معاني الأخبار

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

معاني الأخبار

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع
المطبعة: دار المعرفة للطباعة والنشر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٣٨

عن عكرمة ، عن ابن عباس ، وحدثنا محمد بن علي ماجيلويه ، عن عمه محمد بن أبي القاسم ، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن أبان ابن تغلب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : ذكرت الخلافة عند أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام فقال :

والله لقد تقمصها أخو تيم وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى ينحدر عنه السيل ، ولا يرتقي إليه الطير ، فسدلت دونها ثوبا ، وطويت عنها كشحا ، وطفقت أرتئي [ ما ] بين أن أصول بيد جذاء أو أصبر على طخية عمياء ، يشيب فيها الصغير ، ويهرم فيها الكبير ، ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى الله [ ربه ].

فرأيت أن الصبر على هاتا أحجى ، فصبرت وفي العين قذى ، وفي الحلق شجى ، أرى تراثي نهبا ، حتى إذا مضى الأول لسبيله عقدها لأخي عدي بعده ، فيا عجبا بينا هو يستقيلها في حياته إذ عقدها لآخر بعد وفاته ، فصيرها والله في حوزة خشناء ، يخشن مسها ، ويغلظ كلمها ، ويكثر العثار والاعتذار [ منها ] ، فصاحبها كراكب الصعبة إن عنف بها حرن ، (١) وإن سلس بها غسق فمني الناس بتلون واعتراض وبلوا مع هن وهني.

فصبرت على طول المدة وشدة المحنة حتى إذا مضى لسبيله جعلها في جماعة زعم أني منهم ، فيالله لهم وللشورى ، متى اعترض الريب في مع الأول منهم حتى صرت أقرن بهذه النظائر؟ فمال رجل بضبعه ، (٢) وأصغى آخر لصهره ، وقام ثالث القوم نافجا حضينه بين نثيله ومعتلفه ، وقام معه بنو أمية يهضمون مال الله هضم الإبل نبتة الربيع ، حتى أجهز عليه عمله ، فما راعني إلا والناس إلي كعرف الضبع ، قد انثالوا علي من كل جانب ، حتى لقد وطئ الحسنان وشق عطافي ، حتى إذا نهضت بالامر نكثت طائفة وفسقت أخرى ومرق آخرون ، كأنهم لم يسمعوا قول الله تبارك وتعالى. « تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين » (٣)

__________________

(١) بفتح المهملتين أي وقف.

(٢) كذا وفى النهج والعلل « لضغنه » أي لحقده وحسده. وهذا إشارة إلى سعد بن أبي وقاص ولكن يأتي من المؤلف معنى الضبع وقال : في رواية بضلعه.

(٣) القصص : ٨٣.

٣٦١

بلى والله لقد سمعوا ولكن احلولت الدنيا في أعينهم ، وراقهم زبرجها ، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لولا حضور الناصر وقيام الحجة (١) وما أخذ الله تعالى على العلماء أن لا يقروا [ على ] كظة ظالم ولا سغب مظلوم لا لقيت حبلها على غاربها ، ولسقيت آخرها بكأس أولها ، ولألفيتم دنياكم أزهد عندي من عفطة (٢) عنز.

قال : وناوله رجل من أهل السواد كتابا فقطع كلامه وتناول الكتاب فقلت : يا أمير المؤمنين لو اطردت مقالتك إلى حيث بلغت.

فقال : هيهات يا ابن عباس! تلك شقشقة هدرت ثم قرت. فما أسفت على كلام قط كأسفي على كلام أمير المؤمنين صلوات الله عليه إذ لم يبلغ حيث أراد.

قال مصنف هذا الكتاب : سألت الحسن بن عبد الله بن سيعد العسكري عن تفسير هذا الخبر ففسره لي وقال :

تفسير الخبر قوله عليه‌السلام : « لقد تقمصها » أي لبسها مثل القميص ، يقال : تقمص الرجل أو تدرع وتردي وتمندل.

وقوله : « محل القطب من الرحي » أي تدور علي كما تدور الرحى على قطبها.

وقوله : « ينحدر عنه السيل ولا يرتقي إليه الطير » يريد أنها ممتنعة على غيري لا يتمكن منها ولا يصلح له.

وقوله : « فسدلت دونها ثوبا » أي أعرضت عنها ولم أكشف وجوبها لي. و « والكشح » الجنب والخاصرة ، فمعنى قوله : « طويت عنها » أي أعرضت عنها ، و « الكاشح » الذي يوليك كشحه أي جنبه.

وقوله : « طفقت » أي أقبلت وأخذت. « ارتئي » أي أفكر وأستعمل الرأي وأنضر في « أن أصول بيد جذاء » وهي المقطوعة ، وأراد قلة الناصر.

وقوله : « أو أصبر على طخية » فللطخية موضعان أحدهما الظلمة والآخر الغم و

__________________

(١) في بعض النسخ [ حضور الحاضر وقيام الحجة بوجود الناصر ] وهكذا في النهج.

(٢) في بعض النسخ [ حبقة ].

٣٦٢

الحزن ، يقال : « أجد على قلبي طخيا » أي حزنا وغما ، وهو ههنا يجمع الظلمة والغم والحزن.

