معاني الأخبار

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

معاني الأخبار

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع
المطبعة: دار المعرفة للطباعة والنشر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٣٨

لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله : « أنزل عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما (١) » وقال في الأئمة من أهل بيته وعترته وذريته صلوات الله عليهم : « أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما * فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا (٢) » إن العبد إذا اختاره الله عزوجل لأمور عباده شرح لذلك صدره فأودع قلبه ينابيع الحكمة ، و ألهمه العلم إلهاما فلم يعي بعده بجواب ، ولا يحار فيه عن الصواب ، وهو معصوم مؤيد موفق مسدد قد أمن الخطأ والزلل والعثار يخصه الله بذلك ليكون حجته على عباده وشاهده على خلقه ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم ، فهل يقدرون على مثل هذا فيختاروه؟ أو يكون مختارهم بهذه الصفة فيقدمونه؟ بعدوا وبيت الله من الحق (٣) ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون وفي كتاب الله الهدى والشفاء فنبذوه و اتبعوا أهواءهم فذمهم الله ومقتهم وأتعسهم (٤) فقال عزوجل : « ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين (٥) » وقال : « فتعسا لهم وأضل أعمالهم (٦) » وقال : « كبر مقتا عند الله وعند الذين آمنوا كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار (٧) ».

٣ ـ حدثنا إبراهيم بن هارون العبسي ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدثنا جعفر بن عبد الله ، قال : حدثنا كثير بن عياش ، عن أبي الجارود قال : سألت أبا جعفر

__________________

(١) الآية في سورة النساء وهي هكذا : « وأنزل الله عليك الكتاب ـ الآية ـ » والتغيير اما نقل بالمعنى أو من النساخ.

(٢) النساء : ٥٣ و ٥٤.

(٣) قال العلامة المجلسي ـ رحمه‌الله ـ : هذا يدل على جواز الحلف بحرمات الله ، فما ورد من المنع عن الحلف بغير الله اما مخصوص بغير هذا أو بالدعاوي انتهى. وفى بعض نسخ الحديث « تعدوا ».

(٤) التعس ـ بالفتح والتحريك ـ : الهلاك ، والسقوط ، والشر ، والبعد ، والانحطاط.

(٥) القصص : ٥٠.

(٦) محمد : ٩. وقوله : « أضل » عطف تعلى الفعل الذي صب « تعسا ».

(٧) المؤمن : ٣٥.

١٠١

الباقر عليه‌السلام : بم يعرف الامام؟ قال : بخصال أولها : نص من الله تبارك وتعالى عليه و نصبه علما للناس حتى يكون عليهم حجة ، لان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نصب عليا عليه‌السلام وعرفه الناس باسمه وعينه وكذلك الأئمة عليهم‌السلام ينصب الأول الثاني وأن يسأل فيجيب وأن يسكت عنه فيبتدئ ، ويخبر الناس بما يكون في غد ، ويكلم الناس بكل لسان ولغة.

قال مصنف هذا الكتاب ـ رضي‌الله‌عنه ـ : إن الإمام عليه‌السلام إنما يخبر بما يكون في غد بعهد منه واصل إليه من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وذلك مما نزل به عليه جبرئيل عليه‌السلام من أخبار الحوادث الكائنة إلى يوم القيامة. (١)

٤ ـ حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي ، قال : حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال ، عن أبيه ، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليهما‌السلام قال : للامام علامات : [ أن ] يكون أعلم الناس وأحكم الناس ، وأتقى الناس ، وأحلم الناس ، وأشجع الناس ، وأسخى الناس ، وأعبد الناس ، ويولد مختونا ، ويكون مطهرا ، ويرى من خلفه كما يرى من بين يديه ، ولا يكون له ظل ، وإذا وقع على الأرض من بطن أمه وقع على راحتيه رافعا صوته بالشهادتين ، ولا يحتلم ، وتنام عينه ولا ينام قلبه ، ويكون محدثنا ، ويستوي عليه درع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولا يرى له بول ولا غائط لان الله عزوجل قد وكل الأرض بابتلاع ما يخرج منه ، ويكون رائحته أطيب من رائحة المسك ، ويكون أولى الناس منهم بأنفسهم ، وأشفق عليهم من آبائهم وأمهاتهم ، ويكون أشد الناس تواضعا لله عزوجل ، ويكون آخذ الناس بما يأمر به ، وأكف الناس عما ينهى عنه ، ويكون دعاؤه مستجابا حتى أنه لو دعا على صخرة لانشقت بنصفين ، ويكون عنده سلاح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وسيفه ذو الفقار ، ويكون عنده صحيفة فيها أسماء شيعته إلى يوم القيامة ، وصحيفة فيها أسماء أعدائه إلى يوم القيامة ويكون عنده الجامعة وهي صحيفة طولها سبعون ذراعا فيها جميع ما يحتاج إليه ولد آدم و

__________________

(١) ظاهر كلامه هذا وهو انحصار علم الإمام بالمغيبات أو بما يأتي خاصة في ما وصل إليه من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يوافق ما ورد من الروايات المستفيضة في علمه وكذا ما ورد في كونه محدثنا كالخبر الآتي. ( م )

١٠٢

يكون عنده الجفر الأكبر والأصغر ، وإهاب ماعز (١) وإهاب كبش فيهما جميع العلوم حتى أرش الخدش وحتى الجلدة ونصف الجلدة وثلث الجلدة ويكون عنده مصحف فاطمة عليها‌السلام.

