كنز العرفان في فقه القرآن - ج ١

جمال الدين مقداد بن عبد الله السيوري الحلّي

كنز العرفان في فقه القرآن - ج ١

المؤلف:

جمال الدين مقداد بن عبد الله السيوري الحلّي


الموضوع : الفقه
الناشر: المكتبة المرتضويّة لإحياء الآثار الجعفريّة
المطبعة: الحيدري
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤١٥
الجزء ١ الجزء ٢

على الأعيان إلّا عن سعيد بن المسيّب وله شروط وأحكام تذكر في كتب الفقه والمقصود هنا ذكر آيات تتعلّق به وهي أنواع :

النوع الأول

( في وجوبه )

وفيه آيات :

الاولى ( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) (١).

كتب بمعنى وجب وفرض والكره بضمّ الكاف وفتحها مصدر بمعنى المكروه كاللّفظ بمعنى الملفوظ لا أنّه كالخبز بمعنى المخبوز لأنّ الخبز بضمّ الخاء اسم لا مصدر وإنّما المصدر بفتح الخاء وإنّما كان القتال مكروها لأنّه على خلاف الطبع [ وكلّما كان على خلاف الطبع ] فهو مكروه ولهذا استحقّ عليه الثواب قال [ النبي ] صلى‌الله‌عليه‌وآله : « حفّت الجنّة بالمكاره وحفّت النار بالشّهوات » (٢).

قوله « وعسى أن تكرهوا شيئا » إلى آخره لا شكّ أنّ نسبة الشارع إلى المكلّف كنسبة الطبيب إلى المريض وكما أنّ ما يأمر به الطبيب مكروه له وما ينهاه عنه محبوب له كذلك الشارع بالنسبة إلى نفس المكلّف ولذلك علّل سبحانه بقوله : « والله يعلم وأنتم لا تعلمون ».

إذا عرفت هذا فهنا أحكام :

١ ـ أنّه واجب على الكفاية للأصل ولإجماع الصحابة وغيرهم ولانتفاء

__________________

(١) البقرة : ٢١٦.

(٢) ومثله في نهج البلاغة الخطبة ١٧٤.

٣٤١

المسبّب عند انتفاء السّبب وذهب قوم إلى أنّه واجب على الأعيان لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « من مات ولم يغز ولم يحدّث نفسه بغزو مات على شعبة من نفاق » (١) وليس بدالّ على مطلوبهم.

٢ ـ أنّ الواجب على الكفاية قد يصير واجبا على الأعيان بحسب الأحوال المقتضية لذلك وهو هنا إمّا بقصور القائمين عن الكفاية أو تعيين صاحب الأمر أو غير ذلك.

٣ ـ ذهب قوم إلى أنّ الوجوب مختصّ بالصحابة لتوجّه الخطاب إليهم وهو باطل لعموم قوله ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ـ إلى قوله ـ وَجاهِدُوا ) (٢) ولقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « حكمي على الواحد حكمي على الجماعة » (٣) وللإجماع.

٤ ـ الخيريّة في الجهاد ظاهرة أمّا في العاجلة الغنيمة والغلبة ولذّة الظفر والعزّة وأمّا في الآخرة فالثواب والفوز بمنازل الشهداء وفي تركه أضداد ذلك من الفقر والذلّة والخذلان والعقاب ودركات الأشقياء.

الثانية ( وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) (٤).

هذه أيضا دالّة على وجوب الجهاد لصيغة الأمر الدالّ على الوجوب ثمّ اعلم أنّ الجهاد هنا يحتمل ثلاثة معان الأوّل الجهاد مع الكفّار في نصرة الإسلام وإعلاء كلمة الله الثاني الجهاد مع النفس الأمّارة واللّوّامة في نصرة النفس العاقلة المطمئنّة وهو الجهاد الأكبر ولذلك ورد عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله : « أنّه رجع عن بعض غزواته فقال رجعنا

__________________

(١) سنن أبى داود ج ٢ ص ١٠.

(٢) الحج : ٧٧ و ٧٨.

(٣) أخرجه المجلسي في بحار الأنوار ج ٢ ص ٢٧١ من طبعة دار الكتب الإسلامية عن غوالي اللئالي.

(٤) الحج : ٧٨.

٣٤٢

من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر (١) » الثالث الجهاد بمعنى رتبة الإحسان كما قال سبحانه ( وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا ) (٢) ومعنى رتبة الإحسان هو أن تعبد ربّك كأنّك تراه فان لم تكن تراه فإنّه يراك ولذلك قال « حقّ جهاده » أي جهادا حقّا كما ينبغي بجدّ النفس وخلوصها عن شوائب الرياء والسمعة مع الخشوع والخضوع وقوله « في الله » أي في عبادة الله « هو اجتباكم » أي اختاركم على الموجودات وجعلكم خلائف في الأرض وسلّم إليكم مفتاح الخير والشرّ.

قوله « وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ » أي صعوبة وضيق جواب سؤال مقدّر تقديره أنّ حقّ جهاده إنّما يتمكّن منه بعض الناس لا كلّهم بل لا يكاد يقدر عليها أحد كما قال صلى‌الله‌عليه‌وآله « لا احصي ثناء عليك » (٣) فكيف يؤمر به الكلّ أجاب بأنّه لم يجعل عليكم حرجا و « من » زائدة بل كلّ واحد عليه الاجتهاد قدر تمكّنه و ( لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلّا وُسْعَها ) (٤).

