معاني الأخبار

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

معاني الأخبار

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع
المطبعة: دار المعرفة للطباعة والنشر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٣٨

( باب )

* ( معنى قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله « بادروا إلى رياض الجنة ) » *

١ ـ حدثنا محمد بن بكران النقاش ـ رضي‌الله‌عنه ـ بالكوفة ، قال : حدثنا أحمد ابن محمد بن سعيد الكوفي مولى بني هاشم ، قال : حدثنا المنذر بن محمد ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثني محمد بن الحسن بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما‌السلام ، قال : حدثني أبي عن أبيه عن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما‌السلام ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : بادروا إلى رياض الجنة. فقالوا : وما رياض الجنة؟ قال : حلق الذكر

( باب )

* ( معنى ما جاء في الإبل أنها أعنان الشياطين وأنها لا يجيئ ) *

* ( خيرها الا من جانبها الأشأم ) *

١ ـ حدثنا علي بن أحمد بن موسى ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدثنا محمد بن أبي عبد الله السكوني ، عن صالح بن أبي حماد ، قال : حدثنا إسماعيل بن مهران ، عن أبيه ، عن عمرو بن أبي المقدام ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الغنم إذا أقبلت أقبلت وإذا أدبرت أقبلت ، والبقر إذا أقبلت أقبلت وإذا أدبرت أدبرت ، والإبل أعنان الشياطين إذا أقبلت أدبرت و إذا أدبرت أدبرت ، ولا يجيئ خيرها إلا من جانبها الأشأم (١). قيل : يا رسول الله فمن يتخذها بعد ذا؟ قال : فأين الأشقياء الفجرة (٢) قال صالح : وأنشد إسماعيل بن مهران :

هي المال لولا قلة الخفض حولها

فمن شاء داراها ومن شاء باعها

أخبرني محمد بن هارون الزنجاني قال : حدثنا علي بن عبد العزيز ، عن أبي عبيد

__________________

(١) في بعض النسخ [ من الجانب الأشأم ].

(٢) كذا.

٣٢١

أنه قال : قوله : « أعنان الشياطين » أعنان كل شئ نواحيه وأما الذي يحكيه أبو عمرو فأعنان الشئ نواحيه قالها أبو عمرو وغيره فإن كانت الأعنان محفوظة فأراد أن الإبل من نواحي الشيطان أي أنها على أخلاقها وطبائعها وقوله : « لا تقبل إلا مولية ولا تدبر إلا مولية » فهذا عندي كالمثل الذي يقال فيها : « إنها إذا أقبلت أدبرت وإذا أدبرت أدبرت » وذلك لكثرة آفاتها وسرعة فنائها وقوله : لا يأتي خيرها إلا من جانبها الأشأم » يعني الشمال ، يقال لليد الشمال : « الشؤم » ومنه قول الله عزوجل : وأصحاب المشأمة يريد أصحاب الشمال ومعنى قوله لا يأتي نفعها إلا من هناك يعني أنها لا تحلب ولا تركب إلا من شمالها وهو الجانب الذي يقال له : الوحشي في قول الأصمعي لأنه الشمال. قال : والأيمن هو الإنسي (١) ، وقال بعضهم : لا ، ولكن الإنسي (٢) هو الذي يأتيه الناس في الاحتلاب والركوب ، والوحشي هو الأيمن لان الدابة لا تؤتي من جانبها الأيمن إنما تؤتى من الأيسر. قال أبو عبيد : فهذا هو القول عندي وإنما الجانب الوحشي الأيمن لان الخائف إنما يفر من موضع المخافة إلى موضع الامن. (٣)

( باب )

* ( معنى عاجل بشرى المؤمن ) *

١ ـ حدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي الأسدي ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن المر زبان ، قال : حدثنا علي بن الجعد ، قال أخبرنا شعبة ، عن أبي عمران الجوني ، عن عبد الله بن الصامت ، قال : قال أبو ذر ـ رحمة الله عليه ـ قلت : يا رسول الرجل يعمل لنفسه ويحبه الناس. قال : تلك عاجل بشرى المؤمن.

__________________

(١) و (٢) في أكثر النسخ « الأيسر » وهو تصحيف. ( م )

(٣) قال الجزري في نهايته : « في صفة الإبل » ولا يأتي خيرها إلا من جانبها الأشأم يعنى الشمال ومنه قولهم لليد الشمال : الشؤمي تأنيث الأشأم ، يريد بخيرها لبنها لأنها تحلب وتركب من الجانب الأيسر ومنه حديث عدى « فينظر أيمن منه وأشأم منه فلا يرى إلا ما قدم » انتهى

٣٢٢

( باب )

* ( معنى عرفاء أهل الجنة ) *

١ ـ حدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي الأسدي ، قال : حدثنا أبي ، وعلي ابن العباس البجلي ، والحسن بن علي بن النصر الطوسي قالوا : حدثنا محمد بن عبد الرحمن ابن غزوان قال : حدثنا أبو سنان العابدي قال : حدثنا صفوان بن سليم. عن عطاء بن بشار ، عن أبي سعيد الخدري. قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : حملة القرآن عرفاء أهل الجنة.

( باب )

* ( معنى الفرقة الواحدة الناجية ) *

١ ـ حدثنا أبو نصر محمد بن أحمد بن تميم السرخسي قال : حدثنا أبو لبيد محمد بن إدريس الشامي قال : حدثنا إسحاق بن إسرائيل قال : حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي قال : حدثنا الإفريقي ، عن عبد الله بن يزيد ، عن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سيأتي على أمتي ما أتى على بني إسرائيل مثل بمثل وإنهم تفرقوا على اثنين وسبعين ملة وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة تزيد عليهم واحدة كلها في النار غير واحدة. قال : قيل : يا رسول الله وما تلك الواحدة؟ قال هو : ما نحن عليه اليوم أنا وأصحابي.

