كنز العرفان في فقه القرآن - ج ١

جمال الدين مقداد بن عبد الله السيوري الحلّي

كنز العرفان في فقه القرآن - ج ١

المؤلف:

جمال الدين مقداد بن عبد الله السيوري الحلّي


الموضوع : الفقه
الناشر: المكتبة المرتضويّة لإحياء الآثار الجعفريّة
المطبعة: الحيدري
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤١٥
الجزء ١ الجزء ٢

على بعضه مجازا أو نقول إنّ الفعل الواقع في ظرفه لا يجب مساواته كما تقول رأيت زيدا في الشهر الفلانيّ وإن لم يكن رؤيتك له إلّا في بعض ساعة.

٢ ـ « فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ » أي ألزم نفسه به بإيقاع النيّة والتلبيات الأربع للمتمتّع والمفرد وأمّا القران فمخيّر كما تقدّم وفي هذا دلالة على أنّ إحرام الحجّ لا ينعقد إلّا في هذه الأشهر وبه قال الشافعيّ إذ لو انعقد في غيرها لزم كون المبتدأ أعمّ من خبره وهو باطل وخالف أبو حنيفة بتجويز عقده في غيرها لكنّه مكروه عنده وعمرة التمتّع لمّا كانت داخلة في الحجّ بالنصّ المتقدّم فهي جزء منه فكان حكمها حكمه في عدم انعقاد إحرامها في غير الأشهر المذكورة.

٣ ـ « فَلا رَفَثَ » إلى آخره قيل الرّفث الفحش من الكلام والفسوق الخروج عن أحكام الشرع والجدال المراء والمنفيّات الثلاث منهيّات في المعنى لما تقدّم من إقامة الخبر مقام النهي وإنّما أبرزها في صورة النفي لينفى حقائقها من البين وخصّها بالحجّ وإن كانت واجبة الاجتناب في كلّ حال إلّا أنّه في الحجّ أسمج كلبس الحرير في الصلاة والتطريب بقراءة القرآن هذا وروى أصحابنا أنّ الرفث الجماع والفسوق الكذب والجدال الحلف بقول لا والله وبلى والله (١) وقيل الرفث المواعدة للجماع باللّسان والغمز بالعين له وقيل الجماع ومقدّماته والفسوق التنابز بالألقاب أو السباب لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله « سباب المؤمن فسوق » (٢) وأنّ الجدال هو المراء بإغضاب على وجه اللّجاج والمماحكة.

قال الزمخشريّ : وقرأ أبو عمرو وابن كثير الأوّلين بالرفع حملا لهما على النهي أي فلا يكوننّ رفث ولا فسوق والثالث كباقي القرّاء على معنى الاخبار

__________________

(١) تفسير العياشي ج ١ ص ٩٥.

(٢) السراج المنير ج ٢ ص ٣٣٥ ، عن ابن عباس وجابر ولفظه : سباب المسلم فسوق وقتاله كفر وحرمة ماله كحرمة دمه. ورواه في الكافي ج ٢ ص ٣٦٠ عن ابى جعفر عليه‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ولفظه سباب المؤمن فسوق وقتاله كفر وأكل لحمه معصية وحرمة ماله كحرمة دمه.

٣٠١

بانتفاء الجدال كأنّه قال لا شكّ ولا جدال في الحجّ وذلك أنّ قريشا كانت تخالف سائر العرب فتقف بالمشعر [ الحرام ] وسائر العرب يقفون بعرفة وكانوا يقدّمون الحجّ سنة ويؤخّرونه سنة فردّ إلى وقت واحد وردّ الوقوف إلى عرفة فأخبر الله أنّه قد ارتفع الخلاف في الحجّ.

واستدلّ على أنّ المنهيّ عنه هو الرفث والفسوق دون الجدال بقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله :« من حجّ ولم يرفث ولم يفسق خرج كهيئة يوم ولدته أمّه » (١) وأنّه لم يذكر الجدال وفيه نظر لأنّه إذا حمل على الاخبار عن عدم الخلاف لزم الكذب لأنّه كم من خلاف قد وقع بين الفقهاء وغيرهم في الحجّ فانّ نفي الماهيّة يستلزم نفي جميع جزئيّاتها والأولى أن يقال إنّما نصب الثالث لأنّ الاهتمام بنفي الجدال أشدّ من الأوّلين لأنّ الرفث عبارة عن قضاء الشهوة والفسوق مخالفة أمر الله والجدال مشتمل عليهما فانّ المجادل يشتهي تمشية قوله ولا ينقاد للحقّ مع أنّه يشتمل على أمر زائد وهو الإقدام على الإيذاء المؤدّي إلى العداوة وأمّا الحديث المذكور فلا ينافي ما ذكرناه ولأنّه مركّب من المنفيّين.

٤ ـ « وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ » حضّ وحثّ على فعل الخير عقيب نهيه عن الشرّ وإنّما لم يقل وما تفعلوا من شي‌ء ليكون شاملا للشرّ لأنّه لم يرد الإخبار عن علمه بل الحضّ على فعل الخير عقيب نهيه عن الشرّ ثمّ إنّ العاقل يستدلّ بذلك على علمه بالشرّ [ والخير ] لأنّهما متساويان في صحّة المعلوميّة.

[ ٥ ـ ] « وَتَزَوَّدُوا » أي من العمل الصالح وقيل إنّ قوما من اليمن ما كانوا يتزوّدون في الحجّ ويقولون نحن متوكّلون ونحن نحجّ بيت الله أفلا يطعمنا فيكونون كلّا على الناس فنزلت (٢) ويؤيّد الأوّل « فَإِنَّ خَيْرَ الزّادِ التَّقْوى » والثاني سبب النزول.

__________________

(١) صحيح البخاري ج ١ ص ٣١٢. السراج المنير ج ٣ ص ٣٥٢.

(٢) الدر المنثور ج ١ ص ٢٢١ صحيح البخاري ج ١ ص ٢٦٥.

٣٠٢

الثالثة ( لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضّالِّينَ ) (١).

