الأمالي

أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطّوسي [ شيخ الطائفة ]

الأمالي

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطّوسي [ شيخ الطائفة ]


المحقق: مؤسسة البعثة
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الثقافة للطباعة والنشر
الطبعة: ١
الصفحات: ٨٨٨

[٢١]

مجلس يوم الجمعة

الحادي عشر من صفر سنة سبع وخمسين وأربع مائة

فيه بقية أحاديث أبي المفضل محمد بن عبد الله الشيباني.

بسم الله الرحمن الرحيم

١١٧٤ / ١ ـ حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي رضي‌الله‌عنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن الهمداني بالكوفة وسألته ، قال : حدثنا محمد بن المفضل بن إبراهيم بن قيس الأشعري ، قال. حدثنا علي بن حسان الواسطي ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن كثير ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده علي بن الحسين عليهم‌السلام ، قال : لما أجمع الحسن بن علي عليه‌السلام على صلح معاوية خرج حتى لقيه ، فلما اجتمعا قام معاوية خطيبا ، فصعد المنبر وأمر الحسن عليه‌السلام أن يقوم أسفل منه بدرجة ، ثم تكلم معاوية ، فقال : أيها الناس ، هذا الحسن بن علي وابن فاطمة ، رآنا للخلافة أهلا ، ولم ير نفسه لها أهلا ، وقد أتانا ليبايع طوعا.

ثم قال. قم يا حسن؟ فقام الحسن عليه‌السلام فخطب فقال : الحمد لله المستحمد بالآلاء ، وتتابع النعماء ، وصارف الشدائد والبلاء ، عند الفهماء وغير الفهماء ،

٥٦١

المذعنين من عباده لامتناعه بجلاله وكبريائه ، وعلوه عن لحوق الأوهام ببقائه ، المرتفع عن كنه ظنانة المخلوقين ، من أن تحيط بمكنون غيبه رويات عقول الرائين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده في ربوبيته ، ووجوده ووحدانيته ، صمدا لا شريك له ، فردا لا ظهير له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، اصطفاه وانتجبه وارتضاه ، وبعثه داعيا إلى الحق ، وسراجا منيرا ، وللعباد مما يخافون نذيرا ، ولما يأملون بشيرا ، فنصح للأمة ، وصدع بالرسالة ، وأبان لهم درجات العمالة ، شهادة عليها أموت وأحشر ، وبها في الآجلة أقرب وأحبر.

وأقول معشر الخلائق فاسمعوا ، ولكم أفئدة وأسماع فعوا : إنا أهل بيت أكرمنا الله بالاسلام ، واختارنا واصطفانا واجتبانا ، فأذهب عنا الرجس وطهرنا تطهيرا ، والرجس هو الشك ، فلا نشك في الله الحق ودينه أبدا ، وطهرنا من كل أفن (١) وغية ، مخلصين إلى آدم نعمة منه ، لم يفترق الناس قط فرقتين إلا جعلنا الله في خيرهما ، فأدت الأمور وأفضت الدهور إلى أن بعث الله محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله للنبوة ، واختاره للرسالة ، وأنزل عليه كتابه ، ثم أمره بالدعاء إلى الله ( عزوجل ) فكان أبي عليه‌السلام أول من استجاب لله ( تعالى ) ، ولرسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأول من آمن وصدق الله ورسوله ، وقد قال الله ( تعالى ) في كتابه المنزل على نبيه المرسل : ( أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه ) (٢) فرسول الله الذي على بينة من ربه ، وأبي الذي يتلوه ، وهو شاهد منه.

وقد قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حين أمره أن يسير إلى مكة والموسم ببراءة ( سر بها يا علي ، فإني أمرت أن لا يسير بها إلا أنا أو رجل مني ، وأنت هو يا علي ) فعلي من رسول الله ، ورسول الله منه ، وقال له نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حين قضى بينه وبين أخيه جعفر بن أبي طالب عليهما‌السلام ومولاه زيد بن حارثة في ابنة حمزة : ( أما أنت لا علي فمني وأنا منك ، وأنت ولي كل مؤمن بعدي ).

__________________

(١) أفن الرجل : ضعف رأيه.

(٢) سورة هود ١١ : ١٧.

٥٦٢

فصدق أبي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سابقا ووقاه بنفسه ، ثم لم يزل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في كل موطن يقدمه ، ولكل شديدة يرسله ثقة منه وطمأنينة إليه ، لعلمه بنصيحته لله ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإنه أقرب المقربين من الله ورسوله ، وقد قال الله ( عزوجل ) : ( والسابقون السابقون * أولئك المقربون ) (١) وكان أبي سابق السابقين إلى الله ( عزوجل ) وإلى رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأقرب الأقربين ، فقد قال الله ( تعالى ) : ( لا يستوى منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة ) (٢).

