تصحيح القراءة في نهج البلاغة

الشيخ خالد البغدادي

تصحيح القراءة في نهج البلاغة

المؤلف:

الشيخ خالد البغدادي


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-8629-96-X
الصفحات: ٣٨٢
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

عارض من شبهة ، ألا لا ذا ولا ذاك ... » (١).

وقال عليه‌السلام من خطبة له : « والله لو شئت أن أخبر كلّ رجل منكم بمخرجه ومولجه وجميع شأنه لفعلت ، ولكن أخاف أن تكفروا فيَّ برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ألا وإنّي مفضيه إلىٰ الخاصّة ممّن يؤمن ذلك منه (٢) ..

والّذي بعثه بالحقّ واصطفاه علىٰ الخلق ! ما أنطق إلاّ صادقاً ، وقد عهد إليَّ بذلك كلّه » (٣).

عن كتاب « الكافي » :

وفي سياق حديثنا عن الرواية الّتي نقلها الكاتب من الكافي ، ومع ملاحظة أنّ أغلب المخالفين لمذهب أهل البيت عليهم‌السلام يحتجّون علىٰ شيعة أهل البيت بكلّ ما ورد في هذا الكتاب دون تمحيص ولا تدقيق ، أقول :

إنّ علماء الإمامية لم يعطوا الكافي ، ولا غيره من كتب الحديث ، تلك المنزلة الّتي أعطاها علماء أهل السُنّة إلىٰ صحيح البخاري وصحيح مسلم ؛ إذ أجمعوا علىٰ صحّة كلّ ما فيهما من أحاديث ، وحكموا بأنّها صادرة عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قطعاً (٤).

__________________

(١) نهج البلاغة ـ تعليق الشيخ محمّد عبده ـ ٤ / ٣٧.

(٢) المراد : أنّي موصله إلىٰ أهل اليقين ممّن لا تُخشىٰ عليهم الفتنة.

(٣) نهج البلاغة ـ تعليق الشيخ محمّد عبده ـ ٢ / ٨٩.

(٤) قال أبو المعالي الجويني : لو حلف إنسان بطلاق امرأته أنّ ما في كتابي البخاري ومسلم ممّا حكما بصحّته من قول النبيّ ، لَما ألزمته الطلاق ولا حنثته ; لإجماع علماء المسلمين علىٰ صحّتها ..

راجع : شرح النووي علىٰ صحيح مسلم ١ / ٢٠ ، وتدريب الراوي ـ للسيوطي ـ ١ / ٣١١.

٢٦١

قال السيّد هاشم معروف عن كتاب الكافي : ومع أنّه نال إعجاب الجميع وتقديرهم لم يغالِ به أحد غلوّ محدّثي السُنّة في البخاري ، ولم يدّعِ أحد بأنّه : صحيح بجميع مروياته ، لا يقبل المراجعة والمناقشة ، سوىٰ جماعة من المتقدّمين ، تعرّضوا للنقد اللاذع من بعض مَن تأخّر عنهم من الفقهاء والمحدِّثين ، ولم يقل أحد بأنّ : مَن روى عنه الكليني فقد جاز القنطرة ، كما قال الكثيرون من محدّثي السُنّة في البخاري ، بل وقف منه بعضهم موقف الناقد لمروياته من ناحية ضعف رجالها ، وإرسال بعضها ، وتقطيعها ، وغير ذلك من الطعون التي تخفّف من حدّة الحماس له والتعصّب لمروياته (١).

وقال الشيخ فخر الدين الطريحي : وأمّا الكافي فجميع أحاديثه حصرت في « ١٦١٩٩ » ستّة عشر ألف حديث ومائة وتسعة وتسعين حديثاً ، الصحيح منها باصطلاح مَن تأخّر : (٥٠٧٢) خمسة آلاف واثنان وسبعون ، والحَسَن : (١٤٩) مائة وتسعة وأربعون حديثاً ، والموثّق : (١١١٨) ألف ومائة وثمانية عشر حديثاً ، والقوي منها : (٣٠٢) اثنان وثلاثمائة ، والضعيف منها : (٩٤٨٥) تسعة آلاف وأربعمائة وخمسة وثمانون حديثاً ، والله أعلم (٢).

وقال السيد المحقّق الخوئي قدس‌سره : لم تثبت صحّة جميع روايات الكافي ، بل لا شكّ في أنّ بعضها ضعيفة ، بل إنّ بعضها يطمأن بعدم صدورها من المعصوم عليه‌السلام (٣).

__________________

(١) دراسات في الحديث والمحدِّثين : ١٣٢.

(٢) جامع المقال : ١٩٣.

(٣) معجم رجال الحديث ١ / ٨٦.