هنا أحكام :

١ ـ أنّه لا حرج ولا إثم في طلب الرزق حال الحجّ أمّا بالتجارة أو الصنعة أو المكاراة أو غيرها إذ لا مانع من ذلك عقلا ولا شرعا وكان ناس من العرب يتأثّمون أن يتّجروا أيّام الحجّ وإذا دخل العشر كفّوا عن البيع والشرى فلم يقم لهم سوق ويسمّون من يخرج بالتجارة الداج ويقولون هؤلاء الداج وليسوا بالحاجّ فرفع الله عنهم ذلك التأثّم « وروى جابر عن الباقر عليه‌السلام : أن تبتغوا مغفرة من ربّكم » (٢).

٢ ـ « فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ » الإفاضة الدفع بكثرة من إفاضة الماء وهو صبّه بكثرة وأصله أفضتم أنفسكم [ و ] ترك ذكر المفعول وفيه دلالة على وجوب الكون بعرفة وأنّه من فرائض الحجّ لأنّه سبحانه أمر بالإفاضة منه بقوله « ثُمَّ أَفِيضُوا » وهو يستلزم الكون به ولا خلاف في وجوبه لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله « الحجّ عرفة » (٣) وهو ركن يبطل الحجّ بتركه عمدا ووقته من الزوال يوم التاسع إلى الغروب هذا للمختار وأمّا للمضطرّ فإلى طلوع فجر النحر.

__________________

(١) البقرة : ١٩٨.

(٢) مجمع البيان ج ٢ ص ٢٩٥.

(٣) السراج المنير ج ٢ ص ٢٣٦ وذيله : من جاء قبل طلوع الفجر من ليلة جمع فقد أدرك الحج أيام منى ثلاثة فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه ومن تأخر فلا اثم عليه وأخرجه في مجمع الزوائد ج ٣ ص ٢٥١ ولفظه : الحج عرفات قال رواه الطبراني في الأوسط.

٣٠٣

فائدتان :

١ ـ لو أفاض قبل الغروب عامدا ولم يعد صحّ حجّه وعليه بدنة وقال أبو حنيفة وأحمد صحّ حجّه وعليه دم وللشافعيّ قولان أحدهما كقولهما والآخر لا شي‌ء وقال مالك إذا لم يعد بطل حجّة إلا أن يرجع قبل الفجر.

٢ ـ عرفات اسم لبقعة سمّيت بالجمع كأذرعات وقنّسرين وحدّها من الأراك إلى ذي المجاز إلى ثويّة إلى [ بطن ] عرنة وسمّيت عرفات لأنّ إبراهيم عليه‌السلام عرّفها بعد وصفها له وقيل لأنّ آدم عليه‌السلام وحوّا اجتمعا فيه فتعارفا وقيل إنّ جبرئيل عليه‌السلام كان يري إبراهيم عليه‌السلام المناسك فيقول عرفت عرفت وقيل إنّ إبراهيم عليه‌السلام رأى ذبح ولده ليلة الثامن فأصبح يروّي يومه أجمع أي يفكّر : أهو أمر من الله أم لا؟ فسمّي يوم التروية ثمّ رأى اللّيلة التاسعة ذلك فلمّا أصبح عرف أنّه من الله وقيل إنّ آدم عليه‌السلام اعترف بذنبه بها وقيل سمّيت بذلك لعلوّها وارتفاعها ومنه عرف الديك لارتفاعه.

٣ ـ « فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ » وفيه دلالة على وجوب الكون به كما يقوله أصحابنا خلافا للفقهاء وذلك لأنّ الذكر المأمور به عنده يستلزم الكون فيه فيكون واجبا وهو ركن كعرفة ولو أخلّ بهما سهوا بطل حجّه لا بأحدهما فيجتزئ بالآخر ووقته من طلوع فجر العاشر إلى طلوع شمسه للمختار وللمضطرّ إلى الزوال وحدّه من المأزمين إلى الحياض إلى وادي محسّر وسمّي مشعرا مفعلا من الشعارة وهي العلامة لأنّه معلم للعبادة وحراما لحرمته ويقال مزدلفة من ازدلف أي دنا لأنّ الناس يدنو بعضهم من بعض ويقال جمع لاجتماع آدم عليه‌السلام مع حوّا وللجمع بين الصلاتين والذكر هنا هو مطلق التسبيح والتحميد وما شاكلهما.

٤ ـ « وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ » أي اذكروه ذكرا حسنا كما هداكم هداية حسنة إلى المناسك وغيرها وما مصدريّة أو كافّة ( وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ ) أي قبل الهداية أو قبل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله « لَمِنَ الضّالِّينَ » أي الجاهلين بالايمان والطاعة و « إن » هي الخفيفة من الثقيلة واللّام هي الفارقة بينها وبين النافية.

٣٠٤

الرابعة ( ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) (١)

هنا فوائد :

١ ـ اختلف في المراد بالإفاضة هنا على قولين : الأوّل نقل عن الباقر عليه‌السلام وابن عبّاس وجماعة أنّ المراد إفاضة عرفات وأنّ الأمر لقريش وحلفائهم ويقال لهم الحمس (٢) لأنّهم كانوا لا يقفون بعرفات مع سائر العرب بل بالمزدلفة كأنّهم [ كانوا ] يرون لهم ترفّعا على الناس فلا تساوونهم في الموقف ويقولون نحن أهل حرم الله فلا نخرج منه فأمرهم الله بموافقة سائر العرب وقيل « الناس » هو إبراهيم عليه‌السلام أي أفيضوا من حيث أفاض هو وسمّاه بالناس كما سمّاه امّة وكما قال ( الَّذِينَ قالَ لَهُمُ

__________________

(١) البقرة : ١٩٩.

(٢) قال ابن إسحاق ( ج ١ ص ١٩٩ ـ ٢٠٢ من سيرته ) وقد كانت قريش ـ لا أدرى أقبل الفيل أم بعده ـ ابتدعت رأى الحمس ، رأيا رأوا وأداروه فقالوا : نحن بنو إبراهيم وأهل الحرمة وولاة البيت وقطان مكة وساكنها فليس لأحد من العرب مثل حقنا ولا مثل منزلتنا ولا تعرف له العرب مثل ما تعرف لنا ، فلا تعظموا شيئا من الحل كما تعظمون الحرم فإنكم إن فعلتم ذلك استخفت العرب بحرمتكم وقالوا قد عظموا من الحل مثل ما عظموا من الحرم. فتركوا الوقوف على عرفة والإفاضة منها ، وهم يعرفون ويقرون أنها من المشاعر والحج ودين إبراهيم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ويرون لسائر العرب أن يقفوا عليها وأن يفيضوا منها الا انهم قالوا نحن أهل الحرم فليس ينبغي لنا أن نخرج من الحرمة ولا نعظم غيرها كما نعظمها نحن الحمس ، والحمس أهل الحرم ، ثم جعلوا لمن ولدوا من العرب من ساكن الحل والحرم مثل الذي لهم بولادتهم إياهم ، يحل لهم ما يحل لهم ويحرم عليهم ما يحرم عليهم ، وكانت كنانة وخزاعة قد دخلوا معهم في ذلك.

