معاني الأخبار

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

معاني الأخبار

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع
المطبعة: دار المعرفة للطباعة والنشر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٣٨

الاختلاف فليس بمستضعف.

٣ ـ حدثنا المظفر بن جعفر العلوي ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود ، عن أبيه ، عن حمدويه ، قال : حدثنا محمد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، قال : قال : أبو عبد الله عيه السلام : من عرف اختلاف الناس فليس بمستضعف.

٤ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدثنا الحسين ابن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، وفضالة بن أيوب جميعا ، عن موسى بن بكر ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله عزوجل : « إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان » (١) فقال : هو الذي لا يستطيع الكفر فيكفر ولا يهتدي سبيل الايمان فيؤمن ، والصبيان ، ومن كان من الرجال والنساء على مثل عقول الصبيان مرفوع عنهم القلم.

٥ ـ حدثنا أبي ، ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ـ رحمهما‌الله ـ قالا : حدثنا سعد ابن عبد الله قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي والوشاء ، عن أحمد بن عائذ ، عن أبي خديجة سالم بن مكرم الجمال ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله عزوجل : « إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا » فقال : لا يستطيعون حيلة إلى النصب فينصبون ولا يهتدون سبيل أهل الحق فيدخلون فيه ، وهؤلاء يدخلون الجنة بأعمال حسنة وباجتناب المحارم التي نهى الله عزوجل عنها ولا ينالون منازل الأبرار.

٦ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى ، قال : حدثنا علي بن الحكم ، عن عبد الله بن جندب ، عن سفيان بن السمت البجلي قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : ما تقول في المستضعفين؟ فقال لي ـ شبيها بالفزع ـ : وتركتم أحدا يكون مستضعفا؟! وأين المستضعفون؟ فوالله لقد مشى

__________________

(١) النساء : ١٠٠.

٢٠١

بأمركم هذا العواتق إلى العواتق في خدورهن وتحدث به السقايات بطرق المدينة (١).

٧ ـ حدثنا أبي ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا أحمد بن إدريس ، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري ، قال : حدثنا إبراهيم بن إسحاق ، عن عمر [ و ] بن إسحاق ، قال : سئل أبو عبد الله عليه‌السلام : ما حد المستضعف الذي ذكره الله عزوجل؟ قال : من لا يحسن سورة من القرآن وقد خلقه الله عزوجل خلقة ما ينبغي له أن لا يحسن.

٨ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ، قال : حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن صفوان بن يحيى ، عن حجر بن زائدة ، عن حمران ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : « إلا المستضعفين من الرجال » قال : هم أهل الولاية. قلت : وأي ولاية؟ فقال : أما إنها ليست بولاية في الدين ولكنها الولاية في المناكحة والموارثة والمخالطة وهم ليسوا بالمؤمنين ولا بالكفار ، وهم المرجون لأمر الله عزوجل. (٢)

٩ ـ حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود ، عن أبيه ، عن علي بن محمد ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي ، عن سليمان بن خالد ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : « إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان ـ الآية ـ (٣) » قال : يا سليمان في هؤلاء المستضعفين من هو أثخن رقبة منك ، المستضعفون قوم يصومون ويصلون تعف بطونهم وفروجهم لا يرون أن الحق في غيرنا ، آخذين بأغصان الشجرة فأولئك

__________________

(١) قال المولى صالح شارح الكافي ـ رحمه‌الله ـ : لعل فزعه عليه‌السلام باعتبار ان سفيان كان من أهل الإذاعة لهذا الامر فلذلك قال على سبيل الانكار : « تركتم أحدا يكون مستضعفا » يعنى ان المستضعف من لا يكون عالما بالحق والباطل وما تركتم أحدا على هذا الوصف لإفشائكم أمرنا حتى تحدث النساء والجواري في خدورهن والسقايات في طريق المدينة وإنما خص العواتق بالذكر وهي الجارية أول ما أدركت لأنهن إذا علمن مع كمال استتارهن فعلم غيرهن به أولى انتهى.

(٢) قوله : « ليست بولاية في الدين » أي ولاية أئمة الحق بل المراد انهم ليسوا متعصبين في مذهبهم ولا يبغضونكم وهم قوم يجوز لكم مناكحتهم ومعاشرتهم ، يرثون منهم فيكون السؤال عن حكمهم لا عن وصفهم وتعيينهم أو بين عليه‌السلام حكمهم ثم عرفهم بأنهم ليسوا بالمؤمنين.

(٣) النساء : ١٠٠.

٢٠٢

عسى الله أن يعفو عنهم إذ كانوا آخذين بالأغصان ، وإن لم يعرفوا أولئك ، فإن عفى عنهم فبرحمته ، وإن عذبهم فبضلالتهم عما عرفهم.

١٠ ـ حدثنا أبي ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، عن عثمان بن عيسى ، عن موسى بن بكر ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن المستضعفين فقال : البلهاء في خدرها ، والخادم تقول لها صلي فتصلي لا تدري إلا ما قلت لها ، والجليب الذي لا يدري إلا ما قلت له ، والكبير الفاني والصبي الصغير. هؤلاء المستضعفون. وأما رجل شديد العنق جدل خصم يتولى الشرى والبيع لا تستطيع أن تغبنه في شئ ، تقول : هذا مستضعف؟ لا ولا كرامة!.

