رسالة في الخراج

الشيخ ماجد بن فلاح [ الفاضل الشيباني ]

رسالة في الخراج

المؤلف:

الشيخ ماجد بن فلاح [ الفاضل الشيباني ]


المحقق: مؤسّسة النشر الإسلامي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٩

يجوز الشراء يجوز سائر المعاوضات كالهبة والصدقة والوقف ولا يحل تناولها بغير ذلك » (١) ومنه يعلم أن جواز التناول مطلقا ليس بمجمع عليه أيضا ، بل فيه خلاف حيث يفهم عدمه عند الشهيد ، (٢) وعند السيد المذكور ، وفي النافع أيضا على ما فهمه » إنتهى كلامه دام ظله. (٣)

أقول : لا يخفى أن المفهوم من الروايات ومن كلام الفقهاء أن وجه الحل كون الخراج حقا من حقوق المسلمين ، وأئمتنا أذنوا لنا في تناوله ، فعلى هذا لا وجه لتوقف حله على قبض الجائر له أو نائبه ، نعم له منع منه الجائر أمكن توقفه على ذلك ، على أنا نقول : من أذن له الجائر في أخذه كان نائبا للجائر قبضه كقبضه ، ولو سلم ذلك كله فأي دخل له في تحريم الخراج المأخوذ من يد الظالم أو نائبه؟ ومن الغرائب قوله « ويفهم من الدروس ذلك » مع أن التصريح فيها بقوله « ولا فرق بين قبض الجائر إياها أو وكيله ، وبين عدم القبض » (٤) وأغرب من ذلك قوله « ومنه يعلم أن جواز التناول مطلقا ليس بمجمع عليه إلى آخر ما ذكره » مع تصريحه هو فضلا عن غيره أن معلوم النسب لا يضر خلافه في الاجماع.

قال دام ظله : « وأما أدلتهم فهي بعض الأخبار ، ولا دلالة ظاهرة فيها ، وادعى النصوصية فيها الشيخ علي بن عبد العالي وهي خبر أبي بكر الحضرمي الذي روى الشيخ عنه ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، وموضع الدلالة منه قوله عليه السلام « ما منع ابن أبي سماك يبعث إليك بعطائك ، أما علم أن لك في بيت المال نصيبا » (٥) وقال الشيخ علي بن عبد العالي فيها « قلت : هذا نص في الباب ـ إلى قوله : حيث إنه يستحق في بيت المال نصيبا ، وقد تقرر في الأصول

__________________

(١) و (٢) الدروس : كتاب المكاسب ص ٣٢٩.

(٣) راجع خراجيته (ره) ، ص ٢٠ ٢١.

(٤) الدروس : كتاب المكاسب ص ٣٢٩.

(٥) التهذيب : ج ٦ ص ٣٣٦ و ٣٣٧ ح ٩٣٣.

٢١

تعدي الحكم بالعلة المنصوصة » (١) قلت : الحديث غير معلوم الصحة ، وعدم ظهور الدلالة إذ غايتها جواز قبول الحضرمي عطاء ابن أبي سماك ، لأن له في بيت المال نصيبا ، فهم بالقياس جواز الأخذ منه لمن كان مثل الحضرمي في الاستحقاق من بيت المال ، بأن يكون من المصالح ، فلم يدل على جواز أخذ الخراج من كل جائز ، مؤمنا وغيره لكل أحد ، سواء كان ممن يستحق من بيت المال أو لا ، فالاستدلال بمثله في هذه المسألة لا يخلو عن إشكال ، وأشد منه تسميته بالنص ، نعم يمكن الاستدلال به في الجملة على جواز أخذ الجوائز من الجائر كما استدل به عليه العلامة في المنتهى وليس بتام أيضا » انتهى كلامه دام ظله (٢).