( باب )

* ( معنى قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في علي بن أبي طالب ) *

* ( عليه‌السلام أنه سيد العرب ) *

١ ـ حدثنا أحمد بن الحسن بن عبدويه القطان ، قال : حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطان ، قال : حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب ، قال : حدثنا تميم بن بهلول ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح بن أبي سلمة النصيبي ، قال : حدثنا أبو عوانة ، عن أبي بشير ، عن سعيد بن جبير ، عن عائشة قالت ، كنت عند النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فأقبل علي بن أبي طالب عليه‌السلام فقال : هذا سيد العرب. فقلت : يا رسول الله ألست سيد العرب؟ قال : أنا سيد ولد آدم وعلي سيد العرب. قلت : وما السيد؟ قال : من افترضت طاعته كما افترضت طاعتي.

٢ ـ حدثنا أحمد بن محمد [ بن ] السناني ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدثنا حمزة بن القاسم العلوي العباسي ، قال : حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الفزاري ، قال : حدثنا محمد بن الحسين بن [ ي ] زيد الزيات ، قال : حدثنا محمد بن سنان ، قال : حدثنا زياد بن المنذر ، عن سعيد بن جبير ، عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : علي سيد العرب فقلت : يا رسول الله ألست سيد العرب؟ قال : أنا سيد ولد آدم وعلي سيد العرب. قلت : وما السيد؟ قال : من افترضت طاعته كما افترضت طاعتي.

( باب )

* ( معنى تزويج النور من النور ) *

١ ـ حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثني الحسن بن محمد بن عامر عن معلى بن محمد ، عن أحمد بن محمد البزنطي ، عن علي بن جعفر قال : سمعت أبا الحسن

__________________

(١) الإهاب : الجلد. والماعز : واحد المعز وهو خلاف الضأن من الغنم.

١٠٣

موسى بن جعفر عليهما‌السلام يقول : بينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله جالس إذا دخل عليه ملك له أربعة وعشرون وجها ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : حبيبي جبرئيل لم أرك في مثل هذه الصورة! فقال الملك : لست بجبرئيل ، [ أنا محمود (١) و ] بعثني الله عزوجل أن أزوج النور من النور. قال : من من من؟ قال : فاطمة من علي. قال : فلما ولى الملك إذا بين كتفيه مكتوب « محمد رسول الله ، علي وصيه » فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : منذ كم كتب هذا بين كتفيك؟ فقال : من قبل أن يخلق الله عزوجل آدم باثنين وعشرين ألف عام.

( باب )

* ( معنى الظالم لنفسه والمقتصد والسابق ) *

١ ـ حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن نصر البخاري المقري قال : حدثنا أبو عبد الله الكوفي العلوي الفقيه بفرغانة (٢) بإسناد متصل إلى الصادق جعفر بن محمد عليهما‌السلام أنه سئل عن قول الله عزوجل : « ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله (٣) » فقال : الظالم يحوم (٤) حوم نفسه ، والمقتصد يحوم حوم قلبه ، والسابق يحوم حوم ربه عزوجل.

٢ ـ حدثنا أحمد بن الحسن القطان ، قال : حدثنا الحسن بن علي بن الحسين السكري قال : أخبرنا محمد بن زكريا الجوهري ، قال : حدثنا جعفر بن محمد بن عمارة ، عن أبيه ، عن جابر بن يزيد الجعفي ، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما‌السلام ، قال : سألته عن قول الله عزوجل : « ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه و

__________________

(١) في بعض النسخ [ يا محمد ].

(٢) فرغانة ـ بالفتح ثم السكون وغين معجمة وبعد الألف نون ـ : مدينة وكورة واسعة بما وراء النهر ، متاخمة لبلاد تركستان ، في زاوية من ناحية هيطل من جهة مطلع الشمس على يمين القاصد لبلاد الترك ، كثيرة الخير ، واسعة الرستاق ، يقال : كان بها أربعون منبرا وبينها وبين سمرقند خمسون فرسخا ، من ولايتها خجندة. ويقال : فرغانة : قرية من قرى فارس. ( مراصد الاطلاع ).

(٣) الفاطر : ٣٢.

(٤) حام حومه وحوله. دار به وطلبه.

١٠٤

منهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله » فقال : الظالم منا من لا يعرف حق الامام ، والمقتصد العارف بحق الامام ، والسابق بالخيرات بإذن الله هو الامام « جنات عدن يدخلونها (١) » يعني السابق والمقتصد.

٣ ـ حدثنا أبو عبد الله الحسين بن يحيى البجلي ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا أبو عوانة موسى بن يوسف الكوفي ، قال : حدثنا عبد الله بن يحيى ، عن يعقوب بن يحيى عن أبي حفص ، عن أبي حمزة الثمالي ، قال : كنت جالسا في المسجد الحرام مع أبي جعفر عليه‌السلام إذ أتاه رجلان من أهل البصرة فقالا له : يا ابن رسول الله إنا نريد أن نسألك عن مسألة فقال لهما : اسألا عما جئتما (٢). قالا : أخبرنا عن قول الله عزوجل : « ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا [ من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير ] » إلى آخر الآيتين. قال : نزلت فينا أهل البيت. قال أبو حمزة فقلت : بأبي أنت وأمي فمن الظالم لنفسه؟ قال : من استوت حسناته وسيئاته منا أهل البيت فهو ظالم لنفسه. فقلت : من المقتصد منكم؟ قال : العابد لله ربه في الحالين حتى يأتيه اليقين. فقلت : فمن السابق منكم بالخيرات؟ قال : من دعا والله إلى سبيل ربه ، و أمر بالمعروف ، ونهى عن المنكر ، ولم يكن للمضلين عضدا ، ولا للخائنين خصيما ، ولم يرض بحكم الفاسقين إلا من خاف على نفسه ودينه ولم يجد أعوانا.

( باب )

* ( معنى ما روى أن فاطمة أحصنت فرجها فحرم الله ) *

* ( ذريتها على النار ) *

١ ـ حدثنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر بن عبد الله بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام ، ومحمد بن علي بن بشار القزويني ـ رضي‌الله‌عنهما ـ قالا : حدثنا أبو الفرج المظفر بن أحمد القزويني ، قال : حدثنا أبو الفيض

__________________

(١) الفاطر : ٣٢.