ثم ابتدعوا في ذلك أمورا لم تكن لهم حتى قالوا لا ينبغي للحمس أن يأتقطوا الأقط ولا يسألوا السمن وهم حرم ولا يدخلوا بيتا من شعر ولا يستظلوا ان استظلوا إلا في

٣٠٥

النّاسُ ) (١) والمراد نعيم ابن مسعود أو أنّه أراد إبراهيم وولديه فعلى هذا القول في الآية أمر بالكون بعرفة أصرح من الأوّل. الثّاني عن الصّادق عليه‌السلام أنّه إفاضة المشعر (٢) واختاره الجبائيّ وهو الّذي يقوى في نفسي لأنّه ذكر إفاضة عرفات أوّلا فوجب كون هذه غير تلك تكثيرا للفائدة بتغاير الموضوع وأيضا يكون « ثُمَّ » على حقيقتها من المهلة والترتيب فيكون « أَفِيضُوا » معطوفا على « اذكروا » والمهلة هي من أوّل الوقت إلى آخره والمراد بالناس على هذا قيل هم الحمس كما حكينا وقوفهم بالمزدلفة وقيل هو إبراهيم عليه‌السلام وقيل آدم عليه‌السلام تنبيها على أنّ

__________________

بيوت الأدم ما كانوا حرما ، ثم رفعوا في ذلك فقالوا : لا ينبغي لأهل الحل أن يأكلوا من طعام جاؤا به معهم من الحل الى الحرم إذا جاؤا حجاجا أو عمارا ولا يطوفوا بالبيت إذا قدموا أول طوافهم إلا في ثياب الحمس ، فان لم يجدوا منها شيئا طافوا بالبيت عراة ، فان تكرم منهم متكرم من رجل أو امرأة ولم يجد ثياب الحمس فطاف في ثيابه التي جاء بها من الحل ألقاها إذا فرغ من طوافه ثم لم ينتفع بها ولم يمسها هو ولا أحد غيره أبدا.

فكانت العرب تسمى تلك الثياب اللقى فحملوا على ذلك العرب فدانت به ووقفوا على عرفات وأفاضوا منها وطافوا بالبيت عراة أما الرجال فيطوفون عراة واما النساء فتضع إحداهن ثيابها كلها الا درعا مفرجا عليها ثم تطوف فيه انتهى ما أردنا نقله.

وقال في معجم قبائل العرب ( ج ١ ص ٣٠١ ) : الحمس قبائل من العرب قد تشددت في دينها فكانت لا تستظل أيام منى ولا تدخل البيوت من أبوابها وهي قريش وكنانة ومن دان بدينهم من بنى عامر بن صعصعة ، قال أبو عمرو بن العلاء : الحمس من بنى عامر : كلاب وكعب وعامر بنو ربيعة بن عامر بن صعصعة ، وقال البكري : الحمس هم قريش كلها كنانة وما ولدت الهون ابن خزيمة والغوث وثقيف وخزاعة وعدوان وبنو ربيعة بن عامر بن صعصعة من قبل الولادة.

وفي كتب الأحاديث نحو الدر المنثور ج ١ ص ٢٢٦ أحاديث في ذلك فراجع.

(١) آل عمران : ١٧٢.

(٢) لم نعثر على رواية تدل على ذلك.

٣٠٦

الحجّ من السنن القديمة ولذلك قرئ شاذّا من حيث أفاض الناس بكسر السين أي الناسي من قوله ( فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً ) (١).

٢ ـ على القول الأوّل ما معنى الترتيب هنا فقيل في الكلام تقديم وتأخير وفيه ضعف وقيل معناه تفاوت ما بين الافاضتين وأنّ إحداهما صواب والأخرى خطأ والتحقيق هنا أنّ التراخي كما يكون في الزمان كذا يكون في الرتبة كقوله ( كَلّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ) (٢) فإنّ مراتب العلم متفاوتة بحسب حال النفس في البعد عن العوائق كذلك نقول هنا إنّ مطلق الإفاضة المأمور به أوّلا يقصر رتبة عن الإفاضة المقيّدة المأمور بها ثانيا.

٣ ـ « وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ » أي اطلبوا منه المغفرة تنبيها على أنّ الإتيان بأفعال الحجّ سبب معدّ لاستحقاق الغفران وإفاضة الرحمة.

الخامسة ( فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً فَمِنَ النّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النّارِ أُولئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمّا كَسَبُوا وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسابِ ) (٣).

هذه الآية يحسن ذكرها هنا متابعة لنسق الكتاب ويحسن [ أيضا ] ذكرها بعد الطواف والسعي وغيرهما لقوله « مَناسِكَكُمْ » وهو جمع مضاف فيفيد العموم لكلّ المناسك الّتي هي أعمال الحجّ ورأينا مراعاة الأوّل أولى وهنا فوائد :

١ ـ لمّا اشتدّت عناية الله تعالى بعبيده بفعل الأصلح لهم وكان اللطف في ذلك يقع منه تارة ومن العبيد اخرى فما كان منه فعله بحكمته وما كان منهم اقتضت

__________________

(١) طه : ١١٥.

(٢) التكاثر : ٣ و ٤.

(٣) البقرة : ٢٠٠ ـ ٢٠٢.

٣٠٧

الحكمة حضّهم عليه وإرشادهم إلى القيام به فلذلك كرّر الأمر بالذكر في هذه الآيات خمس مرّات وجعل محلّ الذكر الأزمنة الشريفة والأمكنة المنيفة ضمن العبادات العظيمة ليكثر لهم الجزاء كلّ ذلك إعلاما بشدّة العناية بعبيده وإلّا فالجناب القدسيّ أعظم من أن يعود إليه من ذلك نفع أو ينتفي عنه ضرر.

