معاني الأخبار

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

معاني الأخبار

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع
المطبعة: دار المعرفة للطباعة والنشر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٣٨

عليه‌السلام : لا بأس بالاقعاء في الصلاة بين السجدتين وبين الركعة الأولى والثانية وبين الركعة الثالثة والرابعة وإذا أجلسك الامام في موضع يجب أن تقوم فيه فتجافي ، ولا يجوز الاقعاء في موضع التشهدين إلا من علة لان المقعي ليس بجالس إنما جلس بعضه على بعض والاقعاء أن يضع الرجل أليتيه على عقبيه في تشهديه ، فأما الاكل مقعيا فلا بأس به لان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قد أكل مقعيا.

( باب )

* ( معنى المطيطاء ) *

١ ـ حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن عمرو بن جميع قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جده عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا مشت أمتي المطيطاء (١) وخدمتهم فارس والروم كان بأسهم بينهم. والمطيطاء التبختر ومد اليدين في المشئ.

( باب )

* ( معنى ثياب القسي ) *

١ ـ حدثنا حمزة بن محمد بن أحمد بن جعفر بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب عليهم‌السلام بقم في رجب سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة ، قال : أخبرني علي بن إبراهيم بن هاشم سنة سبع وثلاثمائة ، قال : حدثني أبي ، عن محمد بن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن عبد الله بن علي الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال علي عليه‌السلام : نهاني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ولا أفول : نهاكم ـ عن التختم بالذهب وعن ثياب القسي وعن مياثر

__________________

(١) المطيطاء ـ بضم الميم مقصورا وممدودا وفتحها ممدودا ـ التبختر ومد اليدين في المشي.

٣٠١

الأرجوان وعن الملاحف المفدمة (١) وعن القراءة وأنا راكع.

قال حمزة بن محمد : « القسي » ثياب يؤتى بها من مصر فيها حرير ، وأصحاب الحديث يقولون : القسي ـ بكسر القاف ـ وأهل مصر يقولون : القسي تنسب إلى بلاد يقال لها : « القس » هكذا ذكره القاسم بن سلام وقال : قد رأيتها ولم يعرفها الأصمعي.

( باب )

* ( معنى الشجنة (٢) ) *

١ ـ حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، قال : حدثني أبي ، عن جده أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه محمد بن خالد ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن عمرو بن جميع ، قال : كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام مع نفر من أصحابه فسمعته وهو يقول : إن رحم الأئمة عليهم‌السلام من آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله لتتعلق بالعرش يوم القيامة وتتعلق بها أرحام المؤمنين تقول : يا رب صل من وصلنا واقطع من قطعنا. قال : ويقول الله تبارك وتعالى : أنا الرحمن وأنت الرحم شققت اسمك من اسمي فمن وصلك وصلته ومن قطعك قطعته ، ولذلك قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الرحم شجنة من الله عزوجل.

أخبرنا أبو الحسين محمد بن هارون الزنجاني فيما كتب إلي قال : حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال : سمعت القاسم بن سلام يقول في معنى قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « الرحم شجنة من الله عزوجل » : يعني أنه قرابة مشتبكة كاشتباك العروق. وقول القائل : « الحديث ذو شجون » إنما هو تمسك بعضه ببعض. وقال بعض أهل العلم : يقال : « شجر متشجن » إذا التف بعضه ببعض. ويقال : شجنة وشجنة (٣) والشجن كالغصن يكون من

__________________

(١) الملاحف ـ جمع الملحف والملحفة ـ : ما يلبس فوق الألبسة ويتغطى به ، والمقدمة : الحمراء المشبعة حمرة.

(٢) الشجن ـ بفتحتين ـ والشجنة ـ بتثليث الشين المعجمة ـ : الغصن الملتف المشتبك والشعبة من كل شئ.

(٣) بالفتح والكسر.

٣٠٢

الشجرة وقد قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن فاطمة شجنة مني يؤذيني ما آذاها ويسرني ما يسرها صلوات الله عليها.

٢ ـ حدثنا بذلك أحمد بن الحسن القطان : قال : حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي مولى بني هاشم ، قال : أخبرنا المنذر بن محمد قراءة ، قال : حدثنا جعفر بن سليمان التميمي قال : حدثنا إسماعيل بن مهران ، عن عباية ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله [ أنه ] قال : إن فاطمة شجنة مني يؤذيني ما آذاها ويسرني ما يسرها ، وإن الله تبارك وتعالى ليغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها صلوات الله عليها.

( باب )

* ( معنى الجبار (١) ) *

١ ـ حدثنا أبي ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن الهيثم بن أبي مسروق النهدي ، قال : حدثنا الحسين بن علوان ، عن عمرو بن خالد ، عن زيد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين ، عن أبيه علي بن أبي طالب عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : العجماء جبار ، والبئر جبار والمعدن جبار ، وفي الركاز الخمس. والجبار الهدر الذي لا دية فيه ولا قود (٢).

أخبرنا أبو الحسين محمد بن هارون الزنجاني ، قال : حدثنا علي بن عبد العزيز عن القاسم بن سلام أنه قال : العجماء هي البهيمة وإنما سميت عجماء لأنها لا تتكلم و كل من لا يقدر على الكلام فهو أعجم ومستعجم ومنه قول الحسن عليه‌السلام : « صلاة النهار عجماء » يقول : لا تسمع فيها قراءة ، وأما الجبار فهو الهدر وإنما جعل جرح العجماء هدرا إذا كانت منفلتة ليس لها قائد ولا سائق ولا راكب ، فإذا كان معها واحد من هؤلاء الثلاثة فهو ضامن لان الجناية حينئذ ليست للعجماء وإنما هي جناية صاحبها الذي أوطأها

__________________

(١) الجبار ـ بضم الجيم والباء الموحدة الخفيفة ـ.

(٢) القود ـ بفتحتين ـ : القصاص.

