معاني الأخبار

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

معاني الأخبار

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع
المطبعة: دار المعرفة للطباعة والنشر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٣٨

طويل الزندين ، رحب الراحة ، شثن الكفين والقدمين ، سائل الأطراف ، سبط القصب خمصان الا خمسين ، مسيح القدمين ينبو عنهما الماء ، إذا زال زال قلعا ، يخطو تكفؤا ويمشي هونا ، ذريع المشية إذا مشى كأنما ينحط في صبب وإذا التفت التفت جميعا ، خافض الطرف نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء ، جل نظره الملاحظة ، (١) يبدر من لقيه بالسلام. قال : فقلت : فصف لي منطقة. فقال : كان عليه‌السلام متواصل الأحزان ، دائم الفكر ، ليست له راحة ، طويل السكت (٢) ، لا يتكلم في غير حاجة ، يفتتح الكلام ويختمه بأشداقه ، يتكلم بجوامع الكلم فصلا لا فضول فيه ولا تقصير ، دمثا [ لينا ] ليس بالجافي ولا بالمهين ، تعظم عنده النعمة وإن دقت ، لا يدم منها شيئا ، غير أنه كان لا يذم ذواقا ولا يمدحه ، ولا تغضبه الدنيا وما كان لها ، فإذا تعوطي الحق لم يعرفه أحد ولم يقم لغضبه شئ حتى ينتصر له ، إذا أشار أشار بكفه كلها ، وإذا تعجب قلبها ، وإذا تحدث اتصل بها ، فضرب براحته اليمنى باطن إبهامه اليسرى ، وإذا غضب أعرض وأشاح ، وإذا فرح غض طرفه ، جل ضحكه التبسم ، يفتر (٣) عن مثل حب الغمام.

إلى ها هنا رواه أبو القاسم بن منيع ، عن إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن جعفر بن محمد ، والباقي رواية عبد الرحمن إلى آخره.

قال الحسن ـ صلوات الله عليه ـ وكتمتها الحسين عليه‌السلام زمانا ثم حدثته به فوجدته قد سبقني إليه فسألته عما سأله عنه فوجدته قد سأل أباه عن مدخل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ومخرجه ومجلسه وشكله ، فلم يدع منه شيئا. قال الحسين عليه‌السلام : سألت أبي عليه‌السلام عن مدخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : كان دخوله لنفسه مأذونا له في ذلك فإذا أوى إلى منزله جزء دخوله ثلاثة أجزاء : جزء لله ، وجزء لأهله ، وجزء لنفسه ، ثم جزء جزءه بينه وبين الناس فيرد ذلك بالخاصة على العامة ولا يدخر عنهم منه شيئا وكان من سيرته في جزء الأمة إيثار أهل الفضل بإذنه وقسمه على قدر فضلهم في الدين ، فمنهم ذو الحاجة ، ومنهم ذو الحاجتين ، ومنهم ذو الحوائج ، فيتشاغل بهم ويشغلهم في ما أصلحهم والأمة من

__________________

(١) سقط هنا جملة وهي « يسوق أصحابه » أو « يفوق أصحابه » كما في المكارم للطبرسي ـ ره ـ ويأتي معناه من المؤلف.

(٢) في بعض النسخ [ السكوت ].

(٣) افتر الرجل : ضحك ضحكا حسنا.

٨١

مسألته عنهم وبإخبارهم بالذي ينبغي ، ويقول : ليبلغ الشاهد منكم الغائب ، وأبلغوني حاجة من لا يقدر على إبلاغ حاجته فإنه من أبلغ سلطانا حاجة من لا يقدر على إبلاغها ثبت الله قدميه يوم القيامة لا يذكر عنده إلا ذلك ولا يقيد (١) من أحد عثرة ، يدخلون روادا (٢) ، ولا يفترقون إلا عن ذواق ، ويخرجون أدلة (٣).

قال : فسألته عن مخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كيف كان يصنع فيه؟ فقال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يخزن لسانه إلا عما يعنيه (٤) ، ويؤلفهم ولا ينفرهم ، ويكرم كريم كل قوم ويوليه عليهم ، ويحذر الناس ويحترس منهم من غير أن يطوي عن أحد بشره ولا خلقه ، ويتفقد أصحابه ، ويسأل الناس عما في الناس ، ويحسن الحسن ويقويه ، ويقبح القبيح ويهونه ، معتدل الامر ، غير مختلف ، لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يملوا (٥) ، ولا يقصر عن الحق ولا يجوزه ، الذين يلونه من الناس خيارهم ، أفضلهم عنده أعمهم نصيحة للمسلمين وأعظمهم عنده منزلة أحسنهم مؤاساة ومؤازرة. فسألته عن مجلسه فقال : كان صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يجلس ولا يقوم إلا على ذكر ، ولا يوطن الأماكن وينهى عن إيطانها ، وإذا انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس ويأمر بذلك ، ويعطى كل جلسائه نصيبه ، ولا يحسب من جلسائه أن أحدا أكرم عليه منه ، من جالسه صابره حتى يكون هو المنصرف عنه ، من سأله حاجة لم يرجع إلا بها أو بميسور من القول ، قد وسع الناس منه خلقه وصار لهم أبا وصاروا عنده في الخلق (٦) سواء ، مجلسه مجلس حلم وحياء وصدق وأمانة ولا ترتفع فيه الأصوات ، ولا تؤبن فيه الحرم (٧) ، ولا تنثى فلتأته ، (٨) متعادلين ، متواصلين

__________________

(١) في بعض النسخ [ يقبل ] ويأتي معناها من المؤلف.

(٢) رواد : جمع رائد بمعنى طالب الشئ.

(٣) أدلة : جمع دال من دل الرجل إذا افتخر وله معنى آخر يأتي من المؤلف. وفى بعض النسخ [ أذلة ] بالمعجمة ولعله تصحيف. ( م )

(٤) عناه الامر يعنوه ويعنيه : أهمه.

(٥) في بعض النسخ [ يميلوا ] وسقط هنا « لكل حال عنده عتاد » كما يأتي في بيان المؤلف.

(٦) في بعض النسخ [ الحق ].