وقوله : « يكدح مؤمن » أي يدأب ويكسب لنفسه ولا يعطي حقه.

وقوله : « أحجى » أي أولى ، يقال : هذا أو حجي من هذا ، وأخلق وأحرى وأوجب. كله قريب المعنى.

وقوله : « في حوزة » أي في ناحية ، ، يقال : حزت الشئ أحوزه حوزا ، إذا جمعته ، والحوزة ناحية الدار وغيرها.

وقوله : « كراكب الصعبة » يعنى الناقة التي لم ترض ان عنف بها ، و « العنف » ضد الرفق.

وقوله : « حرن » : وقف ولم يمش ، وإنما يستعمل الحران في الدواب ، فأما في الإبل فيقال : « أخلت الناقة » و « بها خلا » وهو مثل حران الدواب إلا أن العرب ربما تستعيره في الإبل.

وقوله : « إن سلس غسق » أي أدخله في الظلمة. وقوله : « مع هن وهني » يعني الأدنياء من الناس : تقول العرب : « فلان هني » وهو تصغير « هن » أي هو دون من الناس ، ويريدون بذلك تصغير أمره.

وقوله : « فمال رجل بضبعه » ويروي « بضلعه » وهما قريب ، وهو أن يميل بهواء و نفسه إلى رجل بعينه.

وقوله : « أصغى آخر لصهره » والصغو : الميل ، يقال : « صغوك مع فلان » أي ملك معه.

وقوله : « نافجا حضينه » يقال في الطعام والشراب وما أشبههما ، « قد انتفج بطنه » بالجيم ويقال في كل داء يعتري الانسان : « قد انتفخ بطنه » بالخاء ، و « الحضنان » جانبا الصدر.

وقوله : « بين نثيله ومعتلفه » فالنثيل قضيب الجمل وإنما استعاره الرجل ههنا و « المعتلف » الموضع الذي يعتلف فيه أي يأكل ، ومعنى الكلام أنه بين مطعمه ومنكحه.

وقوله : « يهضمون » أي يكسرون وينقضون ، ومنه قولهم : « هضمني الطعام » أي نقضني.

٣٦٣

وقوله : « حتى أجهز » أي أتى عليه وقتله ، يقال : « أجهزت على الجريح » إذا كانت به جراحة فقتلته.

وقوله : « كعرف الضبع » شبههم به لكثرته ، والعرف الشعر الذي يكون على عنق الفرس فاستعاره للضبع.

وقوله : « قد انثالوا » أي انصبوا على وكثروا : ويقال : « انثلت ما في كنانتي من السهام » إذا صببته.

وقوله : « وشق عطا في » يعنى رداءه ، والعرب تسمى الرداء « العطاف ».

وقوله : « وراقهم زبرجها » أي أعجبهم حسنها ، وأصل الزبرج النقش وهو ههنا زهرة الدنيا وحسنها.

وقوله : « ألا يقروا [ على ] كظة ظالم » فالكظة الامتلاء يعنى أنهم لا يصبرون على امتلاء الظالم من المال الحرام ولا يقاروه على ظلمه وقوله : « ولا سغب مظلوم » فالسغب الجوع ومعناه منعه من الحق الواجب له.

وقوله : « لألقيت حبلها على غاربها » هذا مثل ، تقول العرب ألقيت حبل البعير على غاربه ليرعى كيف شاء.

ومعنى قوله : « ولسقيت آخرها بكأس أولها » أي لتركتهم في ضلالتهم وعماهم.

وقوله : « أزهد عندي » فالزهيد القليل.

وقوله : « من حبقة عنز » فالحبقة ما يخرج من دبر العنز من الريح ، و « العفطة » ما يخرج من أنفها.

وقوله : « تلك شقشقة » فالشقشقة ما يخرجه البعير من جانب فمه إذا هاج وسكر.

( باب )

* ( معنى التين والزيتون وطور سينين والبلد الأمين ) *

١ ـ حدثنا أبي ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا محمد بن يحيى العطار ، قال : حدثنا

٣٦٤

أحمد بن محمد بن خالد ، قال : حدثني أبو عبد الله الرازي ، عن الحسن بن علي بن أبي عثمان عن موسى بن بكر ، عن أبي الحسن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الله تبارك وتعالى اختار من البلدان أربعة فقال عزوجل : « والتين و الزيتون وطور سينين وهذا البلد الأمين » التين المدينة ، والزيتون بيت المقدس ، وطور سينين الكوفة ، وهذا البلد الأمين مكة.

( باب )

* ( معنى أنواع السكر ) *

١ ـ حدثنا أبي ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، قال : حدثنا إبراهيم بن هاشم ، عن القاسم بن يحيى ، عن جده الحسن بن راشد ، عن أبي بصير ، ومحمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : السكر أربع سكرات : سكر الشراب ، وسكر المال ، وسكر النوم ، وسكر الملك.

( باب )

* ( معنى الناصب ) *

١ ـ حدثنا محمد بن علي ماجيلويه ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدثني عمى محمد بن أبي القاسم ، عن محمد بن علي الكوفي ، عن ابن فضال عن المعلى بن خنيس ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ليس الناصب من نصب لنا أهل البيت لأنك لا تجد أحدا يقول : أنا أبغض محمدا وآل محمد ، ولكن الناصب من نصب لكم وهو يعلم أنكم تتولونا أو تتبرؤون من أعدائنا ، وقال عليه‌السلام : من أشبع عدوا لنا فقد قتل وليا لنا.

