كنز العرفان في فقه القرآن - ج ١

جمال الدين مقداد بن عبد الله السيوري الحلّي

كنز العرفان في فقه القرآن - ج ١

المؤلف:

جمال الدين مقداد بن عبد الله السيوري الحلّي


الموضوع : الفقه
الناشر: المكتبة المرتضويّة لإحياء الآثار الجعفريّة
المطبعة: الحيدري
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤١٥
الجزء ١ الجزء ٢

٦ ـ مذهب علمائنا أجمع أنه يجب الصلاة على آل محمّد في التشهّدين وبه قال بعض الشافعيّة وفي إحدى الروايتين عن أحمد وقال الشافعيّ بالاستحباب لنا رواية كعب وقد تقدّمت في كيفيّة الصلاة عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله وإذا كانت الصلاة عليه واجبة كانت كيفيّتها واجبة أيضا وروى كعب أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يقول ذلك في صلوته (١) و « قال صلى‌الله‌عليه‌وآله صلّوا كما رأيتموني أصلّي » (٢) وعن جابر الجعفي عن الباقر عليه‌السلام عن أبي مسعود الأنصاري قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من صلّى صلاة ولم يصلّ فيها عليّ وعلى أهل بيتي لم تقبل منه » (٣).

٧ ـ الّذين تجب الصلاة عليهم في الصلاة ويستحبّ في غيرها هم الأئمّة المعصومون عليهم‌السلام لإطباق الأصحاب على أنّهم هم الآل ولأنّ الأمر بذلك مشعر بغاية التعظيم المطلق الّذي لا يستوجبه إلّا المعصومون وأمّا فاطمة عليها‌السلام فتدخل أيضا لأنها بضعة منه صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٨ ـ استدلّ بعض شيوخنا على وجوب التسليم المخرج عن الصلاة بما تقريره : الف شي‌ء من التسليم واجب ب ولا شي‌ء منه في غير الصلاة بواجب النتيجة فيكون وجوبه في الصلاة وهو المطلوب أمّا الصغرى فلقوله « وَسَلِّمُوا » الدالّ على الوجوب وأمّا الكبرى فللإجماع وفيه نظر لجواز كونه بمعنى الانقياد كما تقدّم ، سلّمنا لكنّه سلام على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله لسياق الكلام وقضيّة العطف وأنتم لا تقولون أنّه المخرج من الصلاة بل المخرج غيره.

٩ ـ استدلّ بعض شيوخنا المعاصرين على أنه يجب إضافة « السلام عليك أيّها النبيّ ورحمة الله وبركاته » على التشهّد الأخير بما تقريره : السلام على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله واجب ولا شي‌ء منه في غير التشهّد الأخير بواجب ـ ينتج أنه فيه واجب. وبيان المقدّمتين قد تقدّم.

__________________

(١) لم أعثر في كتبهم على هذا الحديث الا أن الشيخ نقله مرسلا في الخلاف المسئلة ١٢٨ من كتاب الصلاة وكأنه ناظر الى حديثه المتقدم المشهور.

(٢) صحيح البخاري ج ١ ص ١١٧ ( باب الأذان للمسافر ح ٣ ) وقد مر الحديث ص ١٢٤ فراجع.

(٣) أخرجه في المستدرك عن متشابه القرآن ج ١ ص ٣٣٤. والشيخ في الخلاف المسئلة ١٣٣ من كتاب الصلاة.

١٤١

قيل عليه إنّه خرق الإجماع لنقل العلّامة الإجماع على استحبابه ولأنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يعلّمه الأعرابيّ في كيفيّة التشهّد (١) ولا هو في حديث حمّاد في صفة الصلاة عن الصادق عليه‌السلام (٢) فلو وجب لتأخّر البيان عن وقت الحاجة وهو باطل اتّفاقا ولضبط الأصحاب الواجبات في الصلاة ولم يعدّوه فيها ولعدم دلالة الآية عليه صريحا ولو دلّت لم تدلّ على الفوريّة ولا على التكرار ولا على كونه في الصلاة ولا على كونه آخرها ولا كونه بصيغة مخصوصة.

ويمكن الجواب عن الأوّل بمنع الإجماع على عدم وجوبه والإجماع المنقول على مشروعيّته وراجحيّته وهو أعمّ من الوجوب والندب وعن الثاني والثالث بأنّ عدم النقل لا يدلّ على العدم مع أنّ حديث حمّاد ليس فيه إشعار بالعبارة المتنازع فيها بالوجوب وجودا وعدما مع إمكان الدخول في التشهّد لأنّه « قال فلمّا فرغ من التشهّد سلّم » وعن الرابع بأنّه معارض بوجوب التسليم المخرج من الصلاة فإنّ كثيرا من الأصحاب لم يعدّه في الواجبات مع الفتوى بوجوبه وعن الخامس قد بيّنّا فيما تقدّم أنّ سياق الكلام وقضيّة العطف يدلّ على أنّ المراد السلام على النبيّ وعن السادس بأنّ الفوريّة والتكرار استفيدا من خارج الآية وهو أنّه لمّا ثبت كونه جزءا من الصلاة فكلّما دلّ على فوريّتها وتكرارها دلّ على فوريّته وتكراره تضمّنا وعن السابع والثامن والتاسع بما تقرّر في بيان الكبرى إذ لا قائل بالوجوب في غير الصلاة ولا في غير التشهّد الأخير ولا بغير الصيغة.

وبالجملة الّذي يغلب على ظنّي الوجوب ويؤيّده ما رواه أبو بصير عن الصادق عليه‌السلام « قال إذا كنت إماما فإنّما التسليم أن تسلّم على النبيّ وتقول : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين » (٣) وأيضا رواية الشيخ في التهذيب عن أبي كهمس

__________________

(١) ولا الأئمة عليهم‌السلام أصحابهم على ما في أحاديثنا نعم هو مذكور في أحاديثهم المروية لبيان التشهد مع تقديم وتأخير راجع سنن أبى داود ج ١ ص ٢٢١.

(٢) الوسائل ب ١ من أبواب أفعال الصلاة ح ١ و ٢ أخرجه عن الفقيه والكافي.

(٣) الوسائل ب ٢ من أبواب التسليم ح ٨. أخرجه عن التهذيب.

