أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع
المطبعة: دار المعرفة للطباعة والنشر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٣٨
ونهى صلىاللهعليهوآله عن اختناث الأسقية. ومعنى الاختناث أن يثني أفواهها ثم يشرب منها ، وأصل الاختناث التكسر ومن هذا سمي المخنث لتكسره ، وبه سميت المرأة خنثى.
ومعنى الحديث في النهى عن اختناث الأسقية يفسر على وجهين : أحدهما أنه يخاف أن يكون فيه دابة ، والذي دار عليه معنى الحديث أنه صلىاللهعليهوآله نهى عن أن يشرب من أفواهها.
ونهى صلىاللهعليهوآله عن الجداد بالليل يعني جداد النخل ، والجداد الصرم وإنما نهى عنه بالليل لان المساكين لا يحضرونه.
وقال صلىاللهعليهوآله : لا تعضية في ميراث. ومعناه أن يموت الرجل ويدع شيئا أن قسم بين ورثته إذا أراد بعضهم القسمة كان في ذلك ضرر عليهم أو على بعضهم. يقول : فلا يقسم ذلك. وتلك التعضية وهي التفريق وهي مأخوذ من الأعضاء. يقال : عضيت اللحم إذا فرقته وقال الله عزوجل : « الذين جعلوا القرآن عضين (١) » أي آمنوا ببعضه وكفروا ببعض وهذا من التعضية أيضا أنهم فرقوه. والشئ الذي لا يحتمل القسمة مثل الحبة من الجوهر لأنها إن فرقت لم ينتفع بها وكذلك الحمام إذا قسم وكذلك الطيلسان من الثياب وما أشبه ذلك من الأشياء وهذا باب جسيم من الحكم يدخل فيه الحديث الاخر « لا ضرر ولا ضرار في الاسلام » فإن أراد بعض الورثة قسمة ذلك لم يجب إليه ولكنه يباع ثم يقسم ثمنه بينهم.
ونهى صلىاللهعليهوآله عن لبستين : اشتمال الصماء ، وأن يحتبي (٢) الرجل بثوب ليس بين فرجه وبين السماء شئ. قال الأصمعي : اشتمال الصماء عند العرب أن يشتمل الرجل بثوبه فيجلل (٣) به جسده كله ولا يرفع منه جانبا فيخرج منه يده ، وأما الفقهاء فإنهم يقولون : هو أن يشتمل الرجل بثوب واحد ليس عليه غيره ، ثم يرفعه من أحد جانبيه فيضعه على منكبه يبدو منه فرجه. وقال الصادق صلوات الله عليه : التحاف الصماء هو
__________________
(١) الحجر : ٩١ ، أي جزءا جزءا فقالوا : سحر وقالوا : أساطير الأولين.
(٢) احتبى بالثوب : اشتمل به.
(٣) أي يغطى.
أن يدخل الرجل رداءه تحت إبطه ثم يجعل طرفيه على منكب واحد وهذا هو التأويل الصحيح دون ما خالفه.
ونهى صلىاللهعليهوآله عن ذبائح الجن وذبائح الجن أن يشتري الدار أو يستخرج العين أو ما أشبه ذلك فيذبح له ذبيحة للطيرة. قال أبو عبيد : معناه أنهم كانوا يتطيرون إلى هذا الفعل مخافة إن لم يذبحوا أو يطعموا أن يصيبهم فيها شئ من الجن فأبطل النبي صلىاللهعليهوآله هذا نهى عنه.
وقال صلىاللهعليهوآله : لا يوردن ذو عاهة على مصح. يعني الرجل يصيب إبله الجرب أو الداء فقال : لا يوردنها على مصح وهو الذي إبله وماشيته صحاح بريئة من العاهة. قال أبو عبيد : وجهه عندي ـ والله أعلم ـ أنه خاف أن ينزل بهذه الصحاح من الله عزوجل ما نزل بتلك فيظن المصح أن تلك أعدتها (١) فيأثم في ذلك.
وقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لا تصروا (٢) الإبل والغنم. من اشترى مصراة فهو بآخر النظرين (٣) إن شاء ردها ورد معها صاعا من تمر. المصراة يعني الناقة أو البقرة أو الشاة قد صرى اللبن في ضرعها يعني حبس فيه وجمع ولم يحلب أياما ، وأصل التصرية حبس الماء وجمعه ، يقال : منه صريت المال وصريته ويقال : « ماء صرى » مقصورا ويقال : منه سميت المصراة كأنها مياه اجتمعت.
وفي حديث آخر « من اشترى محفلة فردها فليرد معها صاعا » وإنما سميت محفلة لان اللبن حفل في ضرعها واجتمع ، وكل شئ كثرته فقد حفلته ، ومنه قيل : « قد أحفل القوم » إذا اجتمعوا وكثروا ، ولهذا سمي محفل القوم وجمع المحفل : محافل.
وقوله صلىاللهعليهوآله : « لا خلابة » يعني الخداعة يقال : خلبته أخلبه خلابة إذا خدعته.
وأتى عمر رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : إنا نسمع أحاديث من يهود تعجبنا فترى أن نكتب بعضها؟ فقال : أمتهوكون كما تهوكت اليهود والنصارى؟ لقد جئتكم بها بيضاء نقية ولو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي. قوله : « متهوكون » أي متحيرون ، يقول :
__________________
(١) أعداه شرا : أصابه بشره.
(٢) صرى الشاة تصرية : لم يحلبها حتى يمتلئ ضرعها لبنا.
(٣) في النهاية « بخير النظرين »
أمتحيرون أنتم في الاسلام لا تعرفون دينكم حتى تأخذوه من اليهود والنصارى؟ ومعناه أنه كره أخذ العلم من أهل الكتاب. وأما قول : « جئتكم بها بيضاء نقيه » فإنه أراد الملة الحنيفية فلذلك جاء التأنيث كقول الله عزوجل : « وذلك دين القيمة (١) » إنما هي الملة الحنيفية.
