الأمالي

أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطّوسي [ شيخ الطائفة ]

الأمالي

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطّوسي [ شيخ الطائفة ]


المحقق: مؤسسة البعثة
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الثقافة للطباعة والنشر
الطبعة: ١
الصفحات: ٨٨٨

٥٤٣ / ٨١ ـ وبهذا الاسناد ، قال : قال الصادق عليه‌السلام : ليس منا من لم يلزم التقية ، ويصوننا عن سفلة الرعية.

٥٤٤ / ٨٢ ـ وبهذا الاسناد ، قال : قال الصادق عليه‌السلام : عليكم بالورع ، فإنه الدين الذي نلازمه وندين الله به ، ونريده ممن يوالينا ، لا تتعبونا بالشفاعة.

٥٤٥ / ٨٣ ـ الفحام ، عن المنصوري ، عن عم أبيه ، قال : قال يوما الإمام علي بن محمد عليهما‌السلام : يا أبا موسى ، أخرجت إلى سر من رأى كرها ، ولو أخرجت عنها خرجت كرها. قال : قلت : ولم يا سيدي؟ قال : لطيب هوائها وعذوبة مائها وقلة دائها ثم قال : تخرب سر من رأى حتى يكون فيها خان ، وبقال للمارة ، وعلامة تدارك خرابها تدارك العمارة في مشهدي من بعدي.

٥٤٦ / ٨٤ ـ أبو محمد الفحام ، قال : حدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن عبيد الله الهاشمي المنصوري ، قال : حدثني عم أبي أبو موسى عيسى بن أحمد بن عيسى بن المنصور ، قال : حدثني الإمام علي بن محمد العسكري ، قال : حدثني أبي محمد بن علي ، قال : حدثني أبي علي بن موسى ، قال : حدثني أبي موسى بن جعفر عليهم‌السلام ، قال : كنت عند سيدنا الصادق عليه‌السلام إذ دخل عليه أشجع السلمي يمدحه فوجده عليلا ، فجلس وأمسك ، فقال له سيدنا الصادق عليه‌السلام : عد عن العلة ، واذكر ما جئت له. فقال له :

ألبسك الله منه عافية

في نومك المعتري وفي أرقك

يخرج من جسمك السقام كما

أخرج ذل السؤال من عنقك

فقال : يا غلام ، أيش معك؟ قال : أربع مائة درهم. قال : أعطها للأشجع. قال : فأخذها وشكر وولى ، فقال : ردوه ، فقال : يا سيدي ، سألت فأعطيت وأغنيت ، فلم رددتني؟ قال : حدثني أبي ، عن ابائه ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : خير العطاء ما أبقى نعمة باقية ، وإن الذي أعطيتك لا يبقى لك نعمة باقية ، وهذا خاتمي فإن أعطيت به عشرة آلاف درهم والا فعد إلي وقت كذا وكذا أوفك إياها.

قال : يا سيدي ، قد أغنيتني ، وأنا كثير الاسفار ، وأحصل في المواضع المفزعة ،

٢٨١

فتعلمني ما آمن به على نفسي.

قال : فإذا خفت أمرا فاترك يمينك على أم رأسك واقرأ برفيع صوتك ( أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السنوات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون ) (١).

قال الأشجع : فحصلت في واد تعبث فيه الجن فسمعت قائلا يقول : خذوه ، فقرأتها فقال قائل : كيف نأخذه وقد احتجز بآية طيبة.

٥٤٧ / ٨٥ ـ وبالاسناد ، عن سيدنا الصادق ، عن أبيه عليهما‌السلام ، عن جابر ، قال أبو محمد الفحام : وحدثني عمي عمر بن يحيى ، قال : حدثني إبراهيم بن عبد الله البلخي ، قال : حدثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد النبيل ، قال : سمعت الصادق عليه‌السلام يقول : حدثني أبي محمد بن علي ، عن جابر بن عبد الله ، قال : كنت عند النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنا من جانب وعلي أمير المؤمنين عليه‌السلام من جانب ، إذ أقبل عمر بن الخطاب ومعه رجل قد تلبب به ، فقال : ما باله؟ قال : حكى عنك يا رسول الله ، أنك قلت : من قال « لا إله إلا الله محمد رسول الله » دخل الجنة ، وهذا إذا سمعه الناس فرطوا في الأعمال ، أفأنت قلت ذلك ، يا رسول الله؟ قال : نعم ، إذا تمسك بمحبة هذا وولايته.

٥٤٨ / ٨٦ ـ أبو محمد الفحام ، قال : حدثني عمي عمر بن يحيى ، قال : حدثنا أبو بكر محمد بن سليمان بن عاصم ، قال : حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد العبدي ، قال : حدثنا علي بن الحسن الأموي (٢) ، قال : حدثنا محمد بن جرير ، قال : حدثنا عبد الجبار بن العلاء بمكة ، قال : حدثني يوسف بن عطية الصفار ، عن ثابت ، عن أنس ابن مالك ، قال : أمرني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن أسرج بغلته الذلول وحماره اليعفور ، ففعلت ما أمرني به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فاستوى على بغلته واستوى

__________________

(١) سورة آل عمران ٣ : ٨٣

(٢) لعله أبو الفرج الأصبهاني ، فالصواب فيه علي بن الحسين الأموي.

٢٨٢

علي عليه‌السلام على حماره ، وسارا وسرت معهما ، فأتينا سطح جبل فنزلا وصعدا حتى صارا إلى ذروة الجبل ، ثم رأيت غمامة بيضاء كدارة (١) الكرسي وقد أظلتهما ، ورأيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد مد يده إلى شئ يأكل ، وأطعم عليا عليه‌السلام حتى توهمت أنهما قد شبعا ، ثم رأيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد مد يده إلى شئ ، وقد شرب وسقى عليا عليه‌السلام حتى قدرت أنهما قد شربا ريهما ، ثم رأيت الغمامة وقد ارتفعت ، ونزلا فركبا وسارا وسرت معهما ، فالتفت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فرأى في وجهي تغيرا ، فقال : مالي أرى وجهك متغيرا؟ فقلت : ذهلت مما رأيت.

فقال : فرأيت ما كان؟ فقلت : نعم ، فداك أبي وأمي يا رسول الله. قال : يا أنس ، والذي خلق ما يشاء ، لقد أكل من تلك الغمامة ثلاث مائة وثلاثة عشر نبيا ، وثلاث مائة وثلاثة عشر وصيا ، ما فيهم نبي أكرم على الله مني ، ولا فيهم وصي أكرم على الله من علي.