( باب )

* ( معنى أيام الله عزوجل ) *

١ ـ حدثنا أبي ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري ، قال : حدثنا

٣٦٥

إبراهيم بن هاشم ، عن محمد بن أبي عمير ، عن مثنى الحناط ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما‌السلام قال : أيام الله عزوجل ثلاثة ، يوم يقوم القائم ويوم الكرة (١) ويوم القيامة.

( باب )

* ( معنى الأشد والأقوى ) *

١ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، قال : حدثنا العباس بن معروف ، قال : حدثنا محمد بن يحيى الخزاز ، عن غياث بن إبراهيم ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده عليهم‌السلام قال : مر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بقوم يرفعون حجرا ، فقال : ما هذا؟ قالوا : نعرف بذلك أشدنا وأقوانا فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : ألا أخبركم بأشدكم وأقواكم؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : أشدكم وأقواكم الذي إذا رضى لم يدخله رضاه في إثم ولا باطل ، وإذا سخط لم يخرجه سخطه من قول الحق ، وإذا قدر لم يتعاط ما ليس له بحق. (٢)

( باب )

* ( معنى أفضل اجزاء العبادة ) *

١ ـ حدثنا أبي ـ رحمه‌الله قال : حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه عن

__________________

(١) أي الرجعة.

(٢) هكذا كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يعلم الناس بألين لسان ، ويبين لهم المعارف بأحسن بيان ، فقد بين في كلامه هذا أن على المرء المسلم أن يترك مالا يعنيه في أمر دينه وآخرته ولا يحوم حوم مالا يكون طريقا إلى سعادته ولا دخل له في السير إلى مقصده من حياته وغاية خلقته بل يجب عليه أن يتعقب المعارف الدينية والكمالات الحقيقية والأخلاق الفاضلة ويطلبها بكل سعى واجتهاد واستقامة وسداد. ويطلب من الدنيا ما يتوسل به إلى سعادته وهنئ عيشه في المعاد. فإذا أراد أن يسبق الاقران ويبادر إلى نيل الكمال وأخذ السبقة فليرد في ميدان الايمان والمعرفة ومضمار العمل والمجاهدة ويسابق رجال العلم والحكمة ويذر ما يقر عيون الصبيان من لعب الدنيا ولهوها ويغرهم من بياضها وحمرتها والمفاخرة بزخارفها وأوهامها فأين طالب الحق ورجل الحقيقة من مجالسة الجهال ومفاخرة الصبيان : وما لجليس الملك ونديم السلطان واللعب بالصولجان؟! ( م )

٣٦٦

الحسين بن يزيد النوفلي ، عن إسماعيل بن مسلم ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : العبادة سبعون جزءا وأفضلها جزءا (١) طلب الحلال.

( باب )

* ( معنى غريبتين يجب احتمالهما ) *

١ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، قال : حدثنا إبراهيم بن هاشم ، عن الحسين بن يزيد النوفلي ، عن إسماعيل بن أبي زياد السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : غريبتان فاحتملوهما كلمة حكمة من سفيه فاقبلوها ، وكلمة سفه من حكيم فاغفروها.

( باب )

* ( معنى داء الأمم الذي دب إلى هذه الأمة ) *

١ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدثنا الحسن ابن محمد بن إسماعيل القرشي ، قال : حدثنا أحمد بن محمد [ بن عيسى ] عن الحسن بن علي بن فضال ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال : حدثني ، أبي ، عن آبائه ، عن علي عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : دب إليكم داء الأمم قبلكم : البغضاء والحسد.

( باب )

* ( معنى الصلاة من الله عزوجل ومن الملائكة ومن المؤمنين ) * * ( على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومعنى التسليم ) *

١ ـ حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور قال : حدثنا الحسين بن محمد بن عامر ، قال حدثنا

__________________

(١) في بعض النسخ [ أفضلها جزءا ].

٣٦٧

المعلى بن محمد البصري ، عن محمد بن جمهور العمي ، عن أحمد بن حفص البزاز الكوفي ، عن أبيه ، عن ابن أبي حمزة ، عن أبيه قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : « إن الله و ملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما (١) » فقال : الصلاة من الله عزوجل رحمة ، ومن الملائكة تزكية ، ومن الناس دعاء. وأما قوله عزوجل : « وسلموا تسليما » فإنه يعني التسليم له فيما ورد عنه. قال : فقلت له : فكيف نصلي على محمد وآله؟ قال تقولون : صلوات الله وصلوات ملائكته وأنبيائه ورسله وجميع خلقه على محمد وآل محمد والسلام عليه وعليهم ورحمة الله وبركاته ، قال : فقلت : فما ثواب من صلى على النبي وآله بهذه الصلاة؟ قال : الخروج من الذنوب والله كهيئته يوم ولدته أمه.