٣٠٣

الناس. وأما قوله : « والبئر جبار » فإن فيها غير قول (١) ، يقال : إنها البئر يستأجر عليها صاحبها رجلا يحفرها في ملكه فينهار (٢) على الحافر فليس على صاحبها ضمان. و يقال : إنها البئر تكون في ملك الرجل فيسقط فيها إنسان أو دابة فلا ضمان عليه لأنها في ملكه.

وقال القاسم بن سلام : هي عندي البئر العادية القديمة التي لا يعلم لها حافر ولا مالك تكون بالوادي فيقع فيها الانسان أو الدابة فذلك هدر بمنزلة الرجل يوجد قتيلا بفلاة من الأرض لا يعلم له قاتل فليس فيه قسامة ولا دية. وأما قوله : « المعدن جبار » فإنها هذه المعادن التي يستخرج منها الذهب والفضة ، فيجيئ قوم يحتفرونها لهم بشئ مسمى فربما انهار المعدن عليهم فيقتلهم فدماؤهم هدر لأنهم إنما عملوا بأجرة. وأما قوله : « وفي الركاز الخمس » فإن أهل العراق وأهل الحجاز اختلفوا في الركاز فقال أهل العراق : الركاز المعادن كلها ، وقال أهل الحجاز الركاز المال المدفون خاصة مما كنزه بنو آدم قبل الاسلام.

( باب )

* ( معنى الإسجاح ) *

١ ـ أخبرنا الحاكم أبو حامد أحمد بن الحسين بن علي ببلخ ، قال : حدثنا أبو عبد الله البخاري ، قال : حدثنا سهل بن المتوكل ، قال : حدثنا سليمان بن أبي شيخ ، قال : حدثنا محمد بن الحكم ، عن عوانة ، قال : قال علي بن أبي طالب صلوات الله عليه يوم الجمل لعائشة : كيف رأيت صنع الله بك يا حميراء؟ فقالت له : ملكت فأسجح (٣). يعني تكرم.

__________________

(١) أي ليس في معنى هذه الجملة قول واحد بن أقوال ثلاثة. ( م )

(٢) انهار البناء : أو البئر انهدم وسقط.

(٣) أسجح الوالي : أحسن العفو.

٣٠٤

( باب )

* ( معنى الحوأب والجمل الأدبب ) *

١ ـ أخبرنا الحاكم أبو حامد أحمد بن الحسين بن علي ببلخ ، قال : حدثنا محمد بن العباس ، قال : حدثنا إبراهيم بن إسحاق ، قال : حدثني إبراهيم بن سعيد ، قال : حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا عصام بن قدامة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال لنسائه : ليت شعري أيتكن صاحبة الجمل الأدبب (١) التي تنبحها كلاب الحوأب (٢) فيقتل عن يمينها وعن يسارها قتلى كثيرة ثم تنجو بعد ما كادت.

الحوأب : ماء لبني عامر ، « والجمل الا ذيب (٣) » يقال : إن الذئبة داء يأخذ الدواب يقال : « برذون مذؤوب » وأظن الجمل الا ذيب مأخوذ من ذلك. وقوله : « تنجو بعدما كادت » أي تنجو بعد ما كادت تهلك.

( باب )

* ( معنى الصائم المفطر ) *

١ ـ حدثنا أبو نصر محمد بن أحمد بن تميم السرخسي الفقيه بسرخس ، قال : حدثنا أبو لبيد محمد بن إدريس الشامي ، قال : حدثنا هاشم بن عبد العزيز المحرمي (٤) ، قال : حدثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الجريري ، عن أبي العلاء بن الشخير ، عن نعيم بن قعنب ، قال : أتيت الربذة ألتمس أبا ذر ، فقالت لي امرأته : ذهب يمتهن (٥). قال : فإذا أبو ذر قد أقبل يقود

__________________

(١) الأدب ـ بادغام الباء وفكه ـ : الجمل الكثير الشعر أو الذي كثر وبر وجهه وفى بعض النسخ [ الا ذيب ].

(٢) نبح الكلب : صات. والحوأب فسره المؤلف.

(٣) الظاهر أن المؤلف رحمه‌الله قرأ : « الا ذيب » بالذال المعجمة والياء أو الهمزة فاحتمل أن يكون مأخوذا من الذئبة وهي داء يكون في حلوق الدواب والأولى بل المتعين كما في أكثر النسخ التي عندنا قراءته بالدال المهملة والباء الموحدة ليكون مأخوذا من الدبب وهو كثرة شعر الجمل أو كثرة وبر وجهه. ( م )

(٤) في بعض النسخ [ المخرمي ].

(٥) امتهن الرجل : استعمل للخدمة.

٣٠٥

بعيرين قد قطر (١) أحدهما بذنب الاخر قد علق في عنق كل واحد منهما قربة ، قال : فقمت فسلمت عليه ثم جلست فدخل منزله وكلم امرأته بشئ فقال : أف أما تزيدين على ما قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « إنما المرأة كالضلع إن أقمتها كسرتها وفيها بلغه » ثم جاء بصحفة فيها مثل القطاة فقال : كل فإني صائم ، ثم قام فصلى ركعتين ثم جاء فأكل. قال : فقلت : سبحان الله من (٢) ظننت أن يكذبني من الناس فلم أظن أنك تكذبني. قال : وما ذاك؟ قلت إنك قلت لي إنك صائم ثم جئت فأكلت! قال : وأنا الآن أقوله ، إني صمت من هذا الشهر ثلاثا فوجب لي صومه وحل لي فطره. (٣)

( باب )

* ( معنى القميص والرداء والتاج والسراويل والتكة والنعل والعصا ) *

* ( التي أكرم الله عزوجل بها نبيه محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله لما ) *

* ( أخرجه من صلب عبد المطلب ) *

١ ـ حدثنا الحاكم أحمد بن محمد بن عبد الرحمن المروزي ، قال : حدثنا أبو بكر محمد ابن إبراهيم الجرجاني ، قال : حدثنا أبو بكر عبد الصمد بن يحيى الواسطي ، قال : حدثنا الحسن بن علي المدني ، عن عبد الله بن المبارك ، عن سفيان الثوري ، عن جعفر بن محمد الصادق ، عن أبيه ، عن جده ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام أنه قال : إن الله تبارك وتعالى خلق نور محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله قبل أن يخلق السماوات والأرض والعرش والكرسي واللوح و القلم والجنة والنار وقبل أن يخلق (٤) آدم ونوحا وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق و

__________________

(١) قطر وقطر وأقطر الإبل : قرب بعضها إلى بعض على نسق.

