كنز العرفان في فقه القرآن - ج ١

جمال الدين مقداد بن عبد الله السيوري الحلّي

كنز العرفان في فقه القرآن - ج ١

المؤلف:

جمال الدين مقداد بن عبد الله السيوري الحلّي


الموضوع : الفقه
الناشر: المكتبة المرتضويّة لإحياء الآثار الجعفريّة
المطبعة: الحيدري
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤١٥
الجزء ١ الجزء ٢

الميتة أيلبس في الصّلاة إذا دبّغ فقال لا ولو دبّغ سبعين دبغة (١) ووافقنا في ذلك أحمد ابن حنبل وخالف الشافعيّ حيث قال : يجوز مع الدبغ مستثنيا للكلب والخنزير وأبو حنيفة استثنى الخنزير لا غير ، وقال مالك ويطهر ظاهره بالدبغ لا باطنه.

( فروع )

١ ـ يلزم من تحريم الانتفاع النّجاسة (٢) إذ لو كان طاهرا لانتفع به وهو باطل.

__________________

الأوزاعي وابن المبارك وأبو ثور وإسحاق بن راهويه واحتجّوا بما في أخبارهم من جعل الدباغ في الإهاب كالزّكاة والزّكاة لا يحل لها غير المأكول وكذا المشبه لا يطهر غير المأكول.

القول الرّابع : انّه يطهر بالدّباغ جميع جلود الميتات الّا الخنزير وهو مذهب أبي حنيفة.

القول الخامس : انه يطهر بالدباغ الجميع ظاهر الجلد دون باطنه فلا ينتفع به في المائعات وهو مذهب مالك على المشهور ، قالوا لأنّ الأحاديث الدّالة على التّطهير لم يفرق فيها بين الكلب والخنزير وما عداهما واحتجاج الشافعي بالاية على إخراج الخنزير وقياس الكلب عليه انّما يتم عند جعل الضمير عائدا إلى المضاف اليه وهو ممنوع ولا أقل من احتمال رجوعه الى المضاف لو لم يكن راجحا ولو سلّم فهي مخصوصة بأحاديث الدباغ.

القول السادس : انه يطهر بالدباغ جميع جلود الميتة حتى الكلب والخنزير ظاهرا وباطنا وهو مذهب داود وأهل الظاهر وحكى أيضا عن ابى يوسف

القول السابع : انه ينتفع بجلود الميتة وان لم يدبغ ويجوز استعمالها في المائعات واليابسات وهو مذهب الزّهري واستدلّ لذلك بحديث الشاة باعتبار الرّواية الّتي لم

(١) الوسائل ب ٦١ من أبواب النّجاسات ح ١ وفي رواية ابن ابى عمير عن غير واحد من أصحابنا عن أبي عبد الله عليه‌السلام في الميتة قال : لا نصل في شي‌ء منه ولا في شسع راجع ب ١ من أبواب لباس المصلى ح ٢. واستشكلوا بأنّ المنع من الصّلاة أعمّ من النجاسة ولكنّ المأنوس من المتشرّعة أخذ حكم النّجاسة من ورود منع الصّلاة ونحوه من الاستعمالات المتوقّفة على الطّهارة.

(٢) وقد تظافرت الاخبار عليها بل تواترت والعجب من صاحب المدارك حيث قال : لا دليل عليها إلّا الإجماع كما قد أسلفنا في الحاشية السّابقة وقال مثله في المعالم قلت يدل على النجاسة أصناف من الاخبار :

١ ـ المستفيضة الواردة بإلقاء ما مات فيه الفارة من المرق. ٢ ـ المستفيضة الناهية

١٠١

٢ ـ استثني من الميتة مالا تحلّه الحيوة كالصّوف والشّعر والوبر والرّيش والظلف والظفر والسنّ والقرن والبيض مع القشر الأعلى والأنفحة والعظم إذ الموت فقدان الحيوة فما لا حيوة له لا تأثير للموت فيه وخالف الشافعيّ في العظم والشعر والصوف ويحتجّ عليه بقوله تعالى ( وَمِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها وَأَشْعارِها أَثاثاً وَمَتاعاً إِلى حِينٍ ) (١) وهو أعمّ من كونه من حيّ أو من ميّت مع الجزّ فلا يكون نجسة.

٣ ـ ما لا نفس له بسائلة لا ينجس بالموت.

٤ ـ الدم ولحم الخنزير نجسان لعطفهما على الميتة فلا يجوز الصلاة معهما ويخرج من الدم دم ما لا نفس له وما لا يقذفه المذبوح.

__________________

عن الأكل في أواني أهل الذمة معللة بأكلهم فيها الميتة والدم ولحم الخنزير ٣ ـ المستفيضة الواردة في تنجس الماء القليل إذا مات فيه الفارة ، وكذا الكثير مع تغير الماء أو تفسخ الفارة. ٤ ـ المستفيضة الناهية عن الانتفاع بشي‌ء من الميتة وسائر التقلبات فيها فان عموم التحريم. ظاهر في كونه للنجاسة ٥ ـ المستفيضة الإمرة بغسل الثوب والبدن من ملاقاتها بالرطوبة ٦ ـ مفهوم المستفيضة في ميتة ما لا نفس له من عدم البأس بما لا دم له. ٧ ـ المستفيضة في الاجتناب عن القطعة المباءة من الحيوان بحبالة الصيد معللة بأنها ميتة. ٨ ـ المستفيضة الواردة بأن الشعر إذا جز من ميتة فاغسله. ٩ ـ أخبار كثيرة واردة في موارد مختلفة كالوارد بعدم البأس ببعض أجزاء الميتة معللة بأنه لا روح له.

١٠ ـ ويمكن الاستدلال أيضا بالمستفيضة في نزح ماء البئر بموت الحيوانات فيه ولا ينافي ذلك اختيار عدم تنجس ماء البئر لأن فيما تضمن نزح الجميع للتغير كفاية إذ ليس النزح الا للتطهير ولا ينجس الماء بالتغير من الجسم الطاهر ، وفيما ورد منه بنحو قوله عليه‌السلام : « يوما الى الليل فقد طهرت » زيادة دلالة ، فتلك عشرة كاملة من أصناف الأخبار الدالة على النجاسة تجدها منبثة في الوسائل في أبواب النجاسات وأبواب الأطعمة المحرمة وأبواب الأطعمة المباعة وأبواب لباس المصلى وأبواب الماء المضاف وأبواب الماء المطلق وأبواب الذبائح وأبواب الصيد وأبواب قواطع الصلاة وغيرها من الأبواب.