( باب )

* ( معنى مواضع اللعن ) *

١ ـ حدثنا محمد بن أحمد السناني ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي ، عن موسى بن عمران النخعي ، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي ، عن محمد بن حمران ، عن أبيه ، عن أبي خالد الكابلي ، قال : قيل لعلي بن الحسين عليهما‌السلام : أين يتوضأ الغرباء؟ قال : يتقون شطوط الأنهار ، والطرق النافذة ، وتحت الأشجار المثمرة ، ومواضع اللعن قيل له : وما مواضع اللعن؟ فقال : أبواب الدور.

( باب )

* ( معنى العروة الوثقى التي لا انفصام لها ) *

١ ـ حدثنا محمد بن علي ماجيلويه ، قال : حدثني عمي محمد بن أبي القاسم ، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، عن أبيه ، عن خلف بن حماد الأسدي ، عن أبي الحسن العبدي ، عن الأعمش عن عباية بن ربعي ، عن عبد الله بن عباس ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من أحب أن يتمسك (٢)

__________________

(١) الأحزاب : ٥٦.

(٢) في بعض النسخ [ يستمسك ].

٣٦٨

بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها فليتمسك (١) بولاية أخي ووصيي علي بن أبي طالب فإنه لا يهلك من أحبه وتولاه ولا ينجو من أبغضه وعاداه.

( باب )

* ( معنى الصبر والمصابرة والمرابطة ) *

١ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، قال : حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن علي بن أسباط ، عن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : « يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا (٢) » فقال : اصبروا على المصائب ، وصابروهم على التقية ، ورابطوا على من تقتدون به ، واتقوا الله لعلكم تفلحون.

( باب )

* ( معنى الرغبة والرهبة والتبتل والابتهال والتضرع والبصبصة ) *

* ( في الدعاء ) *

١ ـ حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود ، عن أبيه قال : حدثنا محمد بن نصير ، قال : حدثنا أحمد بن محمد ابن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله صلوات الله عليه في قول الله عزوجل : « فما استكانوا لربهم وما يتضرعون (٣) » قال : التضرع رفع اليدين.

١ ـ حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدثنا جعفر

__________________

(١) في بعض النسخ [ فليستمسك ].

(٢) آل عمران : ٢٠٠.

(٣) المؤمنون : ٧٥.

٣٦٩

ابن محمد بن مسعود ، عن أبيه ، عن جعفر بن أحمد (١) ، قال : حدثني العمركي ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر عليهما‌السلام ، قال : التبتل أن تقلب كفيك في الدعاء إذا دعوت ، والابتهال أن تبسطهما وتقدمهما ، والرغبة أن تستقل براحتيك السماء وتستقبل بهما وجهك ، والرهبة أن تكفئ (٢) كفيك فترفعهما إلى الوجه ، والتضرع أن تحرك إصبعيك وتشير بهما.

وفي حديث آخر : أن البصبصة ، أن ترفع سبابتيك إلى السماء ، وتحركهما وتدعو.

( باب )

* ( معنى قول لا إله إلا الله بإخلاص ) *

١ ـ حدثنا أبي ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن محمد بن حمران ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من قال : « لا آله إلا الله » مخلصا دخل الجنة وإخلاصه أن يحجزه « لا إله إلا الله » عما حرم الله عزوجل.

٢ ـ حدثنا أبي ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، والحسن بن علي الكوفي ، وإبراهيم بن هاشم كلهم ، عن الحسين بن يوسف ، عن سليمان بن عمرو ، عن مهاجر بن الحسن ، عن زيد بن أرقم ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من قال : « لا إله إلا الله » مخلصا دخل الجنة وإخلاصه أن يحجزه « لا إله إلا الله » عما حرم الله عزوجل.

( باب )

* ( معنى حصن الله عزوجل ) *

١ ـ حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدثنا أبو الحسين محمد بن جعفر الأسدي ، قال : حدثنا محمد بن حسين الصوفي ، قال : حدثنا يوسف بن

__________________

(١) في بعض النسخ [ جعفر بن محمد ] وقد مر الكلام فيه.

(٢) أكفأ الاناء : قلبه ليصب ما فيه.

٣٧٠

عقيل ، عن إسحاق بن راهويه قال : لما وافى أبو الحسن الرضا عليه‌السلام نيسابور وأراد أن يخرج منها إلى المأمون اجتمع إليه أصحاب الحديث فقالوا له : يا ابن رسول الله ترحل عنا ولا تحدثنا بحديث فنستفيده منك؟ وكان قد قعد في العمارية فأطلع رأسه وقال : سمعت أبي موسى بن جعفر يقول : سمعت أبي جعفر بن محمد يقول : سمعت أبي محمد بن علي يقول : سمعت أبي علي بن الحسين يقول : سمعت أبي الحسين بن علي بن أبي طالب يقول : سمعت أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم‌السلام يقول : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : سمعت جبرئيل عليه‌السلام يقول : سمعت الله عزوجل يقول : « لا إله إلا الله حصني ، فمن دخل حصني أمن [ من ] عذابي » قال : فلما مرت الراحلة نادانا : بشروطها وأنا من شروطها وقد أخرجت ما رويته في هذا المعنى من الاخبار في كتاب التوحيد (١).