١٤٢

عن الصّادق عليه‌السلام « قال سألته إذا جلست للتشهّد فقلت وأنا جالس السلام عليك أيّها النبيّ ورحمة الله وبركاته انصراف هو قال عليه‌السلام لا ولكن إذا قلت السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فهو انصراف (١) وهي ظاهرة في أنّه من التشهّد والإجماع حاصل منّا على وجوبه وعن الحلبي عن الصادق عليه‌السلام « قال كلّما ذكرت الله والنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فهو من الصلاة فإن قلت السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فقد انصرفت » (٢) دلّ ظاهر هذه الروايات على كون التسليم على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله من الصلاة ودلّت الآية على الوجوب فيكون واجبا فيها وهو المطلوب.

النوع السادس

( في المندوبات )

وفيه آيات :

الاولى ( وَقُومُوا لِلّهِ قانِتِينَ ) (٣).

قال المعاصر (٤) ما هذا لفظه يمكن الاستدلال بهذه الآية على ندبيّة القنوت في الصلاة إذ لا قائل بوجوبه والأصل براءة الذمّة ولأنّ صيغة الأمر استعملت في الندب مثل قوله تعالى ( وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ ) (٥) أقول في هذا الكلام غلط من وجوه الأوّل أنّ قوله لا قائل بوجوب القنوت يدلّ على عدم الاطّلاع على النقل فانّ ابن بابويه وابن أبي عقيل قائلان بالوجوب وهما في الفقه بمكان عال الثاني أنّ أصالة البراءة إنّما يكون حجّة مع عدم الدليل لا مطلقا الثالث أنّ قوله صيغة الأمر استعملت

__________________

(١) الوسائل ب ٤ من أبواب التسليم ح ٢.

(٢) الوسائل ب ٤ من أبواب التسليم ح ١.

(٣) البقرة : ٢٣٨.

(٤) هو احمد بن عبد الله بن المتوج البحراني كان معاصرا للشيخ المقداد صاحب كنز العرفان وهو المعنى بقوله قال المعاصر. لؤلؤة البحرين.

(٥) البقرة : ٢٨٢.

١٤٣

في الندب إن عنى بصيغة الأمر هنا لفظة « قُومُوا » فتلك للوجوب كما استدلّ هو وغيره بها على وجوب القيام في الصلاة وإذا كانت للوجوب لا تدلّ على الندب إذ لا يجوز استعمال المشترك في كلا معنييه كما تقرّر في الأصول وإن عنى لفظ « قانِتِينَ » فليس بأمر وهو ظاهر الرابع أنّ تمثيله للندب بقوله « وَأَشْهِدُوا » سهو فإنّ الأمر فيها للإرشاد إلى مصلحة دنيويّة لا أخرويّة بخلاف الندب فإنّه إشارة إلى مصلحة راجحة أخرويّة هي نيل الثواب.

إذا تقرّر هذا فاعلم أنّه قد تقدّم الكلام في هذه الآية بما فيه كفاية فلا وجه لإعادته لكن نقول أكثر أصحابنا قالوا باستحباب القنوت وقال بعضهم بوجوبه كما تقدّم ومحلّه في جميع الصلوات الواجبة والمندوبة بعد قراءة السورة في الثانية وقبل ركوعها وفي الجمعة قنوتان في الأولى قبل الركوع وفي الثانية بعده وقال الشافعيّ باستحبابه في الصبح خاصّة بعد ركوع ثانيتها وما عداها يستحبّ إن نزلت نازلة [ من الخوف ] وإلّا فقولان وقال مالك باستحبابه في الوتر في النصف الأخير من رمضان لا غير وقال أبو حنيفة هو مكروه إلّا في الوتر خاصّة فإنّه مسنون‌قال أحمد إن في‌فلاو قال يقنت‌الجيوش ويحتجّ على المانع بأنه دعاء فيكون مأمورا به ( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ ) (١) وبما رواه براء بن عازب قال « كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يصلّي صلاة مكتوبة إلّا قنت فيها » (٢) وروي أيضا أنّ عليا عليه‌السلام قنت في المغرب ودعا على أناس وأشياعهم (٣) وقنت النبيّ عليه‌السلام في الصبح ودعا على جماعة وسمّاهم (٤) ومن طرق الأصحاب روايات كثيرة (٥).

__________________

(١) المؤمن : ٦٠.

(٢) رواه الطبراني في الأوسط ورجاله موثقون على ما في مجمع الزوائد ج ٢ ص ١٣٨ وأخرجه السيوطي في الدر المنثور ج ١ ص ٣٠٧.

(٣) راجع المستدرك ج ١ ص ٣٢٠.

(٤) رواه الطبراني في الكبير من حديث ابن عباس ورجاله ثقات وروى احمد والبزار نحو ذلك ورجاله موثقون راجع مجمع الزوائد ج ٢ ص ١٣٧ و ١٣٩.

(٥) راجع الوسائل أبواب القنوت.

١٤٤

وهنا فروع :

١ ـ يجوز الدعاء فيه لأمور الدنيا إجماعا منّا وأنكره أبو حنيفة وأحمد لأنه يشبه كلام الآدميّين ويحتجّ عليهم بما رووه أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال « إذا صلّى أحدكم فليبدأ بحمد الله والثناء عليه ثمّ يصلّي عليّ ثمّ يدعو بعده بما شاء (١) » قوله بما شاء يعمّ أمور الدين والدنيا ومن طرق الأصحاب عن عبد الرحمن بن سيابة « قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام أدعو الله وأنا ساجد قال نعم ادع للدنيا والآخرة فإنّه ربّ الدنيا والآخرة (٢) » وعن إسماعيل بن [ أبي ] الفضل عن الصادق عليه‌السلام أيضا « قال سألته عن القنوت وما يقال فيه فقال ما قضى الله على لسانك ولا أعلم فيه شيئا موقّتا (٣) ».

٢ ـ يجوز القنوت بالفارسيّة لقول الصادق عليه‌السلام « كلّ شي‌ء مطلق حتّى يرد فيه نهي (٤) » ولم يرد هنا نهي ولقول الباقر عليه‌السلام « لا بأس أن يتكلّم الرجل في الصلاة بكلّ ما يناجي به ربّه (٥) » وعن الصادق عليه‌السلام « كلّما ناجيت به ربّك في الصلاة فليس بكلام (٦) » يريد ليس بكلام مبطل.