٢٦٢

وعليه ؛ فلا معنىٰ لإلزام الإمامية ـ كما هو دأب الكتّاب من مخالفيهم ـ بكلّ رواية موجودة في كتبهم الحديثية ما لم تبلغ درجة الصحّة والتوثيق ، أو تبلغ درجة التواتر ، خاصة إذا كانت ممّا له علاقة بأُمور العقائد عندهم.

وفي ختام هذا الفصل نقول :

لِمَ ينكر المشاغبون علىٰ أئمّة الهدىٰ من آل محمّد عليهم‌السلام أن يعلموا ما هو كائن إلىٰ يوم القيامة ، بينما يروون في كتبهم المعتبرة جواز مثل ذلك في حقّ أصحابهم ؟! أفلا يعدّ هذا قسمة ضيزىٰ ؟!

ومن ذلك : ما رواه مسلم في صحيحه ، قال : عن شقيق ، عن حذيفة ، قال : قام فينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مقاماً ما ترك شيئاً يكون في مقامه ذلك إلىٰ قيام الساعة إلاّ حدّث به ، حفظه مَن حفظه ، ونسيه مَن نسيه ، قد علمه أصحابي هؤلاء ، وإنّه ليكون منه الشيء قد نسيته فأراه فأذكره كما يذكر الرجل وجه الرجل إذا غاب عنه ثمّ إذا رآه عرفه (١) ؛ فتدبّر !!

*                  *                 *

__________________

(١) صحيح مسلم ٨ / ١٧٢ باب : إخبار النبي في ما يكون إلىٰ قيام الساعة.

٢٦٣

٢٦٤



الفصل الثامن



الفرق

بين الوحي والإلهام

٢٦٥

٢٦٦



قال الدليمي :

« من كلام له عليه‌السلام قاله وهو يلي غسل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وتجهيزه : ( بأبي أنت وأُمّي ! لقد انقطع بموتك ما لم ينقطع بموت غيرك من النبوّة وأخبار السماء ). نهج البلاغة ٢ / ٢٢٨.

ـ قال : ـ تأمّل هذا الكلام وقارن بينه وبين ما مضىٰ في الكافي ، وهذه الأحاديث أيضاً : عن أبي عبد الله ، قال : ( الله أكرم وأرحم وأرأف بعباده من أن يفرض طاعة عبد علىٰ العباد ثمّ يحجب عنه خبر السماء صباحاً ومساءً ). الكافي ١ / ٢٦١.

عن أبي الحسن عليه‌السلام : ( الأئمّة علماء صادقون ، مُفهّمون محدّثون ). الكافي ١ / ٢٧١ ; أي : يحدّثهم ملك ينزل عليهم ... الخ » (١).

أقول :

إنّ الإمامية ـ عن بكرة أبيهم ـ متّفقون علىٰ منع نزول الوحي إلىٰ أحد بعد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والإيحاء له بشيء ، ومَن زعم أنّ أحداً بعد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوحىٰ إليه فقد أخطأ وكفر (٢).

__________________

(١) ص ٢٦.

(٢) راجع : أوائل المقالات ـ للشيخ المفيد رحمه‌الله ـ : ٣٩.

٢٦٧

نعم ، هم يجوّزون إلهام الإمام وتحدّث الملك معه ، ولكن هذا غير الوحي ، وفي هذا المعنىٰ ورد من طرق أهل السُنّة والجماعة ما يماثله بخصوص عمر بن الخطّاب مثلاً ; إذ قالوا بأنّه كان محدَّثاً ومُلهَماً ، مع أنّه ليس بنبيّ ..

روىٰ البخاري في صحيحه في مناقب عمر : عن أبي هريرة ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « لقد كان في من كان قبلكم من بني إسرائيل رجال يكلّمون من غير أن يكونوا أنبياء ، فإن يكن في أُمّتي منهم أحد فعمر » (١).

وفيه أيضاً : عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : « إنّه كان في ما مضىٰ قبلكم من الأُمم محدَّثون ، وإنّه إن كان في أُمّتي هذه منهم فإنّه عمر بن الخطّاب » (٢).

وكذلك ما ورد بشأن عمران بن حصين وأنّه كان يرىٰ الملائكة ، وكانت تُكلّمه وتُسلّم عليه (٣).

وغيرها من الأخبار الواردة في هذا الشأن عند أهل السُنّة والجماعة ، ممّا لا يخفىٰ علىٰ المتتبّع (٤).

__________________

(١) صحيح البخاري ٤ / ٢٠٠.

(٢) صحيح البخاري ٤ / ١٤٩ ..

وقد أساء الشرّاح هنا للنبيّ الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونبزوه بالجهل من أجل ترسيخ هذه الفضيلة لعمر ؛ فقالوا ـ كما في فتح الباري ٦ / ٣٧٣ ـ : إنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد ذكر هذا الأمر علىٰ سبيل التوقّع ، وكأنّه لم يكن يطّلع علىٰ أنَّ ذلك كائن ، وقد وقع بحمد الله ما توقّعه النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله في عمر ، ووقع من ذلك لغيره ما لا يحصىٰ ذكره. انتهىٰ.