١١ ـ أبي ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي الصباح ، عن أبي جعفر عليه‌السلام أنه قال في المستضعفين الذين لا يجدون حيلة ولا يهتدون سبيلا : لا يستطيعون حيلة فيدخلوا في الكفر ولم يهتدوا فيدخلوا في الايمان فليس هم من الكفر والايمان في شئ.

( باب )

* ( معنى قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « دخلت الجنة فرأيت ) *

* ( أكثر أهلها البله » ) *

١ ـ حدثنا أبي ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري ، عن هارون ابن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : دخلت الجنة فرأيت أكثر أهلها البله ، قال : قلت : ما البله؟ فقال : العاقل في الخير (١) ، الغافل عن الشر ، الذي يصوم في كل شهر ثلاثة أيام.

__________________

(١) في بعض النسخ [ العامل في الخير ].

٢٠٣

( باب )

* ( معنى الناكثين ، والقاسطين ، والمارقين ) *

١ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدثنا محمد بن أبي القاسم ماجيلويه ، عن محمد بن علي الصيرفي ، عن محمد بن سنان ، عن المفضل بن عمر ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام في حديث طويل يقول في آخره : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لام سلمة ـ رضي‌الله‌عنها ـ : يا أم سلمة اسمعي واشهدي هذا علي بن أبي طالب أخي في الدنيا وأخي في الآخرة ، يا أم سلمة اسمعي واشهدي هذا علي بن أبي طالب وزيري في الدنيا ووزيري في الآخرة ، يا أم سلمة اسمعي واشهدي هذا علي بن أبي طالب حامل لوائي في الدنيا و حامل لواء الحمد غدا في الآخرة ، يا أم سلمة اسمعي واشهدي هذا علي بن أبي طالب وصيي وخليفتي من بعدي وقاضي عداتي والذائد عن حوضي ، يا أم سلمة اسمعي واشهدي هذا علي بن أبي طالب سيد المسلمين ، وإمام المتقين ، وقائد الغر المحجلين ، وقاتل الناكثين والمارقين والقاسطين (١) قلت : يا رسول الله من الناكثون؟ قال : الذين يبايعونه بالمدينة وينكثونه بالبصرة. قلت : من القاسطون؟ قال : معاوية وأصحابه من أهل الشام. [ ثم ] قلت من المارقون؟ قال : أصحاب النهروان.

( باب )

* ( معنى قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « من بشرني بخروج ) *

* ( » آذار (٢) « فله الجنة » ) *

١ ـ حدثنا محمد بن أحمد الشيباني ، وأحمد بن الحسن القطان ، والحسين بن إبراهيم ابن أحمد بن هشام المؤدب ، وعلي بن عبد الله الوراق ، وعلي بن أحمد بن موسى بن عمران

__________________

(١) في بعض النسخ قدم « المارقين » على « الناكثين » وفى بعضها أخر عن « القاسطين » أيضا وهو الموافق لسؤال أم سلمة بعيد هذا ترتيبا. ( م )

(٢) آذار وأذار : شهر بعد شباط وقبل نيسان ، عدد أيامه ٣١ وهو الثالث من السنة الشمسية.

٢٠٤

الدقاق ، قالوا : حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان ، قال : حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب ، قال : حدثنا تميم بن بهلول ، عن أبيه ، عن أبي الحسن العبدي ، عن سليمان بن مهران ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم في مسجد « قبا » وعنده نفر من أصحابه فقال : أول من يدخل عليكم الساعة رجل من أهل الجنة ، فلما سمعوا ذلك قام نفر منهم فخرجوا وكل واحد منهم يحب أن يعود ليكون أول داخل فيستوجب الجنة فعلم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ذلك منهم ، فقال لمن بقي عنده من أصحابه : إنه سيدخل عليكم جماعة يستبقون فمن بشرني بخروج « آذار » فله الجنة. فعاد القوم ودخلوا معهم أبو ذر ـ رضي‌الله‌عنه ـ فقال لهم : في أي شهر نحن من الشهور الرومية؟ فقال أبو ذر : قد خرج آذار يا رسول الله. فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : قد علمت ذلك يا أبا ذر ولكني أحببت أن يعلم قومي أنك رجل من أهل الجنة ، وكيف لا يكون ذلك؟ وأنت المطرود عن حرمي بعدي لمحبتك لأهل بيتي فتعيش وحدك وتموت وحدك ويسعد بك قوم يتولون تجهيزك ودفنك! أولئك رفقائي في [ ال ] جنة الخلد التي وعد المتقون.

( باب )

* ( معنى قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلى عليه‌السلام : « يا علي ) *

* ( لك كنز في الجنة وأنت ذو قرنيها » ) *

١ ـ حدثنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن أحمد الأشناني الدارمي الفقيه العدل ببلخ ، قال : أخبرني جدي ، قال : حدثنا محمد بن عمار ، قال : حدثنا موسى بن إسماعيل قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، عن محمد بن إبراهيم التميمي ، عن سلمة ، عن أبي الطفيل ، عن علي بن أبي طالب ، عليه‌السلام أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : يا علي إن لك كنزا في الجنة وأنت ذو قرنيها ولا تتبع النظرة بالنظرة في الصلاة فإن لك الأولى وليست لك الآخرة (١).