( باب )

* ( معنى آخر لحصن الله عزوجل ) *

١ ـ حدثنا محمد بن الحسن القطان ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن محمد الحسيني ، قال : حدثني محمد بن إبراهيم بن محمد الفزاري ، قال : حدثني عبد الله بن بحر الأهوازي ، قال : حدثني أبو الحسن علي بن عمرو ، قال : حدثنا الحسن بن محمد بن جمهور ، قال : حدثني علي بن بلال ، عن علي بن موسى الرضا ، عن موسى بن جعفر ، عن جعفر بن محمد ، عن محمد بن علي ، عن علي بن الحسين ، عن الحسين بن علي ، عن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، عن جبرئيل ، عن ميكائيل ، عن إسرافيل ، عن اللوح ، عن القلم ، قال : يقول الله تبارك وتعالى : « ولاية علي بن أبي طالب ـ صلوات الله عليه ـ حصني ، فمن دخل حصني أمن ناري ».

__________________

(١) في التوحيد ص ٢٥ بعد ذكر الخبر « قال مصنف هذا الكتاب : من شروطها الاقرار للرضا عليه‌السلام بأنه امام من قبل الله عزوجل على العباد ، مفترض الطاعة عليهم ».

٣٧١

( باب )

* ( معنى وفاء العباد بعهد الله ومعنى وفاء الله عزوجل بعهد العباد ) *

١ ـ حدثنا أبي ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدثنا محمد بن أبي القاسم ، عن محمد بن علي القرشي ، قال : حدثنا أبو الربيع الزهراني (١) ، قال : حدثنا حريز ، عن ليث بن أبي سليم ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما أنزل الله تبارك وتعالى : « وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم » (٢) والله لقد خرج آدم من الدنيا وقد عاهد [ قومه ] على الوفاء لولده شيث ، فما وفي له ، ولقد خرج نوح من الدنيا وعاهد قومه على الوفاء لوصيه سام ، فما وفت أمته ، ولقد خرج إبراهيم من الدنيا وعاهد قومه على الوفاء لوصيه إسماعيل ، فما وفت أمته ، ولقد خرج موسى من الدنيا وعاهد قومه على الوفاء لوصيه يوشع بن نون فما وفت أمته ، ولقد رفع عيسى ابن مريم إلى السماء وقد عاهد قومه على الوفاء لوصيه شمعون بن حمون الصفا فما وفت أمته ، وإني مفارقكم عن قريب وخارج من بين أظهركم وقد عهدت إلى أمتي في علي بن أبي طالب وإنها [ ا ] لراكبة (٣) سنن من قبلها من الأمم في مخالفة وصيي وعصيانه ، ألا وإني مجدد عليكم عهدي في علي ، فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد الله فسيؤتيه أجرا عظيما.

أيها الناس إن عليا إمامكم من بعدي ، وخليفتي عليكم ، وهو وصيي ، ووزيري ، وأخي ، وناصري ، وزوج ابنتي ، وأبو ولدي ، وصاحب شفاعتي وحوضي ولوائي ، من أنكره فقد أنكرني ، ومن أنكرني فقد أنكر الله عزوجل ، ومن أقر بإمامته فقد أقر بنبوتي ، ومن أقر بنبوتي فقد أقر بوحدانية الله عزوجل.

أيها الناس من عصى عليا فقد عصاني ، ومن عصاني فقد عصى الله عزوجل ،

__________________

(١) هو أبو الربيع سليمان بن داود الزهراني.

(٢) البقرة : ٤٠.

(٣) الضمير في « انها » راجع إلى الأمة. ( م )

٣٧٢

ومن أطاع عليا فقد أطاعني ، ومن أطاعني فقد أطاع الله.

أيها الناس من رد علي علي في قول أو فعل فقد رد علي ، ومن علي فقد رد على الله فوق عرشه.

أيها الناس من اختار منكم على علي إماما فقد اختار علي نبيا ومن اختار علي نبيا فقد اختار الله عزوجل ربا.

أيها الناس إن عليا سيد الوصيين ، وقائد الغر المحجلين ، ومولى المؤمنين ، وليه وليي ، ووليي ولي الله ، وعدوه عدوي ، وعدوي عدو الله.

أيها الناس أوفوا بعهد الله في علي يوف لكم في الجنة يوم القيامة.

( باب )

* ( معنى الربوة والقرار والمعين ) *

١ ـ حدثنا المظفر بن جعفر المظفر العلوي السمرقندي ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود ، عن أبيه ، عن الحسين بن إشكيب ، عن عبد الرحمن بن حماد ، عن أحمد بن الحسن ، عن صدقة بن حسان ، عن مهران بن أبي نصر ، عن يعقوب ابن شعيب ، عن سعد الإسكاف ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام في قول الله عزوجل : « وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين » (١) قال : الربوة : الكوفة ، والقرار : المسجد ، والمعين : الفرات.

( باب )

* ( معنى الصفح الجميل ) *

١ ـ حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني ، قال : أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني قال : حدثنا علي بن الحسن بن فضال ، عن أبيه ، قال : قال الرضا

__________________

(١) المؤمنون : ٥٣.

٣٧٣

عليه‌السلام في قوله الله عزوجل : « فاصفح الصفح الجميل » (١) قال : العفو من غير عتاب.