٥٤٩ / ٨٧ ـ وبهذا الاسناد ، عن علي بن الحسن ، عن جعفر الأموي ، عن العباس ابن عبد الله ، عن سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة ، عن أبي مريم ، عن سلمان ، قال : كنا جلوسا عند النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إذ أقبل علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، فناوله النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حصاة ، فما استقرت الحصاة في كف علي عليه‌السلام حتى نطقت ، وهي تقول : « لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، رضيت بالله ربا ، وبمحمد نبيا ، وبعلي بن أبي طالب وليا » ثم قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : من أصبح منكم راضيا بالله وبولاية علي بن أبي طالب ، فقد أمن خوف الله وعقابه.

٥٥٠ / ٨٨ ـ الفحام ، قال : حدثني المنصوري ، قال : حدثني عم أبي أبو موسى عيسى بن أحمد بن عيسى ، قال : حدثني الإمام علي بن محمد العسكري ، قال : حدثني أبي محمد بن علي ، قال : حدثني أبي علي بن موسى ، قال : حدثني أبي موسى بن جعفر ، قال : حدثني أبي جعفر بن محمد عليهم‌السلام ، قال : من لم يغضب في

__________________

(١) الدارة : ما أحاط بالشئ.

٢٨٣

الجفوة لم يشكر النعمة.

٥٥١ / ٨٩ ـ أبو محمد الفحام ، قال : حدثني المنصوري ، قال : حدثني عم أبي ، قال : حدثني علي بن محمد العسكري ، قال : حدثني أبي محمد بن علي قال : حدثني أبي علي بن موسى ، قال : حدثني أبي موسى بن جعفر ، قال : حدثني أبي جعفر بن محمد ، قال : حدثني أبي محمد بن علي ، قال : حدثني أبي علي بن الحسين بن علي ، قال : حدثني أبي الحسين عليهم‌السلام ، قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : سألت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عن الايمان؟ قال : تصديق بالقلب ، واقرار باللسان ، وعمل بالأركان.

٥٥٢ / ٩٠ ـ أبو محمد الفحام ، قال : حدثني المنصوري ، قال : حدثني عم أبي ، قال : حدثني الإمام علي بن محمد ، قال : حدثني أبي محمد بن علي ، قال : حدثني أبي علي بن موسى ، قال : حدثني أبي موسى بن جعفر عليهم‌السلام ، قال : قال : إن من صفت له دنياه ، فاتهمه في دينه (١).

٥٥٣ / ٩١ ـ وبالاسناد ، قال : قال الصادق عليه‌السلام : من نالته علة فليقرأ في جيبه الحمد سبع مرات ، فإن ذهبت العلة والا فليقرأ سبعين مرة ، وأنا الضامن له العافية.

تم المجلس العاشر ، ويتلوه المجلس الحادي عشر ، من أمالي الشيخ الفاضل

العالم العامل أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي قدس الله روحه

ونور ضريحه بمحمد واله الأطهار الأخيار الأبرار.

__________________

(١) تقدم في الحديث : ٥٤٠ من هذا المجلس.

٢٨٤

[١١]

المجلس الحادي عشر

وفيه بقية أحاديث أبي محمد الفحام ، وفيه أحاديث أبي قتادة ، وفيه أيضا أحاديث عن الحسين بن عبيد الله ، وفيه أحاديث عن أحمد بن أبي الفوارس الحافظ ، وفيه أحاديث عن أبي منصور السكري ، وفيه أحاديث عن محمد بن علي بن خشيش الكوفي.

بسم الله الرحمن الرحيم

٥٥٤ / ١ ـ أخبرنا أبو محمد الفحام السامري ، قال : حدثنا المنصوري ، قال : حدثني عم أبي ، قال : حدثنا الإمام علي بن محمد العسكري ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌السلام واحدا واحدا ، قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : خمس تذهب ضياعا : سراج تقده في الشمس الدهن يذهب والضوء لا ينتفع به ، ومطر جود على أرض سبخة المطر يضيع والأرض لا ينتفع بها ، وطعام يحكمه طاهيه يقدم إلى شبعان فلا ينتفع به ، وامرأة حسناء تزف إلى عنين فلا ينتفع بها ، ومعروف تصطنعه إلى من لا يشكره.

٥٥٥ / ٢ ـ أبو محمد الفحام ، قال : حدثني أبو الحسن محمد بن أحمد ، قال : حدثني عم أبي ، قال : قصدت الإمام عليه‌السلام يوما فقلت : يا سيدي ، إن هذا الرجل قد اطرحني وقطع رزقي وملني ، وما أتهم في ذلك إلا علمه بملازمتي لك ، فإذا سألته شيئا منه يلزمه القبول منك ، فينبغي أن تتفضل علي بمسألته. فقال : تكفى إن شاء الله.

٢٨٥

فلما كان في الليل طرقني رسل المتوكل ، رسول يتلو رسولا ، فجئت والفتح على الباب قائم فقال : يا رجل ، ما تأوى في منزلك بالليل؟ كد (١) هذا الرجل مما يطلبك ، فدخلت وإذا المتوكل جالس في فراشه ، فقال : يا أبا موسى نشغل عنك وتنسينا نفسك ، أي شئ لك عندي؟ فقلت : الصلة الفلانية ، والرزق الفلاني ، وذكرت أشياء ، فامر لي بها وبضعفها ، فقلت للفتح : وافى علي بن محمد إلى هاهنا؟ فقال : لا. فقلت : كتب رقعة؟ فقال : لا.

فوليت منصرفا فتبعني ، فقال لي : لست أشك أنك سألته دعاء لك ، فالتمس لي منه دعاء ، فلما دخلت إليه عليه‌السلام قال لي : يا أبا موسى ، هذا وجه الرضا. فقلت : ببركتك يا سيدي ، ولكن قالوا لي : إنك ما مضيت إليه ولا سألته.

فقال : إن الله ( تعالى ) علم منا أنا لا نلجأ في المهمات إلا إليه ، ولا نتوكل في الملمات إلا عليه ، وعودنا إذا سألنا الإجابة ، ونخاف أن نعدل فيعدل بنا.