( باب )

* ( معنى قول الصادق عليه‌السلام « من أعطى أربعا لم يحرم أربعا ) *

١ ـ حدثنا أبو أحمد (١) بن الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري قال : حدثنا

__________________

(١) كذا في جميع النسخ التي بأيدينا والظاهر أن لفظة « ابن » زائد والصحيح « أبو أحمد الحسن » كما سيأتي بعد روايتين وجميع النسخ هناك خالية عنها. ( م )

٣٢٣

أبو القاسم بدر بن الهيثم القاضي قال : حدثنا علي بن المنذر الكوفي قال : حدثنا محمد بن الفضيل عن أبي الصباح قال : قال جعفر بن محمد عليهما‌السلام ، : من أعطي أربعا لم يحرم أربعا : من أعطي الدعاء لم يحرم الإجابة : ومن أعطي الاستغفار لم يحرم التوبة : ومن أعطي الشكر لم يحرم الزيادة ، ومن أعطي الصبر لم يحرم الاجر.

( باب )

* ( معنى شئ أصله في الأرض وفرعه في السماء ) *

١ ـ حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب : عمن ذكره : عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لأصحابه ذات يوم : أترون لو جمعتم ما عندكم من الآنية (١) والمتاع أكنتم ترونه يبلغ السماء؟ قالوا : لا يا رسول الله : قال : أفلا أدلكم على شئ أصله في الأرض وفرعه في السماء؟ قالوا : بلى يا رسول الله. قال : يقول أحدكم إذا فرغ من صلاته الفريضة : « سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر » ثلاثين مرة. فإن أصلهن في الأرض وفرعهن في السماء وهن يدفعن الحرق والغرق والهدم و التردي في البئر وميته السوء : وهن الباقيات الصالحات.

( باب )

* ( معنى زينة الآخرة ) *

١ ـ حدثنا أبي ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدثنا عبد الله بن الحسن المؤدب ، عن أحمد بن علي الأصبهاني ، عن إبراهيم بن محمد الثقفي قال : حدثنا أبو الحسن علي بن محمد شيخ من أهل الري ، قال : حدثنا منصور بن العباس ، والحسن بن علي بن النضر ، عن سعيد بن النضر ، عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام ، قال : المال والبنون زينة الحياة الدنيا ، وثمان ركعات من آخر الليل والوتر زينة الآخرة وقد يجمعهما الله عزوجل لأقوام.

__________________

(١) في بعض النسخ ، [ الأبنية ].

٣٢٤

( باب )

* ( معنى النصيب من الدنيا ) *

١ ـ حدثنا أبو أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري ، قال : حدثنا محمد بن أحمد القشيري ، (١) قال : حدثنا أبو الحويش أحمد بن عيسى الكوفي (٢) ، قال حدثنا موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر ، قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جده جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام في قول الله عزوجل : « ولا تنس نصيبك من الدنيا (٣) » قال : لا تنس صحتك وقوتك وفراغك وشبابك ونشاطك أن تطلب بها الآخرة.

( باب )

* ( معنى لكع ) *

١ ـ حدثنا أحمد بن الحسن القطان ، قال : حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطان ، عن بكر بن عبد الله بن حبيب ، عن تميم بن بهلول ، عن أبيه ، عن حفص بن غياث ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يأتي على الناس زمان يكون أسعد الناس بالدنيا لكع بن لكع خير الناس يؤمئذ مؤمن بين كريمين.

اللكع : العبد اللئيم ، وقد قيل : إن اللكع الصغير ، وقد قيل : إنه الردي. و « مؤمن بين كريمين » أي بين أبوين مؤمنين كريمين ، وقد قيل : بين الحج والجهاد ، وقد قيل : بين الفرسين يغزو عليهما؟ وقيل : بين بعيرين [ ل ] يستقي عليهما ويعتزل الناس (٤).

__________________

(١) في بعض النسخ [ محمد بن أحمد النسيري ].

(٢) في بعض النسخ [ أبو الحريش أحمد بن عيسى الكوفي ].

(٣) القصص ٧٧.

(٤) قال الجزري : اللكع عند العرب العبيد ثم استعمل في الحمق والذم يقال للرجل : لكع وللمرأة لكاع ـ بفتح اللام ـ وقد لكع الرجل ـ من باب علم ـ بلكع لكعا فهو ألكع وأكثر ما يقع في النداء وهو اللئيم وقيل : الوسخ وقد يطلق على الصغير.

٣٢٥

( باب )

* ( معنى الأنواء ) *

١ ـ حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدثنا علي ابن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن محمد بن حمران ، عن أبيه ، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهم‌السلام قال : ثلاثة من عمل الجاهلية : الفخر بالأنساب ، والطعن في الأحساب ، والاستقساء بالأنواء. (١) أخبرني محمد بن هارون الزنجاني قال : حدثنا علي بن عبد العزيز ، عن أبي عبيد أنه قال : سمعت عدة من أهل العلم يقولون : إن الأنواء ثمانية وعشرون نجما (٢) معروفة المطالع في أزمنة السنة ، كلها من الصيف والشتاء والربيع والخريف ، يسقط منها في كل ثلاث عشر ليلة نجم في المغرب مع طلوع الفجر ويطلع آخر يقابله في المشرق من ساعته وكلاهما معلوم مسمى وانقضاء هذه الثمانية والعشرين كلها مع انقضاء السنة ثم يرجع الامر إلى النجم الأول مع الاستئناف السنة المقبلة وكانت العرب في الجاهلية إذا سقط منها نجم وطلع نجم آخر قالوا : لابد أن يكون عند ذلك رياح ومطر فينسبون كل غيث يكون عند ذلك إلى ذلك النجم الذي يسقط حينئذ فيقولون : مطرنا بنوء الثريا والدبران والسماك وما كان من هذه النجوم. فعلى هذا فهذه هي الأنواء ، واحدها « نوء » وإنما سمي نوءا لأنه إذا سقط الساقط منها بالمغرب ناء الطالع بالمشرق بالطلوع وهو ينوء نوءا وذلك النهوض هو النوء فسمي النجم به وكذلك كل ناهض ينتقل بإبطاء فإنه ينوء عند نهوضه ، قال تبارك وتعالى : « لتنوء بالعصبة أولي القوة (٣) ».