( باب )

* ( معنى الخوف والطمع ) *

١ ـ حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني ، قال : حدثنا علي بن الحسن بن فضال ، عن أبيه قال : قال الرضا عليه‌السلام في قول الله عزوجل : « هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا » (٢) قال : خوفا للمسافر ، وطمعا للمقيم.

( باب )

* ( معنى الحسنة التي تدخل العبد الجنة ) *

١ ـ حدثنا محمد بن علي ماجيلويه ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدثنا علي بن إبراهيم ابن هاشم ، عن أبيه ، عن داود بن سليمان ، عن علي بن موسى الرضا ، عن الصادق عليهم‌السلام قال : أوحى الله عزوجل إلى داود عليه‌السلام : أن العبد من عبادي ليأتيني بالحسنة فأدخله الجنة. قال : يا رب وما تلك الحسنة؟ قال : يفرج عن المؤمن كربته ولو بتمرة ، فقال داود عليه‌السلام : حق على من عرفك أن لا يقطع رجاءه منك.

( باب )

* ( معنى قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله « اللهم ارحم خلفائي » ثلاثا ) *

١ ـ حدثنا أبي ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن الحسين بن يزيد النوفلي ، عن علي بن داود اليعقوبي ، عن عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي [ بن أبي طالب ] عليه‌السلام قال :

__________________

(١) الحجر : ٨٥.

(٢) الرعد : ١٢.

٣٧٤

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اللهم ارحم خلفائي ، اللهم ارحم خلفائي ، اللهم ارحم خلفائي. قيل له : يا رسول الله ومن خلفاؤك؟ قال : الذين يأتون من بعدي يروون حديثي وسنتي.

( باب )

* ( معنى تمام الطعام ) *

١ ـ حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن إسماعيل بن مسلم السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الطعام إذا جمع أربع خصال فقد تم؟ إذا كان من حلال ، وكثرت الأيدي عليه ، وسمي الله تبارك وتعالى في أوله ، وحمد في آخره.

( باب )

* ( معنى ما كتبته أم سلمة إلى عائشة لما أرادت الخروج إلى البصرة ) *

١ ـ حدثنا محمد بن علي ماجيلويه ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدثني عمي [ محمد بن أبي القاسم ] ، عن محمد بن علي الصيرفي القرشي الكوفي ، قال : حدثنا نصر بن مزاحم المنقري ، عن عمر بن سعد ، عن أبي مخنف لوط بن يحيى ، عن عقبة الأزدي ، عن أبي أخنس الأرحبي (١) قال : لما أرادت عائشة الخروج إلى البصرة كتبت إليها أم سلمة ـ رضي‌الله‌عنها ـ زوجة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله :

أما بعد فإنك سدة بين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وبين أمته وحجابه المضروب (٢) على حرمته وقد جمع القرآن ذيلك فلا تندحيه ، وسكن عقيراك فلا تصحريها ، [ إن ] الله من وراء هذه الأمة ، قد علم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مكانك لو أراد أن يعهد إليك لفعل ، ولقد عهد ، فاحفظي ما

__________________

(١) في بعض النسخ [ أبى الحسن الأزجي ] وفى بعضها [ أبى الحسن الأرجني ].

(٢) في بعض النسخ [ حجابة مضروبة ].

٣٧٥

عهد فلا تخالفي فيخالف بك ، واذكري قوله عليه‌السلام في نباح الكلاب (١) بحوأب ، وقوله « ما للنساء والغزو؟ » وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « انظري يا حميراء ألا تكوني أنت علت علت بل قد نهاك عن الفرطة في البلاد وإن عمود الاسلام لن يثاب بالنساء إن مال ، ولن يرأب بهن إن صدع ، حماديات النساء غض الابصار ، وخفر الاعراض ، وقصر الوهازة ، ما كنت قائله لو أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عارضك ببعض الفلوات ، ناصة قلوصا من منهل إلى آخر؟! إن بعين الله مهواك ، وعلى رسول الله تردين ، قد وجهت سدافته ، وتركت عهيداه ، لو سرت مسيرك هذا ثم قيل لي : « ادخلي الفردوس » لاستحييت أن ألقى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله هاتكة حجابا قد ضربه علي ، اجعلي حصنك بيتك ورباعة الستر قبرك ، حتى تلقيه ، وأنت على تلك الحال أطوع ما تكونين لله ما لزمته ، وأنصر ما تكونين للدين ما جلست عنه ، لو ذكرتك بقول تعرفينه لنهشتني نهش الرقشاء المطرق. فقالت عائشة : ما أقبلني لوعظك ، وما أعرفني بنصحك ، وليس الامر على ما تظنين ولنعم المسير ومسيرا فزعت إلي فيه فئتان متشاجرتان ، إن أقعد ففي غير حرج ، وإن أنهض فإلى ما لا بد من الا زياد منه. فقالت أم سلمة :

لو كان معتصما من زلة أحد

كانت لعائشة العتبى على الناس

كم سنة لرسول الله دارسة

وتلو آي من القرآن مدارس

قد ينزع الله من قوم عقولهم

حتى يكون الذي يقضى على الرأس

تفسيره : قولها ـ رحمه‌الله عليها ـ « إنك سدة بين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله » أي إنك باب بينه وبين أمته في حريمه وحوزته فاستبيح ما حماه فلا تكوني أنت سبب ذلك بالخروج الذي لا يجب عليك لتحوجي الناس إلى أن يفعلوا مثل ذلك.

