معاني الأخبار

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

معاني الأخبار

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع
المطبعة: دار المعرفة للطباعة والنشر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٣٨

رسوله ، ومبلغ عذابه ونكاله (١) وهو انه لمن أنكره وجحده.

وأما قوله « لا إله إلا الله » معناه : لله الحجة البالغة عليهم بالرسول والرسالة و البيان والدعوة ، وهو أجل من أن يكون لأحد منهم عليه حجة ، فمن أجابه فله النور والكرامة ، [ ومن أنكره ] فإن الله غني عن العالمين ، وهو أسرع الحاسبين.

ومعني « قد قامت الصلاة » في الإقامة أي حان وقت الزيارة والمناجاة وقضاء الحوائج ودرك المنى (٢) والوصول إلى الله عزوجل وإلى كرامته وعفوه ورضوانه وغفرانه.

قال مصنف هذا الكتاب ـ رضي‌الله‌عنه ـ : إنما ترك الراوي لهذا الحديث ذكر « حي على خير العمل » للتقية. وقد روي في خبر آخر أن الصادق عليه‌السلام سئل عن معنى « حي على خير العمل » فقال : خير العمل الولاية. وفي خبر آخر خير العمل بر فاطمة وولدها عليهم‌السلام.

٢ ـ حدثني أبو الحسن بن عمر [ و ] بن علي بن عبد الله البصري ، قال : حدثنا أبو محمد خلف بن محمد البلخي بها ، عن أبيه محمد بن أحمد ، قال : حدثنا عياش بن الضحاك ، عن مكي ابن إبراهيم ، عن ابن جريح ، عن عطاء قال : كنا عند ابن عباس بالطائف أنا وأبو العالية وسعيد بن جبير وعكرمة (٣) ، فجاء المؤذن فقال : الله أكبر ، الله أكبر. واسم المؤذن قثم ابن عبد الرحمن الثقفي (٤). فقال ابن عباس : أتدرون ما قال المؤذن؟ فسأله أبو العالية فقال : أخبرنا بتفسيره. قال ابن عباس : إذا قال المؤذن « الله أكبر ، الله أكبر » يقول : يا مشاغيل الأرض قد وجبت الصلاة فتفرغوا لها ، وإذا قال : « أشهد أن لا إله إلا الله » يقول : يقوم يوم القيامة ويشهد لي ما في السماوات وما في الأرض على أني أخبرتكم في اليوم خمس مرات ، وإذا قال : « أشهد أن محمدا رسول الله » يقول : تقوم القيامة ومحمد يشهد لي عليكم أني قد أخبرتكم بذلك في اليوم خمس مرات ، وحجتي عند الله قائمة. وإذا قال : « حي على

__________________

(١) نكل به : صنع به صنيعا يحذر غيره إذا رآه ، والنكال ـ بفتح النون ـ : ما نكلت به غيرك كائنا ما كان واسم ما يجعل عبرة للغير ،

(٢) المنى ـ جمع منية بضم الميم وكسرها ـ وهي ما يتمناه الانسان.

(٣) بكسر العين المهملة وسكون الكاف وكسر الراء.

(٤) قثم ـ بضم القاف وفتح الثاء المثلثة والميم.

٤١

الصلاة » يقول : دينا قيما فأقيموه. وإذا قال : « حي على الفلاح » يقول : هلموا إلى طاعة الله وخذوا سهمكم من رحمة الله ، يعني الجماعة. ( و ) إذا قال العبد : « الله أكبر ، الله أكبر » يقول حرمت الأعمال. وإذا قال : « لا الله الا الله » يقول : أمانة سبع سماوات وسبع أرضين و الجبال والبحار وضعت على أعناقكم إن شئتم فأقبلوا وإن شئتم فأدبروا.

٣ ـ حدثنا علي بن عبد الله الوراق ، وعلي بن محمد بن الحسن القزويني المعروف بابن مقبرة (١) ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله بن أبي خلف الأشعري ، قال : حدثنا العباس ابن سعيد الأزرق ، قال : حدثنا أبو نصر ، عن عيسى بن مهران ، عن الحسن بن عبد الوهاب عن محمد بن مروان ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : أتدري ما تفسير « حي على خير العمل »؟ قلت : لا. قال : دعاك إلى البر أتدري بر من؟ قلت : لا. قال : دعاك إلى بر فاطمة وولدها عليهم‌السلام.

٤ ـ حدثنا علي بن عبد الله الوراق ، وعلي بن محمد بن الحسن القزويني ، قالا : حدثنا سعد بن عبد الله ، قال : حدثنا العباس بن سعيد الأزرق ، قال : حدثنا أبو نصر ، عن عيسى بن مهران ، عن يحيى بن الحسن بن الفرات ، عن حماد بن يعلى ، عن علي بن الحزور (٢) ، عن الإصبع بن نباتة ، عن محمد بن الحنفية أنه ذكر عنده الاذان فقال : لما أسري بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى السماء تناهز إلى السماء السادسة نزل ملك من السماء السابعة لم ينزل قبل ذلك اليوم قط فقال : الله أكبر ، الله أكبر. فقال الله جل جلاله : أنا كذلك. فقال : أشهد أن لا إله إلا الله فقال الله عزوجل : أنا كذلك ، لا إله إلا أنا. فقال : أشهد أن محمدا رسول الله. قال الله جل جلاله : عبدي وأميني على خلقي ، اصطفيته على عبادي برسالاتي ثم قال : حي على الصلاة. قال الله جل جلاله : فرضتها على عبادي ، وجعلتها لي دينا ، ثم قال : حي على الفلاح. قال الله جل جلاله : أفلح من مشى إليها ، وواظب عليها ابتغاء وجهي. ثم قال : حي على خير العمل. قال الله جل جلاله : هي أفضل الأعمال وأزكاها عندي ثم قال : قد قامت الصلاة. فتقدم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فأم أهل السماء ، فمن يومئذ تم شرف النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله.

__________________

(١) في بعض النسخ [ ابن المغيرة ]

(٢) الحزور بفتح الحاء المهملة والزاي المعجمة والواو المشددة بعدها راء مهملة ـ وهو في الأصل الشيخ الفاني.

٤٢

( باب )

* ( معاني حروف المعجم ) *

١ ـ حدثنا محمد بن بكران النقاش ـ رحمه‌الله ـ بالكوفة ، قال : حدثنا أحمد بن محمد الهمداني ، قال : حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال ، عن أبيه ، عن أبي الحسن علي ابن موسى الرضا عليه‌السلام [ قال ] إن أول ما خلق الله عزوجل ليعرف به خلقه الكتابة (١) حروف المعجم ، وإن الرجل إذا ضرب على رأسه بعصا فزعم أنه لا يفصح بعض الكلام فالحكم فيه أن يعرض عليه حروف المعجم ثم يعطي الدية بقدر ما لم يفصح منها.