٣ ـ قال الصدوق القنوت كلّه جهار وقال المرتضى وابن إدريس والعلّامة هو تابع للصلاة في الجهر والإخفات وقال الشافعيّ كلّه يخافت به لأنّه مسنون فأشبه التشهّد الأوّل وقياسه ممنوع أصلا وفرعا ويحتجّ الصدوق بما رواه عن زرارة عن الباقر عليه‌السلام « قال إنّ القنوت كلّه جهار (٧) ».

٤ ـ إذا نسي القنوت قضاه بعد الركوع لرواية محمّد بن مسلم عن الصادق عليه‌السلام (٨) ولو ذكر بعد ركوع الثالثة قال الشيخان قضاه بعد فراغه من الصلاة

__________________

(١) السراج المنير ج ١ ص ١٥١ من حديث فضالة بن عبيد وهو حديث صحيح.

(٢) الوسائل ب ١٧ من أبواب السجود ح ٢.

(٣) الوسائل ب ٩ من أبواب القنوت ح ١. ونحوه ح ٢ و ٣ و ٥.

(٤) الوسائل ب ١٩ من أبواب القنوت ح ١.

(٥) الوسائل ب ١٩ من أبواب القنوت ح ٢.

(٦) الوسائل ب ١٩ من أبواب القنوت ح ٣.

(٧) الفقيه ص ٧٨ الرقم ٥٠.

(٨) الوسائل ب ١٨ من أبواب القنوت ح ١ و ٢ عن التهذيب.

١٤٥

لرواية أبي بصير عن الصادق عليه‌السلام (١) وفي الرواية الأولى « فان لم يذكر حتّى ينصرف فلا شي‌ء عليه ».

الثانية ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) (٢).

أكثر المفسّرين على أنّ المراد صلاة العيد. والنحر الهدي أو التضحية قال أنس « كان النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ينحر قبل أن يصلّي الغداة فأمره الله أن يصلّي ثمّ ينحر » (٣) وقيل معناه صلّ لربّك الصلاة المكتوبة واستقبل القبلة بنحرك يقول العرب منازلنا تتناحر أي هذا ينحر هذا أي يستقبله وأنشد :

أبا حكم ها أنت عمّ مجالد

وسيّد أهل الأبطح المتناحر (٤)

أي ينحر بعضه بعضا قاله الفرّاء وروى الجمهور « عن علىّ عليه‌السلام أنّ معناه ضع يدك اليمنى على اليسرى حذاء النحر في الصلاة (٥) » وهذا نقل باطل عنه بل كذب وزور عليه لأنّ عترته الطاهرة مجمعون على خلافه والّذي ورد عنهم روايات (٦) الاولى روى عمر بن يزيد « قال سمعت الصادق عليه‌السلام يقول في قوله تعالى ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) هو رفع يديك حذاء وجهك » الثانية عبد الله بن سنان عنه مثلها الثالثة عن جميل بن درّاج « قال قلت للصّادق عليه‌السلام ما معنى « فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ »؟ فقال بيده

__________________

(١) الوسائل ب ١٦ من أبواب القنوت ح ٢.

(٢) الكوثر : ١.

(٣) مجمع البيان ج ١٠ ص ٥٥٠. الدر المنثور ج ٦ ص ٤٠٣.

(٤) البيت لرجل من بنى أسد أنشده الطبري والرازي والشوكانى عند تفسير الآية والضبط في الرازي : « هل أنت ».

(٥) أخرجه السيوطي في الدر المنثور ج ٦ ص ٤٠٣ نقل الطبرسي عن على عليه‌السلام نفسه أن معناه : ارفع يديك الى النحر في الصلاة.

(٦) والروايات الاتية رواها الطبرسي في مجمع البيان ج ١٠ ص ٥٥٠ مرسلا وأخرج بعضها الحر العاملي في الوسائل ب ٩ من أبواب تكبيرة الإحرام. والسيوطي في الدر المنثور ج ٦ ص ٤٠٣.

١٤٦

هكذا يعني استقبل بيديه حذوة وجهه في افتتاح الصلاة ». الرابعة حمّاد بن عثمان قال « سألت الصادق عليه‌السلام ما النحر فرفع يديه إلى صدره فقال هكذا : ثمّ رفعهما فوق ذلك فقال هكذا يعني استقبل بيديه القبلة في افتتاح الصلاة ». الخامسة روى مقاتل بن حيّان عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنّه قال « لمّا نزلت هذه السورة قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله لجبرئيل عليه‌السلام ما هذه النحيرة الّتي أمرني بها ربّي قال : ليست بنحيرة ولكنّه يأمرك إذا تحرّمت للصّلاة أن ترفع يديك إذا كبرت وإذا ركعت وإذا رفعت رأسك من الركوع وإذا سجدت فإنّه صلوتنا وصلاة الملائكة في السموات السبع وإنّ لكلّ شي‌ء زينة وزينة الصلاة رفع الأيدي عند كلّ تكبيرة. وقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله رفع الأيدي من الاستكانة قلت ما الاستكانة قال ألا تقرأ هذه الآية ( فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ ) (١) أورده الثعلبي والواحدي في تفسيريهما.

إذا تقرّر هذا فنقول دلّت هذه الروايات على مندوبات الأوّل التكبير للركوع والسجود وضعا ورفعا الثاني استحباب رفع اليدين مع كلّ تكبيرة الثالث الاستقبال باليدين القبلة الرابع كون الرفع إلى حذاء الوجه.

الثالثة ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ ) (٢).

تقدّم الكلام في هذه الآية (٣) قيل المراد بالخشوع غضّ الطرف والتذلّل وخفض الجناح وقيل المراد صرف النظر في كلّ حال إلى موضع معيّن كصرف النظر حال القيام إلى موضع سجوده وحال الركوع إلى ما بين رجليه وحال السجود إلى طرف أنفه وحال التشهّد إلى حجره وحال القنوت إلى باطن كفّيه

وقيل في قوله تعالى ( وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ ) (٤) هو وضع الجبهة والأنف على الأرض والظاهر أنّ المراد : ذلّت وخضعت له خضوع العناة وهم الأسارى

__________________

(١) المؤمنون : ٧٧.

(٢) المؤمنون : ١ و ٢.

(٣) راجع ص ٦٥.

(٤) طه : ١١١.