الثالثة ( وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ) (٥).

هذه أيضا صريحة في الأمر بالقتال قيل هي أوّل آية نزلت في القتال ولذلك قال « الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ » ليخرج الكافّون عن القتال فانّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان بعد الهجرة يكفّ عن الكافّين عنه وعلى هذا القول هي منسوخة بقوله ( فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ) (٦) وقيل أراد بالّذين يقاتلون الّذين هم من أهل القتال ليخرج الشيوخ

__________________

(١) مستدرك الوسائل ج ٢ ص ٢٧٠.

(٢) العنكبوت : ٦٩.

(٣) السراج المنير ج ١ ص ٣٢٠ ولفظه « اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك ، لا احصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ».

(٤) البقرة : ٢٨٦.

(٥) البقرة : ١٩٠.

(٦) براءة : ٥.

٣٤٣

والصبيان والنساء وهو أولى لأنّ النسخ على خلاف الأصل وقولهم إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يكفّ عمّن يكفّ عنه ممنوع بل كان ينتظر الفرصة وحصول الشرائط قوله « وَلا تَعْتَدُوا » معناه على الأوّل لا تبدأوا بقتال من لم يقاتلكم وعلى الثاني لا تقتلوا من لا يجوز قتاله كالنساء والصبيان.

الرابعة ( الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ) (١).

كان أهل مكّة قد منعوا النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله عن الدخول عام الحديبية سنة ستّ في ذي القعدة وهتكوا الشهر الحرام فأجاز الله للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وأصحابه أن يدخلوا في سنة سبع في ذي القعدة لعمرة القضاء ويكون ذلك مقابلا لمنعهم في العام الأوّل ثمّ قال « وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ » أي يجوز القصاص في كلّ شي‌ء حتّى في هتك حرمة الشهر ثمّ عمّم الحكم فقال : « فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ » فانّ دفع الشرّ خير وتسمية المجازي معتديا مجاز تسمية للشي‌ء باسم مقابله « وَاتَّقُوا اللهَ » في أخذكم ممّن اعتدى عليكم بحيث لا يتجاوز مثل فعلهم وفي الآية أحكام :

١ ـ إباحة القتال في الشهر الحرام لمن لا يرى له حرمة أعمّ من أن يكون ممّن كان يرى الحرمة أولا لأنّه إذا جاز قتال من يرى حرمته فقتال غيره أولى.

٢ ـ أنّه يجوز مقاتلة المحارب المعتدي بمثل فعله لقوله « والحرمات قصاص ».

٣ ـ أنّه إذا دهم المسلمين داهم من عدوّ يخشى منه على بيضة الإسلام يجوز قتاله ويكون ذلك واجبا لا أنّ الجهاد من خاصيّته أنّه إذا كان جائزا كان واجبا سواء كان الامام حاضرا أولا.

__________________

(١) البقرة : ١٩٤.

٣٤٤

٤ ـ أنه إذا كان الإنسان بين قوم ودهمهم عدوّ فخشي منه على نفسه جاز قتال ذلك العدوّ ويكون قصده الدفاع عن نفسه لقوله « فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ ».

٥ ـ أنه يجوز أيضا بمقتضى الآية أنّ الغاصب والظالم إذا لم يردّ المظلمة أن يؤخذ من ماله قدر ما غصب سواء كان بحكم الحاكم أولا.

٦ ـ أنّ المجازي منصور إذا اتّقى في مجازاته التعدّي لأنّ الله معه.

الخامسة ( وَما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظّالِمِ أَهْلُها وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً ) (١).

كان قوم من المسلمين بمكّة قد عجزوا عن الهجرة فاجتهد الكفّار على افتتانهم عن دينهم وتوعدوهم بالمكروه استضعافا فدعا أولئك المستضعفون ربّهم أن يخلّصهم منهم وينصرهم عليهم فأنزل الله هذه الآية حضّا للمؤمنين وحثا لهم على الجهاد وتخليص إخوانهم من أيدي الكفّار والاستفهام هنا مشوب بالتحضيض قوله « وَالْمُسْتَضْعَفِينَ » منصوب عطفا على محلّ « فِي سَبِيلِ اللهِ » وقيل المضاف محذوف أي وفي نصرة المستضعفين أو إعزاز المستضعفين « والقرية » هي مكّة فلمّا فتح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مكّة كان لهم وليّا فاستعمل عليهم عتّاب ابن أسيد فكان لهم نصيرا وفي الآية دلالة على وجوب الهجرة عن دار الشرك وعذر العاجزين عن ذلك ووجوب السعي على المؤمنين في تخليصهم من أيدي الكفّار وفيها أيضا أخبار بإجابة الدعاء خصوصا لمن هو في حال الضرورة والعجز وفيها أيضا دلالة على وجوب المدافعة عن المؤمن العاجز عن دفع من يظلمه لأنّه من باب الحسبة.

__________________

(١) النساء : ٧٤.

٣٤٥

السادسة ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً ) (١).