وقد قال صلىاللهعليهوآله : لقد هممت أن أنهي عن الغيلة. والغيلة هو الغيل وهو أن يجامع الرجل المرأة وهي مرضع. يقال منه : قد أغال الرجل وأغيل (٢) ، والولد مغال ومغيل.
ونهى صلىاللهعليهوآله عن الارفاء وهي كثرة التدهن. (٣) وقال صلىاللهعليهوآله : إياكم والقعود بالصعدات إلا من أدى حقها. الصعدات الطرق وهو مأخوذ من الصعيد والصعيد التراب وجمع الصعيد الصعد ثم الصعدات جمع الجمع كما يقال : طريق وطرق ثم طرقات. قال الله عزوجل : « فتيمموا صعيد طيبا (٤) » فالتيمم التعمد للشئ ، يقال منه : أمت فلانا [ فأنا ] أؤمه أما وتأممته وتيممته ، كله تعمدته وقصدت له. وقد روي عن الصادق عليهالسلام أنه قال : الصعيد الموضع المرتفع ، و الطيب [ الموضع ] الذي ينحدر عنه الماء.
وقال صلىاللهعليهوآله : لا غرار في صلاة ولا تسليم. الغرار النقصان ، أما في الصلاة ففي ترك إتمام ركوعها وسجودها ونقصان اللبث في ركعة عن اللبث في الركعة الأخرى ، ومنه قول الصادق عليهالسلام : « الصلاة ميزان ، من وفى استوفى » ومنه قول النبي صلىاللهعليهوآله : « الصلاة مكيال فمن وفى وفي له ». فهذا الغرار في الصلاة ، وأما الغرار في التسليم فأن يقول الرجل : السلام عليك [ أ ] ويرده فيقول : وعليك ، ولا يقول : وعليكم السلام. ويكره تجاوز الحد في الرد كما يكره الغرار ، وذلك أن الصادق عليهالسلام سلم على رجل فقال له الرجل : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته ورضوانه. فقال : لا تجاوزوا بنا قول الملائكة لأبينا إبراهيم عليهالسلام :
__________________
(١) البينة : ٥.
(٢) باعلال وعدمه.
(٣) كذا.
(٤) النساء : ٤٣ ، والمائدة : ٦.
« رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد » (١).
وقال صلىاللهعليهوآله : لا تناجشوا ولا تدابروا. معناه أن يزيد الرجل الرجل في ثمن السلعة وهو لا يريد شراءها ولكن ليسمعه غيره فيزيد لزيادته ، والناجش الخائن. وأما التدابر فالمصارمة والهجران مأخوذ من أن يولي الرجل صاحبه دبره ويعرض عنه بوجهه.
وإن رجلا حلب عند النبي صلىاللهعليهوآله ناقة فقال له النبي صلىاللهعليهوآله : دع داعي اللبن.
يقول : أبق في الضرع شيئا لا تستوعبه كله في الحلب فإن الذي تبقيه به يدعو ما فوقه من اللبن وينزله (٢) وإذا استقصى كلما في الضرع أبطأ عليه الدر بعد ذلك.
وكره صلىاللهعليهوآله الشكال في الخيل. يعني أن يكون ثلاث قوائم منه محجلة (٣) و واحدة مطلقة. وإنما اخذ هذا من الشكال الذي يشكل به الخيل شبه به لان الشكال إنما يكون في ثلاث قوائم وأن يكون الثلاث مطلقه ورجل محجلة وليس يكون الشكال إلا في الرجل ولا يكون في اليد.
( باب )
* ( معنى السكينة ) *
١ ـ أبي ـ رحمهالله ـ قال : حدثنا محمد بن يحيى العطار ، عن محمد بن أحمد ، عن السندي بن محمد ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : السكينة الايمان.
٢ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ـ رضياللهعنه ـ قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن أبي الحسن عليهالسلام قال : سألته فقلت : جعلت فداك ما كان تابوت موسى؟ وكم
__________________
(١) هود : ٧٣.
(٢) في بعض النسخ [ ويدر له ].
(٣) أي مقيدة والفرس الذي حجل ثلاث قوائمه يقال له : حجيل.
كان سعته؟ قال ثلاث أذرع في ذراعين ، قلت : ما كان فيه؟ قال : عصى موسى والسكينة ، قلت : وما السكينة. قال : روح الله يتكلم ، كانوا إذا اختلفوا في شئ كلمهم وأخبرهم ببيان ما يريدون.
٣ ـ أبي ـ رضياللهعنه ـ قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد عيسى ، قال : حدثنا أبو همام إسماعيل بن همام عن الرضا عليهالسلام أنه قال لرجل : أي شئ السكينة عندكم؟ فلم يدر القوم ما هي فقالوا : جعلنا الله فداك ما هي؟ قال : ريح تخرج من الجنة طيبة لها صورة كصورة الانسان تكون مع الأنبياء عليهمالسلام وهي التي أنزلت على إبراهيم عليهالسلام حين بنى الكعبة فجعلت تأخذ كذا وكذا وبنى الأساس عليها.
( باب )
* ( معنى اسلام أبى طالب بحساب الجمل وعقده بيده على ) *
* ( ثلاثة وستين ) *
١ ـ حدثنا الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدب ، وعلي بن عبد الله الوراق ، وأحمد بن زياد الهمداني ، قالوا : حدثنا علي بن إبراهيم بن هشام ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن المفضل بن عمر قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : أسلم أبو طالب ـ رضياللهعنه ـ بحساب الجمل ـ وعقد بيده ثلاثة وستين (١) ـ ثم قال عليهالسلام : إن مثل أبي طالب مثل أصحاب
__________________
(١) لا يخفى أن مبنى هذا على قاعدة وضعها العلماء المتقدمون في مفاصل أصابع اليدين لبيان عقود العدد وضبطها من الواحد إلى عشرة آلاف ، فصورة الثلاثة والستين على القاعدة الممهدة أن يثنى الخنصر والبنصر والوسطى والآحاد وهي الثلاثة جاريا على منهج المتعارف من الناس في عد الواحد إلى الثلاثة لكن بوضع الأنامل في هذه العقود قريبة من أصولها وأن يوضع لستين بإبهام اليمنى على باطن العقدة الثانية من السبابة كما يفعله المرماة. ومخلص هذه القاعدة التي ذكرها القدماء هو ان الخنصر والبنصر والوسطى العقد الآحاد فقط والمسبحة والابهام الأعشار فقط فالواحد أن تضم الخنصر مع نشر الباقي ، والأربعة نشر الخنصر وترك البنصر والوسطى مضمومتين والخمسة نشر البنصر مع الخنصر وترك الوسطى مضمومة ، والستة نشر جميع الأصابع وضم البنصر
الكهف ، أسروا الايمان وأظهروا الشرك فآتاهم الله أجرهم مرتين.