فأبي كان أولهم إسلاما وايمانا ، وأولهم إلى الله ورسوله هجرة ولحوقا وأولهم على وجده ووسعه نفقة ، قال ( سبحانه ) : ( والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم ) (٣) فالناس من جميع الأمم يستغفرون له بسبقه إياهم الايمان بنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وذلك أنه لم يسبقه إلى الايمان أحد ، وقد قال الله ( تعالى ) : ( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان ) (٤) فهو سابق جميع السابقين ، فكما أن الله ( عزوجل ) فضل السابقين على المتخلفين والمتأخرين ، فكذلك فضل سابق السابقين على السابقين ، وقد قال الله ( عزوجل : ( أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر ) (٥). ( فكان أبي المؤمن بالله واليوم الآخر ) والمجاهد في سبيل الله حقا ، وفيه نزلت هذه الآية.

وكان ممن استجاب لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عمه حمزة وجعفر ابن عمه ، فقتلا شهيدين ( رضي‌الله‌عنهما ) في قتلى كثيرة معهما من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ،

__________________

(١) سورة الواقعة ٥٦ : ١٠ ، ١١.

(٢) سورة الحديد ٥٧ : ١٠.

(٣) سورة الحشر ٥٩ : ١٠.

(٤) سورة التوبة ٩ : ١٠٠.

(٥) سورة التوبة ٩ : ١٩.

٥٦٣

فجعل الله ( تعالى ) حمزة سيد الشهداء من بينهم ، وجعل لجعفر جناحين يطير بهما مع الملائكة كيف يشاء من بينهم ، وذلك لمكانهما من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومنزلتهما وقرابتهما منه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وصلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على حمزة سبعين صلاة من بين الشهداء الذين استشهدوا معه.

وكذلك جعل الله ( تعالى ) لنساء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله للمحسنة منهن أجرين ، وللمسيئة منهن وزرين ضعفين ، لمكانهن من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وجعل الصلاة في مسجد رسول الله بألف صلاة في سائر المساجد إلا مسجد خليله إبراهيم عليه‌السلام بمكة ، وذلك لمكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من ربه.

وفرض الله ( عزوجل ) الصلاة على نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله على كافة المؤمنين ، فقالوا : يا رسول الله ، كيف الصلاة عليك؟ فقال : قولوا : « اللهم صل على محمد وآل محمد » فحق على كل مسلم أن يصلي علينا مع الصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فريضة واجبة.

وأحل الله ( تعالى ) خمس الغنيمة لرسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأوجبها له في كتابه ، وأوجب لنا من ذلك ما أوجب له ، وحرم عليه الصدقة وحرمها علينا معه ، فأدخلنا ـ فله الحمد ـ فيما أدخل فيه نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله وأخرجنا ونزهنا مما أخرجه منه ونزهه عنه ، كرامة أكرمنا الله ( عزوجل ) بها ، وفضيلة فضلنا بها على سائر العباد ، فقال الله ( تعالى ) لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله حين جحده كفرة أهل الكتاب وحاجوه : ( فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين ) (١) فأخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من الأنفس معه أبي ، ومن البنين إياي وأخي ، ومن النساء أمي فاطمة من الناس جميعا ، فنحن أهله ولحمه ودمه ونفسه ، ونحن منه وهو منا.

وقد قال الله ( تعالى ) : ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم

__________________

(١) سورة آل عمران ٣ : ٦١.

٥٦٤

تطهيرا ) (١). فلما نزلت آية التطهير جمعنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنا وأخي وأمي وأبي ، فجللنا ونفسه في كساء لام سلمة خيبري ، وذلك في حجرتها وفي يومها ، فقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي ، وهؤلاء أهلي وعترتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. فقالت أم سلمة ( رضي‌الله‌عنها ) : أدخل معهم يا رسول الله؟ فقال لها صلى‌الله‌عليه‌وآله يرحمك الله ، أنت على خير وإلى خير ، وما أرضاني عنك! ولكنها خاصة لي ولهم.

ثم مكث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بعد ذلك بقية عمره حتى قبضه الله إليه ، يأتينا كل يوم عند طلوع الفجر فيقول : ( الصلاة يرحمكم الله ، إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ).

وأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بسد الأبواب الشارعة في مسجده غير بابنا ، فكلموه في ذلك ، فقال : « إني لم أسد أبوابكم وافتح باب علي من تلقاء نفسي ، ولكني اتبع ما يوحى إلي ، وإن الله أمر بسدها وفتح بابه ) فلم يكن من بعده ذلك أحد تصيبه جنابة في مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ويولد فيه الأولاد غير رسول الله وأبي علي ابن أبي طالب عليها‌السلام تكرمة من الله ( تعالى ) لنا ، وفضلا اختصنا به على جميع الناس.

وهذا باب أبي قرين باب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في مسجده ، ومنزلنا بين منازل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وذلك أن الله أمر نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يبني مسجده ، فبنى فيه عشرة أبيات تسعة لبنيه وأزواجه وعاشرها وهو متوسطها لأبي فها هو لبسبيل مقيم ، والبيت هو المسجد المطهر ، وهو الذي قال الله ( تعالى ) : ( أهل البيت ) فنحن أهل البيت ، ونحن الذين أذهب الله عنا الرجس وطهرنا تطهيرا.