قلت : إن الفتح قال لي كيت وكيت. قال : إنه يوالينا بظاهره ، ويجانبنا بباطنه ، الدعاء لمن يدعو به إذا أخلصت في طاعة الله ، واعترفت برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وبحقنا أهل البيت ، وسألت الله ( تبارك وتعالى ) شيئا لم يحرمك.

قلت : يا سيدي فتعلمني دعاء اختص به من الأدعية. قال : هذا الدعاء كثيرا ما أدعو الله به ، وقد سألت الله أن لا يخيب من دعا به في مشهدي بعدي ، وهو : « يا عدتي عند العدد ، ويا رجائي والمعتمد ، ويا كهفي والسند ، ويا واحد يا أحد ، ويا قل هو الله أحد ، أسالك اللهم بحق من خلقته من خلقك ولم تجعل في خلقك مثلهم أحدا ، أن تصلي عليهم ، وتفعل بي كيت وكيت » (٢).

٥٥٦ / ٣ ـ أبو محمد الفحام ، قال : حدثني أبو الطيب أحمد بن محمد بن بوطير ، قال : حدثني خير الكاتب ، قال : حدثني شيلمة الكاتب ، وكان قد عمل أخبار

__________________

(١) كد الرجل : ألح في الطلب.

(٢) تقدم هذا الدعاء في الحديث : ٥٣٨.

٢٨٦

سر من رأى ، قال : كان المتوكل ركب إلى الجامع ، ومعه عدد ممن يصلح للخطابة ، وكان فيهم رجل من ولد العباس بن محمد يلقب بهريسة ، وكان المتوكل يحقره ، فتقدم إليه أن يخطب يوما فخطب وأحسن ، فتقدم المتوكل يصلي ، فسابقه من قبل أن ينزل من المنبر ، فجاء فجذب منطقته من ورائه ، وقال : يا أمير المؤمنين ، من خطب يصلي. فقال المتوكل : أردنا أن نخجله فأخجلنا.

وكان أحد الأشرار ، فقال يوما للمتوكل : ما يعمل أحد بك أكثر مما تعمله بنفسك في علي بن محمد ، فلا يبقى في الدار إلا من يخدمه ، ولا يتبعونه بشيل ستر ولا فتح باب ولا شئ ، وهذا إذا علمه الناس قالوا : لو لم يعلم استحقاقه للامر ما فعل به هذا ، دعه إذا دخل يشيل الستر لنفسه ويمشي كما يمشي غيره ، فتمسه بعض الجفوة ، فتقدم ألا يخدم ولا يشال بين يديه ستر ، وكان المتوكل ما رئي أحد ممن يهتم بالخبر مثله. قال : فكتب صاحب الخبر إليه أن علي بن محمد دخل الدار ، فلم يخدم ولم يشل أحد بين يديه ستر ، فهب هواء رفع الستر له فدخل ، فقال : اعرفوا خبر خروجه ، فذكر صاحب الخبر أن هواء خالف ذلك الهواء شال الستر له حتى خرج ، فقال : ليس نريد هواء يشيل الستر ، شيلوا الستر بين يديه.

٥٥٧ / ٤ ـ قال : ودخل عليه‌السلام يوما على المتوكل فقال : يا أبا الحسن ، من أشعر الناس ، وكان قد سأل قبله ابن الجهم ، فذكر شعراء الجاهلية وشعراء الاسلام ، فلما سأل الإمام عليه‌السلام قال : فلان بن فلان العلوي. قال ابن الفحام : وأحسبه الحماني. قال : حيث يقول :

لقد فاخرتنا من قريش عصابة

بمط خدود وامتداد أصابع

فلما تنازعنا القضاء قضى لنا

عليهم بما نهوى نداء الصوامع

قال : وما نداء الصوامع ، يا أبا الحسن؟ قال : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، جدي أم جدك؟ فضحك المتوكل ، ثم قال : هو جدك ، لا ندفعك عنه.

٥٥٨ / ٥ ـ قال أبو محمد الفحام : وحدثني أبو الطيب ، وكان لا يدخل المشهد ويزور من وراء الشباك ، فقال لي : جئت يوم عاشوراء نصف نهار ظهير والشمس تغلي ،

٢٨٧

والطريق خال من أحد ، وأنا فزع من الزعار (١) ومن أهل البلد ، أتخفى إلى أن بلغت الحائط الذي أمضي منه إلى الشباك ، فمددت عيني ، فإذا برجل جالس على الباب ظهره إلي كأنه ينظر في دفتر ، فقال لي : يا أبا الطيب ، بصوت يشبه صوت حسين بن علي بن جعفر بن الرضا. فقلت : هذا حسين قد جاء يزور أخاه؟

قلت : يا سيدي ، أمضي أزور من الشباك وأجيئك فأقضي حقك. قال : ولم لا تدخل ، يا أبا الطيب؟ فقلت له : الدار لها مالك لا أدخلها من غير إذنه.

فقال : يا أبا الطيب ، تكون مولانا رقا ، وتوالينا حقا ، ونمنعك تدخل الدار! ادخل يا أبا الطيب. فقلت : امضي أسلم عليه ولا أقبل منه : فجئت إلى الباب وليس عليه أحد فيشعر بي ، وبادرت إلى عند البصري خادم الموضع ، ففتح لي الباب ، ودخلت فكان يقول : أليس كنت لا تدخل الدار؟ فقال : أما أنا فقد أذنوا لي بقيتم أنتم.

٥٥٩ / ٦ ـ أبو محمد الفحام ، قال : حدثني المنصوري ، عن عم أبيه ، وحدثني عمي ، عن كافور الخادم بهذا الحديث ، قال : كان في الموضع مجاور الامام من أهل الصنائع صنوف من الناس ، وكان الموضع كالقرية ، وكان يونس النقاش يغشى (٢) سيدنا الامام ويخدمه ، فجاءه يوما يرعد ، فقال له : يا سيدي ، أوصيك باهلي خيرا قال : وما الخبر؟ قال : عزمت على الرحيل. قال : ولم يا يونس؟ وهو يتبسم عليه‌السلام.

قال : قال يونس : ابن بغا وجه إلي بفض ليس له قيمة ، أقبلت أنقشه فكسرته باثنين وموعده غدا وهو موسى بن بغا ، إما ألف سوط أو القتل.