(١) النحل : ٨٠.

١٠٢

٥ ـ الخنزير عندنا نجس كلّه حتّى عظمه وشعره وإنّما خصّ اللّحم في الآية لأنّها في معرض تحريم الأكل ، واللّحم هو المقصود به ، وفي الآية فوائد آخر يأتي إنشاء الله تعالى.

الرّابعة والخامسة ( وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْ‌ءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ ) (١) ( وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَها يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها وَأَشْعارِها أَثاثاً وَمَتاعاً إِلى حِينٍ ) (٢).

الدف‌ء مصدر تقول دفئنا اليوم دفأ والمراد به ما يدفأ به من الأكسية والملابس المأخوذة من صوفها وشعرها ووبرها والسكن أهل الدار ويقال أيضا لكلّ ما سكنت إليه وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو « يوم ظعنكم » بتحريك العين والباقون بسكونها وهما لغتان كنهر ونهر ، والمراد بالبيوت قباب العرب المتّخذة من الأدم. والأثاث قال الجوهريّ : هو متاع البيت ، قال الفرّاء لا واحد له وقال أبو زيد الأثاث المال أجمع الواحدة أثاثة والأوّل أصحّ ويشهد بذلك العرف والأصل عدم النقل والفرق بين الأثاث والمتاع فرق ما بين الصفة والموصوف فإنّ الأثاث ما من شأنه أن ينتفع به في الدار والمتاع ما ينتفع به في الجملة أعمّ منه ولذلك قيل الأثاث ما يفرش في البيت والمتاع ما يتّجر فيه وفي الآية دلالة على أمور :

١ ـ جواز اتّخاذ الملابس من الصوف والشعر والوبر والصلاة فيها.

٢ ـ جواز اتّخاذ الفرش والآلات من جلودها وأصوافها وإشعارها وجواز الصلاة عليها إلّا ما أخرجه الدليل من عدم جواز السجود على شي‌ء من ذلك بل إمّا

__________________

(١) النحل : ٥.

(٢) النحل : ٨٠.

١٠٣

على الأرض أو ما ينبت منها غير مأكول ولا ملبوس.

٣ ـ طهارة الصوف والشعر والوبر ولو من الميتة مع أخذه منها جزّا لإطلاق اللّفظ من غير تقييد. إن قلت : فقد أطلق أيضا الجلود فينبغي أن يجوز من الميتة مع الدبغ. قلت : خرج الميتة بقوله « حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ » وقد سبق (١)

السادسة ( وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمّا خَلَقَ ظِلالاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ ) (٢)

الظلال جمع ظلّ وهو ظلّ الشجر وغيره ممّا يستظلّ به عند الحرّ « أَكْناناً » جمع كنّ وهي غير ان الجبال للاكتنان من الحرّ والبرد والجارّ والمجرور حال من أكنانا وكان صفة فلمّا تقدّم صار حالا والسرابيل جمع سربال قال الزجّاج : هو كلّ ما يلبس « وَسَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ » هي الدروع وعدم ذكر البرد لأنّ الخطاب لأهل البلاد الحارّة فالحرّ أهمّ عندهم أو اكتفى بأحد المتقابلين عن ذكر الآخر لاشتراكهما في العلّة. وفيها دلالة على أمور :

١ ـ جواز اتّخاذ الثياب من القطن والكتّان وغيرهما لأنّه ذكر أوّلا جواز اتّخاذ اللّباس من جلود الأنعام وأصوافها وإشعارها ثمّ عقّب ذلك بذكر سرابيل إلى آخره فدلّ ذلك على أنّ المذكور ثانيا غير المذكور أوّلا وإلّا لزم التكرار وهو مستهجن أو التأكيد والتأسيس خير منه لاشتماله على الفائدة إلّا ما أخرجه الدليل من الحرير والذّهب للرجال لقول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : « هذان محرّمان على ذكور أمّتي دون إناثهم » (٣).

٢ ـ جواز الصلاة في اللّباس المذكور وهو ظاهر.

__________________

(١) راجع ص ٩٦.

(٢) النحل : ٨١.

(٣) سنن أبى داود ج ٢ ص ٣٧٢.

١٠٤

٣ ـ جواز الصلاة في بقاع الأرض والسجود عليها ينبّه على ذلك قوله تعالى :( مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً ).

[ ٤ ـ ] قوله « كَذلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ » يريد أنّ إمتاعكم بالإمتاع المذكورة نعمة له وتنبيهكم على ذلك هو إتمام النعمة و « لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ » تعليل لإتمام النعمة وأتى بكلمة الترجّي لقلّة من يسلم منهم إسلاما حقيقيا بل يستسلمون خوفا من السيف. وقرأ ابن عباس تسلمون بفتح التاء من السلامة أي تسلمون من أذى الحرّ ومن القتل والجرح في الحرب بسبب السرابيل المذكورة.

السّابعة ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعى فِي خَرابِها أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلّا خائِفِينَ ) (١).

في الآية فوائد :

١ ـ أنّ الاستفهام هنا على سبيل التقرير لظلم من فعل هذه الفعلة واستعظام ظلمه.

٢ ـ « أن يذكر » مفعول ثان لمنع مثل قوله ( وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ ) (٢) ( وَما مَنَعَ النّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا ) (٣) كلّ ذلك منصوب بنزع الخافض أي من أن يذكروا من أن نرسل وشرط النصب بنزع الخافض أن يكون الفعل متعدّيا إلى مفعول آخر وقال الزمخشريّ أنّه مفعول له أي كراهة أن يذكر وفيه نظر لأنّ « منع » تعقّله يتوقّف على متعلّقين ولا يمكن أن يقدّر غير الذكر فيها لأنّه هو الممنوع منه.

٣ ـ « مَساجِدَ اللهِ » عامّ في كلّ مسجد لأنّ الجمع المضاف للعموم كما بيّن في أصول الفقه إن قلت قيل إنّها نزلت في الرّوم لمّا خربوا البيت المقدّس وطرحوا

__________________

(١) البقرة : ١١٤.

(٢) اسرى : ٥٩.