وقولها : « فلا تندحيه » أي لا تفتحيه فتوسعيه بالحركة والخروج ، يقال : « ندحت الشئ » إذا وسعته ومنه يقال : « أنا في مندوحة عن كذا » أي في سعة.

وتريد بقولها : « قد جمع القرآن ذيلك » قول الله عزوجل : « وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى » (٢).

__________________

(١) في بعض النسخ [ كلاب الحوأب ] وقد تقدم معنى الحوأب والجمل الأديب. ( م )

(٢) الأحزاب : ٣٣.

٣٧٦

وقولها : « وسكن عقيراك » من عقر الدار وهو أصلها وأهل الحجاز يضمون العين ، و أهل نجد يفتحونها : فكانت « عقيرا » اسم مبني من ذاك على التصغير ، ومثله ما جاء مصغرا « الثريا » و « الحميا » وهي سورة الشراب ، ولم يسمع بعقيرا إلا في هذا الحديث.

وقولها : « فلا تصحريها » أي لا تبرزيها وتباعديها وتجعليها بالصحراء ، يقال : « أصحرنا » إذا أتينا الصحراء كما يقال : « أنجدها » إذا أتينا نجدا.

وقولها : « علت علت » أي ملت إلى غير الحق ، والعول الميل والجور ، قال الله عزوجل : « ذلك أدنى ألا تعولوا » (١) يقال : « عال يعول » إذا جاز.

وقولها : « بل قد نهاك عن الفرطة في البلاد » أي عن التقدم والسبق في البلاد لان الفرطة اسم في الخروج والتقدم مثل غرفة وغرفة (٢) ، يقال : « في فلان فرطة » أي تقدم وسبق ، يقال : « فرطته في المال » أي سبقته ، وقولها : « إن عمود الاسلام لن يثاب بالنساء إن مال » أي لا يرد بهن إلى استوائه ، « ثبت إلى كذا (٣) » أي عدت إليه.

وقولها : « لن يرأب بهن إن صدع (٤) » أي لا يسد بهن ، يقال : « رأبت الصدع ولامته فانضم ».

وقولها : « حماديات النساء » هي جمع حمادي ، ويقال : « قصاراك أن تفعل ذلك وحماداك » كأنها تقول : حمدك وغايتك.

وقولها : « غض الابصار » معروف.

وقولها : « وخفر الاعراض » الاعراض جماعة العرض وهو الجسد ، و « الخفر » الحياء ، أرادات أن محمدة النساء في غض الابصار وفي التستر للخفر الذي هو الحياء.

و « قصر الوهازة (٥) » وهو الخطو ، تعني بها أن تقل خطوهن.

__________________

(١) النساء : ٣.

(٢) كذا في ما عندنا من النسخ ولعل أحدهما بضم الغين والآخر بفتحها.

(٣) ثبت ـ بالمثلثة المضمومة ثم الموحدة الساكنة ـ صيغة المتكلم وحده من « ثاب أي » عاد. ( م )

(٤) صدع الشئ : شقه ولم يتفرق ، ورأب الصدع : أصلحه. ( م )

(٥) في بعض النسخ هنا وفى متن الحديث « قصر الوهادة » وهو تصحيف لان الوهادة بمعنى الموضوع

٣٧٧

وقولها : « ناصة قلوصا من منهل إلى آخر » أي رافعة لها في السير ، و « النص » سير مرفوع ومنه يقال : « نصصت الحديث إلى فلان » إذا رفعته إليه ، ومنه الحديث « كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يسير العنق (١) فإذا وجد فجوة (٢) نص » تعني زاد في السير.

وقولها « إن بعين الله مهواك » تعني مرادك لا يخفى عليه.

وقولها : « وعلى رسول الله تردين » فتخجلي من فعلك « وقد وجهت سدافته » إي هتكت الستر لان السدافة الحجاب والستر وهو اسم مبني من أسدف الليل إذا ستر بظلمته ، ويجوز أن تكون أرادت « وجهت سدافته » تعني : أزلتها من مكانها الذي أمرت أن تلزميه وجعلتها أمامك.

وقولها : « وتركت عهيداه » تعني بالعهيدة التي تعاهده ويعاهدك ، ويدل على ذلك قولها : « لو قيل لي : ادخلي الفردوس لاستحييت أن ألقى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله هاتكة حجابا قد ضربه علي ».

وقولها : « اجعلي حصنك بيتك ورباعة الستر قبرك » فالربع المنزل ، والرباعة الستر ما وراء الستر ، تعني : اجعلي ما وراء الستر من المنزل قبرك. ومعنى ما يروى « ووقاعة السر قبرك » هكذا رواه القتيبي وذكر أن معناه ووقاعة الستر موقعة من الأرض إذا أرسلت. وفي رواية القتيبي : لو ذكرت قولا تعرفينه نهشتني نهش الرقشاء المطرق. فذكر أن الرقشاء سميت بذلك للرقش في ظهرها وهي النقط ، وقال غير القتيبي : الرقشاء من الأفاعي التي في لونها سواد وكدورة. قال : و « المطرق » المسترخي جفون العين.