(٧) ابنه : عابه ، والحرم ـ بضم الحاء وفتح الراء المهملتين ـ جمع الحرمة وهي مالا يحل انتهاكه. و « لا تؤبن فيه الحرم » أي لا يعاب الناس في مجلسه ولا تنتهك الحرمات فيه. ( م )

(٨) نثى الخبر : حدث به وأشاعه. والفلتات هي الزلات والهفوات و « لا تنثى فلتأته » أي لا يحدث بما وقع في مجلسه من الهفوات والزلات ولا تذاع بين الناس. ( م )

٨٢

فيه بالتقوى ، متواضعين ، يوقرون الكبير ، ويرحمون الصغير ، ويؤثرون ذا الحاجة ، و يحفظون الغريب. فقلت : فكيف كان سيرته في جلسائه؟ فقال : كان دائم البشر (١) ، سهل الخلق ، لين الجانب ، ليس بفظ ، (٢) ولا غليظ ، ولا صخاب (٣) ، ولا فحاش ، ولا عياب ولا مداح ، يتغافل عما لا يشتهي ، فلا يؤيس منه ، ولا يخيب فيه مؤمليه ، قد ترك نفسه من ثلاث : المراء ، والاكثار ، وما لا يعنيه ، وترك الناس من ثلاث : كان لا يذم أحدا ، ولا يعيره (٤) ، ولا يطلب عثراته ولا عورته. ولا يتكلم إلا في ما رجا ثوابه إذا تكلم أطرق (٥) جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير ، فإذا سكت تكلموا ، ولا يتنازعون عنده الحديث ، من تكلم أنصتوا له حتى يفرغ ، حديثهم عنده حديث أولهم ، يضحك مما يضحكون منه ، ويتعجب مما يتعجبون منه ، ويصبر للغريب على الجفوة في مسألته ومنطقه حتى أن كان أصحابه ليستجلبونهم ، ويقول : إذا رأيتم طالب الحاجة يطلبها فارفدوه (٦) ، ولا يقبل الثناء إلا من مكافئ ، ولا يقطع على أحد كلامه حتى يجوز فيقطعه بنهي أو قيام.

قال : فسألته عن سكوت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله. قال : كان سكوته على أربع : على الحلم والحذر ، والتقدير ، والتفكر (٧). فأما التقدير ففي تسوية النظر والاستماع بين الناس وأما تفكره ففيما يبقى أو يفنى ، وجمع له الحلم في الصبر ، فكان لا يغضبه شئ ولا يستفزه وجمع له الحذر في أربع ، أخذه بالحسن ليقتدى به ، وتركه القبيح لينتهى عنه ، واجتهاده الرأي في صلاح أمته ، والقيام فيما جمع لهم من خير الدنيا والآخرة. هذا آخر ما رواه عبدان.

__________________

(١) البشر ـ بالكسر ـ بشاشة الوجه.

(٢) الفظ : الغليظ السيئ الخلق الخشن الكلام.

(٣) الصخاب : الشديد الصياح.

(٤) عيره تعييرا : نسبه إلى العار وقبح عليه فعله.

(٥) أطرق الرجل : سكت وجعل ينظر إلى الأرض.

(٦) رفده : أعطاه.

(٧) في بعض النسخ [ التفكير ].

٨٣

وحدثنا أبو علي أحمد بن يحيى المؤدب ، قال : حدثنا محمد بن الهيثم (١) الأنباري قال : حدثنا عبد الله بن الصقر السكري أبو العباس ، قال : حدثنا سفيان بن وكيع بن الجراح ، قال : حدثني جميع بن عمير العجلي إملاء من كتابه ، قال : حدثني رجل من بني تميم من ولد أبي هالة التميمي ، عن أبيه ، عن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما‌السلام قال : سألت خالي هند بن أبي هالة التميمي قال : وكان وصافا للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وأنا أشتهي أن يضف لي منه شيئا لعلي أتعلق به ، فقال : كان رسول الله صلى الله عليه فخما مفخما وذكر الحديث بطوله.

قال محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه مصنف هذا الكتاب ـ رحمه‌الله ـ : سألت أبا أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري عن تفسير هذا الخبر. فقال : قوله « كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فخما مفخما » معناه كان عظيما معظما في الصدور والعيون ولم يكن خلقته في جسمه الضخامة وكثرة اللحم. وقوله : « يتلألأ تلألؤ القمر » معناه ينير ويشرق كإشراق القمر. وقوله : « أطول من المربوع وأقصر من المشذب » فالمشذب عند العرب الطويل الذي ليس بكثير اللحم ، يقال : جذع مشذب إذا طرحت عنه قشوره وما يجري مجريها ، ويقال لقشور الجذع التي تقشر عنه الشذب. قال الشاعر في صفة فرس :

أما إذا استقبلته فكأنه

في العين جذع من أوال مشذب

وقوله : « رجل الشعر » معناه في شعره تكسر وتعقف ، ويقال : « شعر رجل » إذا كان كذلك ، وإذا كان الشعر [ منبسطا ] لا تكسر فيه قيل : « شعر سبط ورسل » وقوله : « إن تفرقت عقيقته » العقيقة : الشعر المجتمع في الرأس ، وعقيقة المولود : الشعر الذي يكون على رأسه من الرحم ، ويقال لشعر المولود المتجدد بعد الشعر الأول الذي حلق : « عقيقة » ويقال للذبيحة التي تذبح عن المولود : « عقيقة » وفي الحديث : كل مولود مرتهن بعقيقته ، وعق النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عن نفسه بعد ما جاءته النبوة ، وعق عن الحسن والحسين عليهما‌السلام كبشين وقوله : « أزهر اللون » معناه نير اللون ، يقال : أصفر يزهر إذا كان نيرا ، والسراج يزهر معناه ينير. وقوله : « أزج الحواجب » معناه طويل امتداد الحاجبين بوفور الشعر فيهما.

__________________

(١) الظاهر أنه محمد بن الهيثم أبى القاسم البغدادي وفى بعض النسخ [ محمد بن القاسم ] باسقاط « أبى ».

٨٤

وجبينه إلى الصدغين. قال الشاعر :

إن ابتساما بالنقي الأفلج

ونظرا في الحاجب المزجج

مئنة (١) من الفعال الأعوج

« مئنة » : علامة. وفي حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن في طول صلاة الرجل وقصر خطبه مئنة من فقهه. وإنما جمع الحاجب في قوله : « أزج الحواجب » ولم يقل : الحاجبين ، فهو على لغة من يوقع الجمع على التثنية ويحتج بقول الله ـ جل ثناؤه ـ : « وكنا لحكمهم شاهدين » يريد لحكم داود وسليمان عليهما‌السلام وقال النبي : الاثنان وما فوقهما جماعة. وقال بعض العلماء : يجوز أن يكون جمعا فقال : « أزج الحواجب » على أن كل قطعة من الحاجب اسمها حاجب فأوقعت الحواجب على القطع المختلفة كما يقال للمرأة : « حسنة الأجساد » وقد قال الأعشى :

ومثلك بيضاء ممكورة

وصاك العبير بأجسادها

« صاك » معناه : لصق. وقوله : « في غير قرن » معناه أن الحاجبين إذا كان بينهما انكشاف وابيضاض يقال لهما : البلج والبلجة ، يقال : « حاجبه أبلج » إذا كان كذلك ، وإذا اتصل الشعر في وسط الحاجب فهو القرن. وقوله : « أقنى العرنين » القنا أن يكون في عظم الانف احديداب (٢) في وسطه والعرنين (٣) : الانف. وقوله : « كث اللحية » معناه أن لحيته قصيرة كثيرة الشعر فيها. وقوله : « ضليع الفم » معناه كبير الفم ولم تزل العرب تمدح بكبر الفم وتهجو بصغره.