أيها الناس ، إني لو قمت حولا فحولا أذكر الذي أعطانا الله عزوجل وخصنا به من الفضل في كتابه وعلى لسان نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله لم أحصه ، وأنا ابن النبي النذير البشير ، السراج المنير ، الذي جعله الله رحمة للعالمين ، وأبي علي ، ولي المؤمنين ، وشبيه هارون ، وإن معاوية بن صخر زعم أني رأيته للخلافة أهلا ، ولم أر نفسي لها

__________________

(١) سورة الأحزاب ٣٣ : ٣٣.

٥٦٥

أهلا ، فكذب معاوية ، وأيم الله لأنا أولى الناس بالناس في كتاب الله وعلى لسان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، غير أنا لم نزل أهل البيت مخيفين مظلومين مضطهدين منذ قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فالله بيننا وبين من ظلمنا حقنا ، ونزل على رقابنا ، وحمل الناس على أكتافنا ، ومنعنا سهمنا في كتاب الله ( من الفئ ) والغنائم ، ومنع أمنا فاطمة إرثها من أبيها.

إنا لا نسمي أحدا ، ولكن أقسم بالله قسما تاليا ، لو أن الناس سمعوا قول الله ( عزوجل ) ورسوله ، لأعطتهم السماء قطرها ، والأرض بركتها ، ولما اختلف في هذه الأمة سيفان ، ولأكلوها خضراء خضرة إلى يوم القيامة ، وما طمعت فيها يا معاوية ، ولكنها لما أخرجت سالفا من معدنها ، وزحزحت عن قواعدها ، تنازعتها قريش بينها ، وترامتها كترامي الكرة حتى طمعت فيها أنت يا معاوية وأصحابك من بعدك ، وقد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ( ما ولت أمة أمرها رجلا قط وفيهم من هو أعلم منه إلا لم يزل أمرهم يذهب سفالا حتى يرجعوا إلى ما تركوا ».

وقد تركت بنو إسرائيل ـ وكانوا أصحاب موسى عليه‌السلام ـ هارون أخاه وخليفته ووزيره ، وعكفوا على العجل وأطاعوا فيه سامريهم ، وهم يعلمون أنه خليفة موسى ، وقد سمعت هذه الأمة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول ذلك لأبي عليه‌السلام ( إنه مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ) وقد رأوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حين نصبه لهم بغدير خم وسمعوه ، ونادى له بالولاية ، ثم أمرهم أن يبلغ الشاهد منهم الغائب ، وقد خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حذارا من قومه إلى الغار ـ لما أجمعوا أن يمكروا به ، وهو يدعوهم ـ لما لم يجد عليهم أعوانا ، ولو وجد عليهم أعوانا لجاهدهم.

وقد كف أبي يده وناشدهم واستغاث أصحابه فلم يغث ولم ينصر ، ولو وجد عليهم أعوانا ما أجابهم ، وقد جعل في سعة كما جعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في سعة.

وقد خذلتني الأمة وبايعتك يا بن حرب ، ولو وجدت عليك أعوانا يخلصون ما بايعتك ، وقد جعل الله ( عزوجل ) هارون في سعة حين استضعفه قومه وعادوه ، كذلك أنا

٥٦٦

وأبي في سعة حين تركتنا الأمة وبايعت غيرنا ، ولم نجد عليهم أعوانا ، وإنما هي السنن والأمثال تتبع بعضها بعضا.

أيها الناس ، إنكم لو التمستم بين المشرق والمغرب رجلا جده رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأبوه وصي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لم تجدوا غيري وغير أخي ، فاتقوا الله ولا تضلوا بعد البيان ، وكيف بكم وأنى ذلك منكم! ألا وإني قد بايعت هذا ـ وأشار بيده إلى معاوية ـ ( وإن أدرى لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين ) (١).

أيها الناس ، إنه لا يعاب أحد بترك حقه ، وإنما يعاب أن يأخذ ما ليس له ، وكل صواب نافع ، وكل خطأ ضار لأهله ، وقد كانت القضية ففهمها سليمان فنفعت سليمان ولم تضر داود ، فاما القرابة فقد نفعت المشرك وهي والله للمؤمن أنفع ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعمه أبي طالب وهو في الموت. « قل لا إله إلا الله ، أشفع لك بها يوم القيامة » ولم يكن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول له إلا ما يكون منه على يقين ، وليس ذلك لاحد من الناس كلهم غير شيخنا ـ أعني أبا طالب ـ يقول الله عزوجل : ( وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك اعتدنا لهم عذابا أليما ) (٢).

أيها الناس ، اسمعوا وعوا ، واتقوا الله وراجعوا ، وهيهات منكم الرجعة إلى الحق ، وقد صارعكم النكوص ، وخامركم الطغيان والجحود ( أنلزمكموها وأنتم لها كارهون ) (٣) والسلام على من اتبع الهدى.

قال : فقال معاوية : والله ما نزل الحسن حتى أظلمت علي الأرض ، وهممت أن أبطش به ، ثم علمت أن الاغضاء أقرب إلى العافية.

__________________

(١) سورة الأنبياء ٢١ : ١١١.

(٢) سورة النساء ٤ : ١٨.