١٤٧

في يد الملك القهّار ولفظ الوجوه يعطي العموم ويحتمل إرادة الخصوص وهي وجوه المجرمين لأنّ قبله « وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلّا عَشْراً نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلّا يَوْماً وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ » فيكون اللّام بدل الإضافة كما في قوله تعالى ( وَأَمّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى ) (١) أي مأواه ويؤيّد هذا الاحتمال قوله تعالى بعد ذلك ( وَقَدْ خابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً ).

الرابعة ( فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ ) (٢).

أي إذا أردت قراءة القرآن فاستعذ بالله [ من الشيطان الرجيم ] أطلق الملزوم على لازمه فانّ كلّ فعل اختياريّ يلزمه الإرادة قال الزمخشريّ هي مثل قوله ( إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا ) (٣) أي إذا أردتم القيام ، وفيه نظر لأنّ بين ابتداء القيام وبين ابتداء الصلاة زمانا هو زمان الطهارة المأمور بها مثل إذا قمت إلى الأمير فتجمّل في ثيابك فانّ بين قيامك ولقائه زمانا فيه لبس الثياب وليس كذا هنا وإلّا لقال إذا قمت إلى القراءة لا إذا قرأت فإنّ بينهما فرقا.

والاستعاذة طلب العياذ وهو اللّجاء والمراد الاستجارة أي أستجير بالله دون غيره والشيطان كلّ متمرّد عن الطاعة إنسانا كان أو جنّا ووزنه فيعال من شطنت الدار إذا بعدت وقيل فعلان من شاط يشيط إذا بطل فالنّون على الأوّل أصليّ وعلى الثاني زائدة والرجيم فعيل بمعنى مفعول أي مرجوم من الرجم بمعنى الرمي فمعناه : البعيد من الخير المرميّ باللّعنة. إذا تقرّر هذا فهنا فوائد :

١ ـ أنّ الخطاب حقيقة للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ودخل فيه غيره لدليل التأسّي به.

٢ ـ روى عبد الله بن مسعود عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله « قال قرأت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله

__________________

(١) النازعات : ٤٠.

(٢) النحل : ٩٨.

(٣) المائدة : ٦.

١٤٨

فقلت أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم فقال لي يا ابن أمّ عبد قل أعوذ بالله من الشيطان الرجيم هكذا أقرأنيه جبرئيل عن القلم عن اللّوح المحفوظ » (١) وهذا موافق للفظ القرآن وبالأوّل قرأ بعض القرّاء وفيه ما فيه.

٣ ـ أكثر العلماء على أنّ الأمر هنا للاستحباب ونقل عن بعض علمائنا الوجوب والأوّل أقوى لأصالة البراءة ولأنّه قول الأكثر.

٤ ـ أنّه يستحبّ الإسرار به ولو في الجهرية إجماعا قيل لأنّه ذكر بين التكبير والقراءة فليس فيه إلّا الإسرار كالاستفتاح وفيه ما فيه.

٥ ـ أنّه عندنا في أوّل ركعة لا غير وقال غيرنا إنّه في كلّ ركعة لأنّ الحكم المرتّب على شرط يتكرّر بتكرّره قياسا ، قلنا لفظ القرآن للجنس فهو كالفعل الواحد فيكفي استعاذة واحدة ولأنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله كذا فعل. هذا ولو تركه عمدا أو سهوا لم يتداركه في الثانية لفوات محلّه.

٦ ـ قال بعض الحنفية إنّها من سنن الصلاة لا القراءة فعنده يستحبّ للمأموم وإن لم يقرأ وكذا للمسبوق وهو ممنوع لأنّ لفظ القرآن يدلّ على خلافه بل هي من سنن القراءة.

الخامسة : آيات متعددة ( يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلّا قَلِيلاً نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً إِنّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلاً وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً ) (٢).

أصل المزّمّل متزمّل أدغم التاء في الزاي من تزمّل أي تلفّف بثيابه سمّى به النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله تهجينا لما كان عليه لأنّه كان نائما أو مرتعدا لما دهشة ابتداء الوحي فتزمّل

__________________

(١) أخرجه في قلائد الدر ج ١ ص ١٨٤ ( طبعة النجف ) وفي المستدرك ج ١ ص ٢٩٤ عن غوالي اللآلي.

(٢) المزمل : ١ ـ ٦.

١٤٩

بقطيفة أو تحسينا له إذ روي أنّه كان يصلّي متلفّفا بمرط مفروش بعضه على عائشة فنزلت أو تشبيها له في تثاقله بالمتزمّل لأنّه لم يكن قد تمرّن بعد في قيام اللّيل أو من تزمّل الزمل إذا تحمّل الحمل أي الّذي تحمّل أعباء النبوّة أعني أثقالها.

« قُمِ اللَّيْلَ » أي إلى الصلاة والاستثناء من الليل ونصفه بدل من قليلا. أو بدل من اللّيل والاستثناء يكون من النصف والضمير في منه وعليه للأقلّ من النصف كالثلث فيكون التخيير بينه وبين الأقلّ منه كالرّبع والأكثر منه كالنصف أو يكون الضمير للنصف ويكون التخيير بين أن يقوم أقلّ منه على البتّ وأن يختار أحد الأمرين من الأقلّ والأكثر. وقيل الاستثناء من اللّيالي وهي ليالي العذر كالمرض ونحوه.

والترتيل القراءة على تؤدة بحيث يتبيّن الحروف بعضها من بعض كقولهم ثغر رتل ورتل أي مفلّج والقول الثقيل القرآن لما فيه من التكاليف الشاقّة و « ناشِئَةَ اللَّيْلِ » قيل النفس الناهضة من مضجعها إلى العبادة من نشأ من مكانه إذا نهض وقيل قيام اللّيل وقيل المراد العبادة الّتي تنشأ باللّيل أي تحدث وهو أقوى عندي إذ الإسناد إليها في قوله « أَشَدُّ وَطْئاً » حقيقة وقيل المراد ساعات اللّيل الحادثة واحدة بعد أخرى أو الساعات السابقة من نشأت إذا ابتدأت. وقرء أبو عمرو وابن عامر « أشدّ وطاء » أي مواطاة وموافقة والباقون وطأ أي كلفة أو ثبات قدم فعلى الأوّل قيل المراد موافقة القلب اللسان أو موافقة القلب لما يراد من الخشوع والإخلاص بموافقة السرّ العلانية وهو أولى لما روي عن الصادق عليه‌السلام « هي قيام الرجل عن فراشه لا يريد به إلّا الله » (١) وهو يؤيّد ما قلناه في الناشئة « وَأَقْوَمُ قِيلاً » أي أسدّ مقالا أو أثبت قراءة لحضور القلب وهدوء الأصوات.