(٣) كهف : ٥٦. أسرى : ٩٤.

١٠٥

الأذى فيه ومنعوا من دخوله وأحرقوا التورية وقيل بل نزلت في المشركين لمّا منعوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من دخول المسجد الحرام عام الحديبيّة قلت قد بيّن في الأصول أيضا أنّ خصوص السبب لا يخصّص العامّ بل الاعتبار بعموم اللّفظ.

٤ ـ « ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلّا خائِفِينَ » يحتمل وجوها الأوّل ما كان لهم أن يدخلوها إلّا بخشية وخضوع فضلا أن يجترؤا على تخريبها. الثاني ما كان لهم أن يدخلوها إلّا خائفين من المؤمنين أن يبطشوا بهم فضلا أن يمنعوهم كما وقع في عام الفتح ، وفي ذلك إخبار منه تعالى بنصرة نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله. الثّالث ما كان لهم في علم الله فيكون ذلك وعدا للمؤمنين بالنصر واستخلاص المساجد منهم الرابع قيل معناه النهي عن تمكينهم من الدخول إلى المساجد وفيها أحكام :

١ ـ وجوب اتّخاذ المساجد لما فيه من إقامة مشاعر الدين لكن على الكفاية لأصالة عدم الوجوب على الكلّ.

٢ ـ وجوب عمارة ما استهدم منها وإلّا لزم السعي في التخريب المنهيّ عنه.

٣ ـ وجوب شغلها بالذكر وإلّا لزم التعطيل المنافي لعمارتها بذكر اسم الله تعالى فيها لكن على الكفاية أيضا.

٤ ـ تحريم تخريبها ويرجع في ذلك إلى العرف فكلّ ما يعدّ تخريبا فهو حرام فمنه هدم جدرانها وأخذ فرشها وإطفاء السرج والإضواء فيها وشغلها بما ينافي العبادة وغير ذلك.

٥ ـ استحباب اتّخاذها على الأعيان لأنّ كلّ واجب على الكفاية فهو مستحبّ على الأعيان قال النبيّ : صلى‌الله‌عليه‌وآله من بنى مسجدا ولو كمفحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنة (١) ».

٦ ـ استحباب دخولها بالخضوع والخشوع والخشية من الله فإنّه في بيت الله فينبغي أن يكون حاله كحال العبد الواقف بين يدي سيّده.

__________________

(١) راجع الوسائل ب ٨ من أبواب أحكام المساجد ح ٢ و ٦. السراج المنير ج ٣ ص ٣٤٥ من حديث ابن عباس.

١٠٦

٧ ـ روى زيد بن عليّ عن آبائه عليهم‌السلام أنّ المراد بالمساجد بقاع الأرض كلّها لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله « جعلت لي الأرض مسجدا وترابها طهورا » (١).

قيل إنّ عجز الآية ينافي ذلك وهو قوله « وَسَعى فِي خَرابِها » وأجاب بعض المعاصرين ممّن اعتنى بالآيات الكريمة بأنّه لا منافاة فإنّ المراد الوعيد على خراب الأرض بالظلم والجور لقوله تعالى ( وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً ) (٢).

قلت إنّ ذلك وإن أمكن حمله عليه لكن كيف يصنع بقوله « أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلّا خائِفِينَ » ومن هو في الأرض لا يقال دخلها إلّا مجازا والأصل عدمه.

الثامنة ( إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللهَ فَعَسى أُولئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ) (٣).

دلّت هذه الآية على غاية عناية الله تعالى بالمساجد وأنّ الّذين يسعون في عمارتها عنده في أعظم المنازل ولذلك وصفهم بالصفات الكماليّة وهي الإيمان به وباليوم الآخر وهو المعاد واقتصر على الايمان بالله واليوم الآخر وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ولم يذكر الايمان برسوله والعبادات الباقية لأنّ الإيمان بالله يستلزم الإيمان بالرسول إذ حكمه يقتضي ذلك والصلاة أعظم العبادات البدنيّة وأشقّها والزكاة أعظم العبادات الماليّة وأصعبها ومن أتى بالأعظم الأصعب لم يترك ما دونه.

ثمّ اعلم أنّ عمارة المساجد فسّرت بمعنيين : الأول رمّها وكنسها والإسراج فيها وفرشها. الثاني شغلها بالعبادة وتنحية أعمال الدنيا واللهو واللّغط وعمل الصنائع [ منها ]

__________________

(١) مجمع البيان ج ١ ص ١٩٠. سنن أبى داود ج ١ ص ١١٤. السراج المنير ج ٢ ص ٢١١.

(٢) المائدة : ٣٦ و ٦٧.

(٣) التوبة : ١٩.

١٠٧

وإكثار زيارتها قال الله تعالى ( وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ ) (١) قيل هو السعي إلى المساجد وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله « قال الله تعالى إنّ بيوتي في الأرض المساجد وإنّ زوّاري فيها عمّارها فطوبى لعبد تطهّر في بيته ثمّ زارني في بيتي فحقّ على المزور أن يكرم زائره » (٢) وقال عليه‌السلام « من ألف المسجد ألفه الله تعالى » (٣) وقال عليه‌السلام « إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان (٤) » وعنه عليه‌السلام « من أسرج في مسجد سراجا لم تزل الملائكة وحملة العرش يستغفرون له ما دام في ذلك المسجد ضوؤه » (٥).

وهنا آيات أخر تتعلّق بالمساجد يحسن ذكرها تابعة لهذه الآية لا منفردة كما فعله المعاصر وغيره.

الاولى ( وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ) (٦).

معناها والله أعلم الأمر بالتوجّه إلى الصلاة في كلّ مسجد يتّفق كونه فيه وصلاة ما يتهيّأ له من الصّلوات إمّا تحيّة أو غيرها ويكون إقامة الوجه كناية عن الصلاة ثمّ أمرهم بالدعاء أيضا عند كلّ مسجد وفيه حضّ وحثّ على الدعاء في المساجد وأنّها محلّ الإجابة ثمّ أمرهم بإيقاع ذلك كلّه على وجه الإخلاص لا للرياء وغيره من الأغراض.

الثانية ( وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ) (٧).

__________________

(١) يس : ١٢.

(٢) الوسائل ب ١٠ من أبواب الوضوء ح ٤ و ٥ والمحاسن ص ٤٧.