قال : امض إلى منزلك ، إلى غد فرج ، فما يكون إلا خيرا؟ فلما كان من الغد وافى بكرة يرعد ، فقال : قد جاء الرسول يلتمس الفص. قال : امض إليه فما ترى إلا خيرا قال : وما أقول له ، يا سيدي؟ قال : فتبسم ، وقال : امض إليه واسمع ما يخبرك به ، فلن يكون إلا خير.

__________________

(١) الزعارة : شراسة الخلق. وفي نسخة : الذعار ، أي الخبثاء.

(٢) أي يأتي.

٢٨٨

قال : فمضى وعاد يضحك. قال : قال لي ، يا سيدي : الجواري اختصموا ، فيمكنك أن تجعله فصين حتى نغنيك. فقال سيدنا الامام : اللهم لك الحمد إذ جعلتنا ممن يحمدك حقا ، فأيش قلت له؟ قال : قلت : أمهلني حتى أتأمل أمره كيف أعمله فقال : أصبت.

٥٦٠ / ٧ ـ أبو محمد الفحام ، قال : حدثني أبو الحسن المنصوري ، قال : حدثني عم أبي ، قال : حدثني الإمام علي بن محمد ، قال : حدثني أبي محمد بن علي ، قال : حدثني أبي علي بن موسى ، قال : حدثني أبي موسى بن جعفر ، قال : حدثني أبي جعفر بن محمد ، قال : حدثني أبي محمد بن علي ، قال : حدثني أبي علي بن الحسين ، قال : حدثني أبي الحسين بن علي ، قال : حدثني أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم‌السلام ، قال : سمعت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يقول : من أدى فله مكتوبة فله في أثرها دعوة مستجابة.

قال ابن الفحام : رأيت والله أمير المؤمنين عليه‌السلام في النوم ، فسألته عن الخبر ، فقال : صحيح إذا فرغت من المكتوبة ، فقل وأنت ساجد « اللهم بحق من رواه وروي عنه صل على جماعتهم ، وافعل بي كيت وكيت ».

٥٦١ / ٨ ـ أبو محمد الفحام ، قال : حدثني عمي عمرو بن يحيى الفحام ، قال : حدثني أبو الحسن إسحاق بن عبدوس ، قال : حدثني محمد بن بهار بن عمار التيمي ، قال : حدثنا عيسى بن مهران ، قال : حدثنا مخول بن إبراهيم ، قال : حدثنا الفضيل بن الزبير ، عن أبي داود السبيعي ، عن عمران بن الحصين أخي (١) بريدة بن حصيب ، قال : بينا أنا وأخي بريدة عند النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إذ دخل أبو بكر ، فسلم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : انطلق فسلم على أمير المؤمنين : فقال : يا رسول الله ، ومن أمير المؤمنين؟ قال : علي بن أبي طالب. قال : عن أمر الله وأمر رسوله؟ قال : نعم.

ثم دخل عمر فسلم فقال : انطلق فسلم على أمير المؤمنين. فقال : يا رسول الله ،

__________________

(١) هو أخوه لامه.

٢٨٩

ومن أمير المؤمنين؟ قال : علي بن أبي طالب. قال : عن أمر الله وأمر رسوله؟ قال : نعم.

٥٦٢ / ٩ ـ أبو محمد الفحام ، قال : حدثني عمي ، قال : حدثني إسحاق بن عبدوس ، قال : حدثني محمد بن بهار بن عمار ، قال : حدثنا زكريا بن يحيى ، عن جابر ، عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث ، عن أبيه ، عن أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) قال : أتيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وعنده أبو بكر وعمر ، فجلست بينه وبين عائشة ، فقالت لي عائشة : ما وجدت إلا فخذي أو فخذ رسول الله. فقال : مه يا عائشة ، لا تؤذيني في علي ، فإنه أخي في الدنيا وأخي في الآخرة ، وهو أمير المؤمنين ، يجعله الله يوم القيامة على الصراط ، فيدخل أولياءه الجنة ، وأعداءه النار.

٥٦٣ / ١٠ ـ قال أبو محمد الفحام : وفي هذا المعنى حدثني أبو الطيب محمد ابن الفرحان الدوري ، قال : حدثنا محمد بن علي بن فرات الدهان ، قال : حدثنا سفيان ابن وكيع ، عن أبيه ، عن الأعمش ، عن ابن المتوكل الناجي ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله. يقول الله ( تعالى ) يوم القيامة لي ولعلي بن أبي طالب : أدخلا الجنة من أحبكما ، وأدخلا النار من أبغضكما ، وذلك قوله ( تعالى ) : ( القيا في جهنم كل كفار عنيد ) (١).

٥٦٤ / ١١ ـ أبو محمد الفحام ، قال : حدثنا أبو الفضل محمد بن هاشم الهاشمي صاحب الصلاة بسر من رأى ، قال : حدثنا أبي هاشم بن القاسم ، قال : حدثنا محمد بن زكريا بن عبد الله الجوهري البصري ، عن عبد الله بن المثنى ، عن ثمامة بن عبد الله بن أنس بن مالك ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : إذا كان يوم القيامة ونصب الصراط على جهنم لم يجز عليه إلا من معه جواز فيه ولاية علي بن أبي طالب ، وذلك قوله ( تعالى ) : ( وقفوهم إنهم مسؤولون ) (٢) يعني عن ولاية علي بن أبي طالب عليه‌السلام.

__________________

(١) سورة ق ٥٠ : ٢٤.

(٢) سورة الصافات ٣٧ : ٢٤.

٢٩٠

٥٦٥ / ١٢ ـ أبو محمد الفحام ، قال : حدثني عمي ، قال : حدثني الحسن بن علي بن المتوكل ، قال : حدثنا عفان بن مسلم ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن ابن طاوس ، عن أبيه ، عن ابن عمر ، قال : سألني عمر بن الخطاب ، فقال لي : يا بني من أخير الناس بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ قال : قلت : من أحل له ما حرم الله على الناس ، وحرم عليه ما أحل للناس؟

فقال : والله لقد قلت فصدقت ، حرم على علي بن أبي طالب الصدقة وأحلت للناس ، وحرم عليهم أن يدخلوا المسجد وهم جنب وأحله له ، وغلقت الأبواب وسدت ولم يغلق لعلي باب ولم يسد.