الخطاب للمسلمين من المنافقين والمؤمنين المخلصين بدليل قوله فيما بعد « وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ » أي يثبّطنّ « و خُذُوا حِذْرَكُمْ » أي خذوا طريق الاحتياط واسلكوه واجعلوا الحذر ملكة في دفع ضرر الأعداء عنكم والحذر والحذر بمعنى واحد كالإثر والأثر « فَانْفِرُوا » أي سيروا إلى العدوّ « ثُباتٍ » أي جماعة بعد جماعة وهي السرايا « أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً » أي جيشا واحدا وقيل الحذر السلاح عن الباقر عليه‌السلام قال الطبرسيّ وهو الأصحّ لأنه أوفق بقياس كلام العرب ويكون من باب حذف المضاف أي آلات حذركم (٢) وفيه نظر لأنّه في غير هذه الآية عطف السلاح على الحذر كما تقدّم (٣) والعطف يقتضي المغايرة وقوله إنّه من باب حذف المضاف خروج عن القول المنقول لأنّه فسّر الحذر بأنّه السلاح ولو قال إنّه سمّي السلاح حذرا لأنّه به يحصل الحذر لكان أصوب وعلى هذا يكون قوله « خُذُوا » مستعملا في موضوعه أي تناولوا وفي الآية حثّ على الاستعداد للجهاد وإيجاب النفور إلى الأعداء للجهاد.

السابعة ( فَلْيُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ وَمَنْ يُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً ) (٤).

لمّا أمر المسلمين كافّة بالجهاد في سبيله أخبر هنا بأنّ الأمر في الحقيقة إنّما يتوجّه إلى السعداء المخلصين وهم الّذين يبيعون الحياة الدنيا بالحياة الآخرة أي

__________________

(١) النساء : ٧٠.

(٢) مجمع البيان ج ٣ ص ٧٣.

(٣) يعنى قوله تعالى « وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ » راجع ص ١٨٨.

(٤) النساء : ٧٣.

٣٤٦

يستبدلون تلك بهذه رضى وإيثارا كما يرضى البائع بالثمن عوضا عن سلعته والشرى يستعمل بمعنى البيع وبمعنى الاشتراء والأوّل أظهر في الاستعمال وهو المراد هنا ثمّ إنّه تعالى حثّ على الجهاد حثا عظيما بأنّ المجاهد لا بدّ له من الفوز بإحدى الحسنيين (١) إمّا الأخروية فلازمة حتما فإنّها تابعة لقصده ونيّته سواء غلب أو غلب وأمّا الدنيويّة فإنّها حاصلة مع الظفر قطعا ومع عدمه يتخلّص من الملامة والمذمّة ويحصل [ على ] المدح والثناء.

ومثل هذه الآية قوله تعالى ( إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) (٢) وسبب نزولها أنّه لمّا بايعت الأنصار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ليلة العقبة وهم سبعون رجلا قال عبد الله بن رواحة : اشترط لربّك ولنفسك ما شئت فقال أشترط لربّي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأشترط لنفسي أن تمنعوني ممّا تمنعون منه أنفسكم قالوا فإذا فعلنا ذلك فما لنا؟ قال الجنّة قال [ عبد الله ] ربح البيع لا نقيله ولا نستقيله فنزلت (٣).

وفيها أيضا حثّ على الجهاد وعظم فائدته ومعناه إنّ الله اشترى من المؤمنين أنفسهم الحيوانيّة الأمّارة [ بالسّوء ] بالجنّة فالبائع هي أنفسهم العاقلة والمشتري هو الله والسلعة هي النفس الحيوانيّة والثمن هو الجنّة والمراد بالاشتراء هو إبدال أنفسهم الحيوانيّة بالجنّة فاستعار له الاشتراء والاستعارة مبالغة في التشبيه تقول زيد كالأسد فإذا بالغت قلت زيد الأسد وليس شراء حقيقيّا لأنّ الله هو المالك للثمن والسلعة والبائع إلّا أنّ للبائع اختصاصا بالسّلعة كاختصاص المستعير بالعين المعارة وكما لا يصحّ أن يبيع المستعير العين على مالكها فكذلك هنا ولمّا كانت السلعة غير حاضرة

__________________

(١) الحياتين ، خ ل.

(٢) براءة : ١١٢.

(٣) الدر المنثور ج ٣ ص ٢٨٠.

٣٤٧

احتاج إلى رهن يثق به البائع وهو هنا تأكيد الوعد فلذلك قال « وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا » وهو مصدر مؤكّد لمضمون الجملة وهو « أنّ لهم الجنّة » و « حقّا » صفته.

قوله « وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ » استفهام على وجه الإنكار وأوفى للتفضيل أي ليس أحد أكثر وفاء ولا أصحّه من الله وكيف لا وخلف الوعد قبيح والقبيح محال عليه سبحانه « فَاسْتَبْشِرُوا » أي خذوا حظّكم من الغبطة والسرور في هذه المبايعة وكيف لا وقد أعطيتم الشي‌ء الحقير الفاني وأخذتم الخطير الباقي « وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ».

روي أنّ رجلا قال لزين العابدين عليه‌السلام إنّك قد آثرت الحجّ على الجهاد والله يقول « إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ » فقال عليه‌السلام فاقرأ ما بعدها « التّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ السّائِحُونَ » إذا رأيت هؤلاء فالجهاد معهم أفضل من الحجّ (١) إشارة منه عليه‌السلام إلى أنّ الجهاد المأمور به هو الجهاد مع الامام المعصوم لا أيّ جهاد كان تنبيها للسائل على جهله فإنّه ليس ممّن له الاعتراض على مثل هذا الرجل العظيم الشأن العالم بشرائط العبادات وأسرار الطاعات.