قال الشاعر ـ يهجو رجلا ـ :

إن كان كدي وإقدامي لفي جرذ

بين العواسج أجنى حوله المصع (٤)

معناه : إن كان كدي وإقدامي لرجل فمه مثل فم الجرذ في الصغر. والمصع :

__________________

(١) بفتح الميم وكسر الهمزة. ( م )

(٢) احديداب : مصدر « احدودب » إذا ارتفع ضد « تقعر » وقني الانف ـ بكسر النون ـ قنا ـ بفتحتين ـ فهو « أقنى » إذا كان في وسط عظمه احديداب وارتفاع. ( م )

(٣) بكسر العين والنون. ( م ).

(٤) الجرذ : الفارة والمصع ـ بضم الميم وسكون الصاد أو فتحها. والعوسج : شجر الشوك. ( م )

٨٥

ثمر العوسج. وقال بعض الشعراء :

لحى الله أفواه (١) الدبا من قبيلة.

فعيرهم بصغر الأفواه كما مدحوا الخطباء بسعة الأشداق (٢) وإلى هذا المعنى يصرف قوله أيضا : « كان يفتتح الكلام ويختمه بأشداقه » لان الشدق جميل مستحسن عندهم ، يقال : خطيب أهرت الشدقين ، وهريت الشدق. وسمي عمرو بن سعيد « الأشدق » وقالت الخنساء ـ ترثي أخاها ـ :

وأحيا من محياه حياء

وأجرى من أبي ليث هزبر (٣)

هريت الشدق رئبال إذا ما

عدا لم ينه عدوته بزجر (٤)

وقال ابن مقبل : « هرت الشقاشق ظلامون للجزر ». وقوله : « الأشنب » من صفة الفم ، قالوا : إنه الذي لريقه عذوبة وبرد ، وقالوا أيضا : إن الشنب في الفم تحدد ورقة و حدة في أطراف الأسنان ، ولا يكاد يكون هذا إلا مع الحداثة والشباب. قال الشاعر :

يا بأبي أنت وفوك الأشنب

كأنما ذر عليه الزرنب

وقوله : « دقيق المسربة » فالمسربة : الشعر المستدق الممتد من اللبة (٥) إلى السرة (٦) قال الحارث بن وعلة الجرمي :

الآن لما ابيض مسربتي

وعضضت من نابي على جذم (٧)

وقوله : « كان عنقه جيد دمية » فالدمية : الصورة ، وجمعها دمى. قال الشاعر :

أو دمية صور محرابها

أو درة سيقت إلى تاجر

__________________

(١) لحى الله فلانا : قبحه ولعنه والدبا أصغر الجراد. ( م )

(٢) الأشداق : جمع الشدق بكسر الشين وفتحها وهو زاوية الفم من باطن الخدين.

(٣) المحياء ـ بضم الميم ـ الوجه. والهزبر : الأسد. وأيضا : الغليظ الضخيم.

(٤) الهريت والاهرت : الواسع الشدقين. والرئبال : الأسد والذئب.

(٥) اللبة ـ بفتحتين ـ. موضع القلادة من الصدر.

(٦) السرة ـ بضم السين المهملة ـ : التجويف الصغير المعهود في وسط البطن.

(٧) وقال بعده :

وحلبت هذا الدهر أشطره

وأتيت ما آتي على علم

ترجو الأعادي أن ألين لها

هذا تخيل صاحب الحلم

٨٦

والجيد : العنق. وقوله : « بادنا متماسكا » معناه تام خلق الأعضاء ليس بمسترخي اللحم ولا بكثيره ، وقوله : « سواء البطن والصدر » معناه أن بطنه ضامر (١) وصدره عريض فمن هذه الجهة ساوى بطنه صدره. و « الكراديس » رؤوس العظام. وقوله : « أنور المتجرد » معناه نير الجسد الذي تجرد من الثياب. وقوله : « طويل الزندين » في كل ذراع زندان ، وهما جانبا عظم الذراع ، فرأس الزند الذي يلي الابهام يقال له : « الكوع » و رأس الزند الذي يلي الخنصر يقال له : « الكرسوع » وقوله : « رحب الراحة » معناه واسع الراحة كبيرها والعرب تمدح بكبر اليد وتهجو بصغرها ، قال الشاعر :

فناطوا من الكذاب كفا صغيرة

وليس عليهم قتله بكبير

« ناطوا » معناه علقوا. وقالوا : رحب الراحة أي كثير العطاء ، كما قالوا : ضيق الباع في الذم. وقوله : « شثن الكفين » معناه خشن الكفين. والعرب تمدح الرجال بخشونة الكف والنساء بنعومة الكف. وقوله : « سائل الأطراف » أي تامها غير طويلة ولا قصيرة. وقوله : « سبط القصب » معناه ممتد القصب غير منعقدة والقصب العظام المجوف التي فيها مخ نحو الساقين والذراعين. وقوله : « خمصان أخمصين » معناه أن أخمص رجله شديد الارتفاع من الأرض ، والأخمص ما ارتفع عن الأرض من وسط باطن الرجل وأسفلها ، وإذا كان أسفل الرجل مستويا ليس فيه أخمص فصاحبه أرح ، يقال : « رجل أرح (٢) » إذا لم يكن لرجله أخمص. وقوله : « مسيح القدمين » معناه ليس بكثير اللحم فيهما وعلى ظاهرهما فلذلك ينبو الماء عنهما. وقوله : « زال قلعا » معناه متثبتا. وقوله : « يخطو تكفؤا » معناه خطاه كأنه يتكسر فيها أو يتبختر لقلة الاستعجال معها ولا تبختر فيها ولا خيلاء وقوله : « ويمشي هونا » معناه السكينة والوقار. وقوله : « ذريع المشية » معناه واسع المشية من غير أن يظهر فيه استعجال وبدار ، يقال : « رجل ذريع في مشيه (٣) » و « امرأة ذراع »

__________________

(١) الضامر : قليل اللحم.

(٢) في بعض النسخ [ أزج ] بالمعجمتين والظاهر أنه تصحيف الأرح ـ بالمهملتين وهو ـ من لا أخمص لقدميه. ( م )

(٣) في بعض النسخ [ مشيته ].