ولقد حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن أمير المؤمنين عليهم‌السلام في « ألف ، ب ، ت ، ث » أنه قال : « الألف » آلاء الله و « الباء » بهجة الله ، و « التاء » تمام الامر بقائم آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله و « الثاء » ثواب المؤمنين على أعمالهم الصالحة. « ج ، ح ، خ » « فالجيم » جمال الله وجلال الله. و « الحاء » حلم الله عن المذنبين. و « والخاء » خمول أهل المعاصي عند الله عز وجل. « د ، ذ » « فالدال » دين الله ، و « الذال » من ذي الجلال. « ر ، ز » « فالراء » من الرؤوف الرحيم. و « الزاي » زلازل يوم القيامة « س ، ش » و « السين » سناء الله و « الشين » شاء الله ما شاء وأراد ما أراد وما تشاؤون إلا أن يشاء الله. « ص ، ض » « فالصاد » من صادق الوعد في حمل الناس على الصراط ، وحبس الظالمين عند المرصاد. و « الضاد » ضل من خالف محمدا وآل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله. « ط ، ظ » « فالطاء » طوبي للمؤمنين وحسن مآب و « الظاء » ظن المؤمنين بالله خيرا وظن الكافرين به سوءا « ع ، غ » « فالعين » من العالم و « الغين » من الغني. « ف ، ق » « فالفاء » فرج من أبواب الفرج وفوج من أفواج النار و « القاف » قرآن على الله جمعه وقرآنه. « ك ، ل » « فالكاف » من الكافي و « اللام » لغو (٢) الكافرين في افترائهم على الله الكذب. « م ، ن » « فالميم » ملك الله يوم لا مالك غيره ويقول

__________________

(١) في بعض النسخ [ الكتاب ].

(٢) في بعض النسخ [ لعن ].

٤٣

عزوجل : « لمن الملك اليوم (١) » ، ثم ينطق أرواح أنبيائه ورسله وحججه فيقولون : « لله الواحد القهار (٢) ». فيقول جل جلاله : « اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب (٢). و « النون » نوال الله للمؤمنين (٣) ونكاله بالكافرين « و ، ه » « فالواو » ويل لمن عصى الله ، و « الهاء » هان على الله من عصاه « لا ، ى » لام ألف لا إله إلا الله وهي كلمة الاخلاص ما من عبد قالها مخلصا إلا وجبت له الجنة « ى » يد الله فوق خلقه ، باسط بالرزق سبحانه وتعالى عما يشركون. ثم قال عليه‌السلام : إن الله تبارك وتعالى أنزل هذا القرآن بهذه الحروف التي يتداولها جميع العرب ، ثم قال : « قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا (٤).

٢ ـ حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الرحمن المقري الحاكم ، قال : حدثنا أبو عمرو محمد بن جعفر المقري الجرجاني ، قال : حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن الموصلي ببغداد ، قال : حدثنا محمد بن عاصم الطريفي ، قال : حدثنا أبو زيد عياش بن يزيد بن الحسن ، قال : حدثني علي الكحال مولى زيد بن علي قال : أخبرني أبي ، عن يزيد بن الحسن ، قال : حدثني موسى بن جعفر بن ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علي عليهم‌السلام ، قال : قال : جاء يهودي إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وعنده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام فقال له : ما الفائدة في حروف الهجاء؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام : أجبه ، وقال : اللهم وفقه وسدده. فقال علي بن أبي طالب عليه‌السلام : ما من حرف إلا وهو اسم من أسماء الله عزوجل ، ثم قال : أما « الألف » فالله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم ، وأما « الباء » فباق بعد فناء خلقه ، وأما « التاء » فالتواب يقبل التوبة عن عباده ، وأما « الثاء » فالثابت الكائن « يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت » وأما « الجيم » فجل ثناؤه وتقدست أسماؤه. وأما « الحاء » فحق حي حليم

__________________

(١) انتصب « اليوم » بمدلول قوله تعالى : « لمن الملك » أي لمن ثبت الملك في هذا اليوم.

(٢) المؤمن : ١٦.

(٣) النوال : العطاء والنصيب.

(٤) بني إسرائيل : ٩١.

٤٤

وأما « الخاء » فخبير بما يعمل العباد. وأما « الدال » فديان يوم الدين. وأما « الذال » فذو الجلال والاكرام. وأما « الراء » فرؤوف بعباده وأما « الزاي » فزين المعبودين وأما « السين » فالسميع البصير وأما « الشين » فالشاكر لعباده المؤمنين وأما « الصاد » فصادق في وعده ووعيده. وأما « الضاد » فالضار النافع. وأما « الطاء » فالطاهر المطهر وأما « الظاء » فالظاهر المظهر لآياته وأما « العين » فعالم بعباده. وأما « الغين » فغياث المستغيثين وأما « الفاء » ففالق الحب والنوى (١). وأما « القاف » فقادر على جميع خلقه. وأما « الكاف » فالكافي الذي لم يكن له كفوا أحد ولم يلد ولم يولد. وأما « اللام » فلطيف بعباده. وأما « الميم » فما لك [ الملك ] وأما « النون » فنور السماوات والأرض من نور عرشه. وأما « الواو » فواحد صمد لم يلد ولم يولد. وأما « الهاء » فهاد لخلقه. وأما « اللام ألف » فلا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأما « الياء » فيد الله باسطة على خلقه.

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : هذا هو القول الذي رضي الله عزوجل لنفسه (٢) من جميع خلقه فأسلم اليهودي.

( باب )

* ( معنى حروف الجمل ) *

١ ـ حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا أحمد بن محمد الهمداني مولى بني هاشم ، قال : حدثنا جعفر بن عبد الله (٣) بن جعفر بن عبد الله بن جعفر بن محمد بن علي ابن أبي طالب ، قال : حدثنا كثير بن عياش القطان عن أبي الجارود زياد بن المنذر (٤) ،

__________________

(١) النوى ـ جمع نواة التمر ـ يذكر ويؤنث.

(٢) في بعض النسخ ( في ).

(٣) جعفر بن عبد الله كان وجها في أصحابنا وفقيها وأوثق الناس في حديثه ( النجاشي ).

(٤) قال الشيخ في الفهرست كثير بن عياش القطان ضعيف وخرج في أيام أبى السرايا معه فأصابته جراحة. واما زياد بن المنذر الأعمى سرحوب في رجال الكشي روايات تضمن بعضها كونه كذابا كافرا وحكى أن أبا الجارود سمى سرحوبا ونسب إليه السرحوبية من الزيدية وسماء بذلك أبو جعفر عليه‌السلام وذكر ان سرحوبا اسم شيطان أعمى يسكن البحر وكان أبو الجاورد مكفوفا أعمى : أعمى القلب.

