الأمالي

أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطّوسي [ شيخ الطائفة ]

الأمالي

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطّوسي [ شيخ الطائفة ]


المحقق: مؤسسة البعثة
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الثقافة للطباعة والنشر
الطبعة: ١
الصفحات: ٨٨٨

وخمار بأربعة دراهم ، وقطيفة سوداء خيبرية ، وسرير مزمل بشريط ، وفراشان من جنس مصر ، حشو أحدهما ليف ، وحشو الاخر من جز الغنم ، وأربع مرافق من أدم الطائف حشوها إذخر (١) ، وستر من صوف ، وحصير هجري ، ورحا اليد ، ومخضب (٢) من نحاس ، وسقي من أدم ، وقعب للبن ، وشئ للما ، ، ومطهرة مزفتة ، وجرة خضراء ، وكيزان خزف. حتى إذا استكمل الشراء حمل أبو بكر بعض المتاع وحمل أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الذين كانوا معه الباقي ، فلما عرضوا المتاع على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله جعل يقلبه بيده ويقول : بارك الله لأهل البيت.

قال علي عليه‌السلام : فأقمت بعد ذلك شهرا أصلي مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأرجع إلى منزلي ولا أذكر شيئا من أمر فاطمة ، ثم قلن أزواج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ألا نطلب لك من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله دخول فاطمة عليك؟ قلت : افعلن ، فدخلن عليه فقالت أم أيمن : يا رسول الله ، لو أن خديجة باقية لقرت عينها بزفاف فاطمة ، وإن عليا يريد أهله ، فقر عين فاطمة ببعلها ، واجمع شملهما ، وقر عيوننا بذلك!

فقال : فما بال علي لا يطلب مني زوجته ، فقد كنا نتوقع منه ذلك.

قال علي عليه‌السلام فقلت : الحياء يمنعني يا رسول الله ، فالتفت إلى النساء فقال : من هاهنا؟ فقالت أم سلمة : أنا أم سلمة ، وهذه زينب ، وهذه فلانة وفلانة. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : هيئوا لابنتي وابن عمي في حجري بيتا. فقالت أم سلمة : في أي حجرة ، يا رسول الله؟ قال : في حجرتك. وأمر نساءه أن يزين ويصلحن من شأنها.

فقالت أم سلمة : فسألت فاطمة هل عندك طيب ادخرتيه لنفسك؟ قالت : نعم؟ فأتت بقارورة فسكبت منها في راحتي ، فشممت منها رائحة ما شممت مثلها قط ، فقلت : ما هذا؟ فقالت : كان دحية الكلبي يدخل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فيقول لي : يا فاطمة ، هاتي الوسادة فاطرحيها لعمك ، فاطرح له الوسادة فيجلس عليها ، فإذا

__________________

(١) الإذخر : خيش طيب الرائحة ، أطول من الثيل.

(٢) المخضب : إناء تغسل فيه الثياب.

٤١

نهض سقط من بين ثيابه شئ فيأمرني بجمعه ، فسأل علي عليه‌السلام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن ذلك فقال : هو عنبر يسقط من أجنحة جبرئيل عليه‌السلام.

قال علي عليه‌السلام : ثم قال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي ، اصنع لأهلك طعاما فاضلا. ثم قال : من عندنا اللحم والخبز ، وعليك التمر والسمن ، فاشتريت تمرا وسمنا ، فحسر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن ذراعه وجعل يشدخ التمر في السمن حتى اتخذه خبيصا (١) وبعث إلينا كبشا سمينا فذبح وخبز لنا خبزا كثيرا ، ثم قال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ادع من أحببت ، فأتيت المسجد وهو مشحن بالصحابة ، فاستحييت أن اشخص قوما وأدع قوما ، ثم صعدت على ربوة هناك ، وناديت : أجيبوا إلى وليمة فاطمة ، فأقبل الناس أرسالا ، فاستحييت من كثرة الناس وقلة الطعام ، فعلم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما تداخلني فقال : يا علي ، إني سأدعو الله بالبركة.

قال علي عليه‌السلام : وأكل القوم عن آخرهم طعامي ، وشربوا شرابي ، ودعوا لي بالبركة ، وصدروا وهم أكثر من أربعة آلاف رجل ، ولم ينقص من الطعام شئ ، ثم دعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بالصحاف (٢) فملئت ، ووجه بها إلى منازل أزواجه ، ثم أخذ صحفة وجعل فيها طعاما ، وقال : هذا لفاطمة وبعلها ، حتى إذا انصرفت الشمس للغروب قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله. يا أم سلمة ، هلمي فاطمة ، فانطلقت فأتت بها وهي تسحب أذيالها ، وقد تصببت عرقا حياء من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فعثرت فقال لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أقالك الله العثرة في الدنيا والآخرة ، فلما وقفت بين يديه كشف الرداء عن وجهها حتى رآها علي عليه‌السلام ، ثم أخذ يدها فوضعها في يد علي عليه‌السلام ، فقال : بارك الله لك في ابنة رسول الله ، يا علي ، نعم الزوجة فاطمة ، ويا فاطمة ، نعم البعل علي ، انطلقا إلى منزلكما ولا تحدثا أمرا حتى آتيكما.

قال علي عليه‌السلام : فأخذت بيد فاطمة ، وانطلقت بها حتى جلست في جانب

__________________

(١) الخبيص : الحلواء المخبوصة من التمر والسمن.

(٢) الصحاف : جمع صحفة ، القصعة الكبيرة.