٥٦٦ / ١٣ ـ أبو محمد الفحام ، قال : حدثني عمي ، قال : حدثني أبو العباس أحمد بن عبد الله بن علي الرأس ، قال : حدثنا أبو عبد الله عبد الرحمن بن عبد الله العمري ، قال : حدثنا أبو سلمة يحيى بن المغيرة ، قال : حدثني أخي محمد بن المغيرة ، عن محمد بن سنان ، عن سيدنا أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما‌السلام ، قال : قال أبي لجابر بن عبد الله : لي إليك حاجة أريد أخلو بك فيها؟ فلما خلا به في بعض الأيام ، قال له : أخبرني عن اللوح الذي رأيته في يد أمي فاطمة عليها‌السلام.

قال جابر : أشهد بالله لقد دخلت على فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لأهنئها بولدها الحسين عليه‌السلام ، فإذا بيدها لوح أخضر من زبرجدة خضراء ، فيه كتاب أنور من الشمس وأطيب من رائحة المسك الأذفر. فقلت : ما هذا ، يا بنت رسول الله؟ فقالت : هذا لوح أهداه الله ( عزوجل ) إلى أبي ، فيه اسم أبي واسم بعلي واسم الأوصياء بعده من ولدي ، فسألتها أن تدفعه إلي لأنسخه ففعلت ، فقال له : فهل لك أن تعارضني به؟ قال : نعم. فمضى جابر إلى منزله وأتى بصحيفة من كاغد فقال له : انظر في صحيفتك حتى أقرأها عليك ، وكان في صحيفته مكتوب :

بسم الله الرحمن الرحيم

هذا كتاب من الله العزيز العليم ، أنزله الروح الأمين على محمد خاتم النبيين.

يا محمد ، عظم أسمائي ، واشكر نعمائي ، ولا تجحد آلائي ، ولا ترج سواي ،

٢٩١

ولا تخش غيري ، فإنه من يرجو سواي ويخشى غيري أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين.

يا محمد ، إني اصطفيتك على الأنبياء ، وفضلت وصيك على الأوصياء ، وجعلت الحسن عيبة علمي من بعد انقضاء مدة أبيه ، والحسين خير أولاد الأولين والاخر بن ، فيه تثبت الإمامة ، ومنه تعقب علي زين العابدين ، ومحمد الباقر لعلمي والداعي إلى سبيلي على منهاج الحق ، وجعفر الصادق في العقل والعمل تنشب من بعده فتنة صماء ، فالويل كل الويل للمكذب بعبدي وخيرتي من خلقي موسى ، وعلي الرضا يقتله عفريت كافر يدفن بالمدينة التي بناها العبد الصالح إلى جنب شر خلق الله ، ومحمد الهادي إلى سبيلي الذاب عن حريمي والقيم في رعيته حسن أغر ، يخرج منه ذو الاسمين علي ( والحسن ) ، والخلف محمد يخرج في اخر الزمان على رأسه غمامة بيضاء تظله من الشمس ، ينادي بلسان فصيح يسمعه الثقلين والخافقين ، وهو المهدي من آل محمد ، يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا.

٥٦٧ / ١٤ ـ أبو محمد الفحام ، قال : حدثني أبو الحسن محمد بن أحمد الهاشمي المنصوري بسر من رأى ، قال : حدثنا أبو السرى سهل بن يعقوب بن إسحاق مؤذن المسجد المعلق بصف شنيف بسر من رأى سنة ثمان وتسعين ومائتين ، قال : حدثنا الحسن بن عبد الله بن مطهر ، عن محمد بن سليمان الديلمي ، عن أبيه ، قال : جاء رجل إلى سيدنا الصادق عليه‌السلام ، فقال له : يا سيدي ، أشكو إليك دينا ركبني وسلطانا غشمني ، وأريد أن تعلمني دعاء اغتنم به غنيمة أقضي بها ديني وأكفي بها ظلم سلطاني.

فقال : إذا جنك الليل ، فمل ركعتين ، اقرأ في الأولى منهما الحمد واية الكرسي ، وفي الركعة الثانية الحمد واخر الحشر ( لو أنزلنا هذا القرآن على جبل ) (١) إلى خاتمة السورة ، ثم خذ المصحف فدعه على رأسك وقل « بهذا القرآن

__________________

(١) سورة الحشر ٥٩ : ٢١.

٢٩٢

وبحق من أرسلته به ، وبحق كل مؤمن مدحته فيه ، وبحقك عليهم ، فلا أحد أعرف بحقك منك بك يا الله » عشر مرات ، ثم تقول « يا محمد » عشر مرات « يا علي » عشر مرات « يا فاطمة » عشر مرات « يا حسن » عشر مرات « يا حسين » عشر مرات « يا علي بن الحسين » عشر مرات « يا محمد بن علي » عشر مرات « يا جعفر بن محمد » عشر مرات « يا موسى بن جعفر » عشر مرات « يا علي بن موسى » عشر مرات « يا محمد بن علي » عشر مرات « يا علي بن محمد » عشر مرات « يا حسين بن علي » عشر مرات « يا حجة » عشر مرات. ثم تسأل الله ( تعالى ) حاجتك. قال : فمضى الرجل وعاد إليه بعد مدة ، قد قضى دينه ، وصلح له سلطانه ، وعظم يساره.

٥٦٨ / ١٥ ـ أبو محمد الفحام ، قال : حدثني المنصوري ، قال : حدثني عم أبي أبو موسى عيسى بن أحمد ، قال : حدثني الإمام علي بن محمد ، قال : حدثني أبي ، عن أبيه علي بن موسى ، قال : حدثني أبي موسى بن جعفر ، قال : قال الصادق عليه‌السلام : كانت استخارة الباقر عليه‌السلام « اللهم إن خيرتك تنيل الرغائب ، وتجزل المواهب ، وتغنم المطالب ، وتطيب المكاسب ، وتهدي إلى أجمل العواقب ، وتقي محذور النوائب ، اللهم يا مالك الملوك أستخيرك فيما عزم رأيي عليه وقادني يا مولاي إليه ، فسهل من ذلك ما توعر ، ويسر منه ما تعسر ، واكفني في استخارتي المهم ، وارفع عني كل ملم ، واجعل عاقبة أمري غنما ، ومحذوره سلما ، وبعده قربا ، وجدبه خصبا ، أعطني يا رب لواء الظفر فيما استخرتك فيه ، وفوز الانعام فيما دعوتك له ، ومن علي بالافضال فيما رجوتك ، فإنك تعلم ولا أعلم ، وتقدر ولا أقدر ، وأنت علام الغيوب ».