الثامنة ( ما كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللهِ وَلا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَطَؤُنَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفّارَ وَلا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ إِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ وَلا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً وَلا يَقْطَعُونَ وادِياً إِلّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ ) (٢).

المراد بأهل المدينة من سكنها من المهاجرين والأنصار و « الأعراب » جمع

__________________

(١) مجمع البيان ج ٣ ص ٧٦. تفسير القمي ص ٢٨١.

(٢) براءة : ١٢١.

٣٤٨

عرب كالأعجام جمع عجم وهم الّذين يسكنون البوادي يقال رجل عربيّ إذا كان من العرب وإن سكن البلاد وأعرابيّ إذا سكن في البادية والظمأ شدّة العطش والنصب التعب والمخمصة الجوع والموطئ في قوله « وَلا يَطَؤُنَ مَوْطِئاً » إمّا مصدر أو مكان الوطي والمراد الوطي بالقدم والحافر وقيل الإيقاع والابادة كقوله عليه‌السلام « آخر وطأه وطئها الله » (١) وفيه نظر لأنّه مجاز وما قلناه حقيقة ولا ضرورة للنقل عنه ولا قرينة والنيل مصدر ومعناه كلّما يسوؤهم ويضرّهم من قول أو فعل والنفقة الصغيرة هي القليلة فإنّ القليل صغير أيضا فإنّ الصغير يقال بالنسبة إلى الحجم والقليل بالنسبة إلى الثقل والوزن وبينهما تلازم ولذلك يستعمل أحدهما مكان الآخر وكذا الكلام في الكبير والكثير والوادي في الأصل كلّ منفرج بين الجبال والآكام يكون مجمعا للسيل وهو اسم فاعل من ودى إذا سال وهو صفة للماء فيسمّى المكان به تسمية المحلّ باسم الحالّ وقد يستعمل الوادي في مطلق المكان ويمكن أن يكون هو المراد هنا.

إذا عرفت هذا ففي الآية تحريم التخلّف عن الجهاد وعدم الخروج مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لقوله « ما كان » أي ما كان لهم في حكم الله وشرعه أن يتخلّفوا وكذلك ما كان لهم أن يرغبوا في حفظ أنفسهم عن متاعب السفر وما لاقوه من العسرة عن نفس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أي ليست أنفسهم بأعزّ من نفسه ثمّ إنّ ذلك التحريم له فائدتان كلّيّة وجزئيّة أمّا الكليّة فلم يصرّح بها في الآية وهي إهانة الكفّار وإذلالهم وكسر شوكتهم فيحصل بذلك إعزاز الدين وأهله وأيضا لو لم ينفروا إليهم ولا يطأوا أرضهم لجاز أنّ المشركين يطأون أرض المسلمين ويحصل الفساد العظيم وأمّا الجزئيّة فإنّ المجاهدين يكتب لهم ثواب الجهاد بمجرّد النيّة وإن لم يحصل قتال وثواب ما يحصل لهم من عطش أو تعب أو جوع وغير ذلك فإنّ ذلك كلّه إحسان « إِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ » وهنا فوائد :

١ ـ سبب نزول الآيت [ ين ] أنّه لمّا تخلّف جماعة عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله في غزاة تبوك بغير

__________________

(١) النهاية لابن الأثير ج ٤ ص ٢١٨.

٣٤٩

إذن منه فقرّعهم [ الله ] على تخلّفهم ووبّخهم بآيات كثيرة كقوله ( فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللهِ ) (١) وغيرها اعتذر بعضهم بأنّه لم يكن في تلك الغزاة قتال ولا حرب فأيّ فائدة كانت تحصل بالخروج فنزلت ، ولذلك استدلّ أبو حنيفة بها على أنّ المدد الّذي يلحق العسكر بعد الفراغ من القتال يسهم لهم من الغنيمة بمجرّد قصدهم وهو مذهب أصحابنا أيضا خلافا للشافعيّة.

٢ ـ استدلّ بعضهم بالآية على أنّ الجهاد واجب على الأعيان وفيه نظر لجواز أنّه كان في مبدء الإسلام حيث كان في المسلمين قلّة فلمّا كثروا نسخ عنهم (٢) ولذلك قال بعدها « وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً ».

٣ ـ قال قتادة هذا الحكم مختصّ بالنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يجوز التخلّف عنه في غزاة من الغزوات إلّا لعذر وأمّا غيره من الأئمّة فيجوز التخلّف عنهم وقال الأوزاعيّ وابن المبارك إنّ هذا الحكم عامّ لأوّل الأمّة وآخرها وهو موافق لمذهبنا من قيام الإمام مقام الرسول في كلّ الأحكام نعم إنّ الجهاد من فروض الكفايات إذا قام به بعض فيه كفاية سقط عن الباقين.

٤ ـ في الآية دلالة على أنّ كلّ تعب وظماء وجوع وإنفاق يحصل في حجّ أو جهاد أو زيارة أحد المعصومين عليهم‌السلام أو طلب علم أو أيّ طاعة كانت فإنّ ذلك يكتب لصاحبه وإن لم تحصل غايته وتعذّرت من غير جهته.

التاسعة ( لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً ) (٣).

__________________

(١) براءة : ٨٢.

(٢) وفيه روايات راجع الدر المنثور ج ٣ ص ٢٩٢.