(٣) السراج المنير ج ٣ ص ٣٤١ من حديث ابى سعيد.

(٤) السراج المنير ج ١ ص ١٣٢ من حديث ابى سعيد الخدري قال وهو صحيح.

(٥) المحاسن ص ٥٧.

(٦) الأعراف : ٢٨.

(٧) يونس : ٨٧.

١٠٨

يقال تبوّأت له منزلا أي اتّخذته وأصله الرجوع من باء إذا رجع سمّي المنزل مباءة لكون صاحبه يرجع إليه إذا خرج والمراد أن اجعلا مصر دار إقامتكما وإقامة قومكما واجعلا فيها بيوتا أي مرا لهم بذلك كما يقال بنى السلطان مسجدا أي أمر ببنائه « وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً » أي مسجدا فأطلق اسم الجزء على الكلّ أي صلّوا في بيوتكم ، أمروا بذلك لخوفهم من فرعون وقومه وفيه دلالة على جواز صلاة الإنسان في بيته إذا خاف من ظالم وغيره وإنّما ثنّى الضمير أوّلا لأنّ موسى وهارون كانا مقدّمين على قومهما والعادة جارية بتوجيه الخطاب إلى مقدّم القوم ليأمر قومه بالمأمور به وجمعه ثانيا لأنّ التكليف لم يختصّ بهما بل عمّ الجميع ووحّده ثالثا لأنّ المخبر بالبشارة لا يعمّ الجميع بل يختصّ بمن كان أقرب إلى الله وكان موسى أقرب إلى الله من غيره فاختصّ بذلك.

الثالثة ( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنا إِلَّا الْحُسْنى وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ. لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ ) (١).

سبب نزولها على ما روي أنّ بني عمرو بن عوف لمّا بنوا مسجد قبا (٢) بعثوا

__________________

(١) التوبة : ١٠٨ و ١٠٩.

(٢) هكذا نقله الطبرسي في مجمع البيان وعليه عامة أهل التفسير والحق أن ذلك ساقط من وجهين :

ألف ـ أن مسجد قبا انما بناء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بيده الشريفة بعد قدومه في بني عمرو بن عوف بقباء عند مهاجرته من مكة إلى المدينة نص على ذلك أهل السير كلهم وذكر بعضهم أنّ رسول الله كان أول من وضع حجرا في قبلته ثم أخذ الناس في البنيان راجع سيرة ابن هشام ج ١ ص ٤٩٤ وفي بحار الأنوار ج ١٩ ص ١٠٤ ـ ١٣٢ من طبعة دار الكتب نصوص جمة في ذلك فراجعها. وذكر ذلك الطبرسي أيضا في مجمع البيان

١٠٩

إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يأتيهم فأتاهم وصلّى فيه فحسدا إخوتهم بنو غنم بن عوف وقالوا نبني مسجدا ونرسل إلى رسول الله يصلّي فيه ويصلّي فيه أبو عامر الراهب أيضا وسيأتي

__________________

في تفسير سورة الجمعة ج ١٠ ص ٢٨٦.

ب ـ أن الذين بنوا مسجدا ضرارا كانوا اثنى عشر رجلا كلهم من بنى عمرو بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس بن ثعلبة بن عمرو مزيقياء وأسماؤهم على ما أخرجه ابن هشام في السيرة ( ج ٢ ص ٥٣٠ ) والسيوطي في الدر المنثور عن ابن إسحاق : خدام بن خالد من بنى عبيد بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس ، وثعلبة بن حاطب ووديعة بن ثابت من بنى أمية بن زيد بن قيس بن عامر بن مرة بن مالك بن الأوس ، ومعتب بن قشير وأبو حبيبة بن الازعر ونبتل بن الحارث وبخزج وبجاد بن عثمان وجارية بن عامر وأبناء مجمع وزيد من بنى ضبيعة بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس ، وعباد بن حنيف أخو سهل بن حنيف من بنى حبيش بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس.

فكما ترى ليس في أولئك المنافقين الذين أسسوا مسجدا ضرارا أحد من بنى غنم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو مزيقياء كيف وقباء انما هو من منازل الأوس لا الخزرج.

فالقصة ساقطة من الأصل والصحيح أن مسجد قباء كان على أساسه التقوى مختلف المؤمنين من بنى عمرو بن عوف الى أن بنى المنافقون منهم في ناحية أخرى من قباء مسجدا آخر ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين. وجاؤا الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عند ما يتجهز الى غزوة تبوك فاستدعوا أن يجي‌ء الى قباء ويفتتح المسجد فقال لهم رسول الله انى على جناح سفر ولو قد قدمنا ان شاء الله لاتيناكم فصلينا لكم فلما قفل من غزوة تبوك ونزل بذي أو ان أتاه خبر المسجد فدعا رسول الله مالك بن الدخشم أخا بني سالم بن عوف ومعن بن عدا أو أخاه عاصم بن عدا أخا بني العجلان فقال : انطلقا الى هذا المسجد الظالم أهله فاهدماه وحرقاه ، فخرجا سريعين حتى أتيا بني سالم بن عوف وهم رهط مالك بن الدخشم فقال مالك لمعن : أنظرني حتى أخرج إليك بنار من أهلي فدخل إلى أهله فأخذ سعفا من النخل فأشعل فيه نارا ثم خرجا يشتدان حتى دخلاه وفيه أهله فحرقاه وهدماه وتفرقوا عنه ، ونزل فيهم من القرآن ما نزل. راجع سيرة ابن هشام ج ٢ ص ٥٢٩ و ٥٣٠. ( ب )

١١٠

قصّته ليثبت لهم الفضل والزيادة فبنوا مسجدا بجنب مسجد قبا وقالوا لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يتجهّز إلى تبوك إنا قد بنينا مسجدا لذي العلّة والحاجة واللّيلة المطيرة واللّيلة الشاتية وإنا نحبّ أن تأتينا فتصلّي لنا فيه وتدعو لنا بالبركة ، فقال عليه‌السلام إنّي على جناح السفر وإذا قدمنا إن شاء الله أتيناكم فصلّينا لكم فيه.

فلمّا قدم من تبوك أنزلت الآية فأنفذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عاصم بن عوف العجلانيّ ومالك بن الدّخشم فقال انطلقا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدماه وحرّقاه. وروي أنه بعث عمّار بن ياسر ووحشيّا فحرّقاه وأمر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله بأن يتّخذ مكانه كناسة يلقى فيها الجيف قيل كانوا اثني عشر رجلا من المنافقين وقيل خمسة عشر.