٤٥

عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما‌السلام قال : لما ولد عيسى ابن مريم عليه‌السلام كان ابن يوم كأنه ابن شهرين ، فلما كان ابن سبعة أشهر أخذت والدته بيده وجاءت به إلى الكتاب فأقعدته بين يدي المؤدب ، فقال المؤدب : قل : بسم الله الرحمن الرحيم. فقال عيسى عليه‌السلام : بسم الله الرحمن الرحيم. فقال له المؤدب : قل : أبجد. فرفع عيسى عليه‌السلام رأسه ، فقال : فهل تدري ما أبجد؟ فعلاه بالدرة ليضربه ، فقال : يا مؤدب لا تضربني إن كنت تدري وإلا فسلني حتى أفسر لك. قال : فسره لي. قال عيسى عليه‌السلام : « الألف » آلاء الله ، و « الباء » بهجة الله ، و « الجيم » جمال الله ، و « الدال » دين الله. « هوز » « هاء » هول جهنم ، و « الواو » ويل لأهل النار و « الزاي » زفير جهنم « حطي » حطت الخطايا عن المستغفرين. « كلمن » كلام الله لا مبدل لكلماته. « سعفص » صاع بصاع ، والجزاء بالجزاء. « قرشت » قرشهم (١) جهنم فحشرهم. فقال المؤدب : أيتها المرأة خذي بيد ابنك فقد علم فلا حاجة له في المؤدب.

٢ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، قال : حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، وأحمد بن الحسن بن علي بن فضال ، عن علي بن أسباط ، عن الحسن بن يزيد (٢) ، قال : حدثني محمد بن سالم ، عن الأصبغ بن نباتة قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : سأل عثمان بن عفان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن تفسير أبجد. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : تعلموا تفسير أبجد فإن فيه الأعاجيب كلها ويل لعالم جهل تفسيره ، فقيل : يا رسول الله وما تفسير أبجد؟ قال : أما « الألف » فآلاء الله ، حرف من أسمائه. وأما « الباء » فبهجة الله وأما « الجيم » فجنة الله وجلال الله وجماله. وأما « الدال » فدين الله. وأما « هوز » « فالهاء » هاء الهاوية ، فويل لمن هوى في النار. وأما « الواو » فويل لأهل النار. وأما « الزاي » فزاوية في النار فنعوذ بالله مما في الزاوية يعني زوايا جهنم وأما « حطي » « فالحاء » حطوط الخطايا عن المستغفرين في ليلة القدر ، وما نزل به جبرئيل مع الملائكة إلى مطلع الفجر. وأما « الطاء » فطوبي لهم وحسن مآب ، وهي شجرة غرسها الله عزوجل ونفخ فيها من روحه ، وإن أغصانها لترى من وراء سورة الجنة

__________________

(١) في بعض النسخ [ قرشتهم ].

(٢) في بعض النسخ [ زيد ] والحسن بن يزيد لم أجده في ما عندي من كتب الرجال.

٤٦

تنبت بالحلي الحلل ، متدلية على أفواهم. وأما « الياء » فيد الله فوق خلقه باسطة ، سبحانه وتعالى عما يشركون. وأما « كلمن » « فالكاف » كلام الله لا تبديل لكلمات الله ولن تجد من دونه ملتحدا. وأما « اللام » فإلمام أهل الجنة بينهم في الزيارة والتحية والسلام ، وتلاوم أهل النار فيما بينهم وأما « الميم » فملك الله الذي لا يزول ، ودوام الله الذي لا يفنى. وأما « النون » فنون والقلم وما يسطرون ، والقلم قلم من نور ، وكتاب من نور ، في لوح محفوظ ، يشهده المقربون ، وكفى بالله شهيدا. وأما « سعفص » « فالصاد » صاع بصاع وفص بفص يعني الجزاء بالجزاء ، وكما تدين تدان ، إن الله لا يريد ظلما للعباد. وأما « قرشت » يعني قرشهم فحشرهم ونشرهم إلى يوم القيامة ، فقضى بينهم بالحق وهم لا يظلمون.

حدثنا بهذا الحديث أبو عبد الله بن [ أبي ] حامد ، قال : أخبرنا أبو نصر أحمد بن محمد بن يزيد بن عبد الرحمن البخاري ببخارا ، قال : حدثنا أحمد بن أحمد بن يعقوب بن أخي سهل بن يعقوب البزاز ، قال : حدثنا إسحاق بن حمزة ، قال : حدثنا أبو أحمد عيسى بن موسى النجار ، عن محمد بن زياد السكري ، عن الفرات بن سليمان (١) ، عن أبان ، عن أنس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : تعلموا تفسير أبي جاد فإن فيه الأعاجيب كلها وذكر الحديث مثله سواء حرفا بحرف.

٣ ـ وروي في خبر آخر أن شمعون سأل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : أخبرني ما أبو جاد؟ وما هوز؟ وما حطي؟ وما كلمن؟ وما سعفص؟ وما قرشت؟ وما كتب؟ فقال رسول صلى‌الله‌عليه‌وآله : أما « أبو جاد » فهو كنية آدم عليه‌السلام أبى أن يأكل من الشجرة فجاد فأكل. وأما « هوز » هوى من السماء فنزل إلى الأرض. وأما « حطي » أحاطت به خطيئته. وأما « كلمن » كلم الله عزوجل. وأما « سعفص » قال الله عزوجل : صاع بصاع ، كما تدين تدان. وأما « قرشت » أقر بالسيئات فغفر له. وأما « كتب » فكتب الله عزوجل [ عنده ] في اللوح المحفوظ قبل أن يخلق آدم بألفي عام إن آدم خلق من التراب وعيسى عليه‌السلام خلق بغير أب وأنزل الله عزوجل تصديقه « إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب (٢) » قال : صدقت يا محمد.

__________________

(١) في بعض النسخ [ سلمان ].

(٢) آل عمران : ٥٩.

٤٧

( باب )

* ( معاني أسماء الأنبياء والرسل عليهم‌السلام وغير ذلك ) *

١ ـ حدثنا مشايخنا ـ رضي‌الله‌عنهم ـ بأسانيد مرفوعة متصلة قد ذكرتها في كتاب علل الشرائع والاحكام والأسباب في أبواب متفرقة [ و ] رتبتها فيه : أن معنى آدم : أنه خلق من أديم الأرض ـ والأديم الأرض الرابعة ـ ومعنى حواء. أنها خلقت من حي وهو من آدم ، ومعنى الانسان : أنه ينسى ، ومعنى النساء إنهن أنس للرجال ، ومعنى المرأة : أنها خلقت من المرء ، ومعنى إدريس : أنه كان يكثر الدرس بحكم الله عزوجل وسنن الاسلام ، ومعنى نوح : أنه كان ينوح على نفسه ، وبكى خمس مائه عام ، ونحى نفسه عما كان فيه قومه من الضلالة ، ومعنى الطوفان في أيامه : أنه طفا (١) الماء فوق كل شئ ، ومعنى هود : أنه هدي إلى ما ضل عنه قومه ، وبعث ليهديهم من ضلالتهم ، ومعنى الريح العقيم التي أهلك الله عزوجل بها عادا : أنها تلقحت بالعذاب ، وتعقمت عن الريح كتعقم الرجل إذا كان عقيما لا يولد له فطحنت تلك القصور والحصون والمدائن والمصانع حتى عاد ذلك كله رملا دقيقا (٢) تسفيه الريح ، ومعنى ذات العماد : أن عادا كانوا ينحتون العمد من الجبال فيجعلون طول العمد مثل طول الجبل الذي يسلخونه من أسفله إلى أعلاه ، ثم ينقلون تلك العمد فينصبونها ، ثم يبنون فوقها القصور ، فسميت ذات العماد لذلك ، ومعنى إبراهيم : أنه هم فبره ، ومعنى ذي القرنين : أنه دعا قومه إلى الله عز و جل فضربوه على قرنه الأيمن فغاب عنهم حينا ، ثم عاد إليهم فضربوه على قرنه الآخر ومعنى أصحاب الرس : أنهم نسبوا إلى نهر يقال له : الرس من بلاد المشرق. وقد قيل : إن الرس هو البئر (٣) ، وإن أصحابه رسوا نبيهم بعد سليمان بن داود عليهما‌السلام ، وكانوا قوما