(٢) « من » شرطية وفى بعض النسخ « ما ظننت » والمعنى : ان ظننت ان يكذب أحد من الناس لم أظن أنك تكذب. ( م )

(٣) أي لما صمت من هذا الشهر ثلاثة أيام فقد ثبت لي صوم الشهر كله لقول رسول الله صلى الله عليه وآله ، فأنا في هذا الشهر صائم مع أنه يحل لي الافطار ولعله رضي‌الله‌عنه أراد بهذا العمل تعليم الراوي سنة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله. ( م )

(٤) في بعض النسخ [ قبل أن خلق ] في الموضعين.

٣٠٦

يعقوب وموسى وعيسى وداود وسليمان وكل من قال الله عزوجل في قوله : « ووهبنا له إسحاق ويعقوب ـ إلى قوله ـ وهديناهم إلى صراط مستقيم (١) » وقبل أن خلق الأنبياء كلهم بأربعمائة ألف سنة وأربع وعشرين ألف سنة (٢) وخلق عزوجل معه اثنى عشر حجابا : حجاب القدرة ، وحجاب العظمة ، وحجاب المنة ، وحجاب الرحمة ، وحجاب السعادة وحجاب الكرامة ، وحجاب المنزلة ، وحجاب الهداية ، وحجاب النبوة ، وحجاب الرفعة ، وحجاب الهيبة ، وحجاب الشفاعة ، ثم حبس نور محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله في حجاب القدرة اثنى عشر ألف سنة وهو يقول : « سبحان ربي الأعلى [ وبحمده ] ». وفي حجاب العظمة إحدى عشر ألف سنه وهو يقول « سبحان عالم السر ». وفي حجاب المنة عشرة آلاف سنة وهو يقول : « سبحان من هو قائم لا يلهو ». وفي حجاب الرحمة تسعة آلاف سنة وهو يقول : « سبحان الرفيع الأعلى ». وفي حجاب السعادة. ثمانية آلاف سنة وهو يقول : « سبحان من هو دائم لا يسهو ». وفي حجاب الكرامة سبعة آلاف سنة وهو يقول : « سبحان من هو غني لا يفتقر » وفي حجاب المنزلة ستة آلاف سنة وهو يقول : « سبحان العليم الكريم » وفي حجاب الهداية خمسة آلاف سنة وهو يقول : « سبحان ذي العرش العظيم ». وفي حجاب النبوة أربعة آلاف سنة وهو يقول : « سبحان رب العزة عما يصفون » وفي حجاب الرفعة ثلاثة آلاف سنة وهو يقول : « سبحان ذي الملك والملكوت ». وفي حجاب الهيبة ألفي سنة وهو يقول : « سبحان الله وبحمده ». وفي حجاب الشفاعة ألف سنة وهو يقول : « سبحان ربي العظيم وبحمده ». (٣) ثم أظهر اسمه على اللوح فكان على اللوح

__________________

(١) الانعام : ٨٤ إلى ٨٧.

(٢) من المعلوم انه لم يكن قبل خلق ما ذكره عليه‌السلام من العرش والكرسي والسماوات و الأرض زمان ولا زماني البتة فتلك السنون التي ذكرها ليست مما نوقتها ونقدرها بأيامنا وساعاتنا التي هي كلها مقدار الحركة كيف ولم يكن حركة ولا متحرك بعد ، فهي من الأيام والسنين الربوبية قال تعالى : « وان يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون » فافهم. ( م )

(٣) قال العلامة المجلسي ـ رحمه‌الله ـ : ليس الغرض ذكر جميع أحواله صلى‌الله‌عليه‌وآله في الذر لعدم موافقة العدد ، بل قد جرى على نوره أحوال قبل تلك الأحوال أو بعدها أو بينها لم تذكر في الخبر.

٣٠٧

منورا أربعة آلاف سنة ، ثم أظهره على العرش فكان على ساق العرش مثبتا سبعة آلاف سنة إلى أن وضعه الله عزوجل في صلب آدم عليه‌السلام ثم نقله من صلب آدم إلى صلب نوح عليه‌السلام ثم من صلب إلى صلب حتى أخرجه الله تعالى من صلب عبد الله بن عبد المطلب فأكرمه بست كرامات : ألبسه قميص الرضا ، ورداه برداء الهيبة ، وتوجه بتاج الهداية ، وألبسه سراويل المعرفة ، وجعل تكته تكة المحبة يشد بها سراويله ، وجعل نعله نعل الخوف ، وناوله عصا المنزلة ، ثم قال له : يا محمد اذهب إلى الناس فقل لهم : قولوا : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، وكان أصل ذلك القميص من ستة أشياء : قامته من الياقوت ، و كماه (١) من اللؤلؤ ، ودخريصه (٢) من البلور الأصفر ، وإبطاه من الزبرجد ، وجربانه (٣) من المرجان الأحمر ، وجيبه من نور الرب ـ جل جلاله ـ فقبل الله توبة آدم عليه‌السلام بذلك القميص ، ورد خاتم سليمان به ، ورد يوسف إلى يعقوب به ، ونجى يونس من بطن الحوت به ، وكذلك سائر الأنبياء عليهم‌السلام أنجاهم من المحن به ولم يكن ذلك القميص إلا قميص محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله.

