الأمالي

أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطّوسي [ شيخ الطائفة ]

الأمالي

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطّوسي [ شيخ الطائفة ]


المحقق: مؤسسة البعثة
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الثقافة للطباعة والنشر
الطبعة: ١
الصفحات: ٨٨٨

المرزباني ، قال : حدثنا علي بن سليمان « قال : حدثنا محمد بن حميد ، قال : حدثنا محمد بن إسحاق المسيبي ، قال : حدثنا محمد بن فليح » عن موسى بن عقبة ، عن محمد بن شهاب الزهري ، قال : لما قدم جعفر بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه من بلاد الحبشة ، بعثه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى مؤتة ، واستعمل على الجيش معه زيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة ، فمضى الناس معهم حتى كانوا بتخوم البلقاء ، فلقيهم جموع هرقل من الروم والعرب ، فانحاز المسلمون إلى قرية يقال لها مؤتة ، فالتقى الناس عندها واقتتلوا قتالا شديدا ، وكان اللواء يومئذ مع زيد بن حارثة ، فقاتل به حتى شاط (١) في رماح القوم ، ثم أخذه جعفر فقاتل به قتالا شديدا ، ثم اقتحم عن فرس له شقراء فعقرها وقاتل حتى قتل.

قال : وكان جعفر أول رجل من المسلمين عقر فرسه في الاسلام ، ثم أخذ اللواء عبد الله بن رواحة فقاتل حتى قتل ، فأعطى المسلمون اللواء بعدهم خالد بن الوليد ، فناوش القوم وراوغهم حتى انحاز بالمسلمين منهزما ، ونجا بهم من الروم ، وأنفذ رجلا من المسلمين يقال له عبد الرحمن بن سمرة إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بالخبر.

فقال عبد الرحمن : فصرت إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فلما وصلت إلى المسجد قال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : على رسلك يا عبد الرحمن. ثم قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : أخذ اللواء زيد فقاتل به فقتل ، رحم الله زيدا ، ثم أخذ اللواء جعفر وقاتل وقتل ، رحم الله جعفرا ، ثم أخذ اللواء عبد الله بن رواحة وقاتل وقتل ، فرحم الله عبد الله.

قال : فبكى أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهم حوله ، فقال لهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : وما يبكيكم؟ فقالوا : وما لنا لا نبكي وقد ذهب خيارنا وأشرافنا ، وأهل الفضل منا!

فقال لهم عليه‌السلام : لا تبكوا ، فإنما مثل أمتي مثل حديقة قام عليها صاحبها ،

__________________

(١) شاط : هلك.

١٤١

فأصلح رواكبها (١) ، وبنى مساكنها ، وحلق سعفها ، فأطعمت عاما فوجا ، ثم عاما فوجا ، ثم عاما فوجا ، فلعل آخرها طعما أن يكون أجودها قنوانا ، وأطولها شمراخا ، أما والذي بعثني بالحق نبيا ، ليجدن عيسى بن مريم في أمتي خلقا من حواريه.

قال : وقال كعب بن مالك يرثي جعفر بن أبي طالب ( رضي‌الله‌عنه وعن المستشهد ين معه ) :

هدت العيون ودمع عينك يهمل

سخا كما وكف (٢) الضباب المخضل

وكأنما بين الجوانح والحشا

مما تأوبني شهاب مدخل

وجدا على النفر الذين تتابعوا

يوما بمؤتة أسندوا لم يقفلوا (٣)

فتغير القمر المنير لفقدهم

والشمس قد كسفت وكادت تأفل

قوم علا بنيانهم من هاشم

فرع أشم وسؤدد ما ينقل

قوم علا بنيانهم من هاشم

فرع أشم وسؤدد ما ينقل

قوم بهم نصر الآلة عباده

وعليهم نزل الكتاب المنزل

وبهديهم رضي الاله لخلقه

وبجدهم نصر النبي المرسل

بيض الوجوه يرى بطون أكفهم

تندى إذا أغبر الزمان الممحل

٢٣١ / ٤٤ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو الحسن محمد بن المظفر البزاز ، قال : حدثنا أحمد بن عبيد العطاردي ، قال : حدثنا أبو بشر بن بكير ، قال : حدثنا زياد بن المنذر ، قال : حدثني أبو عبد الله مولى بني هاشم ، قال : حدثنا أبو سعيد الخدري ، قال : لما كان يوم أحد شج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في وجهه ، وكسرت رباعيته ، فقام عليه‌السلام رافعا يديه يقول : إن الله اشتد غضبه على اليهود أن قالوا : عزير بن الله ، واشتد غضبه على النصارى أن قالوا : المسيح بن الله ، وإن الله اشتذ غضبه على من أراق دمي وآذاني في عترتي.

٢٣٢ / ٤٥ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو الحسن علي بن مالك

__________________

(١) وهي الفسائل في أعلى النخلة متدلية لا تبلغ الأرض.

(٢) أي قطر وسال.

(٣) أي لم يعودوا.

