرخ ، قال : حدثنا عبد الأحد بن الحسن بن صالح كاتب الفضل بن الربيع ، قال : حدثنا الفضل ابن الربيع ، عن أبيه الربيع ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد ، عن أبيه أبي جعفر ، عن علي بن الحسين عليه‌السلام ، قال. قال أمير المؤمنين عليه‌السلام لرجل من شيعته : اجهد أن لا يكون لمنافق عندك يد ، فإن المكافئ عنك وعنهم الله ( عزوجل ) بجنته ، والمصطفى محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله بشفاعته ، والحسن والحسين بحوض جدهما.

١٢١٧ / ٦ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، عن محمد بن الحارث بن زياد الليثي المدني بالروضة من مسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا عبد الجبار بن سعيد المساحقي ، عن أبيه ، عن صالح بن كيسان ، قال :

__________________

(١) سورة الحجرات ٤٩ : ١٠.

٥٨٧

سمع عامر بن عبد الله بن الزبير ، وكان من عقلاء قريش ، ابنا له ينتقص علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، فقال له : يا بني ، لا تنتقص عليا ، فإن الدين لم يبن شيئا فاستطاعت الدنيا أن تهدمه ، وإن الدنيا لم تبن شيئا إلا هدمه الدين.

يا بني ، إن بني أمية لهجوا بسب علي بن أبي طالب عليه‌السلام في مجالسهم ولعنوه على منابرهم ، فإنما يأخذون والله بضبعيه إلى السماء مدا ، وإنهم لهجوا بتقريظ ذويهم وأوائلهم من قومهم ، فكأنما يكشفون منهم عن أنتن من بطون الجيف ، فأنهاك عن سبه.

١٢١٨ / ٧ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا عبد الوهاب بن أبي حية وراق الجاحظ ، قال : سمعت الجاحظ عمرو بن بحر يقول : سمعت النظام يقول : علي بن أبي طالب عليه‌السلام محنة على المتكلم ، إن وفاه حقه غلا ، وإن بخسه حقه أساء ، والمنزلة الوسطى دقيقة الوزن « حادة اللسان ، صعبة الترقي إلا على الحاذق الذكي.

١٢١٩ / ٨ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد بن جعفر الحسني ، قال : حدثني محمد بن علي بن الحسين ابن زيد بن علي ، قال : حدثنا الرضا علي بن موسى ، قال. حدثني أبي موسى بن جعفر ، قال : حدثني أبي جعفر بن محمد ، قال : حدثني أبي محمد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علي ، عن علي عليهم‌السلام ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنما ابن آدم ليومه ، فمن أصبح آمنا في سربه معافى في جسده ، عنده قوت يومه ، فكأنما حيزت له الدنيا (١)

١٢٢٠ / ٩ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا أبو نصر الليث بن محمد بن الليث العنبري إملاء من أصل كتابه ، قال : حدثنا أحمد بن عبد الصمد بن مزاحم الهروي سنة إحدى وستين ومائتين ، قال : حدثنا خالي أبو

__________________

(١) تقدم نحوه في الحديث : ٩٥٦.

٥٨٨

الصلت عبد السلام بن صالح الهروي ، قال : كنت مع الرضا عليه‌السلام لما دخل نيسابور وهو راكب بغلة شهباء ، وقد خرج علماء نيسابور في استقباله ، فلما سار إلى المرتعة تعلقوا بلجام بغلته ، وقالوا : يا بن رسول الله ، حدثنا بحق آبائك الطاهرين ، حدثنا عن آبائك ( صلوات الله عليهم أجمعين ) ، فأخرج رأسه من الهودج وعليه مطرف خز ، فقال : حدثني أبي موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه علي ابن الحسين ، عن أبيه الحسين سيد شباب أهل الجنة ، عن أبيه أمير المؤمنين عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : أخبرني جبرئيل الروح الأمين ، عن الله ( تقدست أسماؤه وجل وجهه ) قال : إني أنا الله ، لا إله إلا أنا وحدي عبادي فاعبدوني ، وليعلم من لقيني منكم بشهادة أن لا إله إلا الله مخلصا بها ، أنه قد دخل حصني ، ومن دخل حصني أمن عذابي.