__________________

(١) يأتي معناه من المؤلف.

(٢) الشرطان ، البطين ، النجم ، الدبران ، الهقعة ، الهنعة ، الذراع ، النثرة ، الطرف ، الجبهة ، الخراتان ، الصرفة ، العواء ، السماك ، الغفر ، الزباني ، الإكليل ، القلب ، الشولة ، النعائم البلدة ، سعد الذابحء ، سعد بلع ، سعد السعود ، سعد الأخبية ، فرغ الدلو المقدم ، فرغ الدلو المؤخر ، الحوت. وقال : ولا تستنئ العرب بها كلها إنما تذكر بالأنواء بعضها وهي معروفة في اشعار هم وكلامهم ( لسان العرب )

(٣) القصص : ٧٦.

٣٢٦

( باب )

* ( معنى أسنان الإبل التي تؤخذ في الزكاة ) *

١ ـ حدثنا أبي ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن إبراهيم بن هاشم عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة ، ومحمد بن مسلم ، وأبي بصير ، وبريد العجلي ، والفضيل ، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام ، قالا : في صدقة الإبل في كل خمس شاة إلى أن تبلغ خمسة وعشرين ، فإذا (١) بلغت ذلك ففيها ابنة مخاض (٢) ثم ليس فيها شئ حتى تبلغ خمسة وثلاثين ، فإذا بلغت خمسة وثلاثين ففيها ابنه لبون ثم ليس فيها شئ حتى تبلغ خمسة وأربعين فإذا بلغت خمسة وأربعين ففيها حقة طروقة الفحل ثم ليس فيها شئ حتى تبلغ ستين ، فإذا بلغت ستين ففيها جذعة ، ثم ليس فيها شئ حتى تبلغ خمسة وسبعين ، فإذا بلغت خمسة وسبعين ففيها بنتا لبون ، ثم ليس فيها شئ حتى تبلغ تسعين فإذا بلغت تسعين ففيها حقتان طروقتا الفحل ، ثم ليس فيها شئ أكثر من ذلك حتى تبلغ عشرين ومائة فإذا بلغت عشرين ومائة ففيها حقتان طروقتا الفحل فإذا زادت واحدة على عشرين ومائة ففي كل خمسين حقة وفي كل أربعين ابنه لبون ، ثم ترجع الإبل

__________________

(١) المشهور بين الأصحاب أن في خمسة وعشرين خمس شياه فإذا زاد فابنه مخاض ، و يعتبر في سائر النصب زيادة واحدة باجماع علماء الاسلام على ما نقل فيحتمل أن يكون المراد بقوله « فإذا بلغت » إذا زادت عليه ويمكن تأييده بذكر الحقتين تارة لتسعين وأخرى لعشرين ومائة ولا معنى لجعل نصابين متحدين ولعله ترك التصريح باعتبار الزيادة كان للعلم بفهم الراوي وحكى أن في بعض نسخ الكتاب الصحيحة مكان فإذا بلغت « فإذا زادت واحدة » ولكن لم نظفر بها وفى الكافي ج ٣ ص ٥٣١ مثل ما في المتن وكيف كان فسائر الروايات تصرح باعتبار الزيادة وعليه فتوى الأصحاب. ( م )

(٢) قال الفيض ـ رحمه‌الله ـ في التهذيبين : قوله عليه‌السلام : « فإذا بلغت ذلك ففيها ابنة مخاض » أراد وزادت واحدة وإنما لم يذكر في اللفظ لعلمه بفهم المخاطب قال : ولو لم يحتمل ذلك لجاز لنا أن نحمله على التقية كما صرح به في رواية البجلي بقوله هذا فرق بيننا وبين الناس أقول : الأول بعيد والثاني سديد.

٣٢٧

على أسنانها (١) وليس على النيف شئ ولا على الكسور شئ وليس على العوامل شئ ، إنما ذلك على السائمة الراعية ، قال : قلت : ما في البخت السائمة. قال : مثل ما في الإبل العربية (٢).

قال مصنف هذا الكتاب ـ رضي‌الله‌عنه ـ : وجدت مثبتا بخط سعد بن عبد الله بن أبي خلف ـ رضي‌الله‌عنه ـ في أسنان الإبل من أول ما تطرحه أمه إلى تمام السنة « حوار (٣) » فإذا دخل في السنة الثانية سمي ابن مخاض لان أمه قد حملت ، فإذا دخل في الثالثة سمي ابن لبون وذلك أن أمه قد وضعت وصار لها لبن ، فإذا دخل في الرابعة سمي حقا للذكر والأنثى حقة لأنه قد استحق أن يحمل عليه ، فإذا دخل في الخامسة سمي جذعا ، فإذا دخل في السادسة سمي ثنيا لأنه قد ألقى ثنيته ، فإذا دخل في السابع ألقى رباعيته وسمي رباعا ، فإذا دخل في الثامنة ألقى السن الذي بعد الرباعية وسمي سديسا ، فإذا دخل في التاسعة فطرنا به وسمي بازلا ، فإذا دخل في العاشرة فهو مخلف وليس لها بعد هذا اسم ، فالأسنان التي تؤخذ في الصدقة من ابن مخاض إلى الجذع.