٤٢

الصفة (١) ، وجلست في جانبها ، وهي مطرقة إلى الأرض حياء مني ، وأنا مطرق إلى الأرض حياء منها ، ثم جاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : من هاهنا؟ فقلنا : ادخل يا رسول الله ، مرحبا بك زائرا وداخلا؟ فدخل فأجلس فاطمة عليها‌السلام من جانبه وعليا عليه‌السلام من جانبه. ثم قال : يا فاطمة ، إئتيني بماء ، فقامت إلى قعب (٢) في البيت فملأته ماء ، ثم أتته به ، فأخذ منه جرعة فتمضمض بها ، ثم مجها في القعب ، ثم صب منها على رأسها ، ثم قال : أقبلي ، فلما أقبلت نضح منه بين ثدييها ، ثم قال : ادبري ، فلما أدبرت نضح منه بين كتفيها ، ثم قال : « اللهم هذه ابنتي وأحب الخلق إلي ، اللهم وهذا أخي وأحب الخلق إلي ، اللهم لك وليا ، وبك حفيا ، وبارك له في أهله » ثم قال : يا علي ، ادخل بأهلك ، بارك الله لك ، ورحمة الله وبركاته عليكم ، إنه حميد مجيد.

٤٦ / ١٥ ـ حدثني جماعة ، عن أبي غالب الزراري ، عن محمد بن يعقوب ، عن عدة من أصحابه ، عن أحمد بن محمد ، عن الوشاء ، عن الخيبري ، عن يونس بن ظببان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سمعته يقول : لولا أن الله خلق أمير المؤمنين لفاطمة عليهما‌السلام ما كان لها كفؤ على الأرض.

٤٧ / ١٦ ـ وروي أن أمير المؤمنين عليه‌السلام دخل بفاطمة عليها‌السلام بعد وفاة أختها رقية زوجة عثمان بستة عشر يوما ، وذلك بعد رجوعه من بدر ، وذلك لأيام خلت من شوال ، وروي أنه دخل بها يوم الثلاثاء لست خلون من ذي الحجة ، والله تعالى أعلم.

٤٨ / ١٧ ـ وحدثني جماعة ، عن أبي غالب ، عن خاله ، عن الأشعري ، عن أبي عبد الله ، عن منصور بن العباس ، عن إسماعيل بن سهل الكاتب ، عن أبي طالب الغنوي ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : حرم الله ( عزوجل ) النساء على علي عليه‌السلام ما دامت فاطمة عليها‌السلام حية. قلت : فكيف؟

__________________

(١) الصفة : الظلة ، ومكان مظلل في مسجد المدينة.

(٢) القعب : القدح الضخم الغليظ.

٤٣

قال : لأنها طاهرة لا تحيض.

٤٩ / ١٨ ـ أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان ، قال : حدثني أبو الحسن علي بن خالد المراغي ، قال : حدثنا أبو عمران موسى بن الحسن بن سلمان ، قال : حدثني أبو بكر بن الحارث الباغندي ، قال : حدثني عيسى بن رعبة ، قال : حدثنا محمد بن إدريس ، قال : حدثنا الليث بن سعد ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : كان بالمدينة أقوام لهم عيوب ، فسكتوا عن عيوب الناس ، فأسكت الله عن عيوبهم الناس ، فماتوا ولا عيوب لهم عند الناس ، وكان في المدينة أقوام لا عيوب لهم فتكلموا في عيوب الناس ، فأظهر اللهم عيوبا ، لم يزالوا يعرفون بها إلى أن ماتوا.

٥٠ / ١٩ ـ أخبرني أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان ، عن أبي الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني محمد بن الحسن الصفار ، قال : حدثني أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن أبي عمير ، عن عبد الله بن بكير ، عن زرارة بن أعين ، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه‌السلام ، عن آبائه عليهم‌السلام ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : بني الاسلام على عشرة أسهم : على شهادة أن لا إله إلا الله وهي الملة ، والصلاة وهي الفريضة ، والصوم وهي الجنة ، والزكاة وهي المطهرة ، والحج وهو الشريعة ، والجهاد وهو العز ، والأمر بالمعروف وهو الوفاء ، والنهي عن المنكر وهو الحجة ، والجماعة وهي الألفة ، والعصمة وهي الطاعة.

٥١ / ٢٠ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه رحمه‌الله ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد ابن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي ولاد الحناط ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما‌السلام ، قال : أربع من كن فيه كمل إيمانه ، وإن كان من قرنه إلى قدمه ذنوب لم ينقصه ذلك ، وهي : الصدق ، وأداء الأمانة ، والحياء ، وحسن الخلق.

٥٢ / ٢١ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد رحمه‌الله قال : حدثني محمد بن الحسن بن مت الجوهري ، عن محمد بن

٤٤

أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ، عن أبان بن عثمان ، عن كثير النواء ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما‌السلام ، قال : إن نوحا عليه‌السلام ركب السفينة في أول يوم من رجب ، فأمر من معه أن يصوموا ذلك اليوم ، وقال : من صام ذلك اليوم تباعدت عنه النار مسيرة سنة ، ومن صام سبعة أيام منه غلقت عنه أبواب النار السبعة ، ومن صام ثمانية أيام فتحت له أبواب الجنان الثمانية ، ومن صام خمسة عشر يوما أعطي مسألته ، ومن زاد على ذلك زاده الله.

قال : وفي اليوم السابع والعشرين منه نزلت النبوة فيه على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومن صام هذا اليوم كان ثوابه ثواب من صام ستين شهرا.

٥٣ / ٢٢ ـ أخبرني محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن المغيرة ، قال : أخبرني حيدر بن محمد السمرقندي ، قال : حدثني محمد بن عمر الكشي ، قال : حدثني محمد بن مسعود العياشي ، قال : حدثني جعفر بن معروف ، قال : حدثني يعقوب بن يزيد ، عن محمد بن عذافر ، عن عمر بن يزيد ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام. يا ابن يزيد ، أنت والله منا أهل البيت.

قلت : جعلت فداك ، من آل محمد؟ قال : إي والله من أنفسهم.