__________________

(١) في بعض النسخ [ الأخرى ] وفى بعضها [ أخيرة ].

٢٠٥

قال مصنف هذا الكتاب ـ رضي‌الله‌عنه ـ : معنى قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « إن لك كنزا في الجنة » يعني مفتاح نعيمها ، وذلك أن الكنز في المتعارف لا يكون إلا المال من ذهب وفضة ولا يكنز إلا لخيفة الفقر ولا يصلحان إلا للانفاق في أوقات الافتقار إليهما ولا حاجة في الجنة ولا فقر ولا فاقه لأنها دار السلام من جميع ذلك ومن الآفات كلها وفيها ما تشتهي الأنفس ، وتلذ الأعين فهذا الكنز هو المفتاح وذلك أنه عليه‌السلام قسيم الجنة وإنما صار عليه‌السلام قسيم الجنة والنار لان قسمة الجنة والنار إنما هي على الايمان والكفر ، وقد قال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « يا علي حبك إيمان وبغضك نفاق وكفر » فهو عليه‌السلام بهذا الوجه قسيم الجنة والنار. وقد سمعت بعض المشايخ يذكر أن هذا الكنز هو ولده المحسن عليه‌السلام وهو السقط الذي ألقته فاطمة عليها‌السلام لما ضغطت بين البابين واحتج في ذلك بما روي في السقط من أنه يكون محبنطأ (١) على باب الجنة ، فيقال له : ادخل الجنة ، فيقول : لا حتى يدخل أبواي قبلي. وما روي أن الله تعالى كفل سارة وإبراهيم أولاد المؤمنين يغذونهم بشجر في الجنة لها أخلاف (٢) كأخلاف البقر فإذا كان يوم القيامة البسوا وطيبوا (٣) وأهدوا إلى آبائهم فهم في الجنة ملوك مع آبائهم. وأما قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « وأنت ذو قرنيها » فإن قرني الجنة الحسن والحسين لما روي أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إن الله عزوجل يزين بهما جنته كما تزين المرأة بقرطيها (٤) وفي خبر آخر يزين الله بها عرشه ، وفي وجه آخر معنى قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « وأنت ذو قرنيها » أي إنك صاحب قرني الدنيا وإنك الحجة على شرق الدنيا وغربها وصاحب الامر فيها والنهي فيها ، وكل ذي قرن في الشاهد إذا اخذ بقرنه فقد اخذ به : وقد يعبر عن الملك بالأخذ بالناصية كما قال عزوجل : « ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها (٥) » ومعناه على هذا : أنه عليه‌السلام مالك

__________________

(٢) أي الممتلئ غيظا.

(٢) الاخلاف جمع « الخلف » بكسر الخاء المعجمة وهو حملة الضرع أي مكان مص الحليب منه.

(٣) في بعض النسخ [ اكتسبوا وتطيبوا ].

(٤) القرط ـ بضم القاف ـ : ما تعلقته المرأة في شحمة أذنيها للتزين.

(٥) هود : ٥٦.

٢٠٦

حكم الدنيا في إنصاف المظلومين والاخذ على أيدي الظالمين ، وفي إقامة الحدود إذا وجبت وتركها إذا لم تجب ، وفي الحل والعقد ، وفي النقض والابرام ، وفي الحظر والإباحة ، و في الاخذ والاعطاء ، وفي الحبس والاطلاق ، وفي الترغيب والترهيب. وفي وجه آخر معناه أنه عليه‌السلام ذو قرني هذه الأمة كما كان ذو القرنين لأهل وقته ، وذلك أن ذا القرنين ضرب على قرنه الأيمن فغاب ثم حضر فضرب على قرنه الاخر. وتصديق ذلك قول الصادق عليه‌السلام : « إن ذا القرنين لم يكن نبيا ولا ملكا وإنما كان عبدا أحب الله فأحبه الله ونصح الله فنصحه الله وفيكم مثله » يعني بذلك أمير المؤمنين عليه‌السلام. وهذه المعاني كلها صحيحة يتناولها ظاهر قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « لك كنز في الجنة وأنت ذو قرنيها ».

( باب )

* ( معنى العربية ) *

١ ـ حدثنا أبي ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا محمد بن أبي القاسم ماجيلويه ، عن محمد بن علي الكوفي ، عن محمد بن سنان ، عن حنان بن سدير ، عن أبيه ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : صعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله المنبر يوم فتح مكة ثم قال : أيها الناس إن الله تبارك وتعالى قد ذهب عنكم بنخوة الجاهلية وتفاخرها بآبائها ، ألا إنكم من آدم وآدم من طين ، وخير عباد ـ الله عنده أتقاهم ، إن العربية ليست بأب والد ولكنها لسان ناطق فمن قصر به عمله لم يبلغه رضوان الله حسبه ، ألا إن كل دم كان في الجاهلية أو إحنة (١) فهو تحت قدمي هاتين إلى يوم القيامة.

