النّهاية

أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطّوسي [ شيخ الطائفة ]

النّهاية

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطّوسي [ شيخ الطائفة ]


الموضوع : الفقه
الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٨٩

أطراف أنفها ، ولا تتنقّب على حال. فإن غطّى الرّجل رأسه ناسيا ، ألقى القناع عن رأسه ، وجدّد التّلبية ، وليس عليه شي‌ء. ولا بأس أن يغطّي وجهه ويعصّب رأسه عند حاجته إليه.

ولا يجوز للمحرم أن يظلّل على نفسه إلّا إذا خاف الضّرر العظيم. ويجوز له أن يمشي تحت الظّلال. والمحرم إذا كان مزاملا لعليل ، جاز له أن يظلّل على العليل ، ولا يظلّل على نفسه. وقد رخّص في الظّلال للنّساء على كلّ حال. واجتنابه أفضل.

ولا يحكّ المحرم جلده حكّا يدميه ، ولا يستاك سواكا يدمي فاه ، ولا يدلك وجهه ولا رأسه في الوضوء والغسل ، لئلّا يسقط منهما شي‌ء من الشّعر. ولا يجوز له قصّ الأظافير على حال.

ولا يجوز للمحرم أن يتزوّج أو يزوّج. فإن فعل ، كان العقد باطلا ولا يجوز له أيضا أن يشهد العقد. ولا بأس به أن يشتري الجواري. ويجوز له تطليق النّساء.

ويكره للمحرم دخول الحمّام. فإن دخله ، فلا يدلك جسده ، بل يصبّ عليه الماء صبّا.

والمحرم إذا مات ، غسّل كتغسيل المحلّ ، ويكفّن تكفينه غير أنّه لا يقرّب شيئا من الكافور.

ويكره للمحرم أن يلبّي من دعاه ، بل يقول « يا سعد ».

٢٢١

ولا يجوز للمحرم لبس السّلاح إلّا عند الضّرورة والخوف. ولا بأس أن يؤدّب الرّجل غلامه وخادمه وهو محرم ، غير أنّه لا يزيد على عشرة أسواط.

باب ما يجب على المحرم من الكفارة فيما يفعله عمدا أو خطأ

إذا صاد المحرم نعامة فقتلها ، كان عليه جزور. فإن لم يقدر على ذلك ، قوّم الجزاء وفضّ ثمنه على الحنطة ، وتصدّق به على كلّ مسكين نصف صاع. فإن زاد ذلك على إطعام ستّين مسكينا ، لم يلزمه شي‌ء أكثر منه. وإن كان أقلّ منه ، فقد أجزأه. فإن لم يقدر على إطعام ستّين مسكينا ، صام عن كلّ نصف صاع يوما. فإن لم يقدر على ذلك ، صام ثمانية عشر يوما.

فإن صاد بقرة وحش أو حمار وحش ، فقتله ، كان عليه دم بقرة. فإن لم يقدر عليه ، قوّمها ، وفضّ ثمنها على الطّعام ، وأطعم كلّ مسكين نصف صاع. فإن زاد ذلك على إطعام ثلاثين مسكينا ، لم يكن عليه أكثر من ذلك. فإن لم يقدر على ذلك أيضا ، صام عن كلّ نصف صاع يوما. فإن لم يقدر على ذلك ، صام تسعة أيّام.

ومن أصاب ظبيا أو ثعلبا أو أرنبا ، كان عليه دم شاة.

٢٢٢

فإن لم يقدر على ذلك ، قوّم الجزاء ، وفضّ ثمنه على البرّ ، وأطعم كلّ مسكين منه نصف صاع. فإن زاد ذلك على إطعام عشرة مساكين ، فليس عليه غير ذلك. وإن نقص عنه ، لم يلزمه أيضا أكثر منه. فإن لم يقدر عليه ، صام عن كلّ نصف صاع يوما. فإن لم يقدر على ذلك ، صام ثلاثة أيّام.

