الأمالي

أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطّوسي [ شيخ الطائفة ]

الأمالي

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطّوسي [ شيخ الطائفة ]


المحقق: مؤسسة البعثة
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الثقافة للطباعة والنشر
الطبعة: ١
الصفحات: ٨٨٨

الصحف الأولى * صحف إبراهيم وموسى ) (١).

قلت : يا رسول الله ، أوصني. قال. أوصيك بتقوى الله ، فإنه رأس أمرك كله.

فقلت : يا رسول الله ، زدني. قال : عليك بتلاوة القرآن ، وذكر الله ( عزوجل ) ، فإنه ذكر لك في السماء ، ونور لك في الأرض.

قلت : يا رسول الله ، زدني. قال : عليك بالجهاد ، فإنه رهبانية أمتي.

قلت. يا رسول الله ، زدني. قال : عليك بالصمت إلا من خير ، فإنه مطرد الشيطان عنك ، وعون لك على أمور دينك.

قلت : يا رسول الله ، زدني. قال : إياك وكثرة الضحك ، فإنه يميت القلب ، ويذهب بنور الوجه.

قلت : يا رسول الله ، زدني. قال : انظر من هو تحتك ، ولا تنظر إلى من هو فوقك ، فإنه أجدر أن لا تزدري نعمة الله عليك.

قلت : يا رسول الله ، زدني. قال : صل قرابتك وإن قطعوك ، وأحب المساكين ، وأكثر مجالستهم ..

قلت : يا رسول الله ، زدني. قال : قل الحق وإن كان مرا.

قلت : يا رسول الله ، زدني. قال : لا تخف في الله لومة لائم.

قلت : يا رسول الله ، زدني. قال. يا أبا ذر ، ليحجزك عن الناس ما تعرف من نفسك ، ولا تجد (٢) عليهم فيما تأتي ، فكفى بالرجل عيبا أن يعرف من الناس ما يجهل من نفسه ، ويجد عليهم فيما يأتي.

قال. ثم ضرب على صدري وقال : يا أبا ذر ، لا عقل كالتدبير ، ولا ورع كالكف ، ولا حسب كحسن الخلق.

١١٦٤ / ٣ ـ عن الصادق عليه‌السلام ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين علي بن أبي

__________________

(١) سورة الاعلى ٨٧ و ١٤ ـ ١٩.

(٢) أي لا تغضب.

٥٤١

طالب عليه‌السلام ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الله ( تبارك وتعالى ) خلق العقل من نور مخزون مكنون ، في سابق علمه الذي لم يطلع عليه نبي مرسل ولا ملك مقرب ، فجعل العلم نفسه ، والفهم روحه ، والزهد رأسه ، والحياء عينيه ، والحكمة لسانه ، والرأفة همه ، والرحمة قلبه ، ثم حشاه وقواه بعشرة أشياء : اليقين ، والايمان ، والتصديق ، والسكينة ، والاخلاص ، والرفق ، والعطية ، والقناعة ، والتسليم ، والشكر. ثم قال له : أدبر ، فأدبر ، ثم قال له ، أقبل ، فأقبل ، ثم قال : تكلم ، فقال : الحمد لله الذي ليس له ضد ولا ند ، ولا شبه ولا شبيه ، وكفؤ ولا عديل ، ولا مثل ولا مثيل ، الذي كل شئ لعظمته خاضع ذليل.

فقال الرب ( تبارك وتعالى ) : وعزتي وجلالي ، ما خلقت خلقا أحسن منك ، ولا أطوع منك ، ولا أرفع منك ، ولا أشرف منك ، ولا أعز منك ، بك أوحد ، وبك أحاسب ، وبك أدعى ، وبك أرتجي ، وبك اتقى ، وبك أخاف ، وبك أحذر ، وبك الذنب ، وبك العقاب ، فخر العقل عند ذلك ساجدا ، وكان في سجوده ألف عام.

فقال الرب ( تبارك وتعالى ) بعد ذلك. ارفع رأسك ، وسل تعط واشفع تشفع ، فرفع العقل رأسه فقال : الهي ، أسألك أن تشفعني فيمن جعلتني فيه. فقال الله ( تبارك وتعالى ) للملائكة : اشهدوا أني شفعته فيمن خلقته فيه.

٥٤٢

[٢٠]

مجلس يوم الجمعة

السادس والعشرين من المحرم سنة سبع وخمسين وأربع مائة

فيه بقية أحاديث أبي المفضل محمد بن عبد الله الشيباني.

بسم الله الرحمن الرحيم

١١٦٥ / ١ ـ حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي ( قدس الله روحه ) ، قال ، أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا رجاء بن يحيى بن سامان العبرتائي الكاتب ، قال : حدثنا هارون بن مسلم بن سعدان الكاتب ، قال : حدثني مسعدة بن زياد الربعي ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد ، عن أبيه : أنه قال في خطبة أبي ذر رضي‌الله‌عنه : يا مبتغي العلم ، لا تشغلك الدنيا ولا أهل ولا مال عن نفسك ، أنت يوم تفارقهم كضيف بت فيهم ثم غدوت عنهم إلى غيرهم ، الدنيا والآخرة كمنزل تحولت منه إلى غيره ، وما بين البعث والموت إلا كنومة نمتها ثم استيقظت منها ، يا جاهل تعلم فإن قلبا ليس فيه شئ من العلم كالبيت الخراب الذي لا عامر له.