( باب )

* ( معنى قول أمير المؤمنين عليه‌السلام لعثمان « ان قلت لم ) *

* ( أقل الا ما تكره وليس لك عندي الا ما تحب ) *

١ ـ حدثنا أحمد بن يحيى المكتب ، قال : حدثنا أحمد بن محمد الوراق ، قال : حدثنا محمد بن إسماعيل بن أبان بن مهران ، قال : حدثنا عبد الله بن أبي سعيد الوراق ، قال : حدثنا فضيل بن عبد الوهاب ، قال : حدثنا يونس بن أبي يعقوب (٤) العبدي ، عن أبيه ، عن قنبر مولى علي عليه‌السلام قال : دخلت مع علي بن أبي طالب عليه‌السلام على عثمان بن عفان فأحبا

__________________

(١) الكم ـ بضم الكاف ـ : مدخل اليد ومخرجه من الثوب.

(٢) الدخريص ـ بالكسر ـ : لبنة القميص.

(٣) الجربان ـ بكسرتين أو ضمتين ـ : طوق القميص.

(٤) في بعض النسخ [ أبى يعفور ].

٣٠٨

الخلوة فأومأ إلي علي عليه‌السلام بالتنحي فتنحيت غير بعيد فجعل عثمان يعاتب عليا عليه‌السلام وعلي مطرق (١) ، فأقبل عليه عثمان فقال : ما لك لا تقول؟ فقال : إن قلت لم أقل إلا ما تكره وليس لك عندي إلا ما تحب.

قال المبرد : تأويل ذلك : إن قلت اعتددت عليك بمثل ما اعتددت به علي في لذعك عتابي وعقدي أن لا أفعل وإن كنت عاتبا إلا ما تحب.

( باب )

* ( معاني الألفاظ التي ذكرها أمير المؤمنين عليه‌السلام في خطبته بالنخيلة ) *

* ( حين بلغه قتل حسان بن حسان عامله بالأنبار ) *

١ ـ حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدثنا عبد العزيز بن يحيى الجلودي ، قال : حدثنا هشام بن علي ، ومحمد بن زكريا الجوهري ، قالا : حدثنا ابن عائشة بإسناد ذكره أن عليا عليه‌السلام انتهى إليه (٢) أن خيلا لمعاوية وردت الأنبار فقتلوا عاملا له يقال له : « حسان بن حسان » فخرج مغضبا يجر ثوبه حتى أتى النخيلة وأتبعه الناس فرقى رباوة (٣) من الأرض فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم قال :

أما بعد فإن الجهاد باب من أبواب الجنة [ فتحه الله لخاصة أوليائه وهو لباس التقوى ودرع الله الحصينة وجنته الوثيقة ] فمن تركه رغبة عنه ألبسه الله ثوب الذل وسيما (٤) الخسف وديث الصغار (٥) وقد دعوتكم إلى حرب هؤلاء القوم ليلا ونهار وسرا

__________________

(١) أطرق الرجل : سكت وأرخى عينيه ينظر إلى الأرض.

(٢) انتهى إليه الخبر : بلغه.

(٣) الرباوة ـ بتثليث الراء المهملة ـ : ما ارتفع من الأرض.

(٤) السيما ـ مقصورا وممدودا ـ : الهيئة والعلامة.

(٥) الخسف والصغار : الذل ، وفى أكثر النسخ « بالصغار » وسيجئ تفسير الخطبة من المؤلف ـ رحمه‌الله ـ.

٣٠٩

وإعلانا وقلت لكم : اغزوهم من قبل أن يغزوكم فوالذي نفسي بيده ما غزى قوم قط في عقر ديارهم إلا ذ لوا ، فتواكلتم وتخاذلتم وثقل عليكم قولي واتخذتموه وراءكم ظهريا حتى شنت عليكم الغارات ، هذا أخو غامد قد وردت خيله الأنبار وقتلوا حسان بن حسان ورجالا منهم كثيرا ونساء ، والذي نفسي بيده لقد بلغني أنه كان يدخل على المرأة المسلمة والمعاهدة فتنتزع أحجالهما ورعثهما ، ثم انصرفوا موفورين ، لم يكلم أحد منهم كلما ، فلو أن امرءا مسلما مات من دون هذا أسفا ما كان عندي فيه ملوما بل كان عندي به جديرا! يا عجبا كل العجب من تظافر هؤلاء القوم على باطلهم وفشلكم عن حقكم! إذا قلت لكم : اغزوهم في الشتاء قلتم : هذا أوان قر وصر! وإذا قلت لكم : اغزوهم في الصيف قلتم : هذه حمارة القيظ أنظرنا ينصرم الحر عنا! فإذا كنتم من الحر والبرد تفرون فأنتم والله من السيف أفر.

يا أشباه الرجال ولا رجال ويا طغام الأحلام (١) ويا عقول ربات الحجال (٢) والله لقد أفسدتم علي رأيي بالعصيان ، ولقد ملأتم جوفي غيظا حتى قالت قريش : إن ابن أبي طالب شجاع ولكن لا رأي له في الحرب. لله درهم! ومن ذا يكون أعلم بها وأشد لها مراسا مني؟ فوالله لقد نهضت فيها وما بلغت العشرين ولقد نيفت اليوم على الستين ولكن لا رأي لمن لا يطاع ـ يقولها ثلاثا ـ فقام إليه رجل ومعه أخوه فقال : يا أمير المؤمنين أنا وأخي هذا كما قال الله عزوجل حكاية عن موسى : « رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي » (٣) فمرنا بأمرك فوالله لننتهين إليه ولو حال بينا وبينه جمر الغضا (٤) وشوك القتاد. فدعا له بخير ، ثم قال : وأين تقعان مما أريد؟! ثم نزل عليه‌السلام.

تفسيره : قال المبرد : « سيما الخسف » تأويله علامة ، قال الله عزوجل : « سيماهم في وجوههم من أثر السجود » (٥) وقال الله عزوجل : « يعرف المجرمون بسيماهم » (٦)

__________________

(١) أي ضعاف العقول.