قلت : من أنفسهم ، جعلت فداك؟ قال : أي والله من أنفسهم؟ يا عمر ، أما تقرأ كتاب الله ( عزوجل ) : ( إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولى المؤمنين ) (١) وما تقرأ قول الله ( عز اسمه ) : ( فمن تبعني فإنه منى ومن عصاني فإنك غفور رحيم ) (٢).

٥٤ / ٢٣ ـ أخبرني أبو عبد الله محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن المغيرة ، قال : أخبرني حيدر بن محمد بن نعيم ، عن محمد بن عمر ، عن محمد بن مسعود ، قال : حدثني محمد بن أحمد النهدي ، قال : حدثني

__________________

(١) سورة آل عمران ٣ : ٦٨.

(٢) سورة إبراهيم ١٤ : ٣٦.

٤٥

معاوية بن حكيم الدهني ، قال : حدثنا شريف بن سابق التفليسي ، قال : حدثنا حماد السمدري ، قال : قلت لأبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما‌السلام : إني أدخل بلاد الشرك ، وإن من عندنا يقول : إن مت ثم حشرت معهم؟

قال : فقال لي : يا حماد ، إذا كنت ثم تذكر أمرنا وتدعو إليه؟ قال : قلت : نعم. قال : فإذا كنت في هذه المدن ـ مدن الاسلام ـ تذكر أمرنا وتدعو إليه؟ قال : قلت : لا. فقال لي : إنك إن مت ثم حشرت أمة وحدك ، وسعى نورك بين يديك.

٥٥ / ٢٤ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الحسن بن الوليد ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن سعيد ، عن هشام بن الحكم ، قال : سألت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهما‌السلام بمنى عن خمس مائة حرف من الكلام. قال : فأقبلت أقول : يقولون كذا. قال : فيقول : يقال لهم كذا.

فقلت : هذا الحلال والحرام والقران أعلم أنك صاحبه وأعلم الناس به في هذا الكلام. قال : قال لي : وتشك يا هشام ، يحتج الله ( تعالى ) على خلقه بحجة لا يكون عالما بكل ما يحتاج الناس إليه!

٥٦ / ٢٥ ـ أخبرني أبو عبد الله محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو عبد الله الحسين بن أحمد ، قال : أخبرني حيدر بن محمد بن نعيم ، عن محمد بن عمر ، عن محمد بن مسعود ، عن جعفر بن معروف ، قال : حدثني العمركي ، قال : حد ثني الحسن ابن أبي لبابة ، عن أبي هاشم داود بن قاسم الجعفري ، قال : قلت لأبي جعفر محمد بن علي الثاني عليه‌السلام : ما تقول جعلت فداك في هشام بن الحكم؟ فقال : رحمه‌الله ما كان أذبه عن هذه الناحية.

٥٧ / ٢٦ ـ أخبرني أبو عبد الله محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو القاسم جعفر ابن محمد رحمه‌الله ، قال : حدثني محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري ، عن أبيه ، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، عن شريف بن سابق ، عن أبي العباس الفضل بن عبد الملك ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه‌السلام ، عن آبائه عليهم‌السلام ، قال : قال

٤٦

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أول عنوان صحيفة المؤمن بعد موته ما يقول الناس فيه ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر ، وأول تحفة المؤمن أن يغفر له ولمن تبع جنازته.

ثم قال : يا فضل ، لا يأتي المسجد من كل قبيلة إلا وافدها ، ومن كل أهل بيت إلا نحيبها.

يا فضل ، إنه لا يرجع صاحب المسجد بأقل من إحدى ثلاث : إما دعاء يدعو به يدخله الله به الجنة ، وإما دعاء يدعو به ليصرف الله به عنه بلاء الدنيا ، واما أخ يستفيده في الله ( عزوجل ).

قال : ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما استفاد امرؤ مسلم فائدة بعد فائدة الاسلام مثل أخ يستفيده في الله ( عزوجل ).

ثم قال : يا فضل ، لا تزهدوا في فقراء شيعتنا ، فإن الفقير منهم ليشفع يوم القيامة في مثل ربيعة ومضر.

ثم قال : يا فضل ، إنما سمي المؤمن مؤمنا لأنه يؤمن على الله فيجيز الله أمانه. ثم قال : أما سمعت الله ( تعالى ) يقول في أعدائكم إذا رأوا شفاعة الرجل منكم لصديقه يوم القيامة : ( فما لنا من شافعين * ولنا صديق حميم ) (١).

٥٨ / ٢٧ ـ أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد رحمه‌الله ، قال : حدثنا أحمد بن محمد ، قال : حدثني أبي ، عن سعد بن عبد الله ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حفص بن غياث القاضي ، قال : قال أبو عبد الله جعفر بن محمد عليهما‌السلام : من تعلم لله ( عزوجل ) وعمل لله وعلم لله ، دعي في ملكوت السماوات عظيما ، وقيل : تعلم لله وعمل لله وعلم لله (٢).

٥٩ / ٢٨ ـ أخبرنا أبو عبد الله ، قال : حدثنا أبو القاسم جعفر بن محمد ، قال : حدثني محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري ، عن أبيه ، عمن رواه ، عن داود الرقي ،

__________________

(١) سورة الشعراء ٢٦ : ١٠٠ و ١٠١.

(٢) يأتي في الحديث : ٢٨٠.

٤٧

قال : قال الباقر محمد بن علي بن الحسين عليهم‌السلام : من زار الحسينعليه‌السلامفي ليلة النصف من شعبان غفرت له ذنوبه ، ولم تكتب عليه سيئة في سنته حتى تحول عليه السنة ، فإن زاره في السنة المستقبلة غفرت له ذنوبه.