(٢) في أكثر النسخ [ سلا عما أحببتما ].

١٠٥

صالح بن أحمد ، قال : حدثنا الحسن بن موسى بن زياد ، قال : حدثنا صالح بن حماد ، قال : حدثنا الحسن بن موسى الوشاء البغدادي ، قال : كنت بخراسان مع علي بن موسى الرضا عليهما‌السلام في مجلسه وزيد بن موسى حاضر قد أقبل على جماعة في المجلس يفتخر عليهم ويقول : نحن ونحن ، وأبو الحسن عليه‌السلام مقبل على قوم يحدثهم فسمع مقالة زيد فالتفت إليه فقال : يا زيد أغرك قول بقالي الكوفة أن فاطمة أحصنت فرجها فحرم الله ذريتها على النار؟ والله ما ذلك إلا للحسن والحسين وولد بطنها خاصة فأما إن يكون موسى بن جعفر عليهما‌السلام يطيع الله ويصوم نهاره ويقوم ليله وتعصيه أنت ثم تجيئان يوم القيامة سواء لأنت أعز على الله عزوجل منه (١). إن علي بن الحسين عليهما‌السلام كان يقول : لمحسننا كفلان من الاجر ولمسيئنا ضعفان من العذاب. وقال الحسن الوشاء : ثم التفت إلي فقال : يا حسن كيف تقرؤون هذه الآية « قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح (٢) » فقلت : من الناس من يقرء (٣) « إنه عمل غير صالح » ومنهم من يقرء (٤) « إنه عمل غير صالح » فمن قرء « إنه عمل غير صالح » نفاه عن أبيه. فقال عليه‌السلام : كلا لقد كان ابنه ولكن لما عصى الله عزوجل نفاه الله عن أبيه كذا من كان منا لم يطع الله عزوجل فليس منا وأنت إذا أطعت الله فأنت منا أهل البيت.

٢ ـ أبي ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن صالح ، عن محمد بن مروان ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام هل قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « إن فاطمة أحصنت فرجها فحرم الله ذريتها على النار »؟ قال : نعم ، عنى بذلك الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم.

٣ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، قال : حدثنا العباس بن معروف ، عن علي بن مهزيار ، عن الحسن بن علي الوشاء ، عن محمد بن قاسم بن الفضيل ، عن حماد بن عثمان ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام :

__________________

(١) حيث أدخلك الجنة بلا طاعة بل مع العصيان. ( م )

(٢) هود : ٤٦.

(٣) في بعض النسخ [ يقرؤها ].

(٤) في بعض النسخ [ يقرؤها ].

١٠٦

جعلت فداك ، ما معنى قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « إن فاطمة أحصنت فرجها فحرم الله ذريتها على النار »؟ فقال : المعتقون من النار هم ولد بطنها : الحسن ، والحسين ، وزينب ، وأم كلثوم.

٤ ـ حدثنا أبي ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدثنا محمد بن يحيى العطار ، عن الحسين ابن إسحاق التاجر ، عن علي بن مهزيار ، عن الحسن بن سعيد ، عن محمد بن الفضيل ، عن الثمالي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : لا يقدر (١) أحد يوم القيامة بأن يقول : يا رب لم أعلم أن ولد فاطمة هم الولاة وفي ولد فاطمة أنزل الله هذه الآية خاصه « يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم (٢) ».

( باب )

* ( معنى ما روى في فاطمة عليها‌السلام أنها سيدة نساء العالمين ) *

١ ـ حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن المفضل بن عمر قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أخبرني عن قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في فاطمة : « أنها سيدة نساء العالمين » أهي سيدة نساء عالمها؟ فقال : ذاك لمريم كانت سيدة نساء عالمها ، وفاطمة سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين.

( باب )

* ( معنى الأمانات التي أمر الله عزوجل عباده بأدائها إلى أهلها ) *

١ ـ حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، قال : حدثني أبي ، عن جده أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه محمد بن خالد ، عن يونس بن عبد الرحمن ، قال : سألت موسى بن جعفر عليهما‌السلام عن قول الله عزوجل : « إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات

__________________

(١) في بعض النسخ [ لا يعذر ] وهو الأظهر. ( م )

(٢) الزمر : ٥٤.

١٠٧

إلى أهلها (١) » فقال : هذه مخاطبة لنا خاصة أمر الله تبارك وتعالى كل إمام منا أن يؤدي إلى الامام الذي بعده ويوصي إليه ثم هي جارية في سائر الأمانات. ولقد حدثني أبي ، عن أبيه أن علي بن الحسين عليهما‌السلام قال لأصحابه : عليكم بأداء الأمانة فلو أن قاتل أبي الحسين بن علي عليهما‌السلام ائتمنني على السيف الذي قتله به لأديته إليه.