(٣) سورة هود ١١ : ٢٨.

٥٦٧

[٢٢]

مجلس يوم الجمعة

السابع عشر من صفر سنة سبع وخمسين وأربع مائة

فيه بقية أحاديث أبي المفضل محمد بن عبد الله الشيباني.

بسم الله الرحمن الرحيم

١١٧٥ / ١ ـ حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي ( قدس الله روحه ) ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثني أبو علي أحمد بن علي بن مهدي بن صدقة البرقي أملاه علي إملاء من كتابه ، قال : حدثنا [ لأبي ، قال : حدثنا ] الرضا أبو الحسن علي بن موسى ، قال. حدثني أبي موسى بن جعفر ، قال : حدثني أبي جعفر بن محمد ، قال : حدثني أبي محمد بن علي ، قال : حدثني أبي علي بن الحسين ، قال : حدثني أبي الحسين بن علي عليهم‌السلام ، قال : لما أتى أبو بكر وعمر إلى منزل أمير المؤمنين عليه‌السلام وخاطباه في البيعة وخرجا من عنده ، خرج أمير المؤمنين عليه‌السلام إلى المسجد ، فحمد الله وأثنى عليه بما اصطنع عندهم أهل البيت ، إذ بعث فيهم رسولا منهم ، وأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.

ثم قال : إن فلانا وفلانا أتياني وطالباني بالبيعة لمن سبيله أن يبايعني ، أنا ابن عم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأبو ابنيه ، والصديق الأكبر ، وأخو رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يقولها أحد غيري إلا كاذب ، وأسلمت وصليت ، وأنا وصيه ، وزوج ابنته سيدة نساء العالمين فاطمة بنت محمد عليهما‌السلام ، وأبو حسن وحسين سبطي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ونحن أهل بيت الرحمة ، بنا هداكم الله ، وبنا استنقذكم من الضلالة ، وأنا صاحب يوم الدوح ،

٥٦٨

وفي نزلت سورة من القرآن ، وأنا الوصي على الأموات من أهل بيته صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنا بقيته على الاحياء من أمته ، فاتقوا الله يثبت أقدامكم ويتم نعمته عليكم ، ثم رجع عليه‌السلام إلى بيته.

١١٧٦ / ٢ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد بن جعفر بن الحسن الحسني رحمه‌الله في رجب سنة سبع وثلاث مائة ، قال : حدثني محمد بن علي بن الحسين [ بن زيد بن علي بن الحسين ] بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، قال : حدثني الرضا علي بن موسى ، عن أبيه موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر ، عن أبيه محمد ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين ، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم‌السلام ، قال. سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : طلب العلم فريضة على كل مسلم ، فاطلبوا العلم من مظانه ، واقتبسوه من أهله ، فإن تعليمه لله حسنة ، وطلبه عبادة ، والمذاكرة فيه تسبيح ، والعمل به جهاد ، وتعليمه من لا يعلمه صدقة ، وبذله لأهله قربة إلى الله ( تعالى ) ، لأنه معالم الحلال والحرام ، ومنار سبيل الجنة ، والمؤنس في الوحشة ، والصاحب في الغربة والوحدة ، والمحدث في الخلوة ، والدليل على السراء والضراء ، والسلاح على الأعداء ، والزين عند الأخلاء ، يرفع الله به أقواما ويجعلهم في الخير ( قادة ) (١).

١١٧٧ / ٣ ـ وباسناده عن علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علي ، عن أبيه علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، في قول الله ( عزوجل ) : ( هل جزاء الاحسان إلا الاحسان ) (٢) قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : هل جزاء من أنعمت عليه بالتوحيد إلا الجنة.

١١٧٨ / ٤ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد بن جعفر بن الحسن بن جعفر بن الحسن بن أمير المؤمنين

__________________

(١) تقدمت قطعة منه في الحديث : ١٠٦٩.

(٢) سورة الرحمن ٥٥ : ٦٠.

٥٦٩

علي بن أبي طالب عليه‌السلام في رجب سنة سبع وثلاث مائة ، قال : حدثني محمد بن علي بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام منذ خمس وسبعين سنة قال : حدثنا الرضا علي بن موسى ، قال : حدثنا أبي موسى بن جعفر ، قال. حدثنا أبي جعفر بن محمد ، قال : حدثني أبي محمد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين ، عن أبيه علي بن أبي طالب عليهم‌السلام ، قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : التوحيد ثمن الجنة ، والحمد لله وفاء شكر كل نعمة ، وخشية الله مفتاح كل حكمة ، والاخلاص ملاك كل طاعة.

١١٧٩ / ٥ ـ وباسناده ، قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : إني سميت فاطمة لأنها فطمت وذريتها من النار ، من لقي الله منهم بالتوحيد والايمان بما جئت به.

١١٨٠ / ٦ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا أبو الحسن علي بن الحسين بن حمزة بن الحسن بن عبيد الله بن العباس بن أمير المؤمنين عليه‌السلام ، قال : حدثنا عمي علي بن حمزة ، قال : حدثنا علي بن جعفر بن محمد ، عن أخيه موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده ، عن الحسين ، عن علي عليهم‌السلام ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما اختلج عرق ولا عثرت قدم إلا بما قدمت أيديكم ، وما يعفو الله ( عزوجل ) عنه أكثر.