٢ ـ حدثنا أبو الفرج محمد بن المظفر بن نفيس المصري الفقيه ، قال : حدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد الداودي ، عن أبيه ، قال : كنت عند أبي القاسم الحسين بن روح ـ قدس الله روحه ـ فسأله رجل ما معنى قول العباس للنبي صلىاللهعليهوآله : « إن عمك أبا طالب قد أسلم بحساب الجمل ـ وعقد بيده ثلاثة وستين ـ »؟ فقال : عنى بذلك « إله أحد جواد » وتفسير ذلك أن الألف واحد ، واللام وثلاثون ، والهاء خمسة ، والألف واحد والحاء ثمانية ، والدال أربعة ، والجيم ثلاثة ، والواو ستة ، والألف واحد ، والدال أربعة فذلك ثلاثة وستون.
__________________
والسبعة : أن يجعل الخنصر فوق البنصر منشورة مع نشر الباقي أيضا والثمانية ضم الخنصر والبنصر فوقها. والتسعة ضم الوسطى إليهما. وهذه تسع صور جمعتها ثلاث أصابع : الخنصر والبنصر والوسطى ، هذه بالنسبة إلى الآحاد.
واما الأعشار فالمسبحة والابهام فالعشرة أن يجعل ظفر المسبحة في مفصل الابهام من جنبها ، والعشرون وضع رأس الابهام بين المسبحة والوسطى ، والثلاثون ضم رأس المسبحة مع رأس الابهام والأربعون أن تضع الابهام معكوفة الرأس إلى ظاهر الكف ، والخمسون أن تضع الابهام على باطن الكف معكوفة الأنملة ملصقة بالكف ، والستون أن تنشر الابهام ، وتضم إلى جانب الكف أصل المسبحة ، والسبعون عكف باطن المسبحة على باطن رأس الابهام ، والثمانون ضم الابهام وعكف باطن المسبحة على ظاهر أنملة الابهام المضمومة. والتسعون ضم المسبحة إلى أصل الابهام ووضع الابهام عليها. وإذا أردت آحادا وأعشارا عقدت من الآحاد ما شئت مع ما شئت من الأعشار المذكورة وإذا أردت آحادا بغير أعشار عقدت في أصابع الآحاد من يد اليسرى مع نشر أصابع الأعشار.
وأما المئات فهي عقد أصابع الآحاد من اليد اليسرى فالمائة كالواحد والمائتان كالاثنين وهكذا إلى التسعمائة.
وأما الألوف وهي عقد أصابع عشرات منها ، فالألف كالعشر والألفان كالعشرين إلى التسعة آلاف ، هذا خلاصة القاعدة المذكورة فتدبر في هذه القاعدة فان لها نفعا عظيما والحمد لله رب العالمين.
أقول. هذا الكلام نقلناه من هامش النسخة التي تفضل بها النسابة الكبير الآية الحجة السيد شهاب الدين النجفي المرعشي ـ مد ظله ـ. وفى مجمع البحرين قال : قوله : « عقد بيده الخ » أي عقد خنصره وبنصره والوسطى ووضع إبهامه عليها وأرسل السبابة.
( باب )
* ( معنى الزاهد في الدنيا ) *
١ ـ حدثنا محمد بن القاسم المفسر الجرجاني ـ رضياللهعنه ـ قال : حدثنا أحمد ابن الحسن الحسيني ، عن الحسن بن علي الناصر [ ي ] ، عن أبيه ، عن محمد بن علي ، عن أبيه الرضا ، عن أبيه موسى بن جعفر عليهمالسلام قال : سئل الصادق عليهالسلام عن الزاهد في الدنيا ، قال : الذي يترك حلالها مخافة حسابه ويترك حرامها مخافة عقابه.
( باب )
* ( معنى الموت ) *
١ ـ حدثنا محمد بن القاسم المفسر الجرحاني ـ رضياللهعنه ـ قال : حدثنا أحمد بن الحسن الحسيني ، عن الحسن بن علي الناصر [ ي ] ، عن أبيه ، عن محمد بن علي ، عن أبيه الرضا ، عن أبيه موسى بن جعفر عليهمالسلام ، قال : قيل للصادق عليهالسلام : صف لنا الموت. فقال : للمؤمن كأطيب ريح يشمه فينعس (١) لطيبه وينقطع التعب والألم كله عنه ، و للكافر كلسع الأفاعي ولدغ العقارب أو أشد. قيل : فإن قوما يقولون إنه أشد من نشر بالمناشير وقرض بالمقاريض ورضخ بالأحجار وتدوير قطب الأرحية (٢) في الأحداق. قال : فهو كذلك هو على بعض الكافرين والفاجرين. ألا ترون منهم من يعاين تلك الشدائد فذاكم الذي هو أشد من هذا إلا من عذاب الآخرة فهذا أشد من عذاب الدنيا قيل : فما بالنانرى كافرا يسهل عليه النزع فينطفي وهو يتحدث ويضحك ويتكلم وفي المؤمنين أيضا من يكون كذلك وفي المؤمنين والكافرين من يقاسي عند سكرات الموت هذه الشدائد؟ فقال : ما كان من راحة للمؤمن هناك فهو عاجل ثوابه وما كان من شديدة فتمحصيه من
__________________
(١) في بعض النسخ [ فيتنفس ].