(٣) النساء : ٩٥.

٣٥٠

قرئ « غير » بالحركات الثلاث أمّا الرفع فصفة للقاعدون أو بدل وأمّا النصب فعلى الاستثناء وقال الزجّاج حال من القاعدون أي لا يستوي القاعدون حال خلوّهم من الضرر وأمّا الجرّ فهو صفة للمؤمنين أو بدل منه « ودرجة » نصب على المصدر أو على التميز « وكلّا » منصوب على المفعوليّة قدّم على عامله لكونه أهمّ و « أجرا » أيضا منصوب إمّا على المصدر أو على التميز.

واعلم أنّ القاعدين عن الجهاد من المؤمنين قسمان أحدهما من لا ضرر به لكنّه قعد للاذن له في ذلك أو لقيام من فيه كفاية وثانيهما من به ضرر يمنعه عن الخروج ولولاه لخرج فنفي المساواة وقع بين القسم الأوّل وبين المجاهدين في الآية صريحا وأمّا القسم الثاني فنفي المساواة بين المجاهدين وبينه أيضا حاصل لأنّ النيّة مشتركة بينهما ويزيد المجاهدون بالفعل فلا مساواة أيضا ثمّ لمّا كان نفي المساواة مجملا أردفه بالبيان وهو قوله « فَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً » ولمّا قضت الضرورة أنّ من قعد لعذر ليس كمن قعد لا لعذر وجب كون التفضيل على الأوّل أعني من قعد لعذر أقلّ وإليه أشار بقوله « درجة » وعلى الثاني وهو من قعد لا لعذر أكثر وإليه أشار بقوله « أَجْراً عَظِيماً دَرَجاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً » أي للذنوب « وَرَحْمَةً » أي تفضّلا زائدا على المستحقّ بحسب مشيّته تعالى.

وقيل : المجاهدون الأوّلون من يجاهد الكفّار والآخرون من بجاهد نفسه وعليه دلّ قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله « رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر (١) وقيل بل الدرجة ارتفاع شأنهم عند الله والدرجات منازلهم في الجنّة وقيل الدرجة ما حصل لهم في الدنيا من الثناء الحسن والغنيمة والدرجات في الآخرة. قوله « وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى » أي المثوبة الحسنى وهي الجنّة والتنوين عوض من المضاف إليه أي كلّ واحد من المذكورين. وفي الآية فوائد :

١ ـ التصريح بأنّ الجهاد ليس فرض عين وإلّا لما كان القاعد لا لضرورة معذورا وهو باطل.

__________________

(١) قد مر في ص ٣٤٣.

٣٥١

٢ ـ سقوطه عمّن به ضرر كالعمى والعرج والإقعاد وكبر السنّ والفقر لأنّ جميع ذلك يشمله لفظ الضرر.

٣ ـ « روى زيد بن ثابت أنّه لم يكن في الآية « غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ » فجاء ابن أمّ مكتوم وهو أعمى وهو يبكي وقال يا رسول الله كيف بمن لا يستطيع الجهاد فغشيه الوحي ثانيا ثمّ سري عنه فقال اقرأ « غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ » فألحقتها والّذي نفسي بيده لكأنّي أنظر إلى ملحقها عند صدع [ الوحي ] في الكتف (١) وفيه دلالة على [ جواز ] تأخير البيان عن وقت الخطاب.

العاشرة ( لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذا نَصَحُوا لِلّهِ وَرَسُولِهِ ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) (٢).

هذه الآية صريحة في عدم وجوب الجهاد على هؤلاء المذكورين « والضعفاء » هم الهرمى والزمنى والنصح لله ورسوله هو الإيمان الحقيقيّ بهما وفي الآية دلالة على نفي الحرج عن العاجز مطلقا أي بنفسه وبماله فلا يجب عليه الاستنابة ولو قدر عليها بماله ، وقال بعض أصحابنا يجب على العاجز بنفسه القادر بماله أن يستنيب عنه غيره لقوله تعالى ( وَكَرِهُوا أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ) ذمّهم على عدم إنفاقهم أموالهم مع القدرة عليها وليس ذلك مع الجهاد بالنفس وإلّا لكان إنفاقه على نفسه فيكون لا معه وهو المطلوب وفيه قوّة وفي الآية دلالة أيضا على عدم وجوبه على العبد لقوله « لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ » والعبد لا يملك شيئا عندنا فلم يحصل الشرط في حقّه.

__________________

(١) الدر المنثور ج ٢ ص ٢٠٣.

(٢) براءة : ٩٢.

٣٥٢

النوع الثاني

( في كيفية القتال ووقته وشي‌ء من احكامه )

وفيه آيات :

الاولى ( يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ حَتّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ [ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ ] ) (١).

قتال مجرور على أنّه [ م ] بدل بدل الاشتمال من « الشهر الحرام » و « صدّ عن سبيل الله » أي منع عن طاعة الله و « كفر به » أي بالله « والمسجد » ليس معطوفا على « به » بل مجرور عطفا على « سبيل الله » أي صدّ عن المسجد [ الحرام ] « وإخراج » مرفوع عطفا على صدّ وهما مرفوعان بالابتداء « وأكبر » خبر عن الجميع لأنّ أفعل التفضيل يستوي فيه المفرد والمثنّى والمجموع « والفتنة » هو ما ارتكبوه من الإخراج أو الشرك.