١٤٢

النحوي ، قال : حدثنا أحمد بن عبد الجبار ، قال : حدثنا بشر بن بكر ، عن محمد بن إسحاق ، عن مشيخته ، قال : لما رجع علي بن أبي طالب عليه‌السلام من أحد ناول فاطمة سيفه وقال :

أفاطم هاك السيف غير ذميم

فلست برعديد (١) ولا بلئيم

لعمري لقد أعذرت في نصر أحمد

ومرضاة رب للعباد رحيم

قال : وسمع يوم أحد ، وقد هاجت ريح عاصف ، كلام هاتف يهتف ، وهو يقول :

لا سيف إلا ذو الفقار

ولا فتى إلا علي

فإذا ندبتم هالكا

فابكوا الوفي أخا الوفي

٢٣٣ / ٤٦ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو الحسن علي بن محمد الكاتب ، قال : أخبرني الحسن بن علي بن عبد الكريم الزعفراني ، قال : حدثني أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي ، قال : حدثنا محمد بن عثمان ، عن أبي عبد (٢) الله الأسلمي ، عن موسى بن عبد الله الأسدي ، قال : لما انهزم أهل البصرة أمر علي بن أبي طالب عليه‌السلام أن تنزل عائشة قصر أبي خلف ، فلقا نزلت جاءها عمار بن ياسر رضي‌الله‌عنه فقال لها : يا أمت كيف رأيت ضرب بنيك دون دينهم بالسيف؟ فقالت : استبصرت يا عمار من أجل أنك غلبت.

قال : أنا أشد استبصارا من ذلك ، أما والله لو ضربتمونا حتى تبلغونا سعفات هجر لعلمنا أنا على الحق وأنكم على الباطل.

فقالت له عائشة : هكذا يخيل إليك ، اتق الله يا عمار ، فإن سنك قد كبرت ، ودق عظمك ، وفنى أجلك ، وأذهبت دينك لابن أبي طالب.

فقال عمار رحمه‌الله : إني والله اخترت لنفسي في أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فرأيت عليا أقرأهم لكتاب الله ( عزوجل ) ، وأعلمهم بتأويله ، وأشدهم

__________________

(١) الرعديد : الجبان الذي يرعد في الحرب جبنا.

(٢) في نسخة : عبيد.

١٤٣

تعظيما لحرمته ، وأعرفهم بالسنة ، مع قرابته من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعظم عنائه وبلائه في الاسلام ، فسكتت.

٢٣٤ / ٤٧ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الحسن بن الوليد رضي‌الله‌عنه ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن عبد الله بن الوليد ، قال : دخلنا على أبي عبد الله عليه‌السلام في زمن بني مروان ، فقال : ممن أنتم؟ قلنا : من أهل الكوفة. قال : ما من البلدان أكثر محبا لنا من أهل الكوفة ، لا سيما هذه العصابة ، إن الله هداكم لأمر جهله الناس ، فأحببتمونا وأبغضنا الناس ، وبايعتمونا وخالفنا الناس ، وصدقتمونا وكذبنا الناس ، فأحياكم الله محيانا ، وأماتكم مماتنا ، فأشهد على أبي كان يقول : ما بين أحدكم وبين أن يرى ما تقر به عينه أو يغتبط إلا أن تبلغ نفسه هكذا ـ وأهوى بيده إلى خلقه ـ وقد قال الله ( عزوجل ) في كتابة : ( ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية ) (١) فنحن ذرية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٢).

٢٣٥ / ٤٨ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد ابن قولويه ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد ابن سنان ، عن المفضل بن عمر ، قال : سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليه‌السلام يقول : إن في السماء الرابعة ملائكة يقولون في تسبيحهم « سبحان من دل هذا الخلق القليل من هذا الخلق الكثير على هذا الدين العزيز ».

٢٣٦ / ٤٩ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي ، قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدثنا عبيد بن

__________________

(١) سورة الرعد ١٣ : ٣٨.

(٢) يأتي في الحديث : ١٤٠.

١٤٤

حمدون ، قال : حدثنا محمد بن حسان بن سهيل ، قال : حدثنا عامر بن الفضل (١) ، عن بشر بن سالم البجلي ومحمد بن عمران الذهلي ، عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من نسي الصلاة علي أخطأ طريق الجنة.

٢٣٧ / ٥٠ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه رضي‌الله‌عنه ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، قال حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن سيف بن عميرة ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه‌السلام ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لجبرئيل عليه‌السلام : أي البقاع أحب إلى الله ( تبارك وتعالى )؟ قال : المساجد ، وأحب أهلها إلى الله أولهم دخولا إليها وآخرهم خروجا منها.

قال : فأي البقاع أبغض إلى الله تعالى؟ قال : الأسواق ، وأبغض أهلها إليه أولهم دخولا إليها ، وآخرهم خروجا منها.

٢٣٨ / ٥١ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني محمد بن عمر الجعابي ، قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني ، قال : حدثنا عبد الله بن أحمد بن مستورد ، قال : حدثنا عبد الله بن يحيى ، قال : حدثنا محمد بن عثمان بن زيد ابن بكار بن الوليد الجهني ، قال : سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليه‌السلام يقول : من دخل سوقا فقال : « أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ، اللهم إني أعوذ بك من الظلم والمأثم والمغرم » كتب الله له من الحسنات عدد من فيها من فصيح وأعجم.

٢٣٩ / ٥٢ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي ، قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدثني أحمد بن يوسف الجعفي ، قال : حدثنا محمد بن حسان ، قال : حدثنا حفص بن راشد الهلالي ، قال : حدثنا محمد بن عباد بن سريع البارقي ، قال : سمعت جعفر بن محمد عليهما‌السلام

__________________

(١) في نسخة : المفضل.