قالوا : يا بن رسول الله ، وما إخلاص الشهادة لله؟ قال. طاعة الله ورسوله ، وولاية أهل بيته عليهم‌السلام.

١٢٢١ / ١٠ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا محمد ابن محمد بن معقل العجلي الترمساني القرميسيني نزيل سهرورد ، قال : حدثنا محمد ابن الحسن بن بنت إلياس ، قال : حدثني أبي ، قال : سمعت الرضا عليه‌السلام يحدث عن أبيه ، عن جده ، عن محمد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علي ، عن علي عليه‌السلام ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : غريبتان : كلمة حكمة من سفيه فاقبلوها ، وكلمة سفه من حكيم فاغفروها ، فإنه لا حليم إلا ذو عثرة ، ولا حكيم إلا ذو تجربة.

١٢٢٢ / ١١ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال. حدثنا علي بن أحمد بن نصر البندنيجي بالرقة ، قال. حدثنا أبو تراب عبيد الله بن موسى الروياني ، قال : حدثنا عبد العظيم بن عبد الله الحسني ، قال : حدثنا أبو جعفر محمد بن علي ، عن أبيه ، عن جده ، عن جعفر بن محمد ، عن آبائه ، عن علي عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : السنة سنتان : سنة في فريضة ، الاخذ بها هدى وتركها ضلالة : وسنة

٥٨٩

في غير فريضة ، الاخذ بها فضيلة ، وتركها إلى غيرها خطيئة.

١٢٢٣ / ١٢ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثني حنظلة بن زكريا القاضي التميمي بقزوين ، قال : حدثنا محمد بن علي بن حمزة العلوي ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا علي بن موسى الرضا ، قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن محمد بن علي ، عن أبيه ، عن الحسين بن علي ، عن علي عليهم‌السلام ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا حسب إلا بالتواضع ، ولا كرم إلا بالتقوى ، ولا عمل إلا بالنية.

قال : وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : حسب المرء ماله ، ومروءته عقله ، وحلمه شرفه ، وكرمه تقواه.

١٢٢٤ / ١٣ ـ وعنه ، قال. أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثني محمد ابن أحمد بن محمد بن هلال الشطوي ببغداد في دار المثنى سنة ثمان وثلاث مائة إملاء ، قال : حدثنا محمد بن يحيى بن ضريس القندي ، قال : حدثنا عيسى بن عبد الله العلوي ، قال : حدثني أبي ، عن خاله جعفر بن محمد ، قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي عليهم‌السلام ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : وعظني جبرئيلعليه‌السلام فقال : يا محمد ، أحبب من شئت فإنك مفارقه ، واعمل ما شئت فإنك ملاقيه.

١٢٢٥ / ١٤ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا أبو القاسم جعفر بن محمد العلوي الموسوي في منزله بمكة سنة ثماني عشرة وثلاث مائة ، قال : أخبرنا أحمد بن زياد ، قال : حدثنا عبيد الله بن أحمد بن نهيك ، قال : حدثنا محمد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن جعفر بن محمد ، عن آبائه ، عن علي عليهم‌السلام ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من سره أن يكثر خير بيته فليتوضأ عند حضور طعامه ، ومن توضأ قبل الطعام وبعده عاش في سعة من رزقه ، وعوفي من البلاء في جسده.

وزاد الموسوي في حديثه : قال هشام بن سالم : قال لي الصادق عليه‌السلام : يا هشام بن سالم ، الوضوء هاهنا غسل اليد قبل الطعام وبعده.