__________________

(١) نقل الفيض ـ رحمه‌الله ـ عن أستاذه في العلوم النقلية السيد ماجد بن هاشم البحراني ـ طاب ثراه ـ أنه قال : المراد برجوع الإبل على أسنانها استيناف النصاب الكلى واسقاط اعتبار الأسنان السابقة كأنه إذا أسقط اعتبار الأسنان واستؤنف النصاب الكلى تركت الإبل على أسنانها ولم تعتبر كما يقال : رجعت الشئ على حاله أي تركته عليه ولم أغيره وهو وإن كان بعيدا بحسب اللفظ الا أن السياق يقتضيه وتعقيب ذكر أنصبة الغنم لقوله وسقط الأمر الأول ثم تعقيبه بمثل ما عقب به نصب الإبل والبقر من نفى الوجوب عن النيف يرشد إليه لأنه جعل اسقاط الاعتبار بالأسنان السابقة في الغنم مقابلا لرجوع الإبل على أسنانها واقعا موقعه وهو يقتضى اتحادهما في المؤدى وربما أمكن جمله على استيناف النصب السابقة فيما تجدد ملكه في أثناء الحول كما أول به المرتضى ـ رضي‌الله‌عنه ـ ما رواه من استيناف الفريضة بعد المائة والعشرين وقد يقال : أراد برجوعها على أسنانها استيناف الفرائض السابقة بعد بلوغ المائة والعشرين بأن يؤخذ للخمس الزائدة بعد المائة والعشرين شاة وللعشر شاتان وهكذا إلى الخمس والعشرين فيؤخذ بنت مخاض وهكذا كما هو قول أبي حنيفة ويكون محمولا على التقية والوجه هو الأول لما ذكرنا انتهى كلام أستاذنا ـ رحمه‌الله ـ.

(٢) البخت ـ بالضم ـ : نوع من الإبل غير العربية واحدها : بختي.

(٣) الحوار ـ بضم الحاء المهملة وكسرها ـ : ولد الناقة قبل أن يفصل عنها.

٣٢٨

( باب )

* ( معنى الموضحة والسمحاق والباضعة والمأمومة والجائفة والمنقلة ) *

١ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدثنا الحسين ابن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن عروة ، عن ابن بكير ، عن زرارة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : في الموضحة خمس من الإبل ، وفي السمحاق أربع من الإبل ، وفي الباضعة ثلاث من الإبل ، وفي المأمومة ثلاث وثلاثون من الإبل ، وفي الجائفة ثلاث وثلاثون (١) من الإبل ، وفي المنقلة خمس عشرة من الإبل.

قال مصنف هذا الكتاب ـ رضي‌الله‌عنه ـ : وجدت بخط سعد بن عبد الله ـ رحمه‌الله ـ مثبتا في الشجاج (٢) وأسمائها : قال الأصمعي : أول الشجاج الحارصة وهي التي تحرص الجلد أي تشقه ومنه قيل : « حرص القصار الثوب » إذا شقه. ثم الباضعة وهي التي تشق اللحم بعد الجلد ، ثم المتلاحمة وهي التي أخذت في اللحم ولم تبلغ السمحاق ، ثم السمحاق وهي التي بينها وبين العظم قشيرة رقيقة فهي السمحاق ، ومنه قيل : « في السماء سماحيق من غيم ، وعلى الشاة سماحيق من شحم » ثم الموضحة وهي التي تبدي وضح العظم ، ثم الهاشمة وهي التي تهشم العظم ، ثم المنقلة وهي التي تخرج منها فراش العظام ، و « فراش » قشرة تكون على العظم دون اللحم ومنه قول النابغة :

* ويتبعها منه فراش الحواجب *

ثم الأمة وهي التي تبلغ أم الرأس وهي الجلدة التي تكون على الدماغ ومعنى العثم أن يجبر على غير استواء.

( باب )

* ( معنى نهر الغوطة ) *

١ ـ حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني ، قال : حدثنا أبو محمد

__________________

(١) في بعض النسخ [ أربع وثلاثون ].

(٢) الشجاج : جمع الشجة وهي الجراحة.

٣٢٩

يحيى بن محمد بن صاعد بمدينة السلام ، قال : حدثنا أزهر بن كميل ، قال : حدثنا المعتمر بن سليمان ، قال : قرأت على فضيل بن ميسرة ، عن أبي جرير أن أبا بردة حدثه ، عن أبي موسى الأشعري ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ثلاثة لا يدخلون الجنة : مدمن خمر ، ومدمن سحر ، وقاطع رحم. ومن مات مدمن خمر سقاه الله عزوجل من نهر الغوطة. قيل وما نهر الغوطة؟ قال : نهر يجري من فروج المومسات (١) يؤذي أهل النار ريحهن.

( باب )

* ( معنى الحيوف والزنوق والجواض والجعظري ) *

١ ـ حدثنا أبي ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن أحمد بن النضر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أخبرني جبرئيل عليه‌السلام أن ريح الجنة يوجد من مسيرة ألف عام ما يجدها (٢) عاق ، ولا قاطع رحم : ولا شيخ زان ، ولا جار إزاره خيلاء (٣) ، ولا فتان (٤) ، ولا منان ولا جعظري. قال : قلت : فما الجعظري؟ قال : الذي لا يشبع من الدنيا.

وفي حديث آخر : ولا حيوف وهو النباش ، ولا زنوق (٥) وهو المخنث ، ولا جواض (٦) [ وهو الجلف الجافي (٧) ] ولا جعظري وهو الذي لا يشبع من الدنيا.

__________________

(١) أو مست المرأة فهي مومسة : جاهرت بالفجور.

(٢) في بعض النسخ [ ولا يجدها ].

(٣) كانت العرب في الجاهلية تجعل أذيال الثياب طويلة تجرها على الأرض تبخترا واختيالا فلما بعث النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أمر بتطهير الثياب وتقصيرها ، وفى كلامه هذا يهدد من يجر إزاره وثوبه على الأرض من الخيلاء وهو العجب والكبر ، ويوعده بعدم وجدان ريح الجنة ويعده في عداد العاق وقاطع الرحم وأمثالهما. ( م )

(٤) في بعض النسخ [ قتات ] والظاهر أنه تصحيف. ( م )

(٥) في بعض النسخ [ زنوف ] ولعل الصحيح « رنوف » بالراء المهملة والفاء. ( م )

(٦) كذا في النسخ التي بأيدينا لكن المضبوط في اللغة « جواظ » بالظاء وهو الجافي الغليظ ( م ).