( باب )

* ( معنى اللئيم والكريم ) *

١ ـ حدثنا محمد بن علي ماجيلويه ، قال : حدثني عمي محمد بن أبي القاسم ، عن محمد بن علي الكوفي ، عن محمد بن سنان ، عن المفضل بن عمر ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : وقع

__________________

(١) الأحنة : الحقد ، جمعها إحن كعصمة وعصم.

٢٠٧

بين سلمان وبين رجل كلام فقال لسلمان : من أنت؟ وما أنت؟ فقال له سلمان : وأما أولي وأولك فنطفة قذرة ، وأما آخري وآخرك فجيفة منتنة ، فإذا كان يوم القيامة ووضعت الموازين فمن ثقل ميزانه فهو الكريم ومن خف ميزانه فهو اللئيم.

( باب )

* ( معنى القانع والمعتر ) *

١ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن العباس بن معروف ، عن علي بن مهزيار ، عن فضالة ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : « فإذا وجبت جنوبها (١) » قال : إذا وقعت على الأرض فكلوا منها « وأطعموا القانع والمعتر » قال : القانع : الذي يرضى بما أعطيته ولا يسخط ولا يكلح ولا يزبد شدقه غضبا (٢) ، والمعتر المار بك تطعمه.

٢ ـ وبهذا الاسناد ، عن علي بن مهزيار ، عن الحسين بن سعيد ، عن صفوان ، عن سيف التمار ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : إن سعيد بن عبد الملك قدم حاجا فلقى أبي عليه‌السلام فقال : إني سقت هديا فكيف أصنع؟ فقال : أطعم أهلك ثلثا ، وأطعم القانع ثلثا ، وأطعم المسكين ثلثا ، قلت : المسكين هو السائل؟ قال : نعم ، والقانع يقنع بما أرسلت إليه من البضعة فما فوقها ، والمعتر يعتريك لا يسألك.

٣ ـ وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة ولا ذي حقد ولا ذي غمر على أخيه ولا ظنين في ولاء ولا قرابة ولا القانع مع أهل البيت لهم.

أما الخيانة (٣) فإنها تدخل في أشياء كثيرة سوى الخيانة في المال (٤) ، منها :

__________________

(١) الحج : ٣٧. أي سقط جنوبها إلى الأرض وعبر بذلك عن تمام خروج الروح.

(٢) كلح وجهه كلوحا وكلاحا : عبس وتكشر. وزبد شدقه : خرج الزبد من زاوية فمه.

(٣) الظاهر أن من هنا إلى قوله : « وهذا من القناعة » من كلام المؤلف رحمه‌الله. ( م )

(٤) أي لا تنحصر الخيانة بالخيانة في المال بل تعم الاعراض والاسرار وغيرها.

٢٠٨

أن يؤتمن على فرج فلا يودي فيها الأمانة. ومنها : أن يستودع سرا يكون إن أفشاه فيه عطب (١) المستودع أو فيه شينه. ومنها : أن يؤتمن على حكم بين اثنين أو فوقها فلا يعدل. ومنها : أن يغل من المغنم شيئا (٢). ومنها : أن يكتم شهادة. ومنها : أن يستشار فيشير بخلاف. الصواب تعمدا وأشباه ذلك. والغمر : الشحناء والعداوة. وأما الظنين في الولاء والقرابة فالذي يتهم بالدعاوة (٣) إلى غير أبيه أو المتولي [ إلى ] غير مواليه ، وقد يكون أن يتهم في شهادته لقريبه. والظنين أيضا المتهم في دينه. وأما القانع مع أهل البيت لهم فالرجل يكون مع قوم في حاشيتهم كالخادم لهم والتابع والأجير ونحوه. وأصل القنوع الرجل يكون مع الرجل يطلب فضله ويسأله معروفه بقول فهذا يطلب معاشه من هؤلاء فلا تجوز شهادته لهم ، قال الله تعالى : « فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر (٤) » فالقانع : الذي يقنع بما تعطيه ويسأل ، المعتر الذي يتعرض ولا يسأل ، ـ ويقال : من هذا القنوع : قنع يقنع قنوعا ـ. وأما القانع الراضي بما أعطاه الله عزوجل فليس من ذلك ـ يقال : منه قنعت أقنع قناعة. وهذا بكسر النون وذلك بفتحها ، وذاك من القنوع وهذا من القناعة ـ.

( باب )

* ( معنى قول إبراهيم : « بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم ان كانوا ) *

* ( ينطقون » ومعنى قوله « اني سقيم » ومعنى قول يوسف عليه‌السلام ) *

* ( حين أمر المنادى أن ينادى : « أيتها العير إنكم لسارقون » ) *

١ ـ أبي ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا محمد بن يحيى العطار ، عن محمد بن أحمد ، عن أبي إسحاق إبراهيم بن هاشم ، عن صالح بن سعيد ، عن رجل من أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله عزوجل في قصة إبراهيم عليه‌السلام : « قال بل فعله كبيرهم هذا

__________________

(١) العطب : الهلاك.

