كنز العرفان في فقه القرآن - ج ١

جمال الدين مقداد بن عبد الله السيوري الحلّي

كنز العرفان في فقه القرآن - ج ١

المؤلف:

جمال الدين مقداد بن عبد الله السيوري الحلّي


الموضوع : الفقه
الناشر: المكتبة المرتضويّة لإحياء الآثار الجعفريّة
المطبعة: الحيدري
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤١٥
الجزء ١ الجزء ٢

العقيق (١) ....

__________________

انظر الوسائل ب ٢ من أبواب المواقيت ح ٧.

وفي رواية يونس بن عبد الرحمن انه قال كتبت الى أبى الحسن عليه‌السلام : انا نحرم من طريق البصرة ولسنا نعرف حد عرض العقيق فكتب أحرم من وجرة ( المصدر ح ٤ ) وقال في المراصد : وجرة بالفتح ثم السكون منزل في طريق مكة من البصرة بينه وبين البصرة أربعون ميلا ليس بينهما منزل فهو مربى للوحش ، وقبل حرة ليلى ووجرة والسى مواضع قرب ذات عرق ببلاد سليم دون مكة بثلاث ليال وقيل هي بإزاء الغمر التي على جادة الكوفة منها يحرم أكثر الناس وهي سرة نجد ستون ميلا لا تخلو من شجر ومرعى ومياه والوحش فيها كثير وقيل هو من تهامة

وأما أهل السنة : فقال ابن قدامة في المغني ج ٣ ص ٢٥٧ فأما ذات عرق فميقات أهل المشرق في قول أكثر أهل العلم وهو مذهب مالك وابى ثور وأصحاب الرأي وقال ابن عبد البر أجمع أهل العلم على ان إحرام العراق من ذات عرق إحرام من الميقات وروى عن أنس انه كان يحرم من العقيق واستحسنه الشافعي وكان الحسن بن صالح يحرم من الربذة وروى ذلك عن خصيف والقاسم بن عبد الرحمن وقد روى ابن عباس ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وقت لأهل المشرق العقيق قال ابن عبد البر : العقيق أولى وأحوط من ذات عرق وذات عرق ميقاتهم بإجماع. انتهى ما أردنا نقله من المغني.

(١) العقيق بفتح أوله وكسر ثانيه وقافان بينهما ياء مثناة وهو كل مسيل ماء شقه السيل في الأرض وأنهره ووسعه وفي ديار العرب أعقة فمنها عقيق عارض اليمامة يقال له عقيق تمرة ومنها عقيقان بناحية المدينة الأصغر والأكبر ومنها العقيق الذي بناحية بلاد بنى عقيل ومنها عقيق لا يدخلون عليه الالف واللام قرية قرب سواكن البحر يجلب منه التمر ومنها عقيق البصرة ومنها عقيق يدفع سيله في غور تهامة وهو أبعد من ذات عرق بقليل وهو مهل أهل العراق على ما عرفت تفصيله ( تلخيص مراصد الاطلاع معجم البلدان. تهذيب الأسماء وكتب اللغة ).

٢٨١

وأفضله المسلخ (١) ثمّ غمرة (٢) ثمّ ذات عرق (٣) ....

__________________

(١) وبه الروايات ففي الوسائل ( ب ٣ من أبواب المواقيت ح ٤ ) قال الصادق عليه‌السلام وقت رسول الله لأهل العراق العقيق وأوله المسلخ ووسطه غمرة وآخره ذات عرق ، وأوله أفضل ( وكذا مفاد سائر الأحاديث في ذاك الباب ).

قال العلامة المجلسي في ج ٣ ص ٢٨٥ مرآت العقول : وقال السيد رحمه‌الله انا لم نقف في ضبط المسلح وغمرة على شي‌ء يعتد به ، وقال في التنقيح المسلح بالسين والحاء المهملتين واحد المسالح وهي المواضع العالية ونقل جدي عن بعض الفقهاء أنه ضبطه بالخاء المعجمة من السلخ وهو النزع لانه ينزع فيه الثياب للإحرام ومقتضى ذلك تأخير تسميته عن وضعه ميقاتا انتهى.

وفي مراصد الاطلاع : المسلح بالفتح ثم السكون وفتح اللام موضع من اعمال المدينة ، قلت ومسلح قبل ذات عرق بقليل وفي معجم ما استعجم للبكرى ص ١٢٢٧ المسلح بكسر أوله وإسكان ثانيه بعدها حاء مهملة منزل على أربعة أميال من مكة قال أبو حاتم وابن قتيبة والعامة تقوله المسلح بفتح الميم وهو خطأ.

والمظنون عندي مع ما نقله المجلسي عن التنقيح ومع ما ذكره في مراصد الاطلاع أنه بالحاء المهملة بل وهو المناسب للبعث أيضا كما قد عرفت.

(٢) قال ياقوت في معجم البلدان : الغمرة ما يغمر الشي‌ء ويعمه فهو يصلح للحق والباطل هو منهل من مناهل طريق مكة ومنزل من منازلها وهو فصل ما بين تهامة ونجد.

(٣) قال ياقوت في المعجم : هو الحد بين نجد وتهامة وقيل عرق جبل بطريق مكة ومنه ذات عرق وقال الأصمعي : ما ارتفع من بطن الرمة فهو نجد الى ثنايا ذات عرق وعرق هو الجبل المشرف على ذات عرق وقال ابن عيينة : إني سألت ذات عرق أمتهمون أنتم أم منجدون فقال : ما نحن بمتهمين ولا منجدين وقال بعض أهل ذات عرق :

ونحن بسبب مشرف غير منجد

ولا متهم فالعين بالدمع تذرع

قال النووي في تهذيب اللغات هو على مرحلتين من مكة.

٢٨٢

ولليمن يلملم (١) وللطائف قرن المنازل (٢) ....

__________________

(١) اليمن بالتحريك : قيل سميت به لتيامنهم لما تفرقت العرب من مكة كما سميت الشام لاخذهم الشمال والبحر يحيط بأرض اليمن من المشرق الى الجنوب ثم راجعا الى المغرب يفصل بينهما وبين باقي جزيرة العرب خط يأخذ من بحر الهند الى بحر اليمن عرضا في البرية من المشرق إلى جهة المغرب كذا في المراصد.

وقال ياقوت : يلملم ويقال ألملم وململم المجموع موضع على ليلتين من مكة وهو ميقات أهل اليمن وفيه مسجد معاذ بن جبل. وفي شرح الزرقانى على موطإ مالك ج ٢ ص ٢٣٩ : وحكى ابن السيد فيه « يرمرم » برائين بدل اللامين ولم يختلف الاخبار من طرق الشيعة وأهل السنة في كونه ميقات أهل اليمن.