٥٩٠

١٢٢٦ / ١٥ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا عمران ابن محسن بن محمد بن عمران بن طاوس الخطيب مولى الصادق عليه‌السلام بالموصل ، قال : حدثنا إدريس بن زياد الحناط بكفر توثا ، قال : حدثني الربيع بن كامل ابن عم الفضل بن الربيع ، عن الفضل بن الربيع ، عن أبيه الربيع بن يونس حاجب المنصور ، وكان قبل الدولة كالمنقطع إلى جعفر بن محمد عليه‌السلام ، قال : سألت جعفر ابن محمد بن علي عليهم‌السلام على عهد مروان الحمار ، فقلت : يا سيدي ، أخبرني عن سجدة الشكر التي سجدها أمير المؤمنين عليه‌السلام ما كان سببها؟ فحدثني عن أبيه محمد بن علي ، قال : حدثني أبي علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علي ، عن أبيه علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، قال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وجهه في أمر من أمره فحسن فيه بلاؤه ، وعظم فيه عناؤه ، فلما قدم من وجهه ذلك أقبل إلى المسجد ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قد خرج لصلاة الظهر ، فصلى معه ، فلما انصرف من الصلاة ، أقبل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فاعتنقه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم سأله عن سفره ذلك وما صنع فيه ، فجعل علي عليه‌السلام يحدثه وأسارير وجه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله تلمع نورا وسرورا بما حدثه ، فلما أتى علي عليه‌السلام على حديثه قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ألا أبشرك يا أبا الحسن. قال : بلى فداك أبي وأمي ، فكم من خير بشرت به.

قال : إن جبرئيل عليه‌السلام هبط علي في وقت الزوال فقال لي : يا محمد ، هذا ابن عمك علي وارد عليك ، وان الله ( تعالى ) أبلى المسلمين به بلاء حسنا ، وإنه كان من صنيعه كذا وكذا ، فحدثني بما أنبأتني به ، ثم قال لي : يا محمد ، إنه من نجا من ذرية آدم بالله ( عزوجل ) ، فنجا من تولى شيث بن آدم وصي أبيه آدم ، ونجا شيث بأبيه آدم ، ونجا آدم بالله ( عزوجل ) ، ونجا من تولى سام بن نوح وصي نوح ، ونجا سام بأبيه نوح ، ونجا نوح بالله ( عزوجل ) ، ونجا من تولى إسماعيل ـ أو قال : إسحاق ـ وصي إبراهيم خليل الله ، ونجا إسماعيل بأبيه إبراهيم ، ونجا إبراهيم عليه‌السلام بالله ( عزوجل ) ، ونجا من تولى يوشع وصي موسى بيوشع ، ونجا يوشع بموسى ، ونجا موسى بالله ( عزوجل ) ، ونجا من تولى

٥٩١

شمعون وصي عيسى بشمعون ، ونجا شمعون بعيسى ، ونجا عيسى بالله ( عزوجل ) ، ونجا يا محمد من تولى عليا وزيرك في حياتك ، ووصيك عند وفاتك ، ونجا علي بك ، ونجوت أنت بالله ( عزوجل ).

يا محمد ، اني الله جعلك سيد الأنبياء ، وجعل عليا سيد الأوصياء وخيرهم ، وجعل الأئمة من ذريتكما إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، فسجد علي عليه‌السلام وجعل يقلب وجهه على الأرض شكرا.

٥٩٢

[٢٦]

مجلس يوم الجمعة

الثالث والعشرين من شهر ربيع الأول سنة سبع وخمسين وأربع مائة

فيه بقية أحاديث أبي المفضل محمد بن عبد الله الشيباني.

بسم الله الرحمن الرحيم

١٢٢٧ / ١ ـ حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي ( قدس الله روحه ) ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا محمد بن الحسن بن حفص الخثعمي بالكوفة ، قال : حدثنا هشام بن يونس النهشلي ، قال : حدثنا عمرو بن هاشم أبو مالك الجنبي ، عن معروف بن خزبوذ المكي ، عن عامر بن واثلة ، عن أبي بردة الأسلمي ، قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : لا تزول قدم عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع : عن جسده فيما أبلاه ، وعن عمره فيما أفناه ، عن ماله مما اكتسبه وفيما أنفقه ، وعن حبنا أهل البيت.