١١٦٦ / ٢ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا محمد بن القاسم بن زكريا أبو عبد الله المحاربي بالكوفة ، قال : حدثنا عباد بن يعقوب الأسدي ، قال : أخبرنا عاصم بن حميد الحناط ، عن يحيى بن القاسم ـ يعني أبا بصير ـ ، عن أبي

٥٤٣

جعفر عليه‌السلام ، عن أبي ذر رحمه‌الله قال : يا باغي العلم ، قدم لمقامك بين يدي الله ( عزوجل ) ، فإنك مرتهن بعملك كما تدين تدان.

يا باغي العلم ، صل قبل أن لا تقدر على ليل ولا نهار تصلي فيه ، إنما مثل الصلاة لصاحبها كمثل رجل دخل على ذي سلطان فأنصت له حتى فرغ من حاجته ، فكذلك المرء المسلم بإذن الله ( عزوجل ) ما دام في الصلاة ، لم يزل الله ( عزوجل ) ينظر إليه حتى يفرغ من صلاته.

يا باغي العلم ، تصدق من قبل ألا تعطي شيئا ولا تمنعه ، إنما مثل الصدقة لصاحبها مثل رجل طلبه قوم بدم فقال لهم : لا تقتلوني واضربوا لي أجلا أسعى في رضاكم ، كذلك المرء المسلم بإذن الله ( تعالى ) كلما تصدق بصدقة حل بها عقدة من رقبته حتى يتوفى الله ( عزوجل ) أقوما وهو عنهم راض ، ومن رضي الله ( عزوجل ) عنه فقد أعتق من النار.

يا باغي العلم ، إن هذا اللسان مفتاح خير ومفتاح شر ، فاختم على فمك كما تختم على ذهبك وعلى ورقك.

يا باغي العلم ، إن هذه الأمثال ضربها الله ( عزوجل ) للناس وما يعقلها إلا العالمون.

يا باغي العلم ، كأن شيئا من الدنيا لم يكن إلا عملا ينفع خيره أو يضر شره إلا ما رحم الله ( عزوجل ).

يا باغي العلم ، لا يشغلك أهل ولا مال عن نفسك ، أنت يوم تفارقه كضيف بت عندهم ثم تحولت من عندهم إلى غيرهم ، والدنيا والآخرة كمنزل تحولت منه إلى غيره ، وما بين الموت والبعث إلا كنومة نمتها ثم استيقظت منها.

١١٦٧ / ٣ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا أحمد بن عبيد الله بن محمد بن عمار الثقفي ، قال : حدثنا علي بن محمد بن سليمان ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا محمد بن جعفر بن محمد ، قال. حدثنا معتب مولانا ، قال : حدثني عمر بن علي بن عمر بن علي بن الحسين ، قال : سمعت محمد بن أبي عبيد الله بن محمد بن عمار بن ياسر يحدث عن أبيه ، عن جده محمد بن عمار بن

٥٤٤

ياسر ، قال : سمعت أبا ذر جندب بن جنادة يقول : رأيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله اخذا بيد علي بن أبي طالب عليه‌السلام فقال له. يا علي ، أنت أخي وصفني ووصيي ووزيري وأميني ، مكانك مني في حياتي وبعد موتي كمكان هارون من موسى إلا أنه لا نبي معي ، من مات وهو يحبك ختم الله ( عزوجل ) له بالأمن والايمان ، ومن مات وهو يبغضك لم يكن له في الاسلام نصيب.

١١٦٨ / ٤ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا الحسن ابن علي بن زكريا العاصمي ، قال : حدثنا أحمد بن عبيد الله العدلي ، قال : حدثنا الربيع ابن يسار ، قال : حدثنا الأعمش ، عن سالم بن أبي الجعد ، يرفعه إلى أبي ذر رضي‌الله‌عنه : أن عليا عليه‌السلام وعثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص ، أمرهم عمر بن الخطاب أن يدخلوا بيتا ويغلقوا عليهم بابه ، ويتشاوروا في أمرهم ، وأجلهم ثلاثة أيام ، فإن توافق خمسة على قول واحد وأبى رجل منهم ، قتل ذلك الرجل ، وإن ترافق أربعة وأبى اثنان قتل الاثنان ، فلما توافقوا جميعا على رأي واحد ، قال لهم علي بن أبي طالب عليه‌السلام : إني أحب أن تسمعوا مني ما أقول ، فإن يكن حقا فاقبلوه ، وإن يكن باطلا فأنكروه. قالوا : قل.

قال : أنشدكم بالله ـ أو قال : أسألكم بالله ـ الذي يعلم سرائركم ، ويعلم صدقكم إن صدقتم ، ويعلم كذبكم إن كذبتم ، هل فيكم أحد آمن بالله ورسوله وصلى القبلتين قبلي؟ قالوا : اللهم لا.

قال : فهل فيكم من يقول الله ( عزوجل ) : ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا والرسول وأولي الأمر منكم ) (١) سواي؟ قالوا : اللهم لا.

قال : فهل فيكم أحد نصر أبوه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وكفله غيري؟ قالوا : اللهم لا.

قال : فهل فيكم أحد زين أخوه بجناحين في الجنة غيري؟ قالوا : اللهم لا.

قال : فهل فيكم أحد وحد الله قبلي ، ولم يشرك بالله شيئا؟ قالوا : اللهم لا.

__________________

(١) سورة النساء ٤ : ٥٩.

٥٤٥

قال : فهل فيكم أحد عمه حمزة سيد الشهداء غيري؟ قالوا : اللهم لا.

قال : فهل فيكم أحد زوجته سيدة نساء أهل الجنة غيري؟ قالوا : الهم لا.