ثمّ إنه تعالى أخبر نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله بقصدهم وهو أنّهم بنوه مضارّة لبني عمرو بن عوف وتفريقا بين المؤمنين لأنّهم كانوا يجتمعون في مسجد قبا وإرصادا لأبي عامر الراهب بحيث يقدم إليهم وكلّ هذه المقاصد قبيحة منافية للدين وفي ذلك دلالة على وجوب الإخلاص بعمارة المساجد لله لا لغرض آخر. ثمّ إنّه تعالى أخبر عن مجيئهم في أخبارهم بضدّ مقصدهم وأنّه تعالى شهد بكذبهم مؤكّدا ذلك بعدّة من التواكيد ولمّا نهاه سبحانه أن يقوم فيه أبدا أقسم أنّ غيره أحقّ وأولى بالقيام فيه وهو مسجد أسّس على التقوى فقيل هو مسجد قبا وقيل مسجده بالمدينة ومعنى « مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ » أي من أوّل يوم بني و « أحقّ » هنا إمّا بمعنى حقيق فإنّ أفعل التفضيل يجي‌ء بمعنى الصفة كقولهم : « الأشجّ والناقص أعدلا بني مروان » أو أنّه على بابه أي أحقّ من كلّ مكان حقيق بالصلاة فيه ، أو أنّ الصّلاة في مسجدهم باعتبار كونه أرضا خالية من المسجديّة يجوز فيها الصلاة فالقيام فيها حسن في نفسه وإنّما صار قبيحا باشتماله على مفسدة تزيد على حسنه.

قصة ابى عامر الراهب :

إنّه ترهّب في الجاهليّة (١) ولبس المسوح ، فلمّا قدم النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله المدينة

__________________

(١) واسم ابى عامر عبد عمرو بن صيفي بن النعمان بن مالك بن أمية بن ضبيعة ابن زيد من بنى عمرو بن عوف راجع ترجمته في ج ١ ص ٥٨٤ ـ ٥٨٦ من سيرة ابن هشام

١١١

حسده وحزّب عليه الأحزاب ، ثمّ هرب بعد فتح مكّة إلى الطائف فلمّا أسلم أهل الطائف هرب إلى الشام ولحق بالروم وتنصّر فسمّاه النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله الفاسق ثمّ إنّه أنفذ إلى المنافقين أن استعدّوا وابنوا مسجدا فانّي أذهب إلى قيصر وآتى من عنده بجنود واخرج محمّدا من المدينة فكان أولئك المنافقون يتوقّعون قدومه فمات قبل أن يبلغ ملك الرّوم بأرض يقال لها قنّسرين. ثمّ إنّ هذا أبو عامر كان له ولد اسمه حنظلة وهو رجل مؤمن من خواصّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قتل معه يوم أحد وكان جنبا فغسلته الملائكة فسمّاه النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله غسيل الملائكة رحمة الله عليه ولعنة الله تعالى على أبيه أبدا.

التاسعة ( وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوها هُزُواً وَلَعِباً ) (١)

اتّفق المفسّرون على أنّ المراد بالنداء هنا الأذان فيستدلّ بذلك على مشروعيّته وهو لغة إمّا من الأذن بمعنى العلم أو من الإذن بمعنى الإجازة وعلى التقديرين الأذان أصله الإئذان كالأمان بمعنى الإيمان والعطاء بمعنى الإعطاء وقيل إنّه فعال بمعنى التفعيل كالسّلام بمعنى التسليم والكلام بمعنى التكليم فأذان المؤذّن حينئذ بمعنى التأذين وهو أقرب.

واختلف في سبب الأذان فعند العامّة أنّ أبا محذورة (٢) رأى في المنام أنّ

__________________

والإصابة ج ١ ص ٣٦٠ تحت ترجمة ابنه حنظلة ، والمصنف نقلها عن الطبرسي راجع مجمع البيان ج ٥ ص ٧٣ و ٧٤ ( ب ).

(١) المائدة : ٦١.

(٢) الموجود في كتب أهل السنة اسناد الرؤيا الى عبد الله بن زيد بن عبدربه راجع سيرة ابن هشام ج ١ ص ٥٠٨ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ١٠١ ونيل الأوطار ج ٢ ص ٤١ والتيسير ج ٢ ص ١٩٨ وسنن ابى داود ج ١ ص ١١٦ وغير ذلك.

والموجود في كتب الشيعة أيضا أن أهل السنة نسبوه الى عبد الله بن زيد انظر المعتبر ص ١٦١ والمنتهى ج ١ ص ٢٦٣ ، ولكن في الوافي ج ٥ ص ٨٦ انهم نسبوه الى ابى ابن كعب أيضا وهو مروي في الكافي أواخر كتاب الصلاة ورواه في الوافي ج ٥

١١٢

شخصا على حائط المسجد يورد هذه الألفاظ المشهورة فانتبه فقصّ الرؤيا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال له إنّه وحي انده على بلال فإنّه أندى منك صوتا (١)

وأنكر أئمّتنا ذلك وقالوا إنّه وحي من الله تعالى على لسان جبرئيل (٢) وروى منصور بن حازم عن الصادق عليه‌السلام « قال لمّا هبط جبرئيل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله

__________________

ص ١٣ عن ابن أذينة عن الصادق عليه‌السلام ولم أقف في كتب أهل السنة نسبة المنام الى ابى ابن كعب.

واما الذي يروونه عن أبي محذورة المؤذن هو كيفية الأذان والإقامة وتثنية فصولهما راجع المنتقى على ما في نيل الأوطار ج ٢ ص ٤١ ، سنن أبى داود ج ١ ص ١١٧.

وكذا روى عن أبي محذورة اضافة « الصلاة خير من النوم » في أذان الغداة ( راجع ج ١ ص ١١٧ من سنن أبى داود ) الّا أنّ مسلما لما لم يصح الإضافة عنده لم يذكره في الرواية عن أبي محذورة.