(٢) كناية عن النساء.

(٣) المائدة : ٢٥.

(٤) الجمر : النار المتقدة ، والغضا : شجر من الأثل خشبه صلب جدا ويبقى جمره زمانا طويلا لا ينطفئ.

(٥) الفتح : ٢٩.

(٦) الرحمن : ٤١.

٣١٠

وقال الله عزوجل : « يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين » (١) أي معلمين. قوله : « وديث الصغار » تأويل ذلك يقال للبعير إذا ذللته الدمامة : (٢) « بعير مديث » أي مذلل وقوله : « في عقر ديارهم » أي في أصل ديارهم ، والعقر الأصل ومن ثم قيل : « لفلان عقار » أي أصل مال. وقوله : « تواكلتم » هو مشتق من وكلت الامر إليك ووكلته إلي إذا لم يتوله أحد دون صاحبه ولكن أحال به كل واحد إلى الاخر ومن ذلك قول الحطيئة

* أمون إذا واكلتها لا تواكل *

وقوله : « واتخذتموه وراءكم ظهريا » (٣) أي لم تلتفتوا إليه. يقال في المثل « لا تجعل حاجتي منك بظهر » أي لا تطرحها غير ناظر إليها. وقوله : « حتى شنت عليكم الغارات » يقول : صبت. يقال : « شننت الماء على رأسه » أي صببته. ومن كلام العرب « فلما لقي فلان فلانا شنه بالسيف » أي صبه عليه صبا. وقوله : « هذا أخو غامد » فهو رجل مشهور من أصحاب معاوية من بني غامد بن نضر من الأزد. وقوله : « فتنتزع أحجالهما » يعني الخلاخيل واحدها « حجل » ومن ذلك قيل للدابة : « محجلة » ويقال للقيد : « حجل » لأنه يقع في ذلك الموضع. وقوله : « ورعثهما » فهي الشنوف (٤) واحدها « رعثة » وجمعها « رعاث » وجمع الجمع « رعث ». وقوله : « ثم انصرفوا موفورين » من الوفر أي لم ينل أحد منهم بأن يرزأ في بدن ولا مال ، يقال : « فلان موفور وفلان ذو وفر » أي ذو مال ويكون موفورا في بدنه. وقوله : « لم يكلم أحد منهم كلما » أي لم يخدش أحد منهم خدشا وكل جرح صغير أو كبير فهو كلم. وقوله : « مات من دون هذا أسفا » يقول : تحسرا وقد يكون الأسف الغضب ، قال الله عزوجل : « فلما آسفونا انتقمنا منهم » (٥) والأسيف يكون [ بمعنى ] الأجير ويكون [ بمعنى ] الأسير. وقوله : « من تظافر هؤلاء القوم على باطلهم » أي من تعاونهم وتظاهرهم [ فيه ]. وقوله : « وفشلكم عن حقكم »

__________________

(١) آل عمران ١٢١.

(٢) الدمامة ـ بالفتح ـ قبح المنظر. وفى بعض النسخ [ الرياضة ].

(٣) هود : ٩٢

(٤) جمع الشنف وهو ما يعلق في الاذن من الحلي.

(٥) الزخرف : ٥٥

٣١١

يقال : فشل فلان عن كذا إذا هابه فنكل عنه وامتنع من المضي فيه. وقوله : « قلتم : هذا أوان قر وصر » فالصر : شدة البرد ، قال الله عزوجل : « كمثل ريح فيها صر » (١) وقوله : هذه حمارة القيظ » فالقيظ : الصيف وحمارته : اشتداد حره.

[ ( باب ) (٢)

* ( معنى قول الرسل عليهم‌السلام إذا قيل لهم يوم القيامة ماذا ) *

* ( أجبتم قالوا لا علم لنا ) *

١ ـ حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الرحمن المروزي المقري ، قال : حدثنا أبو عمرو محمد بن جعفر المقري الجرجاني ، قال : حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن الموصلي ببغداد قال : حدثنا محمد بن عاصم الطريفي ، قال : حدثنا أبو زيد عباس بن يزيد بن الحسين (٣) بن علي الكحال مولى زيد بن علي ، قال : أخبرني أبي يزيد بن الحسين قال : حدثني موسى بن جعفر قال : قال الصادق عليه‌السلام في قول الله عزوجل : « يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا » (٤) قال : يقولون لا علم لنا بسواك. قال : قال الصادق عليه‌السلام : القرآن كله تقريع وباطنه تقريب.

قال مصنف هذا الكتاب : يعني بذلك أن من وراء آيات التوبيخ والوعيد آيات الرحمة والغفران ].

( باب )

* ( معنى نفس العقل وروحه ورأسه وعينيه ولسانه وفمه وقلبه ) *

* ( وما قوى به ) *

١ ـ حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الرحمن المروزي المقري ، قال : حدثنا أبو عمرو

__________________

(١) آل عمران : ١١٧. واطلاق الصر للريح الباردة كالصرصر شايع وهو في الأصل مصدر نعت به.

(٢) قد تقدم هذا الباب بعينه مع بيانه ص ٢٣١ وكان موجودا في جميع النسخ التي عندنا إلا نسخة واحدة.

(٣) في بعض النسخ [ عياش بن يزيد بن الحسن ].

(٤) المائدة : ١٠٨.