ومن أصاب قطاة وما أشبهها كان عليه حمل قد فطم ورعى من الشّجر. ومن أصاب يربوعا أو قنفذا أو ضبّا وما أشبهه ، كان عليه جدي. ومن أصاب عصفورا أو صعوة أو قنبرة وما أشبهها ، كان عليه مدّ من طعام. ومن قتل زنبورا خطأ ، لم يكن عليه شي‌ء. فإن قتله عمدا ، كان عليه كفّ من طعام. ومن أصاب حمامة ، وهو محرم في الحلّ ، كان عليه دم. فإن أصابها وهو محل في الحرم ، كان عليه درهم. فإن أصابها وهو محرم في الحرم ، كان عليه دم والقيمة. وإن قتل فرخا وهو محرم في الحلّ ، كان عليه حمل. فإن قتله في الحرم وهو محلّ ، كان عليه نصف درهم. وإن قتله وهو محرم في الحرم ، كان عليه الجزاء والقيمة. وإن أصاب بيض الحمام وهو محرم في الحلّ ، كان عليه درهم. فإن أصابه وهو محلّ في الحرم ، كان عليه ربع درهم. وإن أصابه وهو محرم في الحرم كان عليه الجزاء والقيمة معا. ولا يختلف الحكم في هذا ، سواء كان الحمام أهليّا أو من حمام الحرم ، إلّا أنّ حمام

٢٢٣

الحرم يشترى بقيمته علف لحمام الحرم. والطّير الأهليّ يتصدّق بثمنه على المساكين.

وكلّ من كان معه شي‌ء من الصّيد وأدخله الحرم ، وجب عليه تخليته. فإن كان معه طير ، وكان مقصوص الجناح ، فليتركه حتّى ينبت ريشه ، ثمَّ يخلّيه. ولا يجوز صيد حمام الحرم وإن كان في الحلّ. ومن نتف ريشة من حمام الحرم ، كان عليه صدقة يتصدق بها باليد التي نتف بها. ولا يجوز أن يخرج شي‌ء من حمام الحرم من الحرم. فمن أخرج شيئا منه ، كان عليه ردّه. فإن مات ، كان عليه قيمته. ويكره شرى القماري وما أشبهها وإخراجها من مكّة. ومن أدخل طيرا الحرم ، كان عليه تخليته ، وليس له أن يخرجه منه. فإن أخرجه ، كان عليه دم شاة. ومن أغلق بابا على حمام من حمام الحرم ، وفراخ وبيض ، فهلكت ، فإن كان أغلق عليها قبل أن يحرم ، فإنّ عليه لكلّ طير درهما. ولكلّ فرخ نصف درهم ، ولكلّ بيضة ربع درهم ، وإن كان أغلق عليها بعد ما أحرم ، فإنّ عليه لكلّ طير شاة ، ولكلّ فرخ حملا ، ولكلّ بيضة درهما. ومن نفّر حمام الحرم ، فعليه دم شاة إذا رجعت. فإن لم ترجع ، فعليه لكلّ طير شاة. ومن دلّ على صيد ، فقتل كان عليه فداؤه.

٢٢٤

وإذا اجتمع جماعة محرمون على صيد ، فقتلوه ، وجب على كلّ واحد منهم الفداء. ومتى اشتروا لحم صيد وأكلوه ، كان أيضا على كلّ واحد منهم الفداء. وإذا رمى اثنان صيدا ، فأصاب أحدهما وأخطأ الآخر ، كان على كلّ واحد منهما الفداء وإذا قتل اثنان صيدا ، أحدهما محلّ والآخر محرم في الحرم ، كان على المحرم الفداء والقيمة ، وعلى المحلّ القيمة. ومن ذبح صيدا في الحرم وهو محلّ ، كان عليه دم لا غير. وإذا أوقد جماعة نارا ، فوقع فيها طائر ، ولم يكن قصدهم ذلك ، كان عليهم كلّهم فداء واحد. وإن كان قصدهم ذلك ، كان على كلّ واحد منهم الفداء.

وفي فراخ النّعامة مثل ما في النّعامة سواء. وقد روي أنّ فيه من صغار الإبل. والأحوط ما قدّمناه. وإذا أصاب المحرم بيض نعامة ، فعليه أن يعتبر حال البيض. فإن كان ، قد تحرّك فيه الفرخ ، كان عليه عن كلّ بيضة بكارة من الإبل. وإن لم يكن تحرّك ، فعليه أن يرسل فحولة الإبل في إناثها بعدد البيض ، فما خرج ، كان هديا لبيت الله تعالى. فإن لم يقدر على ذلك ، كان عليه عن كلّ بيضة شاة. فإن لم يقدر على ذلك ، كان عليه إطعام عشرة مساكين. فإن لم يقدر على ذلك ، كان عليه صيام ثلاثة أيام. وإذا اشترى محلّ لمحرم بيض نعام ، فأكله المحرم ، كان على المحلّ لكلّ بيضة درهم

٢٢٥

وعلى المحرم لكل بيضة شاة.