(١) وأنت إذا أمعنت النظر في كلمات أصحاب الحديث وأرباب السير ترى أنه لا يعجبهم هذا الحديث ولا اسناد تشريع الأذان إلى منام رجل ولذلك يتأولون الحديث ، مع أنه مناف لما نقله ابن هشام في ج ١ ص ٥٠٩ عن عبيد بن عمير الليثي انه ائتمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وأصحابه بالناقوس للاجتماع للصلاة فبينما عمر بن الخطاب يريد أن يشترى خشبتين للناقوس إذ رأى عمر بن الخطاب في المنام : لا تجعلوا الناقوس بل أذنوا للصلاة ، فذهب عمر إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ليخبر بالذي رأى وقد جاء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الوحي بذلك فما راع عمر الا بلال يؤذن ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حين أخبره بذلك : قد سبقك بذلك الوحي.

وأخرج السيوطي في الدر المنثور روايات في تفسير آية ٣٢ من سورة فصلت « وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صالِحاً » أنها نزلت في شأن المؤذنين ، والأذان إنما شرع في المدينة والآية نزلت بمكة فجعلها مما تأخر حكمه عن نزوله ، فاعترف بكون الأذان بالوحي.

(٢) وقد نقح البحث في ذلك المحقق العلامة السيد شرف الدين العاملي طاب ثراه في كتابه النص والاجتهاد ص ١٢٨ ـ ١٤٤ ببيان متين دقيق وتحقيق رشيق أنيق يحق لطالب الحق أن يراجعه.

١١٣

بالأذان كان رأسه في حجر عليّ عليه‌السلام فأذّن جبرئيل عليه‌السلام وأقام فلمّا انتبه رسول الله قال. يا عليّ هل سمعت؟ قال نعم. قال : حفظت؟ قال نعم. قال : ادع بلالا فعلّمه فدعا عليّ بلالا فعلّمه » (١) وفي رواية أخرى عن الفضيل بن يسار عن الصادق عليه‌السلام « قال لمّا اسري برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فبلغ البيت المعمور وحضرت الصلاة فأذّن جبرئيل وأقام فتقدّم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وصفّ الملائكة والنبيّون خلف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثمّ ذكر الأذان المشهورة » (٢) ولا منافاة بين الحديثين لجواز حصوله عن جبرئيل عليه‌السلام مرّتين.

وهنا مزيد بحث (٣) وهو أنّ الأذان تارة يكون لتكميل فضيلة الصلاة كأذان المنفرد وأذان المرأة في بيتها وقد يكون للإعلام لا غير كأذان المؤذّن في البلد على مرتفع وقد يكون لهما كأذان صلاة الجماعة وفي الحديث « من صلّى بأذان وإقامة صلّى خلفه صفّان من الملائكة فإن صلّى بإقامة لا غير صلّى خلفه صفّ واحد (٤) ».

__________________

(١) الوسائل ب ١ من أبواب الأذان والإقامة ح ٢ الوافي ج ٥ ص ٨٦.

(٢) الوافي ج ٥ ص ٨٦. الوسائل ب ١٩ من أبواب الأذان والإقامة ح ٨.

(٣) ومما انفرد به الإمامية قول « حي على خير العمل » في الأذان والإقامة بعد « حي على الفلاح » وعليه الإجماع والاخبار به مستفيضة ان لم تكن متواترة راجع الوسائل ب ١٩ من أبواب الأذان ، ومن طرق أهل السنة أيضا روايات ففي السيرة الحلبية ج ٢ ص ١٠٥ نقله مرسلا عن على بن الحسين وابن عمر ، ونقل في نيل الأوطار ج ٢ ص ٤١ عن البيهقي بإسناد صحيح عن على بن الحسين وعبد الله بن عمر ، ونقل أيضا عن المحب الطبري رواية ابن حزم وسعيد بن منصور في سننه عن أبي أسامة بن سهل البدري ثم ذكر جواب الجمهور بأنه منسوخ بأحاديث الأذان لعدم ذكره فيها ، وقال : وأورد البيهقي حديثا في نسخ ذلك ولكنه من طريق لا يثبت النسخ بها. وقال علم الهدى قده في الانتصار : وقال العامة انه كان يقال بعض أيام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ونسخ ، وعلى من ادعى النسخ الدلالة.

(٤) الوسائل ب ٤ من أبواب الأذان ح ٥ و ٦ و ٧.

١١٤

النوع الخامس

في ( مقارنات الصلاة )

وفيه آيات :

الاولى ( وَقُومُوا لِلّهِ قانِتِينَ ) (١).

قد تقدّم ذكر هذه الجملة في ضمن صدر آيتها ولنذكر هنا فوائد :

١ ـ استدلّ الفقهاء بهذه الصيغة على وجوب القيام في الصلاة ويرد عليهم سؤال وهو أنّ قوله تعالى ( وَقُومُوا ) ليس فيه إشعار بكونه في الصلاة. أجيب بأنّ القيام في غير الصلاة ليس بواجب ولفظ الآية يدلّ على وجوبه فيصدق دليل هكذا : شي‌ء من القيام واجب+ ولا شي‌ء منه في غير الصلاة بواجب ـ فيكون وجوبه في الصلاة وهو المطلوب.

إن قلت الكبرى ممنوعة بأنّ القيام في الطواف واجب وهو ليس بصلاة فالجواب المنع من كون القيام في الطواف واجبا مطلقا بل إذا كان ماشيا وأمّا حال الركوب اختيارا فلا.

ثمّ إنّا نزيد هنا ونقول إنّما استدلّ على ذلك لوجهين أحدهما أنّه عطفه على الأمر بالمحافظة على الصلاة وذلك مقتض لكون القيام فيها وثانيهما أنّه ذكر معه قيدا حاليّا وهو كونهم قانتين والقنوت هو رفع اليدين بالدعاء في الصلاة في عرف الفقهاء فيكون القيام أيضا فيها وذلك هو المطلوب.

٢ ـ في قوله « لله » إشارة وتنبيه على وجوب النيّة في الصلاة وكذلك قوله ( وَما أُمِرُوا إِلّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ) (٢) وقوله ( فَادْعُوا اللهَ مُخْلِصِينَ ) (٣)

__________________

(١) البقرة : ٢٣٨.

(٢) البينة : ٥.

(٣) المؤمن : ١٤.

