الرسائل العشر

أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطّوسي [ شيخ الطائفة ]

الرسائل العشر

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطّوسي [ شيخ الطائفة ]


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٦٠

كتاب الجهاد

الجهاد فرض من فرائض (١) الإسلام ، وهو فرض على الكفاية إذا قام (٢) به البعض سقط (٣) عن الباقين.

وشرائط وجوبه سبعة :

١ ـ ٥ ـ الذكورة ، والبلوغ وكمال العقل ، والصحة ، والحرية.

٦ ـ وأن لا يكون شيخا ليس به (٤) قيام.

٧ ـ ويكون هناك إمام عادل (٥) أو من نصبه الإمام للجهاد.

فإذا (٦) اختل واحد من هذه الشروط سقط فرضه [ ولم يسقط الاستحباب س خ ].

والمرابطة مستحبة.

وحدها ثلاثة أيام إلى أربعين يوما ، فإن (٧) زاد على ذلك كان جهادا.

ويجب بالنذر [ أيضا ص ].

١ ـ فصل : في أصناف من يجاهد من الكفار

[ س من يجاهد من ] الكفار على ضربين :

__________________

١ ـ ( ص ) : الفرائض الإسلام!

٢ ـ ( ص ) : أقام!

٣ ـ ( ك ) : يسقط.

٤ ـ ( ك ) : به حراك ، ( س ) : لا حراك به.

٥ ـ ( ص ) : عدل.

٦ ـ ( ص ) : فإذ!.

٧ ـ ( س ) : وما زاد.

٢٤١

١ ـ ضرب يقاتلون إلى أن يسلموا أو يقتلوا أو يقبلوا الجزية.

وهم ثلاث فرق : اليهود ، والنصارى ، والمجوس :

٢ ـ والآخر لا يقبل منهم الجزية ، ويقاتلون حتى يسلموا أو يقتلوا (٨) : وهم كل من عدا الثلاث (٩) الفرق المذكورين.

وإذا قبلوا الجزية فليس لها حد محدود ، بل يأخذها الإمام على حسب ما يراه : إما أن يضعها على رؤوسهم أو أراضيهم (٠١) ، ولا يجمع بينهما ، ويزيد وينقص حسب ما يراه.

[ س ك فإن وضعها ] على أراضيهم فأسلموا سقطت (١١) عنهم الجزية ، وأخذ من الأرض العشر أو نصف العشر ، وتكون أملاكا (١٢) لهم.

ومتى وجبت عليهم الجزية فأسلموا سقطت عنهم الجزية.

ولا يؤخذ الجزية من أربعة (١٣).

١ ـ ٤ ـ الصبيان ، والمجانين ، والبله ، والنساء.

ولا يبتدؤن بالقتال إلا بعد أن يدعوا إلى الإسلام : من التوحيد ، والعدل ، والقيام بأركان الإسلام

فإذا (١٤) أبوا ذلك كله أو شيئا منه حل قتالهم.

ويكون [ الداعي س ] الإمام أو من يأمره الإمام.

وشرائط الذمة خمسة :

١ ـ قبول الجزية.

٢ ـ ٥ ـ وأن لا يتظاهروا بأكل لحم الخنزير ، وشرب الخمر ، والزنا ، ونكاح (١٥) المحرمات.

فإن خالفوا شيئا من ذلك خرجوا من الذمة.

__________________

٨ ـ ( ص ) : أو يقيلوا.

٩ ـ ( ص ) : عدا. بتشديد الدال! ( ك وص ) : الثلاث فرق.

١٠ ـ ( ك وص ) : أرضيهم ، وكذا فيما بعدها.

١١ ـ ( ك ) : سقط.

١٢ ـ ( ك ) : ملكا.

١٣ ـ ( ك ) : أربع.

١٤ ـ ( س ) : فإن.

١٥ ـ ( ص ) : والنكاح!