و « سَبْحاً طَوِيلاً » أي تصرّفا في المعاش والمهامّ وحيث الحال كذلك فعليك بالتهجّد ليلا فانّ مناجاة الحقّ يستدعي فراغا من الخلق والتبتيل الانقطاع أي انقطع إليه بالعبادة وجرّد نفسك عمّا سواء وقال « تَبْتِيلاً » والقياس تبتّلا لمراعاة

__________________

(١) الوسائل ب ٣٩ من أبواب الصلوات المندوبة ح ٤.

١٥٠

الفواصل. إذا تقرّر هذا فهنا فوائد :

١ ـ قيل كان قيام اللّيل واجبا على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وأصحابه في مكّة قبل فرض الصلوات الخمس ثمّ نسخ بالخمس عن ابن كيسان ومقاتل وعن عائشة أنّ الله تعالى فرض قيام اللّيل في أوّل هذه السورة فقام صلى‌الله‌عليه‌وآله وأصحابه حولا وأمسك الله خاتمتها اثني عشر شهرا في السماء حتّى أنزل [ الله ] في آخر السورة التخفيف فصار قيام اللّيل تطوّعا بعد أن كان فريضة وعن ابن عبّاس لمّا نزل أوّل المزّمّل كانوا يقومون نحوا من قيامهم في شهر رمضان وكان بين أوّلها وآخرها سنة وعن سعيد بن جبير كان بين أوّلها وآخرها عشر سنين هذه أقوال المفسّرين.

٢ ـ قيل في آخر السورة وهو قوله ( إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ وَآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ ) (١) أنّ معنى « فَتابَ عَلَيْكُمْ » نسخ الحكم الأوّل بأن جعل قيام اللّيل تطوّعا بعد أن كان فرضا وقيل معناه لم يلزمكم إثما ولا تبعة وقيل خفّف عليكم ، لأنّهم كانوا يقومون اللّيل كلّه حتّى انتفخت أقدامهم فنسخ ذلك عنهم.

وعلّل هذا الترخّص بأمور : الأوّل أنّه يعسر عليكم ضبط أوقات اللّيل وحصر ساعاته بل الله سبحانه هو المقدّر لذلك أي العالم بمقداره الثاني أنّه ربما يكون منكم من هو مريض فيشقّ عليه قيام اللّيل. الثالث أنكم قد تكونون في سفر تجارة أو غزو. قال المعاصر وظاهر الآيات تدلّ على الندبيّة لأنّ أو معناها التخيير والواجب لا تخيير في مقداره قلت في كلامه نظر من وجوه : الأوّل أنّ الندبيّة إن استفيدت من دليل خارج فلا يكون ذلك من ظاهرها وإن استفيدت من لفظ « قُمِ اللَّيْلَ » فالأمر حقيقة في الوجوب عند الأكثر أو قدر مشترك فكيف يكون ظاهره الندب وإن استفيدت من التخيير فباطل لما يجي‌ء الثاني أنّ استدلاله على الندبيّة

__________________

(١) المزمّل : ٢٠.

١٥١

بكون أو للتخيير وأنّ الواجب لا تخيير في مقداره فيه غلط ظاهر أمّا أوّلا فلأنّ انحصار معنى أو في التخيير باطل باتّفاق أهل العربيّة فإنّهم مجمعون على أنّها قد تكون للشكّ والإبهام والتقسيم والتخيير والإباحة فانحصار معناها في التخيير باطل وأمّا ثانيا فلأنّ قوله الواجب لا تخيير فيه باطل أيضا فإنّ التخيير قد وقع في الواجب بين الكلّ وألحن كتخيير المصلّي عندنا في الأماكن الأربعة بين ركعتين والأربع وكذا تخيير المصلّي في الأخيرتين بين التسبيح ثلاثا أو مرّة والتخيير بين الحمد والتسبيح مرّة واحدة وهي تقصر عن الحمد مقدارا والتخيير في الكسوف بين إتمام السورة بعد الحمد أو قراءة بعضها. الثالث أنّه ذكر فيما بعد أنّ المختار من الأقوال أنّ صلاة الليل كانت فرضا على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ونافلة لأصحابه وحينئذ كيف يكون ظاهرها الندبيّة مطلقا.

٣ ـ الترتيل في القراءة سنّة مؤكّدة واختلف في تفسيره قيل هو تبيين الحروف وإخراجها من مخارجها وتوفية حقّها من الحركات والإشباع وعن ابن عبّاس هو القراءة على هنيئتك وعنه قال لأن أقرء البقرة وأرتّلها أحبّ إلىّ من أن أقرء القرآن كلّه ليس كذلك وعن عليّ عليه‌السلام في معناه أنّه « قال بيّنه بيانا ولا تهذّه هذ الشعر ولا تنثره نثر الرمل ولكن أقرع به القلوب القاسية ولا يكوننّ همّ أحدكم آخر السورة » (١) وعن الصادق عليه‌السلام « قال إذا مررت بآية فيها ذكر الجنّة فاسئل الله الجنّة وإذا مررت بآية فيها ذكر النار فتعوّذ بالله من النار (٢) » وقيل المراد التحزين به أي قراءته بصوت حزين ويؤيّده رواية أبي بصير عن الصادق عليه‌السلام في هذا « قال هو أن تتمكّث فيه وتحسّن به صوتك » (٣) والتحقيق أنّ الغرض من الترتيل تدبّر القرآن والتفكّر في معانيه والايتمار عند أوامره والانزجار عند زواجره

__________________

(١) أصول الكافي ج ٢ ص ٦١٤. الدر المنثور ج ٦ ص ٢٧٧.

(٢) مجمع البيان ج ١٠ ص ٣٧٨. راجع أيضا الوسائل ب ١٨ من أبواب القراءة في الصلاة وب ٢١ من أبواب قراءة القرآن.

(٣) مجمع البيان ج ١٠ ص ٣٧٨. راجع أيضا الوسائل ب ١٨ من أبواب القراءة في الصلاة وب ٢١ من أبواب قراءة القرآن.