قال : فهل فيكم أحد ابناه سيدا شباب أهل الجنة غيري؟ قالوا : اللهم لا.

قال : فهل فيكم أحد أعلم بناسخ القرآن ومنسوخه والسنة مني؟ قالوا : اللهم لا.

قال. فهل فيكم أحد سماه الله ( عزوجل ) في عشر آيات من القرآن مؤمنا غيري؟ قالوا : اللهم لا.

قال : فهل فيكم أحد ناجى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عشر مرات ، يقدم بين يدي نجواه صدقة غيري؟ قالوا : لا.

قال : فهل فيكم أحد قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، ليبلغ الشاهد الغائب ذلك » غيري؟ قالوا : لا.

قال. فهل فيكم رجل قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « لأعطين الراية رجلا غدا يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، كرارا غير فرار ، لا يولي الدبر ، يفتح الله على يديه » وذلك حيث رجع أبو بكر وعمر منهزمين ، فدعاني وأنا أرمد ، فتفل في عيني ، وقال : « اللهم اذهب عنه الحر والبرد » فما وجدت بعدها حرا ولا بردا يؤذياني ، ثم أعطاني الراية ، فخرجت بها ، ففتح الله على يدي خيبر ، فقتلت مقاتليهم وفيهم مرحب ، وسبيت ذراريهم ، فهل كان ذلك غيري؟ قالوا : لا.

قال : فهل فيكم أحد قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « اللهم ائتني بأحب الخلق إليك وإلي ، وأشدهم لي ولك حبا ، يأكل معي من هذا الطائر » فأتيت فأكلت معه غيري؟ قالوا : لا.

قال. فهل فيكم أحد قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لتنتهن يا بني وليعة ، أو لأبعثن عليكم رجلا كنفسي ، طاعته كطاعتي ، ومعصيته كمعصيتي ، يعصاكم ـ أو يقصعكم ـ بالسيف ) غيري؟ قالوا : لا.

قال : فهل فيكم أحد قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « كذب من زعم أنه يحبني ويبغض عليا » غيري؟ قالوا : لا.

٥٤٦

قال : فهل فيكم من سلم عليه في ساعة واحدة ثلاثة آلاف من الملائكة وفيهم جبرئيل وميكائيل وإسرافيل ، ليلة القليب ، لما جئت بالماء إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله غيري؟ قالوا : لا.

قال : فهل فيكم أحد قال له جبرئيل عليه‌السلام : « هذه هي المواساة » وذلك يوم أحد ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : « إنه مني ، وأنا منه » فقال جبرئيل عليه‌السلام. وأنا منكما ، غيري؟ قالوا : لا.

قال. فهل فيكم أحد نودي به من السماء : « لا سيف إلا ذو الفقار ، ولا فتى إلا علي » غيري؟ قالوا : لا.

قال : فهل فيكم من يقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين على لسان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله غيري؟ قالوا : لا.

قال : فهل فيكم أحد قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « إني قاتلت على تنزيل القرآن ، وستقاتل أنت على تأويله » غيري؟ قالوا : لا.

قال : فهل فيكم أحد غسل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مع الملائكة المقربين بالروح والريحان ، تقلبه لي الملائكة ، وأنا أسمع قولهم ، وهم يقولون : « استروا عورة نبيكم ستركم الله » غيري؟ قالوا : لا.

قال : فهل فيكم من كفن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ووضعه في حفرته غيري؟ قالوا : لا.

قال. فهل فيكم أحد بعث الله ( عزوجل ) إليه بالتعزية حيث قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وفاطمة عليها‌السلام تبكيه ، إذ سمعنا حسا على الباب ، وقائلا يقول ، نسمع صوته ولا نرى شخصه : « السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته ، ربكم ( عزوجل ) يقرئكم السلام ، ويقول لكم : إن في الله خلفا من كل مصيبة ، وعزاء من كل هالك ، ودركا من كل فوت ، فتعزوا بعزاء الله ، واعلموا أن أهل الأرض يموتون ، وأهل السماء لا يبقون ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته » وأنا في البيت وفاطمة والحسن والحسين أربعة لا خامس لنا إلا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مسجى بيننا ، غيرنا؟

٥٤٧

قالوا : لا.

قال : فهل فيكم أحد ردت عليه الشمس بعد ما غربت ، أو كادت ، حتى صلى العصر في وقتها غيري؟ قالوا : لا.

قال : فهل فيكم أحد أمره رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يأخذ براءة بعدما انطلق أبو بكر بها فقبضها منه ، فقال أبو بكر بعدما رجع : « يا رسول الله ، أنزل في شئ » فقال له : « لا ، إنه لا يؤدي عني إلا علي » غيري؟ قالوا : لا.

قال : فهل فيكم من قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي ، ولو كان بعدي نبي لكنته يا علي » غيري؟ قالوا : لا.

قال : فهل فيكم أحد قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « إنه لا يحبك إلا مؤمن ، ولا يبغضك إلا كافر » غيري؟ قالوا : لا.

قال : أتعلمون أنه أمر بسد أبوابكم وفتح بابي ، فقلتم في ذلك ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « ما أنا سددت أبوابكم ، ولا أنا فتحت بابه ، بل الله سد أبوابكم ، وفتح بابه » قالوا : نعم.

قال : أتعلمون أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ناجاني يوم الطائف دون الناس ، فأطال ذلك ، فقال بعضكم : « يا رسول الله ، إنك انتجيت عليا دوننا » فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « ما أنا انتجيته ، بل الله ( عزوجل ) انتجاه؟ قالوا : نعم.