(٧) الجلف ـ بكسر الجيم ـ : الجافي الغليظ.

٣٣٠

( باب )

* ( معنى الصلاة الوسطى ) *

١ ـ حدثنا أبي ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن أبي المغرا حميد بن المثنى العجلي ، عن أبي بصير ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : صلاة الوسطى صلاة الظهر وهي أول صلاة أنزل الله على نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٢ ـ حدثنا علي بن عبد الله الوراق ، وعلي بن محمد بن الحسن المعروف بابن مقبرة القزويني ، قالا : حدثنا سعد بن عبد الله بن أبي خلف الأشعري ، قال : حدثنا أحمد بن [ أبي ] الصباح ، قال : حدثنا محمد بن عاصم الرازي ، قال : أخبرنا أبو نعيم الفضل بن دكين ، عن هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن أبي يونس ، قال : كتبت لعائشة مصحفا فقالت : إذا مررت بآية الصلاة فلا تكتبها حتى أمليها عليك ، فلما مررت بها أملتها علي « حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى (١) وصلاة العصر ».

٣ ـ حدثنا علي بن عبد الله الوراق ، وعلي بن محمد بن الحسن القزويني ، قالا : حدثنا سعد بن عبد الله [ قال : حدثنا أحمد ] بن أبي خلف الأشعري ، قال : حدثنا سعد بن داود ، عن أبي دهر (٢) ، عن مالك بن أنس ، عن زيد بن أسلم ، عن عمرو بن نافع ، قال : كنت أكتب مصحفا لحفصة زوجة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقالت : إذا بلغت هذه الآية فاكتب « حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر ».

٤ ـ حدثنا علي بن عبد الله الوراق ، وعلي بن محمد بن الحسن القزويني ، قالا حدثنا سعد بن عبد الله بن أبي خلف ، قال : حدثنا أحمد بن أبي خلف الأشعري ، قال : حدثنا سعد بن داود ، عن مالك بن أنس ، عن زيد بن أسلم ، عن القعقاع بن حكيم ، عن أبي يونس مولى عائشة زوجة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : أمرتني عائشة أن اكتب لها مصحفا وقالت : إذا بلغت هذه الآية فاكتب « حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ( وصلاة العصر ) وقوموا لله قانتين » ثم قالت عائشة : سمعتها والله من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

__________________

(١) البقرة : ٢٣٧.

(٢) في بعض النسخ [ أبي دمن ].

٣٣١

قال مصنف هذا الكتاب : فهذه الأخبار حجة لنا على المخالفين ، وصلاة الوسطى (١) صلاة الظهر.

٥ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، والحسين بن سعيد جميعا ، عن حماد بن عيسى الجهني ، عن حريز بن عبد الله السجستاني ، عن زرارة بن أعين قال : سألته ـ يعني أبا جعفر عليه‌السلام ـ عما فرض الله عزوجل من الصلاة فقال : خمس صلوات في الليل والنهار. قلت : هل سماهن الله تعالى وبينهن في كتابه؟ فقال : نعم ، قال الله تعالى لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله : « أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل (٢) » ودلوكها زوالها ففيما بين دلوك الشمس إلى غسق الليل أربع صلوات سماهن وبينهن ووقتهن ، وغسق الليل انتصافه ، ثم قال : « وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا » فهده الخامسة ، وقال تبارك وتعالى في ذلك : « أقم الصلاة طرفي النهار (٣) » وطرفاه صلاة المغرب والغداة. « وزلفا من الليل » فهي صلاة العشاء الآخرة. وقال عزوجل : « حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى » (٤) وهي صلاة الظهر وهي أول صلاة صلاها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهي وسط صلاتين بالنهار صلاة الغداة وصلاة العصر. « وقوموا لله قانتين » في صلاة الوسطى.

( باب )

* ( معنى تحية المسجد ومعنى الصلاة وما يتصل بذلك من تمام الحديث ) *

١ ـ حدثنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن أحمد الأسواري ، قال : حدثنا أبو يوسف

__________________

(١) في بعض [ النسخ فصلاة الوسطى ].

(٢) الاسراء : ٧٥. و « دلوكها » زوالها وميلها. دلكت الشمس من باب « قعد » إذا زالت.

والغسق : أول ظلمة الليل. وقيل : غسقه شدة ظلمته وذلك إنما يكون في النصف منه ( مجمع البحرين ).

(٣) هود : ١١٦.

(٤) البقرة : ٢٣٧.

٣٣٢

أحمد بن محمد بن القيس السجزي المذكر ، قال : حدثنا أبو الحسن عمرو بن حفص قال : حدثني أبو محمد عبيد الله بن محمد بن أسد (١) ببغداد ، قال : حدثنا الحسين بن إبراهيم أبو علي (٢) ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد البصري ، قال : حدثنا ابن جريج ، عن عطاء ، عن عبيد بن عمير الليثي ، عن أبي ذر ـ رحمه‌الله ـ قال : دخلت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو في المسجد جالسا وحده ، فاغتنمت خلوته ، فقال لي : يا أبا ذر إن للمسجد تحية قلت : وما تحيته؟ قال : ركعتان تركعهما ، ثم التفت إليه فقلت : يا رسول الله إنك أمرتني بالصلاة فما الصلاة؟ قال : خير موضوع فمن شاء أقل ومن شاء أكثر ، قال : قلت : أي الأعمال أحب إلى الله عزوجل؟ قال : إيمان بالله وجهاد في سبيله [ قلت : فأي المؤمنين أكمل إيمانا؟ قال : أحسنهم خلقا. قلت : وأي المؤمنين أفضل؟ قال : من سلم المسلمون من لسانه ويده ] قلت : فأي الليل أفضل؟ قال : جوف الليل الغابر ، قلت : فأي الصلاة أفضل؟ قال : طول القنوت. قلت : فأي الصدقة أفضل؟ قال : جهد من مقل إلى فقير في سر ، قلت : فما الصوم؟ قال : فرض مجزي وعند الله أضعاف كثيرة ، قلت : فأي الرقاب أفضل؟ قال : أغلاها ثمنا وأنفسها عند أهلها ، قلت : فأي الجهاد أفضل؟ قال : من عقر جواده واهريق دمه. قلت : فأي آية أنزلها الله عليك أعظم؟ قال : آية الكرسي.