١٤٥

يقول : لما ولد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ولد ليلا ، فأتى رجل من أهل الكتاب إلى الملا من قريش وهم مجتمعون : هشام بن المغيرة ، ووليد بن المغيرة ، وعتبة ، وشيبة ، فقال : أولد فيكم الليلة مولود؟ قالوا : لا ، وما ذاك؟ قال : لقد ولد فيكم الليلة أو بفلسطين مولود اسمه أحمد ، به شامة ، يكون هلاك أهل الكتاب على يديه. فسألوا فأخبروا ، فطلبوه فقالوا : لقد ولد فينا غلام. فقال : قبل أن آتيكم أو بعد؟ قالوا : قبل.

قال : فانطلقوا معي أنظر إليه ، فأتوا أمه وهو معهم ، فأخبرتهم كيف سقط ، وما رأت من النور ، قال اليهودي : فأخرجيه ، فنظر إليه ونظر إلى الشامة فخر مغشيا عليه ، فأدخلته أمه ، فلما أفاق قالوا له : ويلك مالك؟ قال ذهبت نبوة بني إسرائيل إلى يوم القيامة ، هذا والله مبيرهم (١) ، ففرحت قريش لذلك ، فلما رأى فرحهم قال : والله ليسطون بكم سطوة يتحدث بها أهل المشرق وأهل المغرب.

٢٤٠ / ٥٣ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو الطيب الحسين بن محمد التمار ، قال : حدثنا محمد بن القاسم الأنباري ، قال : حدثنا أحمد بن عبيد ، قال : حدثنا عبد الرحيم بن قيس الهلالي ، قال : حدثنا العمري عن أبي وجزة السعدي ، عن أبيه ، قال : أوصى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام إلى الحسن بن علي عليه‌السلام فقال فيما أوصى به إليه : يا بني ، لا فقر أشد من الجهل ، ولا عدم أعدم من العقل ، ولا وحدة أوحش من العجب ، ولا حسب كحسن الخلق ، ولا ورع كالكف عن محارم الله ، ولا عبادة كالتفكر في صنعة الله ( عزوجل ).

يا بني ، العقل خليل المرء ، والحلم وزيره ، والرفق والده ، والصبر من خير جنوده.

يا بني ، إنه لابد للعاقل من أن ينظر في شأنه ، فليحفظ لسانه ، وليعرف أهل زمانه.

يا بني ، إن من البلاء الفاقة ، وأشد من ذلك مرض البدن ، وأشد من ذلك مرض

__________________

(١) أي مهلكهم.

١٤٦

القلب ، وإن من النعم سعة المال ، وأفضل من ذلك صحة البدن ، وأفضل من ذلك تقوى القلوب.

يا بني ، للمؤمن ثلاث ساعات : ساعة يناجي فيها ربه ، وساعة يحاسب فيها نفسه ، وساعة يخلو فيها بين نفسه ولذتها فيما يحل ويجمل ، وليس للمؤمن بد من أن يكون شاخصا في ثلاث : مرمة لمعاش ، أو خطوة لمعاد ، أو لذة في غير محرم.

٢٤١ / ٥٤ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد ابن قولويه رحمه‌الله قال : حدثني محمد بن يعقوب الكليني رحمه‌الله ، عن علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن حنان بن سدير الصيرفي ، عن أبيه ، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما‌السلام ، قال : جلس جماعة من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ينتسبون ويفتخرون ، وفيهم سلمان رحمه‌الله فقال له عمر : ما نسبتك أنت يا سلمان ، وما أصلك؟

فقال : أنا سلمان بن عبد الله ، كنت ضالا فهداني الله بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكنت عائلا فأغناني الله بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكنت مملوكا فأعتقني الله بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فهذا حسبي ونسبي يا عمر.

ثم خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فذكر له سلمان ما قال عمر ، وما أجابه ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا معشر قريش ، إن حسب المرء دينه ، ومروءته خلقه ، وأصله عقله ، قال الله ( تعالى ) : ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) (١) ثم أقبل على سلمان رحمه‌الله فقال له : يا سلمان ، إنه ليس لأحد من هؤلاء عليك فضل إلا بتقوى الله ، فمن كنت أتقى منه فأنت أفضل منه.

٢٤٢ / ٥٥ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي ، قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدثنا أبو عوانة

__________________

(١) سورة الحجرات ٤٩ : ١٣.

١٤٧

موسى بن يوسف بن راشد الكوفي ، قال : حدثنا محمد بن يحيى الأودي ، قال : حدثنا إسماعيل بن أبان ، قال : حدثنا فضيل بن الزبير ، قال : حدثنا أبو عبد الله مولى بني هاشم ، عن أبي سخيلة ، قال : حججت أنا وسلمان الفارسي رحمه‌الله فمررنا بالربذة ، وجلسنا إلى أبي ذر الغفاري رحمه‌الله ، فقال لنا : إنه ستكون بعدي فتنة ، ولابد منها ، فعليكم بكتاب الله والشيخ علي بن أبي طالب فالزموهما ، فأشهد على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أني سمعته وهو يقول : علي أول من آمن بي ، وأول صدقني ، وأول من يصافحني يوم القيامة ، وهو الصد يق الأكبر ، وهو فاروق هذه الأمة يفرق بين الحق والباطل ، وهو يعسوب المؤمنين ، والمال يعسوب المنافقين.