٨٧

إذا كانت واسعة اليدين بالغزل. وقوله : « كأنما ينحط في صبب » الصبب الانحدار. و قوله : « دمثا » الدمث اللين الخلق فشبه (١) بالدمث من الرمل وهو اللين ، قال قيس بن الخطيم :

يمشي كمشي الزهراء في دمث

الرمل إلى السهل دونه الجرف

و « المهين » الحقير ، وقد رواه بعضهم « المهين » يعني لا يحقر أصحابه ولا يذلهم.

« تعظم عنده النعمة » معناه من حسن خطابه أو معونته بما يقل من الشأن كان عنده عظيما. وقوله : « فإذا تعوطي الحق » معناه : وإذا تنوول غضب لله تبارك وتعالى.

قال الأعشى :

تعاطى الضجيع إذا سامها

بعيد الرقاد وعند الوسن

معناه تناوله. وقوله : « إذا غضب أعرض وأشاح » قالوا : في « أشاح » جد في الغضب وانكمش. وقالوا : جد وجزع واستعد لذلك ، قال الشاعر :

وأعطى لي على العلات مالي

وضربي هامة البطل المشيح

وقوله : « يسوق أصحابه » معناه يقدمهم بين يديه تواضعا وتكرمه لهم. ومن رواه « يفوق » أراد يفضلهم دينا وحلما وكرما. وقوله : « يفتر عن مثل حب الغمام » معناه يكشف شفتيه عن ثغر أبيض (٢) يشبه حب الغمام ، يقال : « قد فررت الفرس » إذا كشفت عن أسنانه ، و « فررت الرجل عما في قلبه » إذا كشفته عنه. وقوله : « لكل حال عنده عتاد » فالعتاد : العدة ، يعنى أنه أعد للأمور أشكالها ونظائرها ومن رواه « فلا يقيد من أحد عثرة » ـ بالدال : أي من جنى عليه جناية اغتفرها وصفح عنها تصفحا وتكرما إذا كان تعطيلها لا يضيع من حقوق الله شيئا ولا يفسد متعبدا به ولا مفترضا ، ومن رواه « يقيل » ـ باللام ـ ذهب إلى أنه عليه‌السلام لا يضيع من حقوق الناس التي تجب لبعضهم على بعض. وقوله : « ثم يرد ذلك بالخاصة على العامة » معناه : أنه كان يعتمد في هذه الحال على أن الخاصة ترفع إلى العامة علومه وآدابه وفوائده. وفيه قول آخر ، فيرد ذلك بالخاصة

__________________

(١) في بعض النسخ [ مشبه ].

(٢) الثغر ـ بفتح المثلثة وسكون الغين المعجمة ـ : مقدم الأسنان.

٨٨

على العامة أن يجعل المجلس للعامة بعد الخاصة فتنوب « الباء » عن « من » و « على » عن « إلى » قيام بعض الصفات مقام بعض. وقوله : « يدخلون روادا » الرواد : جمع « رائد » وهو الذي يتقدم إلى المنزل يرتاد لهم الكلاء ، يعني أنهم ينفعون بما يسمعون من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من وراءهم كما ينفع الرائد من خلفه. وقوله : « ولا يفترقون إلا عن ذواق » معناه عن علوم يذوقون من حلاوتها ما يذاق من الطعام المشتهي والأدلة التي تدل الناس على أمور دينهم. وقوله : « لا تؤبن فيه الحرم » أي لا تعاب. أبنت الرجل فأنا آبن ، و المأبون : المعيب ، والابنة : العيب. قال أبو الدرداء : إن تؤبن بما ليس فينا فربما زكينا بما ليس عندنا (١). ولعل ذا أن يكون بذلك معناه أن نعيب بما ليس فينا. وقال الأعشى :

سلاجم كالنخل ألبستها (٢)

قضيب سراء قليل الابن

وقوله : « ولا تنثى فلتأته » معناه : من غلط فيه غلطة لم يشنع ولم يتحدث بها.

يقال : نثوت الحديث أنثوه نثوا : إذا حدثت به. وقوله : « إذا تكلم أطرق جلساؤه كأن على رؤوسهم الطير » معناه : أنهم كانوا لاجلالهم نبيهم صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يتحركون ، فكانت صفتهم صفة من على رأسه طائر يريد أن يصيده فهو يخاف إن تحرك طيران الطائر و ذهابه. وفيه قول آخر : أنهم كانوا يسكنون ولا يتحركون حتى يصيروا بذلك عند الطائر كالجدران والأبنية التي لا يخاف الطير وقوعا عليها. قال الشاعر :

إذا حلت بيوتهم عكاظا

حسبت على رؤوسهم الغرابا

معناه : لسكونهم تسقط الغربان على رؤوسهم. وخص بالغراب لأنه من أشد الطير حذرا : قوله : « ولا يقبل الثناء إلا من مكافئ » معناه : من صح عنده إسلامه حسن موقع ثنائه عليه عنده ، ومن استشعر منه نفاقا وضعفا في ديانته ألقى ثناءه عليه ولم يحفل (٣) به وقوله : « إذا جاءكم طالب الحاجة يطلبها فارفدوه » معناه : فأعينوه وأسعفوه على طلبته يقال. رفدت رفدا ـ بفتح الراء ـ في المصدر ، والرفد ـ بكسر الراء ـ الاسم يعنى به الهبة و العطية. تم الخبر بتفسيره والحمد لله كثيرا.

__________________

(١) في لسان العرب « فينا » بدل « عندنا ».

(٢) في هامش اللسان « سلاجم كالنحل أنحى لها ».

(٣) أي لم يبال به ولم يهتم له.

٨٩

( باب )

* ( معنى الثقلين والعترة ) *

١ ـ حدثنا الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري ، قال أخبرنا محمد بن أحمد بن حمدان القشيري ، قال : حدثنا المغيرة بن محمد بن المهلب ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني عبد الله ابن داود ، عن فضيل بن مرزوق ، عن عطية العوفي ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إني تارك فيكم أمرين أحدهما أطول من الآخر : كتاب الله [ عزوجل ] حبل ممدود من السماء إلى الأرض طرف بيد الله (١) ، وعترتي ألا وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض. فقلت لأبي سعيد : من عترته؟ قال : أهل بيته.

٢ ـ حدثنا محمد بن جعفر بن الحسن البغدادي ، قال حدثنا (٢) عبد الله بن محمد بن عبد العزيز إملاء ، قال : حدثنا بشر بن الوليد ، قال : حدثنا محمد بن طلحة ، عن الأعمش ، عن عطية بن سعيد ، عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إني أوشك أن ادعى فأجيب ، فإني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله عزوجل وعترتي. كتاب الله حبل ممدود بين السماء والأرض ، وعترتي أهل بيتي ، وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، فانظروا بماذا تخلفوني.

٣ ـ حدثنا علي بن الفضل البغدادي ، قال : سمعت أبا عمر [ و ] صاحب أبي العباس تغلب يقول : سمعت أبا العباس تغلب يسأل عن معنى قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : [ إني تارك فيكم الثقلين ] لم سميا بثقلين؟ قال : لان التمسك بهما ثقيل.