٢ ـ الذكر يراد به اللّساني تارة والقلبيّ أخرى لكنّ المقصود بالذات هو الثاني وأمّا الأوّل فترجمان للثاني ومنبّه للقلب عليه لكونه في الأغلب مأسورا في يد الشواغل البدنيّة والموانع الطبيعيّة وهذا هو السرّ في تكرار الأذكار والتسبيحات والتحميدات وغيرها.

٣ ـ لا يتوهّم أنّ ذكره تعالى ينقطع بانقطاع المناسك لتعليق الأمر بقضائها بل هو دائم مستمرّ لا ينبغي للمكلّف أن يغفل عنه ودلالة مفهوم المخالفة باطلة كما تقرّر في الأصول وإنّما سبب التعليق ما كانت العرب تعتاده بعد قضاء مناسكها من الوقوف بمنى وذكر محامد الآباء ومفاخرهم فأمرهم بالعدول عن ذلك الّذي لا يفيد إلى ما هو المفيد.

٤ ـ إنّما جعل ذكر الآباء مشبّها به والغالب في التشبيه أنّ المشبّه به أقوى في الوجه مع أنّ ذكره تعالى ينبغي أن يكون أقوى ، جريا على الواقع فإنّ أكثر الناس لا يذكر الله إلّا أحيانا يسيرة ولا يغفل عن ذكر آبائه فكان ذكر الآباء أكثر وجودا فحسن جعله مشبّها به وإنّما ردّد بقوله « أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً » لتفاوت النفوس في مراتب القبول فإنّ منهم من لا يخلو عن الذكر طرفة عين ومنهم من لا يخطر بباله ذكر ربّه إلّا أن ينبّهه غيره وبينهما مراتب كثيرة ولذلك ردّد في خطابهم فقنع من قوم بذكر كذكر آبائهم كالعوامّ ومن قوم أشدّ من ذلك كالخواص.

٥ ـ [ ثمّ ] انّه تعالى قسم الذاكرين إلى قسمين أحدهما من مطلوبه بذكره أغراض دنيويّة من المال والجاه والخدم والحشم وغيرها من الحظوظ « وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ » أي من حظّ ونصيب ومفعول « آتِنا » محذوف وإنّما حذفه لكونه فضلة ولاختلاف إرادات الناس فكان ذكر كلّ المرادات يطول وذكر البعض تخصيص من

٣٠٨

غير مخصّص وذكرها بلفظ مجمل مستغنى عنه بدلالة الفعل (١) فلم يبق إلّا الحذف فهو مثل قولنا فلان يعطي ويمنع وثانيهما من مطلوبه أغراض أخرويّة فإن خطر أمر دنيويّ فلا يطلبه ولا يريده إلّا أن يكون عونا على أمر أخرويّ لا لذاته وقوله : « أُولئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمّا كَسَبُوا » يحتمل عوده إلى القسم الثاني لقربه ويحتمل عوده إلى القسمين معا فإنّ قوله « مِمّا كَسَبُوا » شامل للحسنة والسيّئة معا ومعناه من قصد بذكره شيئا نال ذلك الشي‌ء من حسنة أو سيّئة وإلى ذلك أشير في الحديث عن الباقر عليه‌السلام : « ما يقف أحد على تلك الجبال برّ ولا فاجر إلّا استجاب الله له فأمّا البرّ فيستجاب له في آخرته ودنياه وأمّا الفاجر فيستجاب له في دنياه » (٢).

قوله « وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسابِ » أي [ في ] مجازاته لإعمال عبيده ولا يحتاج إلى فكر يعلم به ماذا يستحقّ المكلّف من ثواب أو عقاب أو لا يستحقّ وإذا لم يحتج إلى فكر كان سريع الحساب.

السادسة ( وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ) (٣).

البيت من الأسماء الغالبة كالثريّا والصعق و « مَثابَةً » من ثاب إذا رجع وهو مفعول ثان « لجعلنا » وهو مصدر وكذا « أمنا » والمراد ذا أمن مثل رجل عدل أي ذو عدل وقد تقدّم ذكر كيفيّة الأمن فيه وقرأ نافع وابن عامر « واتّخذوا » على صيغة الماضي عطفا على « جعلنا » وباقي القرّاء على صيغة الأمر « ومقام إبراهيم » عرفا غالبا هو محلّ الصخرة الّتي فيها أثر قدميه وهو المراد هنا لا أنّه الحرم أو عرفة أو المشعر أو منى وغير ذلك وهنا أحكام :

__________________

(١) العقل خ.

(٢) الكافي ج ٤ ص ٢٦٢ تحت الرقم ٣٨.

(٣) البقرة : ١٢٥.

٣٠٩

١ ـ استحباب تكرار الحجّ لقوله « مثابة » أي مرجعا ومفهوم الرجوع يقتضي العود إلى ما كان عليه ولذلك ورد استحباب نيّة العود وورد في الحديث « من رجع من مكّة وهو ينوي الحجّ من قابل زيد في عمره ومن خرج من مكّة وهو لا ينوي العود إليها فقد قرب أجله » (١).

٢ ـ وجوب الصلاة في مقام إبراهيم عليه‌السلام للأمر باتّخاذه مصلّى الدالّ على الوجوب وهو ركعتا الطواف إذ لا صلاة واجبة عنده غيرهما بلا خلاف وهو مرويّ عن الصادق عليه‌السلام (٢) وبه قال الحسن وقتادة والسدّيّ وعلى وجوب ركعتي الطواف إجماع أصحابنا وبه قال مالك وأبو حنيفة وقال أحمد : هما سنّة وللشافعيّ قولان.

٣ ـ في الآية إشارة إلى أرجحيّة الطواف بالبيت وقد تقدّم دليل وجوبه في قوله تعالى ( وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ) وأنّه من المجملات المفتقرة إلى البيان من النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أو الأئمّة عليهم‌السلام ثمّ الطواف عندنا ركن يبطل النسك بتركه عمدا لا سهوا بل يجب عليه العود للإتيان به فان تعذّر استناب فيه ويجب بعد السعي طواف النساء ولو تركه عمدا لم يبطل حجّه بل يجب عليه العود للإتيان به ولو تركه سهوا جاز أن يستنيب ولو مع القدرة.