١١٨١ / ٧ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا علي بن محمد بن مهرويه الصامغاني بقزوين ، قال : حدثنا داود بن سليمان الغازي القزويني ، قال : حدثنا علي بن موسى الرضا ، قال : حدثنا أبي موسى ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين ، عن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يقول الله ( عزوجل ) : يا بن آدم ما تنصفني ، أتحبب إليك بالنعم ، وتتمقت إلي بالمعاصي ، خيري إليك منزل ، وشرك إلي صاعد ، ولا يزال ملك كريم يعرج إلي عنك في كل يوم وليلة بعمل قبيح ، يا بن آدم

٥٧٠

لو سمعت وصفك من غيرك وأنت لا تدري من الموصوف إذن لسارعت إلى مقته (١).

١١٨٢ / ٨ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ياسين بن محمد بن عجلان التميمي العابد مولى الباقر عليه‌السلام ، قال : حدثني مولاي أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر ، قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن موسى بن جعفر ، عن أبيه الصادق ، عن آبائه عليهم‌السلام ، عن علي عليه‌السلام ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الناس اثنان : رجل أراح ورجل استراح ، فالمؤمن استراح من الدنيا وتعبها ، وأفضى إلى رحمة الله وكريم ثوابه ، وأما الذي أراح فالفاجر أراح منه الناس والشجر والدواب ، وأفضى إلى ما قدم.

١١٨٣ / ٩ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا أبو علي أحمد بن محمد بن الحسين بن إسحاق بن جعفر بن محمد العلوي العريضي بحران ، قال : حدثنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن موسى بن جعفر ، قال : حدثني عماي علي بن موسى والحسين بن موسى ، عن أبيهما موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين ، عن علي عليهم‌السلام ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : يوحي الله ( عزوجل ) إلى الحفظة الكرام : لاتكتبوا على عبدي المؤمن عند ضجره شيئا.

١١٨٤ / ١٠ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال. حدثنا أبو أحمد عبيد الله بن الحسين بن إبراهيم ، عن علي بن عبد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم‌السلام ، قال : حدثنا علي بن القاسم بن الحسين بن زيد بن علي ، عن أبيه القاسم بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن زيد ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد ، عن آبائه ، عن علي عليهم‌السلام ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لولا أن الذنب خير للمؤمن من العجب ما خلى الله ( عزوجل ) بين عبده

__________________

(١) تقدم في الحديث : ١٩٧ ، والحديث : ٥٣٢.

٥٧١

المؤمن وبين ذنب أبدا.

١١٨٥ / ١١ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال. أخبرنا رجاء ابن يحيى بن سامان العبرتائي الكاتب ، قال : حدثنا هارون بن مسلم بن سعدان الكاتب بسر من رأى سنة أربعين ومائتين ، قال : حدثنا مسعدة بن صدقة العبدي ، قال : سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهما‌السلام يحدث عن أبيه ، عن جده ، عن أبيه ، عن علي عليهم‌السلام ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : المجالس بالأمانة ، ولا يحل لمؤمن أن يأثر (١) عن مؤمن ـ أو قال : عن أخيه المؤمن ـ قبيحا.

١١٨٦ / ١٢ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثني محمد ابن جعفر بن محمد بن رياح الأشجعي ، قال : حدثنا عباد بن يعقوب الأسدي ، قال : أخبرنا إبراهيم بن محمد الرؤاسي الخثعمي ، قال : حدثني عدي بن زيد الهجري ، عن أبي خالد الواسطي ، قال إبراهيم بن محمد : ولقيت أبا خالد عمرو بن خالد فحدثني عن زيد بن علي ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام ، قال : كنت عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في مرضه الذي قبض فيه ، فكان رأسه في حجري والعباس يذب عن وجه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأغمي عليه إغماءة ثم فتح عينيه ، فقال : يا عباس يا عم رسول الله ، اقبل وصيتي واضمن ديني وعداتي. فقال : يا رسول الله ، أنت أجود من الريح المرسلة ، وليس في مالي وفاء لدينك وعداتك. فقال النبي عليه‌السلام ذلك ثلاثا يعيده عليه والعباس في كل ذلك يجيبه بما قال أول مرة.

فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : لأقولنها لمن يقبلها ، ولا يقول ـ يا عباس ـ مثل مقالتك. قال : فقال : يا علي ، اقبل وصيتي ، واضمن ديني وعداتي. قال : فخنقتني العبرة ، وارتج جسدي ، ونظرت إلى رأس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يذهب ويجئ في حجري ، فقطرت دموعي على وجهه ، ولم أقدر أن أجيبه ، ثم ثنى فقال : يا علي ، اقبل وصيتي واضمن ديني وعداتي. قال. قلت : نعم بأبي وأمي. قال : أجلسني ، فأجلسته ،

__________________

(١) أثر الحديث : نقله ورواه عن غيره.