٤ ـ حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن غياث بن إبراهيم ، عن الصادق جعفر ابن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين عليهم‌السلام قال : سئل أمير المؤمنين عليه‌السلام عن معنى قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله « إني مخلف فيكم الثقلين : كتاب

__________________

(١) كأنه سقط هنا شئ مثل « وطرف بيدكم ».

(٢) في بعض النسخ [ حدثني ].

٩٠

الله ، وعترتي » من العترة؟ فقال : أنا ، والحسن ، والحسين ، والأئمة التسعة من ولد الحسين تاسعهم مهديهم وقائمهم ، لا يفارقون كتاب الله ولا يفارقهم حتى يردوا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حوضه. (١)

٥ ـ حدثنا أحمد بن الحسن القطان ، قال : حدثنا الحسن بن علي بن الحسين السكري عن محمد بن زكريا الجوهري ، عن جعفر بن محمد بن عمارة ، عن أبيه ، عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علي ، عن أبيه علي بن أبي طالب عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إني مخلف فيكم الثقلين : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي. وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض كهاتين ـ وضم بين سبابتيه ـ فقام إليه جابر بن عبد الله الأنصاري ، فقال : يا رسول الله ومن عترتك؟ قال : علي ، والحسن والحسين ، والأئمة من ولد الحسين إلى يوم القيامة.

قال مصنف هذا الكتاب ـ قدس الله روحه ـ (٢) : حكى محمد بن بحر الشيباني ، عن محمد بن عبد الواحد صاحب أبي العباس تعلب في كتابه الذي سماه كتاب الياقوتة أنه قال : حدثني أبو العباس تعلب ، قال : حدثني ابن الاعرابي [ و ] قال : العترة قطاع المسك الكبار في النافجة (٣) وتصغيرها عتيرة ، والعترة : الريقة العذبة وتصغيرها عتيرة والعترة شجرة تنبت على باب وجار الضب. وأحسبه أراد وجار الضبع لان الذي للضب مكو (٤) وللضبع وجار ـ ثم قال : وإذا خرجت الضب وجارها تمرغت على تلك الشجرة فهي لذلك لا تنمو ولا تكبر والعرب تضرب مثلا للذليل والذلة فيقولون : « أذل من عترة الضب » قال : وتصغيرها عتيرة. والعترة ولد الرجل وذريته من صلبه فلذلك سميت ذرية محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله من علي وفاطمة عليهما‌السلام ، عترة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله. قال تعلب : فقلت لابن الاعرابي : فما معنى قول أبي بكر في السقيفة « نحن عترة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله » قال : أراد بلدته وبيضته.

وعترة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله لا محالة ولد فاطمة عليهما‌السلام ، والدليل على ذلك رد أبي بكر وإنفاذ علي عليه‌السلام

__________________

(١) في بعض النسخ [ الحوض ].

(٢) هذه الكلمة من النساخ.

(٣) النافجة : الجلدة التي يجتمع فيها المسك.

(٤) في بعض النسخ [ هو جحر.

٩١

بسورة براءة ، وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « أمرت ألا يبلغها عني إلا أنا أو رجل مني » فأخذها منه ودفعها إلى من كان منه دونه ، فلو كان أبو بكر من العترة نسبا ـ دون تفسير ابن الاعرابي أنه أراد البلدة ـ لكان محالا أخذه سورة براءة منه ودفعها إلى علي عليه‌السلام. وقد قيل : إن العترة : الصخرة العظيمة يتخذ الضب عندها جحرا يأوي إليه وهذا لقلة هدايته ، وقد قيل : إن العترة : أصل الشجرة المقطوعة التي تنبت من أصولها وعروقها ، والعترة في [ غير ] (١) هذا المعنى قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا فرعة ولا عتيرة » قال الأصمعي : كان الرجل في الجاهلية ينذر نذرا على أنه إذا بلغت غنمه مائة أن يذبح رجبيته وعتائره (٢) فكان الرجل ربما بخل بشاته فيصيد الظباء ويذبحها عن غنمه عند آلهتهم ليوفي بها نذره. وأنشد الحارث بن حلزة :

عنتا باطلا وظلما كما تعتر عن حجرة الربيض الظباء.

يعني يأخذونها بذنب غيرها كما يذبح أولئك الضباء عن غنمهم. وقال الأصمعي : والعترة الريح ، والعترة أيضا شجرة كثيرة اللبن صغيرة تكون نحو القامة (٣) ، ويقال : العتر : [ الظباء ] الذكر ، عتر يعتر عترا إذا نعظ. وقال الرياشي : سألت الأصمعي عن العترة. فقال : هو نبت مثل المرزنجوش ينبت متفرقا.

قال مصنف هذا الكتاب ـ رضي‌الله‌عنه والعترة علي بن أبي طالب وذريته من فاطمة وسلالة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهم الذين نص الله تبارك وتعالى عليهم بالإمامة على لسان نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهم اثنا عشر أولهم علي وآخرهم القائم عليهم‌السلام على جميع ما ذهبت إليه العرب من معنى العترة ، وذلك أن الأئمة عليهم‌السلام من بين جميع بني هاشم ومن بين جميع ولد أبي طالب كقطاع المسك الكبار في النافجة ، وعلومهم العذبة عند أهل الحل والعقد (٤) وهم

__________________

(١) في بعض النسخ [ في هذا المعنى ] والظاهر أنه هو الصحيح. ( م )

(٢) عتائر : جمع « عتيرة » وهي شاة كان العرب يذبحونها للأصنام في شهر رجب ويقال لها أيضا : « رجبية ». ( م )

(٣) في بعض النسخ [ بحر تهامة ] والظاهر أنه تصحيف. ( م )

(٤) في بعض النسخ [ عند أهل الحكمة والعقل ].