(٢) الرضخ : الرمي. والأرحية : جمع الرحى وهي الطاحون.
ذنوبه ليرد الآخرة نقيا نظيفا مستحقا لثواب الأبد لا مانع له دونه ، وما كان سهولة هناك على الكافر فليوفى أجر حسناته في الدنيا ليرد الآخرة وليس له إلا ما يوجب عليه العقاب وما كان من شدة على الكافر هناك فهو ابتداء عقاب الله له بعد نفاد حسناته ذلكم بأن الله عدل لا يجوز.
٢ ـ حدثنا محمد بن القاسم المفسر الجرجاني ـ رحمهالله ـ قال : حدثنا أحمد بن الحسن الحسيني ، عن الحسن بن علي الناصر [ ي ] ، عن أبيه ، عن محمد بن علي ، عن أبيه الرضا ، عن أبيه موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين عليهمالسلام قال : قيل لأمير المؤمنين عليهالسلام : صف لنا الموت. فقال : على الخبير سقطتم ، هو أحد ثلاثة أمور يرد عليه : إما بشارة بنعيم الأبد ، وإما بشارة بعذاب الأبد ، وإما تحزين وتهويل وأمر [ ه ] مبهم لا يدري من أي الفرق هو ، فأما ولينا المطيع لأمرنا فهو المبشر بنعيم الأبد ، وأما عدونا المخالف علينا فهو المبشر بعذاب الأبد ، وأما المبهم أمره الذي لا يدري ما حاله فهو المؤمن المسرف على نفسه لا يدري ما يؤول إليه حاله ، يأتيه الخبر مبهما مخوفا ثم لن يسويه الله عزوجل بأعدائنا لكن يخرجه من النار بشفاعتنا ، فاعملوا وأطيعوا ، لا تتكلوا ولا تستصغروا عقوبة الله عزوجل فإن من المسرفين من لا تلحقه شفاعتنا إلا بعد عذاب ثلاثمائة ألف سنة.
٣ ـ وسئل الحسن بن علي بن أبي طالب عليهماالسلام ، ما الموت الذي جهلوه؟ قال : أعظم سرور يرد على المؤمنين إذ نقلوا (١) عن دار النكد إلى نعيم الأبد ، وأعظم ثبور يرد على الكافرين إذ نقلوا عن جنتهم إلى نار لا تبيد ولا تنفد.
وقال علي بن الحسين عليهماالسلام ، : لما اشتد الامر بالحسين بن علي بن أبي طالب عليهماالسلام ، نظر إليه من كان معه فإذا هو بخلافهم لأنهم كلما اشتد الامر تغيرت ألوانهم وارتعدت فرائصهم ووجبت (٢) قلوبهم وكان الحسين عليهالسلام وبعض من معه من خصائصه تشرق ألوانهم وتهدئ جوارحهم وتسكن نفوسهم ، فقال بعضهم لبعض : انظروا لا يبالي بالموت! فقال
__________________
(١) في بعض النسخ [ إذا تقلبوا ] ههنا وما يأتي.
(٢) وجب القلب وجبا ووجيبا ووجبانا : رجف وخفق. وفى بعض النسخ « وجلت ».
لهم الحسين عليهالسلام : صبرا بني الكرام ، فما الموت إلا قنطرة تعبر بكم عن البؤس والضراء إلى الجنان الواسعة والنعيم الدائمة فأيكم يكره أن ينتقل من سجن إلى قصر وما هو لأعدائكم إلا كمن ينتقل من قصر إلى سجن وعذاب. إن أبي حدثني عن رسول الله صلىاللهعليهوآله أن الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر والموت جسر هؤلاء إلى جناتهم وجسر هؤلاء إلى جحيمهم ، ما كذبت ولا كذبت.
٤ ـ وقال محمد بن علي عليهماالسلام ، : قيل لعلي بن الحسين عليهماالسلام : ما لموت؟ قال : للمؤمن كنزع ثياب وسخه قملة (١) ، وفك قيود وأغلال ثقيلة ، والاستبدال بأفخر الثياب وأطيبها روائح وأوطئ المراكب ، وآنس المنازل وللكافر كخلع ثياب فاخرة ، والنقل عن منازل أنيسة ، والاستبدال بأوسخ الثياب وأخشنها ، وأوحش المنازل وأعظم العذاب.
٥ ـ وقيل لمحمد بن علي عليهماالسلام : ما لموت؟ قال : هو النوم الذي يأتيكم كل ليلة إلا أنه طويل مدته لا ينتبه منه إلا يوم القيامة ، فمن رأى في نومه من أصناف الفرح مالا يقادر قدره ومن أصناف الأهوال مالا يقادر قدره؟ فكيف حال فرح في النوم ووجل فيه؟ هذا هو الموت فاستعدوا له.
٦ ـ حدثنا محمد بن القاسم المفسر ، قال : حدثنا أحمد بن الحسن الحسيني ، عن الحسن بن علي ، عن أبيه ، عن محمد بن علي ، عن أبيه عليهمالسلام قال : دخل موسى بن جعفر عليهماالسلام ، على رجل قد غرق في سكرات الموت وهو لا يجيب داعيا فقالوا له : يا ابن رسول الله وددنا لو عرفنا كيف الموت وكيف حال صاحبنا. فقال : الموت هو المصفاة يصفي المؤمنين من ذنوبهم فيكون آخر ألم يصيبهم كفارة آخر وزر بقي عليهم ويصفي الكافرين من حسناتهم فيكون آخر لذة أو راحة تلحقهم ، وهو آخر ثواب حسنة تكون لهم وأما صاحبكم هذا فقد نحل من الذنوب نخلا ، وصفي من الآثام تصفية ، وخلص حتى نقي كما ينقى الثوب من الوسخ ، وصلح لمعاشرتنا أهل البيت في دارنا دار الأبد.