١٢٢٨ / ٢ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا أبو زيد محمد بن أحمد بن سلام الأسدي بمراغة ، قال : حدثنا السري بن خزيمة بالري ، قال : حدثنا يزيد بن هاشم العبدي ، عن مسمع بن عبد الملك ، عن خالد بن طليق ، عن أبيه ، عن جدته أم نجيد امرأة عمران بن حصين ، عن ميمونة وأم سلمة زوجي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قالتا : استسقى الحسن عليه‌السلام ، فقام رسول الله فجدح له في غمر

٥٩٣

كان لهم ـ يعني قدحا يشرب فيه ـ ثم أتاه به ، فقام الحسين عليه‌السلام ، فقال : اسقنيه يا أبه! فأعطاه الحسن عليه‌السلام ثم جدح للحسين عليه‌السلام فسقاه ، فقالت فاطمة عليها‌السلام : كان الحسن أحبهما إليك؟ قال : إنه استسقى قبله ، وإني وإياك وهما وهذا الراقد في مكان واحد في الجنة.

١٢٢٩ / ٣ ـ وعنه ، قال. أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال. حدثني أحمد ابن عبد العزيز الجوهري بالبصرة ، قال : حدثنا علي بن محمد بن سليمان النوفلي ، قال : حدثني أبي ، عن ربعي بن عبد الله بن الجارود ، عن أبيه ، قال : قال معاوية لخالد ابن معمر : على م أحببت عليا؟ قال : على ثلاث خصال : على حلمه إذا غضب ، وعلى صدقه إذا قال ، وعلى عدله إذا ولي.

١٢٣٠ / ٤ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا محمد بن صالح بن فيض الساوي ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري ، قال : حدثنا الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن أبي حمزة ، قال : كان علي بن الحسين عليهما‌السلام يقول : مهما أبهمت عنه البهائم فلم تبهم عن أربع : معرفتها بالرب ( عزوجل ) ، ومعرفتها بالأنثى من الذكر ، ومعرفتها بالموت ، والفرار منه.

١٢٣١ / ٥ ـ وعنه ، فال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا محمد بن جعفر الرزاز أبو العباس القرشي ، قال : حدثنا أيوب بن نوح بن دراج ، قال : حدثنا بشار ابن ذراع ، عن أخيه يسار ، عن حمران ، عن أبي عبد الله ، عن أبيه عليه‌السلام ، عن جابر بن عبد الله ، قال. بينا أمير المؤمنين عليه‌السلام في جماعة من أصحابه أنا فيهم ، إذ ذكروا الدنيا وتصرفها بأهلها ، فذمها رجل ، فذهب في ذمها كل مذهب ، فقال له أمير المؤمنين عليه‌السلام : أيها الذام للدنيا ، أنت المتجرم عليها ، أم هي المتجرمة عليك؟ فقال. بل أنا المتجرم عليها ، يا أمير المؤمنين.

قال : فبم تذمها؟ أليست منزل صدق لمن صدقها ، ودار غنى لمن تزود منها ، ودار عافية لمن فهم عنها ، ومساجد أنبياء الله ، ومهبط وحيه ، ومصلى ملائكته ، ومتجر أوليائه ، اكتسبوا فيها الرحمة وربحوا فيها الجنة؟ فمن ذا يذمها؟ وقد آذنت ببينها ،

٥٩٤

ونادت بانقضائها ، ونعت نفسها وأهلها ، فمثلت ببلائها البلى ، وتشوقت بسرورها إلى السرور تخويفا وترغيبا ، فابتكرت بعافية ، وراحت بفجيعة ، فذمها رجال فرطوا غداة الندامة ، وحمدها آخرون اكتسبوا فيها الخير.