٩٢

الشجرة التي [ قال ] رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : [ أنا ] أصلها وأمير المؤمنين عليه‌السلام فرعها والأئمة من ولده أغصانها وشيعتهم ورقها وعلمهم ثمرها ، وهم عليهم‌السلام أصول الاسلام على معنى البلدة والبيضة ، وهم عليهم‌السلام الهداة على معنى الصخرة العظيمة التي يتخذ الضب عندها جحرا يأوي إليها لقلة هدايته : وهم أصل الشجرة المقطوعة لأنهم وتروا وظلموا وجفوا وقطعوا ولم يوصلوا فنبتوا من أصولهم وعروقهم ولا يضرهم قطع من قطعهم وإدبار من أدبر عنهم إذ كانوا من قبل الله منصوصا عليهم على لسان نبيه عليه‌السلام ، ومن معنى العترة هم المظلومون المأخوذون بما لم يجرموه ولم يذنبوه ، ومنافعهم كثيرة وهم ينابيع العلم على معنى الشجرة الكثيرة اللبن ، وهم عليهم‌السلام ذكران غير إناث على معنى قول من قال : إن العترة هو الذكر ، وهم جند الله عزوجل وحزبه على معنى قول الأصمعي : « إن العترة الريح » قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : الريح جند الله الأكبر ـ في حديث مشهور عنه عليه‌السلام ـ والريح عذاب على قوم ورحمة لآخرين وهم عليهم‌السلام كذلك كما في القرآن (١) المقرون إليهم بقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي » قال الله عزوجل : « وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا (٢) » وقال عزوجل : « وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون (٣) » ، وهم عليهم‌السلام أصحاب المشاهد المتفرقة على معنى الذي ذهب إليه من قال : إن العترة هو نبت مثل المرزنجوش ينبت متفرقا ، وبركاتهم منبثة في المشرق والمغرب.

( باب )

* ( معنى الآل والأهل والعترة والأمة ) *

١ ـ أبي ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن محمد بن الحسن ، عن جعفر ابن بشير ، عن الحسين بن أبي العلاء ، عن عبد الله بن ميسرة ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام :

__________________

(١) في بعض النسخ [ كالقران ] ولعلها الصحيح.

(٢) الاسراء : ٨٢.

(٣) التوبة ١٢٥.

٩٣

إنا نقول : اللهم صل على محمد وآل محمد (١). فيقول قوم : نحن آل محمد فقال : إنما آل محمد من حرم الله عزوجل على محمد نكاحه.

٢ ـ حدثنا محمد بن الحسن ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا محمد بن يحيى العطار ، عن محمد ابن أحمد ، عن إبراهيم بن إسحاق ، عن محمد بن سليمان الديلمي ، عن أبيه قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : جعلت فداك من الآل؟ قال : ذريته محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله. قال : فقلت : ومن الأهل؟ قال : الأئمة عليهم‌السلام. فقلت : قوله عزوجل : « أدخلوا آل فرعون أشد العذاب (٢) » قال : والله ما عنى إلا ابنته.

٣ ـ وحدثنا أبي ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : من آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ قال : ذريته. فقلت : أهل بيته؟ قال : الأئمة الأوصياء. فقلت : من عترته؟ قال : أصحاب العباء. فقلت : من أمته؟ قال : المؤمنون الذين صدقوا بما جاء به من عند الله عزوجل ، المتمسكون بالثقلين اللذين أمروا بالتمسك بهما : كتاب الله عزوجل ، وعترته أهل بيته الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. وهما الخليفتان على الأمة بعده عليه‌السلام.

قال مصنف هذا الكتاب ـ رضي‌الله‌عنه ـ وتأويل الذريات إذا كانت بالألف (٣) الأعقاب والنسل. كذلك قال أبو عبيد ، قال : أما الذي في القرآن : « والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذريتنا قرة أعين (٤) » قرأها علي عليه‌السلام وحده (٥) بهذا المعنى ، والآية التي في يس « وآية لهم أنا حملنا ذريتهم (٦) » وقوله : « كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين (٧) » فيه لغتان : ذرية ، وذرية. مثل علية وعلية (٨) فكانت قراءته بالضم وقرأها أبو عمرو ، وهي قراءة أهل المدينة إلا ما ورد عن زيد بن ثابت أنه قرء « ذرية

__________________

(١) في بعض النسخ [ وأهل بيته ].

(٢) المؤمن : ٤٥.

(٣) أي بصيغة الجمع.

(٤) الفرقان : ٧٤.

(٥) أي بصيغة المفرد قبال الجمع.

(٦) يس : ٤٢.

(٧) الانعام : ١٣٣.

(٨) العلية : بيت منفصل عن الأرض ببيت ونحوه.

٩٤

من حملنا مع نوح » بالكسر ، وقال مجاهد في قوله تعالى : « إلا ذريته من قومه (١) » و إنهم أولاد الذين أرسل إليهم موسى ومات آباؤهم. وقال الفراء : إنما سموا ذرية لان آباءهم من القبط وأمهاتهم من بني إسرائيل ، قال : وذلك كما قيل لأولاد أهل فارس الذين سقطوا إلى اليمن : « الأبناء » لان أمهاتهم من غير جنس آباءهم. قال أبو عبيدة : إنهم يسمون ذرية وهم رجال مذكورون لهذا المعنى ، وذرية الرجل كأنهم النشء (٢) الذين خرجوا منه وهو من « ذروت » أو « ذريت » وليس بمهموز ، وقال أبو عبيدة وأصله مهموز ولكن العرب تركت الهمزة فيه وهو في مذهب من ذرأ الله الخلق كما قال الله عزوجل : « ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس » (٣) وذرأهم أي أنشأهم وخلقهم وقوله عزوجل : « يذرؤكم فيه (٤) » أي يخلقكم. فكان ذرية الرجل هم خلق الله عز و جل منه ومن نسله ومن أنشأه الله تبارك وتعالى من صلبه.

( باب )

* ( معنى الامام المبين ) *

١ ـ حدثنا أحمد بن محمد بن الصقر الصائغ (٥) ، قال : حدثنا عيسى بن محمد العلوي ، قال : حدثنا أحمد بن سلام الكوفي ، قال : حدثنا الحسن بن عبد الواحد ، قال : حدثنا الحارث بن الحسن ، قال : حدثنا أحمد بن إسماعيل بن صدقة ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر ، عن أبيه ، عن جده عليهم‌السلام قال : لما أنزلت هذه الآية على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله « وكل شئ أحصيناه في إمام مبين (٦) » قام أبو بكر وعمر من مجلسهما فقالا : يا رسول الله هو التوراة؟ قال : لا ، قالا : فهو الإنجيل؟ قال : لا ، قالا : فهو القرآن؟ قال : لا. قال : فأقبل أمير المؤمنين علي عليه‌السلام فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : هو هذا ، إنه الامام الذي أحصى الله تبارك وتعالى فيه علم كل شئ.

__________________

(١) يونس : ٨٣.

(٢) النشء : النسل.

(٣) الأعراف : ١٧٩.

(٤) الشورى : ١١.

(٥) الصقر ـ بفتح الصاد المهملة وسكون القاف ثم الراء المهملة ـ.

(٦) يس : ١٢.

٩٥

قال مصنف هذا الكتاب ـ رضي‌الله‌عنه ـ : سألت أبا بشر اللغوي بمدينة السلام عن معنى الامام فقال : الامام في لغة العرب هو المتقدم بالناس ، والامام هو المطمر وهو التر (١) الذي يبنى عليه البناء ، والامام هو الذهب الذي يجعل في دار الضرب ليؤخذ عليه العيار ، والامام هو الخيط الذي يجمع حبات العقد ، والامام هو الدليل في السفر في ظلمة الليل ، والامام هو السهم الذي يجعل مثالا يعمل عليه السهام.