٤ ـ قوله « وَعَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ » أي أمرناهما بالتطهير وفيه دلالة على وجوب تنحية النجاسات عن البيت والمسجد وقيل طهّراه من الأصنام وعبادة الأوثان.

٥ ـ ظاهر الآية أنّ وجوب التطهير لأجل الطائفين والعاكفين فيكون واجبا لغيره لا لذاته مع أنّ ظاهر الفتوى أنّه تجب تنحية النجاسة عن المساجد لذاتها لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله « جنّبوا مساجدكم النجاسة » (٣) ويمكن أن يجاب بجعل اللّام للعاقبة نحو

__________________

(١) الوسائل ب ٥٧ من أبواب وجوب الحج ح ٣.

(٢) تفسير العياشي ج ١ ص ٥٨.

(٣) أرسله الفقهاء في كتبهم بهذا اللفظ ولفظه على ما روى مسندا : جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم كما في السراج المنير ج ٢ ص ٢١٢ وقد مر في ص ٤٩.

٣١٠

« لدوا للموت وابنوا للخراب ».

٦ ـ إذا وجب إزالة النجاسة لأجل الطائف فوجوب إزالتها عنه (١) أولى فلا يجوز الطواف مع مقارنة شي‌ء من النجاسات العينيّة ولا الحكميّة وكذا الكلام في المعتكف والمصلّي فلو أخلّ المكلّف بشي‌ء من ذلك عمدا بطل طوافه واعتكافه وصلاته لما تقرّر أنّ النهي في العبادة يستلزم البطلان.

السابعة ( إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ ) (٢).

الصفا في أصل اللّغة الحجر الصلب الأملس والواحدة صفاة مثل الحصا والحصاة ونقل الجوهريّ عن الأصمعيّ أنّ المرو حجارة بيض برّاقة يقدح منها النار والواحدة مروة ثمّ صارا علمين لجبلين في مكّة مشهورين والشعائر قال الجوهريّ هي أعلام (٣) الحجّ وكلّ ما كان علما لطاعة الله وواحدها عند الأصمعيّ شعيرة وعند بعضهم شعارة والجناح الإثم وأصله من الجنوح وهو الميل عن المقصد وأصل « يطّوّف » يتطوّف فأدغم التاء في الطاء وقرئ « أن يطوف » من طاف وإنّما قال « فلا جناح » لأنّ المسلمين كانوا في بدء الإسلام يرون أنّ فيه جناحا بسبب ما حكي أنّ أسافا ونائلة زنيا في الكعبة فمسخا حجرين ووضعا على الصفا والمروة للاعتبار فلمّا طال الزمان توهّم أنّ الطواف كان تعظيما للصنمين فلمّا جاء الإسلام وكسرت الأصنام تحرّج المسلمون من السعي بينهما فرفع الله ذلك التحرّج وأصل التطوّع التبرّع من طاع يطوع طوعا : إذا تبرّع وقرأ حمزة والكسائيّ « يطّوّع » بالياء وتشديد الطاء وسكون العين والباقون بالتاء وفتح العين على أنّه فعل ماض وعلى الأوّل هو مضارع مجزوم بأداة الشرط إذا عرفت هذا فهنا أحكام :

__________________

(١) عنده ، خ.

(٢) البقرة : ١٥٨.

(٣) أعمال خ.

٣١١

١ ـ السعي عندنا واجب وركن من تركه عمدا بطل حجّه وبذلك قال مالك والشافعيّ لأنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله « قال اسعوا فإنّ الله كتب عليكم السعي » (١) ولنصوص أهل البيت عليهم‌السلام وقال أبو حنيفة واجب غير ركن وقال جماعة من المفسّرين والفقهاء هو سنّة لظاهر العبارة فإنّ رفع الجناح لا يستلزم الوجوب لأنّه أعمّ منه والعامّ لا يستلزم الخاصّ قلنا علم الاستلزام من بيان النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وبيان أهل بيته عليهم‌السلام.

٢ ـ السعي سبعة أشواط من الصفا إلى المروة شوط وبالعكس وقال قوم من الصفا إلى الصفا شوط كما أنّ الطواف بالبيت من الحجر إلى الحجر شوط وهو باطل لعدم النصّ في بيانه عليه‌السلام.

٣ ـ يجب البدءة بالصّفا وإن كانت الواو لا يفيد ترتيبا لكن لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « ابدؤا بما بدء الله به » (٢) ولأنّه هكذا فعل في بيانه فيكون واجبا.

٤ ـ قيل في قوله تعالى ( وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً ) أي زاد في السعي بينهما بعد إتيانه بالواجب وليس بشي‌ء لأنّه لم يرد استحباب السعي ابتداء بل إذا زاد شوطا سهوا استحبّ له إكمال أسبوعين وحينئذ يكون المراد به من تطوّع بالحجّ أو العمرة بعد الإتيان بالواجب أو يكون المراد به الصعود على الصفا وإطالة الوقوف عليه فقد ورد (٣) أنه يستحبّ الوقوف عليه قدر قراءة سورة البقرة في ترتيل وروي أنّه يورث الغنى وقال بعضهم إنّه على إطلاقه أي أيّ خير كان من القربات « فَإِنَّ اللهَ » تعالى « شاكِرٌ » أي مجاز على الشكر بأضعافه من الثواب « عَلِيمٌ » بقدر ما يجب إيصاله من الجزاء.

الثامنة ( وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللهِ لَكُمْ فِيها خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها صَوافَّ فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ

__________________

(١) مجمع الزوائد ج ٣ ص ٣٤٧.

(٢) الدر المنثور ج ١ ص ١٦٠.

(٣) راجع الكافي ج ٤ ص ٤٣١.

٣١٢

وَالْمُعْتَرَّ كَذلِكَ سَخَّرْناها لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ. لَنْ يَنالَ اللهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ كَذلِكَ سَخَّرَها لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ ) (١).