فيا أيها الذام للدنيا ، المغتر بغرورها ، متى استذمت إليك ، أم متى غرتك ، أبمضاجع آبائك من البلى ، أم بمصارع أمهاتك تحت الثرى؟ كم مرضت بيديك ، وعالجت بكفيك؟ تلتمس لهم الشفاء ، وتستوصف لهم الأطباء ، لم تنفعهم بشفاعتك ، ولم تسعفهم في طلبتك ، مثلت لك ـ ويحك ـ الدنيا بمصرعهم مصرعك ، وبمضجعهم مضجعك ، حين لا يغني بكاؤك ، ولا ينفعك أحباؤك.

ثم التفت إلى أهل المقابر ، فقال : يا أهل التربة ، ويا أهل الغربة ، أما المنازل فقد سكنت ، وأما الأموال فقد قسمت ، وأما الأزواج فقد نكحت ، هذا خبر ما عندنا ، فما خبر ما عندكم؟ ثم أقبل على أصحابه فقال : والله لو أذن لهم في الكلام لأخبروكم أن خير الزاد التقوى.

١٢٣٢ / ٦ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا جعفر بن محمد أبو القاسم الموسوي العلوي في منزله بمكة ، قال : حدثنا عبيد الله بن أحمد بن نهيك ، قال : حدثنا عبد الله بن جبلة ، عن حميد بن شعيب الهمداني ، عن جابر بن يزيد ، عن أبي جعفر محمد بن علي عليه‌السلام ، قال : لما احتضر أمير المؤمنين عليه‌السلام جمع بنيه حسنا وحسينا وابن الحنفية والأصاغر من ولده ، فوصاهم وكان في آخر وصيته : يا بني ، عاشروا الناس عشرة إن غبتم حنوا إليكم ، وان فقدتم بكوا عليكم.

يا بني ، إن القلوب جنود مجندة ، تتلاحظ بالمودة ، وتتناجى بها ، وكذلك هي في البغض ، فإذا أحببتم الرجل من غير خير سبق منه إليكم فارجوه ، وإذا أبغضتم الرجل من غير سوء سبق منه إليكم فاحذروه.

١٢٣٣ / ٧ ـ وعنه ، قال. أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال. حدثنا أحمد بن عبد الرحيم بن سعد أبو جعفر القيسي الفقيه بأسوان إملاء من حفظه ، قال : حدثنا إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن

٥٩٥

أبي طالب عليهم‌السلام بالمدينة ، قال : حدثني أبي ، عن جدي إسحاق بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر عليهما‌السلام ، قال : سمعت أبا جعفر محمد بن علي عليهما‌السلام يقول : أحسن من الصدق قائله ، وخير من الخير فاعله.

١٢٣٤ / ٨ ـ ثم قال : حدثني أبي محمد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علي ، عن أبيه علي عليه‌السلام ، قال : سمعت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : بعثت بمكارم الأخلاق ومحاسنها.

١٢٣٥ / ٩ ـ وسمعته صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : استتمام المعروف أفضل من ابتدائه.

١٢٣٦ / ١٠ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، عن محمد بن جعفر الرزاز ، قال : حدثنا محمد بن عيسى بن عبيد بن يقطين ، قال : حدثني أحمد بن الحسين بن إسماعيل الميثمي ، عن المفضل بن صالح ، عن جابر الجعفي ، عن محمد ابن علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي عليهم‌السلام ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : لقي ملك رجلا على باب دار كان ربها غائبا ، فقال له الملك : يا عبد الله ، ما جاء بك إلى هذه الدار؟ فقال. أخ لي أردت زيارته. قال : الرحم ماسة بينك وبينه ، أم نزعتك إليه حاجة؟ قال : لا ، ولكني زرته في الله رب العالمين. قال : فأبشر ، فإني رسول الله إليك ، وهو يقرئك السلام ، ويقول لك : إياي قصدت ، وما عندي أردت ، فقد أوجبت لك الجنة ، وعافيتك من غضبي.