ثم قال : يا أبا ذر ما السماوات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة في أرض فلاة وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة.

قلت : يا رسول الله كم النبيون؟ قال : مائة ألف وأربعة وعشرون ألف نبي. قلت : كم المرسلون منهم؟ قال : ثلاث مائة وثلاثة عشر جما غفيرا. قلت : من كان أول الأنبياء؟ قال : آدم ، قلت : وكان من الأنبياء مرسلا؟ قال : نعم ، خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه ، ثم قال : يا أبا ذر ، أربعة من الأنبياء سريانيون : آدم ، وشيث ، وأخنوخ وهو إدريس عليه‌السلام وهو أول من خط بالقلم ، ونوح. وأربعة من العرب : هود ، وصالح ، وشعيب ، ونبيك محمد ، وأول نبي من بني إسرائيل موسى وآخرهم عيسى وست مائة نبي.

قلت : يا رسول كم أنزل الله تعالى من كتاب؟ قال : مائة كتاب وأربعة كتب : أنزل

__________________

(١) في بعض النسخ [ أسعد ] (٢) في بعض النسخ [ الحسن بن إبراهيم ] وفى بعضها [ أبو يعلي ].

٣٣٣

الله تعالى على شيث عليه‌السلام خمسين صحيفة ، وعلى إدريس ثلاثين صحيفة ، وعلى إبراهيم عشرين صحيفة ، وأنزل التوراة والإنجيل والزبور والفرقان.

قلت : يا رسول الله فما كانت صحف إبراهيم؟ قال : كانت أمثالا كلها : أيها الملك المبتلى المغرور إني لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها على بعض ولكني بعثتك لترد عني دعوة المظلوم فإني لا أردها وإن كانت من كافر.

وعلى العاقل ما لم يكن مغلوبا على عقله أن يكون له ساعات : ساعة يناجي فيها ربه عزوجل وساعة يحاسب فيها نفسه ، وساعة يتفكر فيما صنع الله تعالى وساعة يخلو فيها بحظ نفسه من الحلال ، وإن هذه الساعة عون لتلك الساعات واستجمام للقلوب (١) وتفريغ لها.

وعلى العاقل أن يكون بصيرا بزمانه ، مقبلا على شأنه ، حافظا للسانه ، فإنه من حسب كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه.

وعلى العاقل أن يكون طالبا لثلاث [ ة ] : مرمة لمعاش ، وتزود لمعاد ، وتلذذ في غير محرم.

قلت : يا رسول الله فما كانت صحف موسى؟ قال : كانت عبرا كلها : عجبت لمن أيقن بالموت لم يفرح؟! ولمن أيقن بالنار لم يضحك؟! ولمن يرى الدنيا وتقلبها بأهلها لم يطمئن إليها؟! ولمن أيقن بالقدر لم ينصب (٢)؟! ولمن أيقن بالحساب لم لا يعمل؟!.

قلت : يا رسول الله هل في أيدينا مما أنزل الله تعالى عليك مما كان في صحف إبراهيم وموسى؟! قال : يا أبا ذر اقرأ : « قد أفلح من تزكى * وذكر اسم ربه فصلى * بل تؤثرون الحياة الدنيا * والآخرة خير وأبقى * إن هذا لفي الصحف الأولى * صحف إبراهيم وموسى » (٣)

قلت : يا رسول الله أوصني. قال : أوصيك بتقوى الله فإنه رأس الامر كله ، قلت : زدني ، قال : عليك بتلاوة القرآن وذكر الله كثيرا فإنه ذكر لك في السماء ونور لك

__________________

(١) أي تفريح لها يقال : إني لاستجم قلبي بشئ من اللهو أي إني لأجعل قلبي يتفكه بشئ من اللهو.

(٢) أي يتعب نفسه بالجد والجهد. وفى بعض النسخ [ لم يغضب ] ولعله الأصح.

(٣) الأعلى : ١٤ إلى ١٩.

٣٣٤

في الأرض ، قلت : زدني ، قال : عليك بطول الصمت فإنه مطردة للشياطين وعون لك على أمر دينك ، قلت : زدني ، قال : إياك وكثرة الضحك فإنه يميت القلب [ ويذهب بنور الوجه ، قلت : يا رسول الله زدني ، قال : انظر إلى من هو تحتك ولا تنظر إلى من هو فوقك فإنه أجدر أن لا تزدري نعمة الله عليك ، قلت : يا رسول الله زدني ، قال : صل قرابتك وإن قطعوك ] ، قلت : زدني ، قال : عليك بحب المساكين ومجالستهم ، قلت : زدني قال : قل الحق وإن كان مرا ، قلت : زدني ، قال : لا تخف في الله لومة لائم ، قلت : زدني ، قال : ليحجزك عن الناس ما تعلم من نفسك ولا تجد عليهم فيما تأتي مثله.

ثم قال : كفى بالمرء عيبا أن يكون فيه ثلاث خصال : يعرف من الناس ما يجهل من نفسه ، ويستحي لهم مما هو فيه ، ويؤذي جليسه فيما لا يعنيه.

ثم قال : يا أبا ذر لا عقل كالتدبير ، ولا ورع كالكف ، ولا حسب كحسن الخلق.