(٢) الغلول : الخيانة ويأتي مزيد معناه.

(٣) الدعاوة ـ بكسر الدال ـ : اسم من الادعاء.

(٤) الحج : ٣٦.

٢٠٩

فاسألوهم إن كانوا ينطقون (١) » قال : ما فعله كبيرهم وما كذب إبراهيم عليه‌السلام ، فقلت : فكيف ذاك؟ قال : إنما قال إبراهيم عليه‌السلام : « فاسألوهم إن كانوا ينطقون » إن نطقوا فكبيرهم فعل ، وإن لم ينطقوا فلم يفعل كبيرهم شيئا فما نطقوا وما كذب إبراهيم عليه‌السلام.

فقلت : قوله عزوجل في يوسف : « أيتها العير إنكم لسارقون (٢) » قال : إنهم سرقوا يوسف من أبيه ، ألا ترى أنه قال لهم حين قال : « ماذا تفقدون قالوا نفقد صواع الملك » ولم يقل : سرقتم صواع الملك؟ إنما عنى سرقتم يوسف من أبيه. فقلت : قوله : « إني سقيم (٣) » قال : ما كان إبراهيم سقيما وما كذب ، إنما عنى سقيما في دينه مرتادا. وقد روى أنه عنى بقول : سقيم أي سأسقم ، وكل ميت سقيم. وقد قال الله عزوجل لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله : « إنك ميت (٤) » بمعنى أنك ستموت.

وقد روي أنه عنى أني سقيم بما يفعل بالحسين بن علي عليهما‌السلام.

( باب )

* ( معنى الملك الكبير الذي ذكره الله عزوجل في كتابه العزيز ) *

١ ـ أبي ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن الحسن بن موسى الخشاب ، عن يزيد بن إسحاق ، عن عباس بن يزيد ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام ـ وكنت جالسا عنده ذات يوم ـ : أخبرني عن قول الله عزوجل : « وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا (٥) » ما هذا الملك الذي كبره الله حتى سماه كبيرا؟ قال : فقال لي : إذا أدخل الله أهل الجنة الجنة أرسل رسولا إلى ولي من أوليائه فيجد الحجبة على بابه ، فيقول له (٦) : قف حتى نستأذن لك فما يصل إليه رسول ربه إلا بإذن ، فهو قوله عزوجل : « وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا ».

__________________

(١) الأنبياء : ٦٤.

(٢) يوسف : ٧٠.

(٣) الصافات : ٨٧.

(٤) الزمر : ٣١.

(٥) الدهر : ٢٠.

(٦) أي يقول الحاجب له.

٢١٠

( باب )

* ( معنى الإزرام ) *

١ ـ أخبرني محمد بن هارون الزنجاني فيما كتب إلي قال : حدثنا علي بن عبد العزيز ، عن أبي عبيد القاسم بن سلام ، قال : حدثنا هيثم ، قال : أخبرنا يونس ، عن الحسن أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أتي بالحسين بن علي عليه‌السلام (١) فوضع في حجره فبال عليه فأخذ فقال : لا تزرموا ابني ، ثم دعا بماء فصبه عليه.

قال الأصمعي : الإزرام : القطع ، يقال للرجل إذا قطع بوله : « قد أزرمت بولك وأزرمه غيره إذا قطعه ، وزرم البول نفسه إذا انقطع.

( باب )

* ( معنى الغلول والسحت ) *

١ ـ حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل ، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري ، عن محمد بن الحسين ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن عمار بن مروان ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الغلول ، فقال : كل شئ غل من الامام فهو سحت (٢) ، وأكل مال اليتيم سحت ، والسحت أنواع كثيرة منها ما أصيب من أعمال الولاة الظلمة ، ومنها أجور القضاة ، وأجور الفواجر ، وثمن الخمر والنبيذ والمسكر ، والربا بعد البينة. فأما الرشوة يا عمار في الاحكام فإن ذلك الكفر بالله العظيم ورسوله (٣).

__________________

(١) في بعض النسخ [ بالحسن بن علي عليهما‌السلام ].

(٢) قال الفيروزآبادي : غل غلولا : خان كأغل أو هو خاص بالفيئ. انتهى والسحت اما بمعنى مطلق الحرام أو الحرام الشديد الذي يسحت ويهلك ولا خلاف في تحريم الأمور المذكورة في الخبر كما قاله العلامة المجلسي ـ رحمه‌الله ـ.

(٣) الكفر هنا هو الكفر في الفروع كما في ترك الصلاة والحج ومنع الزكاة دون الكفر في الأصول الموجب للارتداد والنجاسة. ( م )

٢١١

( باب )

* ( معنى قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله « أخذتموهن بأمانة الله ) *

* ( واستحللتم فروجهن بكلمات الله » ) *

١ ـ أبي ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان ابن داود يرفع الحديث ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمات الله » فأما الأمانة فهي التي أخذ الله عزوجل على آدم حين زوجه حواء ، وأما الكلمات فهي الكلمات التي شرط الله عزوجل بها على آدم أن يعبده ولا يشرك به شيئا ولا يزني ولا يتخذ من دونه وليا.