٧ ـ وبهذا الاسناد عن محمد بن علي عليهماالسلام ، قال : مرض رجل من أصحاب الرضا
__________________
(١) ثوب وسخ : علاه الدرن لقلة تعهده بالماء. و « قمل » أي كثر فيه القمل وهو دويبة معروفة.
عليهالسلام فعاده فقال : كيف تجدك؟ قال : لقيت الموت بعدك ـ يريد ما لقيه من شدة مرضه ـ فقال : كيف لقيته؟ فقال : أليما شديدا. فقال : ما لقيته إنما لقيت ما ينذرك به ويعرفك بعض حاله ، إنما الناس رجلان : مستريح بالموت ، ومستراح به منه ، فجدد الايمان بالله بالولاية تكن مستريحا ففعل الرجل ذلك. والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
٨ ـ وبهذا الاسناد ، عن علي بن محمد عليهماالسلام ، قال : قيل لمحمد بن علي بن موسى صلوات الله عليهم : ما بال هؤلاء المسلمين يكرهون الموت؟ قال : لأنهم جهلوه فكرهوه ولو عرفوه وكانوا من أولياء الله عزوجل لأحبوه ولعلموا أن الآخرة خير لهم من الدنيا ، ثم قال عليهالسلام : يا أبا عبد الله ما بال الصبي والمجنون يمتنع من الدواء المنقي لبدنه والنافي للألم عنه؟ قال : لجهلهم بنفع الدواء. قال : والذي بعث محمدا بالحق نبيا إن من استعد للموت حق الاستعداد فهو أنفع له من هذا الدواء لهذا المتعالج ، أما إنهم لو عرفوا ما يؤدي إليه الموت من النعيم لاستدعوه وأحبوه أشد ما يستدعي العاقل الحازم الدواء لدفع الآفات واجتلاب السلامات.
٩ ـ وبهذا الاسناد ، عن الحسن بن علي عليهماالسلام قال : دخل علي بن محمد عليهماالسلام على مريض من أصحابه وهو يبكي ويجزع من الموت فقال له : يا عبد الله تخاف من الموت لأنك لا تعرفه ، أرأيتك إذا اتسخت وتقذرت وتأذيت من كثرة القذر والوسخ عليك و أصابك قروح وجرب وعلمت أن الغسل في حمام يزيل ذلك كله أما تريد أن تدخله فتغسل ذلك عنك أو ما تكره أن لا تدخله فيبقى ذلك عليك؟ قال : بلى يا ابن رسول الله. قال : فذاك الموت هو ذلك الحمام وهو آخر ما بقي عليك من تمحيص ذنوبك وتنقيتك من سيئاتك فإذا أنت وردت عليه وجاوزته فقد نجوت من كل غم وهم وأذى ، ووصلت إلى كل سرور وفرح ، فسكن الرجل واستسلم ونشط وغمض عين نفسه ومضى لسبيله.
١٠ ـ وسئل الحسن بن علي بن محمد عليهمالسلام عن الموت ما هو؟ فقال : هو التصديق بما لا يكون. (١) حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن الصادق عليهالسلام قال : إن المؤمن إذا مات
__________________
(١) أي هو أمر ، التصديق به تصديق بما لا يكون إذ المؤمن لا يموت بالموت والكافر أيضا كذلك لأنه كان ميتا قبله ( قاله المجلسي ـ رحمهالله ـ ) ويأتي له معنى آخر بعد تمام الحديث.
لم يكن ميتا فإن الميت هو الكفار ، إن الله عزوجل يقول : « يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي (١) » يعني المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن (٢).
( باب )
* ( معنى المحبنطئ ) *
١ ـ حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل قال : حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن محمد بن مسلم أو غيره ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : تزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم غدا في القيامة حتى أن السقط ليجئ محبنطيا على باب الجنة فيقال له : ادخل الجنة. فيقول : لا ، حتى يدخل أبواي قبلي.
قال أبو عبيدة : المحبنطي ـ بغير همز ـ المتغضب المستبطئ للشئ ، والمحبنطئ ـ بالهمز ـ العظيم البطن المنتفخ. قال : ومنه قيل لعظيم البطن : « حبنطأ » ويقال : السقط والسقط. وقال أبو عبيد : يقال : سقط وسقط وسقط.
( باب )
* ( معنى قول النبي صلىاللهعليهوآله « حفوا الشوارب وأعفوا ) *
* ( اللحى ولا تتشبهوا بالمجوس » ) *
١ ـ حدثنا الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب ـ رضياللهعنه ـ قال : حدثنا محمد بن جعفر الأسدي ، قال : حدثنا موسى بن عمران النخعي ، عن عمه الحسين ابن يزيد ، قال : حدثني علي بن غراب ، قال : حدثني خير الجعافر جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده ، عن أبيه عليهمالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : حفوا الشوارب وأعفوا اللحى ولا تتشبهوا بالمجوس.
__________________
(١) الروم : ١٨.
(٢) قوله : « التصديق بما لا يكون » الظاهر أن المعنى أن التصديق بما لا يكون أي الامر المحال هو بمنزلة الموت وهو فعل الأحمق الذي لا عقل له وقد روى عن الصادق عليهالسلام أنه قال : إذا أردت ان تختبر عقل الرجل في مجلس واحد فحدثه في خلال حديثك بما لا يكون فان أنكره فهو عاقل وان صدقه فهو أحمق. وقال أمير المؤمنين عليهالسلام : فقد العقل فقد الحياة ولا يقاس الا بالأموات ويؤيد هذا المعنى ذيل الخبر أيضا. وعلي هذا ذكر الخبر في هذا الباب غير مناسب.