قال : أتعلمون أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال. « الحق بعدي مع علي ، وعلي مع الحق ، يزول الحق معه حيثما زال »؟ قالوا : نعم.

قال : فهل تعلمون أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، وإنكم لن تضلوا ما اتبعتموهما واستمسكتم بهما »؟ قالوا : نعم.

قال : فهل فيكم أحد وقى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بنفسه ، ورد مكر المشركين به واضطجع في مضجعه ، وشرى بذلك من الله نفسه غيري؟ قالوا : لا.

قال. فهل فيكم حيث آخى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بين أصحابه أحد كان له

٥٤٨

أخا غيري؟ قالوا : لا.

قال : فهل فيكم أحد ذكره الله ( عزوجل ) بما ذكرني إذ قال : ( والسابقون السابقون * أولئك المقربون ) (١) غيري؟ فهل سبقني منكم أحد إلى الله ورسوله؟ قالوا : لا.

قال : فهل فيكم أحد آتي الزكاة وهو راكع ونزلت فيه ( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ) (٢) غيري؟ قالوا : لا.

قال : فهل فيكم أحد برز لعمرو بن عبد ود حيث عبر خندقكم وحده ، ودعا جمعكم إلى البراز فنكصتم عنه ، وخرجت إليه فقتلته ، وفت الله بذلك في أعضاد المشركين والأحزاب غيري؟ قالوا : لا.

قال : فهم فيكم أحد ترك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بابه مفتوحا في المسجد ، يحل له ما يحل لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ويحرم عليه ما يحرم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فيه ، غيري؟ قالوا : لا.

قال : فهل فيكم أحد أنزل الله فيه آية التطهير حيث يقول الله ( تعالى ) : ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) (٣) غيري وزوجتي وابني؟ قالوا : لا.

قال : فهل فيكم أحد قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ( أنا سيد ولد آدم ، وعلي سيد العرب ) غيري؟ قالوا : لا.

قال : فهل فيكم أحد قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ( ما سألت الله ( عزوجل ) لي شيئا إلا سألت لك مثله غيري؟ قالوا : لا.

قال : فهل فيكم أحد كان صاحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في المواطن كلها غيري؟ قالوا : لا.

__________________

(١) سورة الواقعة ٥٦ : ١٠ ، ١١.

(٢) سورة المائدة ٥ : ٥٥.

(٣) سورة الأحزاب ٣٣ : ٣٣.

٥٤٩

قال : فهل فيكم أحد ناول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قبضة من تراب من تحت قدميه فرمى به في وجوه الكفار فانهزموا ، غيري؟ قالوا : لا.

قال : فهل فيكم أحد قضى دين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأنجز عداته ، غيري؟ قالوا : لا.

قال : فهل فيكم أحد اشتاقت الملائكة إلى رؤيته ، فاستأذنت الله ( تعالى ) ، في زيارته ، غيري؟ قالوا : لا.

قال : فهل فيكم أحد ورث سلاح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأداته غيري؟ قالوا : لا.

قال : فهل فيكم أحد استخلفه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في أهله ، وجعل أمر أزواجه إليه من بعده ، غيري؟ قالوا : لا.

قال : فهل فيكم أحد حمله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على كتفه حتى كسر الأصنام التي كانت على الكعبة غيري؟ قالوا : لا.

قال : فهل فيكم أحد اضطجع هو ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في لحاف واحد إذ كفلني ، غيري؟ قالوا : لا.

قال. فهل فيكم أحد قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنت صاحب رايتي ولوائي في الدنيا والآخرة ) غيري؟ قالوا : لا.

قال : فهل فيكم أحد كان أول داخل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وآخر خارج من عنده لا يحجب عنه ، غيري؟ قالوا : لا.

قال : فهل فيكم أحد نزلت فيه وفي زوجته وولديه ( يطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا ) (١) إلى سائر ما اقتض الله ( تعالى ) فيه من ذكرنا في هذه السورة غيري؟ قالوا : لا.

قال : فهل فيكم أحد نزلت فيه هذه الآية : ( أجعلتم سقاية الحاج وعمارة

__________________

(١) سورة الانسان ٧٦ : ٨

٥٥٠

المسجد الحرام ) (١) إلى آخرها ، ( أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون ) (٢) إلى آخر ما اقتص الله ( تعالى ) من خبر المؤمنين غيري؟ قالوا : اللهم لا.

قال : فهل فيكم أحد أنزل الله ( عزوجل ) فيه وفي زوجته وولديه آية المباهلة ، وجعل الله ( عزوجل ) نفسه نفس رسوله ، غيري؟ قالوا : لا.

قال : فهل فيكم أحد نزلت فيه هذه الآية ( ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله ) (٢) لما وقيت رسول الله ليلة الفراش ، غيري؟ قالوا : لا.

قال : فهل فيكم أحد سقى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من المهراس (٤) لما اشتد ظمأه ، وأحجم عن ذلك أصحابه ، غيري؟ قالوا : لا.

قال : فهل فيكم أحد قال له رسول الله : « اللهم إني أقول كما قال موسى : ( رب اشرح لي صدري * ويسر لي أمري * واحلل عقدة من لساني * يفقهوا قولي * واجعل لي وزيرا من أهلي * هارون أخي * اشدد به أزرى ) (٥) إلى آخر دعوة موسى عليه‌السلام إلا النبوة ، غيري؟ قالوا : لا.