أقول : قوله « الحديث غير معلوم الصحة » لو سلم لا يقتضي عدم جواز الاستدلال به لجواز اعتضاده بما يجبر ضعفه من إجماع أو غيره ، وأما ظهور دلالته على حمل الخراج للمسلمين فنقول : إن الحضرمي إنما استحق العطاء من بيت المال الذي من جملته الخراج لكونه صاحب نصيب في بيت المال ، ومعلوم أن استحقاقه للنصيب إنما هو من جهة كونه من جملة المسلمين ، لأنه لو كان له جهة غير ذلك لنقلتها الرواة وأهل التاريخ ، بل المجتهدون الذين اشتهر حرصهم على نقل أقل من ذلك ، ولو نقلوه لشاع وذاع ، وإذا كان الأمر كذلك فكل مسلم له نصيب في بيت المال وما ليس له نصيب لا يستحق الأخذ ، فانتفى الاشكال ، والأشد منه ومن العجب قوله « نعم يمكن الاستدلال به على جواز أخذ الجوائز من الجائر » فكيف يعمل بقوله « ألم يعلم أن لك في بيت المال نصيبا » لأن النصيب في بيت المال لا يقتضي حل الجوائز من غيره ، فالدليل حينئذ أخص من المدعى ، إذ المدعى جواز أخذ جوائز الظالم مطلقا إذا لم يعلم كونها (٣).

__________________

(١) خراجية المحقق الثاني ، المطبوعة في ضمن كلمات المحققين ، ص ١٨١.

(٢) راجع خراجيته (ره) ، ص ٢١ ٢٢.

(٣) احتمال سقوط كلمات من هنا ، فتأمل.

٢٢

قال دام ظله : « وأيضا صحيحة هشام الدالة على جواز شراء مال الصدقة من الجائر حتى يعرف أنه حرام. (١) ولا خفاء في عدم دلالتها على المدعى وهو ظاهر ، وأيضا ما روي أن الحسنين عليهما السلام ، قبلا جوائز معاوية ، (٢) وعدم الدلالة ظاهر » (٣).

أقول : لا يخفى أن هذه الرواية كما دلت على جواز شراء مال الصدقة دلت على جواز شراء ما يأخذه باسم المقاسمة من الحنطة والشعير ، وذلك مصرح به فيها وهو يشمل الخراج من حاصل الأرض ، وقد بين أن الجائر لا يستحقه ولا يجوز أخذه له ، فجواز الشراء منه ليس إلا لكونه حقا لنا ، وإذا كان الأمر كذلك فأين ظهور عدم دلالتها على المدعى؟ وأما قبول الحسنين عليهما السلام جوائز معاوية عليه ما يستحقه فهو كما قال المصنف دام ظله لكن لا حاجة للقائل بحله إلى ذلك لوجود ما يكفيه.

قال دام ظله : « وأيضا صحيحة عبد الرحمن حين قال له أبو الحسن عليه السلام : ما لك لا تدخل مع علي في شراء الطعام ، إني أظنك ضيقا؟ قال : قلت : نعم ، فإن شئت وسعت علي ، قال : اشتره (٤) ومعلوم أن ليس فيه إلا الدلالة على جواز شراء طعام كان عبد الرحمن ضيقا من شرائه ، ولا يدل على جواز أخذ الخراج من كل جائر لكل أحد بكل وجه وهو المدعى » إنتهى كلامه دام ظله (٥).

أقول : لا يخفى أن الطعام عام ، وقد سلم الناقض عمومه ، فيشمل الخراج وقد جوز الإمام شراءه ، وإذا جاز شراء الطعام الذي هو أعم من الخراج من الجائر الذي لا يستحقه ولا يجوز له أخذه كان دليلا على حل الخراج لنا ، لأن جواز الشراء منه إنما هو لكون الخراج حقا لنا.

وفي قول الشيخ علي رحمه الله « وقد احتج بها العلامة في التذكرة على

__________________

(١) التهذيب : ج ٦ ص ٣٧٥ ح ١٠٩٤.