( باب )

* ( معنى الأمانة التي عرضت على السماوات والأرض والجبال فأبين ) *

* ( أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان ) *

١ ـ حدثنا أحمد بن محمد بن الهيثم العجلي ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال ، حدثنا أبو العباس أحمد ين يحيى بن زكريا القطان ، قال : حدثنا أبو محمد بكر بن عبد الله بن حبيب ، قال : حدثنا تميم بن بهلول ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن المفضل بن عمر ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : إن الله تبارك وتعالى خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام ، فجعل أعلاها وأشرفها أرواح محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة [ بعدهم ] صلوات الله عليهم فعرضها على السماوات والأرض والجبال فغشيها نورهم ، فقال الله تبارك وتعالى للسماوات والأرض والجبال : هؤلاء أحبائي ، وأوليائي ، وحججي على خلقي ، وأئمة بريتي ، ما خلقت خلقا هو أحب إلي منهم ، ولمن تولاهم خلقت جنتي ، ولمن خالفهم وعاداهم خلقت ناري ، فمن ادعى منزلتهم مني ومحلهم من عظمتي عذبته عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين وجعلته مع المشركين في أسفل درك من ناري ، ومن أقر بولايتهم ولم يدع منزلتهم مني ومكانهم من عظمتي جعلته معهم في روضات جناتي ، (٢) وكان لهم فيها ما يشاؤون عندي ، وأبحتهم كرامتي ، وأحللتهم جواري ، وشفعتهم في المذنبين من عبادي وإمائي ، فولايتهم أمانة عند خلقي فأيكم يحملها بأثقالها ويدعيها لنفسه دون خيرتي؟ فأبت السماوات والأرض والجبال أن يحملنها وأشفقن من ادعاء منزلتها وتمني محلها من عظمة ربها ،

__________________

(١) النساء : ٥٨.

(٢) في بعض النسخ [ جناني ].

١٠٨

فلما أسكن الله عزوجل آدم وزوجته الجنة قال لهما : « كلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة ـ يعني شجرة الحنطة ـ فتكونا من الظالمين (١) » فنظرا إلى منزلة محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة بعدهم صلوات الله عليهم فوجداها أشرف منازل أهل الجنة ، فقالا : يا ربنا لمن هذه المنزلة؟ فقال الله جل جلاله : ارفعا رؤوسكما إلى ساق عرشي فرفعا رؤوسهما فوجدا اسم محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة بعدهم صلوات الله عليهم مكتوبة على ساق العرش بنور من نور الجبار جل جلاله ، فقالا : يا ربنا ما أكرم أهل هذه المنزلة عليك ، وما أحبهم إليك ، وما أشرفهم لديك! فقال الله جل جلاله : لولا هم ما خلقتكما ، هؤلاء خزنة علمي ، وأمنائي على سري ، إياكما أن تنظرا إليهم بعين الحسد وتتمنيا منزلتهم عندي ومحلهم من كرامتي فتدخلا بذلك في نهيي وعصياني فتكونا من الظالمين! قالا : ربنا ومن الظالمون؟ قال : المدعون لمنزلتهم بغير حق. قالا : ربنا فأرنا منازل (٢) ظالميهم في نارك حتى نراها كما رأينا منزلتهم في جنتك. فأمر الله تبارك وتعالى النار فأبرزت جميع ما فيها من ألوان النكال والعذاب وقال عزوجل : مكان الظالمين لهم المدعين لمنزلتهم في أسفل درك منها كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وكلما نضجت جلودهم بدلوا (٣) سواها ليذوقوا العذاب يا آدم ويا حواء لا تنظرا إلى أنواري وحججي بعين الحسد فأهبطكما عن جواري وأحل بكما هواني ، فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما وقال : ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين فدلاهما بغرور وحملهما على تمنى منزلتهم فنظرا إليهم بعين الحسد فخذلا حتى أكلا من شجرة الحنطة فعاد مكان ما أكلاه شعيرا فأصل الحنطة كلها مما لم يأكلاه وأصل الشعير كله مما عاد مكان ما أكلاه ، فلما أكلا من الشجرة طار الحلي والحلل عن أجسادهما وبقيا عريانين و طفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما : إن الشيطان لكما عدو مبين؟ فقالا : ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا

__________________

(١) البقرة : ٣٣.

(٢) في بعض النسخ [ منزلة ].

(٣) في بعض النسخ [ بدلناهم ].

١٠٩

لنكونن من الخاسرين ، قال : اهبطا من جواري فلا يجاورني في جنتي من يعصيني فهبطا موكولين إلى أنفسهما في طلب المعاش ، فلما أراد الله عزوجل أن يتوب عليهما جاءهما جبرئيل فقال لهما : إنكما إنما ظلمتما أنفسكما بتمني منزلة من فضل عليكما فجزاؤكما ما قد عوقبتما به من الهبوط من جوار الله عزوجل إلى أرضه فسلا ربكما بحق الأسماء التي رأيتموها على ساق العرش حتى يتوب عليكما ، فقالا ، اللهم إنا نسألك بحق الأكرمين عليك محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة عليهم‌السلام إلا تبت علينا ورحمتنا فتاب الله عليهما إنه هو التواب الرحيم فلم يزل أنبياء الله بعد ذلك يحفظون هذه الأمانة ويخبرون بها أوصياءهم والمخلصين من أممهم فيأبون حملها ويشفقون من ادعائها وحملها الانسان الذي قد عرف ، فأصل كل ظلم منه إلى يوم القيامة ، وذلك قول الله عزوجل : « إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان إنه كان ظلوما جهولا (١) ».

٢ ـ حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن مروان بن مسلم ، عن أبي بصير ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : « إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان إنه كان ظلوما جهولا » قال : الأمانة : الولاية ، والانسان : أبو الشرور المنافق.

٣ ـ حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني ، قال : حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن علي بن معبد ، عن الحسين بن خالد ، قال : سألت أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليهم‌السلام عن قول الله عزوجل : « إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها ـ الآية ـ » فقال : الأمانة : الولاية ، من ادعاها بغير حق كفر.

__________________

(١) الأحزاب : ٧٢. قال العلامة المجلسي ـ رحمه‌الله ـ : لا يتوهم أن آدم عليه‌السلام صار بتمني منزلتهم من الظالمين المدعين لمنزلتهم على الحقيقة حتى يستحق بذلك أليم النكال فان عده من الظالمين في هذا الخبر نوع من التجوز فان من تشبه بقوم فهو منهم وتشبهه عليه‌السلام التمني ومخالفة الامر الندبي لا في ادعاء المنزلة ـ إلى آخر كلامه ـ في المجلد الخامس من البحار ص ٤٧.