قيل سبب نزولها أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بعث سريّة أميرها عبد الله بن جحش الأسديّ ـ وكان ابن عمّته صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ قبل قتال بدر بشهرين في جمادى الآخرة يرصدون عير القريش عليها تجارة من الطائف وكان في العير [ عمرو بن ] عبد الله الحضرميّ

__________________

(١) البقرة : ٢١٧.

٣٥٣

وثلاثة معه فالتقوا بهم أوّل يوم من رجب وهم يظنّونه من جمادى الآخرة فقتلوا [ عمرو بن ] عبد الله واستأسروا اثنين من أصحابه واستاقوا العير فقالت قريش قد استحلّ محمّد الشهر الحرام شهرا يأمن فيه الخائف فردّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله العير والأسارى وكتب قريش إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله يسألونه عن القتال في الشهر الحرام تشنيعا وتبكيتا (١).

وقيل : السائل المسلمون وأهل السريّة تألّما ممّا وقع منهم وقالوا لا نبرح حتّى تنزل توبتنا وعن ابن عبّاس لمّا نزلت أخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الغنيمة وأخرج خمسها وهو أوّل خمس وغنيمة في الإسلام وقسم الباقي بعد الخمس في السريّة (٢) وفيه دلالة على إخراج الخمس من أصل الغنيمة ونقل الطبرسيّ أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله عقل ابن الحضرميّ أي أدّى ديته وفي الآية أحكام :

١ ـ تحريم القتال في الشهر الحرام لقوله تعالى ( قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ ) أي ذنب كبير لكن عند أصحابنا ليس ذلك على إطلاقه بل التحريم بالنسبة إلى من يرى حرمة الشهر إذا لم يبدأ أمّا من لا يرى له حرمة أو يرى ويبدأ فيجوز القتال ولذلك قال [ الله ] تعالى « قتال » بالتنكير والنكرة في الإثبات لا تعمّ وقال الأكثر إنّه كان حراما مطلقا ثمّ نسخ وقال عطا بل التحريم باق لم ينسخ.

٢ ـ أنّه لمّا اعترض المشركون على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بفعل السريّة أمره الله تعالى بمقابلتهم بأعظم ممّا فعلته السريّة على غير قصد وذلك هو صدّهم عن سبيل الله وكفرهم به وإخراج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأتباعه من المسجد الحرام وصدّهم له عام الحديبيّة و [ أنّ ] ذلك أعظم عند الله من قتل ذلك الشخص.

٣ ـ أنّ أهل السريّة لمّا عظم عليهم ما فعلوه وتابوا منه ظنّ قوم أنّهم إن خلصوا من الإثم فليس لهم من الأجر شي‌ء فأنزل الله تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللهِ ) (٣).

__________________

(١) مجمع البيان ج ٢ ص ٣١٢. الدر المنثور ج ١ ص ٢٥٠.

(٢) سيرة ابن هشام ج ١ ص ٦٠٥.

(٣) البقرة : ٢١٨.

٣٥٤

٤ ـ أخبر سبحانه بإصرار أهل الكفر على عداوة المسلمين وأنّهم لا يزالون على ذلك حتّى يرجعوهم عن دينهم و « حتّى » هنا للتعليل وقوله « إِنِ اسْتَطاعُوا » استبعاد لاستطاعتهم كقولك لعدوّك إن ظفرت بي فلا تبق عليّ وأنت واثق بعدم ظفره.

٥ ـ لمّا ذكر الارتداد استطرد حكمه فقال « وَمَنْ يَرْتَدِدْ » واختلف [ في أنّه ] هل نفس الردّة محبط للعمل أو مع الموت عليها قال أبو حنيفة بالأوّل والشافعيّ بالثاني وبه قال أصحابنا وهو الحقّ سواء كان ارتداده عن فطرة أولا فإنّ الموافاة عندنا بالإيمان شرط في استحقاق الثواب.

الثانية ( وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ ) (١).

يقال ثقفت الرجل إذا وجدته وأنت متمكّن منه حاذق على ذلك وأصله الحذق للشي‌ء علما وعملا وهذه الآية ناسخة لكلّ آية فيها أمر بالموادعة أو الكفّ عن القتال كقوله تعالى ( وَدَعْ أَذاهُمْ ) (٢) وقوله ( لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ) (٣) وأمثاله لأنّ حيث للمكان أي في أيّ مكان أدركتموهم من حلّ أو حرم وكان القتال في الحرم محرّما ثمّ نسخ بهذه الآية وأمثالها فصدرها ناسخ لعجزها قوله « وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ » أي من مكّة فإنّهم أخرجوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وجماعة من المسلمين من الحرم وكذلك صدّوهم عن الدخول عام الحديبية فلا جناح في إخراجهم لأنّ البادي أظلم وقد فعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عام الفتح كذلك « وَالْفِتْنَةُ » أي المحنة والبليّة بإخراجهم عن وطنهم « أَشَدُّ » عليهم من قتلهم لدوام التألّم بذلك وقيل

__________________

(١) البقرة : ١٩١.

(٢) الأحزاب : ٤٨.

(٣) الكافرون : ٦.

٣٥٥

الشرك أي شركهم في الحرم أشدّ عليهم من قتلكم لهم ومن إخراجهم من الحرم.