١١٥

وقد تقدّم ذكر شي‌ء من ذلك في أحكام النيّة ونزيد هنا فنقول : النيّة لغة الإرادة ومنه قولهم نواك الله بخير أي أرادك به واصطلاحا إرادة أيضا لأصالة عدم النقل وحقيقتها إرادة قلبيّة لإيجاد الفعل على الوجه المأمور به شرعا فهي هنا استحضار ماهيّة الصلاة المقصودة وصفتها المميّزة لها عن غيرها من الصلوات فان كان ذلك في وقتها قصد الأداء وفي خارجه قصد القضاء ويوقع ذلك لوجوبه أو ندبه إخلاصا لله وتقرّبا إلى رضاه كلّ ذلك بالقلب ولا يكفي اللّسان وحده ، ولو ضمّه إلى التصوّر القلبيّ لم يضرّ. وعند بعضهم أنّه مكروه لكونه كلاما بعد الإقامة وعندي في كراهته نظر لأنّ المكروه بعد الإقامة ما لم يتعلّق بالصلاة وهذا متعلّق بها خصوصا مع كونه معينا على الاستحضار القلبيّ.

٣ ـ يجب القيام في حال النيّة والتحريم والقراءة والركوع.

٤ ـ قال ابن عباس المراد بقانتين أي داعين والقنوت هو الدعاء في حال القيام وهو مرويّ عن الباقر والصادق عليهما‌السلام (١) وقيل خاشعين وقيل ساكتين وقال زيد ابن أرقم كنّا نتكلّم في الصلاة فنزلت (٢) والأوّل أقرب إلى موضوعه العرفيّ ولذلك قال ابن المسيّب إنّ المراد به القنوت في الصبح.

الثانية والثالثة ( وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً ) (٣).

وقوله ( وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ) (٤).

ليس المراد بالحمد هنا معنى الشكر بل معنى الثناء المطلق الّذي يستحقّه

__________________

(١) الوسائل ب ٨ من أبواب القنوت ح ١.

(٢) سنن ابى داود ج ١ ص ٢١٨.

(٣) أسرى : ١١١.

(٤) المدثر : ٣.

١١٦

المحمود ولذلك لم يذكر بعده نعمته بل ذكر صفاته الدالّة على كامليّة ذاته :

الاولى : أنّه لم يتّخذ ولدا لنفسه لأنّه لو كان له ولد لكان بقاء نوعه بتعاقب أولاده كحال الحيوانات لكنّه ليس كذلك لأنّ بقاء نوعه ليس إلّا ببقاء شخصه لكونه واجب الوجود وأيضا لو كان له ولد لكان له صاحبة ولو كان له صاحبة لكان له شهوة الوقاع ولو كانت لكانت محتاجا إليها لكنّه غنيّ بالإطلاق.

الثانية : أنّه ليس له شريك في ملكه إذ لو كان لكان إمّا مخلوقا له فلم يكن حينئذ شريكا بل عبدا أو ليس مخلوقا له فيكون شريكا له في ذاته وهو محال لما ثبت من دلائل التوحيد.

الثالثة : ليس له وليّ من الذّلّ والوليّ هو الّذي يقوم مقامه في أمور تختصّ به لعجزه كوليّ الطفل والمجنون فيلزم أن يكون محتاجا إلى الوليّ وهو محال لكونه غنيّا مطلقا. وأيضا إن كان الوليّ محتاجا إليه تعالى لزم الدور المحال وإلّا لكان مشاركا له. وإنّما قيّده بكونه من الذلّ لأنّه لو لم يكن وليّا من الذلّ لم يكن وليّا في الحقيقة بل من الأسباب وهو تعالى مسبّب الأسباب.

إذا تقرّر هذا فنقول : دلّت الآيتان على وجوب شي‌ء من التكبير ولا خلاف في عدم الوجوب في غير الصلاة فيكون الوجوب في الصلاة وهو المطلوب فهنا مسائل :

١ ـ يجب صيغة « الله أكبر » لأنّه المتبادر إلى الفهم من إطلاق لفظ التكبير.

٢ ـ تجب مراعاة اللّفظ المذكور من غير تغيير لترتيبه ولا يجوز الإتيان بمرادفه ولا تعريف المنكّر ولا المدّ المخرج عن المعنى إلى الاستفهام كمدّ لفظ الجلالة أو إلى الجمع كما في لفظ أكبر إذ تصير جمع كبر وهو الطبل.

٣ ـ لا يجوز الترجمة بغير العربيّة لأنّه ليس بكلام الله ولا رسوله وقول أبي حنيفة بجوازها محتجّا بقوله ( وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلّى ) (١) علّق الصلاة على ذكر اسمه الّذي هو أعمّ من كونه عربيّا أو غيره باطل إذ المراد بالاسم الأذان خصوصا

__________________

(١) الأعلى : ١٥.

١١٧

وقد أتى بالصلاة عقيبه بالفاء المقتضية للمغايرة والترتيب مع أنّ التحريمة جزء داخل في الصلاة فلا يكون هي المعيّنة بالآية.

الرابعة ( فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى ) (١) ومثلها ( فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ ) (٢).

دلّنا على وجوب قراءة شي‌ء من القرآن فيصدق دليل هكذا : قراءة شي‌ء من القرآن واجب+ ولا شي‌ء. من القراءة في غير الصلاة بواجب ـ فيكون الوجوب في الصلاة وهو المطلوب أمّا الصغرى فلصيغة الأمر الدالّة على الوجوب وأمّا الكبرى فإجماعية.

إن قلت إنّ الكبرى ممنوعة وسند المنع أنّ الوجوب إمّا عينيّ ولا إشعار به في الكلام أو كفائيّ فعدمه في غير الصلاة ممنوع بل يجب لئلّا يندرس المعجزة قلت المراد بالوجوب العينيّ إذ هو الأغلب في التكاليف ولأنه المتبادر إلى الذهن عند الإطلاق ولا شكّ أنها غير واجبة عينا في غير الصلاة إجماعا. هذا وما ذكرناه قول أكثر المفسّرين وقد قيل إنّ المراد بالقراءة الصلاة تسمية للشي‌ء ببعض أجزائه وعني به صلاة اللّيل ثمّ نسخ بالصلوات الخمس وقيل الأمر في غير الصلاة فقيل على الوجوب نظرا إلى بقاء المعجزة ووقوفا على دلائل التوحيد وإرسال الرسل وقيل على الاستحباب فقيل أقلّه في [ اليوم و ] اللّيلة خمسون آية وقيل مائة وقيل مائتان وقيل ثلث القرآن.