(٢) قال في معجم البلدان : والقرن قال الأصمعي : جبل مطل بعرفات وقال الغورى هو ميقات أهل اليمن والطائف يقال له قرن المنازل وقال عمر بن ربيعة :

ألم تسأل الربع أن ينطقا

بقرن المنازل قد أخلقا

وقال القاضي عياض قرن المنازل وهو قرن الثعالب بسكون الراء ميقات أهل نجد تلقاء مكة على يوم وليلة وهو قرن أيضا غير مضاف وأصله الجبل الصغير المستطيل المنقطع عن الجبل الكبير ، ورواه بعضهم قرن بفتح الراء وهو غلط انما هو قبيلة من اليمن.

قال الزرقانى في شرح موطإ مالك ج ٢ ص ٢٣٩ وفي أخبار مكة للقاكهى أن قرن الثعالب جبل مشرف على أسفل منى بينه وبين مني ألف وخمسمائة ذراع سمى قرن الثعالب لكثرة ما كان يأوي إليه الثعالب ، فقد ظهر أنه ليس من المواقيت وفي كشف اللثام أيضا أن قرن الثعالب غير قرن المنازل ، وفي مجمع البحرين والقرن موضع وهو ميقات أهل نجد ومنه أويس القرني وسمى أيضا قرن المنازل وقرن الثعالب وهذا من صاحب المجمع عجيب فقد اتفق العلماء على تغليط الجوهري في تحريكه ونسبة أويس القرني اليه وعلى كل فالنصوص الصحيحة على كونه ميقات أهل الطائف كصحيح الخزاز وصحيح معاوية بن عمار وصحيح الحلبي ( الوسائل ب ١ من أبواب المواقيت ح ١ و ٢ و ٣ ) وغيرها من الاخبار. الا أن في صحيح عمر بن يزيد ح ٦ كونه ميقات أهل نجد وفي صحيح على بن رئاب وعلى بن جعفر ( ح ٧ و ٨ من المصدر ) كونه ميقات

٢٨٣

ولأهل المدينة مسجد الشجرة (١) وعند الضرورة (٢) ....

__________________

أهل اليمن ولا بد من توجيهها بان لنجد طريقين أحدهما يمر بالعقيق والأخر يمر يقرن المنازل ، ويوافق هذا أيضا ما في ياقوت في شرح نجد ، قال : وقيل نجد اسم للأرض العريضة التي أعلاها تهامة واليمن وأسفلها العراق والشام. وفي اخبار أهل السنة أيضا تعيين قرن لأهل نجد انظر نيل الأوطار ج ٤ ص ٣١٠ الى ٣١٢ وكذا توجه صحيحي ابن رئاب وابن جعفر بأن لليمن طريقين ويوافق هذا ما ذكرناه عن مراصد الاطلاع في اليمن قبيل ذلك.

(١) اختلف عبارات الأصحاب في تعيين الميقات المذكور وأنه هل هو نفس المسجد أو مكان فيه المسجد ، وكذلك الأخبار ففي عدة منها أنه ذو الحليفة ( وهي ح ١ و ٢ و ٥ و ٦ و ٨ من ب ١ من أبواب المواقيت للوسائل ) وفي جملة منها انه مسجد الشجرة ( وهي ح ٣ و ٤ و ١١ و ١٢ و ١٣ ) وفي بعضها أنه نفس الشجرة ( وهي ح ٧ و ٩ ) وعلى كل فالأحوط كما اختاره المصنف الاقتصار على المسجد كيف ولسان كثير من الاخبار المعينة للمسجد لسان التفسير لذي الحليفة ففي ح ٣ و ١١ و ١٢ ، أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله وقت لأهل المدينة ذا الحليفة وهو مسجد الشجرة ، وكذا في ح ٧ أنه الشجرة فهي حاكمة أو واردة على ما فيه تعيين ذي الحليفة من دون ذكر المسجد.

وأما أخبار أهل السنة ففيها ذكر ذي الحليفة ( انظر نيل الأوطار ج ٤ ص ٣١٠ ـ ٣١٢ ) ثم ذو الحليفة على ما في تهذيب الأسماء واللغات للنووي بضم الحاء المهملة وفتح اللام وإسكان الياء المثناة من تحت وبالفاء قال : وهو على نحو ستة أميال من المدينة : وقيل : سبعة وقيل أربعة ، وفي شرح مسلم لعياض : ذو الحليفة ماء لبني جشم وربما اشتبه هذا بالحليفة على لفظ الميقات وهي موضع بين حاذة وذات عرق من تهامة أو بحليقة بفتح الحاء وكسر اللام وبالقاف وهي منزل على اثنى عشر ميلا من المدينة بينها وبين ديار بنى سليم أو اشتبه بحليفة مثل الذي قبله ، الا انه بالفاء ، وهو جبل بمكة يشرف على أجبال ذكرهن عن الحازمي انتهى ما أردنا نقله عن تهذيب الأسماء.

(٢) وهذا هو الحق وعليه المشهور من عدم جواز تأخير الإحرام من ذي الحليفة بغير ضرورة ، وبه الاخبار ناطقة مصرحة ( راجع الوسائل ب ٦ و ٨ وغيرهما من أبواب

٢٨٤

الجحفة (١) وهي ....

__________________

المواقيت ) مضافا الى ما يستفاد من الاخبار المعينة لذي الحليفة أو مسجد الشجرة لأهل المدينة. وعن الجعفي وابن حمزة جواز الإحرام من الجحفة اختيارا ولعله يستدل لهما أولا بصحيح على بن رئاب ( ب ١ من أبواب المواقيت ح ٥ ) وفيه : وأهل المدينة من ذي الحليفة والجحفة ، ويحمل على كون الجحفة ميقاتا اضطراريا ـ وثانيا بصحيح معاوية بن عمار ( ب ٦ من أبواب المواقيت ح ١ ) أنه سأل أبا عبد الله عن رجل من أهل المدينة أحرم من الجحفة فقال لا بأس ويحمل على كون الرجل الذي أحرم من الجحفة من متوطني المدينة ويكون وجه السؤال توهم أن سكان المدينة لا بد أن يحرموا من ذي الحليفة وثالثا بصحيح الحلبي ( ب ٦ من أبواب المواقيت ح ٣ ) : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام من اين يحرم الرجل إذا جاوز الشجرة فقال من الجحفة ولا يجاوز الجحفة إلا محرما. ومورده كما ترى من جاوز الشجرة ، وليس فيه تعرض للمنع من مجاوزتها بدون إحرام.