(٢) التهذيب : ج ٦ ص ٣٣٧ ح ٩٣٥.

(٣) و (٥) راجع خراجيته (ره) ، ص ٢٢.

(٤) التهذيب : ج ٦ ص ٣٣٦ ح ٩٣٢.

٢٣

تناول ما يأخذه الجائر باسم الخراج والمقاسمة » (١) دقيقة وهي أن دلالة هذه الروايات على حل الخراج غير ظاهرة. فلولا علم العلامة بأن هذا الطعام من مال الخراج والمقاسمة لما استدل بها ، وإذا كان الأمر كذلك دل على جواز أخذ الخراج من كل جائر لكل واحد من المسلمين لا لكل أحد ، فتأمل.

قال دام ظله : « وأيضا صحيحة جميل بن صالح قال : أرادوا بيع تمرعين أبي زياد فأردت أن اشتريه ، ثم قلت : حتى أستأذن أبا عبد الله عليه السلام ، فأمرت مصادفا فسأله فقال : قل له : يشتريه فإن لم يشتره اشتراه غيره (٢) هذه مثل ما قبلها في الدلالة ، بل أقل ، على أنه قد يكون صحتهما موقوفة على توثيق عبد الرحمن ومصادف ونقلها الشيخ علي بن عبد العالي في الخراجية ، وقال : « وقد استدل بالأخير في المنتهى على هذه الدعوى » ثم اعترض الشيخ علي على نفسه : « بأن جواز الشراء لا يدل على غيره ، وأجاب إن حل الشراء يستلزم حل جميع أسباب النقل » (٣) وأنت تعلم أنه غير واضح ، وقد يكون جواز الشراء لحصول العوض وغير ذلك ، ألا ترى أن المكاتب يجوز له الشراء ولا يجوز له الهبة! وأيضا أجاب عن عدم لزوم جواز الأخذ بأمر الجائر من جواز أخذ ما قبضه على تقدير تسليمه بنحو ذلك وهو غير ظاهر » إنتهى كلامه دام ظله. (٤)

أقول : قد قال الشيخ رحمه الله بعد نقل هذه الرواية : « إن العلامة احتج على حل ذلك بهذه الرواية في المنتهى ، وصححه » (٥) وهذا اعتراف منه ، إذ دلالتها على ذلك غير ظاهرة ، فلولا أن العلامة اطلع على أن ذلك التمر من الخراج لما استدل بها ، ولو لم تدل على ذلك فنحن لا إحتياج بنا إليها بعد الاحاطة بأن جواز الشراء ليس إلا لكون نصيب لنا فيه ، وأن أئمتنا أذنوا لنا في أخذه ، فلا شبهة في

__________________

(١) قاطعة اللجاج في حل الخراج للكركي : ص ٧٧.

(٢) التهذيب : ج ٦ ص ٣٧٥ ح ١٠٩٢.

(٣) قاطعة اللجاج في حل الخراج للكركي : ص ٨٠.

(٤) راجع خراجيته (ره) ، ص ٢٢ ٢٣.

(٥) قاطعة اللجاج في حل الخراج للكركي : ص ٧٧.

٢٤

جواز غير الشراء بل الأخذ مجانا.

ومن العجب قوله : « وقد يكون جواز الشراء لحصول العوض » ، إذ حصول العوض للجائر الذي لا يجوز له أخذ الخراج ولا تملكه لا يقتضي جواز التسلط على مال الغير. والتمثيل بالمكاتب الذي يملك ما في يده لكنه محجور عليه بغير المعاوضة أعجب من ذلك ، لأن الجائر غير مالك بالاجماع بل لا ولاية له ، وإذا ثبت أن المأخوذ حق بالأصالة فلا فرق بين الأخذ من أيدي الجائر والأخذ بأمره ، وذلك ظاهر لمن تدبره.