__________________

(١) طفا أي علا فوق.

(٢) في بعض النسخ [ رقيقا ].

(٣) رس البئر : حفرها ، والشئ : دسه ، والميت : دفنه ، وبينهم : أصلح وأفسد ـ ضد ـ ومعنى الأخير أنسب. وفى بعض النسخ [ وسوا نبيهم ].

٤٨

يعبدون شجرة صنوبر يقال لها : « شاه درخت » كان غرسها يافث بن نوح فأنبتت (١) لنوح بعد الطوفان وكان نساؤهم يشتغلن بالنساء عن الرجال ، فعذبهم الله عزوجل بريح عاصف شديده الحمرة ، وجعل الأرض من تحتهم حجر كبريت يتوقد ، وأظلتهم سحابة سوداء مظلمة ، فانكفت عليهم كالقبة جمرة تلتهب فذابت أبدانهم كما يذوب الرصاص في النار ، ومعنى يعقوب : أنه كان و « عيص » توأمين ، فولد عيص ثم ولد يعقوب يعقب أخاه عيصا ، ومعنى إسرائيل : عبد الله لان « إسرا » هو عبد ، و « إيل » هو الله عزوجل. وروي في خبر آخر أن : ( إسر ) هو القوة ، و ( إيل ) هو الله عزوجل. وكذلك جبرئيل ، فمعنى إسرائيل قوة الله ، وكذلك كل اسم آخره ( إيل ) مما قبله عبد أو عبيد ، و ( إيل ) هو الله عزوجل ، وكذلك جبرئيل معناه عبد الله ، وميكائيل معناه عبيد الله ، وكذلك معنى إسرافيل عبيد الله ، ومعنى يوسف مأخوذ من آسف يوسف أي أغضب يغضب إخوانه (٢) قال الله عزوجل : « فلما آسفونا انتقمنا منهم (٣) » والمراد بتسمية يوسف أنه يغضب إخوته ما يظهر من فضله عليهم ، ومعنى موسى : أنه التقطه آل فرعون من البحر بين الماء والشجر وهو في التابوت ، وبلغة القبط : المأخوذ من الماء والشجر يقال له : موسى لأن الماء : « مو » والشجر : « سى » فسموه موسى لذلك ، ومعنى الخضر : أنه كان لا يجلس على خشبة يابسة ولا أرض بيضاء إلا اهتزت خضراء ، وكان اسمه تاليا بن ملكان عابر (٤) بن أرفخشذ ابن سام بن نوح عليه‌السلام ، ومعنى طور سيناء : أنه كان عليه شجرة الزيتون وكل جبل يكون عليه ما ينتفع به من النبات والأشجار يسمى طور سيناء وطور سينين ، وما لم يكن عليه ما ينتفع به من النبات والأشجار من الجبال فإنه يسمى « جبل » و « طور » ولا يقال له : « طور سيناء » ولا « طور سينين » ومعنى قوله عزوجل لموسى : « فاخلع نعليك (٥) » أي ارفع

__________________

(١) في بعض النسخ [ فأنبطت لنوح ].

(٢) في بعض النسخ [ إخوته ].

(٣) الزخرف : ٥٥.

(٤) في بعض النسخ [ غابر ].

(٥) طه : ١٢.

٤٩

خوفيك يعني خوفه من ضياع أهله وقد خلفها تمخض (١) وخوفه من فرعون. وقد روي أن نعليه كانتا من جلد حمار ميت والوادي المقدس : المطهر.

وأما « طوى » فاسم الوادي ، ومعنى قوله عزوجل : « فقولا له قولا لينا » أي كنياه وقولا له : يا أبا مصعب وكان فرعون اسمه الوليد بن مصعب وكنيته أبو مصعب ، ومعنى « فرعون ذي الأوتاد » أنه كان إذا عذب رجلا بسطه على الأرض أو على خشب منبسط فوتد يديه ورجليه بأربعة أوتاد ، ثم تركه على حاله حتى يموت ، فسماه الله عزوجل ذا الأوتاد لذلك ، ومعنى « داود » أنه داوى جرحه فود ، وقد قيل : داوى وده بالطاعة حتى قيل : عبد ، ومعنى « أيوب » : من آب يؤوب وهو أنه يرجع إلى العافية والنعمة والأهل و المال والولد بعد البلاء ، ومعنى « يونس » : أنه ذهب مستأنسا لربه مغاضبا لقومه وصار مؤنسا لقومه بعد رجوعه إليهم ، ومعنى تسمية الله عزوجل لإسماعيل بن حزقيل « صادق الوعد » : أنه وعد رجلا فجلس له حولا ينتظره ، ومعنى « المسيح » : أنه كان يسيح في الأرض ويصوم ، ومعنى « النصارى » : أنهم منسوبون إلى قرية يقال لهم : « ناصرة » من بلاد الشام ، ومعنى الحواريين : المخلصون في أنفسهم والمخلصون لغيرهم من أوساخ الذنوب بالوعظ والتذكير وكانوا قصارين واشتق هذا الاسم لهم من الخبز الحوار ، وسمي نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليهم‌السلام أولي العزم لأنهم أصحاب العزائم والشرائع ، وروي معنى آخر أن معنى أولي العزم أنهم عزموا على الاقرار بما عهد إليهم في محمد والأئمة صلوات الله عليهم.

( باب )

* ( معاني أسماء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله [ وأهل بيته عليهم‌السلام ] ) *

١ ـ حدثنا أبو الحسن محمد بن علي بن الشاه بمرو الرود (٢) ، قال : حدثنا أبو بكر محمد ابن جعفر بن أحمد البغدادي بآمد (٣) ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا أحمد بن السخت ،

__________________

(١) مخضت الحامل : دنا ولادها وأخذها الطلق.

(٢) في بعض النسخ [ مرورود ].