١٥٢

٤ ـ استدلّ بقوله « وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ » على وجوب البسملة في أوّل الحمد والسورة وقيل المراد بها الدعاء بذكر أسماء الله الحسنى وصفاته العليا ومنه قوله تعالى ( وَلِلّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها ) (١) ويستدلّ بذلك على جواز الدعاء في جميع الحالات وفي الصلاة للدّين والدنيا له ولإخوانه المؤمنين ولشخص بعينه وليس ذلك بعيدا عن الصواب لعموم قوله تعالى ( وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ ) (٢).

٥ ـ روى محمّد بن مسلم وحمران بن أعين عن الباقر والصادق عليهما‌السلام أنّ التبتيل هنا رفع اليدين في الصلاة (٣) وفي رواية أبي بصير « قال هو رفع يديك إلى الله وتضرّعك إليه » (٤) ويمكن أن يكون ذلك علامة على الانقطاع إلى الله ، الّذي هو معنى التبتيل.

٦ ـ قيل المراد بقوله تعالى ( وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) (٥) هو صلاة اللّيل وقيل الاستغفار آخر الوتر وفي معنى ذلك (٦) قوله تعالى « كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) (٧).

والأولى حمله على الحقيقة وهو طلب المغفرة وخصّ الاستغفار بالسّحر الّذي هو آخر اللّيل لأنّ العبادة فيه أشقّ والنفس أصفى لعدم اشتغالها بتدبير

__________________

(١) الأعراف : ١٧٩.

(٢) المؤمن : ٦٠.

(٣) مجمع البيان ج ١٠ ص ٣٧٩. وروى غير ذلك راجع أصول الكافي ج ٢ ص ٤٧٩.

(٤) مجمع البيان ج ١٠ ص ٣٧٩. وروى غير ذلك راجع أصول الكافي ج ٢ ص ٤٧٩.

(٥) الذاريات : ١٧.

(٦) يوهم كلامه ذلك ان الآية المذكورة « وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ » غير ما ذكر مع قوله « كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ » مع أنه آية واحدة في الطور فقط. فاما أن يكون قوله « وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ » الثاني زائدا كما جعلناه بين المقوفتين واما أن يكون مراده التطبيق بين قوله ( الْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ ) ( آل عمران : ٧ ) مع ما في الطور بقرينة هجعة الليل فأثبت الآية سهوا.

(٧) الذاريات : ١٨.

١٥٣

المأكول ولخلوّ المعدة عنه فيتوجّه النفس بكلّيّتها إلى حضرة الحقّ سبحانه و « ما » في قوله « ما يَهْجَعُونَ » قيل زائدة أي يهجعون في طائفة من اللّيل أو يهجعون هجوعا قليلا وقيل مصدريّة أو موصولة أي في قليل من اللّيل هجوعهم أو ما يهجعون فيه ولا يجوز أن تكون نافية لأنّ ما بعدها لا يعمل فيما قبلها. وفي الآية مبالغة في تقليل نومهم واستراحتهم في الليل الّذي هو وقت السبات وذكر الهجوع الّذي هو الغرار من النوم وفي الحديث عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله « من ختم له بقيام اللّيل ثمّ مات فله الجنّة » (١) و « جاء رجل إلى عليّ عليه‌السلام فقال إنّي قد حرمت صلاة اللّيل فقال له أنت رجل قد قيّدتك ذنوبك » (٢)

النوع السابع

( في أحكام متعددة تتعلق بالصلاة )

وفيه آيات :

الاولى ( وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْ‌ءٍ حَسِيباً ) (٣).

أصل تحيّة تحيية نقلت كسرة الياء إلى ما قبلها وأدغم الياء في الياء وتعدّي بتضعيف العين وإنّما قال بتحيّة بالباء لأنّه لم يرد بها المصدر بل المراد نوع من التحايا والتنوين فيها للنوعيّة واشتقاقها من الحياة لأنّ المسلّم إذا قال سلام عليكم فقد دعا للمخاطب بالسّلامة من كلّ مكروه والموت من أشدّ المكاره فدخل تحت الدعاء.

__________________

(١) مستدرك الوسائل ج ١ ص ٤٦٦ عن الجعفريات.

(٢) الوسائل ب ٤٠ من أبواب بقية الصلوات المندوبة ح ٥.

(٣) النساء : ٨٥.

١٥٤

واعلم أنّه لم يرد بحيّيتم سلام عليكم بل كلّ تحيّة وبرّ وإحسان ويؤيّده ما ذكره عليّ بن إبراهيم في تفسيره عن الصادقين عليهما‌السلام « أنّ المراد بالتحيّة في الآية السلام وغيره من البرّ (١) ».

والحسيب إمّا بمعنى الحفيظ لكلّ شي‌ء أو بمعنى المحاسب أي يحاسبكم على التحيّة وغيرها إذا تقرّر هذا فهنا مسائل :

١ ـ السلام من السنن المؤكّدة والردّ فرض لصيغة الأمر الدالّة على الوجوب لكن على الكفاية لأصالة البراءة ولأنّ المقصود حصول المكافاة على التحيّة وقد حصل وللحديث (٢) هذا إذا كان السلام على جماعة أمّا إذا سلّم على واحد فهو فرض عين عليه.

٢ ـ اتّفق الجمهور من الفقهاء والمفسّرين على أنّه إذا قال المسلّم سلام عليكم فأجيب بقوله سلام عليكم ورحمة الله فهو أحسن منها ولو لم يقل ورحمة الله فهو ردّ لها بمثلها وإذا قال سلام عليكم ورحمة الله فأجيب بقوله سلام عليكم ورحمة الله فهو ردّ بالمثل ولو زيد وبركاته فهو أحسن وإذا قال سلام عليكم ورحمة الله وبركاته فليس فوقها ما يزيد عليها.

٣ ـ قال ابن عبّاس إنّ المراد بقوله « بِأَحْسَنَ مِنْها » أي للمسلمين وبقوله « أَوْ رُدُّوها » أي لأهل الكتاب لا يزاد على قوله وقال غيره « أَوْ رُدُّوها » للمسلمين أيضا وأمّا الكتابيّ فيقال عليكم أو وعليكم لأنّهم ربّما قالوا السام عليكم أي الموت.

٤ ـ إذا سلّم أحد على المصلّي وجب عليه الردّ لإطلاق الأمر بالردّ المتناول لحال الصلاة وغيرها وليس هو من كلام الآدميّين فيدخل تحت النهي لأنّ هذه الصيغة وردت في القرآن إن قلت إذا قصد الردّ خرج عن كونه قرآنا قلت ذلك ممنوع لأنّه قرآن باعتبار لفظه ونظمه وقصد الردّ لا يخرجه كما لا يخرج بقصد

__________________

(١) مجمع البيان ج ١ ص ٨٥.