٣١٢

محمد بن جعفر المقري الجرجاني ، قال حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن الموصلي ببغداد ، قال : حدثنا محمد بن عاصم الطريفي قال : حدثنا أبو زيد عباس بن يزيد بن الحسين الكحال ، عن أبيه قال : حدثني موسى بن جعفر ، عن أبيه الصادق ، عن أبيه ، عن جده عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الله تبارك وتعالى خلق العقل من نور مخزون مكنون في سابق علمه الذي لم يطلع عليه نبي مرسل ولا ملك مقرب فجعل العلم نفسه والفهم روحه والزهد رأسه والحياء عينيه والحكمة لسانه والرأفة فمه والرحمة قلبه ، ثم حشاه وقواه بعشرة أشياء : باليقين ، والايمان ، والصدق والسكينة ، والاخلاص ، والرفق ، والعطية ، والقنوع ، والتسليم ، والشكر ، ثم قال له : أدبر فأدبر ثم قال له : أقبل فأقبل ثم قال له : تكلم فقال : الحمد لله الذي ليس له ند ولا شبه ولا شبيه ولا كفو ولا عديل ولا مثل ولا مثال ، الذي كل شئ لعظمته خاضع ذليل. فقال الرب تبارك وتعالى : وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا أحسن منك ولا أطوع لي منك ولا أرفع منك ولا أشرف منك ولا أعز منك بك أوحد وبك أعبد وبك ادعى وبك ارتجى وبك ابتغى وبك أخاف وبك احذر وبك الثواب وبك العقاب. فخر العقل عند ذلك ساجدا وكان في سجوده ألف عام ، فقال الرب تبارك وتعالى بعد ذلك : ارفع رأسك وسل تعط واشفع تشفع ، فرفع العقل رأسه فقال : إلهي أسألك أن تشفعني فيمن خلقتني فيه. فقال الله عزوجل جلاله لملائكته : أشهدكم أني قد شفعته فيمن خلقته فيه.

( باب )

* ( معنى ما جاء في لعن الذهب والفضة ) *

١ ـ حدثنا أبو محمد الحسن بن حمزة العلوي الحسيني ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدثنا محمد أميدوار ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن يعقوب بن يزيد الأنباري ، عن ابن أبي عمير ، عن هارون بن خارجة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لعن الله الذهب والفضة لا يحبهما إلا من كان جنسهما. قلت : جعلت فداك الذهب والفضة؟ قال عليه‌السلام : ليس حيث تذهب إليه ، إنما الذهب الذي ذهب بالدين والفضة التي أفاض الكفر.

٣١٣

قال مصنف هذا الكتاب ـ رضي‌الله‌عنه ـ : هذا حديث لم أسمعه إلا من الحسن ابن حمزة العلوي ولم أروه عن شيخنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ولكنه صحيح عندي يؤيده الخبر المنقول عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنه قال : أنا يعسوب المؤمنين والمال يعسوب الظلمة والمال لا يروس إنما يراس به (١). فهو كناية عمن ذهب بالدين وأفاض الكفر ، و إنما وقعت الكناية بهما لأنهما أثمان كل شئ كما أن الذين كنى عنهم أصول كل كفر وظلم.

( باب )

* ( معنى الدرجات والكفارات والموبقات والمنجيات ) *

١ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن خالد البرقي ، عن هارون ابن الجهم ، عن المفضل بن صالح ، عن سعد الإسكاف ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : ثلاث درجات ، وثلاث كفارات ، وثلاث موبقات (٢) ، وثلاث منجيات. فأما الدرجات فإفشاء السلام وإطعام الطعام ، والصلاة بالليل والناس نيام. وأما الكفارات فإسباغ الوضوء في السبرات ، والمشي بالليل والنهار إلى الجماعات ، والمحافظة على الصلوات. وأما الموبقات فشح مطاع ، وهوى متبع ، وإعجاب المرء بنفسه. وأما المنجيات فخوف الله في السر والعلانية ، والقصد في الغنى والفقر ، وكلمة العدل في الرضا والسخط.

قال مصنف هذا الكتاب ـ رضي‌الله‌عنه ـ روي عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : الشح المطاع سوء الظن بالله عزوجل وأما السبرات فجمع « سبرة » وهو شدة البرد وبها سمي الرجل سبرة.

__________________

(١) رأس يروس روسا : مشى متبخترا.

(٢) الموبق : المهلك والموبقات : المهالك والمعاصي.

٣١٤

( باب )

* ( معنى رمضان ) *

١ ـ حدثنا أبي ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن هشام بن سالم ، عن سعد ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كنا عنده ثمانية رجال فذكرنا رمضان ، فقال : لا تقولوا : هذا رمضان ، ولا ذهب رمضان ، ولا جاء رمضان. فإن رمضان اسم من أسماء الله عزوجل لا يجيئ ولا يذهب و إنما يجيئ ويذهب الزائل ولكن قولوا : شهر ومضان فالشهر المضاف إلى الاسم والاسم اسم الله وهو الشهر الذي انزل فيه القرآن جعله الله تعالى مثلا وعيدا (١).

٢ ـ أبي ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، ومحمد بن الحسين عن محمد بن يحيى الخثعمي ، عن غياث بن إبراهيم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، عن أبيه ، عن جده عليهما‌السلام ، قال : قال علي صلوات الله عليه : لا تقولوا : رمضان ولكن قولوا : شهر رمضان فإنكم لا تدرون ما رمضان.

( باب )

* ( معنى ليلة القدر ) *

١ ـ حدثنا علي بن أحمد بن موسى ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطان ، قال : حدثنا محمد بن العباس بن بسام ، قال : حدثني محمد بن أبي السري قال : حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس ، عن سعد بن طريف الكناني ، عن الأصبغ بن نباتة عن علي بن أبي طالب عليه‌السلام قال : قال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي أتدري ما معنى ليلة القدر؟ فقلت : لا يا رسول الله ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الله تبارك وتعالى قدر فيها ما هو كائن إلى يوم القيامة فكان فيما قدر عزوجل ولايتك وولاية الأئمة من ولدك إلى يوم القيامة.