قال دام ظله : « وبالجملة هذه المسألة في الغاية من الاشكال ، حيث إنهم حكموا بها بهذه الأدلة ، وقالوا : لا يجوز الأخذ إلا بإذن الجائر بل نقل الشيخ علي ابن عبد العالي عن البعض أنه لا يجوز السرقة والكتمان للزارع مع قولهم بعدم جواز الأخذ للجائر ، وأنه ظالم فلا يجوز البيع منه حينئذ ، بل لا يمكن تحقق البيع ، وكيف يجوز بيع مال المسلمين الذي الناظر فيه الإمام ومصرفه المصالح أخذه الظالم ظلما أن يشترى منه أو يتهب ، إلا أن يقال هذا استنقاذ لابيع حقيقة ، ولا صدقة ، ولكن حينئذ شرط القبض أو الاذن غير ظاهر » إنتهى كلامه دام ظله (١).

أقول : لا يخفى أنه لا منافاة بين حل الخراج وعدم جواز الأخذ بدون إذن الجائر ، ولا يصلح أن يكون ذلك منشأ لمجرد الاشكال فضلا عن كونه منشأ للغاية من الاشكال ، إذ لا قبح أن يقول الشارع للانسان : لك في بيت المال نصيب ولا يجوز لك أخذه إلا بإذن الجائر لمصلحة يعلمها ، ونظائر ذلك كثيرة ، فإن الوقوف العام والزكوات والوصايا والمنتشرين كذلك بل ملك الانسان المختص به كالمحجور عليه للسفه كذلك ، بل غير المحجور عليه كذلك ، كما لو استولى الظالم على مال الانسان ، وخاف على نفسه أن يتصرف بغير إذن الظالم فإنه لا يجوز

__________________

(١) راجع خراجية (ره) ، ص ٢٣.

٢٥

لأحد من هؤلاء السرقة والكتمان ، وإن أراد أن منشأ الاشكال الدلائل المذكورة فقط ، فمعلوم أيضا عدم صلاحيتها له ، لأن هذه الدلائل إن أفادت الحل فلا إشكال ، وإن لم تفده فلا إشكال أيضا وإن أراد إذن الجائر الذي لا يجوز له الأخذ ولا التصرف ، وكيف يجامع حل الخراج ويكون منشأ للاشكال؟ فهو مما لا وجه له بعد الاحاطة بما قلناه.

ونفي جواز البيع بعد دلالة الروايات والعبارات عليه عجيب لا يليق بهذا الفاضل. وقوله « بل لا يمكن تحقق البيع » مع ورود الروايات به ونقل الاجماع عليه أعجب ، ولو سلم يكون استنقاذا ، وإطلاق البيع عليه ليس بعزيز ، بل هو موجود في عبارات الفقهاء ، كما لو قهر الحربي من ينعتق عليه وباعه.

ونفي ظهور اشتراط قبض الجائر له أو إذنه لادخل (١) في التحريم والشبهة ، بل هو مما يحقق مطلوبنا من حل الخراج وكون منشأ حله أن لنا فيه نصيبا.

قال دام ظله : « وكيف لا يجوز لمن في ذمته السرقة والكتمان ، بل ينبغي ، بل يجب عدم جواز الاعطاء له إن أمكن ، لأنه لا تبرأ ذمته على تقدير قدرته على المنع ، ولا يتعين ما أخذ منه مالا للخراج والزكاة ، لكن ما جزم بهذا النقل بل قال أظن سماعا عن علي بن هلال ، وما نقلوا دليلا على عدم الجواز إلا بإذن الجائر والجواز به سوى ما مر » إنتهى كلامه دامت أيامه وكثر الله من مثله وأمثاله (٢).