وما في خبر ابى بكر الحضرمي ( ح ٥ من ذلك الباب ) عن ابى عبد الله عليه‌السلام : « وقد رخص رسول الله لمن كان مريضا أو ضعيفا ان يحرم من الجحفة » ظاهر في حصر الرخصة للمريض والضعيف ونفى الرخصة لغيرهما.

(١) قال ياقوت : كانت قرية كبيرة ذات مبنى على طريق المدينة من مكة على أربع مراحل وهي ميقات مصر والشام ان لم يمروا على المدينة ، وانما سميت الجحفة لأن السيل اجتحفها وحمل أهلها في بعض الأعوام وهي الان خراب وكان اسمها مهيعة وقال في لغة مهيعة هو بالفتح ثم السكون ثم ياء مفتوحة وعين مهملة وهو مفعلة من التهيع وهو الانبساط قال ومن قال انه فعيل فهو مخطئ لانه ليس في كلامهم فعيل بفتح أوله وطريق مهيع واضح وقيل هو قريب من الجحفة وفي شرح الزرقانى على موطإ مالك ج ٢ ص ٢٣٩ نقل مهيعة على وزن لطيفة وفي مرآت العقول ج ٣ ص ٣٨٥ عن السرائر المهيعة بالفتح مشتقة من المهيع وهو المكان الواسع ، وفي القاموس أن الجحفة على اثنين وثمانين ميلا من مكة وبها غدير خم ، قال البكري في معجم ما استعجم : وغدير خم على ثلاثة أميال من الجحفة يسرة عن الطريق تصب فيه عين وحوله شجر ملتف وهي

٢٨٥

ميقات أهل الشام (١) اختيارا. وميقات حجّه مكّة وميقات حجّهما المواقيت المذكورة ومن كان منزله أقرب إلى عرفات فمنزله [ ميقاته ] وميقات عمرتهما الجعرانة (٢) أو التنعيم (٣) ....

__________________

الغيضة التي تسمى خم وبين الغدير والعين مسجد النبي وهناك نخل المعلى وغيره وبغدير خم قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : من كنت مولاه فعلى مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.

(١) بل ومصر والمغرب كما نطقت به الاخبار انظر ب ١ من أبواب المواقيت للوسائل وكذلك أخبار أهل السنة انظر نيل الأوطار ج ٤ ص ٣١٠ ـ ٣١٢ وقد أسلفنا لك ان هذه معجزة من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حيث وقتها لأهل الشام ومصر ولما فتحتا عندئذ. وقد نظم بعض الشعراء المواقيت الخمس في بيتين :

عرق العراق يلملم اليمن

وبذي الحليفة يحرم المدني

والشام جحفة إن مررت بها

ولأهل نجد قرن فاستبن

(٢) بكسر أوله وأصحاب الحديث يكسرون عينه ويشددون راءه وأهل الأدب يخطئونهم ويسكنون العين ويخففون الراء وحكى عن الشافعي انه قال المحدثون يخطأون في تشديد الجعرانة وتخفيف الحديبية ، وقال ياقوت في المعجم : والذي عندنا انهما روايتان جيدتان ، ثم نقل عن على بن المديني انه قال أهل المدينة يثقلونه ويثقلون الحديبية وأهل العراق يخففونهما ، وحكى ابن إدريس فتح الجيم وكسر العين وتشديد الراء أيضا.

وعلى كل هي موضع بين مكة والطائف قال الفيومي انها على سبعة أميال من مكة ، وقال في كشف اللثام انه سهو في سهو فان الحرم من جهته تسعة أميال أو بريد وليس في معجم البلدان ولا في مراصد الاطلاع ذكر مقدار ما بينهما.

(٣) التنعيم بالفتح ثم السكون وكسر العين المهملة وياء ساكنة قال ياقوت في معجم البلدان : هو بين مكة وسرف على فرسخين من مكة وقيل على أربعة وسمى بذلك لان جبلا عن يمينه يقال له نعيم وآخر عن شماله يقال له ناعم والوادي نعمان. وبالتنعيم مساجد حول مسجد عائشة وميقات على طريق المدينة منه يحرم المكيون بالعمرة.

٢٨٦

أو الحديبية (١) الرابع أنّ المتمتّع يجب اتّحاد السنة لعمرته وحجّه بخلافهما الخامس أنّ المتمتّع لا يحلّ من عمرته إلّا بالتقصير والمفرد يتخيّر بينه وبين الحلق السادس أنّ عمرة المتمتّع في أشهر الحجّ بخلاف عمرتهما السابع أنّ المتمتّع لا يصحّ منه تقديم طواف حجّه على الموقفين اختيارا بخلافهما الثامن أنّ المتمتع يجب عليه طواف الحجّ وسعيه وطواف النساء في العاشر أو الحادي عشر فلو أخّر أثم وأجزأه وأمّا هما فيجوز لهما التأخير طول ذي الحجّة ولا إثم.

البحث الثاني

« فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ » فيه مسائل :

١ ـ يقال : أحصر الرّجل إذا منع من مراده بمرض أو عدوّ أو غيرهما قال الله تعالى ( الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ ) (٢) وحصر إذا حبسه عدوّ عن المضيّ أو سجن ومنه قيل للحبس الحصر وهما بمعنى المنع من كلّ شي‌ء مثل صدّه وأصدّه فعند أبي حنيفة كلّ منع بعدوّ أو مرض أو غيرهما يثبت له حكم الإحصار وعند مالك والشافعيّ وأحمد يختصّ [ الحصر ] بمنع العدوّ وحده وأمّا المنع بالمرض فقالوا يبقى على إحرامه ولا يتحلّل حتّى يصل إلى البيت فان فاته الحجّ فعل ما يفعله المفوّت من عمل العمرة والهدي والقضاء هذا إذا لم يشترط عندهم أمّا مع الشرط فالصدّ والحصر سواء.

وعند أصحابنا الإماميّة أنّ الإحصار يختصّ بالمرض والصدّ بالعدوّ وما ماثله لاشتراك الجميع في المنع من بلوغ المراد ولمّا كان لكلّ منهما حكم ليس للآخر اختصّ باسم فإنّ حكم الممنوع بالمرض أن يبعث هديه مع أصحابه ويواعدهم يوما

__________________

(١) بضم الحاء وفتح الدال ، وقد عرفت الاختلاف في تشديد يائه الثانية وتخفيفها قال ياقوت : هي قرية متوسطة ليست بالكبيرة سميت ببئر هناك عند مسجد الشجرة التي بايع رسول الله تحتها ، وقال الخطابي في أماليه : سميت الحديبية بشجرة حدباء كانت في ذلك الموضع وبين الحديبية ومكة مرحلة وبينها وبين المدينة تسع مراحل.

(٢) البقرة. ٢٧٦.