قال : فهل فيكم أحد هو أدنى الخلائق لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم القيامة ، وأقرب إليه مني ، كما أخبركم بذلك صلى‌الله‌عليه‌وآله غيري؟ قالوا : لا.

قال : فهل فيكم أحد قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « إن من شيعتك رجلا يدخل في شفاعته الجنة مثل ربيعة ومضر » غيري؟ قالوا : لا.

قال : فهل فيكم أحد قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « أنت وشيعتك هم الفائزون ، تردون يوم القيامة رواء مرويين ، وعدوك ظماء مظمئين » غيري؟ قالوا : لا.

__________________

(١) سورة التوبة ٩ : ١٩.

(٢) سورة السجدة ٣٢ : ١٨.

(٣) سورة البقرة ٢ : ٢٠٧.

(٤) روى ياقوت عن المبرد قوله : « المهراس : ماء بجبل أحد ، روي أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عطش يوم أحد ، فجاءه علي عليه‌السلام وفي درقته ماء من المهراس ». معجم البلدان ٥ : ٢٣٢ ، دار صادر ، بيروت.

(٥) سورة طه. ٢٠ : ٢٥ ـ ٣١.

٥٥١

قال : فهل فيكم أحد قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « من أحب هذه الشعرات فقد أحبني ، ومن أحبني فقد أحب الله ( تعالى ) ، ومن أبغضها وآذاها فقد أبغضني وآذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله ( تعالى ) ، ومن آذى الله ( تعالى ) لعنه الله وأعد له جهنم وساءت مصيرا » فقال أصحابه : « وما شعراتك هذه ، يا رسول الله؟ ». قال : « علي وفاطمة والحسن والحسين » غيري؟ قالوا : لا.

قال : فهل فيكم أحد قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « أنت يعسوب المؤمنين ، والمال يعسوب الظالمين ، وأنت الصديق الأكبر ، والفاروق الأعظم ، الذي يفرق بين الحق والباطل » غيري؟ قالوا : لا.

قال : فهل فيكم أحد طرح عليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثوبه وأنا تحت الثوب وفاطمة والحسن والحسين ، ثم قال. اللهم أنا وأهل بيتي هؤلاء ، إليك لا إلى النار ) غيري؟ قالوا : لا.

قال : فهل فيكم أحد قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بالجحفة بالشجيرات من خم : من أطاعك فقد أطاعني ، ومن أطاعني فقد أطاع الله ، ومن عصاك فقد عصاني ، ومن عصاني فقد عصى الله ( تعالى ) غيري؟ قالوا : لا.

قال : فهل فيكم أحد كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بينه وبين زوجته ، وجلس بين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وبين زوجته ، وقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ( لا ستر دونك يا علي ) غيري؟ قالوا : لا.

قال : فهل فيكم أحد احتمل باب خيبر يوم فتحت حصنها ، ثم مشى به ساعة ثم ألقاه ، فعالجه بعد ذلك أربعون رجلا فلم يقلوه من الأرض ، غيري؟ قالوا : لا.

قال : فهل فيكم أحد قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ( أنت معي في قصري ، ومنزلك تجاه منزلي في الجنة ) غيري؟ قالوا : لا.

قال : فهل فيكم أحد قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ( أنت أولى الناس بأمتي من بعدي ، والى الله من والاك ، وعادى الله من عاداك ، وقاتل الله من قاتلك بعدي ) غيري؟ قالوا : لا.

٥٥٢

قال : فهل فيكم أحد صلى مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قبل الناس سبع وستين شهرا غيري؟ قالوا : لا.

قال : فهل فيكم أحد قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « إنك عن يمين العرش يا علي يوم القيامة ، يكسوك الله ( عزوجل ) بردين : أحدهما أحمر ، والآخر أخضر » غيري؟ قالوا : لا.

قال : فهل فيكم أحد أطعمه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من فاكهة الجنة لما هبط بها جبرئيل عليه‌السلام ، وقال : « لا ينبغي أن يأكلها في الدنيا إلا نبي أو وصي نبي ) غيري؟ قالوا : لا.

قال : فهل فيكم أحد قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ( أنت أقومهم بأمر الله ، وأوفاهم بعهد الله ، وأعلمهم بالقضية ، وأقسمهم بالسوية ، وأرأفهم بالرعية » غيري؟ قالوا : لا.

قال : فهل فيكم أحد قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « أنت قسيم النار ، تخرج منها من آمن وأقر ، وتدع فيها من كفر » غيري؟ قالوا : لا.

قال : فهل فيكم أحد قال للعين وقد غاصت : « انفجري » فانفجرت فشرب منها القوم ، وأقبل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والمسلمون معه فشرب وشربوا وشربت خيلهم وملأوا رواياهم ، غيري؟ قالوا : لا.

قال : فهل فيكم أحد أعطاه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حنوطا من حنوط الجنة فقال : « أقسم هذا أثلاثا : ثلثا لي حنطني به ، وثلثا لابنتي ، وثلثا لك » غيري؟ قالوا : لا.

قال : فما زال يناشدهم ، ويذكرهم ما أكرمه الله ( تعالى ) وأنعم عليه به ، حتى قام قائم الظهيرة ودنت الصلاة ، ثم أقبل عليهم فقال : أما إذا أقررتم على أنفسكم ، وبان لكم من سببي الذي ذكرت ، فعليكم بتقوى الله وحده ، أنهاكم عن سخط الله ، فلا تعرضوا ولا تضيعوا أمري ، وردوا الحق إلى أهله ، واتبعوا سنة نبيكم صلى‌الله‌عليه‌وآله وسنتي من بعده ، فإنكم إن خالفتموني خالفتم نبيكم صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقد سمع ذلك منه جميعكم ، وسلموها إلى من هو لها أهل وهي له أهل ، أما والله ما أنا بالراغب في

٥٥٣

دنياكم ، ولا قلت ما قلت لكم افتخارا ولا تزكية لنفسي ، ولكن حدثت بنعمة ربي وأخذت عليكم بالحجة ، ثم نهض إلى الصلاة.