قوله « وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ » قيل سبب نزولها أنّ المسلمين لمّا وقع صلح الحديبية خافوا أنّهم إذا رجعوا في العام المقبل أن لا يفي المشركون بعهدهم فيضطرّون إلى قتالهم في الحرم في الشهر الحرام فأمرهم الله بقتالهم إن لم يفوا فإنّ جزاء السيّئة سيّئة.

فائدة :في حكم هذه الآية قوله تعالى ( فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ) وفيه زيادة (١) تحريص للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله عليهم بقوله « وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ ».

الثالثة ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ) (٢).

« يَلُونَكُمْ » أي يقربون منكم أي قاتلوا الكفّار كلّهم الأقرب فالأقرب لأنّ قتالهم مع تباين أمكنتهم دفعة واحدة من المحالات فلا بدّ من الترتيب والأحوط البدأة بالأقرب ما لم يكن الأبعد أشدّ خطرا من الأقرب ولذلك قاتل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله بني قريظة وبني النضير أوّلا وفتح مكّة قبل حرب هوازن ولم يحارب أهل فارس لبعدهم وسئل ابن عمر عن قتال الديلم فقال عليكم بالروم. والغلظة الشدّة وخلاف اللّين « وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ » لأنّه أمر بالتقوى ومن المحال أن يأمر بشي‌ء ويكون مع ضدّه ويجوز أن يريد المتّقين عن الفشل واللّين والفرار لأنّه أمر بأضدادها.

الرابعة ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) (٣).

__________________

(١) براءة : ٥.

(٢) براءة : ١٢٤.

(٣) الأنفال : ١٦.

٣٥٦

قيل : المراد بالزحف الجيش الدهم الّذي يرى لكثرته كأنّه يزحف وقيل الزحف الدنوّ يسيرا يسيرا من زحف الصبيّ إذا دبّ على مقعده وهو مصدر منصوب على الحال نحو جاء زيد ركضا وهو إمّا حال من المفعول وهو ظاهر الآية أو حال من الفاعل أو منهما معا والتحرّف الميل إلى حرف أي طرف ومنه التحرّف إلى طلب الرزق وهو الميل إلى جهة يظنّ فيها الرزق قوله « لقتال » أي لا يكون للفرار بل لحضانة الموضع وقيل هو الكرّ بعد الفرّ والتحيّز الميل إلى حيّز والفئة قيل هي الجماعة من الناس المنقطعة عن غيرها وقيل هو رئيس العسكر سمّي به لأنّ أصحابه يرجعون إليه في حوائجهم وانتصابهما على الحال أي ومن يولّ دبره فقد باء بغضب من الله إلّا في هذين الحالين ويحتمل نصبهما على الاستثناء وفيها أحكام :

١ ـ أنّه يحرم الفرار من قتال الكفّار بعد الالتقاء بهم إلّا في حالتي التحرّف أو التحيّز.

٢ ـ أنّ الخطاب عامّ في كلّ الكفّار وكلّ المسلمين وقيل مختصّ بحرب بدر لأنّها نزلت في تلك الواقعة وقد عرفت مرارا أنّ خصوص السبب لا يخصّص.

٣ ـ أنّ وجوب الثبات وحرمة الفرار ليس مطلقا بل مقيّد بعدم زيادة العدوّ على الضعف إذ مع زيادته يجوز الفرار لما يأتي.

٤ ـ أنّه إذا لم يزد على الضعف وتحقّق العطب هل يجب الثبات ويحرم الفرار أم لا ، الحقّ الأوّل لعموم قوله ( إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا ) (١) وقيل بالثاني لقوله ( وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) (٢) وفيه ضعف لأنّ التغرير في الحرب من لوازمه.

٥ ـ التحرّف للقتال الاستعداد له بأن يصلح لأمته أو يطلب ماء لمكان عطشه أو مأكولا لجوعه أو تكون الشمس في مقابلته ويتأذّى بها أو غير ذلك ويشترط في ألفية صلاحيّتها للاستنجاد بدونه أو معه قريبة كانت أو بعيدة اللهمّ إلّا أن يفرط

__________________

(١) الأنفال : ٤٦.

(٢) البقرة : ١٩٥.

٣٥٧

البعد بحيث يعد فرارا.

٦ ـ الفرار هنا مع الشرائط كبيرة للتوعّد عليه بالنار والتوبة منه العود إلى مركزه وإظهار الندم والعزم على القتال.

٧ ـ (١) في معنى الآية قوله تعالى ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) (٢) في العموم والتقييد بعدم الزيادة على الضعف وقوله « وَاذْكُرُوا اللهَ » أي اذكروا عظمة الله لتستعظموا مخالفته بعدم الثبات كي تفلحوا بذلك.

الخامسة ( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ. الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصّابِرِينَ ) (٣).

التحريض والتحضيض والتحريص بمعنى واحد وهو الترغيب والحثّ على الشي‌ء ومدلول الآية الأولى أمر الله لرسوله أن يرغّب المؤمنين في القتال ووعدهم النصر على ذلك وإن كثر العدوّ حتّى يقاوم العشرة مائة ولفظه خبر ومعناه الأمر وكان ذلك تكليفهم في مبدء الإسلام ثم نسخ ذلك عنهم بعد مدّة بالآية الثانية وهي قوله « الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ » وهو من باب النسخ بالأخفّ وسببه أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بعث حمزة عليه‌السلام في ثلاثين راكبا فلقي أبا جهل في ثلاثمائة راكب فثقل ذلك

__________________

(١) في بعض النسخ : فائدة.