٢٨٧

لذبحه فيتحلّل في ذلك اليوم من كلّ شي‌ء إلّا من النساء حتّى يحجّ في القابل إن كان حجّه واجبا أو يطاف عنه للنّساء إن كان حجّه ندبا والممنوع بالعدوّ يذبح هديه حينئذ ويحلّ له كلّ شي‌ء حتّى النساء.

وهنا فروع :

ألف ـ يتحقّق الصدّ عندنا بالمنع عن الموقفين معا لا عن أحدهما مع حصول الآخر أمّا الصدّ عن مكّة مع حصول الموقفين خاصّة فإشكال أقربه عدم تحقّقه إن كان قد تحلّل فيبقى على إحرامه بالنسبة إلى الطيب والنساء والصيد لا غير حتّى يأتي بباقي المناسك وإن لم يتحلّل يتحقّق فيتحلّل ويعيد الحجّ من قابل وبه قال مالك وأبو حنيفة والشافعيّ في القديم وقال في الجديد وأحمد الإحصار في الكلّ متحقّق.

ب ـ هل الاشتراط يسقط الدّم ويفيد التحلّل عند حصول الشرط أم لا؟ قال الشافعيّ وأحمد نعم وقال مالك وجوده كعدمه لا يفيد شيئا وقال أبو حنيفة الشرط يفيد سقوط الدّم لا التحلّل لأنّ التحلّل يستفاد من الإطلاق [ في الآية ] عنده ولأصحابنا قولان : الأقوى بقاء الدم على حاله والتحلّل مع الشرط عزيمة ومع عدمه رخصة.

ج ـ هل لهدي التحلّل بدل أم لا؟ الأقوى عندنا أنّه لا بدل له مطلقا وبه قال أبو حنيفة والشافعيّ في أحد قوليه وقال في الآخر وأحمد بدله صوم عشرة أيّام ولا يتحلّل عندهما إلّا مع البدل.

٢ ـ « فَمَا اسْتَيْسَرَ » بمعنى يسر وتيسّرمثل استصعب بمعنى صعب وتصعّب إمّا بدنة أو بقرة أو شاة والهدي جمع هدية كجدي جمع جدية السرج وهي ما يحشى تحت ظلفة الرّحل وقيل هو مفرد مؤنّثة هدية وجمعه هديّ بتشديد الياء واشتقاقه قيل من الهديّة وقيل من هداه إذا ساقه إلى الرشاد ، لأنّه يساق إلى الحرم وموضع « ما استيسر » رفع أي فعليكم أو نصب أي فاهدوا أو فاذبحوا.

٣ ـ « وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ » أي لا تحلّوا ، كنى بالحلق عنه لكونه من لوازمه

٢٨٨

« حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ » عند الشافعيّ حيث صدّ وأحصر لأنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ذبح هديه في الحديبية وهي من الحلّ وعند أبي حنيفة محلّه الحرم مطلقا لصدّ وحصر وعند أصحابنا لا يراعى للصدّ زمان ولا مكان وأمّا الحصر فمكّة إن كان في عمرة ومنى إن كان في حجّ ولا خلاف [ في ] أنّه يجب القضاء في حجّ الفرض إلّا في رواية عن مالك وأمّا حجّ الندب فعندنا لا يجب وبه قال مالك والشافعيّ وقال أبو حنيفة يجب ولأحمد قولان والمحلّ بالكسر من الحلّ أي لا تحلقوا حتّى يذبح حيث يحلّ ذبحه فيه ولو كان من الحلول لقال محلّه بفتح الحاء.

٤ ـ « فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً » يحتاج إلى حلق الشعر أو به أذى في رأسه وهو القمل فعليه فدية إذا حلق رأسه والفدية إمّا صيام ثلاثة أيّام أو إطعام ستّة مساكين لكلّ مسكين مدّان أو عشرة لكلّ مسكين مدّ أو شاة يذبحها ويعطيها الفقراء والنسك مصدر وقيل جمع نسيكة « روي أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لكعب بن عجرة وقد كان قمل رأسه لعلّك أذاك هو أمّك قال نعم يا رسول الله قال له احلق رأسك وصم ثلاثة أيّام أو أطعم ستّة مساكين أو أنسك شاة ، فكان كعب يقول في نزلت هذه الآية وروي أنّه مرّ به النبيّ وقد قرح رأسه فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله كفى بهذا أذى (١).

البحث الثالث

( فَإِذا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ ) الآية. هنا فوائد :

الأولى : لمّا ذكر حكم المحصر ومن به أذى أو مرض قال « فَإِذا أَمِنْتُمْ » أي من المرض والعدوّ أو فإذا كنتم في حال أمن « فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ » أي انتفع بسببها قاصدا إلى الحج فعليه ما تهيّأ له من الهدي بدنة أو بقرة أو شاة والفاء في « فمن » جواب إذا وفي « فما » جواب من و « ما » موصولة وقد تقدّم وصف حجّ التمتّع والفرق بينه وبين أخويه.

__________________

(١) صحيح البخاري ج ١ ص ٣١٠. الدر المنثور ج ١ ص ٢١٣.

٢٨٩

ثمّ إنّ حجّ التمتّع قد يكون ابتداء كمن يحرم أوّلا بالعمرة ثمّ بعد قضاء مناسكها يحرم بالحجّ وذلك ممّا لا نزاع في مشروعيّته وقد يكون بالعدول عن حجّ الافراد (١) فإنّ من دخل مكّة محرما بحجّ الإفراد فالأفضل له أن يعدل بإحرامه

__________________

(١) وفي الروضة البهية في المسئلة الاولى من مسائل الفصل الثاني في أنواع الحج بيان ننقله بعين عبارته قال :

يجوز لمن حج ندبا مفردا العدول إلى عمرة التمتع اختيارا وهذه هي المتعة التي أنكرها الثاني لكن لا يلبى بعد طوافه وسعيه لأنهما محللان من العمرة في الجملة والتلبية عاقدة للإحرام فيتنافيان ولأن عمرة التمتع لا تلبية فيها بعد دخول مكة فلو لبى بعدهما بطلت متعته التي نقل إليها وبقي على حجه السابق لرواية إسحاق بن عمار عن الصادق عليه‌السلام ولان العدول كان مشروطا بعدم التلبية ولا ينافي ذلك الطواف والسعي لجواز تقديمهما للمفرد على الوقوف والحكم بذلك هو المشهور وان كان مستنده لا يخلو من شي‌ء ، وقيل والقائل ابن إدريس : لا اعتبار للرواية وعملا بالحكم الثابت من جواز النقل بالنية والتلبية ذكر لا أثر له في المنع ولا يجوز العدول للقارن تأسيا بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حيث بقي على حجه لكونه قارنا وأمر من لم يسق الهدى بالعدول.