(٣) صحيح مسلم بشرح النووي ٨ / ٢٠٦ ، النهاية في غريب الحديث ٢ / ٣٩٤ ، لسان العرب ١٢ / ٢٩٠.

(٤) راجع إن شئت : مسند أحمد ٥ / ٣٩٦ ، سُنن أبي داود ٨ / ٦٢ ، المستدرك علىٰ

٢٦٨

كما ورد عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قوله : « عليكم بسُنّتي وسُنّة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ، عضّوا عليها بالنواجذ » (١).

ومحل الشاهد هو قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « المهديّين » ، والمراد منه : المؤيّدين والمسدّدين من قبل الله تعالىٰ ، أي : عليكم بسُنّتي وسُنّة الخلفاء الملهمين والمؤيّدين والمسدّدين من قبل الله تعالىٰ ..

ونقول ، بغضّ النظر عن بيان مصاديق الحديث المذكور :

إنّ مسألة الإلهام والتسديد من قبل الله سبحانه لبعض المسلمين أمر له أصل في الأحاديث النبوية عند الفريقين.

والفرق بين الوحي للنبيّ والإلهام للإمام : أنّ النبيّ يوحىٰ إليه من ربّه بلا توسّط أحد من البشر ، والإمام يُخبره النبيّ مشافهة ; كما حصل لأمير المؤمنين عليه‌السلام ، أو بتوسيط إمام آخر ; كما حصل لبقيّة الأئمّة عليهم‌السلام ، أو يخبره النبيّ بتوسّط الملك ؛ كما نصّت علىٰ ذلك بعض الروايات ..

نذكر منها : ما رواه المحدّث المجلسي في مرآة العقول : عن محمّد ابن سليمان الديلمي ، مولىٰ أبي عبد الله عليه‌السلام ، عن أبيه سليمان ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام فقلت : جعلت فداك ! سمعتك وأنت تقول غير مرّة : لولا إنّا نزداد لأنفدنا ؟

__________________

الصحيحين ٣ / ٥٣٦ ، البداية والنهاية ـ لابن كثير ـ ٨ / ٦٢ ، شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ١٢ / ١٧٨ ; وممّا جاء فيه : ومن الأحاديث الواردة في فضل عمر أنّ من بين عيني عمر ملكاً يسدّده ويوفّقه.

(١) مسند أحمد ٤ / ١٢٦ و ١٢٧ سُنن الترمذي ٤ / ١٥٠ ؛ قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح ، تحفة الأحوذي ٣ / ٤٠ ; قال المباركفوري : أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجة والترمذي ، وصحّحه الحاكم. انتهىٰ.

٢٦٩

قال : « أمّا الحلال والحرام فقد والله أنزله علىٰ نبيّه بكماله ، وما يزداد الإمام في حلال ولا حرام ».

قال : فقلت : فما هي الزيادة ؟

قال : « في سائر الأشياء ، سوىٰ الحلال والحرام ».

قال : قلت : فتزدادون شيئاً يخفىٰ علىٰ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟

قال : « لا ، إنّما يخرج الأمر من عند الله ، فيأتي به الملك لرسول الله فيقول : ربّك يأمرك بكذا وكذا. فيقول : انطلق به إلىٰ عليّ. فيأتي عليّاً فيقول : انطلق به إلىٰ الحسن » (١).

والمراد : إنّ الملك يأتي بالأمر إلىٰ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، يعني إلىٰ روحه الطاهرة المقدّسة.

قال الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام في نهج البلاغة : « أيّها الناس ! خذوها عن خاتم النبيّين صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّه يموت مَن مات منّا وليس بميّت ، ويبلىٰ مَن بلىٰ منّا وليس ببالٍ ؛ فلا تقولوا بما لا تعرفون ، فإنّ أكثر الحقّ في ما تنكرون ».

قال الشيخ محمّد عبده في شرحه : خذوا هذه القضية عنه ، وهي إنّه يموت الميّت من أهل البيت وهو في الحقيقة غير ميّت ؛ لبقاء روحه ساطعة النور في عالم الظهور ... والجاهل يستغمض الحقيقة فينكرها ، وأشدّ الحقائق دقائق (٢).

أمّا بالنسبة للأحاديث الّتي ذكرها الكاتب ، مع أنّ بعضها ضعيف

__________________

(١) مرآة العقول ١ / ١٨٥.

(٢) نهج البلاغة ـ تعليق الشيخ محمّد عبده ـ ١ / ١٥٤.

٢٧٠

سنداً (١) ، إلاّ أنّ المتن فيها أيضاً لا يعارض ما أوردناه عليك قبل قليل ..