١١٠

( باب )

* ( معنى البئر المعطلة والقصر المشيد ) *

١ ـ حدثنا محمد بن إبراهيم بن أحمد بن يونس الليثي ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي ، قال : حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال ، عن أبيه ، عن إبراهيم ابن زياد ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : « وبئر معطلة وقصر مشيد (١) » قال : البئر المعطلة : الامام الصامت ، والقصر المشيد : الامام الناطق. (٢)

٢ ـ حدثنا أبي ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا أحمد بن إدريس ، عن محمد بن أحمد بن يحيى عن علي بن السندي ، عن محمد بن عمرو ، عن بعض أصحابنا ، عن نصر بن قابوس قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : « وبئر معطلة وقصر مشيد » قال : البئر المعطلة : الامام الصامت ، والقصر المشيد : الامام الناطق.

٣ ـ حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود ، عن أبيه ، عن إسحاق بن محمد ، قال أخبرني محمد بن الحسن ابن شمون ، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم ، عن عبد الله بن القاسم البطل (٣) عن صالح ابن سهل أنه قال : أمير المؤمنين عليه‌السلام هو القصر المشيد والبئر المعطلة فاطمة وولدها معطلين من الملك

__________________

(١) الحج : ٤٤.

(٢) قال الفيض ـ رحمه‌الله ـ : إنما كنى عن الامام الصامت بالبئر لأنه منبع العلم الذي هو سبب حياة الأرواح مع خفائه الأعلى من أتاه كما أن البئر منبع الماء الذي هو سبب حياة الأبدان مع خفائها الأعلى من أتاها ، وكنى عن صمته بالتعطيل لعدم الانتفاع بعلمه ، وكنى عن الامام الناطق بالقصر المشيد لظهوره وعلو منصبه وإشادة ذكره ، وورد في قوله : « وبئر معطلة » أي وكم من عالم لا يرجع إليه ولا ينتفع بعلمه.

(٣) عبد الله بن القاسم البطل واقفي يرمى بالغلو والكذب وقالوا : لا خير فيه. والخبر مقطوع هكذا في جميع النسخ.

١١١

وقال محمد بن الحسن بن أبي خالد الأشعري الملقب بشنبولة : (١)

بئر معطلة وقصر مشرف

مثل لآل محمد مستطرف

فالناطق القصر المشيد منهم

والصامت البئر التي لا تنزف (٢)

 ( باب )

* ( معنى طوبى ) *

١ ـ حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود ، عن أبيه محمد بن مسعود العياشي ، عن جعفر بن أحمد (٣) عن العمركي البوفكي ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن مروان بن مسلم ، عن أبي بصير قال : قال الصادق عليه‌السلام طوبى لمن تمسك بأمرنا في غيبة قائمنا فلم يزغ قلبه بعد الهداية. فقلت له : جعلت فداك وما طوبى؟ قال : شجرة في الجنة أصلها في دار علي بن أبي طالب عليه‌السلام وليس مؤمن إلا وفي داره غصن من أغصانها ، وذلك قول الله عزوجل : « طوبى لهم وحسن مآب (٤) ».

( باب )

* ( إخفاء الله عزوجل أربعة في أربعة ) *

١ ـ حدثنا محمد بن علي ماجيلويه ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال حدثنا (٥) عمي محمد بن أبي القاسم ، عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي ، عن القاسم بن يحيى ، عن جده الحسن بن راشد ، عن أبي بصير ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه‌السلام ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علي ، عن أبيه علي بن أبي طالب عليهما‌السلام أنه قال : إن الله تبارك وتعالى أخفى أربعة في أربعة : أخفى رضاه في طاعته فلا تستصغرن شيئا من

__________________

(١) شنبولة ـ بضم الشين وسكون النون وضم الباء الموحدة وسكون الواو من الشنبلة.

(٢) في هامش بعض النسخ :

فالقصر مجدهم الذي لا يرتقى

والبئر علمهم الذي لا ينزف

(٣) في بعض النسخ [ جعفر بن محمد ] والرجل يعرف بابن التاجر والاختلاف أيضا مذكور في كتب الرجال.

(٤) الرعد : ٢٨.

(٥) في بعض النسخ [ حدثني ].

١١٢

طاعته فربما وافق رضاه وأنت لا تعلم ، وأخفى سخطه في معصيته فلا تستصغرن شيئا من معصيته فربما وافق سخطه وأنت لا تعلم ، وأخفى إجابته في دعوته فلا تستصغرن شيئا من دعائه فربما وافق إجابته وأنت لا تعلم ، وأخفى وليه في عباده فلا تستصغرن عبدا من عباد الله (١) فربما يكون وليه وأنت لا تعلم.

( باب )

* ( معنى الأسطوانة التي رآها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في ) *

* ( [ ليلة ] المعراج أصلها من فضة بيضاء ووسطها من ياقوت [ ـة ] ) *

* ( وزبرجد وأعلاها [ من ] ذهبة حمراء ) *

١ ـ حدثنا أبي ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدثنا عبد الله بن الحسن المؤدب ، عن أحمد بن علي الأصبهاني ، عن إبراهيم بن محمد ، قال : أخبرنا الحكم بن سليمان ، قال : حدثنا (٢) يحيى بن يعلي الأسلمي ، عن الحسين بن زيد الجزري (٣) ، عن شداد البصري عن عطاء بن أبي رباح ، عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما عرج بي إلى السماء إذا أنا بأسطوانة أصلها من فضة بيضاء ووسطها من ياقوت [ ة ] وزبرجد ، وأعلاها من ذهبة حمراء؟ فقلت : يا جبرئيل ما هذه؟ فقال : هذا دينك أبيض واضح مضئ. قلت : وما هذه وسطها؟ قال : الجهاد. قلت : فما هذه الذهبة الحمراء؟ قال : الهجرة ، ولذلك علا إيمان علي عليه‌السلام على إيمان كل مؤمن (٤).