٥٧٢

فكان ظهره في صدري ، فقال : يا علي ، أنت أخي في الدنيا والآخرة ، ووصيي وخليفتي في أهلي.

ثم قال : يا بلال ، هلم سيفي ودرعي وبغلتي وسرجها ولجامها ومنطقتي التي أشدها على درعي ، فجاء بلال بهذه الأشياء ، فوقف بالبغلة بين يدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : قم يا علي فاقبض. قال : فقمت وقام العباس فجلس مكاني ، فقمت فقبضت ذلك ، فقال : انطلق به إلى منزلك ، فانطلقت ثم جئت فقمت بين يدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فنظر إلي ثم عمد إلى خاتمه فنزعه ثم دفعه إلي ، فقال. هاك يا علي هذا في الدنيا والآخرة ، والبيت غاص من بني هاشم والمسلمين ، فقال : يا بني هاشم ، يا معشر المسلمين ، لا تخالفوا عليا فتضلوا ، ولا تحسدوه فتكفروا ، يا عباس قم من مكان علي. فقال. تقيم الشيخ وتجلس الغلام! فأعادها عليه ثلاث مرات ، فقام العباس فنهض مغضبا وجلست مكاني ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عباس ، يا عم رسول الله ، لا أخرج من الدنيا وأنا ساخط عليك ، فيدخلك سخطي عليك النار ، فرجع فجلس.

٥٧٣

[٢٣]

مجلس يوم الجمعة

الرابع والعشرين من صفر سنة سبع وخمسين وأربع مائة

فيه بقية أحاديث أبي المفضل محمد بن عبد الله الشيباني.

بسم الله الرحمن الرحيم

١١٨٧ / ١ ـ حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي ( قدس الله روحه ) ، قال. أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا أحمد بن عبيد الله بن محمد بن عمار الثقفي ، قال : حدثني علي بن محمد بن سليمان النوفلي سنة خمس وأربعين ومائتين ، قال : حدثني أبي ، عن يزيد بن عبد الملك النوفلي ، عن أبيه ، عن المغيرة بن الحارث بن نوفل بن الحارث ، عن أبيه ، عن جده نوفل : أنه كان يحدث عن يوم حنين ، قال : فر الناس جميعا وأعروا (١) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلم يبق معه إلا سبعة نفر من بني عبد المطلب : العباس ، وابنه الفضل ، وعلي ، وأخوه عقيل ، وأبو سفيان ، وربيعة ، ونوفل بنو الحارث بن عبد المطلب ، ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مصلت سيفه في المجتلد ، وهو على بغلته الدلدل ، وهو يقول :

أنا النبي لا كذب

أنا ابن عبد المطلب

__________________

(١) أعراه : تركه ولم ينصره.

٥٧٤

قال الحارث بن نوفل : فحدثني الفضل بن العباس ، قال : التفت العباس يومئذ وقد أقشع الناس (١) عن بكرة أبيهم ، فلم ير عليا عليه‌السلام في من ثبت ، فقال : شوهة بوهة ، أفي مثل هذا الحال يرغب ابن أبي طالب بنفسه عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو صاحب ما هو صاحبه! ـ يعني المواطن المشهورة له ـ فقلت : نقص قولك لابن أخيك يا أبه. قال : ما ذاك ، يا فضل؟ قلت : أما تراه في الرعيل الأول ، أما تره في الرهج (٢) ، قال : أشعره لي يا بني. قلت : ذو كذا ذو كذا ذو البردة. قال : فما تلك البرقة؟ قلت : سيفه يزيل به بين الاقران. فقال : بر بن بر ، فداه عم وخال. قال : فضرب علي عليه‌السلام يومئذ أربعين مبارزا ، كلهم يقده حتى أنفه وذكره ، قال : وكانت ضرباته مبتكرة (٣).

١١٨٨ / ٢ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال. حدثنا صالح بن أحمد بن أبي مقاتل القيراطي ، ومحمد بن القاسم بن زكريا المحاربي ، قال : حدثنا أبو طاهر محمد بن تسنيم الحضرمي الوراق ، قال : حدثنا جعفر بن محمد بن حكيم الخثعمي ، عن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن رقبة بن مصقلة بن عبد الله بن خوتعة بن صبرة العبدي ، عن أبيه ، عن جده عبد الله بن خوتعة ، قال : قدمنا وفد عبد القيس في إمارة عمر بن الخطاب ، فسأله رجلان منا عن طلاق الأمة ، فقام معهما قال : انطلقا ، فجاء إلى حلقة فيها رجل أصلع ، فقال : يا أصلع ، ما طلاق الأمة؟ قال : فأشار له بإصبعيه هكذا ـ يعني اثنتين ـ قال : فالتفت عمر إلى الرجلين فقال : طلاقها اثنتان. فقال له أحدهما : سبحان الله ، جئناك وأنت أمير المؤمنين فسألناك ، فجئت إلى رجل فوالله ما كلمك! فقال له عمر : ويلك أتدري من هذا؟ هذا علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، سمعتي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : لو أن السماوات والأرض وضعتا في كفة ، ووضع

__________________

(١) أي تفرقوا.