قال المجلسي ـ أعلىٰ الله مقامه ـ : « خبر السماء » ، أي : الخبر النازل ، سواء نزل عليهم بالتحديث ، أو نزل علىٰ مَن قبله.

وقال : وكون مثل هذا العالم بين العباد لطف ورأفة بالنسبة إليهم ، ليرجعوا إليه في كلّ ما يحتاجون إليه في دينهم ودنياهم ، والله أرأف بعباده من أن يمنعهم مثل هذا اللطف ، ويفرض طاعة مَن ليس كذلك فيصير سبباً لمزيد تحيّرهم (٢).

وفي رواية ثانية ـ هي صحيحة محمّد بن إسماعيل ـ قال ( أي محمّد ابن إسماعيل ) : سمعت أبا الحسن عليه‌السلام يقول : « الأئمّة علماء صادقون مُفَهَّمون مُحدَّثون » (٣) ..

قال المجلسي : « علماء » : أي : هم العلماء المذكورون في قوله تعالىٰ : ( هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ) الآية. « صادقون » : إشارة إلىٰ قوله سبحانه : ( وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ). « مفَهَّمون » : من جهة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فهَّمهم القرآن وتفسيره وتأويله ، وغير ذلك من العلوم والمعارف. « محدَّثون » : من الملك (٤).

__________________

(١) كالحديث الّذي أورده عن المفضّل ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : الله أكرم وأرحم وأرأف بعباده ... الخ ، فإنّ من جملة رواته : سهل بن زياد ، وجماعة بن سعد الخثعمي ، أو الجعفي ؛ وهم لم يوثّقوا.

راجع : تنقيح المقال ـ للمامقاني ـ ٢ / ٧٥ ، ١ / ٢٣٠ ، ومعجم رجال الحديث ـ للسيد الخوئي ـ ٨ / ٣١٠ و ٥ / ١١٤.

(٢) مرآة العقول ٣ / ١٣٠.

(٣) الكافي ١ / ٢٧١ باب : إنّ الأئمّة عليهم‌السلام محدَّثون مفَهَّمون.

(٤) مرآة العقول ٣ / ١٦٤.

٢٧١

وبما أوردنا سابقاً من روايات أهل السُنّة يُعلم أنّ وجود المحدَّث في الأُمّة مسلّم ، وأنّ التحديث ليس وحياً ، ولا يستلزم النبوّة كذلك (١) ، وإنّما الخلاف في مصداقه وشخصه ؛ فالعامّة يقولون : إنّه عمر ، وعمران ، ونحوهما ، والإمامية يقولون : إنّه أمير المؤمنين وأئمّة أهل البيت من ولده.

مع أنّ المسلمين جميعاً اتّفقوا علىٰ أنّ التسديد والعصمة من الضلال أبداً هي من نصيب أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام ; لِما جاء في حديث الثقلين المتواتر المشهور : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ; ما إن تمسّكتم بهما فلن تضلّوا بعدي أبداً » (٢).

وكذلك قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « مَن أحبّ أن يحيا حياتي ، ويموت ميتتي ، ويدخل الجنّة الّتي وعدني ربّي ، وهي جنّة الخلد ، فليتولّ عليّاً وذرّيّته من بعده ؛ فإنّهم لن يخرجوكم من باب هدىً ، ولن يدخلوكم في باب ضلالة » (٣).

__________________

(١) قال ابن الأثير في النهاية ١ / ٣٣٧ : المحدَثّون ( بفتح الدال وتشديدها ) : إنّهم المُلهَمون ، والمُلهَم : هو الّذي يُلقىٰ في نفسه شيء ، فيغيّر به حدساً وفراسة ، وهو نوع يختصّ به الله عزّ وجلّ مَن يشاء من عباده الّذين اصطفىٰ. انتهىٰ.

(٢) راجع : حديث الثقلين بمختلف ألفاظه في صحيح مسلم ٧ / ١٢٣ كتاب الفضائل باب : فضائل عليّ بن أبي طالب ، صحيح الترمذي ٥ / ٣٢٨ ، مصابيح السُنّة ـ للبغوي ـ : ٢٠٦ ، المعجم الكبير ٣ / ٦٥ و ٦٦ ، كنز العمّال ١ / ١٧٢ ، المستدرك علىٰ الصحيحين ٣ / ١١٨ وصحّحه ، وأقرّه الذهبي كما في تلخيص المستدرك بذيل المستدرك ، خصائص أمير المؤمنين عليه‌السلام ـ للنسائي الشافعي ـ : ٩٣ ، سلسلة الأحاديث الصحيحة ـ للألباني ـ ٤ / ٣٥٥ ..