١٢٣٧ / ١١ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري ، قال. حدثني محمد بن عبيد المحاربي ، قال : حدثنا صالح بن موسى الطلحي ، عن عبد الله بن الحسن بن الحسن ، عن أمه فاطمة بنت الحسين ، عن أبيها الحسين ، عن علي عليه‌السلام : أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان إذا دخل المسجد قال : اللهم افتح لي أبواب رحمتك ، فإذا خرج قال : اللهم افتح لي أبواب رزقك.

١٢٣٨ / ١٢ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا عبد الله ابن أحمد بن عامر الطائي ، قال. حدثني أبي سنة ستين ومائتين ، قال : حدثني أبو

٥٩٦

الحسن علي بن موسى الرضا سنة أربع وتسعين ومائة ، قال : حدثني أبي موسى بن جعفر ، قال : حدثني أبي جعفر بن محمد ، قال : حدثني أبي محمد بن علي ، قال : حدثني أبي علي بن الحسين ، قال. حدثني أبي الحسين بن علي ، قال : حدثني أبي علي بن أبي طالب عليهم‌السلام ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من أدى فريضة فله عند الله دعوة مستجابة.

١٢٣٩ / ١٣ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا عبد الرزاق بن سليمان بن غالب الأزدي بأرتاح ، قال : حدثني الفضل بن المفضل بن قيس بن رمانة الأشعري سنة أربع وخمسين ومائتين وفيها مات ، قال. حدثنا الرضا علي بن موسى ، قال : حدثني أبي ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌السلام : أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بعث عليا عليه‌السلام إلى اليمن فقال له وهو يوصيه : يا علي ، أوصيك بالدعاء فإن معه الإجابة ، وبالشكر فإن معه المزيد ، وأنهاك من أن تخفر (١) عهدا ، أو تغير عليه ، وأنهاك عن المكر فإنه لا يحيق المكر السيئ إلا بأهله ، وأنهاك عن البغي فإنه من بغي عليه لينصرنه الله.

١٢٤٠ / ١٤ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثني أبو القاسم جعفر بن محمد العلوي الموسوي في منزله بمكة ، قال : حدثنا عبيد الله بن أحمد بن نهيك ، قال : حدثنا محمد بن أبي عمير ، عن سبرة بن يعقوب بن شعيب ، عن أبيه ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يحدث عن آبائه ، عن علي عليه‌السلام ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : في ابن آدم ثلاث مائة وستون عرقا ، منها مائة وثمانون متحركة ، ومائة وثمانون ساكنة ، فلو سكن المتحرك لم يبق الانسان ، ولو تحرك الساكن لهلك الانسان. قال : وكان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في كل يوم إذا أصبح وطلعت الشمس يقول : » الحمد لله رب العالمين كثيرا طيبا على كل حال ) يقول ثلاث مائة وستين مرة شكرا.

__________________

(١) خفر العهد : نقضه.

٥٩٧

١٢٤١ / ١٥ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : أخبرنا حميد ابن زياد الدهقان الكوفي ، قال : حدثنا القاسم بن إسماعيل الأنباري ، قال : حدثنا عبد الله بن جبلة ، عن حميد بن جنادة العجلي ، عن أبي جعفر محمد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علي ، عن أبيه علي بن أبي طالب عليهم‌السلام ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : من أفضل الأعمال عند الله ( عزوجل ) إبراد الأكباد الحارة ، وإشباع الأكباد الجائعة ، والذي نفس محمد بيده لا يؤمن بي عبد يبيت شبعان وأخوه  ـ أو قال : جاره ـ المسلم جائع.

١٢٤٢ / ١٦ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا محمد ابن مزيد بن محمود الأزهري ، وابن أبي الأزهر البوشنجي النحوي ، قالا : حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء ، قال : حدثنا إسماعيل بن صبيح اليشكري ، قال : حدثنا أبو أويس ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعلي عليه‌السلام. ألا ترضى أن تكون مني كهارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ، ولو كان لكنته.

قال أبو المفضل : ما كتبت هذا الحديث إلا عن ابن أبي الأزهر.