أقول : إن جميع ماقاله المصنف دام ظله إن لم يساعد من يقول بحل ما يؤخذ باسم الخراج والزكاة ، فلا أقل أن لا يضره ، إذ المقصود حل تناول ما يأخذه الجائر سواء جاز للجائر أخذه أم لا ، وسواء حرم على المالك دفعه أم لا ، وسواء تعين ما أخذه للخراج والزكاة أم لا ، ولا يتوقف إثبات مطلوبنا على شئ من ذلك ، على أنا نقل : الروايات دلت على تعيين ما أخذه للخراج لقول الإمام عليه السلام : أما علم أن لك نصيبا في بيت المال ، (٣) وبيت المال إن لم يعم

__________________

(١) لادخل له ظ.

(٢) راجع خراجيته (ره) ، ص ٢٣.

(٣) التهذيب : ج ٦ ص ٣٣٦ و ٣٣٧ ح ٩٣٣.

٢٦

الخراج والزكاة وغيرهما فلا أقل أن يكون مختصا بهما.

ولا يخفى أن الشيخ علي رحمه الله جازم بالنقل عن الشيخ علي بن هلال وإنما تردده بين كونه مشافهة أو بواسطة ، بل الراجح عنده أنه مشافهة ، حيث قال « غالب ظني بالمشافهة » واستدل على عدم جواز السرقة والجحود والمنع لذلك أو لشئ منه لمن هو عليه ، لكونه حقا ، (١) فأين قول المصنف إنه ما جزم بهذا النقل؟

قال دام ظله : « فلولا خوف خلاف الاجماع ، لأمكن المبحوث عنه. نعم قد يوجد في بعض الأخبار جواز شراء الزكاة فيحتمل زكاة مال المشتري على طريق الاستنقاذ ، وأن يكون المراد ممن عنده الزكاة لاعين الزكاة ، وأن يكون العامل مأذونا من الإمام عليه السلام ، وما كان معلوما ظاهرا للتقية أو يكون للتقية أو قضية في واقعة ، فلا يتعدى وأمثالها كثيرة ، وأن يكون لطفا من الله تعالى تسهيلا للشريعة ونفيا للحرج على تقدير عدم ثبوت براءة الذمة والضرورة واستحقاق الزكاة فيؤول كلام الأصحاب على بعض تلك الوجوه على تقدير الاجماع مثل كون الأخذ من المصالح والمصرف ، أو الذي يقدر أن يأخذه ويصرفه في مصرفه ، وغير ذلك. وقد احتمل الشيخ إبراهيم القطيفي في النقض كون الجائر مخالفا بظن إمامته وكذا المعطي (٢) ويفهم من شرح الشرائع (٣) أيضا » إنتهى كلامه دام ظله (٤).

أقول : قول المصنف « لولا خوف خلاف الاجماع » لا وجه لاختصاصه بهذه المسألة ، إذا كل مسألة من مسائل الشرع يمكننا أن نقول فيها لولا خوف مخالفة الدليل لأمكننا القول ببطلانها. وهذا اعتراف منه بثبوت الاجماع بعد الانكار له ورجوع إلى الحق ، ولا يخفى أن صحيحة هشام (٥) وصحيحة عبد الرحمن (٦)

__________________

(١) قاطعة اللجاج في حل الخراج للكركي. ص ٩١.

(٢) السراج الوهاج لدفع عجاج قاطعة اللجاج : ص ١٢٤.

(٣) مسالك الافهام : ج ١ ، كتاب التجارة ص ٥٥.

(٤) راجع خراجيته (ره) ، ص ٢٣ ٢٤.

(٥) التهذيب : ج ٦ ص ٣٧٥ ح ١٠٦٤.

(٦) التهذيب : ج ٦ ص ٣٣٦ ح ٩٣٢.

٢٧

صريحان في جواز بيع مال الخراج وقد بينا ذلك فيما مضى بل بينا دلالة باقي الروايات فليراجع.

ولا يخفى أن هذه المحامل التي ذكرها المصنف قاصرة على ما فيها ، إنما تحسن لو كان في المسألة خلاف أو رواية تدل على عدم جواز أخذ الخراج أو مشتراه ، أما مع عدم ذلك فأي ضرورة على الحمل على تلك المحامل.