٢٤٢

ومن أسلم في دار الحرب كان إسلامه حقنا لدمه ولولده الصغار من ويجوز قتال أهل الشرك بساير أنواع القتال ، إلا إلقاء السم في بلادهم.

السبي ، ولماله من الأخذ (١٦) ما (١٧) يمكن نقله إلى (١٨) بلاد الإسلام ، فأما ما لا يمكن نقله [ إلى بلد الإسلام ص ] فهو جملة الغنائم وذلك مثل الأرضين والعقارات.

فصل في ذكر الغنيمة والفئ وكيفية قسمتهما (١٩)

جميع ما يغنم من بلاد الشرك يخرج منه الخمس فيفرق في أهله الذين ذكرناهم في كتاب الزكاة.

والباقي على ضربين :

فما حواه العسكر [ س للمقاتلة خاصة وما لم يحوه العسكر ]

فلجميع المسلمين : وهو الأرضون ، والعقارات.

والذراري والسبايا للمقاتلة خاصة.

ويلحق بالذراري من لم ينبت ، ومن أنبت أو علم بلوغه ألحق بالرجال.

والأربعة الأخماس (٢٠) تقسم بين المقاتلة ومن حضر القتال قاتل أو لم يقاتل.

ويلحق الصبيان بهم ، ومن يولد في تلك الحال قبل القسمة.

ومن يلحقهم لمعونتهم وقد انقضى (٢١) القتال قبل قسمة الغنيمة (٢٢) يشاركهم (٢٣) فيها

وتقسم الغنيمة بينهم بالسوية ولا يفضل واحد [ منهم ص ] على الآخر.

ومن كان له فرس فله سهم ، ولفرسه سهم ، وللراجل سهم واحد.

__________________

١٦ ـ ( ص ) : الآخر!

١٧ ـ ( ك ) : مما.

١٨ ـ ( ك وص ) : بلد الإسلام.

١٩ ـ ( ك وص ) : قسمتها.

٢٠ ـ ( ص ) : أخماس.

٢١ ـ ( ص ) : انقض!

٢٢ ـ ( س ) : قبل القسمة للغنيمة.

٢٣ ـ ( ك ) : شاركهم.

٢٤٣

فإن كان معه أفراس جماعة أعطى سهم (٢٤) فرسين.

وما يغنم في المراكب يقسم كما [ يقسم ما ص ] يغنم في البر : للفارس سهمان ، وللراجل (٢٥) سهم [ واحد ص س ].

والأسارى على ضربين :

١ ـ ضرب يؤسرون قبل أن يضع الحرب أوزارها فمن هذه صورته فلا يجوز استبقاؤهم (٢٦) ، والإمام مخير بين شيئين : [ س ك بين ] أن يضرب رقابهم ، أويقطع أيديهم وأرجلهم ويتركهم (٢٧) حتى ينزفوا.

٢ ـ والآخر من يؤسر بعد انقضاء الحرب ، والإمام مخير فيه بين ثلاثة أشياء : إما أن يمن عليه فيطلقه ، أو يستعبده ، أو يفاديه.

٣ ـ فصل في أحكام [ أهل س ك ] البغي

من قاتل إماما عادلا فهو باغ وجب جهاده على كل من يستنهضه الإمام ، ولا يجوز قتالهم إلا بأمر الإمام ، وإذا قوتلوا (٢٨) لم يرجع عنهم إلى أن يفيؤوا إلى الحق.

وهم على ضربين :

أحدهما لهم فئة يرجعون إليها (٢٩) ، فإذا (٣٠) كان كذلك جاز أن يجاز (٣١) على جريحهم ، ويتبع مدبرهم ، ويقتل أسيرهم.

والآخر لا يكون لهم فئة ، فمن كان كذلك لا يجاز (٣٢) على جريحهم ، ولا يتبع مدبرهم ، ولا يقتل أسيرهم.

__________________

٢٤ ـ ( س ) : منهم!

٢٥ ـ ( ص ) : للرجل!