٢ ـ حدثنا أبي ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، قال : حدثنا محمد بن

__________________

(١) أي الشهر أو القرآن مثلا أي حجة وعيدا أي محل سرور لأوليائه والمثل بالثاني أنسب كما أن العيد بالأول أنسب. ( قاله المجلسي ـ رحمه‌الله ـ )

٣١٥

الحسين بن أبي الخطاب ، عن محمد بن عبيد بن مهران ، عن صالح بن عقبة ، عن المفضل بن عمر ، قال : ذكر عند أبي عبد الله عليه‌السلام « إنا أنزلناه في ليلة القدر » قال : ما أبين فضلها على السور. قال : قلت : وأي شئ فضلها؟ قال : نزلت ولاية أمير المؤمنين عليه‌السلام فيها. قلت : في ليلة القدر التي نرتجيها في شهر رمضان. قال : نعم ، هي ليلة قدرت فيها السماوات والأرض وقدرت ولاية أمير المؤمنين عليه‌السلام فيها.

( باب )

* ( معنى خضراء الدمن ) *

١ ـ حدثنا محمد بن أحمد الشيباني ، (١) قال : حدثني محمد بن أبي عبد الله الكوفي ، قال : حدثنا سهل بن زياد ، قال : حدثني أحمد بن بشير البرقي ، (٢) عن يحيى بن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن أبي طلحة الصيرفي ، قال : سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهما‌السلام ، يقول : سمعت أبي يحدث ، عن أبيه ، عن جده عليهم‌السلام أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال للناس : إياكم وخضراء الدمن قيل : يا رسول الله وما خضراء الدمن؟ قال : المرأة الحسناء في منبت سوء.

قال مصنف هذا الكتاب ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال أبو عبيد : نراه أراد فساد النسب إذا خيف أن يكون لغير رشدة. وإنما جعلها خضراء الدمن تشبيها بالشجرة الناضرة في دمنه البقرة ، وأصل الدمن ما تدمنه الإبل والغنم من أبعارها وأبوالها فربما ينبت فيها (٣) النبات الحسن وأصله في (٤) دمنة ، يقول : فمنظرها حسن أنيق ومنبتها فاسد ، قال الشاعر :

وقد ينبت المرعى على دمن الثرى

وتبقى حزازات النفوس كما هيا

ضربه مثلا للرجل الذي يظهر المودة وفي قلبه العداوة.

__________________

(١) مر الكلام فيه في ص ١٣١ من الكتاب.

(٢) في بعض النسخ [ أحمد بن بشر الرقي ] والظاهر أنه أحمد بن بشير البرقي كما عنونه العلامة في القسم الثاني من الخلاصة ويؤيده رواية سهل بن زياد عنه وفى الكافي « سهل بن زياد عن أحمد بن بشر البرقي » في باب الصفة بغير ما وصف به نفسه ج ١ ص ١٠٢.

(٣) في بعض النسخ [ فيه ].

(٤) في بعض النسخ [ من ].

٣١٦

( باب )

* ( معنى جامع مجمع وربيع مربع وكرب مقمع وغل قمل ) *

١ ـ حدثنا أبي ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا أحمد بن إدريس ، عن عبد الله بن محمد بن عيسى ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة عن إسماعيل بن أبي زياد السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما‌السلام ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : النساء أربع : جامع مجمع ، وربيع مربع ، وكرب مقمع (١) ، وغل قمل.

قال أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، « جامع مجمع » أي كثيرة الخير مخصبة ، و « ربيع مربع » التي في حجرها ولد وفي بطنها آخر ، و « كرب مقمع » أي سيئة الخلق مع زوجها ، و « غل قمل » أي هي عند زوجها كالغل القمل ، وهو غل من جلد يقع فيه القمل فيأكله ولا يتهيأ أن يحل منه شئ وهو مثل للعرب.

( باب )

* ( معنى الغنيمة والغرام والودود والولود والعقيم والصخابة ) *

* ( والولاجة والهمازة ) *

١ ـ حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن إبراهيم الكرخي قال : قلت : لأبي عبد الله عليه‌السلام : إن صاحبتي هلكت وكانت لي موافقة وقد هممت أن أتزوج فقال : انظر أين تضع نفسك ، ومن تشركه في مالك ، وتطلعه على دينك وسرك وأمانتك فإن كنت لابد فاعلا فبكرا تنسب إلى الخير وإلى حسن الخلق (٢).

ألا إن النساء خلقن شتى

فمنهن الغنيمة والغرام

__________________

(١) روى الكليني ـ رحمه‌الله ـ بسند آخر في الكافي ج ٥ ص ٣٢٤ وفيه « وخرقاء مقمع » بدل « كرب مقمع » وامرأة خرقاء أي قليلة العقل.

(٢) رواه الكليني ـ رحمه‌الله ـ في الكافي ج ٥ ص ٣٢٣ وزاد بعد قوله : « والى حسن الخلق » واعلم أنهن كما قال.

٣١٧

ومنهن الهلال إذا تجلى

لصاحبه ومنهن الظلام

فمن يظفر بصالحن يسعد

ومن يغبن فليس له انتقام

وهن ثلاث فامرأة ولود ودود تعين زوجها على دهره لدنيا ولآخرته ولا تعين الدهر عليه ، وامرأة عقيم لا ذات جمال ولا خلق ولا تعين زوجها على خير ، وامرأة صخابة ولاجة همازة (١) تستقل الكثير ولا تقبل اليسير.

( باب )

* ( معنى الشهبرة واللهبرة والنهيرة والهيدرة واللفوت ) *

١ ـ حدثنا أبو الحسن محمد بن عمرو بن علي بن عبد الله البصري ، قال : حدثنا أبو الحسن علي بن الحسن بن بندار التميمي الطبري بأسفرايين (٢) في مسجد الجامع ، قال : حدثنا أبو نصر (٣) محمد بن يوسف الطوسي بطبران قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا علي ابن خشرم المروزي ، قال : حدثنا الفضل بن موسى السيناني المروزي ، قال : قال لي أبو حنيفة النعمان بن ثابت أفيدك حديثا طريفا لم تسمع أطرف منه؟ قال : فقلت : نعم فقال أبو حنيفة أخبرني حماد بن أبي سليمان ، عن إبراهيم النخعي ، عن عبد الله بن بحية (٤) عن زيد بن ثابت قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا زيد تزوجت؟ قلت : لا. قال : تزوج تستعف مع عفتك ، ولا تزوجن خمسا. قال زيد : من هن يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تزوجن شهبرة ولا لهبرة ولا نهبرة ولا هيدرة ولا لفوتا. قال زيد : يا رسول الله ما عرفت مما قلت شيئا وإني بآخرهن لجاهل. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ألستم عربا؟ أما الشهبرة فالزرقاء البذية ، وأما اللهبرة فالطويلة المهزولة ، وأما النهبرة فالقصيرة الدميمة ، وأما الهيدرة فالعجوز المدبرة ، وأما اللفوت فذات الولد من غيرك.