البدن جمع بدنة وهي من الإبل خاصّة سمّيت بها لعظم بدنها ونصبها من باب ما أضمر عامله على شريطة التفسير والأصل بدن بضمّتين جمع بدن كثمرة وثمر « ومن » ههنا للتبعيض أي بعض شعائر الله ويتعلّق الجارّ والمجرور بفعل محذوف أي جعلناها لكم [ و ] جعلناها من شعائر الله « لَكُمْ فِيها خَيْرٌ » أي لكم فيها مال من ظهورها وبطونها والخير يطلق على المال كما يجي‌ء وإنّما ذكر ذلك لأنّه في المعنى تعليل لكون نحرها من شعائر الله بمعنى أنّ نحرها مع كونها كثيرة النفع والخير وشدّة محبّة الإنسان للمال من أدلّ الدلائل على قوّة الدين وشدّة تعظيم أمر الله وتقدّم معنى ذكر اسم الله « و ( صَوافَّ ) » أي قائمات في صفّ واحد وانتصابها على الحال وقرئ صوافي أي خوالص لله وقرئ أيضا صوافن و « وَجَبَتْ جُنُوبُها » أي سقطت إفطارها على الأرض وسكنت وبردت ومثله وجب الحائط إذا سقط وهنا فوائد :

١ ـ أنّ الأمر بالأكل منها يخرجها عن كونها كفّارة فإنّ الكفّارات تجب الصدقة بها بجملتها حتّى بجلودها وشعورها وحينئذ يكون هنا إمّا ضحايا أو هدي قران أو هدي تمتّع فالأكل من الأضحيّة ندب وكذا من هدي القران اتّفاقا واختلف في هدي التمتّع فقيل بالوجوب وقيل بالندب ويحتجّ من قال بالوجوب بظاهر قوله « فَكُلُوا مِنْها » فإنّه حقيقة في الوجوب على الرأي الأقوى وبقول الصادق عليه‌السلام « إذا ذبحت أو نحرت فكل وأطعم كما قال تعالى ( فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ) (٢) وهذا هو المختار.

__________________

(١) الحج : ٣٦ و ٣٧.

(٢) أخرجه في الوسائل عن التهذيب ب ٤٠ من أبواب الذبح ح ١.

٣١٣

فائدة : كانت الأمم من قبل شرعنا يمتنعون من أكل نسائكهم فرفع الله تعالى الحرج من أكلها في هذه الملّة.

٢ ـ قال الجوهريّ « القانع » الراضي بما معه وبما يعطى من غير سؤال من قنع بالكسر يقنع قناعة فهو قانع وقيل من قنع يقنع بفتح العين فيهما قنوعا فهو قانع إذا خضع وسأل « والمعترّ » على الأوّل المتعرّض للسؤال بل السائل وعلى الثاني المتعرّض من غير سؤال وفي الروايات ما يدلّ على القولين إن قلت : قد تقدّم « وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ » وهنا « الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ » فما وجههما؟ قلت : لا منافاة لجواز اجتماع الوصفين في واحد بأن يكون ذا ضرّ من فقره يسأل أولا يسأل.

فائدة : ظاهر الروايات والفتيا على قسمة الهدي أثلاثا قيل وجوبا وقيل ندبا وهو الأشهر يتصدّق بثلثه ويهدي ثلثه ويأكل ثلثه ولو كان المأكول أقلّ من الثلث جاز.

٣ ـ يجب كون الهدي الواجب تامّا غير مهزول والهزال أن لا يكون على كليتيه شحم وينبّه على ذلك قوله تعالى « لَكُمْ فِيها خَيْرٌ » والنّاقص والمهزول لا خير فيهما.

٤ ـ « لَنْ يَنالَ اللهَ لُحُومُها » أي لن ينال رضا الله لحوم هذه البدن ولا إراقة دمائها لينتفع بها الفقراء فقطّ بل ينال رضاه التقوى منكم بامتثال أوامره والانتهاء عن نواهيه وإخراج تلك البدن من مال طيّب لا شبهة فيه عن سخاء نفس فانّ الطبيعة شحيحة ومخالفتها من التقوى والمراد بنيل الرضا تحصيله قيل إنّ الجاهلية كانوا إذا نحروا البدن لله لطخوا البيت بدمائها فأراد المسلمون أن يفعلوا [ ك ] ذلك فنهاهم الله بهذه الآية (١).

٥ ـ « كَذلِكَ سَخَّرْناها » لمّا وصفها بأنّها بدن عظام لهم فيها منافع وأنّها قائمة أخبر بأنّه كما جعلها بتلك الأوصاف سخّرها لكم وذلك نعمة عظيمة يستحقّ بها الشكر وكرّر ذلك التسخير لأنّه ذكر أوّلا أنّ تسخيرها معلّل بالشكر ولم يبيّن

__________________

(١) راجع الدر المنثور ج ٤ ص ٣٦٣.

٣١٤

كيفيّة الشكر فضمّن التكبير معنى الشكر أي لتشكروه بالتكبير « عَلى ما هَداكُمْ » إلى ما هو سبب تقوى القلوب ، وقد تقدّم أنّ تعظيم المنعم الآمر من لوازم امتثال أمره.

التاسعة ( لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً ) (١).

قيل إنّ الله تعالى أرى نبيّه في المنام بالمدينة قبل أن يخرج إلى الحديبية أنّ المسلمين قد دخلوا المسجد الحرام فأخبر بذلك أصحابه ففرحوا وحسبوا أنّهم داخلو مكّة في عامهم ذلك فلمّا صدّوا قال المنافقون ما حلقنا ولا قصّرنا ولا دخلنا المسجد حتّى قال عمر : « ما شككت منذ أسلمت إلّا يومئذ فأنزلت » (٢) وكان دخولهم

__________________

(١) الفتح : ٢٧.

(٢) قال السيوطي في الدر المنثور ج ٦ ص ٦٨ : أخرج أحمد والبخاري ( تراه في صحيحه ج ٣ ص ٤٥ ) والترمذي والنسائي وابن حبان وابن مردويه عن عمر بن الخطاب قال : كنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في سفر فسألته عن شي‌ء ثلاث مرات ( وسيتضح أنه راجع وأنكر عليه في ثلاث موارد في الأحاديث الاتية ) فلم يرد على فقلت في نفسي ثكلتك أمك يا ابن الخطاب نزرت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاث مرات فلم يرد عليك فحركت بعيري ثم تقدمت أمام الناس وخشيت أن ينزل في القرآن فما نشبت أن سمعت صارخا يصرخ بي فرجعت وأنا أظن أنه نزل في شي‌ء فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : لقد أنزلت على الليلة سورة أحب الى من الدنيا وما فيها « إِنّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ ».