٢٦ ـ ( ك ) : استسقائهم!

٢٧ ـ ( س ) : ويتركوا.

٢٨ ـ ( ص ) : قتلوا!

٢٩ ـ ( ص ) : إليه!

٣٠ ـ ( ك ) : فإذا.

٣١ ـ ( س ) : يجهز.

٢٤٤

ولا يجوز سبي ذراري الفريقين على [ كل س ] حال.

والمحارب كل من أظهر السلاح في بر أو بحر أو سفر أو حضر ، فإنه يجوز قتاله على وجه الدفاع عن النفس والمال (٣٣) ، فإذا (٣٤) أدى ذلك إلى قتلهم لم يكن على الدافع شئ.

وتفصيل هذه الأبواب وشرحها وفروعها قد استوفيناه في النهاية ، وفي تهذيب الأحكام.

٤ ـ فصل في ذكر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

وهما فرضان من فرائض الأعيان عند شروط.

فالأمر بالمعروف ينقسم قسمين : واجب ، ومندوب.

فالأمر بالواجب واجب ، والأمر بالمندوب مندوب.

والنهي عن المنكر كله واجب ، لأنه كله قبيح وشرايط وجوبهما (٣٥) ثلاثة.

١ ـ أن يعلم المعروف معروفا والمنكر منكرا.

٢ ـ ويجوز تأثير إنكاره.

٣ ـ ولا يكون [ فيه ص ك ] مفسدة.

ويدخل في هذا (٣٦) القسم أن لا يؤدي إلى ضرر في نفسه أو [ في ك ] غيره أو ماله ، لأن كل ذلك مفسدة.

وهما ينقسمان ثلاثة أقسام : باليد ، واللسان ، والقلب.

فمن أمكنه الجميع وجب عليه جميعه.

[ ك فإن لم يمكنه الجميع وجب عليه باليد ].

فإن لم يمكنه باليد وجب بالقلب واللسان (٣٧).

__________________

٣٢ ـ ( س ) : لا يجهز.

٣٣ ـ ( ص ) : أو المال.

٣٤ ـ ( س ) : فإن.

٣٥ ـ ( ص ) : وجوبها.

٣٦ ـ ( ص ) : هذه!

٣٧ ـ ( س ) : باللسان والقلب.

٢٤٥

فإن لم يمكن (٣٨) باللسان فبالقلب.

وأمثلة ذلك بيناها في النهاية.

فهذه جمل [ س ك قد ] لخصناها وعقدناها في كل كتاب على غاية جهدنا وطاقتنا ، ونرجوا أن يكون الانتفاع لمن ينعم النظر فيها ، وأن يجعل الله تعالى ذلك لوجهه خالصا (٣٩) ويجازينا عنه بأحسن جزائه إنه ولي ذلك والقادر عليه [ ك وهو بفضله يسمع ويجيب ] والحمد لله رب العالمين وصلواته على محمد وآله أجمعين (٤٠).

__________________

٣٨ ـ ( ك ) : لم يمكنه.

٣٩ ـ ( س ) : خالصا لوجهه.

٤٠ ـ ( ك ) : وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين ( س ) : والحمد لله وحده وصلاته وسلامه على خير خلقه محمد النبي وآله الطاهرين

٢٤٦

مصادرنا في تصحيح كتاب الجمل والعقود

اعتمدنا في تصحيح الكتاب على ثلاث نسخ خطية ، وهي كالآتي :