( باب )

* ( معنى النبوة ) *

١ ـ حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس العطار ، قال : حدثنا علي بن محمد

__________________

(١) في بعض النسخ [ عبيد الله ].

(٢) في بعض النسخ [ حدثني ].

(٣) في بعض النسخ [ الحزري ] وربما يقرء [ الخزري ].

(٤) لأنه أتى بجميعها على أحسن وجهها.

١١٣

ابن قتيبة ، عن حمدان بن سليمان ، عن أحمد بن فضلان قال : حدثنا سليمان بن جعفر المروزي ، عن ثابت بن أبي صفية (١) عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : قال أعرابي لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : السلام عليك يا نبيئ الله. قال : لست بنبيئ الله ولكني نبي الله.

النبوة لفظ مأخوذ من النبوة وهو ما ارتفع من الأرض فمعنى النبوة الرفعة و معنى النبي الرفيع ، سمعت ذلك من أبي بشر اللغوي بمدينة السلام.

( باب )

* ( معنى الشمس والقمر والزهرة والفرقدين ) *

١ ـ حدثنا أبو الحسن محمد بن عمر [ و ] بن علي بن عبد الله البصري ، قال : حدثنا أبو بكر عبد الله بن علي الكرخي ، قال : حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله ، قال : حدثنا أبي قال : حدثنا عبد الرزاق الصنعاني ، قال : حدثنا معمر ، عن الزهري ، عن أنس بن مالك قال : صلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله صلاة الفجر ، فلما انفتل من صلاته أقبل علينا بوجهه الكريم على الله عزوجل ثم قال : معاشر الناس من افتقد الشمس فليستمسك بالقمر ، ومن افتقد القمر فليستمسك بالزهرة ، فمن افتقد الزهرة فليستمسك (٢) بالفرقدين. ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا الشمس ، وعلي القمر ، وفاطمة الزهرة ، والحسن والحسين الفرقدان. وكتاب الله لا يفترقان حتى يردا علي الحوض.

٢ ـ حدثنا أبو الحسن محمد بن عمر [ و ] البصري ، قال : حدثنا أبو القاسم نصر بن الحسين الصفار النهاوندي بها ، قال : حدثنا أبو الفرج أحمد بن محمد بن خوزي السامري ، قال : حدثنا أبو بكر القاسم بن إبراهيم القنطري ، قال : حدثنا إبراهيم بن خالد الحلواني ، قال حدثنا محمد بن خلف العسقلاني ، قال : حدثنا محمد بن السري ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله ، قال. قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اقتدوا بالشمس فإذا غابت الشمس فاقتدوا

__________________

(١) الظاهر هو ثابت بن دينار أبو صفية الثمالي. وفى مشيخة الفقيه في طريق نعمان بن سعد « ثابت بن أبي صفية عن سعيد بن جبير ».

(٢) في بعض النسخ [ فليتمسك ] في جميع المواضع.

١١٤

بالقمر ، فإذا غاب القمر فاقتدوا بالزهرة فإذا غابت الزهرة فاقتدوا بالفرقدين فقالوا : يا رسول الله فما الشمس؟ وما القمر؟ وما الزهرة؟ وما الفرقدان؟ فقال : أنا الشمس ، و علي القمر ، والزهرة فاطمة ، والفرقدان الحسن والحسين.

حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الرحمن المقري قال : حدثنا أبو الحسن علي بن الحسن بن بندار ، قال : حدثنا أبو الحسن بن حيسون ، قال : حدثنا القاسم بن إبراهيم ، قال : حدثنا إبراهيم بن خالد الواسطي ، قال : حدثنا محمد بن خلف. قال : حدثنا عبد الله ابن السري ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : « اقتدوا بالشمس .. » ـ وذكر الحديث مثله سواء ـ.

٣ ـ حدثنا أبو علي أحمد بن أبي جعفر البيهقي ، قال : حدثنا علي بن جعفر المديني قال : حدثنا أبو جعفر المحاربي ، قال : حدثنا ظهير بن صالح العمري ، قال : حدثنا يحيى بن تميم ، قال : أخبرنا المعتمر بن سليمان ، عن أبيه ، عن يزيد الرقاشي ، عن أنس بن مالك قال : صلى بنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله صلاة الفجر فما انفتل من صلاته أقبل علينا بوجهه الكريم فقال : معاشر الناس من افتقد الشمس فليستمسك بالقمر ، ومن افتقد القمر فليستمسك بالزهرة ، ومن افتقد الزهرة فليستمسك بالفرقدين. قيل : يا رسول الله ما الشمس والقمر والزهرة والفرقدان؟ قال : أنا الشمس ، وعلي القمر ، وفاطمة الزهرة ، والحسن والحسين الفرقدان ، وكتاب الله لا يفترقان حتى يردا علي الحوض.

( باب )

* ( معنى الصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ) *

١ ـ حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الرحمن المقري ، قال : حدثنا أبو عمرو محمد بن جعفر المقري الجرجاني ، قال : حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن الموصلي ببغداد ، قال : حدثنا محمد بن عاصم الطريفي ، قال : حدثنا أبو زيد عياش بن يزيد بن الحسن بن علي الكحال مولى زيد بن علي ، قال : حدثنا أبي ـ يزيد بن الحسن ـ قال : حدثني موسى بن جعفر عليهما‌السلام

١١٥

قال : [ قال الصادق جعفر بن محمد عليهما‌السلام : ] من صلى على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فمعناه أني أنا على الميثاق والوفاء الذي قبلت حين قوله : ألست بربكم قالوا بلى.