قال ابن حجر في الصواعق المحرقة : ٩٠ ، بعد بيان سر انتشار الحديث واشتهاره : ثمّ اعلم أنّ لحديث التمسّك بذلك طرقاً كثيرة ، وردت عن نيف وعشرين صحابياً.

(٣) سبق ذكر مصادره في ص ١٧٣.

٢٧٢

وغيرهما من الأحاديث الواردة في هذا الشأن.

أمّا الدليمي ففي تعليقه علىٰ إحدىٰ الروايات الّتي ذكرها في الموضوع ، وهي :

« عن زرارة ، قلت : الإمام ما منزلته ؟ قال أبو جعفر عليه‌السلام : ( يسمع الصوت ولا يرىٰ ولا يعاين الملك ، ثمّ تلا هذه الآية : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ ) ولا محدَّث ). أُصول الكافي ١ / ١٧٦.

ـ قال : ـ وتأمّل زيادة : ( ولا محدَّث ) في الآية ... » (١).

فقد أراد بقوله هذا أن يغمز من طرف خفي بأنّ الإمامية يقولون بالزيادة في القرآن الكريم ، أو لعلّه كان يرمي إلىٰ أبعد من ذلك ، كأن يدّعي عليهم القول بالزيادة والنقيصة عموماً ، كما هو شأن الافتراءات الّتي تطال الإمامية في هذا الموضوع بين فترة وأُخرىٰ ، والتي ليس لها ـ في ما تدّعيه ـ من ركن وثيق تستند إليه !

فأقول عن هذا التأمّل :

إنّ للإمامية ـ بغضّ النظر عن مناقشة سند الحديث الّذي جاء به الكاتب من الكافي أو غيره ـ مع الأحاديث المنسوبة إلىٰ أئمّتهم قواعد لا يحيدون عنها ، قد نقل الدليمي شيئاً منها في أوّل كتيبه هذا ، كالقول الوارد عن الإمام أبي عبد الله الصادق عليه‌السلام : « كلّ شيء مردود إلىٰ الكتاب والسُنّة ، وكلّ حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف » ، وكذا القول الوارد

__________________

(١) ص ٢٦.

٢٧٣

عنه عليه‌السلام أيضاً : « كلّ حديث يوافق كتاب الله فخذوه ، وما خالف كتاب الله فدعوه ».

وأيضاً ما ورد عن الإمامين الباقر والصادق عليهما‌السلام : « لا تصدق علينا إلاّ بما يوافق كتاب الله وسُنّة نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » (١).

وأيضاً الحديث الوارد عن الإمام الباقر عليه‌السلام : « إذا جاءكم عنّا حديث فوجدتم عليه شاهداً أو شاهدين من كتاب الله فخذوا به ، وإلاّ فقفوا عنده ، ثمّ ردّوه إلينا حتّىٰ يستبين لكم » (٢).

وكذا الحديث الوارد عن الإمام الصادق عليه‌السلام : « إذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهداً من كتاب الله أو من قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فخذوا به ، وإلاّ فالّذي جاءكم به أوْلىٰ به » (٣) .. إلىٰ غير ذلك من أحاديث العرض علىٰ كتاب الله وسُنّة رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الواردة في هذا الشأن.

بل من قواعد الإمامية في حلّ المنازعات علىٰ اختلاف أنواعها ما ورد في عهد الإمام عليّ عليه‌السلام لمالك الأشتر ، الوارد في نهج البلاغة : « ... ( فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ ) ؛ فالردّ إلىٰ الله : الأخذ بمحكم كتابه ، والردّ إلىٰ الرسول : الأخذ بسُنّته الجامعة غير المفرّقة » (٤).

__________________

(١) بحار الأنوار ٢ / ٢٤٤.

(٢) الكافي ١ / ٦٩ و ٢ / ٢٢٢.

والمستفاد من ذلك : أنّه حتّىٰ لو صحّ الحديث سنداً ، حسب القواعد الرجالية ، لكن المتن ليس له شاهد من كتاب الله ، فالتوقّف عنده لازم حتّىٰ يتبيّن المراد منه.

(٣) الكافي ١ / ٦٩.

(٤) نهج البلاغة ـ تعليق الشيخ محمّد عبده ـ ٣ / ٩٤ ؛ قال الشيخ : سُنّة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كلّها جامعة ، ولكن رويت عنه سُنن افترقت بها الآراء ، فإذا أخذت فخُذ بما أُجمع عليه ، ممّا لا يُختلف في نسبته إليه.

٢٧٤

والمستفاد من ذلك كلّه : أنّ كتاب الله عزّ وجلّ الموجود بين أيدينا هو الكتاب الكامل المُنزل علىٰ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وإلاّ كيف يجعله الأئمّة عليهم‌السلام مقياساً لشيعتهم في معرفة صحّة الأحاديث الواردة عنهم من عدمها ، وشيعتهم لا تملك من كتاب لله عزّ وجلّ غير هذا الكتاب المعروف المتداول بين المسلمين ؟!