قال : فتآمر القوم فيما بينهم وتشاوروا ، فقالوا : قد فضل الله علي بن أبي طالب بما ذكر لكم ، ولكنه رجل لا يفضل أحدا على أحد ، ويجعلكم ومواليكم سواء ، وإن وليتموه إياها ساوى بين أسودكم وأبيضكم ، ولو وضع السيف على أعناقكم ، لكن ولوها عثمان ، فهو أقدمكم ميلا ، وألينكم عريكة ، وأجدر أن يتبع مسرتكم ، والله غفور رحيم.

١١٦٩ / ٥ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا حسن بن محمد بن شعبة الأنصاري ، ومحمد بن جعفر بن رميس الهبيري بالقصر ، وعلي بن الحسين بن كأس النخعي بالرملة ، وأحمد بن محمد بن سعيد الهمداني ، قالوا : حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا الأزدي الصوفي ، قال : حدثنا عمرو بن حماد بن طلحة القناد ، قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم الأزدي ، عن معروف بن خربوذ ، وزياد بن المنذر ، وسعيد بن محمد الأسلمي ، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة الكناني ، قال : لما احتضر عمر بن الخطاب ، جعلها شورى بين ستة. بين علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، وعثمان بن عفان ، وطلحة ، والزبير ، وسعد بن أبي وقاص ، وعبد الرحمن بن عوف ، وعبد الله بن عمر فيمن يشاور ولا يولى.

قال أبو الطفيل : فلما اجتمعوا أجلسوني على الباب ، أرد عنهم الناس ، فقال علي عليه‌السلام : إنكم قد اجتمعتم لما اجتمعتم له ، فانصتوا فأتكلم ، فإن قلت حقا صدقتموني ، وإن قلت باطلا ردوا علي ولا تهابوني ، إنما أنا رجل كأحدكم ، أنشدكم بالله ، هل فيكم أحد له مثل ابن عمي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأقرب إليه رحما مني؟ قالوا : اللهم لا.

قال : فأنشدكم بالله ، هل فيكم أحد له مثل عمي حمزة أسد الله وأسد رسوله؟ قالوا : اللهم لا.

قال : فأنشدكم بالله ، هل فيكم أحد له أخ مثل أخي جعفر ذي الجناحين مضرج بالدماء الطيار في الجنة؟ قالوا : اللهم لا.

٥٥٤

قال : فأنشدكم بالله ، هل فيكم أحد له زوجة مثل زوجتي فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سيدة نساء عالمها في الجنة؟ قالوا : اللهم لا.

قال : فأنشدكم بالله ، هل فيكم أحد صلى القبلتين مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قبلي؟ قالوا : اللهم لا.

قال : فأنشدكم بالله ، هل فيكم أحد له سهمان في كتاب الله في الخاص والعام ، غيري؟ قالوا : اللهم لا.

قال : فأنشدكم بالله ، هل فيكم أحد ترك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بابه مفتوحا يحل له ما يحل لرسول الله ، ويحرم عليه ما يحرم على رسول الله ، غيري؟ قالوا : اللهم لا.

قال : فأنشدكم بالله ، هل فيكم رجل ناجى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عشر مرات ، يقدم بين يدي نجواه صدقة ، غيري؟ قالوا : اللهم لا.

قال : فأنشدكم بالله ، هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما قال في غزاة تبوك : « إنما أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي » غيري؟ قالوا : اللهم لا.

قال : فأنشدكم بالله ، هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مقالته يوم غدير خم : « من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه » غيري؟ قالوا : اللهم لا.

قال : فأنشدكم بالله ، هل فيكم أحد وصى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في أهله وماله ، غيري؟ قالوا : اللهم لا.

قال : فأنشدكم بالله ، هل فيكم أحد قتل المشركين كقتلي؟ قالوا : اللهم لا.

قال : فأنشدكم بالله ، هل فيكم أحد غسل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله غيري؟ قالوا : اللهم لا.

قال : فأنشدكم بالله ، هل فيكم أحد أقرب عهدا برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مني؟ قالوا : اللهم لا.

قال. فأنشدكم بالله ، هل فيكم من نزل في حفرة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله غيري؟

٥٥٥

قالوا : اللهم لا. قال : فاصنعوا ما أنتم صانعون.

فقال طلحة والزبير عند ذلك : نصيبنا منها لك يا علي ، فقال عبد الرحمن بن عوف : قلدوني هذا الامر على أن أجعلها لأحدكم. قالوا : قد فعلنا. فقال عبد الرحمن : هلم يدك يا علي تأخذها بما فيها ، على أن تسير فينا بسيرة أبي بكر وعمر فقال عليه‌السلام : آخذها بما فيها ، على أن أسير فيكم بكتاب الله وسنة نبيه جهدي ، فخلى عن يد علي ، وقال : هلم يدك يا عثمان ، خذها بما فيها ، على أن تسير فينا بسيرة أبي بكر وعمر. فقال : نعم ، ثم تفرقوا.