(٢) أصول الكافي ج ٢ ص ٦٤٧.

١٥٥

الدعاء لو قال ( رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ ) (١) وقال الشافعيّ لا يرد بلفظه بل بالإشارة برأسه أو بيده وبه قال مالك وأحمد ومنع أبو حنيفة الردّ مطلقا لفظا وإشارة [ في الصلاة ] دليلنا ما تقدّم وروايات الأصحاب عن أئمّتهم عليهم‌السلام (٢).

٥ ـ ذكر بعض الشافعيّة والحنفيّة أنّه يسقط وجوب الردّ إذا كان في حال الخطبة وقراءة القرآن وقضاء الحاجة وفي الحمّام وذلك ممنوع لأنّ الواجب لا يسقطه الاشتغال بمندوب نعم الأقوى عندي كراهة السلام على المصلّي لأنّه ربّما شغله عن القيام بالواجب إذا ردّ أو ترك الواجب إذا لم يردّ.

٦ ـ لا يسلّم على اللّاعب بالنرد والشطرنج والمغنّي ومطير الحمام لهوا وكذا كلّ مشتغل بمعصية وكذا لا يسلّم على الأجنبيّة ولو سلّم عليها وجب عليها الردّ ولا يجب عليها قصد الإنشاء.

٧ ـ ينبغي في مرتبة التسليم أن يسلّم القائم على القاعد والماشي على الواقف والراكب على الماشي وراكب الفرس على راكب الحمار والصغير على الكبير (٣) ويجوز العكس تأسّيا به عليه الصلاة والسلام فإنّه كان يسلّم على الصبيان (٤).

٨ ـ حيث قلنا يجب الردّ من المصلّي لو سلّم عليه فلو أخلّ هل تبطل صلوته؟ قال بعض شيوخنا المعاصرين لا ، وقال غيره تبطل وهو قويّ عندي وربّما فصّل بعضهم بأنّه إن اشتغل لسانه بشي‌ء من القراءة أو الذكر زمان الردّ بطلت وإلّا فلا وليس ذلك بعيدا عن الصواب هذا إن سكت سكوتا غير طويل أمّا إذا طال وخرج عن العادة بطلت قطعا.

__________________

(١) الحشر : ١٠.

(٢) راجع الوسائل ب ١٦ من أبواب قواطع الصلاة.

(٣) وذلك لروايات عن النبي وائمة أهل البيت عليهم‌السلام راجع أصول الكافي ج ٢ ص ٦٤٦ ، سنن ابى داود ج ٢ ص ٦٤١.

(٤) وقد أدبه بذلك القرآن العزيز حيث يأمره بأن ( إِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ) ( الانعام : ٥٤ ) ولذلك لم يسبقه أحد بالسلام.

١٥٦

٩ ـ هل يجوز الردّ بغير سلام عليكم بل بقوله عليكم السلام أم لا قيل نعم لأنّه دعاء ويجوز الدعاء بما شاء من الألفاظ وقيل لا لأنّه ليس من لفظ القرآن فيكون من كلام الآدميّين فلا يجوز في الصلاة ولمنع كونه دعاء بل ردّا للسلام وهذا أولى.

الثانية ( قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ) (١).

« نسكي » أي عبادتي كلّها وقيل أعمال الحجّ ومحياي أي جميع ما أنا عليه في حال حياتي من الايمان والطاعات كلّها وقيل المراد بمحياي الخيرات الّتي يفعل في الحياة منجّزة والممات الأفعال الّتي تعلّق على الموت كالوصيّة والتدبير وقيل المراد الحياة والممات أنفسهما « لله » أي مخلصة لله « وَبِذلِكَ أُمِرْتُ » أي بالإخلاص أو بالقول المذكور.

إذا تقرّر هذا فاعلم أنّه يستدلّ بهذه الآية على أمور :

١ ـ وجوب الإخلاص بالعبادة لله تعالى وأنّه لا يجوز الإشراك معه فيها مطلقا سواء كان شركا ظاهرا كالعبادة للأصنام أو الكواكب أو غيرها أو خفيّا كالرياء بل أبلغ من ذلك وهو قصد الثواب بالعبادة لأنّ ذلك أيضا مناف للإخلاص كما تقدّم من كلام عليّ عليه‌السلام (٢).

٢ ـ أنّ الإخلاص المذكور من أحكام الإسلام الّتي يلزم كلّ مسلم وأنّ كلّ مسلم مأمور بذلك لقوله تعالى ( وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ).

٣ ـ أنّ صحّة الصلاة بل وصحّة سائر العبادات متوقّفة على معرفة الله تعالى ووحدانيّته وكونه ربّا للعالمين أي مربّيا ومنشئا لهم فيستلزم ذلك وجوب العلم بكونه قادرا وعالما وحكيما إذ الإخلاص يستلزم ذلك ويتفرّع على ذلك عدم صحّة عبادة الكافر الجاحد لشي‌ء من هذه الأصول بل وعدم صحّة عبادة من لم يكن

__________________

(١) الانعام : ١٦٣.

(٢) راجع ص ٣٢.

١٥٧

عارفا بالله تعالى هذه المعرفة بدليل وإن كان في الظاهر مسلما.

٤ ـ أنّ في الآية إيماء إلى كون العبادة شكرا لنعمة التربية والإيجاد لذكر هذه الصّفة عقيب ذكر العبادة إشعارا بالعلّيّة.

٥ ـ أنّه لا يجوز أن ينسب شيئا من هذه النعم إلى غيره مستقلّا أو مشاركا له كالكواكب والأفلاك والعقول الفعّالة وغيرها لقوله تعالى ( لا شَرِيكَ لَهُ ).

٦ ـ التنبيه على عظمة الله تعالى وكونه أهلا للعبادة ومستحقّا لها.

الثالثة ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) (١).