( باب )

* ( معنى المبارك ) *

١ ـ حدثنا أبي ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن يحيى بن المبارك ، عن عبد الله بن جبلة ، عن رجل ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عز وجل : « وجعلني مباركا أين ما كنت (١) » قال : نفاعا.

( باب )

* ( معنى قول الصادق عليه‌السلام « الترتر حمران » ومعنى « المطمر » (٢) ) *

١ ـ حدثنا أبي ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، قال : حدثني محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن محمد بن سنان ، عن حمزة ، ومحمد ابني حمران ، قالا : اجتمعنا

__________________

(١) مريم : ٣٢.

(٢) التر ـ بضم التاء وشد الراء المهملة ـ : الخيط الذي يمد على البناء فيقدر به ويقال له اليوم بالفارسية : ( ريسمانكار ) وهذا استعارة للتمييز بين الحق والباطل والمعنى : الميزان ميزان حمران. والمطمر ـ كمنبر ـ أيضا خيط البناء.

٢١٢

عند أبي عبد الله عليه‌السلام في جماعة من أجلة مواليه وفينا حمران بن أعين فخضنا في المناظرة وحمران ساكت فقال له أبو عبد الله عليه‌السلام : مالك لا تتكلم يا حمران. فقال : يا سيدي آليت (١) على نفسي أني لا أتكلم في مجلس تكون فيه. فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : إني قد أذنت لك في الكلام فتكلم. فقال حمران : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ، خارج من الحدين حد التعطيل وحد التشبيه ، وأن الحق القول بين القولين لا جبر ولا تفويض ، وأن محمدا عبد ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ، وأشهد أن الجنة حق ، وأن النار حق ، وأن البعث بعد الموت حق ، وأشهد أن عليا حجة الله على خلقه لا يسع الناس جهله ، وأن حسنا بعده وأن الحسين من بعده ، ثم علي بن الحسين ، ثم محمد بن علي ، ثم أنت يا سيدي من بعدهم. فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : الترتر حمران. ثم قال : يا حمران مد المطمر بينك وبين العالم ، قلت : يا سيدي وما المطمر؟ فقال : أنتم تسمونه خيط البناء ، فمن خالفك على هذا الامر فهو زنديق. فقال حمران : وإن كان علويا فاطميا؟ فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : وإن كان محمديا علويا فاطميا.

٢ ـ حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الله بن سنان ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : ليس بينكم وبين من خالفكم إلا المطمر. قلت : وأي شئ المطمر؟ قال : الذي تسمونه التر فمن خالفكم وجازه فابرؤوا منه وإن كان علويا فاطميا

( باب )

* ( معنى الباغي والعادي ) *

١ ـ أبي ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد ، عن البزنطي ، عمن ذكره ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : « فمن اضطر غير باغ ولا عاد (٢) »

__________________

(١) آلى ايلاء : حلف.

(٢) البقرة : ١٦٨ ، والانعام : ١٤٦.

٢١٣

قال : الباغي : الذي يخرج على الامام ، والعادي : الذي يقطع الطريق ، لا يحل لهما الميتة.

وقد روي أن العادي اللص ، والباغي الذي يبغي الصيد لا يجوز لهما التقصير في السفر ولا أكل الميتة في حال الاضطرار.

( باب )

* ( معنى الأوقية والنش (١) ) *

أبي ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أبيه عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ما تزوج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله شيئا من نسائه ولا زوج شيئا من بناته على أكثر من اثنى عشر أوقية ونش. والأوقية أربعون درهما ، والنش عشرون درهما.

( باب )

* ( معنى قول الصادق عليه‌السلام « لا يحرم من الرضاع الا ما كان مجبورا » ) *

١ ـ أبي ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا أحمد بن إدريس ، عن محمد بن أحمد ، عن أحمد بن هلال ، عن ابن سنان ، عن حريز ، عن فضيل بن يسار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لا يحرم من الرضاع إلا ما كان مجبورا. قال : قلت : وما المجبور؟ قال : أم مربية ، أو ظئر مستأجرة (٢) أو خادم مشتراة. وما كان مثل ذلك موقوف عليه.

( باب )

* ( معنى الاغناء والاقناء ) *

١ ـ أبي ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن

__________________

(١) النش. النصف والمراد به هنا نصف الأوقية.

(٢) الظئر ـ بكسر الظاء ـ : العاطفة على ولد غيرها والمرضعة له. والمراد هنا الثاني. ( م )

٢١٤

النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر بن محمد [ عن أبيه ] عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام في قول الله عزوجل : « وأنه هو أغنى وأقنى (١) » قال : أغنى كل إنسان بمعيشته ، وأرضاه بكسب يده.

( باب )

* ( توبة الله عزوجل على الخلق ) *

١ ـ أبي رحمه‌الله ـ قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، قال : حدثنا محمد بن الحسين ، عن ابن فضال ، عن علي بن عقبة ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : « ثم تاب عليهم (٢) » قال : هي الإقالة. (٣)

( باب )

* ( معنى الورقة والحبة وظلمات الأرض والرطب واليابس ) *

١ ـ حدثنا محمد بن الحسن ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى بن عمران الحلبي ، عن أبي بصير ، قال : سألته عن قول الله عزوجل : « وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين (٤) » قال : فقال : الورقة السقط ، والحبة الولد ، وظلمات الأرض الأرحام ، والرطب ما يحيى ، واليابس ما يغيض (٥). وكل ذلك في كتاب مبين.