وكلّ ما يصيبه المحرم من الصّيد في الحلّ ، كان عليه الفداء لا غير. وإن أصابه في الحرم ، كان عليه الفداء والقيمة معا. ومن ضرب بطير على الأرض وهو محرم في الحرم ، فقتله ، كان عليه دم وقيمتان : قيمة لحرمة الحرم ، وقيمة لاستصغاره إيّاه ، وكان عليه التّعزير. ومن شرب لبن ظبية في الحرم ، كان عليه دم وقيمة اللّبن معا. وما لا يجب فيه دم مثل العصفور وما أشبهه ، إذا أصابه المحرم في الحرم ، كان عليه قيمتان. وما يجب فيه التّضعيف ، هو ما لم يبلغ بدنه. فإذا بلغ ذلك ، لم يجب عليه غير ذلك. وكلّ ما تكرّر من المحرم الصّيد ، كان عليه الكفّارة ، إذا كان ذلك منه نسيانا. فإن فعله متعمّدا مرّة ، كان عليه الكفّارة. وإن فعله مرّتين ، فهو ممّن ينتقم الله منه ، وليس عليه الجزاء.

ومن وجب عليه جزاء صيد أصابه ، وهو محرم ، فإن كان حاجّا ، نحر ما وجب عليه بمنى. وإن كان معتمرا ، نحره بمكّة قبالة الكعبة. فإن أراد أن ينحر أو يذبح بمنى ، فلينحر أيّ مكان شاء. وكذلك بمكّة ينحر هديه بها حيث شاء ، غير أنّ الأفضل أن ينحر قبالة الكعبة في الموضع المعروف بالحزورة. وما يجب على المحرم بالعمرة في غير كفّارة الصيد ، جاز له أن ينحره بمنى.

٢٢٦

ومن قتل صيدا وهو محرم في غير الحرم ، كان عليه فداء واحد. فإن أكله ، كان عليه فداء آخر.

والمحلّ إذا قتل صيدا في الحرم ، كان عليه فداؤه. وإذا كسر المحرم قرني الغزال ، كان عليه نصف قيمته. فإن كسر أحدهما ، كان عليه ربع القيمة. فإن فقأ عينيه ، كان عليه القيمة. فإن فقأ واحدة منهما ، كان عليه نصف القيمة. فإن كسر إحدى يديه ، كان عليه نصف قيمته. فإن كسرهما جميعا ، كان عليه قيمته. فإن كسر إحدى رجليه ، كان عليه نصف قيمته. فإن كسرهما جميعا ، كان عليه قيمته. فإن قتله. لم يكن عليه أكثر من قيمة واحدة.

وإذا أصاب المحرم بيض القطاة أو القبج ، فعليه أن يعتبر حال البيض : فإن كان قد تحرّك فيها فرخ ، كان عليه عن كلّ بيضة مخاض من الغنم ، فإن لم يكن تحرّك فيها شي‌ء ، كان عليه أن يرسل فحولة الغنم في إناثها بعدد البيض ، فما نتج كان هديا لبيت الله تعالى ، فإن لم يقدر كان حكمه حكم بيض النّعام سواء. وقد بيّنّا ما يلزم من كسر بيض الحمام ، وينبغي أن يعتبر حاله : فإن كان قد تحرّك فيه الفرخ ، لزمته عن كلّ بيضة شاة ، وإن لم يكن قد تحرّك ، لم يكن عليه إلّا القيمة حسب ما قدّمناه.

ومن رمى صيدا فأصابه ، ولم يؤثّر فيه ، ومشى مستويا ،

٢٢٧

لم يكن عليه شي‌ء ، وليستغفر الله تعالى. فإن لم يعلم هل أثّر فيه أو لا ، ومضى على وجهه ، كان عليه الفداء. فإن أثر فيه بأن دمّاه أو كسر يده أو رجله ، ثمَّ رآه بعد ذلك قد صلح ، كان عليه ربع الفداء.

ولا يجوز لأحد أن يرمي الصّيد والصّيد يؤمّ الحرم وإن كان محلّا. فإن رماه أو أصابه ، ودخل الحرم ، ثمَّ مات ، كان لحمه حراما ، وعليه الفداء. ومن ربط صيدا بجنب الحرم فدخل الحرم ، صار لحمه وثمنه حراما ، ولا يجوز له إخراجه منه. ومن أصاب صيدا وهو محلّ فيما بينه وبين الحرم على بريد ، كان عليه الفداء. فإن أصاب شيئا منه بأن فقأ عينه أو كسر قرنه فيما بين البريد الى الحرم ، كان عليه صدقة. والمحلّ إذا كان في الحرم ، فرمى صيدا في الحلّ ، كان عليه الفداء.