إذا تقرّر هذا فهنا مسائل :

١ ـ القراءة الواجبة هنا مجملة علم بيانها بالسنّة النبويّة والمراد بها الفاتحة لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله « لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب » (٣) وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله « كلّ صلاة لم يقرأ فيها فاتحة الكتاب فهي خداج » (٤) وبه قال الشافعيّ ومالك وأحمد وقال أبو حنيفة

__________________

(١) المزمل : ٢٠.

(٢) المزمل : ٢٠.

(٣) السراج المنير ج ٣ ص ٤٧١.

(٤) سنن ابى داود ج ١ ص ١٨٨.

١١٨

بعدم تعيينها بل ثلاث آيات من أيّ القرآن شاء ويدفعه الحديثان المذكوران.

٢ ـ يتعيّن الفاتحة في الأوليين ويتخيّر في الأخيرتين بينها وبين التسبيح وقال الشافعيّ ومالك وأحمد يجب في كلّ ركعة لنا ما رووه ورويناه عن عليّ عليه‌السلام أنّه قال « اقرأ في الأوليين وسبّح في الأخيرتين » (١) رواه الحارث عنه وكذا تواتر عن أهل البيت عليهم‌السلام (٢).

٣ ـ يجب قراءتها على الوجه المنقول ترتيبا ولفظا ولا يجوز ترجمتها بغير العربيّة لأنّ ذلك غير قرآن لأنّ القرآن عربيّ بالنصّ ولأنّه معجز بلفظه ونظمه والترجمة غيرهما وقول أبي حنيفة بالجواز لقوله تعالى ( إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى [ صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى ] ) (٣) ضعيف لعود الإشارة إلى الحكم وكذا لا يقرأ في خلالها من غيرها فمن خالف شيئا من ذلك عمدا بطلت صلوته وسهوا استأنف المتروك إن ذكر في موضع القراءة وإلّا فلا.

٤ ـ البسملة آية من الحمد ومن كلّ سورة (٤) وعليه إجماع علمائنا وبه قال الشافعيّ (٥).

__________________

(١) الوسائل ب ٥١ من أبواب القراءة في الصلاة ح ٥ نقلا عن المحقق في المعتبر ص ١٧١.

(٢) الوسائل ب ٤٢ وب ٥١ من أبواب القراءة في الصلاة.

(٣) الأعلى : ١٨ و ١٩.

(٤) الوسائل ب ١١ من أبواب القراءة في الصلاة.

ولا ريب أن مصاحف التابعين والصحابة قبل جمع عثمان وبعده كانت مشتملة على البسملة ولو لم تكن من القرآن لما أثبتوه في مصاحفهم كيف وان الصحابة منعت أن يدرج في المصحف ما ليس من القرآن حتى أن بعض المتقدمين منعوا عن تنقيط المصحف وتشكيله ، فإثبات البسملة في مصاحفهم شهادة منهم بأنها من القرآن كسائر الايات المتكررة فيه.

(٥) وجزم به قراء مكة والكوفة وحكى أيضا عن ابن عمر وابن الزبير وابى هريرة وعطاء وطاوس وسعيد بن جبير ومكحول والزهري واحمد بن حنبل في رواية عنه وابى عبيد القاسم بن سلام وإسحاق بن راهويه ونسب الى بعض أصحاب الشافعي وحمزة أنها آية من فاتحة الكتاب خاصة دون غيرها ونسب ذلك الى أحمد بن حنبل أيضا.

١١٩

ونفاه مالك (١) وقال أبو حنيفة إنّها ليست بآية من الفاتحة ولا غيرها بل كتبت للتبرّك وللفصل بين السور (٢).

لنا تواتر روايات أهل البيت عليهم‌السلام (٣) ومن طرقهم (٤) رواية أبي هريرة (٥)

__________________

(١) واختلف في النقل عن مالك وابى حنيفة هل هي آية فذة ليست جزءا من فاتحة الكتاب ولا غيرها أو منها وليست من القرآن كتبت للفصل والمشهور عن مالك هو الأول وعن أبي حنيفة هو الثاني.

(٢) ويبطل هذه الدعوى إثبات البسملة في المصاحف في سورة الفاتحة وعدم إثباتها في أول سورة براءة ولو كانت للفصل بين السور لاثبت في الثانية ولم تثبت في الاولى.

(٣) مع ما في المجمع عن الصادق عليه‌السلام : ما لهم؟ عمدوا إلى أعظم آية في كتاب الله عزوجل فزعموا أنها بدعة إذا أظهروها وهي بسم الله الرحمن الرحيم.

(٤) انظر الإتقان النوع ٢٢ والدر المنثور حول البسملة وسبل السلام ج ١ ص ١٧٣ وسنن ابى داود ج ١ ص ١٨١ تجد الروايات من طرقهم ان لم تكن متواترة فهي مستفيضة وذكر الإمام الرازي في أثناء الحجة الخامسة من حججه على الجهر بالبسملة : أن البيهقي روى الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في سننه عن عمر بن الخطاب وابن عباس وابن عمر وابن الزبير ثم قال : وأما أن على بن أبي طالب عليه‌السلام كان يجهر بالتسمية فقد ثبت بالتواتر ، ومن اقتدى في دينه بعلى بن أبى طالب فقد اهتدى. ثم قال : والدليل عليه قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله اللهم أدر الحق مع على حيث ما دار. راجع ج ١ ص ٢٠٥.

(٥) عن أبي هريرة كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يجهر في الصلاة ببسم الله الرحمن الرحيم. راجع تفسير الامام ج ١ ص ٢٠٤ ومثله في سبل السلام ج ١ ص ١٧٣. وأما ما أخرجه مسلم على ما في ص ٦٨ من مشكاة المصابيح ط كراچى وسنن ابى داود ج ١ ص ١٨٨ من حديث أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول قال الله عزوجل : قسمت الصلاة بينى وبين عبدي نصفين : فنصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول العبد الحمد لله رب العالمين يقول الله عزوجل حمدني عبدي. وإذا قال « إِيّاكَ نَعْبُدُ وَإِيّاكَ نَسْتَعِينُ » قال الله فهذا بينى وبين عبدي فإذا قال « اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ » السورة ـ قال هذا لعبدي ولعبدي ما سأل » فلا

١٢٠