٥٦٩ / ١٦ ـ وبهذا الاسناد ، قال : قال سيدنا الصادق عليه‌السلام : عليكم بالتقية ، فإنه ليس منا من لم يجعلها شعاره ودثاره مع من يأمنه لتكون سجيته مع من يحذره.

٥٧٠ / ١٧ ـ وبهذا الاسناد ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي ، إن الله ( عزوجل ) قد غفر لك ولشيعتك ، ومحبي شيعتك ، فأبشر فإنك الأنزع البطين ، منزوع من الشرك ، بطين من العلم.

٢٩٣

٥٧١ / ١٨ ـ وبهذا الاسناد ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنما سميت ابنتي فاطمة لان الله ( عزوجل ) فطمها وفطم من أحبها من النار.

٥٧٢ / ١٩ ـ وبهذا الاسناد ، قال : قال الصادق عليه‌السلام في قوله ( تعالى ) : ( إن الحسنات يذهبن السيئات ) (١).

قال : صلاة الليل تذهب بذنوب النهار.

٥٧٣ / ٢٠ ـ وباسناده ، في قوله ( عزوجل ) ، في قول يعقوب : ( فصبر جميل ) (٢).

قال : بلا شكوى.

٥٧٤ / ٢١ ـ وباسناده ، قال : قال الباقر عليه‌السلام : اتقوا فراسة المؤمن ، فإنه ينظر بنور الله ، ثم تلا هذه الآية ( إن في ذلك لايات للمتوسمين ) (٣).

٥٧٥ / ٢٢ ـ وباسناده ، في قوله : ( اجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور ) (٤).

قال : الرجس الشطرنج ، وقول الزور : الغناء.

٥٧٦ / ٢٣ ـ وباسناده ، قال : قال الصادق عليه‌السلام : ( ولقد وصلنا لهم القول ) (٥) قال : إمام بعد إمام.

وفي قوله : ( تتجافى جنوبهم عن المضاجع ) (٦) قال : كانوا لا ينامون حتى يصلوا العتمة.

٥٧٧ / ٢٤ ـ أبو محمد الفحام ، قال : حدثني المنصوري ، قال : حدثني عم أبي أبو موسى عيسى بن أحمد بن عيسى بن المنصور ، قال : حدثني الإمام علي بن

__________________

(١) سورة هود ١١ : ١١٤.

(٢) سورة يوسف ١٢ : ١٨.

(٣) سورة الحجر ١٥ : ٧٥.

(٤) سورة الحج ٢٢ : ٣٠.

(٥) سورة القصص ٢٨ : ٥١.

(٦) سورة السجدة ٣٢ : ١٦.

٢٩٤

محمد ، قال : حدثني أبي محمد بن علي ، قال : حدثني أبي علي بن موسى الرضا ، قال : حدثني أبي موسى بن جعفر ، قال : حدثني أبي جعفر بن محمد ، قال : حدثني أبي محمد بن علي ، قال : حدثني أبي علي بن الحسين ، قال : حدثني أبي الحسين بن علي ، قال : حدثني أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم‌السلام قال : قال لي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي ، خلقني الله ( تعالى ) وأنت من نور الله حين خلق ادم ، وأفرغ ذلك النور في صلبه ، فأفضى به إلى عبد المطلب ، ثم افترقا من عبد المطلب ، أنا في عبد الله ، وأنت في أبي طالب ، لا تصلح النبوة إلا لي ، ولا تصلح الوصية إلا لك ، فمن جحد وصيتك جحد نبوتي ، ومن جحد نبوتي أكبه الله على منخريه في النار.

٥٧٨ / ٢٥ ـ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما أسرى بي إلى السماء كنت من ربي كقاب قوسين أو أدنى ، فأوحى إلي ربي ما أوحى ، تم قال : يا محمد ، اقرأ علي بن أبي طالب أمير المؤمنين السلام ، فما سميت بهذا أحدا قبله ، ولا أسمي بهذا أحدا بعده.

٥٧٩ / ٢٦ ـ وبالاسناد ، عن جابر ، قال : سمعت ابن مسعود يقول : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : حرمت النار على من امن بي وأحب عليا وتولاه ، ولعن الله من ماري عليا وناواه ، علي مني كجلدة ما بين العين والحاجب.

٥٨٠ / ٢٧ ـ وبالاسناد ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال : سمعت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : من أحب أن يجاور الخليل في داره ، ويأمن حر ناره ، فليتول علي بن أبي طالب.

٥٨١ / ٢٨ ـ وبالاسناد ، قال : دخل سماعة بن مهران على الصادق عليه‌السلام ، فقال له : يا سماعة ، من شر الناس؟ قال : نحن يا بن رسول الله. قال : فغضب حتى احمرت وجنتاه ، ثم استوى جالسا ، وكان متكئا ، فقال : يا سماعة ، من شر الناس؟ فقلت : والله ما كذبتك يا بن رسول الله ، نحن شر الناس عند الناس ، لأنهم سمونا كفارا ورفضة ، فنظر إلي ثم قال : كيف بكم إذا سيق بكم إلى الجنة ، وسيق بهم إلى النار ،

٢٩٥

فينظرون إليكم فيقولون. ( ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار ) (١) يا سماعة ابن مهران ، إنه والله من أساء منكم إساءة مشينا إلى الله يوم القيامة بأقدامنا فنشفع فيه فنشفع ، والله لا يدخل النار منكم عشرة رجال ، والله لا يدخل النار منكم خمسة رجال ، والله لا يدخل النار منكم ثلاثة رجال ، والله لا يدخل النار منكم رجل واحد ، فتنافسوا في الدرجات واكمدوا عدوكم بالورع.

٥٨٢ / ٢٩ ـ أبو محمد الفحام ، قال : حدثني عمي ، قال : حدثني محمد بن جعفر ، قال : حدثنا محمد بن المثنى ، عن أبيه ، عن عثمان بن زيد ، عن جابر بن يزيد الجعفي ، قال : خدمت سيدنا الامام أبا جعفر محمد بن علي عليهما‌السلام ثماني عشرة سنة ، فلما أردت الخروج ودعته ، وقلت : أفدني. فقال : بعد ثماني عشرة سنة ، يا جابر! قلت : نعم إنكم بحر لا ينزف ولا يبلغ قعره.