قال الكسائي : قوله « تعفى » يعني توفر وتكثر ، قال أبو عبيد : يقال فيه : قد عفا الشعر وغيره إذا كثر يعفو فهو عاف ، وقد عفوته وأعفيته لغتان إذا فعلت ذلك به قال الله عزوجل : « حتى عفوا (١) » يعني كثروا ، ويقال في غير هذا الموضع : « قد عفى الشئ » إذا درس وانمحى ، قال لبيد بن ربيعة العامري :
عفت الديار محلها فمقامها |
|
بمنى تأبد غولها فرجامها |
وعفى أيضا إذا أتى الرجل الرجل يطلب إليه حاجة أو رفدا فقد عفاه وهو يعفوه وهو عاف ، ومنه الحديث المرفوع « من أحيا أرضا ميتة فهي له وما أصابت (٢) العافية منها فهو له صدقة » والعافية ههنا كل طالب رزقا من إنسان أو دابة أو طائر أو غير ذلك وجمع العافي « عفاة » وقال الأعشى :
تطوف العفاة بأبوابه |
|
كطوف النصارى ببيت الوثن |
قال : والمعتفي مثل العافي.
( باب )
* ( معنى السكة المأبورة والمهرة المأمورة ) *
١ ـ حدثنا محمد بن علي بن بشار القزويني ـ رضياللهعنه ـ قال : حدثنا المظفر بن أحمد ، قال : حدثني أبو الحسين محمد بن جعفر الكوفي ، قال : حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي ، قال : حدثنا عبد الله بن أحمد الأحمري ، قال : حدثنا جعفر بن سليمان ، قال : حدثنا ثابت بن دينار ، عن علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين ، عن أبيه علي عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : خير المال سكة مأبورة ومهرة مأمورة.
٢ ـ حدثنا أبو نصر محمد بن الحسين بن الحسن الديلمي الجوهري ، قال : حدثنا محمد بن يعقوب الأصم ، قال : حدثنا محمد بن عبيد الله المنادي ، قال : حدثنا روح بن عبادة ، قال : حدثنا أبو نعامة العدوي ، عن مسلم بن بديل ، عن إياس بن زهير ، عن سويد بن
__________________
(١) الأعراف : ٩٥ والآية هكذا « ثم بدلنا السيئة الحسنة حتى عفوا ».
(٢) في بعض النسخ [ وما أصابه ].
هبيرة ، عن النبي صلىاللهعليهوآله قال : خير مال المرء مهرة مأمورة أو سكة مأبورة.
قوله « سكة مأبورة » يقال : هي (١) الطريقة المستقيمة المستوية المصطفة من النخل ويقال : إنما سميت الأزقة سككا لاصطفاف الدور فيها كطرائق النخل ، هذا في اللغة.
وقد روي عن النبي صلىاللهعليهوآله أنه قال : لا تسموا الطريق السكة فإنه لا سكة إلا سكك الجنة.
وأما « المأبورة » فهي التي قد لقحت. قال أبو عبيد (٢) : لقحت للواحدة خفيفة وللجمع بالتثقيل « لقحت ». يقال : أبرت النخل آبرها أبرا وهي نخلة مأبورة ويقال : « استأبرت (٣) غيري » إذا سألته أن يأبر لك نخلك وكذلك الزرع. والآبر : العامل ، والمؤتبر : رب الزرع ، والمأبور : الزرع والنخل الذي قد لقح. وأما « المهرة المأمورة » فإنها الكثيرة النتاج ، وفيها لغتان يقال : قد أمرها الله فهي مأمورة وآمرها ـ ممدودة ـ فهي مؤمرة. وقد قرأ بعضهم « أمرنا مترفيها » (٤) غير ممدودة يكون هذا من الامر ، وروي عن الحسن أنه فسرها فقال : أمرناهم بالطاعة فعصوا. وقد يكون « أمرنا » بمعنى أكثرنا على قوله « مهرة مأمورة » و « فرس مأمورة » ومن قرأها « آمرنا » فمدها فليس معناه إلا أكثرنا و من قرأها مشددة فقال : « أمرنا » فهذا من التسليط ويقال في الكلام : قد أمر القوم يأمرون إذا كثروا وهو من قوله : « مهرة مأمورة ».
( باب )
* ( معنى الأشهر المعلومات للحج ) *
١ ـ حدثنا أبي ـ رحمهالله ـ قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى
__________________
(١) تفسير للفظة « سكة » يريد أن المراد بقوله : « سكة مأبورة » هي النخلة الملقوحة أطلقت السكة عليها مجازا لعلاقة المجاورة أو نحوها وقيل : ان المراد بالسكة آلة الحرث وهي الحديدة التي تشق الأرض للزرع أطلقت على نفس الزرع مجازا والزرع المأبور هو الذي أصلح والقح. ( م )
(٢) جملة معترضة تبين كيفية قراءة لفظة « لقحت » وأنها مخففة لا مثقلة. ( م )
(٣) في أكثر النسخ [ ائتبرت ].
(٤) الاسراء : ١٧.
عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ، عن المثنى ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليهالسلام في قول الله عزوجل : « الحج أشهر معلومات » (١) قال : شوال ، وذو القعدة ، وذو الحجة. وفي حديث آخر : وشهر مفرد للعمرة رجب.
( باب )
* ( معنى الرفث والفسوق والجدال ) *
١ ـ حدثنا أبي ـ رحمهالله ـ قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن أبي جميلة المفضل بن صالح ، عن زيد الشحام ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الرفث والفسوق والجدال. قال : أما الرفث فالجماع ، وأما الفسوق فهو الكذب ، ألا تسمع قول الله عزوجل : « يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة » (٢)؟ والجدال هو قول الرجل : لا والله ، وبلى والله ، وسباب الرجل الرجل.
( باب )
* ( معنى ما اشترط الله عزوجل على الناس في الحج وما شرط لهم ) *
١ ـ حدثنا أبي ـ رحمهالله ـ قال : حدثنا الحسين بن محمد بن عامر ، عن عبد الله بن عامر ، عن محمد بن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن عبد الله بن علي الحلبي ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال في الحج : إن الله اشترط على الناس شرطا وشرط لهم شرطا فمن وفى وفى الله له ، قلت : ما الذي اشترط عليهم وما الذي شرط لهم؟ فقال : أما الذي اشترط عليهم فإنه قال : « فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج » (٣) وأما الذي شرط لهم قال : « فمن تعجل
__________________
(١) البقرة : ١٩٧.