فالقول بعدم وقوع التحريف في القرآن هو ممّا تسالم عليه أعلام الطائفة ، كـ : الشيخ الصدوق ، والشيخ الطوسي شيخ الطائفة ، والسيّد المرتضىٰ علم الهدىٰ ، والمفسّر الشهير الطبرسي ، والشيخ جعفر الكبير صاحب كتاب كشف الغطاء ، وغيرهم من المتقدّمين والمتأخّرين.

وقد أجاد السيد المحقّق الخوئي رحمه‌الله في بيان ذلك كلّه في كتابه البيان في تفسير القرآن ، فصل : صيانة القرآن من التحريف ، ص ٢١٣ ـ ٢٥٢ ; فارجع إليه إن شئت (١).

وأمّا بالنسبة لرواية زرارة المارّة الذكر فلا يسعنا إلاّ أن نذكر بشأنها الملاحظات التالية :

__________________

(١) قد نقلنا قسماً منه في كتابنا : حقيقة الوهابية ٢ / ٣٤٤ ـ ٣٤٨ ، في الفصل الخاصّ بالردّ علىٰ الاتّهامات الباطلة.

وهناك كتب أُخرىٰ معاصرة تناولت البحث في هذا الموضوع ؛ راجع كتاب عبد الحميد عمارة : فرية التحريف ، الّذي ردّ فيه علىٰ إحسان إلهي ظهير ، وكشف عن افتراءاته علىٰ الإمامية في هذا الموضوع فرية فرية.

وإن أردت الوقوف علىٰ الفريق الذي ينطبق عليه القول بوقوع التحريف في القرآن ، استناداً إلىٰ كتبه ، فارجع إلىٰ كتاب الشيخ علي آل محسن : كشف الحقائق ، ص ٦٧ ـ ٧٧ ؛ فإنّ فيه من الشواهد ما يكشف عن الحقيقة بتمامها ، والله الموفّق للصواب.

٢٧٥

١ ـ من الجائز أن يكون الحاق الإمام عليه‌السلام لكلمة ( ولا محدَّث ) بالآية من حيث مرادفتها لهما أو لأحدهما من باب التفسير ، لا من حيث أنّها من القرآن ، وهذا السياق قد ورد في مجموعة كثيرة من الروايات.

٢ ـ في سندها أحمد بن محمّد ، والظاهر أنّه ابن خالد البرقي ، وهو وإن كان ثقة في نفسه كما يرىٰ ذلك بعض المؤلّفين في الرجال ، إلاّ أنّه يروي عن الضعفاء ، ويعتمد المراسيل ، وقد أخرجه من قم محمّد بن أحمد بن عيسىٰ ، ونسب إليه الغلوّ في الأئمّة عليهم‌السلام ، وأكثر المؤلّفين من الرجال متّفقون علىٰ تضعيف مروياته (١).

٣ ـ لو تنزّلنا عن ذلك ، وسلّمنا بتمامية الرواية سنداً ودلالةً فالإهمال والضرب بها عرض الحائط لازم لها ; إذ لا يمكن الأخذ بها لمخالفتها لما مرّ بيانه من قواعد في المقام.

ذلك ، مع أنّه يرد النقض علىٰ صاحب هذا التأمّل بأنّ هذه الزيادة الواردة في الرواية عدّها بعضهم من الزيادات الخاصّة بالآية الواردة من طرق أهل السُنّة بالسند الصحيح ، وهو ما يؤسّس لدعوى التحريف عندهم كما لا يخفىٰ !

قال ابن حجر في فتح الباري : قوله : قال ابن عبّاس : من نبيّ ولا محدَّث ، أي في قوله تعالىٰ : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّىٰ ) ، الآية. كان ابن عبّاس زاد فيها : ولا محدَّث. أخرجه سفيان بن عيينة في أواخر جامعه ، وأخرجه عبد بن حميد من طريقه ، وإسناده إلىٰ ابن عبّاس صحيح ; ولفظه : عن عمرو بن دينار ،

__________________

(١) انظر : دراسات في الحديث والمحدّثين : ٢٨٩.

٢٧٦

قال : كان ابن عبّاس يقرأ : وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبيّ ولا محدَّث (١).

وعن القرطبي في تفسيره الجامع لأحكام القرآن : قال ابن عطية : وجاء عن ابن عبّاس أنّه كان يقرأ : ( وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبيّ ولا محدَّث ) ، ذكره مسلمة بن القاسم بن عبد الله ، ورواه سفيان عن عمرو ابن دينار عن ابن عبّاس ; قال مسلمة : فوجدنا المحدَّثين معتصمين بالنبوة ـ علىٰ قراءة ابن عبّاس ـ لأنّهم تكلّموا بأُمور عالية من أنباء الغيب خطرات ، ونطقوا بالحكمة الباطنة ، فأصابوا في ما تكلّموا ، وعصموا في ما نطقوا كعمر بن الخطّاب في قصة سارية (٢). انتهى ؛ فتأمّل !