(٣) آمد ـ بكسر الميم ـ وهي لفظة رومية : بلد قديم حصين ركين مبنى من بالحجارة السود على نشز ، ودجلة محيطة بأكثره ، مستديرة به كالهلال ، وهي تنشأ من عيون بقربه. ( المراصد )

٥٠

قال : أخبرنا محمد بن الأسود الوراق ، عن أيوب بن سليمان ، عن أبي البختري ، عن محمد بن حميد (١) ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا أشبه الناس بآدم وإبراهيم أشبه الناس بي خلقه وخلقه ، وسماني الله من فوق عرشه عشرة أسماء ، وبين الله وصفي وبشر بي على لسان كل رسول بعثه إلى قومه ، وسماني ونشر في التوراة اسمي ، وبث ذكري في أهل التوارة والإنجيل ، وعلمني كلامه ، ورفعني في سمائه وشق لي اسما من أسمائه فسماني محمد وهو محمود ، وأخرجني في خير قرن من أمتي ، وجعل اسمي في التوراة أحيد ، فبالتوحيد حرم أجساد أمتي على النار ، وسماني في الإنجيل أحمد فأنا محمود في أهل السماء ، وجعل أمتي الحامدين ، وجعل اسمي في الزبور « ماح » محا الله عزوجل بي من الأرض عبادة الأوثان ، وجعل اسمي في القرآن محمدا فأنا محمود في جميع أهل القيامة في فصل القضاء ، لا يشفع أحد غيري ، وسماني في القيامة حاشرا يحشر الناس على قدمي ، وسماني الموقف أوقف الناس بين يدي الله جل جلاله ، وسماني العاقب أنا عقب النبيين ليس بعدي رسول ، وجعلني رسول الرحمة ، ورسول التوبة ، ورسول الملاحم ، والمقفى قفيت النبيين جماعة ، وأنا القيم الكامل الجامع ، ومن علي ربي وقال لي : يا محمد صلى الله عليك (٢) فقد أرسلت كل رسول إلى أمته بلسانها ، و أرسلتك إلى كل أحمر وأسود من خلقي ، ونصرتك بالرعب الذي لم أنصر به أحدا ، و أحللت لك الغنيمة ولم تحل لأحد قبلك ، وأعطيت لك ولامتك كنزا من كنوز عرشي فاتحة الكتاب وخاتمة سورة البقرة ، وجعلت لك وأمتك الأرض كلها مسجدا وترابها طهورا وأعطيت لك ولامتك التكبير ، وقرنت ذكرك بذكري حتى لا يذكرني أحد من أمتك إلا ذكرك مع ذكري ، فطوبى لك يا محمد ولامتك.

٢ ـ حدثنا محمد بن علي ماجيلويه ـ رضي‌الله‌عنه ـ عن عمه محمد بن أبي القاسم ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبي الحسن علي بن الحسين الرقي ، عن عبد الله بن جبلة ، عن معاوية بن عمار ، عن الحسن بن عبد الله ، عن آبائه ، عن جده الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام ، قال : جاء نفر من اليهود إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فسأله أعلمهم وكان فيما سأله ، أن قال له : لأي شئ

__________________

(١) في بعض النسخ [ جنيد ].

(٢) كذا.

٥١

سميت محمدا ، وأحمد ، وأبا القاسم ، بشيرا ، ونذيرا ، وداعيا؟ فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أما محمد فإني محمود في الأرض ، وأما أحمد فإني محمود في السماء ، وأما أبو القاسم فإن الله عز وجل يقسم يوم القيامة قسمة النار فمن كفر بي من الأولين والآخرين ففي النار ، ويقسم قسمة الجنة فمن آمن بي وأقر بنبوتي ففي الجنة ، وأما الداعي فإني أدعو الناس إلى دين ربي عزوجل ، وأما النذير فإني أنذر بالنار من عصاني ، وأما البشير فإني ابشر بالجنة من أطاعني.

٣ ـ حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدثنا أحمد بن محمد بن يوسف بن سعيد الكوفي (١) قال : حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال عن أبيه ، قال : سألت الرضا أبا الحسن عليه‌السلام فقلت له : لم كني النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بأبي القاسم فقال : لأنه كان له ابن يقال له : « قاسم » فكني به. قال : فقلت له : يا ابن رسول الله فهل تراني أهلا للزيادة؟ فقال : نعم. أما علمت أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : أنا وعلي أبوا هذه الأمة! قلت : بلى. قال : أما علمت أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أب لجميع أمته وعلي عليه‌السلام فيهم بمنزلته؟ قلت : بلى. قال : أما علمت أن عليا قاسم الجنة والنار؟ قلت : بلي. قال : فقيل له : أبو القاسم لأنه أبو قاسم الجنة والنار. فقلت له : وما معنى ذلك؟ فقال : إن شفقة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله على أمته شفقة الآباء على الأولاد ، وأفضل أمته علي بن أبي طالب (٢) عليه‌السلام ، ومن بعده شفقة علي عليه‌السلام عليهم كشفقته صلى‌الله‌عليه‌وآله لأنه وصيه وخليفته والامام بعد ، فقال : فلذلك قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا وعلي أبوا هذه الأمة. وصعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله المنبر فقال : من ترك دينا أو ضياعا فعلي وإلي ومن ترك مالا فلورثته ، فصال بذلك أولى بهم من آبائهم وأمهاتهم ، وصار أولى بهم منهم بأنفسهم ، وكذلك أمير المؤمنين عليه‌السلام بعده جرى ذلك له مثل ما جرى لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٤ ـ حدثنا أحمد بن الحسن القطان ، قال : حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطان قال : حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب ، قال : حدثنا تميم بن بهلول ، عن أبيه ، عن أبي الحسن

__________________

(١) في بعض النسخ [ محمد بن محمد بن سعيد الكوفي ].

(٢) في بعض النسخ [ على صلوات الله عليه ].

٥٢

العبدي ، عن سليمان بن مهران ، عن عباية ، عن ابن عباس ، قال : سألته (١) عن قول الله عزوجل : « ألم يجدك يتيما فآوى (٢) » قال : إنما سمي يتيما لأنه لم يكن له نظير على وجه الأرض من الأولين ولا من الآخرين فقال الله عزوجل ممتنا عليه بنعمته : « ألم يجدك يتيما » أي وحيدا (٣) لا نظير لك « فآوى » إليك الناس وعرفهم فضلك حتى عرفوك (٤) « ووجدك ضالا » يقول : منسوبا عند قومك إلى الضلالة فهداهم لمعرفتك ، « ووجدك عائلا » يقول : فقيرا عند قومك يقولون : لا مال لك فأغناك الله بمال خديجة ، ثم زادك من فضله فجعل دعاك مستجابا حتى لو دعوت على حجر أن يجعله الله ذهبا ليقل عينه إلى مرادك وأتاك بالطعام حيث لا طعام ، وأتاك بالماء حيث لا ماء ، وأغاثك بالملائكة حيث لا مغيث فأظفرك بهم على أعدائك.