__________________

(١) النجم : ٤٨.

(٢) التوبة : ١١٨.

(٣) الإقالة فسخ البيع ، الموافقة عليه. والمراد هنا عفوه تعالى عنهم.

(٤) الانعام : ٥٩.

(٥) الغيض : السقط الذي لم يتم خلقه ، والقليل.

٢١٥

( باب )

* ( معنى السهم من المال يوصى به الرجل ) *

١ ـ حدثنا أبي ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن الحسين بن يزيد النوفلي ، عن إسماعيل بن مسلم السكوني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه سئل عن رجل يوصي بسهم من ماله. فقال : السهم واحد من ثمانية لقول الله عزوجل : « إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل (١) ».

٢ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أبيه ، عن صفوان بن يحيى ، قال : سألت الرضا عليه‌السلام عن رجل يوصي بسهم من ماله ولا يدري السهم أي شئ هو؟ فقال : ليس عندكم فيما بلغكم عن جعفر وأبي جعفر عليهما‌السلام فيها شئ؟ فقلت له : جعلت فداك ما سمعنا أصحابنا يذكرون شيئا في هذا عن آبائك عليهم‌السلام. فقال : السهم واحد من ثمانية. فقلت : جعلت فداك ، كيف صار واحدا من ثمانية؟ فقال : أما تقرء كتاب الله عزوجل : فقلت : جعلت فداك ، إني لأقرؤه ولكن لا أدري أين موضعه ، فقال : قول الله عزوجل. « إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل » ثم عقد بيده ثمانية ، قال : وكذلك قسمها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على ثمانية أسهم ، والسهم واحد من الثمانية (٢).

وقد روي أن السهم واحد من ستة وذلك على حسب ما يفهم من مراد الموصي وعلى حسب ما يعلم من سهام ماله [ بينهم ].

__________________

(١) التوبة : ٦٠. والغارمين هم الذين ركبتهم الديون في غير معصية ولا إسراف.

(٢) يدل على أن السهم ينصرف إلى الثمن كما هو المشهور بين الأصحاب وذهب الشيخ في أحد قوليه إلى أنه السدس وقال المجلسي ـ رحمه‌الله ـ : لعل المراد انه لما ذكر الله تعالى هذه الأصناف الثمانية وجعل لكل منهم حصة واشتهر في ألسنة الناس التعبير عن حصصهم بالسهام فلذا ينصرف السهم عند الاطلاق إلى الثمن.

٢١٦

( باب )

* ( معنى الشئ من المال يوصى به الرجل ) *

١ ـ أبي ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا محمد بن يحيى العطار ، عن محمد بن أحمد ، عن علي بن السندي ، عن محمد بن عمرو بن سعيد ، عن جميل ، عن أبان بن تغلب ، عن أبي حمزة ، عن علي بن الحسين صلوات الله عليهما ، قال : قلت له : رجل أوصى بشئ من ماله؟ فقال لي : في كتاب علي عليه‌السلام : الشئ من ماله واحد من ستة.

( باب )

* ( معنى الجزء من المال يوصى به الرجل ) *

١ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدثنا أحمد ابن إدريس ، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري ، عن علي بن السندي ، عن محمد بن عمرو بن سعيد ، عن جميل ، عن أبان بن تغلب ، عن أبي جعفر عليه‌السلام أنه قال في الرجل يوصي بجزء من ماله إن الجزء واحد من عشرة ، لان الله عزوجل يقول : « ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا (١) » وكانت الجبال عشرة والطير أربعة فجعل على كل جبل منهن جزءا.

وروي أن الجزء واحد من سبعة لقول الله عزوجل : « لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم » (٢).

٢ ـ أبي ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن أبان الأحمر ، عن عبد الله بن سنان قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن امرأة أوصت بثلثها يقضي به دين ابن أخيها وجزء لفلان وفلانة فلم أعرف ذلك ، فقدمنا إلى ابن أبي ليلى. قال : فما قال لك؟ قلت : قال : ليس لهما شئ. فقال : كذب والله ، لهما العشر من الثلث.

__________________

(١) البقرة : ٢٦٢.

(٢) الحجر : ٤٤.

٢١٧

٣ ـ حدثنا أبي ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا أحمد بن إدريس ، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري ، قال : حدثني أبو عبد الله الرازي ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن الحسين بن خالد ، عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : سألته عن رجل أوصى بجزء من ماله. فقال : سبع ثلثه.

( باب )

* ( معنى الكثير من المال ) *

١ ـ حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي ، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال في رجل نذر أن يتصدق بمال كثير ، فقال : الكثير ثمانون فما زاد لقول الله تبارك وتعالى : « لقد نصركم الله في مواطن كثيرة (١) » و كانت ثمانين موطنا.