قال : وأخرج البيهقي عن عروة عنه قال : اقبل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من الحديبية راجعا فقال رجل من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : والله ما هذا بفتح لقد

٣١٥

في العام القابل وقوله « الرؤيا » نصب بنزع الخافض أي في الرؤيا و « بالحقّ » إمّا حال من الرؤيا أي متلبّسة بالحقّ أو يكون التقدير صدقا متلبّسا بالحقّ ويراد بالحقّ الحكمة وهي تمييز المحقّ من المبطل ولام « لَتَدْخُلُنَّ » جواب قسم محذوف ودخول الاستثناء في كلامه تعالى إمّا تعليما لعباده أو أنّه من الدخول فانّ منهم من مات قبله أي لتدخلنّ كلّكم إنشاء الله أو آمنين إنشاء الله قوله « فَعَلِمَ » أي فعلم في التأخير من الصلاح ما لم تعلموا أنتم « فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ » أي قبل الدخول

__________________

صددنا عن البيت وصد هدينا وعكف رسول الله بالحديبية ورد رجلين من المسلمين خرجا فبلغ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قول رجال من أصحابه أن هذا ليس بفتح فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بئس الكلام هذا أعظم الفتح ـ الى أن قال ـ فهذا أعظم الفتح أنسيتم يوم أحد ( إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ ) وأنا أدعوكم في اخراكم » أنسيتم يوم الأحزاب « إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا » قال المسلمون صدق الله ورسوله هو أعظم الفتوح والله يا نبي الله ما فكرنا فيما فكرت فيه ولأنت اعلم بالله وبالأمور منا فانزل الله سورة الفتح.

وقال : وأخرج عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ( تراه في صحيحه ج ٢ ص ١٢٢ ) وأبو داود ( ج ٢ ص ٨٧ ) والنسائي وابن جرير وابن المنذر عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم قالا في حديث طويل بعد أمر الهدنة وتمام الصلح :

فقال عمر بن الخطاب والله ما شككت منذ أسلمت إلا يومئذ فأتيت النبي فقلت : ألست نبي الله؟ قال : بلى. فقلت : ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال : بلى. قلت فلم نعطي الدنية في ديننا اذن؟ قال : انى رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري. قلت : أو ليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟ قال : بلى. أفأخبرتك أنك تأتيه العام؟ قلت : لا. قال : فإنك آتيه ومطوف به. فأتيت أبا بكر فقلت : يا أبا بكر! أليس هذا نبي الله حقا؟ قال : بلى. قلت : ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال : بلى. قلت : فلم نعطي الدنية في ديننا اذن؟ قال : أيها الرجل انه رسول الله وليس يعصى ربه وهو ناصره فاستمسك بغرزه تفز حتى تموت فو الله انه لعلي الحق ، قلت : أو ليس كان يحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟ قال : بلى. أفأخبرك أنا نأتيه العام قلت : لا ، قال فإنك آتيه ومطوف به. قال عمر : فعملت لذلك اعمالا.

٣١٦

« فَتْحاً قَرِيباً » قيل هو فتح خيبر وقيل صلح الحديبيّة.

إذا عرفت هذا فنقول : يجب على الحاجّ يوم العاشر الرّمي ثمّ الذّبح للمتمتّع ثمّ الحلق أو التقصير فيحلّ بأحدهما من كلّ ما أحرم منه إلّا الطيب والنساء والصيد ثمّ إنّ بعض أصحابنا قال : إنّ الحلق متعيّن على الصرورة والملبّد لشعره وأمّا غيرهما فهو مخيّر بين الحلق والتقصير والخلق أفضل مستدلّين على ذلك

__________________

فلمّا فرغ من قضية الكتاب قال رسول الله لأصحابه قوموا فانحروا ثم احلقوا فو الله ما قام رجل منهم حتى قال ذلك ثلاث مرات الحديث.

أقول : وقد مر في الحديث الأول انه راجع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاث مرات وفي هذه الأحاديث قصة نكيره على الرؤيا بالحق وقصة نكيره على أمر الصلح والهدنة وكان الثالث هو نكيره على الحلق والنحر فلم يذكروه إلا في بعض إشارات كلامهم ومن ذلك ما رواه في الدر المنثور ج ٦ ص ٨١ قال.

وأخرج أحمد عن مالك ابن ربيعة أنه سمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول اللهم اغفر للمعلّقين ثلاثا قال رجل والمقصرين فقال في الثالثة أو الرابعة والمقصرين وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اللهم اغفر للمحلقين ـ قالها ثلاثا ـ فقالوا : يا رسول الله ما بال المحلقين ظاهرت لهم الترحم؟ قال انهم لم يشكوا : وأخرج البيهقي في الدلائل عن ابن عباس انه قيل له لم ظاهر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله للمحلقين ثلاثا وللمقصرين مرة فقال : انهم لم يشكوا.

وقال ابن إسحاق في سيرته بعد ذكره قصة الصلح ونكير عمر عليه بمثل ما مر ( راجع ج ٢ ص ٣١٧ و ٣١٩ ) : حدثني عبد الله بن ابى نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : حلق رجال يوم الحديبية وقصر آخرون ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يرحم الله المحلقين : قالوا : والمقصرين يا رسول الله؟ قال : يرحم الله المحلقين ، قالوا : والمقصرين يا رسول الله؟ قال : يرحم الله المحلقين ، قالوا والمقصرين يا رسول الله؟ قال : والمقصرين ، فقالوا : يا رسول الله فلم ظاهرت الترحيم للمحلقين دون المقصرين؟ قال : لم يشكوا.

أقول : والقصة مشهورة مذكورة في كتب السير والتواريخ والحديث والتفسير نقلنا نبذة منها ولعل بعض ألفاظها أفحش وأقذع من ذلك.