وقيل لا يختص جواز العدول بالافراد المندوب بل يجوز العدول عن الحج الواجب أيضا سواء كان متعينا أو مخيرا بينه وبين غيره كالناذر مطلقا وذي المنزلين المتساويين لعموم الأخبار الدالة على الجواز كما أمر به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من لم يسق من الصحابة من غير تقييد بكون العدول عنه مندوبا أو غير مندوبا وهو قوى لكن فيه سؤال الفرق بين جواز العدول عن المعين اختيارا وعدم جوازه ابتداء بل ربما كان الابتداء أولى للأمر بإتمام الحج والعمرة لله ومن ثم خصه بعض الأصحاب بما إذا لم يتعين عليه الافراد وقسيميه كالمندوب والواجب المخير جمعا بين ما دل على الجواز مطلقا ، وما دل على اختصاص كل قوم بنوع وهو أولى ان لم نقل بجواز العدول عن الافراد الى التمتع ابتداء انتهى ما في الروضة.

٢٩٠

إلى عمرة التمتّع ويتمّ حجّ التمتّع وهذا منعه جميع فقهاء العامّة (١).

ثمّ إنّ جماعة من أصحابنا جوّزوا هذا العدول حتّى في فرض العين ومنهم

__________________

(١) قال في المعتبر ص ٣٤٠ ما نصه :

مسئلة : قال علماؤنا المفرد إذا دخل مكة جاز له فسخ حجه وجعله عمرة متمتع بها ولا يلب بعد طوافه وسعيه لئلا ينعقد إحرامه بالتلبية أما القارن فليس له العدول إلى المتعة وزعم فقهاء الجمهور ان نقل الحج المفرد الى التمتع منسوخ لنا ما اتفق عليه الرواة من أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أمر أصحابه حين دخلوا مكة محرمين بالحج فقال : « من لم يسق الهدى فليحل وليجعلها عمرة » فطافوا وسعوا وأحلوا وسئل عن نفسه فقال : « انى سقت الهدى ولا ينبغي لسائق الهدى أن يحل حتى يبلغ الهدى محله » وروى ذلك ومعناه جماعة منهم جابر وعائشة وأسماء بنت أبى بكر وقالت خرجنا مع رسول الله فلما قدمنا مكة قال رسول الله : « من لم يكن معه هدى فليحل » فأحللت وكان مع الزبير هدى فلبست ثيابي وخرجت فجلست الى جانب الزبير فقال : قومي عنى فقلت أتخشى أن أثب عليك؟.

وأما النسخ الذي يدعونه فمنسوب الى عمر ولا يجوز ترك ما علم من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله متواترا بالرأي وقد رووا في الصحيح عن أبى موسى قال كنت ممن أمرني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن أجعل ما أهللت به عمرة فأحللت بعمرة وكنت أفتى بذلك حتى قدم عمر فقلت يا أمير المؤمنين ما هذا الذي بلغني أنك أحدثت في النسك فقال نأخذ بكتاب الله تعالى قال الله تعالى ( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ ).

والجواب أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أمر بفسخ الحج إلى العمرة في حجة الوداع ومات على ذلك ولا ينسخ بعد موته فاذن ما ذكروه لا يجوز المصير اليه مع شهادة الصحابة انه خلاف ما أمر به النبي وقد روى أبو بصير عن ابى عبد الله قال قال لي يا أبا محمد ان رهطا من أهل البصرة سألوني عن الحج فأخبرتهم بما صنع رسول الله وما أمر به فقالوا ان عمر قد أفرد للحج فقلت ان هذا رأى رآه عمر وليس رأى عمر كما صنع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله انتهى ما في المعتبر.

٢٩١

من منعه في فرض العين وجوّزه في الندب والفرض غير المتعين وحمل النصّ الوارد (١) على ذلك جمعا بين الدليلين وهو أولى.

فائدة : هذه هي الّتي منعها عمر (٢) فقال : « متعتان كانتا على عهد رسول الله

__________________

(١) الوسائل ب ٥ من أبواب أقسام الحج وفيها حديث معاوية بن عمار وحديث عبد الله بن زرارة مصر حين بذلك.

(٢) اختلفوا في المتعة التي نهى عنها عمر هل هي العمرة قبل الحج في أشهر الحج ثم الحج من عامه أو هي فسخ الحج إلى العمرة للمفرد ونحن ننقل ما في الانتصار من علمائنا الإمامية وما في شرح النووي على صحيح مسلم من علماء أهل السنة بعين عبارتيهما : ـ قال السيد المرتضى علم الهدى قدس‌سره في الانتصار بعد ذكر التمتع للنائي كما هو مذهب الإمامية : فإن قيل قد نهى عن هذه المتعة مع متعة النساء عمر بن الخطاب وأمسكت الأمة عنه راضية بقوله ، قلنا نهى من ليس بمعصوم عن الفعال لا يدل على قبحه وو الإمساك عن النكير لا يدل عند أحد من العلماء على الرضا الا بعد أن يعلم أنه لا وجه له الا الرضا ، وقد بينا ذلك وبسطناه في كثير من كتبنا. وبعد فان الفقهاء والمحصلين من مخالفينا حملوا نهى عمر عن هذه المتعة على وجه الاستحباب لا على الحظر وقالوا في كتبهم المعروفة المخصوصة بأحكام القرآن أن نهى عمر يحتمل أن يكون لوجوه منها انه أراد أن يكون الحج في أشهر مخصوصة والعمرة في غير تلك الشهور ومنها أنه أحب عمارة البيت وأن يكثر زواره في غير الموسم ومنها أنه أراد إدخال الرفق على أهل الحرم بدخول الناس إليهم ورووا في تقوية هذه المعاني أخبارا موجودة في كتبهم لا معنى للتطويل بذكرها.

وفيهم من حمل نهى عمر عن المتعة على فسخ الحج إذا طاف له قبل يوم النحر وقد روى عن ابن عباس ـ ره ـ أنه كان يذهب الى جواز ذلك وان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان أمر أصحابه في حجة الوداع بفسخ الحج من كان منهم لم يسق هديا ولم يحل هو صلى‌الله‌عليه‌وآله لانه كان ساق الهدى وزعموا ان ذلك منسوخ بقوله تعالى ( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ ) وهذا التأويل الثاني بعيد عن الصواب لان فسخ الحج لا يسمى متعة وقد صارت هذه اللفظة بعرف الشرع مخصوصة بمن ذكرنا حاله وصفته وأما التأويل الأول

٢٩٢

صلى‌الله‌عليه‌وآله أنا احرّمهما وأعاقب عليهما » (١).