٥ ـ حدثنا حمزة بن محمد العلوي ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد الكوفي ، عن علي بن الحسن بن علي بن فضال ، عن أخيه أحمد ، عن محمد بن عبد الله بن مروان ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إن الله عزوجل أيتم نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله لئلا يكون لأحد عليه طاعة.

٦ ـ أبي ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أبي عبد الله بن خالد البرقي ، عن جعفر بن محمد الصوفي قال : سألت أبا جعفر محمد بن علي الرضا عليهم‌السلام فقلت : يا ابن رسول الله لم سمي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الأمي؟ فقال : ما يقول الناس

__________________

(١) في بعض النسخ [ سئل ].

(٢) الضحى : ٥.

(٣) فبعض النسخ [ أوحدا ].

(٤) لا شك أن كل ما سوى الله تعالى لمكان يحتاج في وجوده وجميع شؤونه إلى جوده ، ولا يستثنى من ذلك أحد حتى النبي صلى الله على وآله الذي هو أشرف الممكنات كلها وأكملها ولا عار عليه أن كان يتيما فقد أباه وأمه وجده قبل أن يمضى من عمره الشريف عشر سنين فآواه الله تعالى.

ومن شؤون الوجود التي يحتاج فيها كل ممكن إلى الحق الهداية والمعرفة ، فكل انسان في نفسه فاقد للهداية : مفتقر إلى هداية الحق تعالى ، ولا يستثنى منه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أيضا. فقوله : « ووجدك ضالا فهدى » أي ما كنت واجدا للهداية من قبل نفسك بل الله تعالى هو الذي هداك ولولا هدايته لكنت ضالا. وكذا قوله « و جدك عائلا فأغنى » فلا وجه لصرف الكلام عن ظاهره إلى ما تكلفه بعض الصحابة على ما نقل عنه. ( م ).

٥٣

قلت : يزعمون أنه سمي الأمي لأنه لم يكتب. فقال عليه‌السلام : كذبوا ، عليهم لعنة الله ، أني ذلك والله عزوجل يقول في محكم كتابه : « هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزيكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة (١) » فكيف كان يعلمهم ما لا يحسن والله لقد كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقرء ويكتب باثنين وسبعين ـ أو قال ، بثلاثة وسبعين ـ لسانا وإنما سمي الأمي لأنه كان من أهل مكة ومكة من أمهات القرى (٢) ، وذلك قول الله عزوجل « لتنذر أم القرى ومن حولها (٣) ».

( باب )

* ( معاني أسماء محمد وعلى وفاطمة والحسن والحسين ) *

* ( والأئمة عليهم‌السلام ) *

١ ـ حدثني أبي ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدثني سعد بن عبد الله ، عن القاسم بن محمد الأصبهاني ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حفص بن غياث النخعي القاضي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : جاء إبليس إلى موسى بن عمران عليه‌السلام وهو يناجي ربه ، فقال له ملك من الملائكة : ما ترجو منه وهو على هذه الحال (٤) يناجي ربه؟ فقال : أرجو منه ما رجوت من أبيه آدم وهو في الجنة. وكان فيما ناجاه أن قال له : يا موسى لا أقبل الصلاة إلا لمن تواضع لعظمتي ، وألزم قلبه خوفي ، وقطع نهاره بذكري ، ولم يبت مصرا على الخطيئة ، وعرف حق أوليائي وأحبائي. فقال : يا رب تعني بأحبائك وأوليائك إبراهيم وإسحاق ويعقوب ، فقال : هم كذلك يا موسى ، إلا أني أردت من من أجله خلقت آدم وحواء ومن من أجله خلقت الجنة والنار. فقال موسى : ومن هو يا رب؟ فقال : محمد أحمد شققت اسمه من اسمي لأني أنا المحمود. فقال موسى : يا رب اجعلني من أمته. قال : أنت يا موسى من أمته إذا عرفته وعرفت منزلته ومنزلة أهل بيته ، إن مثله ومثل أهل بيته و من خلقت كمثل الفردوس في الجنان ، لا ييبس ورقها ، ولا يتغير طعمها ، فمن عرفهم و

__________________

(١) الجمعة : ٢.

(٢) في بعض النسخ [ ومكة أم القرى ].

(٣) أنعام : ٩٢.

(٤) في بعض النسخ [ الحالة ].

٥٤

عرف حقهم جعلت له عند الجهل حلما ، وعند الظلم (١) نورا ، وأجيبه قبل أن يدعوني وأعطيه قبل أن يسألني.

والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢ ـ حدثنا أحمد بن الحسن القطان ، قال : حدثنا (٢) الحسن بن علي بن الحسين السكري ، قال : حدثنا محمد بن زكريا الجوهري الغلابي البصري ، قال : حدثنا جعفر ابن محمد بن عمار [ ة ] ، عن أبيه ، عن جابر بن يزيد الجعفي ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال : سئل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أين كنت وآدم في الجنة قال : كنت في صلبه وهبط بي إلى الأرض في صلبه ، وركبت السفينة في صلب أبي نوح ، وقذف بي في النار في صلب إبراهيم ، لم يلتق لي أبوان على سفاح قط ، لم يزل الله عزوجل ينقلني من الأصلاب الطيبة إلى الأرحام الطاهرة [ المطهرة ] (٣) هاديا مهديا ، حتى أخذ الله بالنبوة عهدي ، وبالإسلام ميثاقي ، وبين كل شئ من صفتي ، وأثبت في التوراة والإنجيل ذكري ، ورقى بي إلى سمائه (٤) ، وشق لي اسما من أسمائه ، أمتي الحامدون وذو العرش محمود وأنا محمد.

وقد روي هذا الحديث من طرق كثيرة.

٣ ـ حدثنا أحمد بن محمد بن الهيثم العجلي ، قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان ، قال : حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب ، قال : حدثنا أبو محمد تميم بن بهلول ، عن أبيه ، عن عبد الله بن الفضل الهاشمي ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده عليهم‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم جالسا وعنده علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام ، فقال : والذي بعثني بالحق بشيرا ، ما على وجه الأرض خلق أحب إلى الله عزوجل ولا أكرم عليه منا ، إن الله تبارك وتعالى شق لي اسما من أسمائه ، فهو محمود وأنا محمد ، وشق لك يا علي اسما من أسمائه ، فهو العلي الأعلى وأنت علي ، وشق لك يا حسن اسما من أسمائه ، فهو المحسن وأنت حسن وشق لك يا حسين اسما من أسمائه فهو ذو الاحسان وأنت حسين ، وشق

__________________

(١) في بعض النسخ [ الظلمة ].

(٢) في بعض النسخ [ حدثني ].

(٣) في بعض النسخ [ طاهرا ومطهرا ].

(٤) في بعض النسخ [ السماء ].

٥٥

لك يا فاطمة اسما من أسمائه فهو الفاطر وأنت فاطمة. ثم قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : اللهم إني أشهدك أني سلم لمن سالمهم ، وحرب لمن حاربهم ، ومحب لمن أحبهم ، ومبغض لمن أبغضهم ، وعدو لمن عاداهم ، وولي لمن والاهم ، لأنهم مني وأنا منهم.