(٢) الحجرات : ٦.
(٣) البقرة ١٩٧.
في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى (١) » قال : يرجع ولا ذنب له. قلت : أرأيت من ابتلى بالجماع ما عليه؟ قال : عليه بدنة وإن كانت المرأة أعانت بشهوة مع شهوة الرجل فعليهما بدنتان ينحرانهما وإن كان استكرهها وليس بهوى منها فليس عليها شئ ويفرق بينهما حتى ينفر الناس وحتى (٢) يرجعا إلى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا. قلت : أرأيت إن أخذا في غير ذلك الطريق إلى أرض أخرى أيجتمعان؟ قال : نعم. قلت أرأيت إن ابتلى بالفسوق؟ فأعظم ذلك ولم يجعل له حدا قال : يستغفر الله ويلبي ، قلت : أرأيت إن ابتلى بالجدال؟ قال : فإذا جادل فوق مرتين فعلى المصيب دم يهريقه [ دم ] شاة ، وعلى المخطئ دم يهريقه [ دم ] بقرة.
( باب )
* ( معنى الحج الأكبر والحج الأصغر ) *
١ ـ أبي ـ رحمهالله ـ قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن صفوان بن يحيى ، عن ذريح المحاربي ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : الحج الأكبر يوم النحر.
٢ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ـ رضياللهعنه ـ قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن أيوب بن نوح ، عن صفوان بن يحيى ، عن معاوية بن عمار ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن يوم الحج الأكبر فقال : هو يوم النحر ، والأصغر العمرة.
٣ ـ أبي ـ رحمهالله ـ قال : حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن عبد الله ابن المغيرة ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : الحج الأكبر يوم الأضحى.
حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ـ رحمهالله ـ قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن النضر بن سويد ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليهالسلام مثل ذلك.
__________________
(١) البقرة : ٢٠٢.
(٢) كذا في النسخ التي بأيدينا والظاهر أن الواو زائدة.
٤ ـ أبي ـ رحمهالله ـ قال : حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري ، عن إبراهيم بن مهزيار عن أخيه علي ، عن الحسين (١) ، عن حماد بن عيسى ، عن شعيب ، عن أبي بصير ، والنضر ، عن ابن سنان ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : الحج الأكبر يوم الأضحى.
٥ ـ حدثنا أبي ـ رحمهالله ـ قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن القاسم بن محمد الأصبهاني ، عن سليمان بن داود المنقري ، قال : حدثنا فضيل بن عياض ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سألته عن الحج الأكبر ، فقال : أعندك فيه شئ؟ فقلت : نعم ، كان ابن عباس يقول : الحج الأكبر يوم عرفة يعني أنه من أدرك يوم عرفة إلى طلوع الفجر من يوم النحر فقد أدرك الحج ومن فاته ذلك فاته الحج فجعل ليلة عرفة لما قبلها ولما بعدها ، والدليل على ذلك أنه من أدرك ليلة النحر إلى طلوع الفجر فقد أدرك الحج وأجزء عنه من عرفة. فقال أبو عبد الله عليهالسلام : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : الحج الأكبر يوم النحر واحتج بقول الله عزوجل : « فسيحوا في الأرض أربعة أشهر (١) » فهي عشرون من ذي الحجة والمحرم والصفر وشهر ربيع الأول وعشر من شهر ربيع الاخر ولو كان الحج الأكبر يوم عرفة لكان السيح أربعة أشهر ويوما واحتج بقول الله عزوجل : « وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر (٢) » وكنت أنا الاذان في الناس. فقلت له : ما معنى هذه اللفظة « الحج الأكبر »؟ فقال : إنما سمي الأكبر لأنها كانت سنة حج فيها المسلمون والمشركون ولم يحج المشركون بعد تلك السنة.
( باب )
* ( معنى الأيام المعلومات والأيام المعدودات ) *
١ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ـ رحمهالله ـ قال : حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن حماد بن عيسى ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال :
__________________
(١) في بعض النسخ [ الحسن ] والمراد منهما ابنا سعيد.
(٢) التوبة : ٢.
سمعته يقول : قال علي عليهالسلام في قول الله عزوجل : « ويذكروا اسم الله في أيام معلومات (١) » قال : أيام العشر (٢).
٢ ـ وبهذا الاسناد ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمد الفضيل ، عن أبي الصباح ، عن أبي عبد الله عليهالسلام في قول الله عزوجل : « ويذكروا اسم الله في أيام معلومات » قال : هي أيام التشريق.
٣ ـ أبي ـ رحمهالله ـ قال : حدثنا محمد بن أحمد بن علي بن الصلت ، عن عبد الله بن الصلت ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن المفضل بن صالح ، عن زيد الشحام ، عن أبي عبد الله عليهالسلام في قول الله عزوجل : « واذكروا الله في أيام معدودات » قال : المعلومات والمعدودات واحدة وهي أيام التشريق. (٣)
( باب )
* ( معنى المكاء والتصدية ) *
١ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ـ رحمهالله ـ قال : حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن حماد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليماني عمن ذكره ، عن أبي عبد الله عليهالسلام في قول الله عزوجل : « وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية (٤) » قال : التصفير والتصفيق. (٥)
( باب )
* ( معنى الاذان من الله ورسوله ) *
١ ـ أبي ـ رحمهالله ـ قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن
__________________
(١) الحج : ٢٨.
(٢) في بعض النسخ [ أيام التشريق ].
(٣) أيام التشريق : ثلاثة أيام بعد عيد الأضحى سميت بها لان لحوم الأضاحي تشرق فيها.
(٤) الأنفال : ٣٦.