ومن كان معه صيد ، فلا يحرم حتّى يخلّيه ، ولا يدخله معه الحرم. فإن أدخله ، وجب عليه أن يخلّيه حسب ما قدّمناه. فإن لم يفعل ومات ، كان عليه الفداء. فإن لم يكن الصّيد معه حاضرا ، بل يكون في منزله ، لم يكن عليه شي‌ء.

ومن أصاب جرادة ، فعليه أن يتصدق بتمرة. فإن أصاب جرادا كثيرا ، أو أكله ، كان عليه دم شاة. ومن قتل الجراد على وجه لا يمكنه التحرّز منه ، بأن يكون في طريقه ويكون

٢٢٨

كثيرا ، لم يكن عليه شي‌ء.

وكلّ صيد يكون في البحر فلا بأس بأكله طريّه ومالحه. وكلّ صيد يكون في البرّ والبحر معا ، فإن كان ممّا يبيض ويفرّخ في البحر ، فلا بأس بأكله ، وإن كان ممّا يبيض ويفرّخ في البرّ ، لم يجز صيده ولا أكله.

وإذا أمر السّيّد غلامه بالإحرام ، فأصاب صيدا ، كان على السّيّد الفداء. وكذلك إذا أمر المحرم غلامه بالصّيد ، كان عليه الفداء ، وإن كان الغلام محلا. ومن قتل زنبورا أو زنابير خطأ ، لم يكن عليه شي‌ء. فإن قتله عمدا ، فليتصدّق بشي‌ء.

وجميع ما قدّمناه من الصّيد ، يجب فيه الفداء ، ناسيا كان من أصابه أو متعمّدا ، كان عالما أو جاهلا.

ولا بأس أن يقتل الإنسان جميع ما يخافه في الحرم ، وإن كان محرما مثل السّباع والهوام والحيّات والعقارب. ويرمي الغراب رميا ، ولا يجوز له قتله. ومن قتل أسدا لم يرده ، كان عليه كبش. ولا يجوز للمحرم أن يقتل البقّ والبرغوث وما أشبههما في الحرم. فإن كان محلا ، لم يكن به بأس. وكلّ ما يجوز للمحلّ ذبحه أو نحره في الحرم ، كان أيضا ذلك للمحرم جائزا مثل الإبل والبقر والغنم والدّجاج الحبشيّ. وكلّ ما يدخله المحرم الحرم أسيرا من السّباع ، أو اشتراه فيه ، فلا بأس بإخراجه ، مثل السّباع والفهود أو ما أشبههما.

٢٢٩

وإذا اضطرّ المحرم إلى أكل الميتة والصّيد ، أكل الصّيد فداه ، ولا يأكل الميتة. فإن لم يتمكّن من الفداء ، جاز له أن يأكل الميتة. وإذا ذبح المحرم صيدا في غير الحرم ، أو ذبحه محلّ في الحرم ، لم يجز أكله ، وكان حكمه حكم الميتة سواء.

وإذا جامع المحرم امرأته متعمّدا قبل الوقوف بالمزدلفة ، فإن كان جماعة في الفرج ، كان عليه بدنة والحجّ من قابل ، سواء كانت حجّته حجة الإسلام أو كانت تطوّعا ، وتكون حجّته الأولى له ، والثّانية تكون عقوبة. فإن كان قد استكره امرأته على الجماع ، كان عليه كفّارة أخرى وإن طاوعته ، كان على كلّ واحد منهما بدنة والحجّ من قابل. وينبغي أن يفترقا ، إذا انتهيا الى المكان الذي أحدثا فيه ما أحدثا ، إلى أن يقضيا المناسك. وحدّ الافتراق ألّا يخلوا بأنفسهما إلّا ومعهما ثالث. وإن كان جماعه فيما دون الفرج ، كان عليه بدنة ولم يكن عليه الحجّ من قابل. وإن كان جماعه في الفرج بعد الوقوف بالمشعر الحرام ، كان عليه بدنة وليس عليه الحجّ من قابل. وإن كان مجامعته ناسيا ، لم يكن عليه شي‌ء.

وإذا جامع الرّجل أمته وهي محرمة بأمره ، وكان الرّجل محلا ، كان عليه بدنة. وإن كان إحرامها من غير إذنه ، لم لم يكن عليه شي‌ء. فإن لم يقدر على بدنة ، كان عليه دم شاة

٢٣٠

أو صيام ثلاثة أيّام.