( باب )

* ( معنى الوسيلة ) *

١ ـ حدثنا أبي ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، قال : حدثنا أحمد ابن محمد بن عيسى ، قال : حدثنا العباس بن معروف ، عن عبد الله بن المغيرة ، قال : حدثنا أبو حفص العبدي ، قال : حدثنا أبو هارون العبدي (١) ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا سألتم الله لي فسلوه الوسيلة. فسألنا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عن الوسيلة. فقال : هي درجتي في الجنة وهي ألف مرقاة ، ما بين المرقاة إلى المرقاة حضر (٢) الفرس الجواد شهرا وهي ما بين مرقاة جوهر إلى مرقاة زبرجد إلى مرقاة ياقوت إلى مرقاة ذهب إلى مرقاة فضة فيؤتى بها يوم القيامة حتى تنصب مع درجة النبيين فهي في درجة النبيين كالقمر بين الكواكب فلا يبقى يومئذ نبي ولا صديق ولا شهيد إلا قال : طوبى لمن كانت هذه الدرجة درجته. فيأتي النداء من عند الله عزوجل يسمع النبيين وجميع الخلق : هذه درجة محمد. فاقبل أنا يومئذ متزرا بريطة من نور على تاج الملك وإكليل الكرامة وعلي ابن أبي طالب أمامي وبيده لوائي وهو لواء الحمد مكتوب عليه « لا إله إلا الله ، المفلحون هم الفائزون بالله » فإذا مررنا بالنبيين قالوا : هذان ملكان مقربان لم نعرفهما ولم نرهما وإذا مررنا بالملائكة قالوا : نبيين مرسلين. حتى أعلو الدرجة وعلي يتبعني حتى إذا صرت في أعلى درجة منها وعلي أسفل مني بدرجة فلا يبقى يومئذ نبي ولا صديق ولا شهيد إلا قال : طوبى لهذين العبدين ما أكرمهما على الله تعالى! فيأتي النداء من قبل الله عزوجل يسمع النبيين والصديقين والشهداء والمؤمنين : هذا حبيبي محمد وهذا وليي علي ، طوبى لمن أحبه. وويل لمن أبغضه وكذب عليه. فلا يبقى يومئذ أحد أحبك يا علي إلا استروح إلى هذا الكلام وابياض وجهه وفرح قلبه ، ولا يبقى أحد ممن عاداك أو نصب لك حربا

__________________

(١) اسمه عمارة بن جوين وفى بعض النسخ [ أبى ، هارون ] فهارون عطف بيان له.

(٢) أي عدوه.

١١٦

أو جحد لك حقا إلا اسود وجهه واضطربت قدماه. فبينا أنا كذلك إذا ملكان قد أقبلا إلي أما أحدهما فرضوان خازن الجنة ، وأما الاخر فمالك خازن النار ، فيدنو رضوان فيقول : السلام عليك يا أحمد. فأقول : السلام عليك أيها الملك ، من أنت؟ فما أحسن وجهك وأطيب ريحك! فيقول : أنا رضوان خازن الجنة وهذه مفاتيح الجنة بعث بها إليك رب العزة فخذها يا أحمد. فأقول : قد قبلت ذلك من ربي فله الحمد على ما فضلني به [ ربي ] ادفعها إلى أخي علي بن أبي طالب [ فيدفع إلى علي ]. ثم يرجع رضوان فيدنو مالك فيقول : السلام عليك يا أحمد. فأقول : عليك السلام أيها الملك فما أقبح وجهك وأنكر رؤيتك! [ من أنت؟ ] فيقول : أنا مالك خازن النار وهذه مقاليد النار بعث بها إليك رب العزة فخذها يا أحمد. فأقول : قد قبلت ذلك من ربي فله الحمد على ما فضلني به ادفعها إلى أخي علي بن أبي طالب [ فيدفعها إليه ] ، ثم يرجع مالك ، فيقبل علي ومعه مفاتيح الجنة ومقاليد النار حتى يقف بحجزة جهنم (١) وقد تطاير شررها وعلا زفيرها واشتد حرها وعلي آخذ بزمامها فيقول له جهنم : جزني يا علي فقد أطفأ نورك لهبي فيقول لها علي : قري يا جهنم : خذي هذا واتركي هذا خذي عدوي واتركي وليي. فلجهنم يومئذ أشد مطاوعة لعلي من غلام أحدكم لصاحبه ، فان شاء يذهبها يمنة وإن شاء يذهبها يسرة ، ولجهنم يومئذ أشد مطاوعة لعلي فيما يأمرها به من جميع الخلائق.

( باب )

* ( معنى الحرمات الثلاث ) *

١ ـ حدثنا أبي ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري ، قال : حدثني محمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني ، قال : حدثني يونس بن عبد الرحمن ، عن عبد الله ابن سنان عن الصادق جعفر بن محمد عليهما‌السلام أنه قال : إن لله عزوجل حرمات ثلاث ليس

__________________

(١) في بعض النسخ [ حتى يقف على عجز جهنم ] وفى بعضها بدل « عجز » « عجزة ».

١١٧

مثلهن شئ : كتابه وهو حكمته ونوره ، وبيته الذي جعله قبلة (١) للناس لا يقبل من أحد توجها إلى غيره ، وعترة نبيكم صلى‌الله‌عليه‌وآله.