فقال : يا جابر ، بلغ شيعتي عني السلام ، وأعلمهم أنه لا قرابة بيننا وبين الله ( عزوجل ) ، ولا يتقرب إليه إلا بالطاعة له.

يا جابر ، من أطاع الله وأحبنا فهو ولينا ، ومن عصى الله لم ينفعه حبنا.

يا جابر ، من هذا الذي يسأل الله فلم يعطه ، أو توكل عليه فلم يكفه ، أو وثق به فلم ينجه!

يا جابر ، انزل الدنيا منك كمنزل نزلته تريد التحويل عنه ، وهل الدنيا إلا دابة ركبتها في منامك فاستيقظت وأنت على فراشك غير راكب ولا اخذ بعنانها ، أو كثوب لبسته أو كجارية وطئتها ..

يا جابر ، الدنيا عند ذوي الألباب كفئ الظلال ، لا إله إلا الله إعزاز لأهل دعوته ، الصلاة تثبيت للاخلاص وتنزيه عن الكبر ، والزكاة تزيد في الرزق ، والصيام والحج تسكين القلوب ، القصاص والحدود حقن الدماء ، وحبنا أهل البيت نظام الدين ، وجعلنا الله وإياكم من الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون.

__________________

(١) سورة ص ٣٨ : ٦٢.

٢٩٦

٥٨٣ / ٣٥ ـ أبو محمد الفحام ، قال : حدثني صفوان بن حمدون الهروي ، قال : حدثني أبو بكر أحمد بن محمد بن السري ، قال : حدثني أحمد بن محمد بن عبد الرحمن ، قال : حدثني أبو أحمد الحسين بن عبد الرحمن بن محمد الأزدي ، قال : حدثني أبي وعمي عبد العزيز بن محمد الأزدي ، قالا : حدثنا عمرو بن أبي المقدام ، عن أبي يحيى ، عن جعفر بن محمد الصادق عليهما‌السلام ، قال : سئل الباقر عليه‌السلام عن فضل ليلة النصف من شعبان ، فقال : هي أفضل ليلة بعد ليلة القدر ، فيها يمنح الله ( تعالى ) العباد فضله ، ويغفر لهم بمنه ، فاجتهدوا في القربة إلى الله ( تعالى ) فيها ، فإنها ليلة إلى الله على نفسه ألا يرد سائلا له فيها ما لم يسأل معصية ، وانها الليلة التي جعلها الله لنا أهل البيت بإزاء ما جعل ليلة القدر لنبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله فاجتهدوا في الدعاء والثناء على الله ( عزوجل ) ، فإنه من سبح الله ( تعالى ) فيها مائة مرة وحمده مائة مرة وكبره مائة مرة ، غفر الله ( تعالى ) له ما سلف من معاصيه ، وقض له حوائج الدنيا والآخرة ، ما التمسه منه ، وما علم حاجته إليه وان لم يلتمسه منه ، كرما منه ( تعالى ) وتفضلا على عباده.

قال أبو يحيى : فقلت لسيدنا الصادق عليه‌السلام أيش الأدعية فيها؟

فقال : إذا أنت صليت عشاء الآخرة ، فصل ركعتين ، اقرأ في الأولى بالحمد وسورة الجحد وهي ( قل يا أيها الكافرون ) واقرأ في الركعة الثانية بالحمد وسورة التوحيد وهي ( قل هو الله أحد ) فإذا أنت سلمت قلت « سبحان الله » ثلاثا وثلاثين مرة و « الحمد لله » ثلاثا وثلاثين مرة و « الله أكبر » أربعا وثلاثين مرة ، ثم قل « يا من إليه ملجا العباد في المهمات » الدعاء إلى اخره ، ذكرناه في عمل السنة ، فإذا فرغ سجد ويقول ( يا رب ) عشرين مرة « يا محمد » سبع مرات « لا حول ولا قوة إلا بالله » عشر مرات « ما شاء الله » عشر مرأت « لا قوة إلا بالله » عشر مرات ، ثم تصلي على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وتسال حاجتك ، فوالله لو سألت بها بفضله وبكرمه عدد القطر لبلغك الله إياها بكرمه وفضله.

٥٨٤ / ٣١ ـ أبو محمد الفحام ، قال : حدثنا المنصوري ، قال : حدثني عم أبي ،

٢٩٧

قال : حدثني الإمام علي بن محمد عليهما‌السلام ، قال : حدثني أبي محمد بن علي ، قال : حدثني أبي علي بن موسى ، قال : حدثني أبي موسى بن جعفر عليهم‌السلام ، قال : إن رجلا جاء إلى سيدنا الصادق عليه‌السلام فشكا إليه الفقر ، فقال : ليس الامر كما ذكرت وما أعرفك فقيرا. قال : والله يا سيدي ما استبيت (١) ، وذكر من الفقر قطعة والصادق يكذبه ، إلى أن قال له : خبرني لو أعطيت بالبراءة منا مائة دينار ، كنت تأخذ؟ قال : لا إلى أن ذكر ألوف دنانير والرجل يحلف أنه لا يفعل ، فقال له : من معه سلعة يعطى بها هذا المال لا يبيعها هو فقير!

٥٨٥ / ٣٢ ـ الفحام ، عن المنصوري ، عن عم أبيه ، قال : حدثني الإمام علي بن محمد عليهما‌السلام ، باسناده عن الباقر عليه‌السلام ، عن جابر قال : كنث أماشي أمير المؤمنين عليه‌السلام على الفرات ، إذ خرجت موجة عظيمة فغطته حتى استتر عني ، ثم انحسرت عنه ولا رطوبة عليه ، فوجمت لذلك وتعجبت ، وسألته عنه ، فقال : ورأيت ذلك؟ قال : قلت : نعم. قال : إنما الملك الموكل بالماء خرج فسلم علي واعتنقني.

٥٨٦ / ٣٣ ـ وبهذا الاسناد ، قال : قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام : سمعت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : إذا حشر الناس يوم القيامة نادى مناد : يا رسول الله ، إن الله جل اسمه قد أمكنك من مجازاة محبيك ومحبي أهل بيتك ، الموالين لهم فيك ، والمعادين لهم فيك ، فكافئهم بما شئت ، فأقول : يا رب الجنة  فأنادي : فولهم منها حيث شئت ، فذلك المقام المحمود الذي وعدت به.