ومتى جامع الرّجل قبل طواف الزّيارة ، كان عليه جزور. فإن لم يتمكّن ، كان عليه بقرة. فإن لم يتمكّن ، كان عليه شاة. ومتى طاف الإنسان من طواف الزّيارة شيئا ، ثمَّ واقع أهله قبل أن يتمّه ، كان عليه بدنة وإعادة الطّواف. وإن كان سعى من سعيه شيئا ، ثمَّ جامع ، كان عليه الكفّارة ، ويبني على ما سعى. وإن كان قد انصرف من السّعي ظنّا منه انه تمّمه ، ثمَّ جامع ، يلزمه الكفّارة ، وكان عليه تمام السّعي.

ومتى جامع الرّجل بعد قضاء مناسكه قبل طواف النّساء ، كان عليه بدنة. فإن كان قد طاف من طواف النّساء شيئا ، فإن كان أكثر من النّصف ، بنى عليه بعد الغسل ، ولم تلزمه الكفّارة ، وإن كان قد طاف أقلّ من النّصف ، كان عليه الكفّارة وإعادة الطّواف. ومن جامع امرأته ، وهو محرم بعمرة مبتولة ، قبل أن يفرغ من مناسكها ، فقد بطلت عمرته ، وكان عليه بدنة ، والمقام بمكّة إلى الشّهر الدّاخل الى أن يقضي عمرته ، ثمَّ ينصرف إن شاء.

ومن عبث بذكره حتّى أمنى ، كان حكمه حكم من جامع على السّواء في اعتبار ذلك قبل الوقوف بالمشعر في أنّه يلزمه الحجّ من قابل. وإن كان بعد ذلك ، لم يكن عليه غير الكفّارة شي‌ء. ومن نظر الى غير أهله فأمنى ، كان عليه بدنة ، فإن لم

٢٣١

يجد ، فبقرة. فإن لم يجد فشاة. وإذا نظر إلى امرأته فأمنى أو أمذى ، لم يكن عليه شي‌ء ، إلّا أن يكون نظر إليها بشهوة فأمنى ، فإنّه تلزمه الكفّارة ، وهي بدنة. فإن مسّها بشهوة ، كان عليه دم يهريقه ، أنزل أو لم ينزل. وإن مسّها من غير شهوة ، لم يكن عليه شي‌ء ، أمنى أو لم يمن.

ومن قبّل امرأته من غير شهوة ، كان عليه دم شاة. فإن قبّلها بشهوة ، كان عليه جزور. ومن لاعب امرأته فأمنى من غير جماع ، كان عليه الكفّارة. ومن تسمّع لكلام امرأة ، أو استمع على من يجامع من غير رؤية لهما ، فأمنى ، لم يكن عليه شي‌ء. ولا بأس أن يقبّل الرّجل أمّه وهو محرم.

ومن تزوّج امرأة وهو محرم ، فرّق بينهما ، ولم تحلّ له أبدا ، إذا كان عالما بتحريم ذلك عليه. فان لم يكن عالما به ، جاز له أن يعقد عليها بعد الإحلال. والمحرم إذا عقد لمحرم على زوجة ، ودخل بها الزّوج ، كان على العاقد بدنة. ولا يجوز للمحرم أن يعقد لغيره على امرأة. فإن فعل ذلك ، كان النّكاح باطلا.

ومن قلّم ظفرا من أظفاره ، كان عليه مدّ من طعام. وكذلك الحكم فيما زاد عليه. وإذا قلّم أظفار يديه جميعا ، كان عليه دم شاة. فإن قلّم أظفار يديه ورجليه جميعا ، وكان في مجلس واحد ، كان عليه دم. وإن كان ذلك منه في مجلسين

٢٣٢

كان عليه دمان. ومتى كان تقليمه للأظفار نسيانا ، لم يكن عليه شي‌ء. ومن أفتى غيره بتقليم ظفره ، فقلّمه المستفتي ، فأدمى إصبعه ، كان عليه دم شاة.

ومن حلق رأسه لأذى ، كان عليه دم شاة أو صيام ثلاثة أيّام أو يتصدّق على ستّة مساكين ، لكلّ مسكين مدّ من طعام : أيّ ذلك فعل ، فقد أجزأه. وقد روي أنّ الإطعام يكون على عشرة مساكين. وهو الأحوط.