١٢٤٣ / ١٧ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا محمد ابن هارون بن حميد بن المجدر ، قال : حدثنا محمد بن حميد الرازي ، قال : حدثنا جرير ، عن أشعث بن إسحاق ، عن جعفر بن أبي المغيرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : كنت عند معاوية وقد نزل بذي طوى ، فجاءه سعد بن أبي وقاص فسلم عليه ، فقال معاوية : يا أهل الشام ، هذا سعد بن أبي وقاص وهو صديق لعلي قال : فطأطأ القوم رؤوسهم ، وسبوا عليا عليه‌السلام ، فبكى سعد فقال له معاوية : ما الذي أبكاك؟

قال : ولم لا أبكي لرجل من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يسب عندك ولا أستطيع أن أغير. وقد كان في علي خصال لان تكون في واحدة منهم أحب من الدنيا وما فيها :

٥٩٨

أحدها : أن رجلا كان باليمن ، فجاءه علي بن أبي طالب عليه‌السلام فقال : لأشكونك إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقدم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فسأله عن علي عليه‌السلام فثنى عليه. فقال : أنشدك بالله الذي أنزل علي الكتاب ، واختصني بالرسالة ، عن سخط تقول ما تقول في علي بن أبي طالب؟ قال : نعم يا رسول الله. قال : ألا تعلم أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قال : بلى. قال : فمن كنت مولاه فعلي مولاه.

والثانية : أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله بعث يوم خيبر عمر بن الخطاب إلى القتال فهزم وأصحابه ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : لأعطين الراية غدا إنسانا يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، فقعد المسلمون وعلي عليه‌السلام أرمد ، فدعاه فقال : خذ الراية. فقال : يا رسول الله ، إن عيني كما ترى ، فتفل فيها ، فقام فأخذ الراية ، ثم مضى بها حتى فتح الله عليه.

والثالثة : خلفه صلى‌الله‌عليه‌وآله في بعض مغازيه فقال علي عليه‌السلام : يا رسول الله ، خلفتني مع النساء والصبيان؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي.

والرابعة : سد الأبواب في المسجد إلا باب علي.

والخامسة : نزلت هذه الآية ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) (١) فدعا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عليا وحسنا وحسينا وفاطمة عليهم‌السلام ، فقال : اللهم هؤلاء أهلي ، فأذهب عنهم الرجس ، وطهرهم تطهيرا.

__________________

(١) سورة الأحزاب ٣٣ : ٣٣.

٥٩٩

[٢٧]

مجلس يوم الجمعة

سلخ شهر ربيع الأول سنة سبع وخمسين وأربع مائة

فيه بقية أحاديث أبي المفضل محمد بن عبد الله الشيباني.

بسم الله الرحمن الرحيم

١٢٤٤ / ١ ـ حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي ( قدس الله روحه ) ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، عن محمد بن جعفر الرزاز أبي العباس القرشي ، قال. حدثنا أيوب بن نوح بن دراج ، قال : حدثنا محمد بن سعيد بن زائدة ، عن أبي الجارود زياد بن المنذر ، عن محمد بن علي ، وعن زيد بن علي ، كلاهما عن أبيهما علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علي ، عن أبيه علي بن أبي طالب عليهم‌السلام ، قال : لما ثقل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في مرضه الذي قبض فيه كان رأسه في حجري والبيت مملوء من أصحابه ، من المهاجرين والأنصار ، والعباس بين يديه ، يذب عنه بطرف ردائه ، فجعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يغمى عليه ساعة ويفيق ساعة ، ثم وجد خفة ، فأقبل على العباس ، فقال : يا عباس ، يا عم النبي ، اقبل وصيتي في أهلي وفي أزواجي ، واقض ديني ، وانجز عداتي وأبرئ ذمتي. فقال العباس : يا نبي الله ، أنا شيخ ذو عيال كثير ، غير ذي مال ممدود ، وأنت أجود من السحاب الهاطل والريح المرسلة ، فلو صرفت ذلك عني إلى من هو أطوق له مني.

٦٠٠