وقوله : « وأن يكون لطفا من الله .. الخ » مما ينادي ويصرح بالوفاق ، لأنا متى منعنا كون حله لطفا وعدم حله حرجا؟ بل صرح بعض من ادعى الاجماع على حله أنه لولا الحل لزم الحرج على هذه الطائفة ، (١) وقد أسلفنا ، وما رأيت أقل طالعا من هذه المسألة لما قرروا من أن جواز العمل يكفي فيه الظن الحاصل من الدليل ، وكثير من المسائل يثبتونها بالخبر الضعيف ، ويقولون إنه وإن كان ضعيفا إلا أنه قد انجبر بعمل الأصحاب أو بغيره ، وهذه المسألة قد ادعى على حلها الاجماع جماعة من العلماء مثل المحقق المدقق فريد عصره وزمانه الشيخ علي بن عبد العالي (٢) والشيخ المرحوم المبرور الشهيد الثاني الشيخ زين الدين (٣) والفاضل المقداد ودلت عليه الروايات .. قول أحد ممن يسمى باسم العلم بتحريمها ولا دلت عليه رواية حتى أن الشيخ إبراهيم (٤) المنسوب إليه الخلاف معترف بحله وأثبت ذلك في نقضه كما حكيناه عنه سابقا ، فرحم الله من أحسن النظر وتفكر في أمر دينه واعتبر وجعل ضالته الحق ، ونزه نفسه عن التعصب والجدال ، واعترف لأهل الفضل بفضلهم ، ونزل الناس بمنازلهم ، وليكن هذا آخر ما خطر لهذا الفقير القاصر. ( تمت ).

__________________

(١) مسالك الافهام : ج ١ كتاب التجارة ص ١٦٨.

(٢) قاطعة اللجاج في حل الخراج للكركي : ص ٧٦.

(٣) مسالك الافهام : ج ١ كتاب التجارة ص ٨٠.

(٤) السراج الوهاج لدفع عجاج قاطعة اللجاج : ص ١١٨.

٢٨

فهرس رسالة الفاضل الشيباني

نبذة من حياة الفاضل الشيباني........................................................ ٣

بيان رأي المقدس الأردبيلي في أن الخراج لا يخلو عن شبهة باعتباره كالاجرة والمقاسمة...... ٧

رد المصنف في أن ذلك لا يقتضي التحريم أو الشبهة................................... ٨

رد المصنف في كون أرض العراق خراجية أشهر من الشمس............................ ٩

بيان أن الخراج لم يذهب أحد من المسلمين إلى تحريمه ، ونقل عبارة صاحب « السراج الوهاج » في ذلك  ١٥

ما استفاده المصنف من قول المقدس في أن الخراج كالدين في الذمة...................... ١٦

مناقشة المصنف حول قول المقدس في كيفية أخذ وتقسيم الخمس في هذا الزمان من دون اذن الحاكم        ١٧

رد المصنف على إشكال المقدس في أن الناس اعتمدوا رسالة المحقق الكركي الخراجية مع عدم جواز العمل بقول الميت         ١٨

استشكال المصنف في دعوى المحقق الكركي الاجماع على حل الخراج................... ١٩

قوله إن الأصحاب جوزوا أخذ ما قبضه الجائر واشكال المصنف عليه................... ٢٠

اشكال المقدس في دلالة الاخبار على ذلك ودعوى الكركي النصوصية في ذلك.......... ٢١

اشكال المقدس على صحيحة هشام الدالة على جواز شراء مال الصدقة من الجائر......... ٢٣

الاستشكال في مسألة جواز الاخذ من الجائر إلا باذنه................................. ٢٥

تعجب المصنف من المقدس الأردبيلي لنفيه جواز البيع بعد دلالة الاخبار وعبارات الأصحاب ٢٦

تأويل كلام الأصحاب في كون الاخذ للمصالح...................................... ٢٧

٢٩