( باب )

* ( معنى القديم من المماليك ) *

١ ـ حدثنا أبي ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا محمد بن يحيى العطار ، عن محمد بن أحمد ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن داود بن محمد النهدي ، عن بعض أصحابنا قال : دخل ابن أبي سعيد المكاري (٢) على الرضا صلوات الله عليه فقال له : أبلغ الله من قدرك أن تدعي ما ادعى أبوك؟! فقال له : ما لك أطفأ الله نورك وأدخل الفقر بيتك؟ أما علمت أن الله تبارك وتعالى أوحى إلى عمران عليه‌السلام أني واهب لك ذكرا فوهب له مريم ووهب لمريم عيسى فعيسى من مريم ومريم من عيسى ومريم وعيسى شئ واحد ، وأنا من أبي وأبي مني وأنا وأبي شئ واحد فقال له : ابن أبي سعيد فأسألك عن مسألة؟ فقال : لا أخالك تقبل مني ولست من غنمي

__________________

(١) التوبة : ٢٥.

(٢) اسمه الحسين وأبوه هاشم أبو سعيد واقفي وكان هو وأبوه وجهين في الواقفة وكان الحسين ثقة في حديثه ( النجاشي ) وذكر الكشي روايات في ذمه.

٢١٨

ولكن هلمها. فقال : رجل قال عند موته : كل مملوك لي قديم فهو حر لوجه الله. فقال : نعم ، إن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه : « حتى عاد كالعرجون القديم (١) » فما كان من مماليكه أتى له ستة أشهر فهو قديم حر. قال : فخرج الرجل فافتقر حتى مات ولم يكن عنده مبيت ليلة ـ لعنه الله ـ.

( باب )

* ( معنى الحبيس ) *

١ ـ حدثنا أبي ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن خالد البرقي ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن عبد الرحمن الجعفي ، قال : كنت أختلف إلى ابن أبي ليلى في مواريث وكان يدافعني فلما طال ذلك علي شكوته إلى جعفر ابن محمد عليهما‌السلام فقال : أو ما علم أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أمر برد الحبيس (٢) وإنفاذ المواريث؟ قال : فأتيته ففعل كما كان يفعل ، فقلت له : إني شكوتك إلى جعفر بن محمد عليهما‌السلام فقال لي : كيت وكيت ، فحلفني ابن أبي ليلى أنه قال ذلك لك ، فحلفت له فقضى لي بذلك.

٢ ـ أبي ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا أحمد بن إدريس ، قال : حدثنا محمد بن أحمد ، قال : حدثنا عبد الله بن أحمد الرازي ، عن بكر بن صالح ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن عيينة البصري قال : كنت شاهدا عند ابن أبي ليلى وقضى في رجل جعل لبعض قرابته غلة دار ولم يوقت لهم وقتا فمات الرجل فحضر ورثته ابن أبي ليلى وحضر قريبه الذي جعل له الدار ، فقال ابن أبي ليلى : أرى أن أدعها على ما تركها صاحبها. فقال له محمد بن مسلم الثقفي : أما إن علي بن أبي طالب صلوات الله عليه قضى في هذا المسجد بخلاف ما قضيت. قال : وما علمك؟ قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : قضى علي بن أبي طالب صلوات الله عليه برد الحبيس وإنفاذ المواريث. فقال ابن أبي ليلى : هو عندك في كتاب؟ قال : نعم. قال : فأرسل إليه

__________________

(١) يس : ٣٩. والعرجون : أصل العذق الذي يعوج ويبقى على النخل يابسا بعد أن تقطع عنه الشماريخ وفى اللغة : الشمروخ : العذق عليه بسر أو عنب.

(٢) الحبيس ـ فعيل بمعنى مفعول ـ أي المحبوس. ويأتي معناه من المؤلف ـ رحمه‌الله ـ.

٢١٩

فائتني به ، فقال محمد بن مسلم : على أن لا تنظر من الكتاب إلا في ذلك الحديث. قال : لك ذلك. قال : فأراه الحديث عن أبي جعفر عليه‌السلام في الكتاب فرد قضيته.

والحبيس (١) هو كل وقف إلى وقت غير معلوم هو مردود على الورثة.

( باب )

* ( معنى الصدود ) *

١ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن الوليد ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن العباس بن معروف ، عن الحسين بن يزيد النوفلي ، عن اليعقوبي ، عن عيسى بن عبد الله الهاشمي ، عن أبيه ، عن جده قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في قوله عز و جل : « ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون (٢) » قال : الصدود في العربية الضحك.

( باب )

* ( معنى التتبير ) *

١ ـ أبي ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن خالد البرقي ، عمن ذكره ، عن حفص بن غياث ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله عز وجل : « وكلا تبرنا تتبيرا (٣) » قال : يعني كسرنا تكسيرا. قال : وهي بالنبطية.

( باب )

* ( معنى الأحقاب ) *

١ ـ أبي ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن جعفر بن

__________________

(١) الظاهر أن هذا البيان من المؤلف ـ رحمه‌الله ـ. ( م )

(٢) الزخرف : ٥٧.

(٣) الفرقان : ٤١.

٢٢٠