٢ ـ حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدثنا أبو أحمد القاسم بن محمد بن علي الهاروني ، قال : حدثنا أبو حامد عمران بن موسى بن إبراهيم ، عن الحسن بن القاسم الرقام ، قال : حدثني القاسم بن مسلم ، عن أخيه عبد العزيز بن مسلم ، قال : كنا مع الرضا عليه‌السلام بمرو فاجتمعنا في الجامع يوم الجمعة في بدء مقدمنا فأداروا أمر الإمامة وذكروا كثرة اختلاف الناس فيها فدخلت على سيدي عليه‌السلام فأعلمته خوضان الناس في ذلك فتبسم عليه‌السلام ، ثم قال : يا عبد العزيز جهل القوم وخدعوا عن أديانهم : إن الله عزوجل لم يقبض نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله حتى أكمل لهم الدين ، وأنزل عليه القرآن فيه تفصيل كل شئ بين فيه الحلال والحرام والحدود والاحكام وجميع ما يحتاج الناس إليه كملا فقال عزوجل : « ما فرطنا في الكتاب من شئ » (٢) فأنزل في حجة الوداع وهي آخر عمره عليه‌السلام : « اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الاسلام دينا (٣) » فأمر الإمامة من تمام الدين فلم يمض عليه‌السلام حتى بين لامته معالم دينهم وأوضح لهم سبيلهم وتركهم على قصد سبيل الحق وأقام لهم عليا عليه‌السلام علما وإماما وما ترك شيئا يحتاج إليه الأمة إلا بينه فمن زعم أن الله عزوجل لم يكمل دينه فقد رد كتاب الله من رد كتاب الله فهو كافر ، هل تعرفون قدر الإمامة ومحلها من الأمة فيجوز فيها اختيارهم. إن الإمامة أجل قدرا ، وأعظم شأنا ، وأعلى مكانا ، وأمنع جانبا ، وأبعد غورا من أن يبلغها الناس بعقولهم أو ينالوها بآرائهم ، أو يقيموا إماما

__________________

(١) التر ـ بضم التاء المثناة والراء المهملة ـ : خيط يمد البناء على البناء ليقدر به.

(٢) الانعام : ٣٨. أي ما قصرنا في القرآن فإنه دون فيه يحتاج إليه من أمر الدين مجملا ومفصلا و « من » مزيدة. ( البيضاوي ).

(٣) المائدة : ٣.

٩٦

باختيارهم ، إن الإمامة خص الله بها إبراهيم الخليل عليه‌السلام بعد النبوة والخلة مرتبة ثالثة وفضيلة شرفه بها وأشاد (١) بها ذكره فقال عزوجل : « إني جاعلك للناس إماما (٢) » فقال الخليل عليه‌السلام سرورا بها : « ومن ذريتي » قال الله تبارك وتعالى : « لا ينال عهدي الظالمين (٢) » فأبطلت هذه الآية إمامة كل ظالم إلى يوم القيامة ، فصارت في الصفوة. ثم أكرمه الله بأن جعلها في ذريته أهل الصفوة والطهارة فقال : « ووهبنا له إسحق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين * وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين (٣) » فلم تزل في ذريته يرثها بعض عن بعض قرنا فقرنا حتى ورثها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال جل جلاله : « إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولى المؤمنين (٤) » فكانت له خاصة فقلدها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عليا عليه‌السلام بأمر الله عزوجل على رسم ما فرضها الله ، فصارت في ذريته الأصفياء الذين آتاهم الله العلم والايمان لقوله عزوجل : « وقال الذين أوتوا العلم و الايمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث (٥) » فهي في ولد علي عليه‌السلام [ خاصة ] إلى يوم القيامة إذ لا نبي بعد محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله فمن أين يختار هؤلاء الجهال الامام؟ إن الإمامة هي منزلة الأنبياء وإرث الأوصياء إن الإمامة [ ل ] خلافة الله وخلافة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله و مقام أمير المؤمنين عليه‌السلام وميراث الحسن والحسين عليهما‌السلام ، لقوله عزوجل : « وقال الذين أوتوا العلم والايمان (٥) » ، إن الإمامة زمام الدين ونظام المسلمين وصلاح الدنيا وعز المؤمنين ، إن الإمامة أس الاسلام النامي وفرعه السامي ، (٦) بالامام تمام الصلاة و

__________________

(١) أشاد ذكره وبذكره : رفعه بالثناء عليه.

(٢) البقرة : ١٢٤.

(٣) الأنبياء : ٧٣ « يهدون بأمرنا » أي لا بتعيين الخلق.

(٤) آل عمران : ٦٨. أي أخصهم وأقربهم من الولي بمعنى القرب أو أحقهم بمقامه والاستدلال بالآية مبنى على أن المراد بالمؤمنين فيها الأئمة عليهم‌السلام.

(٥) الروم : ٥٦.

(٦) الأس ـ بضم الهمزة ـ والأساس : أصل البناء. و « النامي » صفة المضاف أو المضاف إليه والأول أظهر. والسامي : العالي من السمو بمعنى العلو.

٩٧

الزكاة والصيام والحج والجهاد وتوفير الفيئ والصدقات وإمضاء الحدود والاحكام ومنع الثغور والأطراف (١) ، والامام يحل حلال الله ، ويحرم حرام الله ، ويقيم حدود الله ويذب عن دين الله ويدعو إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة بالحجة البالغة ، والامام كالشمس الطالعة [ المجللة بنورها ] للعالم وهي في الأفق بحيث لا تنالها الأيدي والابصار ، والامام البدر المنير ، والسراج الظاهر والنور الساطع ، والنجم الهادي في غياهب الدجى (٢) والبلد القفار ولجج البحار ، الامام الماء العذب على الظماء ، والدال على الهدى ، والمنحي من الردى (٣) ، الامام النار على اليفاع (٤) [ ال ] حار لمن اصطلى ، والدليل في المهالك ، من فارقه فهالك (٥) ، الامام السحاب الماطر ، والغيث الهاطل (٦) والشمس المضيئة والسماء الظليلة والأرض البسيطة ، والعين الغزيرة ، والغدير والروضة ، الامام الأمين الرفيق ، والوالد الشفيق ، و الأخ الشقيق (٧) ومفزع العباد في الداهية [ النآد ] (٨) ، الامام أمين الله في خلقه ، وحجته على عباده ، وخليفته في بلاد والداعي إلى الله ، والذاب عن حرم الله ، الامام المطهر من الذنوب المبرأ من العيوب ، مخصوص بالعلم ، موسوم بالحلم ، نظام الدين ، وعز المسلمين ، وغيظ المنافقين ، وبوار الكافرين ، الامام واحد دهره لا يدانيه أحد ولا يعادله عالم ولا يوجد منه بدل ولا مثل ولا نظير ، مخصوص بالفضل كله من غير طلب منه له ولا اكتساب ، بل اختصاص

__________________

(١) إذ هو الامر بجميعها ومعلم أحكامها والباعث لايفائها على وجه الكمال وشرط تحقق بعضها والعلم بإمامته شرط صحة جميعها. ( قاله العلامة المجلسي ـ رحمه‌الله ـ )

(٢) « غياهب » جمع « غيهب » كجعفر وهو الظلمة و « الدجى » جمع « الدجية » بضم الدال واسكان الجيم وهي أيضا الظلمة والإضافة بيانية. ( م )

(٣) أنحى الرجل عن كذا ونحاه : صرفه عنه. والردى : السقوط والهلاك وفى الكافي « والمنجى من الردى ». وكذا في بعض النسخ.