٥٨٧ / ٣٤ ـ أبو محمد الفحام ، قال : حدثني عمي عمر بن يحيى ، قال : حدثنا كافور الخادم ، قال : قال لي الإمام علي بن محمد عليهما‌السلام : اترك السطل الفلاني في الموضع الفلاني ، لا تطهر منه للصلاة ، وأنفذني في حاجة ، وقال : إذا عدت فافعل ذلك ليكون معدا إذا تأهبت للصلاة ، واستلقى عليه‌السلام لينام ، وأنسيت ما قال لي ، وكانت ليلة باردة ، فحسست به وقد قام إلى الصلاة ، وذكرت أنني لم أترك السطل ،

__________________

(١) يقال : فلان لا يستبيت : أي ليس له قوت ليلة.

٢٩٨

فبعدت عن الموضع خوفا من لومه ، وتألمت له حيث يشقى بطلب الاناء ، فناداني نداء مغضب فقلت : إنا لله أيش عذري أن أقول نسيت مثل هذا؟ ولم أجد بدا من إجابته ، فجئت مرعوبا فقال لي : يا ويلك ، أما عرفت رسمي ، أنني لا أتطهر إلا بماء بارد ، فسخنت لي ماء وتركته في السطل؟! قلت : والله يا سيدي ، ما تركت السطل ولا الماء. قال : الحمد لله والله لا تركنا رخصة ولا رددنا منحة ، الحمد لله الذي جعلنا من أهل طاعته ، ووفقنا للعون على عبادته ، إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : إن الله يغضب على من لا يقبل رخصة.

٥٨٨ / ٣٥ ـ أبو محمد الفحام ، قال : حدثني عمي ، قال : حدثني إبراهيم بن عبد الله الكتنجي ، عن أبي عاصم ، عن الصادق عليه‌السلام قال : شيعتنا جزء منا ، خلقوا من فضل طينتنا ، يسوءهم ما يسوءنا ، ويسرهم ما يسرنا ، فإذا أرادنا أحد فليقصدهم فإنهم الذين يؤمل منه إلينا.

٥٨٩ / ٣٦ ـ الفحام ، قال : حد ثنا المنصوري ، باسناده ، قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تخيب راجيك ، فيمقتك الله ويعاديك.

٥٩٠ / ٣٧ ـ قال أبو محمد : كان أبو الطيب أحمد بن محمد بن بوطير رجلا من أصحابنا ، وكان جده بوطير غلام الامام أبي الحسن علي بن محمد ، وهو سماه بهذا الاسم ، وكان ممن لا يدخل المشهد ، ويزور من وراء الشباك ، ويقول : للدار صاحب حتى أذن له ، وكان متأدبا يحضر الديوان ، وكان إذا طلب من الانسان حاجة ، فإن أنجزها شكر وبشر ، لم ان وعده عاد إليه ثانية ، فإن أنجزها والا عاد ثالثة ، فإن أنجزها والا قام في مجلسه ، إن كان ممن له مجلس ، أو جمع الناس فأنشد :

أعلى الصراط تريد رعية ذمتي

أم في المعاد تجود بالانعام

إني لدنياي أريدك فانتبه

يا سيدي من رقدة النوام

٥٩١ / ٣٨ ـ أبو محمد الفحام ، قال : حدثنا محمد بن عيسى بن هارون ، قال : حدثني أبو عبد الصمد إبراهيم ، عن أبيه ، عن جده محمد بن إبراهيم ، قال : سمعت الصادق جعفر بن محمد عليهم‌السلام يقول في في قوله ( تعالى ) ( ادخلوا في السلم كافة ) ،

٢٩٩

قال : في ولاية علي ابن أبي طالب عليه‌السلام ( ولا تتبعوا خطوات الشيطان ) ، (١) قال : لا تتبعوا غيره.

٥٩٢ / ٣٩ ـ الفحام ، قال : حدثني محمد بن عيسى بن هارون ، قال : حدثني أبو عبد الصمد إبراهيم ، عن أبيه ، عن جده ـ وهو إبراهيم بن عبد الصمد بن محمد بن إبراهيم ـ ، قال : سمعت جعفر بن محمد عليهما‌السلام يقول : كان يقرأ « إن الله اصطفى ادم ونوحا وال إبراهيم وال عمران وال محمد على العالمين » (٢) قال : هكذا أنزلت.

٥٩٣ / ٤٠ ـ الفحام ، قال : حدثني محمد بن عيسى بن هارون ، قال : حدثني إبراهيم بن عبد الصمد ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قال سيدنا الصادق عليه‌السلام : من اهتم لرزقه كتب عليه خطيئة ، إن دانيال كان في زمن ملك جبار عات ، أخذه فطرحه في جب وطرح معه السباع ، فلم تدن منه ، ولم تجرحه ، فأوحى الله إلى نبي من أنبيائه. أن إئت دانيال بطعام. قال : يا رب ، وأين دانيال؟ قال : تخرج من القرية فيستقبلك ضبع فاتبعه فإنه يدلك عليه ، فأتت به الضبع إلى ذلك الجب ، فإذا فيه دانيال ، فادلى إليه الطعام ، فقال دانيال : الحمد لله الذي لا ينسى من ذكره ، والحمد لله الذي لا يخيب من دعاه ، الحمد لله الذي من توكل عليه كفاه ، الحمد لله الذي من وثق به لم يكله إلى غيره ، الحمد الله الذي يجزي بالاحسان إحسانا وبالصبر نجاة.

ثم قال الصادق عليه‌السلام : إن الله أبى إلا أن يجعل أرزاق المتقين من حيث لا يحتسبون ، وألا تقبل لأوليائه شهادة في دولة الظالمين.

انتهت أخبار أبي محمد الفحام

٥٩٤ / ٤١ ـ خبرنا الشيخ أبو عبد الله الحسين بن عبيد الله الغضائري ، عن أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري ، قال : حدثنا محمد بن همام ، قال : حدثنا علي بن الحسين الهمداني ، قال : حدثنا أبو عبد الله محمد بن خالد البرقي ، عن أبي قتادة

__________________

(١) سورة البقرة ٢ : ١٠٨.

(٢) سورة آل عمران ٣ : ٣٣.

٣٠٠