ذكر متكلّمو الأصحاب في الكتب الكلاميّة في هذه الآية مباحث شريفة وأنّها دالّة على إمامة عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام من أرادها وقف عليها (٢) وذكرنا في كتابنا المسمّى باللّوامع الإلهيّة في المباحث الكلاميّة في هذه الآية ما فيه كفاية للطالب وشفاء للعليل الراغب وأمّا هنا فنستدلّ بها على أمور :

١ ـ أنّ الفعل القليل لا يبطل الصلاة لأنّ قوله « وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ » إشارة إلى فعل عليّ عليه‌السلام لمّا تصدّق على السائل بخاتمه في حال ركوعه وذلك فعل قليل لا يؤثّر في بطلان الصلاة.

٢ ـ أنّ النيّة فعل قلبيّ لا لسانيّ لأنّ فعله ذلك وهو في الصلاة يستلزم النيّة لأنّه عمل وكلّ عمل لا بدّ له من النيّة واللفظ في الصلاة بغير القرآن والدعاء مبطل فلم يقع منه حينئذ وإلّا لبطلت صلوته واللّازم كالملزوم في البطلان ويتفرّع على ذلك صحّة نيّة الزكاة احتسابا على الفقير غير الحاضر وصحّة نيّة الصوم

__________________

(١) المائدة : ٥٨.

(٢) راجع بحار الأنوار ج ٣٥ ص ١٨٣ ـ ٢٠٦ من طبعة دار الكتب وإحقاق الحق ج ٢ ص ٣٩٩ ـ ٤١٥ من طبعة المكتبة الإسلامية.

١٥٨

في الصلاة اللّيليّة ونيّة الوقوف بعرفات في الظهر ونيّة الوقوف بالمشعر في الصبح إلى غير ذلك من النيّات الممكنة حال الصلاة وأمّا نيّة الإحرام فيشترط اقترانها بالتلبية فهل يجوز التلبية في الصلاة يحتمل المنع إذ ليست من المعهود في الصلاة والأولى الجواز لأنّها ذكر وثناء على الله تعالى فيجوز حينئذ نيّة الإحرام أمّا لو قارن بالنيّة التسليم فوقعت التلبية بعده جاز قطعا.

٣ ـ أنّ استحضار النيّة فعلا واستمرارها عينا غير شرط في العبادة لأنّه عليه‌السلام حال نيّة الزكاة لم يكن مستحضرا لنيّة الصلاة فلو كان شرطا لأثّر البطلان المستلزم للذمّ المنافي لهذا المدح العظيم ، ويتفرّع على ذلك الاكتفاء باستمرار النيّة حكما.

٤ ـ تسمية الصدقة المندوبة زكاة إذ لا يجوز كون ذلك الخاتم من الزكاة الواجبة لأنّ إخراجها واجب مضيّق لا يجوز عليه الاشتغال عنه بواجب موسّع أو مندوب وحينئذ يكون ذلك من الصدقات المندوبة وهو المطلوب.

الرابعة ( إِنَّنِي أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي إِنَّ السّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى ) (١).

ذكر الذات الشريفة ولفظ الوحدانيّة فيه إشعار بكونها سببا للعبادة والصلاة فإنّ ترتّب الحكم بالفاء مشعر بالعلّيّة كقولك فلان جواد فاسترفده قوله « أَكادُ أُخْفِيها » قال الجوهريّ الهمزة في اخفيها للإزالة نحو شكى زيد فأشكيته أي أزلت شكايته والمعنى أكاد أزيل خفاءها أي أقارب إظهارها وذلك أنّه أخبر بإتيانها جملة فالمقاربة من حيث إظهارها إجمالا وعدم الوقوع المستفاد من أكاد من حيث التفصيل « لِتُجْزى » اللّام تتعلّق بآتية أو أكاد على وجه التنازع أي إنّ الساعة آتية أو أكاد اخفيها لتجزى كلّ نفس على سعيها إن خيرا فخبر وإن شرّا فشرّ إذا تقرّر هذا فهنا فوائد :

__________________

(١) طه : ١٤.

١٥٩

١ ـ ذكر الزمخشريّ وبعض الفقهاء واختاره المعاصر أنّ المراد بقوله « لِذِكْرِي » أي لذكر الصلاة بعد نسيانها لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله « من نام عن صلاة أو نسيها فليصلّها إذا ذكرها » (١) ويكون ذلك دليلا على وجوب قضاء الصلاة الفائتة وإنّما قال « لِذِكْرِي » ولم يقل لذكرها إمّا لأنّه إذا ذكر الصلاة ذكر الله أو لحذف المضاف أي لذكر صلوتي أو لأنّ خلق الذكر والنسيان منه تعالى.

وفيه نظر إذ هو خلاف الظاهر والأصل عدم التقدير وكونه إذا ذكر الصلاة فقد ذكر الله مسلّم لكنّ الكلام في العكس وهو أنّه إذا ذكر الله ذكر الصلاة لم قلت إنّه يذكر الصلاة والأولى أنّ اللّام يتعلّق بأحد الفعلين على طريق التنازع وهما « فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ » ويكون اللّام للتعليل أي تجب العبادة والصلاة لوجوب ذكري فإنّهما تستلزمانه وقال مجاهد معنى لذكري أي لذكري إيّاها في الكتب السالفة وليس بشي‌ء ويحتمل أيضا وجوها أخر : الأوّل لذكري في الصلاة على طريق التعظيم الثاني لذكري خاصّة لا تشوبه بذكر غيري أي للإخلاص لي لا للرّياء الثالث لتكون ذاكرا لي غير ناس الرابع لأوقات ذكري وهي مواقيت الصلاة ويكون اللّام للتاريخ نحو جئتك لستّ ليال خلون.

٢ ـ في قوله « إِنَّ السّاعَةَ آتِيَةٌ » إشارة إلى وجوب سرعة المبادرة إلى العبادة والصلاة لكون الساعة متوقّعة في كلّ آن.

٣ ـ قو له ( لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى ) (٢) وقوله ( وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلّا ما سَعى ) (٣) يدلّان على أنّه لا يجوز للإنسان تولية غيره شيئا من عباداته الواجبة البدنيّة حال حياته ممّا يتمكّن من مباشرته من طهارة أو صلاة أو صوم أو غيرها لأنّ ما

__________________

(١) السراج المنير ج ٣ ص ٣٩٢ من حديث انس. سنن أبى داود ج ١ ص ١٠٣ من حديث أبي سريرة وله طرق كثيرة راجع مجمع الزوائد ج ١ ص ٣١٨ باب من نام عن صلاة أو نسيها.

(٢) طه : ١٥.

(٣) النجم : ٣٩.

١٦٠