١١٧٠ / ٦ ـ وروى أبو رافع مولى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث المناشدة.

وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد بن جعفر العلوي الحسني ، وأبو عبيد الله محمد بن أحمد بن المؤمل الصيرفي ، قالا : حدثنا محمد بن علي بن خلف العطار ، قال : حدثنا أحمد بن جعفر بن عبد الله بن محمد بن ربيعة بن عجلان ، عن معاوية بن عبد الله ، عن عبيد الله بن أبي رافع ، عن أبيه أبي رافع ، قال. لما اجتمع أصحاب الشورى وهم ستة نفر وهم : علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، وعثمان ، والزبير ، وطلحة ، وسعد بن مالك ، وعبد الرحمن بن عوف ، أقبل عليهم علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، فقال : أنشدكم الله أيها النفر ، هل فيكم من أحد قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله. ( منزلتك مني يا علي منزلة هارون من موسى ) أتعلمون قال ذلك لاحد غيري؟ قالوا : اللهم لا.

قال : أيها النفر ، هل فيكم من أحد له سهمان : سهم في الخاص ، وسهم في العام غيري؟ قالوا : اللهم لا ـ وذكر الحديث نحوه.

١١٧١ / ٧ ـ طريق أبي الأسود الدؤلي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام.

وعنه ، قد : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا أبو طالب محمد بن أحمد بن أبي معشر السلمي الحراني بحران ، قال : حدثنا أحمد بن الأسود أبو علي الحنفي القاضي ، قال : حدثنا عبيد الله بن محمد بن حفص العائشي التيمي ، قال :

٥٥٦

حدثنا أبي ، عن عمر بن أذينة العبدي ، عن وهب بن عبد الله بن أبي دبي الهنائي ، قال : حدثنا أبو حرب بن أبي الأسود الدؤلي ، عن أبيه أبي الأسود ، قال : لما طعن أبو لؤلؤة عمر بن الخطاب ، جعل الامر بين ستة نفر : علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، وعثمان بن عفان ، وعبد الرحمن بن عوف ، وطلحة ، والزبير ، وسعد بن مالك ، وعبد الله بن عمر معهم يشهد النجوى وليس له في الامر نصيب ، وأمرهم أن يدخلوا لذلك بيتا ، ويغلقوا عليهم بابه.

قال أبو الأسود : فكنت على الباب أنا ونفر معي ، حاجتهم أن يسمعوا الحوار الذي يجري بينهم ، فابتدر الكلام عبد الرحمن بن عوف فقال : ليذكر كل رجل منكم رجلا إن أخطأه هذا الامر كانت الخيرة لصاحبه. فقال الزبير : قد اخترت عليا ، وقال طلحة : قد اخترت عثمان ، وقال سعد : قد اخترت عبد الرحمن بن عوف.

فقال عبد الرحمن : قد رضي القوم بنا ، وقد جعل الامر فينا ولنا أيها الثلاثة ، فأيكم يخرج من هذا الامر نفسه ، ويختار للمسلمين رجلا رضى (١) في الأمة؟ فأمسك الشيخان ، فعاد عبد الرحمن لكلامه ، فقال له علي عليه‌السلام : كن أنت ذلك الرجل. قال : فإنه لم يبق إلا أنت وعثمان ، فأيكما يتقلد هذا الامر على أن يسير في الأمة بسيرة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وبسيرة صاحبيه أبي بكر وعمر فلا يعدوهما. قال علي عليه‌السلام : إني آخذها على أن أسير في الأمة بسيرة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله جهدي وطوقي (٢) ، وأستعين على ذلك بربي. قال. فما عندك أنت يا عثمان؟ قال : أسير في الأمة بسيرة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وسيرة أبي بكر وعمر. قال : قررها على علي عليه‌السلام ثلاثا ، وعلى عثمان ثلاثا ، كل رجل منهما يقول مثل قوله الأول.

فلما توافقوا على رأي واحد قال لهم علي عليه‌السلام : إني أحب أن تسمعوا مني قولا أقول لكم. قالوا : قل يا أبا الحسن. قال : فإني أسألكم بالله الذي يعلم سركم

__________________

(١) يقال. رجل رضي ، أي مرضي عنه ، وهو وصف بالمصدر على معنى المفعول.

(٢) الطوق. الوسع والطاقة.

٥٥٧

وجهركم ، هل فيكم من رجل قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله. ( أنت بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي ) غيري؟ قالوا : اللهم لا ، وذكر المناشدة ، نحوه.

١١٧٢ / ٨ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن جوريه الجنديسابوري من أصل كتابه ، قال : حدثنا علي بن منصور الترجماني ، قال : أخبرني الحسن بن عنبسة النهشلي ، قال : حدثنا شريك بن عبد الله النخعي القاضي ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون الأودي ، أنه ذكر عنده علي ابن أبي طالب عليه‌السلام فقال : إن قوما ينالون منه ، أولئك هم وقود النار ، ولقد سمعت عدة من أصحاب محمد عليه‌السلام منهم حذيفة بن اليمان وكعب بن عجرة يقول كل رجل منهم : لقد أعطي علي ما لم يعطه بشر : هو زوج فاطمة سيدة نساء الأولين والآخرين ، فمن رأى مثلها أو سمع أنه تزوج بمثلها أحد في الأولين والآخرين؟ وهو أبو الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة من الأولين والآخرين ، فمن له أيها الناس مثلهما؟ ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حموه ، وهو وصي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في أهله وأزواجه ، وشدت الأبواب التي في المسجد كلها غير بابه ، وهو صاحب باب خيبر ، وهو صاحب الراية يوم خيبر ، وتفل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يومئذ في عينيه وهو أرمد ، فما اشتكاهما من بعد ، ولا وجد حرا أو بردا بعد يوم ذلك.