٢٤٣ / ٥٦ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد ، قال : حدثني أبي ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن صفوان ابن يحيى ، عن يعقوب بن شعيب ، عن صالح بن ميثم التمار رحمه‌الله ، قال : وجدت في كتاب ميثم رضي‌الله‌عنه يقول : تمسينا ليلة عند أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام فقال لنا : ليس من عبد امتحن الله قلبه بالايمان إلا أصبح يجد مودتنا على قلبه ، ولا أصبح عبد ممن سخط الله عليه إلا يجد بغضنا على قلبه ، فأصبحنا نفرح بحب المؤمن لنا ، ونعرف بغض المبغض لنا ، وأصبح محبنا مغتبطا بحبنا برحمة من الله ينتظرها كل يوم ، وأصبح مبغضنا يؤسس بنيانه على شفا جرف هار ، فكان ذلك الشفا قد انهار به في نار جهنم ، وكأن أبواب الرحمة قد فتحت لأصحاب الرحمة ، فهنيئا لأصحاب الرحمة رحمتهم ، وتعسا لأهل النار مثواهم ، إن عبدا لن يقصر في حبنا لخير جعله الله في قلبه ، ولن يحبنا من يحب مبغضنا ، إن ذلك لا يجتمع في قلب واحد و ( ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه ) (١) يحب بهذا قوما ، ويحب بالآخر عدوهم ، والذي يحبنا فهو يخلص حبنا كما يخلص الذهب لا غش فيه.

نحن النجباء وأفراطنا أفراط الأنبياء ، وأنا وصي الأوصياء ، وأنا حزب الله

__________________

(١) سورة الأحزاب ٣٣ : ٤.

١٤٨

ورسوله عليه‌السلام ، والفئة الباغية حزب الشيطان ، فمن أحب أن يعلم حاله في حبنا فليمتحن قلبه ، فإن وجد فيه حب من ألب علينا فليعلم أن الله عدوه وجبرئيل وميكائيل ، والله عدو للكافرين.

٢٤٤ / ٥٧ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد ، قال : حدثني أبي ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن خالد ، عن فضالة ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما‌السلام قال : إنا وشيعتنا خلقنا من طينة من عليين ، وخلق عدونا من طينة خبال من حمأ مسنون.

٢٤٥ / ٥٨ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي ، قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدثنا محمد بن يوسف بن إبراهيم ، قال : حدثنا محمد بن زياد ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن محمد بن عبد ة النيسابوري ، قال : قلت لأبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما‌السلام إن الناس يروون عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أن في الليل ساعة لا يدعو فيها عبد مؤمن بدعوة إلا استجيب له؟ قال : نعم.

قلت : متى هي ، جعلت فداك؟ قال : ما بين نصف الليل إلى الثلث الباقي منه.

قلت له : أهي ليلة من الليالي معلومة ، أوكل ليلة؟ قال : بل كل ليلة.

٢٤٦ / ٥٩ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي ، قال : حدثنا محمد بن يحيى بن أبي سليمان بن زياد المروزي ، قال : حدثنا عبيد الله بن محمد العيشي ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : هذا شهر رمضان ، وهو شهر مبارك ، افترض الله ( تعالى ) صيامه ، تفتح فيه أبواب الجنان ، وتصفد فيه الشياطين ، وفيه ليلة خير من ألف شهر ، فمن حرمها فقد حرم ، يردد ذلك ثلاث مرات.

٢٤٧ / ٦٠ ـ أخبرتم محمد بن محمد ، قال : حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي ، قال : حدثنا محمد بن يحيى بن أبي سليمان ، قال : حدثنا عبيد الله بن محمد العيشي ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي

١٤٩

هريرة ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من صام شهر رمضان إيمانا واحتسابا ، غفر الله له ما تقدم من ذنبه ، ومن صلى ليلة القدر إيمانا واحتسابا ، غفر الله له ما تقدم من ذنبه.

٢٤٨ / ٦١ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : حدثنا أبو بكر محمد بن عمر ، قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدثنا علي بن الحسن بن فضال ، عن الحسن بن علي بن يوسف ، عن زكريا بن محمد ، عن أبي عبد الله المؤمن ، عن ابن مسكان ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : أربعة لا ترد لهم دعوة : الإمام العادل لرعيته ، والأخ لأخيه بظهر الغيب يوكل الله به ملكا يقول له : ولك مثل ما دعوت لأخيك ، والوالد لولده ، والمظلوم يقول الرب ( عزوجل ) : وعزتي وجلالي لانتقمن لك ولو بعد حين.

تم المجلس الخامس ، ويتلوه المجلس السادس من أمالي الشيخ

الجليل أبي جعفر الطوسي رحمة الله عليه ورضي عنه.

١٥٠

[٦]

المجلس السادس

فيه بقية أحاديث الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان.

بسم الله الرحمن الرحيم

٢٤٩ / ١ ـ حدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان رحمه‌الله ، قال : حدثنا أبو حفص عمر بن محمد ، قال : حدثنا أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل ، قال : حدثنا عبد الله بن شبيب ، قال : حدثني محمد بن محمد بن عبد العزيز ، قال : وجدت في كتاب أبي ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عباس ، قال : وجدت حفصة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مع أم إبراهيم في يوم عائشة ، فقالت : لأخبرنها. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اكتمي ذلك وهي علي حرام ، فأخبرت حفصة عائشة بذلك ، فأعلم الله نبيه عليه‌السلام ، فعرف حفصة أنها أفشت سره فقالت له : من أنبأك هذا؟ قال : نبأني العليم الخبير ، فآلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من نسائه شهرا ، فأنزل الله ( عز اسمه ) ( إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما ) (١).

قال ابن عباس : فسألت عمر بن الخطاب من اللتان تظاهرتا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله. فقال : حفصة وعائشة.

__________________

(١) سورة التحريم ٦٦ : ٤.