٦٠ / ٢٩ ـ أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو الطيب محمد ابن أحمد الثقفي ، قال : قرأت على أبي الحسين علي بن الحجاج وهو ينظر في كتابه ، قال : حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن علي بن إبراهيم العمري ، قال : حدثنا أبو الحسن علي بن حرب الطائي ، قال : حدثنا محمد بن الفضل ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الله بن الحارث ، عن العباس بن عبد المطلب رضي‌الله‌عنه ، قال : قلت : يا رسول الله ، ما لنا ولقريش إذا تلاقوا تلاقوا بوجوه مستبشرة ، وإذا لقونا لقونا بغير ذلك؟ فغضب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم قال : والذي نفسي بيده ، لا يدخل قلب رجل الايمان حتى يحبكم لله ولرسوله.

٦١ / ٣٠ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو الحسن علي بن خالد المراغي ، قال : حدثنا أبو بكر محمد بن صالح السبيعي ، قال : حدثنا أبو الحسين صالح ابن أحمد بن أبي مقاتل البزاز ، قال : حدثني عثمان (١) بن عبد الرحمن الكوفي الخزاز ، قال : حدثنا الحسن بن الحسين العرني ، قال : حدثنا يحيى بن علي ، عن أبان بن تغلب ، عن أبي داود الأنصاري ، عن الحارث الهمداني ، قال : دخلت على أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه‌السلام فقال : ما جاء بك؟ قال : فقلت : حتى لك يا أمير المؤمنين.

فقال : يا حارث أتحبني؟ فقلت : نعم والله ، يا أمير المؤمنين.

قال : أما لو بلغت نفسك الحلقوم رأيتني حيث تحب ، ولو رأيتني وأنا أذود الرجال عن الحوض ذود غريبة الإبل لرأيتني حيث تحب ، ولو رأيتني وأنا مار على الصراط بلواء الحمد بين يدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لرأيتني حيث تحب.

٦٢ / ٣١ ـ أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد ، قال : حدثنا أبو الطيب الحسن

__________________

(١) في نسخة عيسى.

٤٨

ابن علي النحوي ، قال : حدثنا محمد بن القاسم الأنباري ، قال : حدثني أبو نصر محمد ابن أحمد الطائي ، قال : حدثنا علي بن محمد الصيمري الكاتب ، قال : تزوجت ابنة جعفر بن محمود الكاتب وأحببتها حبا لم يحب أحد مثله ، وأبطأ علي الولد ، فصرت إلى أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليهما‌السلام فذكرت ذلك له ، فتبسم وقال : اتخذ خاتما فصه فيروزج ، واكتب عليه « رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين » (١) ، قال : ففعلت ذلك ، فما أتى علي حول حتى رزقت منها ولدا ذكرا.

٦٣ / ٣٢ ـ أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد رحمه‌الله ، قال : أخبرنا أبو عبيد الله محمد بن عمران المرزباني ، قال : حدثني عبيد الله بن الحسن ، قال : حدثني أبو سعيد محمد بن رشيد ، قال : آخر شعر قاله السيد بن محمد رحمه‌الله قبل وفاته بساعة ، وذلك أنه أغمي عليه واسود لونه ، ثم أفاق وقد ابيض وجهه ، وهو يقول :

أحب الذي من مات من أهل وده

تلقاه بالبشرى لدى الموت يضحك

ومن مات يهوى غيره من عدوه

فليس له إلا إلى النار مسلك

أبا حسن تفديك نفسي وأسرتي

ومالي وما أصبحت في الأرض أملك

أبا حسن إني بفضلك عارف

وإني بحبل من هواك لممسك

وأنت وصي المصطفى وابن عمه

وإنا نعادي مبغضيك ونترك

مواليك ناج مؤمن بين الهدى

وقاليك (٢) معروف الضلالة مشرك

ولاح لحاني في علي وحزبه

وقلت لحاك الله إنك أعفك

معنى أعفك : أحمق.

٦٤ / ٣٣ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : حدثني أبو حفص عمر بن محمد بن علي الصيرفي ، قال : حدثنا أبو الحسن بن مهرويه القزويني ، قال : حدثني داود بن سليمان الغازي ، قال : حدثنا الرضا علي بن موسى عليه‌السلام ، قال : حدثني أبي موسى

__________________

(١) سورة الأنبياء ٢١ : ٨٩.

(٢) القالي : المبغض.

٤٩

ابن جعفر العبد الصالح ، قال : حدثني أبي جعفر بن محمد الصادق ، قال : حدثني أبي محمد بن علي الباقر ، قال : حدثني أبي علي بن الحسين زين العابدين ، قال : حدثني أبي الحسين بن علي الشهيد ، قال : حدثني أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم‌السلام ، قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا أتاه أمر يسره قال : « الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات » وإذا أتاه أمر يكرهه قال : « الحمد لله على كل حال ».

٦٥ / ٣٤ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو عبيد الله محمد بن عمران المرزباني ، قال : حدثني أبو بكر أحمد بن محمد بن عيسى المكي ، قال : حدثني أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدثنا يحيى بن عيسى الرملي ، قال : حدثنا الأعمش ، عن عباية الأسدي ، عن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب رحمه‌الله ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لام سلمة ( رحمها الله ) : يا أم سلمة ، علي مني ، وأنا من علي ، لحمه لحمي ، ودمه دمي ، وهو مني بمنزلة هارون من موسى؟ يا أم سلمة ، اسمعي واشهدي ، هذا علي سيد المسلمين.

٦٦ / ٣٥ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه رحمه‌الله قال : حدثني أبو علي محمد بن همام الإسكافي رحمه‌الله قال : حدثني أحمد بن موسى النوفلي ، قال : حدثني محمد بن عبد الله بن مهران ، عن معاوية بن حكيم ، قال : حدثني عبد الله بن سليمان التميمي ، قال : لما قتل محمد وإبراهيم ابنا عبد الله بن الحسن بن الحسن صار إلى المدينة رجل يقال له « شبة بن عقال » ولاه المنصور على أهلها ، فلما قدمها وحضرت الجمعة صار إلى مسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فرقا المنبر وحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أما بعد ، إن علي بن أبي طالب شق عصا المسلمين ، وحارب المؤمنين ، وأراد الامر لنفسه ، ومنعه من أهله ، فحرمه الله أمنيته وأماته بغصته ، وهؤلاء ولده يتبعون أثره في الفساد وطلب الامر بغير استحقاق له ، فهم في نواحي الأرض مقتلون وبالدماء مضرجون.