وهو صاحب يوم غدير خم إذ نوه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله باسمه ، وألزم أمته ولايته ، وعرفهم بخطره ، وبين لهم مكانه ، فقال : أيها الناس ، من أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا : الله ورسوله. قال. فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه ، وهو صاحب العباء ومن أذهب الله عنه الرجس وطهره تطهيرا ، وهو صاحب الطائر حين قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله. « اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي » فجاء علي عليه‌السلام فأكل معه.

وهو صاحب سورة براءة حين نزل بها جبرئيل عليه‌السلام على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد سار أبو بكر بالسورة ، فقال له : يا محمد ، إنه لا يبلغها إلا أنت أو علي ، إنه منك وأنت منه ، وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله منه في حياته وبعد وفاته.

٥٥٨

وهو عيبة علم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومن قال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « أنا مدينة العلم ، وعلي بابها ، فمن أراد العلم فليأت المدينة من بابها » ، كما أمر الله فقال : ( وأتوا البيوت من أبوابها ) (١).

وهو مفرج الكرب عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في الحروب ، وهو أول من آمن برسول الله وصدقه واتبعه ، وهو أول من صلى ، فمن أعظم فرية على الله وعلى رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ممن قاس به أحدا أو شبه به بشرا!

١١٧٣ / ٩ ـ وعنه ، قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله العرزمي ، عن أبيه ، عن عثمان أبي اليقظان ، عن أبي عمر زاذان ، قال : لما وادع الحسن بن علي عليهما‌السلام معاوية ، صعد معاوية المنبر ، وجمع الناس فخطبهم ، وقال : إن الحسن بن علي رآني للخلافة أهلا ولم ير نفسه لها أهلا ، وكان الحسن عليه‌السلام أسفل منه بمرقاة ، فلما فرغ من كلامه ، قام الحسن عليه‌السلام فحمد الله ( تعالى ) بما هو أهله ، ثم ذكر المباهلة فقال : فجاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من الأنفس بأبي ، ومن الأبناء بي وبأخي ، ومن النساء بأمي وكنا أهله ، ونحن له ، وهو منا ونحن منه.

ولما نزلت آية التطهير جمعنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في كساء لام سلمة ( رضي‌الله‌عنها ) خيبري ، ثم قال : « اللهم هؤلاء أهل بيتي وعترتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا » فلم يكن أحد في الكساء غيري وأخي وأبي وأمي ، ولم يكن أحد يجنب في المسجد ويولد له فيه إلا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وأبي ، تكرمة من الله ( تعالى ) لنا ، وتفضيلا منه لنا.

وقد رأيتم مكان منزلنا من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأمر بسد الأبواب فسدها ، وترك بابنا ، فقيل له في ذلك ، فقال : « أما إني لم أسدها وأفتح بابه ، ولكن الله ( عزوجل ) أمرني أن أسدها وأفتح بابه ».

وان معاوية زعم لكم أني رأيته للخلافة أهلا ولم أر نفسي لها أهلا ، فكذب

__________________

(١) سورة البقرة ٢ : ١٨٩.

٥٥٩

معاوية ، نحن أولى الناس بالناس في كتاب الله وعلى لسان نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولم نزل أهل البيت مظلومين منذ قبض الله ( تعالى ) نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فالله بيننا وبين من ظلمنا حقنا ، وتوثب على رقابنا ، وحمل الناس علينا ، ومنعنا سهمنا من الفئ ، ومنع أمنا ما جعل لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

وأقسم بالله لو أن الناس بايعوا أبي حين فارقهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لأعطتهم السماء قطرها ، والأرض بركتها ، وما طمعت فيها يا معاوية ، فلما خرجت من معدنها تنازعتها قريش بينها ، فطمعت فيها الطلقاء وأبناء الطلقاء أنت وأصحابك ، وقد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إما ولت أمة أمرها رجلا وفيهم من هو أعلم منه إلا لم يزل أمرهم يذهب سفالا حتى يرجعوا إلى ما تركوا.

وقد تركت بنو إسرائيل هارون وهم يعلمون أنه خليفة موسى عليه‌السلام فيهم واتبعوا السامري ، وقد تركت هذه الأمة أبي وبايعوا غيره ، وقد سمعوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة ) ، وقد رأوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نصب أبي يوم غدير خم ، وأمرهم أن يبلغ الشاهد منهم الغائب ، وقد هرب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من قومه وهو يدعوهم إلى الله ( تعالى ) حتى دخل الغار ، ولو وجد أعوانا ما هرب ، وقد كف أبي يده حين ناشدهم واستغاث فلم يغث ، فجعل الله هارون في سعة حين استضعفوه وكادوا يقتلونه ، وجعل الله النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في سعة حين دخل الغار ولم يجد أعوانا ، وكذلك أبي ، وأنا في سعة من الله حين خذلتنا الأمة وبايعوك يا معاوية ، وإنما هي السنن والأمثال يتبع بعضها بعضا.

أيها الناس ، إنكم لو التمستم فيما بين المشرق والمغرب أن تجدوا رجلا ولده نبي غيري وأخي لم تجدوه ، وإني قد بايعت هذا ( وإن أدرى لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين ) (١).

__________________

(١) سورة الأنبياء ٢١ : ١١١.

٥٦٠