١٥١

٢٥٠ / ٢ ـ حدثنا محمد بن محمد ، قال : حدثنا أبو نصر محمد بن الحسين البصير ، قال : حدثنا العباس بن السري المقرئ ، قال : حدثنا شداد بن عبد الله المخزومي ، عن عامر بن حفص ، قال : قدم عروة بن الزبير على الوليد بن عبد الملك ومعه محمد بن عروة ، فدخل محمد دار الدواب ، فضربته دابة فخر ميتا ، ووقعت في رجل عروة الاكلة (١) ، ولم تدع (٢) وركه تلك الليلة ، فقال له الوليد : اقطعها ، فقال : لا ، فترقت إلى ساقة فقال له : اقطعها وإلا أفسدت عليك جسدك ، فقطعها بالمنشار وهو شيخ كبير لم يمسكه أحد ، وقال : لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا.

وقدم على الوليد في تلك السنة قوم من بني عبس فيهم رجل ضرير ، فسأله الوليد عن عينه وسبب ذهابها ، فقال : يا أمير المؤمنين ، بت ليلة في بطن واد ، ولا أعلم عبسيا تزيد حاله على حالي ، فطرقنا سيل ، فذهب ما كان لي من أهل وولد ومال غير بعير وصبي مولود ، وكان البعير صغيرا صعبا فند (٣) ، فوضعت الصبي ، وأتبعت البعير ، فلم أجاوز إلا قليلا حتى سمعت صيحة ابني ، فرجعت إليه ورأس الذئب في بطنه يأكله ، ولحقت البعير لأحتبسه فنفحني برجله في وجهي فحطمه وذهب بعيني ، فأصبحت لا مال لي ولا أهل ولا ولد ولا بصر. فقال الوليد : انطلقوا به إلى عروة ليعلم أن في الناس من هو أعظم منه بلاء.

وشخص عروة إلى المدينة فأتته قريش والأنصار ، فقال له عيسى بن طلحة بن عبيد الله : ابشر يا أبا عبد الله ، فقد صنع الله بك خيرا ، والله ما بك حاجة إلى المشي.

فقال : ما أحسن ما صنع الله بي! وهب لي سبعة بنين فمتعني بهم ما شاء ، ثم أخذ واحدا وترك ستة ، ووهب لي ستة جوارح متعني بهن ما شاء ثم أخذ واحدة وترك خمسا : يدين ، ورجلا وسمعا وبصرا. ثم قال : إلهي لئن كنت أخذت لقد أبقيت ،

__________________

(١) الاكلة : الحكة ، وداء في العضو يأتكل منه.

(٢) ودع يدع : سكن واستقر.

(٣) ند البعير : نفر وشرد.

١٥٢

وإن كنت ابتليت لقد عافيت.

٢٥١ / ٣ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي ، قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدثنا أحمد بن يوسف الجعفي ، قال : حدثنا الحسين بن محمد ، قال : حدثنا أبي ، عن آدم بن عيينة الهلالي ، قال : سمعت جعفر بن محمد عليهما‌السلام يقول : كم من صبر ساعة قد أورث فرحا طويلا ، وكم من لذة ساعة قد أورثت حزنا طويلا.

٢٥٢ / ٤ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو الطيب الحسين بن محمد التمار ، قال : حدثنا علي بن ماهان ، قال : حدثنا الحارث بن محمد بن داهر ، قال : حدثنا داود بن المحبر ، قال : حدثنا عباد بن كثير ، عن سهيل بن عبد الله ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال : سمعت أبا القاسم (صلوات الله عليه) يقول : استرشدوا العاقل ، ولا تعصوه فتندموا.

٢٥٣ / ٥ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي ، قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدثنا الحسن بن جعفر ، قال : حدثني عمي طاهر بن مدرك ، قال : حدثني زر بن أنس ، قال : سمعت جعفر بن محمد عليهما‌السلام يقول : لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يكون كامل العقل ، ولا يكون كامل العقل حتى تكون فيه عشر خصال. الخير منه مأمول ، والشر منه مأمون ، يستقل كثير الخير من نفسه ، ويستكثر قليل الخير من غيره ، ويستكثر قليل الشر من نفسه ، ويستقل كثير الشر من غيره ، ولا يتبرم بطلب الحوائج قبله ، ولا يسأم من طلب العلم عمره ، الذل أحب إليه من العز ، والفقر أحب إليه من الغنى ، حسبه من الدنيا قوت ، والعاشرة وما العاشرة : لا يلقى أحدا إلا قال : هو خير مني وأتقى.

إنما الناس رجلان : رجل خير منه وأتقى ، وآخر شر منه وأدنى ، فإذا لقي الذي هو خير منه تواضع له ليلحق به ، وإذا لقي الذي هو شر منه وأدنى قال : لعل شر هذا ظاهر وخيره باطن ، فإذا فعل ذلك علا وساد أهل زمانه.

٢٥٤ / ٦ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : حدثنا الشريف الصالح أبو محمد

١٥٣

الحسن بن حمزة العلوي الطبري الحسيني ، قال : حدثنا محمد بن الفضل بن حاتم ، المعروف بأبي بكر النجار الطبري الفقيه ، قال : حدثنا محمد بن عبد الحميد ، قال : حدثنا داهر بن محمد بن يحيى الأحمري ، قال : حدثنا المنذر بن الزبير ، عن أبي ذر الغفاري رحمه‌الله قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تضادوا بعلي أحدا فتكفروا ، ولا تفضلوا عليه أحدا فترتدوا.