ومن ظلّل على نفسه ، كان عليه دم يهريقه.

ومن جادل محرما صادقا مرّة أو مرّتين ، فليس عليه شي‌ء ، وليستغفر الله. فإن جادل ثلاث مرّات فصاعدا صادقا ، كان عليه دم شاة. وإن جادل ذلك كاذبا مرّة ، كان عليه دم شاة ، فإن جادل مرتين كاذبا ، كان عليه دم بقرة. فإن جادل ثلاث مرّات كاذبا ، كان عليه بدنة.

ومن نحى عن جسمه قمّلة ، فرمى بها ، أو قتلها ، كان عليه كفّ من طعام. ولا بأس أن يحولها من موضع من جسده الى موضع آخر. ولا بأس أن ينزع الرّجل القراد عن بدنه وعن بعيره.

وإذا مسّ المحرم لحيته أو رأسه ، فوقع منهما شي‌ء من شعره ، كان عليه أن يطعم كفّا من طعام أو كفّين. فإن سقط شي‌ء من شعر رأسه أو لحيته بمسّه لهما في حال الوضوء ، لم

٢٣٣

يكن عليه شي‌ء. والمحرم إذا نتف إبطه ، كان عليه أن يطعم ثلاث مساكين. فإن نتف إبطيه جميعا ، كان عليه دم شاة.

ومن لبس ثوبا لا يحلّ لبسه له وهو محرم ، أو أكل طعاما لا يحلّ له أكله ، كان عليه دم شاة.

والشّجرة إذا كان أصلها في الحرم وفرعها في الحلّ ، لم يجز قلعها. وكذلك إذا كان أصلها في الحلّ وفرعها في الحرم ، لا يجوز قلعها على حال. وكلّ شي‌ء ينبت في الحرم من الأشجار والحشيش ، فلا يجوز قلعه على حال ، إلا النّخل وشجر الفواكه والإذخر. ولا بأس أن تقلع ما أنبتّه أنت في الحرم من الأشجار. ولا بأس أن يقلع ما ينبت في دار الإنسان بعد بنائه لها ، إذا كانت ملكه. فإن كان نابتا قبل بنائه لها ، لم يجز له قلعه. ولا بأس أن يخلّي الإنسان إبله لترعى. ولا يجوز له أن يقلع الحشيش ويعلفه إبله. ومن قلع شجرة من الحرم ، كان عليه كفّارة بذبح بقرة.

وحدّ الحرم الذي لا يجوز قلع الشّجرة منه ، بريد في بريد ومن رمى طيرا على شجرة أصلها في الحرم وفرعها في الحلّ ، كان عليه الفداء وإن كان الطير في الحلّ.

وإذا لبس المحرم قميصا ، كان عليه دم شاة. فإن لبس ثيابا جماعة في موضع واحد ، كان عليه أيضا دم واحد. فإن لبسها في مواضع متفرّقة ، كان عليه لكلّ ثوب منها فداء.

٢٣٤

ومن قلع ضرسه ، كان عليه دم يهريقه.

وإذا استعمل المحرم دهنا طيّبا ، كان عليه دم ، وإن استعمله في حال الاضطرار.

باب دخول مكة والطواف بالبيت

يستحبّ للمحرم إذا أراد دخول الحرم أن يكون على غسل ، إن تمكّن من ذلك. فإن لم يتمكّن ، جاز له أن يؤخّر الغسل الى بعد الدّخول ، ثمَّ يغتسل إمّا من بئر ميمون أو فخّ. فإن لم يتمكّن اغتسل في منزله. ويستحبّ لمن أراد دخول الحرم أن يمضغ شيئا من الإذخر ليطيب به فمه. وإذا أراد دخول مكّة ، فليدخلها من أعلاها. وإذا أراد الخروج منها ، خرج من أسفلها. ويستحبّ له أن لا يدخل مكّة إلّا على غسل. ويستحبّ له أن يخلع نعليه ، ويمشي حافيا على السّكينة والوقار. فإن اغتسل لدخول مكّة ، ثمَّ نام قبل دخولها ، أعاد الغسل. فإذا أراد دخول المسجد الحرام ، فليغتسل أيضا. وليكن دخوله من باب بني شيبة. ويدخله حافيا على سكينة ووقار. فإذا انتهى الى الباب فليقل : « السلام عليك أيّها النبي ورحمة الله وبركاته » الى آخر الدّعاء التي ذكرناه في « كتاب تهذيب الأحكام ».