وأمّا من دخل قارنا فلا يجوز له العدول :

روى معاوية بن عمّار عن الصادق عليه‌السلام وقد تقدّم صدر الرواية ثمّ ساق الحديث

__________________

فيبطله قوله : وأنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما ، وتشدده في ذلك وتوعده يقتضي أن لا يكون خرج مخرج الاستحباب على أن نهيه عن متعة النساء كان مقرونا بنهيه عن متعة الحج فان كان نهيه عن متعة الحج استحبابا فالمتعة الأخر كذلك. انتهى ما في الانتصار.

وقال النووي في شرح صحيح مسلم ج ٨ ص ١٦٩ :

قال المازري : اختلف في المتعة التي نهى عنها عمر في الحج فقيل هي فسخ الحج إلى العمرة وقيل هي العمرة في أشهر الحج ثم الحج من عامه وعلى هذا انما نهى عنها ترغيبا في الافراد الذي هو أفضل لا أنه يعتقد بطلانها أو تحريمها.

وقال القاضي عياض : ظاهر حديث جابر وعمران وابى موسى ان المتعة التي اختلفوا فيها انما هي فسخ الحج إلى العمرة قال ولهذا كان عمر يضرب الناس عليها ولا يضربهم على مجرد التمتع في أشهر الحج وانما ضربهم على ما اعتقده هو وسائر الصحابة أن فسخ الحج إلى العمرة كان مخصوصا في تلك السنة للحكمة التي قدمنا ذكرها ، قال ابن عبد البر لا خلاف بين العلماء ان التمتع المراد بقول الله تعالى ( فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ) هو الاعتمار في أشهر الحج قبل الحج قال ومن التمتع أيضا القران لانه تمتع بسقوط سفره للنسك الأخر من بلده قال ومن التمتع أيضا فسخ الحج إلى العمرة هذا كلام القاضي.

قلت : والمختار أن عمر وعثمان وغيرهما انما نهوا عن المتعة التي هي الاعتمار في أشهر الحج ثم الحج من عامه ومرادهم نهى أولوية للترغيب في الافراد لكونه أفضل وقد انعقد الإجماع بعد هذا على جواز الافراد والتمتع والقران من غير كراهة وانما اختلفوا في الأفضل منها انتهى ما أردنا نقله من شرح النووي.

ولابن قيم الجوزية في كتابه زاد المعاد ج ١ ص ٢٠٢ ـ ٢١٨ بيان في المسئلة لا نطيل بذكره من شاء فليراجع فإنه مفيد.

(١) رواه الجصاص في أحكام القرآن ج ١ ص ٣٤٢ وهكذا ص ٣٤٥ قال : قال عمر بن الخطاب متعتان كانتا على عهد رسول الله أنا أنهى عنهما وأضرب عليهما متعة الحج ومتعة

٢٩٣

إلى أن قال : « فلمّا وقف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بالمروة بعد فراغه من السعي أقبل على الناس بوجهه فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال هذا جبرئيل ـ وأومى بيده إلى خلفه ـ يأمرني أن

__________________

النساء ورواه في وفيات الأعيان ج ٢ ص ٣٥٩ ( ط إيران ) في ترجمة يحيى ابن أكثم وزاد فيه : « وعلى عهد أبى بكر » ورواه الفخر الرازي في تفسيره ذيل قوله تعالى ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ) ( ج ١٠ ص ٥٠ ) قال : الحجة الثانية ما روى عن عمر انه قال في خطبة متعتان كانتا على عهد رسول الله أنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما.

وقال الطبرسي في مجمع البيان ج ٣ ص ٣٢ في ذيل قوله تعالى ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ ) الآية ومما يمكن التعلق به في هذه المسألة الرواية المشهورة عن عمر بن الخطاب أنه قال : متعتان كانتا على عهد رسول الله حلالا وأنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما.

وذكره الجاحظ في كتابه الحيوان ج ٤ ص ٢٧٨ وهكذا في البيان والتبيين ج ٢ ص ٢٨٢ ( طبعة لجنة التأليف في ١٣٨٠ ) قال : قال عمر بن الخطاب في جواب كلام قد تقدم وقول قد سلف عنه : « متعتان كانتا على عهد رسول الله أنا أنهى عنهما وأضرب عليهما ».

أقول : وكأنه يشير بقوله : « في جواب كلام قد تقدم ، وقول قد سلف عنه » الى ما في كتب السير والأحاديث من أن عمر بن الخطاب خالف النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في أمره بالإحلال واعترض على قوله فاستدعاه رسول الله وقال له مالي أراك يا عمر محرما أسقت هديا قال لم أسق قال فلم لا تحل وقد أمرت من لم يسق الهدي بالإحلال فقال والله يا رسول الله لا أحللت وأنت محرم فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انك لن تؤمن بها حتى تموت راجع كتاب الإرشاد للمفيد ص ٨٢ ، اعلام الورى ص ١٣٩.

ولعله في معنى ذلك ما رواه في مجمع الزوائد ج ٣ ص ٢٣٧ قال : وعن على ـ يعنى ابن ابى طالب ـ قال : لا أعلمنا إلا خرجنا حجاجا مهلين بالحج ولم يحل رسول الله ولا عمر حتى طافوا بالبيت وبالصفا والمروة. قال قلت هكذا وجدته ولا ادرى ما معناه رواه الطبراني في الكبير وفيه عون بن محمد بن الحنفية ولم أجد من ترجمة.

٢٩٤

آمر من لم يسق هديا أن يحلّ فلو استقبلت من أمري ما استدبرت لصنعت مثل ما أمرتكم ولكنّي سقت الهدى ولا ينبغي لسائق الهدي أن يحلّ حتّى يبلغ الهدي محلّه فقال رجل من القوم ـ يعني عمر بن الخطّاب ـ (١) أنخرج حجّاجا ورؤسنا تقطر؟فقال : إنّك لن تؤمن بها أبدا ».

وفي رواية أخرى : أنحلّ ونواقع النساء وأنت أشعث أغبر.