(٢) الأنفال : ٤٦.

(٣) الأنفال : ٦٥.

٣٥٨

عليهم وضجّوا منه فخفّف الله عنهم بمقاومة الواحد الاثنين وهنا فوائد :

١ ـ لمّا كان مطلوب الكفّار في القتال ضدّ مطلوب الله كانوا مغالبين لله ومن غالب الله غلبه الله ولمّا كان المؤمنون مطلوبهم مطلوب الله كان الله ناصرهم ومن نصره الله لن يخذل أبدا ولذلك علم بالاستقراء أنّ الباغي مصروع دائما ولهذا السرّ قال تعالى ( بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ ) أي لا يفقهون أنّهم مغالبون الله تعالى ومغالبة مغلوب. ووجه آخر وهو أنّ من لا يعرف الآخرة فالحياة عنده لا تكون إلّا هذه الدنيوية فهو يشحّ بها فيجين [ ويفرّ ] ومن اعتقد الآخرة وأنّ سعادته فيها لم يبال بهذه الحياة [ الدنيا الفانية ] فيخوض الغمرات ويقاتل الجماعات.

٢ ـ المراد بالضعف الضعف البدنيّ لا في البصيرة في الدين كما قال الطبرسي أما أوّلا فلأنّه المتبادر إلى الذهن فيكون حقيقة فيه وأمّا ثانيا فلأنّ قرينة التخفيف تدلّ على ذلك وأمّا ثالثا فلأنّ الضعف البدنيّ مناسب للتخفيف والنسخ بخلاف الضعف في البصيرة.

٣ ـ الفرق بين الحكمين أنّ المسلمين لمّا كان فيهم قلّة كلّفهم بمقاومة عشرة لمائة وإن علم فيهم ضعفا ولمّا كثروا زال المانع فخفّف عنهم لسعة رحمته وقرئ بفتح الضاد وضمّها للسبعة وقرأ أبو جعفر ضعفاء جمعا.

٤ ـ إنّما كرّر العدد في الناسخ والمنسوخ لأنّ الحال قد يتفاوت في المقاومة فربّما لا يقاوم العشرة المائة ويقاوم المائة الألف وكذلك قد لا يقاوم المائة المائتين ويقاوم الألف الألفين فالتكرار للدلالة على وقوع الغلبة للمؤمنين مع قلّتهم وكثرتهم وبعبارة اخرى إنّما ذكرت القرينة الثانية للدلالة على أنّ غلبة المؤمنين متحقّقة وإن ازداد الكفّار بتلك النسبة أضعافا مضاعفة.

٥ ـ أنّ مدلول الآية وجوب ثبات الجمع لمثليه وأنّه لا يجب لو كان العدوّ أكثر من الضعف فعلى هذا هل يجوز انهزام مائة بطل عن مائتي ضعيف وواحد من اثنين أم لا؟ الأولى لا يجوز لأنّ العدد معتبر مع تقارب الأوصاف فعلى هذا يجوز هرب مائة ضعيف من المسلمين من مائة بطل مع ظنّ العجز وفيه نظر.

٣٥٩

٦ ـ لو زاد الكفّار على الضعف وظنّ السلامة استحبّ الثبات ولو ظنّ العجز وجب الهرب لقوله ( وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) (١).

٧ ـ لو انفرد اثنان بواحد هل يجب الثبات احتمالان من كونهما لم يزيدا على الضعف ومن جواز اختصاص الحكم في الآية بالجماعة إذ الهيئة الاجتماعيّة لها أثر في المقاومة وهو الأقرب.

السادسة ( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) (٢).

قال ابن عباس : جهاد الكفّار بالسيف وجهاد المنافقين باللّسان يريد بإقامة الحجّة عليهم والوعظ لهم واختاره الجبائيّ وقال الحسن وقتادة جهاد المنافقين بإقامة الحدود عليهم وفيه نظر فانّ الحدود تقام أيضا على الفسّاق من المسلمين مع أنّ ذلك لا يسمّى جهادا « وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ » أي أسمعهم الكلام الغليظ ولا تحابّهم ولا ترقّ لهم وعن ابن مسعود إن لم يستطع بيده فبلسانه فان لم يستطع فليكفهرّ في وجهه فان لم يستطع فبقلبه بالبغض له والتبرّي منه وفي قراءة أهل البيت عليهم‌السلام « جاهد الكفّار بالمنافقين » قالوا لأنّه لم يكن عليه‌السلام يجاهد منافقا بل يتألّفه (٣) فان صحّ هذا النقل فهم أعلم بما قالوه وإلّا فالقراءة المشهورة المنقولة تواترا معها الدليل ولها الحجّة فإنّ تألّف المنافقين لم يكن مقصودا لذاته بل ليكون وسيلة إلى تليين قلوبهم فتقبل ما يرد عليها من الحجّة والموعظة وإقامة الأدلّة على دفع الشبهات عنهم وذلك هو الجهاد المأمور به وفي الآية فوائد :

١ ـ الأمر بجهاد الكفّار ، وهم قسمان من له كتاب أو شبهة فهؤلاء يقاتلون

__________________

(١) البقرة : ١٩٥.

(٢) براءة : ٧٣ ، التحريم : ٩.

(٣) مجمع البيان ج ٥ ص ٥٠.

٣٦٠