(٥) التصفير : التصويت بالشفتين ، والتصفيق : التصويت باليدين بضرب باطن الراحة على باطن الأخرى.
سعيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي الجارود ، عن حكيم بن جبير ، عن علي بن الحسين عليهماالسلام في قول الله عزوجل : « وأذان من الله ورسوله (١) » قال : الاذان علي عليهالسلام.
٢ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ـ رحمهالله ـ قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن علي بن أسباط ، عن سيف بن عميرة ، عن الحارث بن المغيرة بن النصري ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سألته عن قول الله عزوجل : « وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر » فقال : اسم نحله الله عزوجل عليا صلوات الله عليه من السماء لأنه هو الذي أدى عن رسول الله صلىاللهعليهوآله براءة وقد كان بعث بها مع أبي بكر أولا فنزل عليه جبرئيل عليهالسلام فقال : يا محمد إن الله يقول لك : إنه لا يبلغ عنك إلا أنت أو رجل منك فبعث رسول الله صلىاللهعليهوآله عند ذلك عليا عليهالسلام فلحق أبا بكر وأخذ الصحيفة من يده ومضى بها إلى مكة فسماه الله تعالى أذانا من الله ، إنه اسم نحله الله من السماء لعلي عليهالسلام.
( باب )
* ( معنى الشاهد والمشهود ومعنى اليوم المجموع له الناس ) *
١ ـ أبي ـ رحمهالله ـ قال : حدثنا أحمد بن إدريس ، عن محمد بن أحمد بن يحيى ، ومحمد ابن علي بن محبوب ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن صفوان بن يحيى ، عن إسماعيل بن جابر عن رجاله ، عن أبي عبد الله عليهالسلام في قول الله عزوجل : « ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود (٢) » قال : المشهود يوم عرفة والمجموع له الناس يوم القيامة.
٢ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ، قال : حدثني محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن فضال ، عن أبي جميلة ، عن محمد بن علي الحلبي ، عن
__________________
(١) التوبة : ٣.
(٢) هود : ١٠٣.
أبي عبد الله عليه السلا م في قوله عزوجل : « وشاهد ومشهود (١) » قال : الشاهد يوم الجمعة ، والمشهود يوم عرفة.
٣ ـ حدثنا أبي ـ رحمهالله ـ قال : حدثنا محمد بن يحيى العطار ، عن أحمد بن محمد ، عن موسى بن القاسم ، عن محمد بن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليهالسلام أنه قال : الشاهد يوم الجمعة والمشهود يوم عرفة والموعود يوم القيامة.
٤ ـ حدثنا محمد بن الحسن ، قال : حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين ابن سعيد ، عن صفوان ، عن يعقوب بن شعيب ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن قول الله عز وجل : « وشاهد ومشهود » قال : الشاهد يوم عرفة.
٥ ـ وبهذا الاسناد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن محمد بن هاشم ، عمن روى عن أبي جعفر عليهالسلام قال : سأله الأبرش الكلبي عن قول الله عزوجل : « وشاهد ومشهود » فقال أبو جعفر عليهالسلام : ما قيل لك؟ فقال : قالوا : الشاهد يوم الجمعة ، والمشهود يوم عرفة ، فقال أبو جعفر عليهالسلام : ليس كما قيل لك ، الشاهد يوم عرفة والمشهود يوم القيامة ، أما تقرء القرآن؟ قال الله عزوجل : « ذلك يوم مجمع له الناس وذلك يوم مشهود ».
٦ ـ وبهذا الاسناد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن أبان ، عن أبي الجارود عن أحدهما عليهماالسلام في قول الله عزوجل : « وشاهد ومشهود » قال : الشاهد يوم الجمعة والمشهود يوم عرفة والموعود يوم القيامة.
٧ ـ أبي ـ رحمهالله ـ قال : حدثنا أحمد بن إدريس ، عن عمران بن موسى ، عن الحسن ابن موسى الخشاب ، عن علي بن حسان ، عن عبد الرحمن بن كثير الهاشمي مولى أبي جعفر محمد بن علي (٢) ، عن أبي عبد الله عليهالسلام في قول الله عزوجل : « وشاهد ومشهود » قال : النبي صلىاللهعليهوآله وأمير المؤمنين عليهالسلام.
__________________
(١) البروج : ٣.
(٢) الظاهر أنه عبد الرحمن بن كثير مولى عباس بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس فصحف.
( باب )
* ( معنى المكاعمة والمكامعة ) *
١ ـ حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري العطار ـ رضياللهعنه ـ قال : حدثنا علي بن محمد بن قتيبة ، عن حمدان بن سليمان النيسابوري ، عن هشام بن أحمد اليربوعي ، عن عبد الله بن الفضل ، عن أبيه ، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهماالسلام ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال : نهى رسول الله صلىاللهعليهوآله عن المكاعمة والمكامعة ، فالمكاعمة أن يلثم (١) الرجل الرجل ، والمكامعة أن يضاجعه ولا يكون بينهما ثوب من غير ضرورة.
( باب )
* ( معنى البعال ) *
١ ـ حدثنا علي بن عبد الله بن الوراق ، قال : حدثنا أبو الحسين محمد بن جعفر الأسدي الكوفي ، قال : حدثنا موسى بن عمران النخعي ، عن عمه الحسين بن يزيد ، عن عمرو بن جميع ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهماالسلام قال : بعث رسول الله صلىاللهعليهوآله بديل بن ورقاء الخزاعي على جمل أورق (٢) فأمره أن ينادي في الناس أيام منى ألا تصوموا هذه الأيام فإنها أيام أكل وشرب وبعال. والبعال النكاح وملاعبة الرجل أهله.
( باب )
* ( معنى الاقعاء ) *
١ ـ حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني ـ رضياللهعنه ـ قال : حدثنا علي ابن إبراهيم بن هشام ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن عمرو بن جميع ، قال : قال أبو عبد الله
__________________
(١) لثمه : قبله.
(٢) الأورق : الذي لونه لون الرماد.