« قال : فقام إليه سراقة بن مالك بن جعشم الكنانيّ (٢) فقال يا رسول الله

__________________

(١) قوله : « يعنى عمر بن الخطاب » من المصنف وكان الشيعة وفي مقدمهم الامام الباقر والصادق يكنون عنه بقولهم كما في هذا الحديث : « فقال رجل من القوم » وفي بعض الأحاديث « فقال رجل من بنى عدا » وكانت الصحابة يضربون عن اسم القائل ويقولون « قيل » أو « قالوا » مسند بن الخلاف الى جمع من أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ومرادهم الرجل وحده حشمة منه ومن أتباعه لأن المسلم من رواياتهم أن الناس كلهم أحلوا الا من ساق هديا وهم رسول الله وعلى بن أبى طالب والزبير أو طلحة ففي سنن ابى داود ج ١ ص ٤٤١ « فحل الناس كلهم وقصروا إلا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ومن كان معه هدى » من دون ايعاز الى الخلاف ، وفي صحيح البخاري ج ١ ص ٢٨٦ في حديث جابر : قال أهل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله هو وأصحابه بالحج وليس مع أحد منهم هدى غير النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وطلحة وقدم على من اليمن ومعه هدى فقال أهللت بما أهل به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فأمر النبي أصحابه أن يجعلوها عمرة ويطوفوا ثم يقصروا ويحلوا الا من كان معه الهدى ، فقالوا : ننطلق إلى منى وذكر أحدنا يقطر فبلغ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال لو استقبلت من امرئ ما استدبرت الحديث.

وهذا القول الذي صرح به جابر « وذكر أحدنا يقطر » انما يناسب كلام رجل له شراسة وسوء خلق وجرءة للكلام خلافا لرسول الله وليس ذلك معهودا في أصحابه الا في عمر بن الخطاب ولكن الإمامين الباقر والصادق وأتباعهما بدلوا قوله ذات المقذع بقولهم « ورؤسنا تقطر » والمعنى واحد.

(٢) هذا هو الصحيح والرجل سراقة بن مالك بن جعشم بن مالك بن عمرو بن تيم بن مدلج بن مرة بن عبد مناة بن كنانة الكناني المدلجي راجع الإصابة ج ٢ ص ١٨ ، وما في بعض النسخ « خثعم » فهو تصحيف.

٢٩٥

علّمتنا ديننا فكأنّما خلقنا اليوم فهل الّذي أمرتنا به لعامنا هذا أو لما يستقبل؟ فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : بل هو للأبد إلى يوم القيامة ثمّ شبّك بين أصابعه بعضها في بعض وقال : [ ا ] دخلت العمرة في الحجّ إلى يوم القيامة هكذا » (١).

وكان ذلك في حجّة الوداع ومات صلى‌الله‌عليه‌وآله على ذلك وليس لأحد أن ينسخ حكما ثبت في زمانه فدعوى النسخ باطلة.

« وقدم عليّ عليه‌السلام من اليمن على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو بمكّة فدخل على فاطمة عليها‌السلام وهي قد أحلّت فوجد ريحا طيّبة ووجد عليها ثيابا مصبوغة فقال لها : ما هذا يا فاطمة؟ قالت أمرني بهذا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فخرج عليّ عليه‌السلام إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مستفتيا محرّشا على فاطمة فقال : يا رسول الله إنّي رأيت فاطمة قد أحلّت وعليها ثياب مصبوغة؟ فقال أنا أمرت الناس بذلك وأنت يا عليّ بما أهللت؟ فقال : قلت يا رسول الله إهلالا كإهلال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : كن على إحرامك مثلي وأنت شريكي في هديي » (٢).

( فروع )

١ ـ لا خلاف في وجوب الهدي على المتمتّع ولكن هل هو نسك في نفسه أو جبران قال أصحابنا بالأوّل لظاهر التنزيل وقال الشافعيّ هو جبران لنقص إحرامه لوقوعه في غير المواقيت وليس بشي‌ء لأنّا نمنع كون ذلك نقصا بل ميقاته مكّة كما أنّ غيره ميقاته خارج عنها ويتفرّع على ذلك أنّ عند الشافعيّ لا يجوز الأكل منه كغيره من الكفّارات وعندنا وعند أبي حنيفة يجوز الأكل منه.

٢ ـ يجب الهدي على المتمتّع بنفس إحرامه ويستقرّ في ذمّته لتعليق وجوبه على المتمتّع لقوله تعالى ( فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ )

__________________

(١) الكافي ج ٤ ص ٢٤٦ ورواه في الوسائل ب ٢ من أبواب أقسام الحج ح ٤ ومثله في سنن ابى داود ج ١ ص ٤٣٩.

(٢) الكافي ج ٤ ص ٢٤٦ ورواه في الوسائل ب ٢ من أبواب أقسام الحج ح ٤ ومثله في سنن ابى داود ج ١ ص ٤٤٣.

٢٩٦

وبه قال أبو حنيفة وقال الشافعيّ لا يجب حتّى يقف بعرفة وقال مالك لا يجب حتّى يرمي جمرة العقبة وكلاهما عدول عن الظاهر.

٣ ـ لا يجوز إخراج الهدي قبل إحلال العمرة إجماعا وكذا بعد إحلالها قبل إحرام الحجّ عندنا وعند أبي حنيفة. وقال الشافعيّ في أحد قوليه يجوز وأمّا بعد إحرام الحجّ فجزء الشافعيّ بجواز إخراجه وقال أصحابنا محلّه يوم النحر وبه قال أبو حنيفة.

الثانية : إذا عدم الهدي ووجد ثمنه خلّفه عند ثقة ليشتريه له ويذبحه طول ذي الحجّة فإن تعذّر تعيّن الهدي في القابل وإذا عدم الثمن أيضا صام وعند بعض أصحابنا ينتقل إلى الصوم بعدم وجدان الهدي وإن وجد الثمن والأوّل أقوى وعليه دلّت الرواية (١) ثمّ الصوم في الحجّ هو أن يصوم يوما قبل التروية ويومها ويوم عرفة متتابعا وروي جوازها في أوّل ذي الحجّة مع تلبّسه بالمتعة وقال أبو حنيفة إذا أهلّ بالعمرة جاز الصوم إلى يوم النحر وقال الشافعيّ لا يجوز قبل إحرام الحجّ وقال الشيخ رحمه‌الله لا خلاف بين الطائفة أنّ الصوم المذكور مع الاختيار وأنّ الإحرام بالحجّ ينبغي أن يكون يوم التروية فخرج من ذلك جواز الصوم قبل الإحرام بالحجّ.

فروع

١ ـ لو وجد الهدي قبل الصوم تعيّن الذّبح ولم يجزئ الصوم وللشافعيّ أقوال منشؤها اعتبار حال الوجوب أو الأداء أو أغلظ الحالين.

٢ ـ لو وجده بعد الشروع في الصوم لم يجب عليه الرجوع إلى الهدي لكنّه أفضل وبه قال الشافعيّ وقال أبو حنيفة بذلك إن وجده في السبعة وإن كان في الثلاثة أهدى وفيما بينهما إن كان قد أحلّ فالصوم وإلّا فالهدي.