قال الدليمي :

« وفي كتاب الكافي أحاديث كثيرة في هذا المعنىٰ أعرضت عنها خشية الإطالة ، منها : ما ينصّ علىٰ نزول جبرائيل عليه‌السلام علىٰ فاطمة وعليّ رضي‌الله‌عنهما وإملائه مصحفاً يسمّىٰ : ( مصحف فاطمة ) ، كتبه عليّ من إملاء جبرائيل في مدّة خمسة وسبعين يوماً ، بلغ هذا المصحف ثلاثة أضعاف القرآن الكريم الّذي استغرق نزوله ثلاثة وعشرين عاماً !! أُصول الكافي ١ / ٢٣٩ ـ ٢٤١ » (٣).

أقول :

إنّ « مصحف فاطمة عليها‌السلام » هو : كتاب فيه علم ما يكون ، وأسماء من

__________________

(١) فتح الباري ٧ / ٤٢.

(٢) الجامع لأحكام القرآن ١٢ / ٧٩.

(٣) ص ٢٦.

٢٧٧

يملكون إلىٰ قيام الساعة ، بإملاء جبرائيل عليه‌السلام ، وبخطّ أمير المؤمنين عليّ ابن أبي طالب عليه‌السلام ..

دلّت علىٰ ذلك الأخبار الكثيرة :

كـ : خبر حمّاد بن عثمان ; قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : « تظهر الزنادقة في سنة ثمان وعشرين ومائة ؛ وذلك أنّي نظرت في مصحف فاطمة عليها‌السلام ».

قال : قلت : وما مصحف فاطمة ؟

قال : « إنّ الله تعالىٰ لمّا قبض نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دخل علىٰ فاطمة عليها‌السلام من وفاته من الحزن ما لا يعلمه إلاّ الله عزّ وجلّ ، فأرسل الله إليها ملكاً يسلّي غمّها ويحدّثها ، فشكت ذلك إلىٰ أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فقال : إذا أحسست بذلك وسمعتي الصوت قولي لي. فأعلمته بذلك ، فجعل أمير المؤمنين عليه‌السلام يكتب كلّ ما يسمع ، حتّىٰ أثبت من ذلك مصحفاً ».

قال : ثمّ قال : « أمّا أنّه ليس فيه شيء من الحلال والحرام ، ولكن فيه علم ما يكون » (١).

وفي صحيحة أبي عبيدة الحذّاء : عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « إنّ فاطمة مكثت بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خمسةً وسبعين يوماً ، وكان دخلها حزن شديد علىٰ أبيها ، وكان جبرائيل عليه‌السلام يأتيها فيحسن عزاءها علىٰ أبيها ويطيّب نفسها ، ويخبرها عن أبيها ومكانه ، ويخبرها بما يكون بعدها في ذرّيّتها ، وكان عليّ عليه‌السلام يكتب ذلك ، فهذا مصحف فاطمة عليها‌السلام » (٢).

__________________

(١) الكافي ١ / ٢٤٠.

(٢) الكافي ١ / ٢٤١.

٢٧٨

وإنّما سُمّي مصحفاً لأنّه كتاب جامع لصحف مكتوبة ، وكلّ ما كان كذلك فهو مصحف لغة ، وإن لم يكن قرآناً أو فيه شيء من سوره وآياته.

وقد مرّ بنا أنّ الملائكة كانت تكلّم عمر بن الخطّاب وعمران بن حصين ; حسبما ورد في كتب أهل السُنّة ..

وجاء في القرآن الكريم أنّ الملائكة كلّمت مريم بنت عمران عليها‌السلام (١) ، وأنّه سبحانه قد أوحىٰ إلىٰ أُمّ موسىٰ (٢) ، وأيضاً أوحىٰ إلىٰ النحل (٣) ..

فهل يستكثر بعد هذا علىٰ أمير المؤمنين وسيّد الوصيين أن تكلّمه الملائكة في بيته ، وهو مولىٰ كلّ مؤمن ومؤمنة (٤) ..

وهو الّذي يدور معه الحقّ حيثما دار (٥) ..

__________________

(١) راجع : الآيات ١٦ ـ ٢١ من سورة مريم ، والآيات ٤٢ و ٤٣ من سورة آل عمران.

(٢) سورة القصص : الآية ٧.

(٣) سورة النحل : الآية ٦٨.

(٤) قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « مَن كنت مولاه فعليّ مولاه ».