__________________

(١) الصخابة : شديدة الصياح. والولاجة : كثيرة الدخول والخروج ، والهمازة هي العيابة الطعانة.

(٢) كذا ضبطه في المراصد. وفى القاموس إسفراين.

(٣) في بعض النسخ [ أبو منصور ].

(٤) في بعض النسخ [ عبد الله بن نچية ].

٣١٨

( باب )

* ( معنى قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حين رأى من يحتجم ) *

* ( في شهر رمضان : « أفطر الحاجم والمحجوم » ) *

١ ـ حدثنا أحمد بن الحسن القطان ، قال : حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطان ، قال : حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب ، قال ، حدثنا تميم بن بهلول ، قال : حدثنا أبو معاوية ، عن سليمان بن مهران ، عن عباية بن ربعي ، قال : سألت ابن عباس عن الصائم يجوز له أن يحتجم؟ قال : نعم ، ما لم يخش ضعفا على نفسه. قلت : فهل تنقض الحجامة صومه؟ فقال : لا ، فقلت : فما معنى قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حين رأى من يحتجم في شهر رمضان : « أفطر الحاجم والمحجوم »؟ فقال : إنما أفطرا لأنهما تسابا وكذبا في سبهما على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا للحجامة.

قال مصنف هذا الكتاب : وللحديث معنى آخر وهو أنه من احتجم فقد عرض نفسه للاحتياج إلى الافطار لضعف لا يؤمن أن يعرض له فيحوجه إلى ذلك وقد سمعت بعض المشايخ بنيسابور يذكر في معنى قول الصادق عليه‌السلام : « أفطر الحاجم والمحجوم » أي دخلا بذلك في فطرتي وسنتي لان الحجامة مما أمر عليه‌السلام به فاستعمله.

( باب )

* ( معنى القواعد والبواسق والجون والخفو والوميض والرحا ) *

١ ـ حدثنا الحاكم أبو الحسن عبد الحميد عبد الرحمن بن الحسين النيسابوري الفقيه ، قال : حدثنا أبو سعيد قال : حدثنا عبيد الله بن محمد بن سليمان الهاشمي ، (١) قال : حدثنا أبو عمرو الضرير ، قال : حدثنا عباد بن عباد المهلبي ، عن موسى بن محمد بن إبراهيم التميمي ، عن أبيه ، قال : كنا عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فنشأت (٢) سحابة فقالوا : يا رسول الله

__________________

(١) في بعض النسخ « عبد الله بن محمد بن سليمان » وفى آخر « عبيد الله بن سليمان ».

(٢) أي ارتفعت.

٣١٩

هذه سحابة ناشئة. فقال : كيف ترون قواعدها؟ قالوا : يا رسول الله ما أحسنها وأشد تمكنها قال : كيف ترون بواسقها؟ قالوا : يا رسول الله ما أحسنها وأشد تراكمها. قال : كيف ترون جونها؟ قالوا : يا رسول الله ما أحسنه وأشد سواده. قال : فكيف ترون رحاها؟ قالوا : يا رسول الله ما أحسنها وأشد استدارتها. قال : فكيف ترون برقها أخفوا أم وميضا أم يشق شقا؟ قالوا : يا رسول الله بل يشق شقا ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الحيا. (١) فقالوا : يا رسول الله ما أفصحك وما رأينا الذي هو أفصح منك. فقال : وما يمنعني من ذلك وبلساني نزل القرآن « بلسان عربي مبين ».

وحدثنا الحاكم ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني أبو علي الرياحي ، عن أبي عمرو الضرير بهذا الحديث.

أخبرني محمد بن هارون الزنجاني ، قال حدثنا علي بن عبد العزيز ، عن أبي عبيد قال : القواعد هي أصولها المعترضة في آفاق السماء ، وأحسبها تشبه بقواعد البيت وهي حيطانه والواحدة « قاعدة » قال الله عزوجل : « وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل (٢) » وأما البواسق ففروعها المستطيلة إلى وسط السماء إلى الأفق الاخر ، وكذلك كل طويل فهو باسق ، قال الله عزوجل : « والنخل باسقات لها طلع نضيد (٣) » والجون هو الأسود اليحمومي وجمعه « جون » ، وأما قوله : « فكيف ترون رحاها » فإن رحاها استدارة السحابة في السماء ولهذا قيل : « رحا الحرب » وهو الموضع الذي يستدار فيه لها ، والخفو الاعتراض من البرق في نواحي الغيم ، وفيه لغتان : ويقال : خفا البرق يخفو خفوا ، ويخفى خفيا. والوميض أن يلمع قليلا ثم يسكن وليس له اعتراض وأما الذي يشق شقا فاستطالته في الجو إلى وسط السماء من غير أن يأخذ يمينا ولا شمالا.

قال مصنف هذا الكتاب : والحيا : المطر.

__________________

(١) الحيا ـ مقصورا ـ : المطر والخصب.

(٢) البقرة : ١٢٧ وقوله تعالى « القواعد » أي الأسس والجد.

(٣) ق : ١٠ ـ قوله : « والنخل باسقات » أي طوالا ـ حال مقدرة ـ وقوله. « لها طلع نضيد » أي متراكب بعضها على بعض.

٣٢٠