٢٥٥ / ٧ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو الحسين زيد بن محمد بن جعفر السلمي إجازة ، قال : حدثنا أبو عبد الله الحسين بن الحكم الكندي ، قال : حدثنا إسماعيل بن صبيح اليشكري ، قال : حدثنا خالد بن العلاء ، عن المنهال بن عمرو ، قال : كنت جالسا مع محمد بن علي الباقر عليهما‌السلام إذ جاءه رجل فسلم عليه فرد عليه‌السلام ، قال الرجل : كيف أنتم؟

فقال له محمد عليه‌السلام : أوما آن لكم أن تعلموا كيف نحن ، إنما مثلنا في هذه الأمة مثل بني إسرائيل ، كان يذبح أبناؤهم وتستحيا نساؤهم ، ألا وإن هؤلاء يذبحون أبناءنا ويستحيون نساءنا ، زعمت العرب أن لهم فضلا على العجم ، فقالت العجم : وبماذا؟ قالوا : كان محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله عربيا. قالوا لهم : صدقتم ، وزعمت قريش أن لها فضلا على غيرها من العرب ، فقالت لهم العرب من غيرهم : وبما ذاك؟ قالوا : كان محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله قرشيا. قالوا لهم : صدقتم؟ فإن كان القوم صدقوا فلنا فضل على الناس ، لأنا ذرية محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأهل بيته خاصة وعترته ، لا يشركه في ذلك غيرنا.

فقال له الرجل : والله إني لأحبكم أهل البيت. قال : فاتخذ للبلاء جلبابا ، فوالله إنه لأسرع إلينا والى شيعتنا من السيل في الوادي ، وبنا يبدأ البلاء ثم بكم ، وبنا يبدأ الرخاء ثم بكم.

٢٥٦ / ٨ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : حدثنا أبو أحمد إسماعيل بن يحيى العبسي ، قال : حدثنا أبو جعفر محمد بن جرير الطبري ، قال : حدثنا محمد بن إسماعيل الضراري ، قال : حدثني عبد السلام بن صالح الهروي ، قال : حدثنا الحسين

١٥٤

ابن الحسن الأشقر » قال : حدثنا قيس بن الربيع ، عن الأعمش ، عن عباية بن ربعي الأسدي ، عن أبي أيوب الأنصاري ، قال : مرض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مرضة ، فأتته فاطمة عليهما‌السلام تعوده ، فلما رأت ما برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من المرض والجهد استعبرت وبكت حتى سألت دموعها على خديها ، فقال لها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا فاطمة ، إني لكرامة الله إياك زوجتك أقدمهم سلما ، وأكثرهم علما ، وأعظمهم حلما ، إن الله ( تعالى ) اطلع إلى أهل الأرض إطلاعة فاختارني منها فبعثني نبيا ، واطلع إليها ثانية فاختار بعلك فجعله وصيا.

فسرت فاطمة عليها‌السلام فاستبشرت ، فأراد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يزيدها مزيد الخير ، فقال : يا فاطمة ، إنا أهل بيت أعطينا سبعا لم يعطها أحد قبلنا ولا يعطاها أحد بعدنا : نبينا أفضل الأنبياء وهو أبوك ، ووصينا أفضل الأوصياء وهو بعلك ، وشهيدنا أفضل الشهداء وهو عمك ، ومنا من جعل الله له جناحين يطير بهما مع الملائكة وهو ابن عمك ، ومنا سبطا هذه الأمة وهما ابناك. والذي نفسي بيده لابد لهذه لامة من مهدي ، وهو والله من ولدك.

٢٥٧ / ٩ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا محمد بن أحمد بن عبيد الله المنصوري إجازة ، قال : حدثنا أبو الفضل محمود بن محمد ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن يزيد ، قال : حدثنا إسماعيل بن أبان ، قال : حدثنا الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن زاذان ، عن سلمان رضي‌الله‌عنه ، قال : بايعنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على النصح للمسلمين ، والائتمام بعلي بن أبي طالب عليه‌السلام ، والموالاة له.

٢٥٨ / ١٠ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني محمد بن أحمد بن عبيد الله المنصوري ، قال : حدثنا سليمان بن سهل ، قال : حدثنا عيسى بن إسحاق القرشي ، قال : حدثنا حمدان بن علي الخفاف ، قال : حدثنا عاصم بن حميد ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما‌السلام ، عن أبيه علي بن الحسين عليه‌السلام ، عن محمد بن عمار بن ياسر ، عن أبيه عمار رضي‌الله‌عنه ، قال : لما مرضت فاطمة عليها‌السلام مرضها الذي توفيت فيه وثقلت ، جاءها العباس بن

١٥٥

عبد المطلب رضي‌الله‌عنه عائدا ، فقيل له : إنها ثقيلة ، وليس يدخل عليها أحد ، فانصرف إلى داره ، فأرسل إلى علي عليه‌السلام فقال لرسوله : قل له : يا بن أخ ، عمك يقرئك السلام ، ويقول لك : قد فجأني من الغم بشكاة حبيبة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقرة عينه وعيني فاطمة ما هدني ، وإني لأظنها أولنا لحوقا برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والله يختار لها ويحبوها ويزلفها لديه ، فإن كان من أمرها ما لابد منه ، فاجمع ـ أنا لك الفداء ـ المهاجرين والأنصار حتى يصيبوا الاجر في حضورها والصلاة عليها ، وفي ذلك جمال الدين. فقال علي عليه‌السلام لرسوله وأنا حاضر عنده : أبلغ عمي السلام ، وقل : لا عدمت إشفاقك وتحننك ، وقد عرفت مشورتك ولرأيك فضله ، إن فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لم تزل مظلومة من حقها ممنوعة ، وعن ميراثها مدفوعة ، لم تحفظ فيها وصية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولا رعي فيها حقه ، ولا حق الله ( عزوجل ) ، وكفى بالله حاكما ومن الظالمين منتقما ، وإني أسألك يا عم أن تسمح لي بترك ما أشرت به ، فإنها وصتني بستر أمرها.