٤ ـ حدثنا أبو نصر أحمد بن الحسين بن أحمد بن عبيد النيسابوري المرواني بنيسابور وما لقيت [ أحدا ] أنصب منه ، قال : حدثنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن مهران السراج ، قال : حدثنا الحسن بن عرفة العبدي ، قال : حدثنا وكيع بن الجراح ، عن محمد بن إسرائيل ، عن أبي صالح ، عن أبي ذر ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يقول : خلقت أنا وعلي من نور واحد نسبح الله يمنة العرش قبل أن خلق آدم بألفي عام ، فلما أن خلق الله آدم جعل ذلك النور في صلبه ولقد سكن الجنة ونحن في صلبه ، ولقد هم بالخطيئة ونحن في صلبه ، ولقد ركب النوح السفينة ونحن في صلبه ، ولقد قذف بإبراهيم في النار ونحن في صلبه ، فلم يزل ينقلنا الله عزوجل من أصلاب طاهرة إلى أرحام طاهرة حتى انتهى بنا إلى عبد المطلب ، فقسمنا بنصفين فجعلني في صلب عبد الله و جعل عليا في صلب أبي طالب وجعل في النبوة والبركة ، وجعل في علي الفصاحة والفروسية وشق لنا اسمين من أسمائه فذو العرش محمود وأنا محمد ، والله الأعلى وهذا علي.

٥ ـ حدثنا الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي الكوفي ، قال : حدثنا فرات بن إبراهيم الكوفي ، قال : حدثنا الحسن بن [ علي بن ] الحسين بن محمد ، قال : حدثنا إبراهيم بن الفضل بن جعفر بن علي بن إبراهيم بن سليمان بن عبد الله بن العباس ، قال : حدثنا الحسن ابن علي الزعفراني البصري ، قال : حدثنا سهل بن بشار ، قال : حدثنا أبو جعفر محمد بن علي الطالقاني ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله مولى بني هاشم ، عن محمد بن إسحاق ، عن الواقدي ، عن الهذيل (١) ، عن مكحول ، عن طاووس ، عن ابن مسعود ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي بن أبي طالب عليه‌السلام : لما خلق الله ـ عزوجل ذكره ـ آدم ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته ، وأسكنه جنته ، وزوجه حواء أمته ، فرفع طرفه نحو العرش فإذا هو بخمسة سطور مكتوبات. قال آدم : يا رب من هؤلاء؟ قال الله عزوجل له : هؤلاء

__________________

(١) في بعض النسخ [ الهذيلي ].

٥٦

الذين إذا تشفع بهم إلي خلقي شفعتهم. فقال آدم : يا رب بقدرهم عندك ما اسمهم؟ قال تعالى : أما الأول فأنا المحمود وهو محمد ، والثاني فأنا العالي وهو علي ، والثالث فأنا الفاطر وهي فاطمة ، والرابع فأنا المحسن وهو الحسن ، والخامس فأنا ذو الاحسان وهو الحسين ، كل يحمد الله عزوجل.

٦ ـ حدثنا أحمد بن الحسن القطان ، قال : حدثنا الحسن بن علي السكري ، قال : حدثنا محمد بن زكريا الجوهري ، قال : حدثنا العباس بن بكار ، قال : حدثنا عباد بن كثير وأبو بكر الهذيلي ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، قال : لما حملت فاطمة عليها‌السلام بالحسن فولدت وقد كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أمرهم أن يلفوه في خرقة بيضاء فلفوه في صفراء وقالت فاطمة عليها‌السلام : يا علي سمه ، فقال : ما كنت لأسبق باسمه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فجاء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فأخذه وقبله وأدخل لسانه في فيه ، فجعل الحسن عليه‌السلام يمصه ، ثم قال لهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ألم أتقدم إليكم أن تلفوه في خرقة بيضاء؟ فدعا بخرقة بيضاء فلفه فيها ورمى بالصفراء ، وأذن في أذنه اليمنى ، وأقام في اليسرى ، ثم قال لعلي عليه‌السلام : ما سميته؟ فقال : ما كنت لأسبقك باسمه ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما كنت لأسبق ربي باسمه ، فأوحى الله جل. ذكره إلى جبرئيل عليه‌السلام أنه قد ولد لمحمد ابن فاهبط إليه فأقرئه مني السلام وهنئه مني ومنك ، وقل له : إن عليا منك بمنزلة هارون من موسى فسمه باسم ابن هارون. فأتى جبرئيل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وهنأه وقال له [ ك ] ما أمره الله تعالى به أن يسمي ابنه باسم ابن هارون ، قال : وما كان اسمه؟ قال : شبر. قال : لساني عربي ، قال : سمه الحسن ، فسماه الحسن ، فلما ولدت الحسين عليه‌السلام جاء إليهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ففعل به كما فعل بالحسن عليه‌السلام وهبط جبرئيل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : إن الله ـ عزوجل ذكره ـ يقرئك السلام ويقول لك ، إن عليا منك بمنزلة هارون من موسى فسمه باسم ابن هارون.

قال : ما كان اسمه؟ قال : شبير ، قال : لساني عربي ، قال : سمه الحسين ، فسماه الحسين.

٧ ـ حدثنا الحسن بن محمد بن يحيى العلوي ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثني جدي قال : حدثنا داود بن القاسم ، قال : أخبرنا عيسى ، قال أخبرنا يوسف بن يعقوب ، قال : حدثنا عنبسة ، عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة ، قال : لما ولدت فاطمة عليها‌السلام الحسن جاءت

٥٧

به إلى النبي فسماه حسنا فلما ولدت الحسين جاءت به إليه وقالت : يا رسول الله هذا أحسن من هذا فسماه حسينا.

٨ ـ حدثنا الحسين بن محمد بن يحيى العلوي ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثني جدي قال : حدثني أحمد بن صالح التميمي ، قال : حدثنا عبد الله بن عيسى ، عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما‌السلام قال : أهدى جبرئيل عليه‌السلام إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله اسم الحسن بن علي في خرقة من حرير من ثياب الجنة واشتق اسم الحسين من الحسن عليهما‌السلام.