قال : فعظم هذا الكلام منه على الناس ، ولم يجسر أحد منهم أن ينطق بحرف ،

٥٠

فقام إليه رجل عليه إزار قومسي سحق (١) فقال : فنحن نحمد الله ونصلي على محمد خاتم النبيين وسيد المرسلين ، وعلى رسل الله وأنبيائه أجمعين ، أما ما قلت من خير ، فنحن أهله ، وما قلت من سوء فأنت وصاحبك به أولى وأحرى ، يا من ركب غير راحلته ، وأكل غير زاده ارجع مأزورا ، ثم أقبل على الناس فقال : ألا أنبئكم بأخف الناس يوم القيامة ميزانا ، وأبينهم خسرانا؟ من باع آخرته بدنيا غيره وهو هذا الفاسق. فأسكت الناس ، وخرج الوالي من المسجد لم ينطق بحرف ، فسألت عن الرجل فقيل لي ، هذا جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ( صلوات الله عليهم ).

٦٧ / ٣٦ ـ « حدثنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو الحسن علي بن محمد الكاتب ، قال : أخبرني الحسن بن علي بن عبد الكريم ، قال : حدثنا أبو إسحاق إبراهيم ابن محمد الثقفي ، قال : حدثنا إبراهيم بن ميمون ، قال : حدثنا مصعب بن سلام ، عن سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة ، قال : كان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام يصلي عند الأسطوانة السابعة من باب الفيل ، إذ أقبل عليه رجل عليه بردان أخضران وله عقيصتان سوداوان ، أبيض اللحية ، فلما سلم أمير المؤمنين عليه‌السلام من صلاته أكب عليه ، فقبل رأسه ، ثم أخذ بيده فأخرجه من باب كند ة.

قال : فخرجنا مسرعين خلفهما ولم نأمن عليه ، فاستقبلنا عليه‌السلام في جازسوج (٢) كندة ، قد أقبل راجعا ، فقال : ما لكم؟ فقلنا : لم نأمن عليك هذا الفارس. فقال : هذا أخي الخضر ، ألم تروا حيث أكب علي. قلنا : بلى. فقال : إنه قد قال لي : إنك في مدرة (٣) لا يريدها جبار بسوء إلا قصمه الله ، واحذر الناس ، فخرجت معه لأشيعه لأنه أراد الظهر.

__________________

(١) السحق من الثياب : البالي.

(٢) في حاشية النسخة : الجارسوج ، معناه المربع.

(٣) المدرة المدينة أو القرية.

٥١

٦٨ / ٣٧ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو الحسن علي بن محمد الكاتب ، قال : أخبرني الحسن بن علي بن عبد الكريم ، قال : حدثنا أبو إسحاق إبراهيم ابن محمد الثقفي ، قال : أخبرني أبو نعيم الفضل بن دكين ، قال : حدثنا أبو عاصم ، عن قيس بن مسلم ، قال : سمعت طارق بن شهاب يقول : لما نزل علي عليه‌السلام بالربذة سألت عن قدومه إليها ، فقيل : خالف عليه طلحة والزبير وعائشة ، وصاروا إلى البصرة ، فخرج يريدهم ، فصرت إليه ، فجلست حتى صلى الظهر والعصر ، فلما فرغ من صلاته قام إليه ابنه الحسن بن علي عليهما‌السلام فجلس بين يديه ، ثم بكى ، وقال : يا أمير المؤمنين ، إني لا أستطيع أن أكلمك ، وبكى.

فقال له أمير المؤمنين عليه‌السلام : لا تبك يا بني ، وتكلم ، ولا تحن حنين الجارية.

فقال : يا أمير المؤمنين ، إن القوم حصروا عثمان يطلبونه بما يطلبونه ، إما ظالمون أو مظلومون ، فسألتك أن تعتزل الناس وتلحق بمكة حتى تؤوب العرب وتعود إليها أحلامها ، وتأتيك وفودها ، فوالله لو كنت في جحر ضب لضربت إليك العرب آباط الإبل حتى تستخرجك منه ، ثم خالفك طلحة والزبير فسألتك أن لا تتبعهما وتدعهما ، فإن اجتمعت الأمة فذاك ، وإن اختلفت رضيت بما قضى الله ، وأنا اليوم أسالك ألا تقدم العراق وأذكرك بالله أن لا تقتل بمضيعة.

فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : أما قولك : إن عثمان حصر؟ فما ذاك وما علي منه وقد كنت بمعزل عن حصره؟ وأما قولك : ائت مكة ، فوالله ما كنت لاكون الرجل الذي تستحل به مكة ، وأما قولك : اعتزل العراق ودع طلحة والزبير؟ فوالله ما كنت لأكون كالضبع تنتظر حتى يدخل عليها طالبها ، فيضع الحبل في رجلها حتى يقطع عرقوبها (١) ، ثم يخرجها فيمزقها إربا إربا ، ولكن أباك يا بني يضرب بالمقبل إلى الحق المدبر عنه ، وبالسامع المطيع العاصي المخالف أبدا حتى يأتي علي يومي ، فوالله ما زال أبوك مدفوعا عن حقه مستأثرا عليه منذ قبض الله نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله حتى يوم

__________________

(١) العرقوب من الدابة : ما يكون في رجلها بمنزلة الركبة في يدها.

٥٢

الناس هذا. فكان طارق بن شهاب أي وقت حدث بهذا الحديث بكى.