راجع : سُنن الترمذي ٥ / ٢٩٧ ، سُنن ابن ماجة ١ / ٤٥ ، المستدرك علىٰ الصحيحين ٣ / ١١٠ و ١١٩ وصحّحه ، وأقرّه الذهبي كما في تلخيص المستدرك ، مسند أحمد ١ / ٨٤ و ١١٨ و ٤ / ٢٨١ و ٣٦٨ و ٥ / ٣٤٧ و ٣٦٦ و ٤١٩ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٠٣ ـ ١٠٦ ، سلسلة الأحاديث الصحيحة ـ للألباني ـ ٤ / ٣٤٣.

وعدّه السيوطي في قطف الأزهار المتناثرة : ٢٧٧ من الأحاديث المتواترة ، وكذا الكتاني في نظم المتناثر : ٢٠٥.

وصحّحه جمع من أعلام أهل السُنّة ; قال ابن حجر في فتح الباري ٧ / ٦١ : أخرجه الترمذي والنسائي ، وهو كثير الطرق جدّاً ، وقد استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد ، وكثير من أسانيدها صحاح وحسان. انتهىٰ.

(٥) أخرجه الحاكم في المستدرك علىٰ الصحيحين ٣ / ١٣٤ ـ ١٣٥ : عن عليّ رضي‌الله‌عنه ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « اللّهمّ أدر الحقّ معه حيث دار » ؛ وقال : هذا حديث صحيح علىٰ شرط مسلم ولم يخرّجاه.

٢٧٩

وهو أخو النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الدنيا والآخرة (١) ..

وهو باب مدينة علمه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٢) ..

وهو الّذي يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله (٣) ..

ومنزلته من النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كمنزلة هارون من موسىٰ (٤) ..

ولا يحبّه إلاّ مؤمن ، ولا يبغضه إلاّ منافق (٥) ؟!

__________________

راجع : سُنن الترمذي ٥ / ٢٩٧ ، تاريخ دمشق ٢٠ / ٣٦١ و ٤٢ / ٤١٩ و ٤٤٩.

وجاء في التفسير الكبير ـ للفخر الرازي ـ ١ / ٢٠٥ : ومَن اقتدى في دينه بعليّ ابن أبي طالب فقد اهتدىٰ ؛ والدليل عليه قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « اللّهمّ أدر الحقّ مع عليّ حيث دار ».

(١) أخرجه الترمذي في سُننه ٥ / ٣٠٠ وحسّنه ، والسيوطي في الجامع الصغير ٢ / ١٧٦ ، والمتّقي الهندي في كنز العمّال ١١ / ٥٩٨ و ٦٠٢ ، والحاكم في المستدرك علىٰ الصحيحين ٣ / ١٦ وغيرهما : عن ابن عمر ، قال : آخىٰ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بين أصحابه ، فجاء عليّ تدمع عينه ، فقال : « يا رسول الله ! آخيت بين أصحابك ولم تؤاخِ بيني وبين أحد ». فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « أنت أخي في الدنيا والآخرة ».

(٢) سبق ذكر مصادره في ص ٢٥٤.

(٣) أخرجه البخاري في صحيحه ٤ / ١٣ و ٢٠٧ و ٥ / ٧٩ ، ومسلم كذلك ٥ / ١٩٥ و ٧ / ١٢٢ ، والترمذي في سُننه ٥ / ٦٣٨ وصحّحه ، وأحمد في المسند ١ / ٧٨ و ٩٩ و ١٣٣ ، والحاكم في المستدرك علىٰ الصحيحين ٣ / ٤٠ و ١١٧ و ٤٩٤ وصحّحه ، ووافقه الذهبي : عن سعد وغيره ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال : « لأُعطينّ الراية غداً رجلاً يفتح الله علىٰ يديه ، يحبّ الله ورسوله ، ويحبّه الله ورسوله ».

(٤) أخرجه البخاري في صحيحه ٤ / ٢٠٨ و ٥ / ١٢٩ ، ومسلم كذلك ٧ / ١٢٠ و ١٢١ ، والترمذي في سُننه ٥ / ٣٠٢ و ٣٠٤ ، وابن ماجة في سُننه ١ / ٤٢ ، والحاكم في المستدرك علىٰ الصحيحين ٢ / ٣٦٧ و ٣ / ١١٧ و ١٣٣ وصحّحه ، ووافقه الذهبي ، وأحمد في المسند ١ / ١٧٠ و ١٧٣ : عن سعد وغيره ، قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليّ : « أما ترضىٰ أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسىٰ غير أنّه لا نبيّ بعدي ».

(٥) أخرجه مسلم في صحيحه ١ / ٦١ ، والترمذي في سُننه ٥ / ٣٠٦ ، وابن ماجة في سُننه ١ / ٤٢ ، وأحمد في المسند ١ / ١٧٠ ، والألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة ٤ / ٢٩٨.

٢٨٠