قال : فلما أتى العباس رسوله بما قاله علي عليه‌السلام قال : يغفر الله لابن أخي ، فإنه لمغفور له ، إن رأي ابن أخي لا يطعن فيه ، إنه لم يولد لعبد المطلب مولود أعظم بركة من علي إلا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، إن عليا لم يزل أسبقهم إلى كل مكرمة ، وأعلمهم بكل قضية ، وأشجعهم في الكريهة ، وأشدهم جهادا للأعداء في نصرة الحنيفية ، وأول من آمن بالله ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٢٥٩ / ١١ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي ، قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني ، قال : حدثنا محمد بن القاسم الحارثي ، قال : حدثنا أحمد بن صبيح ، قال : حدثنا محمد بن إسماعيل الهمداني ، عن الحسين بن مصعب ، قال : سمعت جعفر بن محمد عليه‌السلام يقول : من أحبنا لله ، وأحب محبنا لا لغرض دنيا يصيبها منه ، وعادى عدونا لا لا حنة (١)

__________________

(١) الأحنة : الحقد والعداوة.

١٥٦

كانت بينه وبينه ، ثم جاء يوم القيامة وعليه من الذنوب مثل رمل عالج وزبد البحر ، غفرها الله ( تعالى ) له.

٢٦٠ / ١٢ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدثنا جعفر بن محمد بن عبيد ، قال : حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا أبي ، عن محمد بن المثنى الأزدي : أنه سمع أبا عبد الله جعفر بن محمد عليه‌السلام يقول : نحن السبب بينكم وبين الله ( عزوجل ).

٢٦١ / ١٣ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، عن أبي بكر محمد بن عمر الجعابي ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدثنا أحمد بن يحيى ، قال : حدثنا أسيد بن زيد ، عن محمد بن مروان ، عن جعفر بن محمد عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله. بكروا بالصدقة ، فإن البلاء لا يتخطاها.

٢٦٢ / ١٤ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو الحسين محمد بن المظفر البزاز ، قال : حدثنا الحسن بن رجاء ، قال : حدثنا عبيد الله بن سليمان ، عن محمد بن علي العطار ، عن هارون بن أبي بردة ، عن عبيد الله بن موسى ، عن المبارك بن حسان ، عن عطية ، عن ابن عباس ، قال : قيل : يا رسول الله ، أي الجلساء خير؟ قال. من ذكركم بالله رؤيته ، وزادكم في علمكم منطقه ، وذكركم بالآخرة عمله.

٢٦٣ / ١٥ ـ حدثني محمد بن محمد ، قال : حدثني أبو حفص عمر بن محمد الصيرفي ، قال : حدثني علي بن مهرويه القزويني ، قال : حدثني داود بن سليمان الغازي ، قال : حدثنا الرضا علي بن موسى عليه‌السلام ، عن أبيه موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين ابن علي ، عن أمير المؤمنين عليهم‌السلام ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ثلاثة أخافهن على أمتي : الضلالة بعد المعرفة ، ومضلات الفتن ، وشهوة البطن والفرج.

٢٦٤ / ١٦ ـ أخبرني محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني ، قال : حدثنا الحسن بن

١٥٧

عتبة ، قال : حدثنا أحمد بن النضر ، قال : حدثنا محمد بن الصامت الجعفي ، قال : كنا عند أبي عبد الله عليه‌السلام وعنده قوم من البصريين ، فحدثهم بحديث أبيه عن جابر ابن عبد الله في الحج أملاه عليهم ، فلما قاموا قال أبو عبد الله عليه‌السلام : إن الناس أخذوا يمينا وشمالا ، وإنكم لزمتم صاحبكم ، فإلى أين ترون يرد بكم؟ إلى الجنة ، والله إلى الجنة ، والله إلى الجنة ، والله.

٢٦٥ / ١٧ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو حفص عمر بن محمد الصيرفي ، قال : حدثنا أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل الضبي ، قال : حدثنا عبد الله بن شبيب ، قال : حدثني إسماعيل ابن أبي أويس ، قال : حدثني إسحاق بن يحيى ، عن أبي بردة الأسلمي ، عن أبيه ، قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا صلى الصبح رفع صوته حتى يسمع أصحابه يقول : « اللهم أصلح لي ديني الذي جعلته لي عصمة ». ثلاث مرات ، « اللهم أصلح لي دنياي التي جعلت فيها معاشي » ثلاث مرات ، « اللهم أصلح لي آخرتي التي جعلت إليها مرجعي ». ثلاث مرات ، اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك ، وأعوذ بعفوك من نقمتك ». ثلاث مرات ، « اللهم إني أعوذ بك منك ، لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد ».

٢٦٦ / ١٨ ـ أخبرني محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه رحمه‌الله قال : حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل ، قال : حدثنا محمد بن جعفر الأسدي ، قال : حدثنا موسى بن عمران النخعي ، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي ، عن محمد بن سنان ، عن المفضل بن عمر الجعفي ، قال : قال أبو عبد الله جعفر بن محمد عليهما‌السلام : إن الله ( تعالى ) ضمن للمؤمن ضمانا. قال : قلت : وما هو؟ قال : ضمن له إن أقر لله بالربوبية ، ولمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله بالنبوة ، ولعلي عليه‌السلام بالإمامة ، وأدى ما افترض عليه ، أن يسكنه في جواره.