٦٩ / ٣٨ ـ حدثنا محمد بن محمد ، قال : حدثنا أبو حفص عمر بن محمد ، قال : حدثنا أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل ، قال : حدثنا عبد الله بن شبيب ، قال : حدثنا أبو العيناء ، قال : حدثنا محمد بن مسعر ، قال : كنت عند سفيان بن عيينة ، فجاءه رجل فقال له : روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : إن العبد إذا أذنب ذنبا ، ثم علم أن الله ( عز وجل ) يطلع عليه ، غفر له.

فقال ابن عيينة : هذا كتاب الله ( عزوجل ) ، قال الله ( تعالى ) : ( وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون * وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم ) (١) فإذا كان الظن هو المردي كان ضده هو المنجي.

٧٠ / ٣٩ ـ حدثنا محمد بن محمد ، قال : حدثنا أبو الطيب الحسين بن علي بن محمد التمار ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا أبو نصر البزاز ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن ابن أبي الدرداء ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر.

٧١ / ٤٠ ـ حدثنا محمد بن محمد ، قال : حدثنا أبو الطيب ، قال : حدثنا محمد ابن مزيد ، قال : حدثنا الزبير بن بكار ، قال : حدثنا عبد الله بن نافع ، قال : حدثنا ابن أبي ذئب ، عن ابن أخي جابر بن عبد الله ، عن عمه جابر بن عبد الله ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : المجالس بالأمانة إلا ثلاثة مجالس : مجلس سفك فيه دم حرام ، ومجلس استحل فيه فرج حرام ، ومجلس استحل فيه مال حرام بغير حقه.

٧٢ / ٤١ ـ حدثنا محمد بن محمد ، قال : حدثنا أبو الطيب الحسين بن علي بن محمد ، قال : حدثنا علي بن ماهان ، قال : حدثنا أبو منصور نصر بن الليث ، قال : حدثنا

__________________

(١) سورة فصلت ٤١ : ٢٢ و ٢٣.

٥٣

مخول ، قال : حدثنا يحيى بن سالم (١) ، عن أبي الجارود زياد بن المنذر ، عن أبي الزبير المكي ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله. حق علي على هذه الأمة كحق الوالد على الولد (٢).

٧٣ / ٤٢ ـ حدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد ، قال : حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد رحمه‌الله ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن أبي عمير ، عن الحسين بن أبي فاختة ، قال : كنت أنا وأبو سلمة السراج ويونس بن يعقوب والفضيل بن يسار عند أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما‌السلام فقلت له : جعلت فداك ، إني أحضر مجالس هؤلاء القوم ، فأذكركم في نفسي ، فأي شئ أقول؟

فقال : يا حسين ، إذا حضرت مجالسهم فقل : « اللهم أرنا الرخاء والسرور » فإنك تأتي على ما تريد.

قال : فقلت : جعلت فداك ، إني أذكر الحسين بن علي عليهما‌السلام فأي شئ أقول إذا ذكرته؟

فقال : قل : « صلى الله عليك يا أبا عبد الله » تكررها ثلاثا.

ثم أقبل علينا وقال : إن أبا عبد الله الحسين عليه‌السلام لما قتل بكت عليه السماوات السبع والأرضون السبع ، وما فيهن وما بينهن ، ومن يتقلب في الجنة والنار ، وما يرى وما لا يرى ، إلا ثلاثة أشياء ، فإنها لم تبك عليه.

فقلت. جعلت فداك وما هذه الثلاثة أشياء التي لم تبك عليه؟

فقال : البصرة ، ودمشق ، وآل الحكم بن أبي العاص.

٧٤ / ٤٣ ـ أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو الطيب الحسين ابن محمد النحوي ، قال : حدثني أبو الحسين أحمد بن مازن ، قال : حدثني القاسم بن

__________________

(١) في نسخة محمد بن سالم.

(٢) يأتي نحوه في الحديثين : ٥٠٣ و ٦٧٣.

٥٤

سليمان البزاز ، قال : حدثني بكر بن هشام ، قال : حدثني إسماعيل بن مهران ، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم ، قال : حدثني محمد بن مسلم ، قال : سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهما‌السلام يقول : إن الحسين بن علي عليهما‌السلام عندربه ( عزوجل ) ينظر إلى موضع معسكره ، ومن حله من الشهداء معه ، وينظر إلى زواره وهو أعرف بحالهم وبأسمائهم وأسماء آبائهم ، وبدرجاتهم ومنزلتهم عند الله ( عزوجل ) من أحدكم بولده ، وإنه ليرى من يبكيه فيستغفر له ويسأل آباءه عليهم‌السلام أن يستغفروا له ، ويقول : لو يعلم زائري ما أعد الله له لكان فرحه أكثر من جزعه ، وإن زائره لينقلب وما عليه من ذنب.

٧٥ / ٤٤ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد الشافعي ، قال : حدثنا أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل الضبي ، قال : حدثنا عبد الله بن شبيب ، قال : حدثنا أبو طاهر أحمد بن عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي ابن أبي طالب ، قال : حدثني الحسين بن علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن جده ، قال : كان يقال : لا يحل لعين مؤمنة ترى الله يعصى فتطرف حتى تغيره.

٧٦ / ٤٥ ـ أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد ، قال : حدثنا أبو الطيب الحسين ابن علي التمار ، قال : حدثنا علي بن ماهان ، قال : حدثنا عمي ، قال : حدثنا صهيب بن عباد بن صهيب ، عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام ، قال : مر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام بالمقبرة ـ ويروى بالمقابر ـ فسلم ثم قال : « السلام عليكم يا أهل المقبرة والتربة ، اعلموا أن المنازل بعدكم قد سكنت ، وأن الأموال بعدكم قد قسمت ، وأن الأزواج بعدكم قد نكحت ، فهذا خبر ما عندنا ، فما خبر ما عندكم؟ ». فأجابه هاتف من المقابر يسمع صوته ولا يرى شخصه : عليك السلام يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ، أما خبر ما عندنا فقد وجدنا ما عملنا ، وربحنا ما قدمنا ، وخسرنا ما خلفنا.