٣١٧

بروايتي أبي بصير ومعاوية بن عمّار عن الصادق عليه‌السلام (١) وقال الأكثر بالتخيير مطلقا لكنّ الحلق في حقّ الصرورة والملبّد آكد استدلالا بالآية فإنّه ليس المراد الجمع بينهما اتّفاقا بل [ المراد ] إمّا التخيير أو التفصيل والثاني بعيد وإلّا لزم الاجمال فتعيّن الأوّل ولقول الصادق عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « اللهمّ اغفر للمحلّقين قيل والمقصّرين يا رسول الله قال والمقصّرين » (٢) وفي الاستدلال بالآية نظر لأنّه لو أراد التخيير لأتى بأو فيكون الواو للجمع فيكون المراد التفصيل أي محلّقين على تقدير التلبيد والصرورة ومقصّرين على تقدير غيرهما ومعنى الجمع حاصل بالنسبة إلى الصنف وإن لم يحصل بالنسبة إلى كلّ شخص ، ولزوم الاجمال ليس محذورا بعد البيان.

ويمكن أن يجاب عنه بأنّ الواو فيه كما في قوله ( مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ ) (٣) فيكون للتخيير وقوله الاجمال ليس محذورا بعد البيان قلنا ليس في الآية بيان ولا في أحاديث متواترة بل آحاد معارضة بمثلها معتضدة بالأصل.

( فروع )

١ ـ التقصير هنا غير متعيّن من الرأس وإن كان ظاهر الآية ذلك بل هو من سائر البدن كما في العمرة.

٢ ـ أنّ الحلق مختصّ بالرجال وحرام على النساء ويتعيّن عليهنّ التقصير وكذا يتعيّن على الخنثى فلو حلقا أثما ولم يجزئهما.

٣ ـ يجب في الحلق أن يحلق جميع الرأس ولا يجزئ بعضه أمّا التقصير فيجزئ مسمّاه

__________________

(١) الكافي ج ٤ ص ٥٠٢ الرقم ٦ و ٧.

(٢) الوسائل ب ٥ من أبواب التقصير ح ١. وفيه انه صلى‌الله‌عليه‌وآله قال في الثانية وللمقصرين وقد عرفت لفظ الحديث فيما سبق انه صلى‌الله‌عليه‌وآله قالها في الثالثة بل الرابعة.

(٣) النساء : ٣.

٣١٨

٤ ـ الأصلع والأقرع الأمردان يمرّان الموسى على رؤسهما وجوبا وكذا كلّ من لا شعر على رأسه.

٥ ـ يجب كونه بمنى فلو رحل قبله وجب العود والحلق أو التقصير بها فان تعذّر خلق مكانه وبعث بشعره ليدفن بها استحبابا.

العاشرة ( وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيّامٍ مَعْدُوداتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ) (١).

هذه الأيّام هي أيّام التشريق وهي الحادي عشر ويسمّى يوم القرّ والثاني عشر ويسمّى يوم الصدر والثالث عشر ويسمّى يوم النفر وسمّيت أيّام التشريق لتشرّق لحوم الأضاحي فيها وقيل : لشروق القمر فيها طول اللّيل وقال ابن الأعرابي لأنّ الهدي لا ينحر حتّى تشرق الشمس وقيل : لقولهم « أشرق ثبير كيما نغير » وهنا أحكام :

١ ـ الذكر في هذه الأيّام [ و ] قد تقدّم أنّه التكبير عقيب خمس عشرة صلاة لمن كان بمنى وعقيب عشر لمن كان بغيرها وصورته « الله أكبر الله أكبر لا إله إلّا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد الله أكبر على ما هدانا والحمد لله على ما أولانا والله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام ».

٢ ـ وجوب الكون بمنى تلك اللّيالي ويستحبّ النهار وهو لازم عن الأمر بالذكر فيها وعن قوله « فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ » فيستلزم ثبوت الإثم للمستعجل (٢) قبل ذلك.

٣ ـ أنّ وجوب الكون في الثلاثة تخييريّ بينها وبين اليومين الأوّلين خاصّة

__________________

(١) البقرة : ٢٠٣.

(٢) لمن تعجل خ ، للمتعجل خ.

٣١٩

لكنّ اليوم الثاني عشر له حكمان أحدهما أنّه لا يجوز النفر فيه إلّا بعد الزوال والثاني أنّه متى غربت الشمس وهو بمنى تحتّم عليه المبيت بها اللّيلة الثالثة لأنّ التعجيل محلّه النهار فإذا مضى ولم يتعجّل فلو تعجّل في اللّيلة الثالثة لزم كون تعجيله ليس في اليومين فيكون آثما وهو المطلوب.

٤ ـ أنّ ذلك التخيير ليس مطلقا بالنسبة إلى كلّ حاجّ بل هو لمن اتّقى واختلف فيه على قولين قيل : معناه اتّقى الصيد والنساء في إحرامه وقيل اتّقى سائر المحرّمات في الإحرام والأوّل هو المرويّ (١) والفتوى عليه.

٥ ـ أنّ غير المتّقي يتحتّم عليه الكون في اللّيالي الثلاث ويكون نفره يوم الثالث عشر ولا يجوز قبله.

٦ ـ أنّ من بات اللّيلة الثالث عشر لا ينفر حتّى تطلع الشمس ويرمي الجمار وكذا في النفر الأوّل لا ينفر إلّا بعد رمي الجمار ووقته بعد طلوع الشمس أيضا وبه قال الشافعيّ وقال أبو حنيفة ينفر قبل طلوع الفجر قيل : كان في الجاهليّة منهم من تأثّم بالتعجيل ومنهم من تأثّم بالتأخير فجاء القرآن برفع الإثم عنهما معا.

فائدة : قيل في قوله تعالى ( وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ) هي أعمال الحجّ من الموقفين والطواف (٢) والسعي وغيرها « فَأَتَمَّهُنَّ » أي وفى بإيقاعها وقيل هي التكاليف العقليّة والشرعيّة وقيل هي السنن العشرة وقد تقدّم في باب الطهارة ذكر أحكامها (٣).

__________________

(١) تفسير العياشي ج ١ ص ١٠٠ تحت الرّقم ٢٨٦ من حديث حماد ولقد روى ما يدل على القول الثاني ص ٩٩ تحت الرقم ٢٨٠ فراجع.

(٢) الوقوفين خ ، الطوافين خ.

(٣) قد مر في ص ٥٥.

٣٢٠