قال : فقلت : هذه والله هي الكرامة التي لا يشبهها كرامة الآدميين. ثم قال أبو عبد الله عليه‌السلام : اعملوا قليلا تنعموا كثيرا.

٢٦٧ / ١٩ ـ حدثنا محمد بن محمد ، قال : حدثنا أبو الحسن علي بن بلال

١٥٨

المهلبي ، قال : حدثنا مزاحم بن عبد الوارث بن عباد البصري بمصر ، قال : حدثنا محمد بن زكريا الغلابي ، قال : حدثنا العباس بن بكار ، قال : حدثنا أبو بكر الهذلي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس.

قال الغلابي : وحدثنا أحمد بن محمد الواسطي ، قال : حدثنا محمد بن صالح ابن النطاح ومحمد بن الصلت الواسطي ، قالا : حدثنا عمر بن يونس اليمامي ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس.

قال : وحدثنا أبو عيسى عبيد الله بن الفضل الطائي ، قال : حدثنا الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام ، قال : حدثني محمد بن سلام الكوفي ، قال : حدثنا أحمد بن محمد الواسطي ، قال : حدثنا محمد بن صالح ، ومحمد بن الصلت ، قالا : حدثنا عمر بن يونس اليمامي ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، قال : دخل الحسين بن علي عليهما‌السلام على أخيه الحسن بن علي عليهما‌السلام في مرضه الذي توفي فيه ، فقال له : كيف تجدك يا أخي؟ قال : أجدني في أول يوم من أيام الآخرة وآخر يوم من أيام الدنيا ، واعلم أني لا أسبق أجلي ، وأني وارد على أبي وجدي عليهما‌السلام ، على كره مني لفراقك وفراق إخوتك وفراق الأحبة ، واستغفر الله من مقالتي هذه وأتوب إليه ، بل على محبة مني للقاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام ولقاء فاطمة وحمزة وجعفر عليهم‌السلام ، وفي الله ( عزوجل ) خلف من كل هالك ، وعزاء من كل مصيبة ، ودرك من كل ما فات.

رأيت يا أخي كبدي آنفا في الطست ، ولقد عرفت من دهاني ، ومن أين أتيت ، فما أنت صانع به يا أخي؟ فقال الحسين عليه‌السلام : أقتله والله.

قال : فلا أخبرك به أبدا حتى نلقى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولكن اكتب : « هذا ما أوصى به الحسن بن علي إلى أخيه الحسين بن علي ، أوصى أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأنه يعبده حق عبادته ، لا شريك له في الملك ، ولا ولي له من الذل ، وأنه خلق كل شئ فقدره تقديرا ، وأنه أولى من عبد وأحق من حمد ، من

١٥٩

أطاعه رشد ، ومن عصاه غوى ، ومن تاب إليه اهتدى.

فإني أوصيك يا حسين بمن خلفت من أهلي وولدي وأهل بيتك ، أن تصفح عن مسيئهم ، وتقبل من محسنهم ، وتكون لهم خلفا ووالدا ، وأن تدفنني مع جدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فإني أحق به وببيته ممن أدخل بيته بغير إذنه ولا كتاب جاءهم من بعده ، قال الله ( تعالى ) فيما أنزله على نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله في كتابه : ( يا أيها الذ ين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي ، إلا أن يؤذن لكم ) (١) فوالله ما أذن لهم في الدخول عليه في حياته بغير إذنه ، ولا جاءهم الاذن في ذلك من بعد وفاته ، ونحن مأذون لنا في التصرف فيما ورثناه من بعده ، فإن أبت عليك الامرأة فأنشدك بالقرابة التي قرب الله ( عزوجل ) منك ، والرحم الماسة من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن لا تهريق في محجمة (٢) من دم حتى نلقى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فنختصم إليه ، ونخبر بما كان من الناس إلينا بعده ». ثم قبض عليه‌السلام.

قال ابن عباس : فدعاني الحسين عليه‌السلام وعبد الله بن جعفر وعلي بن عبد الله بن العباس فقال : اغسلوا ابن عمكم ، فغسلناه وحنطناه وألبسناه أكفانه ، ثم خرجنا به حتى صلينا عليه في المسجد ، وإن الحسين عليه‌السلام أمر أن يفتح البيت ، فحال دون ذلك مروان بن الحكم وآل أبي سفيان ومن حضر هناك من ولد عثمان بن عفان ، وقالوا : أيدفن أمير المؤمنين عثمان الشهيد القتيل ظلما بالبقيع بشر مكان ويدفن الحسن مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله! والله لا يكون ذلك أبدا حتى تكسر السيوف بيننا وتنقصف الرماح وينفد النبل.

فقال الحسين عليه‌السلام : أما والله الذي حرم مكة للحسن بن علي بن فاطمة أحق برسول الله وبيته ممن أدخل بيته بغير إذنه ، وهو والله أحق به من حمال الخطايا ، مسير أبي ذر رحمه‌الله ، الفاعل بعمار ما فعل ، وبعبد الله ما صنع ، الحامي الحمى ،

__________________

(١) سورة الأحزاب ٣٣ : ٥٣.

(٢) المحجمة : أداة الحجم ، والقارورة التي يجمع فيها دم الحجامة.

١٦٠