( باب )

* ( معنى القاع القرقر والشجاع الأقرع ) *

١ ـ حدثنا أبي ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن محمد بن خالد البرقي ، عن خلف بن حماد ، عن حريز ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : ما من ذي مال ذهب أو فضة يمنع زكاة ماله إلا حبسه الله عزوجل يوم القيامة بقاع قرقر ، وسلط عليه شجاعا أقرع يريده وهو يحيد عنه ، فإذا رأى أنه لا يتخلص منه أمكنه من يده فيقضمها (١) كما يقضم الفجل ، ثم يصير طوقا في عنقه وذلك قوله عزوجل : « سيطوقون ما بخلوا به يوم القيمة (٢) » وما من ذي مال إبل أو بقر أو غنم يمنع زكاة ماله إلا حبسه الله عزوجل يوم القيامة بقاع قرقر يطأه كل ذات ظلف (٣) بظلفها وينهشه كل ذات ناب بنابها ، وما من ذي مال نخل أو كرم (٤) أو زرع يمنع زكاتها إلا طوقه الله ربقة أرضه إلى سبع أرضين إلى يوم القيامة.

__________________

(١) حدا يحيد حيدا وحيدانا عن الطريق مال وعدل. وقضم الشئ : كسره بأطراف أسنانه وأكله.

(٢) آل عمران : ١٨٠.

(٣) الظلف من البقرة ونحوها بمنزلة الحافر من الفرس والقدم من الانسان.

(٤) الكرم ـ بفتح الكاف وسكون الراء ـ : العنب.

٣٣٥

قال الأصمعي : القاع المكان المستوي ليس فيه ارتفاع ولا انخفاض. قال أبو عبيد : وهو القيعة أيضا قال الله تبارك وتعالى « كسراب بقيعة (١) » وجمع قيعة قاع قال الله عز و جل : « فيذرها قاعا صفصفا (٢) » والقرقر المستوي أيضا ويروى « بقاع قفر » ويروى « بقاع قرق » وهو مثل القرقر في المعني ، قال الشاعر :

كأن أيديهن بالقاع القرق

أيدي عذارى يتعاطين الورق

والشجاع الأقرع (٣)

( باب )

* ( معنى العرق واللابتين ) *

١ ـ حدثنا أبي ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن موسى بن الحسن ، عن محمد بن عبد الحميد ، عن سيف بن عميرة ، عن منصور بن حازم ، قال : حدثني عبد المؤمن ابن القاسم الأنصاري ، قال : حدثنا أبو جعفر عليه‌السلام أن رجلا أتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : هلكت ، هلكت ، فقال : وما أهلكك؟ قال : أتيت امرأتي في شهر رمضان وأنا صائم ، فقال له النبي : أعتق رقبة. فقال : لا أجد ، قال : فصم شهرين متتابعين ، فقال : لا أطيق ، فقال تصدق على ستين مسكينا ، قال : لا أجد ، قال : فأتي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بعرق أو مكتل (٤) فيه خمسة عشر صاعا من تمر. فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : خذها وتصدق بها ، فقال : والذي بعثك بالحق نبيا ما بين لابتيها أهل بيت أحوج إليه منا ، فقال : خذه وكله أنت وأهلك فإنه كفارة لك.

__________________

(١) النور : ٣٩.

(٢) طه : ١٠٦.

(٣) كذا في النسخ التي بأيدينا والظاهر أنه سقط تفسير اللفظين ، والشجاع ضرب من الحيات والأقرع ما سقط شعر رأسه منها لكثرة سمة. ( م )

(٤) المكتل : زنبيل من خوص أي ورق النخل والنسيج منه قبل أن يجعل زنبيلا « عرق » لأنه مصطف.

٣٣٦

قال سيف بن عميرة : وحدثني عمرو بن شمر ، قال : أخبرني جابر بن يزيد الجعفي عن أبي جعفر عليه‌السلام مثله.

قال الأصمعي : ، أصل العرق السفيفة المنسوجة من الخوص (١) قبل أن يجعل منها زبيل ، وسمي الزبيل عرقا لذلك ويقال له : « العرقة » أيضا وكذلك كل شئ ، مصطف مثل الطير إذا صفت في السماء فهي « عرقة ».

٢ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن العباس بن معروف ، عن علي بن مهزيار ، قال ، حدثنا الحسين بن سعيد عن صفوان بن يحيى ، عن ابن مسكان ، عن الحسن الصيقل ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : كنت عند زياد بن عبد الله وعنده ربيعة الرأي فقال له زياد : يا ربيعة ما الذي حرم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من المدينة؟ فقال له : بريد في بريد ، فقلت لربيعة : فكانت على عهد (٢). رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بريد؟ فسكت ولم يجبني ، قال : فأقبل علي زياد فقال : يا أبا عبد الله فما تقول أنت؟ فقلت : حرم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من المدينة من الصيد ما بين لابتيها ، قال : وما لابتاها؟ قلت : ما أحاط به الحرار ، قال : وقال لي : ما حرم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من الشجر؟ قلت : من عير إلى وعير (٣).

قال صفوان : قال ابن مسكان : قال الحسن : فسأله إنسان وأنا جالس فقال له : وما لابتاها؟ فقال : ما بين الصورين إلى الثنية (٤).

٣ ـ وبهذا الاسناد عن الحسين سعيد ، عن محمد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : حرم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من المدينة من ذباب إلى وأقم والعريض والنقب من قبل مكة (٥).

__________________

(١) الخوص : ورق النخل.

(٢) في بعض النسخ [ وكانت في عهد ].

(٣) لابتا المدينة حرتاها اللتان تكتنفان بها من الشرق والغرب. والحرار جمع حرة : أرض ذات حجارة سوداء والحرتان موضعان ادخل منها نحو المدينة وهما حرة وأقم ـ بكسر القاف ـ وحرة ليلى. و « عير » و « عير » جبلان بالمدينة ( المراصد ).

(٤) الثنية ـ بتشديد الياء ـ هو اسم موضع ثنية مشرفة على المدينة ( المراصد ).

(٥) قال الفيض ـ رحمه‌الله ـ : الذباب بضم المعجمة ـ : جبل بالمدينة. والصورين كأنه تثنية الصور وهو جماعة النخل. والثنية : الطريق العالي والجبل ، وقيل : كالعقبة فيه. والعريض ـ كزبير ـ : وأدبها. والنقب ـ بالنون ـ : الطريق في الجبل.