٩ ـ حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا عبد العزيز بن يحيى الجلودي بالبصرة قال : حدثني المغيرة بن محمد ، قال : حدثنا رجاء بن سلمة ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما‌السلام قال : خطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه بالكوفة بعد منصرفه من النهروان و بلغه أن معاوية يسبه ويلعنه ويقتل أصحابه ، فقام خطيبا ، فحمد الله وأثنى عليه ، وصلى على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وذكر ما أنعم الله على نبيه وعليه ، ثم قال : لولا آية في كتاب الله ما ذكرت ما أنا ذاكره في مقامي هذا ، يقول الله عزوجل : « وأما بنعمة ربك فحدث (١) » اللهم لك الحمد على نعمك التي لا تحصى ، وفضلك الذي لا ينسى ، يا أيها الناس إنه بلغني ما بلغني وإني أراني قد اقترب أجلي ، وكأني بكم وقد جهلتم أمري ، وإني تارك فيكم ما تركه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كتاب الله وعترتي وهي عترة الهادي إلى النجاة خاتم الأنبياء ، و سيد النجباء ، والنبي المصطفى ، يا أيها الناس لعلكم لا تسمعون قائلا يقول مثل قولي بعدي إلا مفتر ، أنا أخو رسول الله ، وابن عمه ، وسيف نقمته ، وعماد نصرته وبأسه وشدته ، أنا رحى جهنم الدائرة ، وأضراسها الطاحنة ، أنا موتم البنين والبنات ، أنا قابض الأرواح وبأس الله الذي لا يرده عن القوم المجرمين ، أنا مجدل الابطال ، وقاتل الفرسان ، ومبير من كفر بالرحمن (٢) ، وصهر خير الأنام ، أنا سيد الأوصياء ووصي خير الأنبياء ، أنا باب مدينة العلم وخازن علم رسول الله ووارثه ، وأنا زوج البتول سيده نساء العالمين فاطمة التقية

__________________

(١) الضحى : ١١.

(٢) أي مهلك من كفر بالرحمن. وفى بعض النسخ [ مبيد من كفر ].

٥٨

النقية الزكية المبرة (١) المهدية ، حبيبة حبيب الله وخير بناته وسلالته وريحانة رسول الله ، سبطاه خير الأسباط ، وولداي خير الأولاد ، هل أحد ينكر ما أقول؟ أين مسلموا أهل الكتاب؟ أنا اسمي في الإنجيل « اليا » وفي التوراة « برئ » وفي الزبور « أري » وعند الهند « كبكر » وعند الروم « بطريسا » وعند الفرس « جبتر (٢) » وعند الترك « بثير » وعند الزنج « حيتر (٣) » وعند الكهنة « بويئ » وعند الحبشة « بثريك (٤) » وعند أمي « حيدرة » وعند ظئري « ميمون » وعند العرب « علي » وعند الأرمن « فريق » وعن أبي « ظهير ». ألا وإني مخصوص في القرآن بأسماء ، احذروا أن تغلبوا عليها فتضلوا في دينكم ، يقول الله عزوجل : « إن الله مع الصادقين (٥) » أنا ذلك الصادق ، وأنا المؤذن في الدنيا والآخرة ، قال الله عزوجل : « فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الضالمين (٦) » أنا ذلك المؤذن ، وقال : « وأذان من الله ورسوله (٧) » فأنا ذلك الاذان ، وأنا المحسن ، يقول الله عزوجل : « إن الله لمع المحسنين (٨) » وأنا ذو القلب ، فيقول الله : « إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب (٩) » وأنا الذاكر ، يقول الله عزوجل : « الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم (١٠) » ونحن أصحاب الأعراف أنا وعمي وأخي و ابن عمي. والله فالق الحب والنوى لا يلج النار لنا محب ، ولا يدخل الجنة لنا مبغض ، يقول الله عزوجل : « وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم (١١) » وأنا الصهر ، يقول الله عزوجل : « وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا (١٢) » وأنا الاذن

__________________

(١) في بعض النسخ [ البرة ].

(٢) في بعض النسخ [ جبير ] وفى بعضها [ جنتر ].

(٣) في بعض النسخ [ جبتر ].

(٤) في بعض النسخ [ ثبريك ].

(٥) كذا وليست في المصحف هكذا ولعله مضمون مأخوذ منه.

(٦) الأعراف : ٤٣.

(٧) التوبة : ٣. « وأذان » أي اعلام فعال بمعنى الأفعال كالأمان والعطاء رفعه للخبرية.

(٨) العنكبوت : ٦٩.

(٩) ق : ٣٦.

(١٠) آل عمران : ١٨٨.

(١١) الأعراف : ٤٤.

(١٢) الفرقان : ٥٦.

٥٩

الواعية ، يقول الله عزوجل : « وتعيها اذن واعية (١) » وأنا السلم لرسله يقول الله عز وجل : « ورجلا سلما لرجل (٢) » ومن ولدي مهدي هذه الأمة. ألا وقد جعلت محنتكم ببغضي يعرف المنافقون ، وبمحبتي امتحن الله المؤمنين ، هذا عهد النبي الأمي إلي أنه لا يحبك إلا مؤمن ، ولا يبغضك إلا منافق ، وأنا صاحب لواء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في الدنيا والآخرة ، ورسول الله فرطي ، وأنا فرط شيعتي ، والله لا عطش محبي ، ولا خاف وليي ، وأنا ولي المؤمنين ، والله وليي حسب (٣) محبي أن يحبوا ما أحب الله ، وحسب (٤) مبغضي أن يبغضوا ما أحب الله ، ألا وإنه بلغني أن معاوية سبني ولعنني. اللهم اشدد وطأتك عليه ، وأنزل اللعنة على المستحق ، آمين [ يا ] رب العالمين ، رب إسماعيل وباعث إبراهيم إنك حميد مجيد ، ثم نزل عليه‌السلام عن أعواده فما عاد إليها حتى قتله ابن ملجم ـ لعنه الله ـ.

قال جابر سنأتي على تأويل ما ذكرنا من أسمائه. أما قوله عليه‌السلام : أنا اسمي في الإنجيل « إليا » فهو علي بلسان العرب ، وفي التوراة « برئ » قال : برئ من الشرك ، و عند الكهنة « بويئ » هو من تبؤ مكانا وبرأ غيره مكانا وهو الذي يبوء الحق منازله ، و يبطل الباطل ويفسده ، وفي الزبور « اري » وهو السبع الذي يدق العظم ويفرس اللحم وعند الهند « كبكر » قال : يقرؤون في كتب عندهم فيها ذكر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وذكر فيها أن ناصره « كبكر » وهو الذي إذا أراد شيئا لج فيه ولم يفارقه حتى يبلغه ، وعند الروم « بطريسا » قال : هو مختلس الأرواح ، وعن الفرس ( حبتر ) وهو البازي الذي يصطاد ، و عند الترك « بثير » قال : هو النمر الذي إذا وضع مخلبه في شئ هتكه ، وعند الزنج « حيتر » قال : هو الذي يقطع الأوصال ، وعند الحبشة « بثريك » قال : هو المدمر على كل شئ أتى عليه ، وعند أمي « حيدرة » قال : هو الحازم الرأي الخبير النقاب النظار في دقائق الأشياء ، وعند ظئري « ميمون » قال جابر : أخبرني محمد بن علي عليه‌السلام ، قال : كانت ظئر

__________________

(١) الحاقة : ١٢. أي اذن التي من شأنها أن تحفظ ما يجب حفظه لتذكره والتفكر فيه.

(٢) الزمر : ٣٠.

(٣) في بعض النسخ [ حبب ].

(٤) في بعض النسخ [ تحبب ].

٦٠