فالتفت إلى أصحابه فقال : أسمعتم؟ قالوا : نعم يا أمير المؤمنين. قال : فتزودوا فإن خير الزاد التقوى.

٥٥

٧٧ / ٤٦ ـ قال : وأخبرنا أبو عبيد الله محمد بن عمران ، قال : حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن عيسى ، قال : حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا عبد الملك بن عمرو ، قال : سمعت أبا رجاء يقول : لا تسبوا عليا ولا أهل هذا البيت ، فان جارا لنا من النجير قدم الكوفة بعد قتل هشام بن عبد الملك زيد بن علي عليهما‌السلام ، ورآه مصلوبا فقال : ألا ترون إلى هذا الفاسق ، كيف قتله الله؟ قال : فرماه الله بقرحتين في عينيه ، فطمس الله بهما بصره ، فاحذروا أن تتعرضوا لأهل هذا البيت إلا بخير.

٧٨ / ٤٧ ـ قال : وأخبرني أبو حفص عمر بن محمد ، قال : حدثنا علي بن مهرويه ، عن داود بن سليمان الغازي ، قال : حد ثنا الرضا علي بن موسى ، قال : حدثني أبي موسى بن جعفر ، قال : حدثني أبي جعفر بن محمد ، قال : حدثني أبي محمد بن علي ، قال : حدثني أبي علي بن الحسين ، قال : حدثني أبي الحسين بن علي عليهم‌السلام قال : سمعت أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول : الملوك حكام على الناس ، والعلم حاكم عليهم ، وحسبك من العلم أن تخشى الله ، وحسبك من الجهل أن تعجب بعلمك.

٧٩ / ٤٨ ـ وبهذا الاسناد ، قال : سمعت الرضا علي بن موسى عليه‌السلام يقول : ما استودع الله عبدا عقلا إلا استنقذه به يوما.

٨٠ / ٤٩ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو جعفر محمد بن الحسين البزوفري رحمه‌الله قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا الحسن بن إبراهيم ، قال : حدثنا علي ابن داود ، قال : حدثنا آدم العسقلاني ، قال : حدثنا أبو عمرو الصنعاني ، قال : حدثنا العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما تواضع أحد إلا رفعه الله.

٨١ / ٥٠ ـ أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو عبد الله محمد ابن علي بن رياح القرشي إجازة ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا أبو علي الحسن بن محمد ، قال : حدثنا الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين عليهم‌السلام ، قال : إن أبا ذر وسلمان خرجا في طلب

٥٦

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقيل لهما : إنه توجه إلى ناحية قبا ، فاتبعاه فوجداه ساجدا تحت شجرة ، فجلسا ينتظرانه حتى ظنا أنه نائم ، فأهويا ليوقظاه ، فرفع رأسه إليهما ، ثم قال : قد رأيت مكانكما ، وسمعت مقالكما ، ولم أكن راقدا ، إن الله بعث كل نبي كان قبلي إلى أمته بلسان قومه ، وبعثني إلى كل أسود وأحمر بالعربية ، وأعطاني في أمتي خمس خصال ، لم يعطها نبيا كان قبلي : نصرني بالرعب ، يسمع بي القوم بيني وبينهم مسيرة شهر ، فيؤمنون بي ، وأحل لي المغنم ، وجعل لي الأرض مسجدا وطهورا ، أينما كنت منها أتيمم من تربتها وأصلي عليها ، وجعل لكل نبي مسألة فسألوه إياها فأعطاهم ذلك في الدنيا ، وأعطاني مسألة ، فأخرت مسألتي لشفاعة المؤمنين من أمتي إلى يوم القيامة ففعل ذلك ، وأعطاني جوامع العلم ومفاتيح الكلام ولم يعط ما أعطاني نبيا قبلي ، فمسألتي بالغة إلى يوم القيامة لمن لقي الله لا يشرك به شيئا ، مؤمنا بي ، مواليا لوصيي ، محبا لأهل بيتي.

٨٢ / ٥١ ـ وأخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو الحسن علي بن إبراهيم الكاتب ، قال : حدثنا محمد بن أبي الثلج ، قال : أخبرني عيسى بن مهران ، قال : حدثنا محمد بن زكريا ، قال : حدثني كثير بن طارق ، قال : سألت زيد بن علي بن الحسين عليهم‌السلام عن قول الله ( تعالى ) : ( لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا ) (١)؟

فتال : يا كثير إنك رجل صالح ، ولست بمتهم ، وإني أخاف عليك أن تهلك ، إن كل إمام جائر فإن أتباعه إذا أمر بهم إلى النار نادوا باسمه ، فقالوا : يا فلان ، يا من أهلكنا ، هلم فخلصنا مما نحن فيه ، ثم يدعون بالويل والثبور ، فعندها يقال لهم : ( لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا ).

ثم قال زيد بن علي رحمه‌الله : حدثني أبي علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علي عليهم‌السلام ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام. يا علي ، أنت

__________________

(١) سورة الفرقان ٢٥ : ١٤.

٥٧

وأصحابك في الجنة ، أنت وأتباعك يا علي في الجنة.

٨٣ / ٥٢ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو نصر محمد بن الحسين البصير ، قال : حدثنا محمد بن إسماعيل الحاسب ، قال : حدثنا سليمان بن أحمد الواسطي ، قال : حدثنا أحمد بن إدريس ، قال : حدثنا نصر بن نصير البحراني ، عن أبيه ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله. يا أيها الناس ، اتقوا الله واسمعوا.

قالوا : لمن السمع والطاعة بعدك يا رسول الله؟ قال : لأخي وابن عمي ووصيي علي بن أبي طالب. قال جابر بن عبد الله : فعصوه والله ، وخالفوا أمره ، وحملوا عليه السيوف.