( باب )

* ( معنى عقوق الأبوين والإباق من الموالي وضلال الغنم عن الراعي ) *

١ ـ حدثنا أبو محمد عمار بن الحسين ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدثنا علي بن محمد بن عصمة ، قال : حدثنا أحمد بن محمد الطبري بمكة ، قال : حدثنا محمد بن الفضل ، عن محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب (٢) القرشي ، عن ابن سليمان ، عن حميد الطويل ، عن أنس بن مالك ، قال : كنت عند علي بن أبي طالب عليه‌السلام في الشهر الذي أصيب فيه وهو شهر رمضان فدعا ابنه الحسن عليه‌السلام ثم قال : يا أبا محمد اعل المنبر فاحمد الله كثيرا ، وأثن عليه ، واذكر جدك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بأحسن الذكر ، وقل : لعن الله ولدا عق أبويه ، لعن الله ولدا عق أبويه ، لعن الله ولدا عق أبويه ، لعن الله عبدا أبق من مواليه ، لعن الله غنما ضلت عن الراعي وانزل. فلما فرغ من خطبته ونزل اجتمع الناس إليه فقالوا : يا ابن أمير المؤمنين وابن بنت رسول الله نبئنا [ الجواب ] فقال : الجواب على أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فقال أمير المؤمنين : إني كنت مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في صلاة صلاها فضرب بيده اليمنى إلى يدي اليمنى فاجتذبها فضمها إلى صدره ضما شديدا ثم قال لي : يا علي ، قلت : لبيك يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : أنا وأنت أبوا هذه الأمة ، فلعن الله من عقنا ، قل : آمين ، قلت : آمين. ثم قال : أنا وأنت موليا هذه الأمة فلعن الله من أبق عنا ، قل : آمين ، قلت : آمين ، ثم قال : أنا وأنت راعيا هذه الأمة فلعن الله من ضل عنا ، قل : آمين ، قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : وسمعت قائلين يقولان معي : « آمين » فقلت : يا رسول الله ومن القائلان معي « آمين »؟ قال : جبرئيل وميكائيل عليهما‌السلام.

__________________

(١) في بعض النسخ [ قياما ].

(٢) هو محمد بن عبد الملك بن محمد أبى الشوارب الأموي البصري عنونه ابن حجر في التقرب.

١١٨

( باب )

* ( معنى قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله « أنا الفتى ، ابن الفتى ، ) *

* ( أخو الفتى ) *

١ ـ حدثنا الحسن بن أحمد بن إدريس ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : حدثنا أبي عن محمد ابن الحسين بن أبي الخطاب ، ويعقوب بن يزيد ، ومحمد بن أبي الصهبان جميعا ، عن محمد بن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده عليهم‌السلام ، قال : إن أعرابيا أتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فخرج إليه في رداء ممشق (١) ، فقال : يا محمد لقد خرجت إلي كأنك فتى. فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : نعم يا أعرابي أنا الفتى ، ابن الفتى ، أخو الفتى. فقال : يا محمد أما الفتى فنعم ، وكيف ابن الفتى وأخو الفتى؟ فقال : أما سمعت الله عزوجل يقول : « قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم (٢) » فأنا ابن إبراهيم ، وأما أخو الفتى فإن مناديا نادى في السماء يوم أحد لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي ، فعلي أخي وأنا أخوه.

( باب )

* ( معنى الفتوة والمروءة ) *

١ ـ أبي ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمد بن خالد البرقي ، عن أبي قتادة القمي رفعه إلى أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : تذاكرنا أمر الفتوة عنده فقال : أتظنون أن الفتوة بالفسق والفجور؟! إنما المروءة والفتوة طعام موضوع ، ونائل مبذول ، وبر معروف ، وأذى مكفوف. واما تلك فشطارة وفسق (٣). ثم قال : ما المروءة؟ قلنا : لا نعلم. قال : المروءة والله أن يضع الرجل خوانه في فناء داره.

__________________

(١) ثوب ممشق : مصبوغ بالمشق وهو طين أحمر يستعمل للصبغ.

(٢) الأنبياء : ٦١.

(٣) الشطارة ـ من باب شرف يشرف ـ الاتصاف بالدهاء والخباثة.

١١٩

( باب )

* ( معنى أبى تراب ) *

١ ـ [ أبي ـ رحمه‌الله ـ قال : حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن محمد بن خالد البرقي ، عن أبي قتادة القمي رفعه إلى أبي عبد الله عليه‌السلام و ] حدثنا أحمد بن الحسن القطان العدل ، قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان ، قال : حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب ، قال : حدثنا تميم بن بهلول ، عن أبيه ، قال : حدثنا أبو الحسن العبدي ، عن سليمان بن مهران ، عن عباية بن ربعي ، قال : قلت : لعبد الله بن العباس لم كنى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عليا عليه‌السلام أبا تراب؟ قال : لأنه صاحب الأرض ، وحجة الله على أهلها بعده ، وبه بقاؤها وإليه سكونها ، ولقد سمعت رسول الله عليه وآله يقول : إذا كان يوم القيامة ورأي الكافر ما أعد الله تبارك وتعالى لشيعة علي من الثواب والزلفى والكرامة قال : يا ليتني كنت ترابا. (١) أي يا ليتني كنت من شيعة علي. وذلك قول الله عزوجل : « ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا » (٢).

( باب )

* ( معنى قول أمير المؤمنين عليه‌السلام « أنا زيد بن عبد مناف بن عامر ) *

* ( بن عمرو بن المغيرة بن زيد بن كلاب » ) *

١ ـ حدثنا علي بن عيسى المجاور ـ رضي‌الله‌عنه ـ في مسجد الكوفة قال : حدثنا علي بن محمد بن بندار ، عن أبيه ، عن محمد بن علي المقري ، عن محمد بن سنان ، عن مالك ابن عطية ، عن ثوير بن سعيد ، عن أبيه ، سعيد بن علاقة ، عن الحسن البصري ، قال : صعد أمير المؤمنين عليه‌السلام منبر البصرة فقال : أيها الناس انسبوني ، فمن عرفني فلينسبني وإلا فأنا انسب نفسي. أنا زيد بن عبد مناف بن عامر بن عمرو بن المغيرة بن زيد بن كلاب.

__________________

(١) في أكثر النسخ [ ترابيا ].

(٢) النبأ : ٤٠.

١٢٠