٣ ـ إذا لم يصم السابع والثامن والتاسع بل ابتدأ بالثامن صام الثالث بعد

__________________

(١) الكافي ج ٤ ص ٥٠٦.

٢٩٧

أيّام التشريق ولا يجوز صومها في أيّام التشريق وبه قال الشافعيّ في الجديد وجوّز صومها في القديم.

٤ ـ إذا لم يصمها في الذي تقدّم صامها بقيّة ذي الحجّة أداء فإذا أهلّ المحرّم ولم يصم تعيّن الهدي وقال أبو حنيفة إذا جاء النحر ولم يصم تعيّن الهدي في ذمّته وقال الشافعيّ في الجديد يصومها بعد أيّام التشريق باقي ذي الحجّة قضاء.

٥ ـ يجب فيها التتابع ولذلك قرئ شاذّا « متتابعات » فلو أفطر لغير عذر في أثنائها استأنف إلّا في كون الثالث العيد ويصحّ صوم هذه ولو صدق عليه اسم السفر.

٦ ـ السبعة يصومها [ إذا فرغ من أفعال الحجّ ] بعد الرجوع إلى أهله ولو أقام بمكّة انتظر قدر وصول صحبه أو مضيّ شهر وقال أبو حنيفة يصومها إذا فرع من أفعال الحجّ وللشافعيّ قولان لنا ظاهر الآية فإنّ الرجوع لا يفهم منه إلّا ذلك.

٧ ـ لا يجب التتابع في السبعة على أصحّ القولين عندنا ويجوز صومها متتابعة للثلاثة إذا اتّفق الشرط.

فائدة : هنا سؤالان الأوّل : لم قال « تِلْكَ عَشَرَةٌ » فإنّ ذلك معلوم من ضمّ أحد العددين إلى الآخر. الثاني : لم قال « كامِلَةٌ » فإنّ صدق العشرة يستلزم كمالها.جواب الأوّل : لمّا كان الواو قد يجي‌ء بمعنى أو كما في قوله ( مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ ) (١) أمكن تصوّرها هنا فأزيل الوهم بذلك وجواب الثاني أنّها كاملة في بدليّة الهدي إجزاء وثوابا.

__________________

(١) النساء : ٣

٢٩٨

البحث الرابع

[ الثالثة ] (١) « ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ » قال الشافعيّ « ذلك » إشارة إلى الهدي أو الصيام والحقّ خلافه بل هو إشارة إلى التمتّع فانّ اللام في « ذلك » للبعيد وذكر التمتّع أبعد من الهدي وأيضا فإنّه أجمع فائدة من قوله.

ثمّ اختلف في « حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ » فقال الشافعيّ من كان دون مسافة القصر وقال أبو حنيفة هم أهل الميقات فما دونه ولأصحابنا قولان أحدهما من كان على اثني عشر ميلا فما دون ولم نظفر له بدليل وثانيهما ثمانية وأربعون ميلا وهو الحقّ لما رواه زرارة عن الباقر عليه‌السلام « قال قلت له [ ما معنى ] قول الله تعالى ( ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ) قال يعني أهل مكّة ليس عليهم متعة كلّ من كان أهله دون ثمانية وأربعين ميلا ذات عرق وعسفان وكلّما يدور حول مكّة فهو ممّن دخل في هذه الآية وكلّ من كان أهله وراء ذلك فعليه المتعة » (٢).

إذا عرفت هذا فعندنا أنّ التمتّع فرض عين لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام لا يجوز له الحجّ في فرض الإسلام بغيره اللهمّ إلّا لضرورة تحوجه إلى العدول كضيق الوقت أو الحيض للمرأة وأمثاله وكذا عندنا أنّ القران والإفراد قرض عين لمن هو حاضر المسجد [ الحرام ] وليس له العدول إلى التمتّع إلّا لضرورة ومع العدول يجب الدّم خلافا للشافعيّ فإنّه لم يوجبه بناء على ما قاله من عود الضمير في ذلك إلى الهدي وقد عرفت ضعفه.

واتّفق الفقهاء الأربعة على أنّه ليس في الثلاثة فرض عين ثمّ اختلفوا في أيّها أفضل فقال مالك وأحمد : التمتّع أفضل وهو أحد قولي الشافعيّ وفي قوله الآخر

__________________

(١) في بعض النسخ المخطوطة « الثالثة » وفي بعضها « الفائدة الثالثة » والأنسب ما في المطبوعة « البحث الرابع ».

(٢) أخرجه في الوسائل عن التهذيب ب ٦ من أبواب أقسام الحج ح ٣ ومثله في تفسير العياشي ج ١ ص ٩٣.

٢٩٩

الإفراد أفضل ولذلك جعل الهدي جبرا لا نسكا وقال أبو حنيفة القران أفضل والحقّ عندنا أنّ التمتّع أفضل لما ورد عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله « لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي » (١) تأسّفا منه صلى‌الله‌عليه‌وآله على فوات العمرة المتمتّع بها ولا تأسّف على فوات غير الأفضل ولأنّه مشتمل على نسكين العمرة والحجّ فيكون أفضل من نسك واحد ولما ورد عن الباقر عليه‌السلام « لو حججت ألفا وألفا لتمتّعت » (٢).

الثانية ( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزّادِ التَّقْوى وَاتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ ) (٣).

فيه فوائد :

١ ـ تقدير الآية زمان الحجّ أشهر، كقولهم البرد شهران « معلومات » أي معروفات للناس يريد أنّ زمان الحجّ لم يتغيّر في الشرع وهو ردّ على الجاهليّة في قولهم بالنسي‌ء كما يجي‌ء وهي شوّال وذو القعدة وذو الحجّة عند المحقّقين من أصحابنا وبه قال مالك وقيل تسعة من ذي الحجّة وبه قال الشافعيّ وقيل عشرة وبه قال أبو حنيفة والأوّل أصحّ لأنّ الأشهر جمع والجمع لا يصدق على أقلّ من ثلاثة وإطلاق الاسم على الكلّ حقيقة وعلى البعض مجاز والأصل عدمه.

هذا مع أنّ التحقيق هنا أن يقال إن أريد بزمان الحجّ ما يقع فيه أفعاله فهو كمال الشهر لأنّ بعض المناسك يقع فيه كالذّبح والطواف كما تقدّم وإن أريد ما يفوت الحجّ بفواته فهو إمّا التاسع أو العاشر وحينئذ يكون إطلاق الشهر

__________________

(١) صحيح البخاري ج ١ ص ٢٨٧ في حديث جابر.

(٢) الوسائل ب ٤ من أبواب أقسام الحج ح ٢١ عن أبى عبد الله عليه‌السلام.

(٣) البقرة : ١٩٧.

٣٠٠