(٤) اليفاع واليفع ـ بفتحتين ـ : التل المشرف أو كل ما ارتفع من الأرض.

(٥) في بعض النسخ [ فهو هالك ].

(٦) الغيث الهاطل : المطر العظيم القطر ينزل متتابعا متفرقا.

(٧) في بعض النسخ [ الأمين الرفيق والوالد الرقيق » وفى بعضها « الأمين الرقيق والوالد الرفيق والأخ الشفيق ». وما في المتن أنسب كما في الكافي.

(٨) الداهية : المصيبة. والامر العظيم. ونأد الداهية فلانا : دهته.

٩٨

من المفضل الوهاب ، فمن ذا الذي يبلغ معرفة الامام أو يمكنه اختياره؟ هيهات! هيهات! ضلت العقول ، وتاهت الحلوم وحارت الألباب ، وحسرت العيون (١) ، وتصاغرت العظماء ، وتحيرت الحكماء ، وتقاصرت ، الحلماء ، وحصرت الخطباء (٢) ، وذهلت الألباء ، وكلت الشعراء ، وعجزت الأدباء ، وعييت البلغاء عن وصف شأن من شأنه أو فضل من فضائله فأقرت بالعجز والتقصير ، وكيف يوصف أو ينعت بكنهه أو يفهم شئ من أمره أو يقوم أحد مقامه ويغني غناه؟ لا كيف وأني وهو بحيث النجم من أيدي المتناولين ووصف الواصفين ، فأين الاختيار من هذا؟ وأين العقول عن هذا؟ وأين يوجد مثل هذا؟ أظنوا أن ذلك يوجد في غير آل الرسول؟ كذبتهم أنفسهم والله ومنهم (٣) الباطل ، فارتقوا مرتقى صعبا دحضا (٤) تزل عنه إلى الحضيض أقدامهم ، راموا إقامة الامام بعقول حائرة بائرة ناقصة وآراء مضلة فلم يزدادوا منه إلا بعد أقاتلهم الله أنى يؤفكون ، لقد راموا صعبا و قالوا إفكا وضلوا ضلالا بعيدا ووقعوا في الحيرة إذ تركوا الامام عن بصيرة وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين ، رغبوا عن اختيار الله واختيار رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى اختيارهم والقرآن يناديهم : « وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون (٥) » وقال : « وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم (٦) » وقال : « ما لكم كيف تحكمون * أم لكم كتاب فيه تدرسون * إن لكم فيه لما تخيرون * أم لكم أيمان علينا بالغة إلى يوم القيمة إن لكم لما تحكمون * سلهم أيهم بذلك زعيم * أم لهم شركاء فليأتوا بشركائهم

__________________

(١) الحلوم كالألباب : العقول. و « ضلت » و « تاهت » و « حارت » متقاربة المعاني. وحسر ـ بفتحتين ـ حسورا : كل وضعف فهو : حسير. وفى بعض نسخ الحديث « وخسئت » أي كلت.

(٢) حصر ـ بكسر الصاد ـ حصرا ـ بفتحها ـ الخطيب : عيى في النطق.

(٣) أي ألقت في أنفسهم الأماني الباطلة أو أضعفتهم يقال : منه السير أي أضعفه. وأعياه.

(٤) الدحض ـ بفتح الدال المهملة واسكان الحاء المهملة أو فتحها ـ : المكان الزلق الذي لا تثبت عليه القدم.

(٥) القصص : ٦٨.

(٦) الأحزاب : ٣٦.

٩٩

إن كانوا صادقين (١) » وقال : « أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها (٢) » أم طبع الله على قلوبهم فهم لا يفقهون (٣) ، أم « قالوا سمعنا وهم لا يسمعون * إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون * ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون (٤) » أم « قالوا سمعنا وعصينا (٥) » بل هو فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم. فكيف لهم باختيار الامام؟ والامام عالم لا يجهل ، داع (٦) لا ينكل ، معدن القدس والطهارة والنسك (٧) والزهادة والعلم والعبادة ، مخصوص بدعوة الرسول ، ونسل المطهرة البتول ، لا مغمز فيه في نسب ، ولا يدانيه ذو حسب ، في البيت (٨) من قريش ، والذروة من هاشم ، والعترة من [ آل ] الرسول ، والرضا من الله ، شرف الاشراف ، والفرع من عبد مناف ، نامي العلم ، كامل الحكم ، مضطلع بالأمانة ، (٩) عالم بالسياسة ، مفروض الطاعة ، قائم بأمر الله ، ناصح لعباد الله ، حافظ لدين الله ، إن الأنبياء والأئمة يوفقهم الله ويؤتيهم من مخزون علمه و حكمه ما لا يؤتيه غيرهم فيكون علمهم فوق علم أهل زمانهم في قوله تعالى : « أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فمالكم كيف تحكمون (١٠) » و قوله : « ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا » (١١) وقوله في طالوت : « إن الله اصطفيه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم (١٢) » وقال

__________________

(١) القلم : ٣٧ إلى ٤٢.

(٢) محمد : ٢٦.

(٣) هذا من كلامه عليه‌السلام اقتبسه من الآيات. وليس في المصحف بهذا اللفظ.

(٤) الأنفال : ٢١ إلى ٢٤.

(٥) البقرة : ٩٢.

(٦) في بعض النسخ [ راع ]. وقوله : « لا ينكل » ـ بالضم ـ أي لا يجبن.

(٧) في بعض النسخ [ والسناء ].

(٨) في بعض نسخ الحديث « فالبيت ».

(٩) في بعض النسخ [ بالإمامة ] أي قوى عليها من الضلاعة وهي القوة.

(١٠) يونس : ٣٥.

(١١) البقرة : ٢٦٩.

(١٢) البقرة : ٢٤٧.

١٠٠