فإذا أراد الطّواف بالبيت ، فليفتتحه من الحجر الأسود. فإذا دنا منه ، رفع يديه ، وحمد الله وأثنى عليه ، وصلّى على

٢٣٥

النّبيّ ، صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وسأله أن يتقبّل منه ، ويستلم الحجر الأسود ويقبّله. فإن لم يستطع استلمه بيده. فإن لم يقدر على ذلك أيضا ، أشار إليه بيده ، وقال : « أمانتي أدّيتها ، وميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة. اللهمّ تصديقا بكتابك » إلى آخر الدّعاء. ثمَّ يطوف بالبيت سبعة أشواط ويقول في طوافه : « اللهمّ إنّي أسألك باسمك الذي يمشى به على ظلل الماء كما يمشى به على جدد الأرض » إلى آخر الدّعاء. وكلّما انتهيت إلى باب الكعبة ، صلّيت على النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ودعوت. فإذا انتهيت إلى مؤخّر الكعبة ، وهو المستجار دون الرّكن اليماني ، في الشّوط السّابع ، بسطت يديك على الأرض ، وألصقت خدّك وبطنك بالبيت ، وقلت : « اللهمّ البيت بيتك ، والعبد عبدك » إلى آخر الدّعاء. فإن لم يقدر على ذلك ، لم يكن عليه شي‌ء. فإن جاز الموضع ، ثمَّ ذكر أنّه لم يلتزم ، لم يكن عليه الرّجوع.

وينبغي أن يختم الطّواف بالحجر الأسود كما بدأ به. ويستحبّ له أن يستلم الأركان كلّها. وأشدّها تأكيدا الرّكن الذي فيه الحجر الأسود ، ثمَّ الرّكن اليماني ، فإنّه لا يترك استلامها مع الاختيار. ومن كان مقطوع اليد ، استلم الحجر بموضع القطع. فإن كان مقطوعا من المرفق ، استلمه بشماله.

٢٣٦

وينبغي أن يكون الطّواف بالبيت فيما بين المقام والبيت ، ولا يجوزه. فإن جاز المقام أو تباعد عنه ، لم يكن طوافه شيئا. وينبغي أن يكون الطّواف بالبيت على سكون لا سرع فيه ولا إبطاء.

ومن طاف بالبيت ستّة أشواط ناسيا وانصرف ، فليضف اليه شوطا آخر ، ولا شي‌ء عليه. فإن لم يذكر حتى يرجع إلى أهله ، أمر من يطوف عنه. فإن ذكر أنّه طاف أقل من سبعة. وذكر في حال السّعي ، رجع فتمّم ، إن كان طوافه أربعة أشواط فصاعدا. وإن كان أقلّ منه ، استأنف الطّواف ، ثمَّ عاد إلى السّعي فتمّمه.

ومن شكّ في طوافه ، فلم يدر أستّة طاف أم سبعة ، وهو في حال الطّواف ، فإن كان طوافه طواف فريضة ، أعاد من أوّله ، وإن كان نافلة بنى على الأقلّ ، وتمّم أسبوعا. وإن كان شكّه بعد الانصراف ، لم يلتفت اليه ، ومضى على طوافه. والحكم فيما نقص من الستّة أشواط ، إذا شكّ فيه ، حكمه على السّواء. في أنّه يعيد الطّواف ، إذا كان طواف فريضة. وإن كان طواف نافلة ، بنى على الأقل حسب ما قدّمناه.

ومن طاف ثمانية أشواط متعمّدا ، كان عليه إعادة الطّواف. فإن طافه ناسيا ، أضاف إليها ستّة أشواط أخر ، وصلّى معها أربع ركعات. يصلّي ركعتين منها عند الفراغ من الطّواف

٢٣٧

لطواف الفريضة ، ويمضي إلى الصّفاء فيسعى. فإذا فرغ من سعيه ، عاد فصلى ركعتين أخراوين. ومن ذكر في الشّوط الثّامن قبل أن يبلغ الرّكن : أنّه طاف سبعا ، قطع الطّواف. وإن لم يذكر حتّى يجوزه ، تمّم أربعة عشر شوطا حسب ما قدّمناه.

ومن شكّ ، فلم يعلم : سبعة طاف أم ثمانية ، قطع الطّواف وصلّى ركعتين ، وليس عليه شي‌ء. ومن شكّ فلم يعلم : ستّة طاف ، أم سبعة ، أم ثمانية ، أعاد الطّواف ، حتّى يستيقن أنّه طاف سبعا.