(١) الرهج : الغبار.

(٣) أي إن ضربته كانت بكرا ، يقتل بواحدة منها ، لا يحتاج أن يعيد الضربة ثانيا ، يقال : ضربة بكر. إذا كانت قاطعة لا تثنى.

٥٧٥

إيمان علي في كفة ، لرجح إيمان علي.

١١٨٩ / ٣ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا أبو الطيب محمد بن الحسين بن حميد بن الربيع اللخمي الكوفي ببغداد ، قال : حدثنا أبو عبد الله جعفر بن عبد الله بن جعفر العلوي المحمدي ، قال : حدثنا منصور بن أبي بريرة ، قال : حدثني نوح بن دراج القاضي ، عن ثابت بن أبي صفية ، قال : حدثني يحيى ابن أم الطويل ، عن نوف بن عبد الله البكالي ، قال : قال لي علي عليه‌السلام : يا نوف ، خلقنا من طينة طيبة ، وخلق شيعتنا من طينتنا ، فإذا كان يوم القيامة ألحقوا بنا.

قال : نوف : فقلت : صف لي شيعتك ، يا أمير المؤمنين؟ فبكى لذكرى شيعته ، ثم قال : يا نوف ، شيعتي والله الحلماء العلماء بالله ودينه ، العاملون بطاعته وأمره ، المهتدون بحبه ، أنضاء (١) عبادة ، أحلاس زهادة (٢) ، صفر الوجوه من التهجد ، عمش العيون من البكاء ، ذبل الشفاه من الذكر ، خمص البطون من الطوى ، تعرف الربانية في وجوههم ، والرهبانية في سمتهم ، مصابيح كل ظلمة ، وريحان كل قبيل ، لا يثنون من المسلمين سلفا ، ولا يقفون لهم خلفا ، شرورهم مكنونة ، وقلوبهم محزونة ، وأنفسهم عفيفة ، وحوائجهم خفيفة ، أنفسهم منهم في عناء ، والناس منهم في راحة ، فهم الكاسة الألباء ، والخالصة النجباء ، وهم الرواغون فرارا بدينهم ، إن شهدوا لم يعرفوا ، وان غابوا لم يفتقدوا ، أولئك شيعتي الأطيبون ، وإخواني الأكرمون ، ألا هاه شوقا إليهم.

١١٩٠ / ٤ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا أبو أحمد عبيد الله بن حسين بن إبراهيم ، قال : حدثنا أبو إسماعيل إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم العلوي الحسني ، قال : حدثني عمي الحسن بن إبراهيم ، قال : حدثني أبي إبراهيم بن إسماعيل ، عن أبيه إسماعيل ، عن أبيه إبراهيم بن الحسن بن الحسن ، عن أمه فاطمة بنت الحسين ، عن أبيها الحسين بن علي ، عن أبيه علي بن أبي طالب عليهم‌السلام ، قال :

__________________

(١) الانضاء : جمع نضو ، المهزول.

(٢) أي ملازمون للزهد ، أو ملازمون للبيوت لزهدهم.

٥٧٦

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من أعطي أربع خصال في الدنيا ، فقد أعطي خير الدنيا والآخرة ، وفاز بحظه منهما : ورع يعصمه عن محارم الله ، وحسن خلق يعيش به في الناس ، وحلم يدفع به جهل الجاهل ، وزوجة صالحة تعينه على أمر الدنيا والآخرة.

١١٩١ / ٥ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال. حدثنا أبو القاسم جعفر بن محمد العلوي في منزله بمكة سنة ثماني عشرة وثلاث مائة ، قال : حدثنا عبيد الله بن أحمد بن نهيك ، قال : حدثنا محمد بن أبي عمير ، عن حمزة بن حمران ، عن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن جده ، عن أبيه الحسين بن علي ، عن علي عليهم‌السلام ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : طالب العلم بين الجهال كالحي بين الأموات.

١١٩٢ / ٦ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد العلوي الحسني ، قال : حدثنا أحمد بن عبد المنعم الصيداوي ، قال. حدثنا محمد بن جعفر بن محمد ، عن أبيه أبي عبد الله عليه‌السلام ، عن آبائه ، عن علي عليه‌السلام ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : سيد الأعمال ثلاثة : إنصاف الناس من نفسك ، ومواساة الأخ في الله ، وذكر الله على كل حال.

١١٩٣ / ٧ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا عبد الرزاق بن سليمان بن غالب الأزدي بأرتاح ، ومحمد بن سعيد بن شرحبيل الترخمي بحمص ، قالا : حدثنا أبو عبد الغني الحسن بن علي بن عبد الغني الأزدي بمعان ، قال : حدثنا عبد الوهاب بن همام الحميري ، قال : حدثني أبي همام بن نافع ، عن أبيه ، عن سعيد بن جبير ، عن عبد الله بن عباس ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : أنا مدينة الجنة وعلي بابها ، فمن أراد الجنة فليأتها من بابها.