__________________

المنخفض ولا مناسبة له بهذا الكلام وفى ( لسان العرب ) مادة « حمد » حماديات النساء غض الطرف وقصر الوهادة » بالدال بدل الزاي والظاهر أنه تصحيف لأنه ذكره في مادة « وهز » « حماديات النساء غض الأطراف وقصر الوهازة » ويظهر من بيان المؤلف أنه بالزاي ونقل ابن أبي الحديد ج ٢ ص ٧٩ من شرح النهج طبع مصر هذا الموضوع بصورة المصاحبة والمكالمة وقال في بيانها : قال ابن قتيبة : سألت عن الوهازة فقال لي من سألته : سألت عنه أعرابيا فصيحا فقال : الوهازة الخطوة. يقال للرجل انه لمتوهز ومتوهز إذا وطئ وطأ ثقيلا.

(١) العنق ـ بفتحتين ـ : اسم من « أعنق » أي سار سيرا واسعا سريعا. ( م )

(٢) الفجوة : ما اتسع من الأرض.

٣٧٨

( باب )

* ( نوادر المعاني ) *

١ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن عبد الحميد بن أبي العلاء قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : إن الشرك أخفى من دبيب (١) النمل. وقال : منه تحويل الخاتم ليذكر الحاجة وشبه هذا.

٢ ـ حدثنا محمد بن الحسن ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن علي بن عقبة ، عن أبي خالد القماط ، عن حمران ، قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : قول الله عزوجل : « من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا (٢) » وإنما قتل واحدا؟ فقال : يوضع في موضع من جهنم إليه منتهى شدة عذاب أهلها لو قتل الناس جميعا كان إنما يدخل ذلك المكان ، ولو كان قتل واحدا كان إنما يدخل ذلك المكان ، قلت : فإن قتل آخر؟ قال : يضاعف عليه.

٣ ـ وبهذا الاسناد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن أبان ، عن إسحاق بن إبراهيم الصقيل ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : وجد في ذؤابة (٣) سيف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله صحيفة فإذا فيها [ مكتوب ] : بسم الله الرحمن الرحيم إن أعتى (٤) الناس على الله يوم القيامة من قتل غير قاتله ، ومن ضرب غير ضاربه ، ومن تولى غير مواليه ، فهو كافر بما أنزل الله تعالى على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله. ومن أحدث (٥) حدثا أو آوى محدثا لم يقبل الله تعالى منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا ، قال : ثم قال : تدري ما يعني بقوله : « من تولى غير مواليه »؟ قلت : ما يعني به؟ قال : يعنى أهل الدين.

__________________

(١) الدبيب : مشى النمل والحية ونحوهما.

(٢) المائدة : ٣٢.

(٣) ذؤابة كل شئ : أعلاه.

(٤) « أعتى » اسم تفضيل من عتا عتوا وعتيا أي استكبر وجاوز الحد. ( م )

(٥) أحدث حدثا أي أبدع بدعة.

٣٧٩

والصرف : التوبة في قول أبي جعفر عليه‌السلام ، والعدل : الفداء في قول أبى عبد الله عليه‌السلام.

٤ ـ وبهذا الاسناد ، عن الحسين بن سعيد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، قال : سألته عن قول الله عزوجل : « ومن قتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم (١) » قال : من قتل مؤمنا على دينه فذاك المتعمد الذي قال الله عزوجل في كتابه : « وأعد له عذابا أليما » قلت : فالرجل يقع بينه وبين الرجل شئ فيضربه بسيفه فيقتله؟ قال : ليس ذلك المتعمد الذي قال الله عزوجل.

٥ ـ وبهذا الاسناد ، عن الحسين بن سعيد ، عن حماد بن عيسى ، عن أبي السفاتج عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : « ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم » قال : جزاؤه جهنم إن جازاه.

٦ ـ وبهذا الاسناد ، عن الحسين بن سعيد ، عن الحسن بن بنت إلياس ، قال : سمعت الرضا عليه‌السلام يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لعن الله من أحدث حدثا أو آوى محدثا ، قلت : وما الحدث؟ قال : من قتل.

٧ ـ أبي ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، قال : حدثني العوني الجوهري ، عن إبراهيم الكوفي ، عن رجل من أصحابنا رفعه ، قال : سئل الحسن بن علي عليهما‌السلام (٢) عن العقل فقال : التجرع للغصة ، ومداهنة الأعداء (٣).

٨ ـ حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل ، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن عبد الله بن سنان ، قال : أبو عبد الله عليه‌السلام :

__________________

(١) النساء : ٩٣.

(٢) في بعض النسخ [ سئل الحسين بن علي عليهما‌السلام ].

(٣) قال العلامة المجلسي ـ رحمه‌الله ـ الغصة : ما يتعرض في الحلق وتعسر إساغته ، ويطلق مجازا على الشدائد التي يشق على الانسان تحملها وهو المراد هنا وتجرعه كناية عن تحمله وعدم القيام بالانتقام به وتداركه حتى تنال الفرصة فان التدارك قبل ذلك لا ينفع سوى الفضيحة وشدة البلاء وكثرة الهم.

٣٨٠