ولا يجوز أن يقرن بين طوافين في فريضة. ولا بأس بذلك في النّوافل ، وإن كان الأفضل أن يفصل بين كلّ طوافين بصلاة. فإن كان في حال تقيّة ، فلا بأس أن يقرن في الطّواف ما شاء. ومن زاد على أسبوع في طواف النّافلة ، فالأفضل ان لا ينصرف الّا على المفرد ، ولا ينصرف على الشّفع ، مثلا أن ينصرف على أسبوعين ، بل يتمّم ثلاثة أسابيع.

ومن طاف على غير وضوء ، أو طاف جنبا ، فإن كان طوافه طواف فريضة ، توضّأ أو اغتسل ، وأعاد الطّواف. وإن كان نافلة ، اغتسل أو توضأ وصلّى ، وليس عليه إعادة الطّواف. ومن أحدث في طواف الفريضة بما ينقض الوضوء ، وقد طاف

٢٣٨

بعضه ، فإن كان قد جاز النّصف ، فليتوضّأ ، ويتمّم ما بقي ، وإن كان حدثه قبل أن يبلغ النّصف ، فعليه إعادة الطّواف من أوّله.

ومن طاف طواف الفريضة وصلّى ، ثمَّ تبيّن أنّه كان على غير وضوء ، توضّأ ، وأعاد الطّواف والصّلاة. وإن كان طوافه طواف النّافلة ، توضّأ ، وأعاد الصّلاة.

ومن قطع طوافه بدخول البيت ، أو بالسّعي في حاجة له أو لغيره ، فإن كان قد جاز النّصف ، بنى عليه ، وإن لم يكن جاز النّصف وكان طواف الفريضة ، أعاد الطّواف ، وإن كان طواف نافلة ، بنى عليه على كلّ حال.

ومن كان في الطّواف ، فدخل عليه وقت الصّلاة ، فليقطعه وليصلّ ، ثمَّ يتمّم الطّواف من حيث انتهى اليه. وكذلك من كان في حال الطّواف ، وتضيّق عليه وقت الوتر ، وقارب طلوع الفجر ، أو طلع عليه الفجر ، أوتر وصلّى الفجر ، ثمَّ ثمَّ بنى على طوافه.

والمريض الذي يستمسك الطّهارة ، فإنّه يطاف به ولا يطاف عنه. وإن كان مرضه ممّا لا يمكنه معه استمساك الطّهارة ينتظر به : فإن صلح طاف هو بنفسه ، وإن لم يصلح ، طيف عنه ، ويصلّي هو الرّكعتين ، وقد أجزأه. ومن طاف بالبيت أربعة أشواط ، ثمَّ اعتلّ ، ينتظر به يوم أو يومان : فإن صلح ،

٢٣٩

تمّم طوافه ، وإن لم يصلح ، أمر من يطوف عنه ما بقي عليه ، ويصلّي هو الرّكعتين. وإن كان طوافه أقلّ من ذلك وبرأ ، أعاد الطواف من أوّله ، وإن لم يبرأ ، أمر من يطوف عنه أسبوعا.

ومن حمل غيره فطاف به ونوى لنفسه أيضا الطّواف ، كان ذلك مجزيا عنه.

ولا يجوز للرجل أن يطوف بالبيت وهو غير مختون. ولا بأس بذلك للنّساء. ولا يجوز للرجل أن يطوف وفي ثوبه شي‌ء من النّجاسة. فإن لم يعلم به ، ورأى في حال الطّواف النّجاسة ، رجع فغسل ثوبه ، ثمَّ عاد فتمّم طوافه. فإن علم بعد فراغه من الطّواف ، كان طوافه جائزا ، ويصلّي في ثوب طاهر. ويكره الكلام في حال الطّواف إلّا بذكر الله تعالى وقراءة القرآن.

ومن نسي طواف الزّيارة حتّى رجع إلى أهله ، وواقع أهله ، يجب عليه بدنة ، والرّجوع الى مكّة ، وقضاء طواف الزّيارة. وإن كان طواف النّساء ، وذكر بعد رجوعه إلى أهله ، جاز له ان يستنيب غيره فيه ليطوف عنه. فإن أدركه الموت ، قضى عنه وليّه.

ومن طاف بالبيت ، جاز له أن يؤخّر السّعي الى بعد ساعة ، ولا يجوز أن يؤخّر ذلك الى غد يومه. ولا يجوز تقديم السّعي على الطّواف. فإن قدّم سعيه على الطّواف ، كان عليه أن يطوف

٢٤٠