١١٩٤ / ٨ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا أحمد بن عيسى بن محمد بن الفراء الكبير ببغداد سنة عشر وثلاث مائة ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن عمرو بن مسلم الا حقي الصفار بالبصرة سنة أربع وأربعين ومائتين ، قال : حدثنا أبو الحسن علي بن موسى الرضا ، عن أبيه موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن

٥٧٧

محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علي ، عن أبيه علي بن أبي طالب عليهم‌السلام ، قال : قال لي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا مدينة العلم وأنت الباب ، وكذب من زعم أنه يصل إلى المدينة لا من قبل الباب.

١١٩٥ / ٩ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثني أحمد ابن إسحاق بن العباس بن إسحاق بن موسى بن جعفر بن محمد العلوي بديبل ، قال : حدثنا محمد بن الحسن بن بيان ، عن حمران المدائني قاضي تفليس ، قال : حدثني جدي لأمي شريف بن سابق التفليسي ، قال : حدثنا الفضل بن أبي قرة التميمي ، عن جابر الجعفي ، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة ، عن أبي ذر ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من سره أن يحيا حياتي ويموت مماتي ويسكن جنة عدن التي غرسها ربي ، فليتول عليا بعدي ، وليوال وليه ، وليقتد بالأئمة من بعده ، فإنهم عترتي ، خلقهم الله من لحمي ودمي ، وحباهم فهمي وعلمي ، ويل للمكذبين بفضلهم من أمتي ، لا أنالهم الله شفاعتي.

٥٧٨

[٢٤]

مجلس يوم الجمعة

التاسع من ربيع الأول سنة سبع وخمسين وأربع مائة

فيه بقية أحاديث أبي المفضل محمد بن عبد الله الشيباني.

بسم الله الرحمن الرحيم

١١٩٦ / ١ ـ حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي رضي‌الله‌عنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا محمد بن معاذ ابن سعيد الحضرمي بالجار ، قال : حدثنا محمد بن زكريا بن سارية المكي القرشي بجدة ، قال : حدثني أبي ، عن كثير بن طارق مولى بني هاشم ، عن معروف بن خربوذ ، عن أبي الطفيل ، عن أبي ذر ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد قدم عليه وفد أهل الطائف : « يا أهل الطائف ، والله لتقيمن الصلاة ، ولتؤتن الزكاة ، أو لأبعثن إليكم رجلا كنفسي ، يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، يقصعكم بالسيف » فتطاول لها أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأخذ بيد علي عليه‌السلام فأشالها ، ثم قال : هو هذا. فقال أبو بكر وعمر : ما رأينا كاليوم في الفضل قط.

١١٩٧ / ٢ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا عبد الله ابن محمد بن عبيد بن ياسين بن محمد بن عجلان مولى الباقر عليه‌السلام ، قال : سمعت مولاي أبا الحسن علي بن محمد بن الرضا عليهم‌السلام يذكر عن آبائه ، عن جعفر بن

٥٧٩

محمد عليه‌السلام ، قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : ما أنعم الله على عبد نعمة فشكرها بقلبه إلا استوجب المزيد فيها قبل أن يظهر شكرها على لسانه.

١١٩٨ / ٣ ـ قال : وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : من أصبح والآخرة همه ، استغنى بغير مال ، واستأنس بغير أهل ، وعز بغير عشيرة.

١١٩٩ / ٤ ـ قال : وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : المؤمن لا يحيف على من يبغض ، ولا يأثم فيمن يحب ، وإن بغي عليه صبر حتى يكون الله ( عزوجل ) هو المنتصر.

١٢٠٠ / ٥ ـ قال : وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : إن من العزة بالله أن يصبر العبد على المعصية ، ويتمنى على الله المغفرة.

١٢٠١ / ٦ ـ قال : وسمع أمير المؤمنين عليه‌السلام رجلا يقول : اللهم إني أعوذ بك من الفتنة. قال : أراك تتعوذ من مالك وولدك ، يقول الله ( تعالى ) : ( إنما أموالكم وأولادكم فتنة ) (١) ولكن قل : اللهم إني أعوذ بك من مضلات الفتن.

١٢٠٢ / ٧ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا رجاء بن يحيى أبو الحسين العبرتائي ، قال : حدثنا يعقوب بن السكيت النحوي ، قال : سمعت أبا الحسن علي بن محمد بن الرضا عليها‌السلام يقول : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام.

إياكم والايكال بالمنى ، فإنها من بضائع العجزة.

قال. وأنشدني ابن السكيت :

إذا ما رمى بي الهم في ضيق مذهب

رمت بي المنى عنه إلى مذهب رحب

١٢٠٣ / ٨ ـ وعنه ، قال. أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا أبو الحسين رجاء بن يحيى العبرتائي ، قال : حدثنا يعقوب بن السكيت النحوي ، قال : سألت أبا الحسن علي بن محمد بن الرضا عليهم‌السلام : ما بال القرآن لا يزداد على النشر والدرس إلا غضاضة؟

قال : إن الله ( تعالى ) لم يجعله لزمان دون زمان ولا لناس دون ناس ، فهو في كل

__________________

(١) سورة التغابن ٦٤ : ١٥.

٥٨٠