٣٣٧

وقال ابن مسكان في حديثة : وفي حديث آخر من الصورين إلى الثنية.

٤ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدثنا الحسين ابن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن حماد بن عيسى وفضالة ، عن معاوية بن عمار قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ما بين لابتي المدينة ظل عائر إلى ظل وعير حرم ، قلت : طائره كطائر مكة؟ قال : لا ، ولا يعضد شجرها (١). وروي أنه يحرم من صيد المدينة ما صيد بن الحرتين.

( باب )

* ( معنى التفث ) *

١ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا الحسين ابن الحسن بن أبان (٢) ، عن الحسين بن سعيد ، عن حماد بن عيسى ، عن ربعي ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله عزوجل : « ثم ليقضوا تفثهم » (٣) قال : قص الشارب والأظفار.

٢ ـ حدثنا أبي ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن إبراهيم بن مهزيار عن أخيه علي ، عن الحسين ، عن النضر بن سويد ، عن ابن سنان قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : « ثم ليقضوا تفثهم » قال : هو الحلق وما في جلد الانسان.

٣ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن أبان ، عن زرارة ، عن حمران ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله عزوجل : « ثم ليقضوا تفثهم » قال : التفث حفوف الرجل من الطيب فإذا قضى نسكه حل له الطيب.

__________________

(١) عضد الشجرة : قطعها بالمعضد وهو آلة قطع الشجر. والمراد بالظل في هذا الخبر أصل الجبل الذي يحصل منه الظل.

(٢) في بعض النسخ هكذا : [ حدثنا أبي ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان ].

(٣) الحج : ٢٩. والتفث في اللغة الوسخ ، وقضى تفثه أي أزال الوسخ عن بدنه. أي ليزيلوا وسخهم بقص الأظفار والشارب وحلق الرأس.

٣٣٨

٤ ـ حدثنا أبي ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي قال : قال أبو الحسن عليه‌السلام في قول الله عزوجل : « ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم » قال : التفث تقليم الأظفار وطرح الوسخ وطرح الاحرام عنه.

٥ ـ حدثنا أبي ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي بصير ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : « ثم ليقضوا تفثهم » فقال : ما يكون من الرجل في حال إحرامه فإذا دخل مكة طاف وتكلم بكلام طيب فإن ذلك كفارة لذلك الذي كان منه.

٦ ـ حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود ، عن أبيه ، عن حمدويه ، قال : حدثنا محمد بن عبد الحميد ، عن أبي جميلة ، عن عمرو بن حنظلة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن التفث. قال : هو حفوف الرأس.

٧ ـ حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود ، عن أبيه ، قال : حدثنا محمد بن نصير (١) ، قال : حدثنا محمد بن عيسى ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن التفث فقال : هو الحلق وما في جلد الانسان.

٨ ـ حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي ، قال : حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود ، عن أبيه ، قال : حدثنا إبراهيم بن علي ، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني ، عن الحسن بن محبوب ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : « ثم ليقضوا تفثهم » قال : هو الحفوف والشعث ، قال : ومن التفث أن تتكلم في إحرامك بكلام قبيح فإذا دخلت مكة فطفت بالبيت وتكلمت بكلام طيب كان ذلك كفارته.

٩ ـ حدثنا أبي ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا أحمد بن إدريس ، قال : حدثنا محمد بن أحمد ، عن موسى بن عمر ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن إبراهيم بن مهزم ، عمن يرويه

__________________

(١) في بعض النسخ [ محمد بن أبي بصير ].

٣٣٩

عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إذا دخلت مكة فاشتر بدرهم تمرا فتصدق به لما كان منك في إحرامك للعمرة ، فإذا فرغت من حجك فاشتر بدرهم تمرا فتصدق به ، فإذا دخلت المدينة فاصنع مثل ذلك.

١٠ ـ أبي ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا محمد بن يحيى العطار ، عن سهل بن زياد الآدمي ، عن علي بن سليمان ، عن زياد القندي ، عن عبد الله بن سنان. عن ذريح المحاربي ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إن الله أمرني في كتابه بأمر فأحب أن أعلمه. قال : وما ذلك؟ قلت : قول الله عزوجل : « ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم » قال : « ليقضوا تفثهم » لقاء الامام « وليوفوا نذورهم » تلك المناسك.

قال عبد الله بن سنان فأتيت أبا عبد الله عليه‌السلام فقلت : جعلني الله فداك قول الله عز وجل : « ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم » قال : أخذ الشارب وقص الأظفار وما أشبه ذلك ، قال : قلت : جعلت فداك فإن ذريح المحاربي حدثني عنك أنك قلت له : « ثم ليقضوا تفثهم » لقاء الامام « وليوفوا نذورهم » تلك المناسك؟ فقال : صدق ذريح وصدقت أنت إن للقرآن ظاهرا وباطنا ومن يحتمل ما يحتمل ذريح؟ (١)

( باب )

* ( معنى جهد البلاء ) *

١ ـ حدثنا أبي ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال حدثنا سعد بن عبد الله قال : حدثنا إبراهيم بن هاشم ، عن الحسين بن يزيد النوفلي ، عن إسماعيل بن أبي زياد السكوني ، عن جعفر بن محمد عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : جهد البلاء أن يقدم الرجل فيضرب عنقه صبرا والأسير ما دام في وثاق العدو ، والرجل يجد على بطن امرأته رجلا.

( باب )

* ( معنى مخادعة الله عزوجل ) *

١ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ـ رضي‌الله‌عنه قال : حدثنا محمد بن

__________________

(١) جهة الاشتراك بين التفسير والتأويل هي الطهارة فظاهر الآية يقتضى تطهير البدن عن الأوساخ الظاهرة وباطنها يقتضى تطهير القب والسر عن الأوساخ الباطنة التي هي الجهل والضلال والعمى كما قاله الفيض ـ رحمه‌الله ـ.

٣٤٠