٨٤ / ٥٣ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : حدثنا أبو الطيب الحسين بن علي بن محمد ، قال : حدثنا أحمد بن محمد المقرئ ، قال : حدثنا يعقوب بن إسحاق ، قال : حدثنا عمر بن عاصم ، قال : حدثنا معمر بن سليمان ، عن أبيه ، عن أبي عثمان النهدي ، عن جندب الغفاري : أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إن رجلا قال يوما : والله لا يغفر الله لفلان. قال الله ( عزوجل ) : « من ذا الذي تألى (١) علي أن لا أغفر لفلان ، فإني قد غفرت لفلان ، وأحبطت عمل المتألي بقوله : لا يغفر الله لفلان ».

٨٥ / ٥٤ ـ حدثنا محمد بن محمد ، قال : حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي رحمه‌الله ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا محمد بن يحيى العطار ، قال : حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، عن أبيه ، عن خلف بن حماد الأزدي ، عن أبي الحسن العبدي ، عن الأعمش ، عن عباية بن ربعي ، قال : كان علي أمير المؤمنين عليه‌السلام كثيرا ما يقول : سلوني قبل أن تفقدوني ، فوالله ما من أرض مخصبة ولا مجدبة ، ولا فئة تضل مائة أو تهدي مائة إلا وأنا أعلم قائدها وسائقها وناعقها إلى يوم القيامة.

__________________

(١) أي حلف.

٥٨

٨٦ / ٥٥ ـ حدثنا محمد بن محمد ، قال : حدثني أبو الحسن علي بن محمد الكاتب ، قال : حدثني الحسن بن علي الزعفراني ، قال : حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي ، قال : حدثنا محمد بن علي ، قال : حدثنا العباس بن عبد الله العنبري ، عن عبد الرحمن بن الأسود اليشكري ، عن عون بن عبيد الله ، عن أبيه ، عن جده أبي رافع ، قال : دخلت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوما وهو نائم ، وحية في جانب البيت ، فكرهت أن أقتلها فأوقظ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وظننت أنه يوحى إليه ، فاضطجعت بينه وبين الحية ، فقلت : إن كان منها سوء كان إلي دونه ، فمكثت هنيئة فاستيقظ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله هو يقرأ : ( إنما وليكم الله ورسوله والذين امنوا ) (١) حتى أتى على اخر الآية ، ثم قال : الحمد لله الذي أتم لعلي نعمته ، وهنيئا له بفضل الله الذي آتاه.

ثم قال لي : ما لك هاهنا؟ فأخبرته خبر الحية ، فقال لي : اقتلها؟ ففعلت.

ثم قال : يا أبا رافع ، كيف أنت وقوم يقاتلون عليا ، وهو على الحق وهم على الباطل ، جهادهم حق لله ( عز اسمه ) ، فمن لم يستطع فبقلبه ليس وراءه شئ؟

فقلت. يا رسول الله ، ادع الله لي إن أدركتهم أن يقويني على قتالهم. قال : فدعا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وقال : إن لكل نبي أمينا ، وإن أميني أبو رافع.

قال : فلما بايع الناس عليا عليه‌السلام بعد عثمان ، وسار طلحة والزبير ذكرت قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فبعت داري بالمدينة وأرضا لي بخيبر ، وخرجت بنفسي وولدي مع أمير المؤمنين عليه‌السلام لأستشهد بين يديه ، فلم أزل معه حتى عاد من البصرة ، وخرجت معه إلى صفين ، فقاتلت بين يديه بها ، وبالنهروان ، ولم أزل معه حتى استشهد ، فرجعت إلى المدينة وليس لي بها دار ولا أرض ، فأقطعني الحسن بن علي عليهما‌السلام أرضا بينبع ، وقسم لي شطر دار أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فنزلتها وعيا لي.

__________________

(١) سورة المائدة ٥ : ٥٥.

٥٩

٨٧ / ٥٦ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه رحمه‌الله ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن شعيب العقرقوفي ، قال : حدثنا أبو عبيد ، قال : سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهما‌السلام يقول لأصحابه وأنا حاضر : اتقوا الله ، وكونوا أخوة بررة متحابين في الله ، متواصلين مترا حمين ، تزاوروا وتلاقوا وتذاكروا وأحيوا أمرنا.

٨٨ / ٥٧ ـ وأخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو الحسن علي بن محمد الكاتب ، قال : أخبرني الحسن بن علي بن عبد الكريم ، قال : حدثنا أبو إسحاق إبراهيم ابن محمد الثقفي ، قال : أخبرني عباد بن يعقوب ، قال : حدثنا الحكم بن ظهير ، عن أبي إسحاق ، عن رافع مولى أبي ذر ، قال : رأيت أبا ذر رحمه‌الله اخذا بحلقة باب الكعبة ، مستقبل الناس بوجهه ، وهو يقول : من عرفني فأنا جندب الغفاري ، ومن لم يعرفني فانا أبو ذر الغفاري ، سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : من قاتلني في الأولى وقاتل أهل بيتي في الثانية حشره الله ( تعالى ) في الثالثة مع الدجال ، إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها غرق ، ومثل باب حطة من دخله نجا ومن لم يدخله هلك.

٨٩ / ٥٨ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن أبيه ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، قال : سئل أبو جعفر عليه‌السلام عن ليلة القدر؟ فقال : تنزل فيها الملائكة والكتبة إلى سماء الدنيا ، فيكتبون ما هو كائن في أمر السنة وما يصيب العباد فيها. قال : وأمر موقوف لله ( تعالى ) فيه المشيئة ، يقدم منه ما يشاء ، ويؤخر ما يشاء ، وهو قوله ( تعالى ) : ( يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ) (١).

٩٠ / ٥٩ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو بكر محمد بن عمر

__________________

(١) سورة الرعد ١٣ : ٣٩.

٦٠