١ ـ نسخة خطية كانت للحاج عبد الحميد المولوي ثم انتقلت إلى مكتبة كلية الإلهيات بمشهد. كانت قد ابتلت بالماء وأكلها العث وهي مع كتاب المراسم لصاحبها سلار بن عبد العزيز الديلمي كلاهما بخط الحسين بن أحمد المشاط المتعلم الآملي وقد فرغ من كتابة الجمل والعقود ظهر يوم الأربعاء منتصف ذي القعدة عام ٦٩١ ه‍ ، ومن كتابة المراسم ، في أواخر جمادي الأولى عام ٦٩٦ اعتمدنا على هذه النسخة وجعلناها كالأصل ، وذلك لقد مها وصحتها نسبيا ، على أنها لا تخلو عن بعض الأغلاط الإملائية وغيرها في المتن أو الحواشي مما يدل على أن الكاتب لم يكن على مستوى علمي جيد ، فكتب عبارات فارسية وعربية وروايات في الهامش بمناسبة وبغير مناسبته ورمزنا لهذه النسخة ب‍ ( ص )

٢ ـ نسخة فتوغرافية عن نسخة خطية كانت بخط أحمد بن عبد الحي التبريزي التي فرغ من كتابتها في يوم الأحد رابع ذي القعدة من عام ٧٨٩ ه‍ وهذه النسخة صحيحة إلى حد كبير ، ولكنها عارية عن علامة البلاغ والتصحيح ، ومفقود منها مقدار صفحتين أشرنا إليهما في محلهما من الكتاب. وقد قال ناشر هذه النسخة الحاج محمد الرمضاني أنها كانت مضافة إلى رسالة « الفخرية » للشيخ فخر الدين ابن العلامة الحلي ، وكان معاصرا للكاتب. وقد رمزنا لهذه النسخة ب‍ ( ك )

٣ ـ نسخة المكتبة الرضوية المنضمة إلى نسخة من « مسائل الخلاف » للشيخ الطوسي ، كلاهما بخط محمد بن علي بن محمد بن يوسف بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله البحراني ، الذي كان يسكن « عين الدار. »

وقد نص الكاتب في آخر نسخة « الجمل والعقود » على أنه كتب إلى ما قبل « فصل في

٢٤٧

ذكر أقسام الصوم » قبل تاريخ ٢٨ رجب عام ١٠٦٧ ه‍ من نسخة واحدة ، وكتب البقية في نفس الوقت من نسختين. ويفهم من حاشية « فصل في ذكر أقسام الصوم » أنه قابل القسم الأول أيضا مع هاتين النسختين. وقد رمزنا لها ب‍ ( س )

أما كتاب مسائل الخلاف من هذه النسخة فقد نص الكاتب في أوله على أنه قد حرر في ٢٩ ذي الحجة سنة ١٠٦٠ ه‍ ، وفي نهاية الجزء الأول ، أنه فرغ منه في عصر يوم الثلاثاء ١٤ رمضان من تلك السنة ، وفي أول الجزء الثاني أنه فرغ منه في ١٥ جمادي الأولى عام ١٠٦٢ ه‍ وفي نهاية هذا الجزء أنه فرغ منه في صبح يوم السبت ١٥ ذي الحجة من سنة ١٠٦١ ه‍ ، وهو مع ذلك يعين في جميع هذه المواضع ، موضع الشمس في الأبراج.

وهذه النسخة من الخلاف في نهاية الصحة والاتقان ولعلها أصح النسخ الموجودة ، وكان الكاتب من علماء البحرين ، وبقيت النسخة في ذريته بالوراثة وقد قيدوا تملكهم لها على ظهر الكتاب ، منهم يوسف بن محمد بن علي ، ومحمد بن يوسف العين الداري ، ويوسف بن محمد الذي هو ولد الكاتب ، وقد قابلها بنهاية الدقة والطاقة عام ١١٠٧ على نسخة أخرى.

٢٤٨

٢٤٩

٢٥٠

٢٥١

٢٥٢

تحريم الفقاع

٢٥٣
٢٥٤

بسم الله الرحمن الرحيم

مسألة تحريم الفقاع إملاء سيدنا الشيخ الأجل أبي جعفر محمد بن الحسن بن على الطوسي رحمه‌الله. (١)

الحمد لله رب العالمين والصلاة على خير خلقه محمد وآله الطاهرين الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.

جرت مسألة بالحضرة العادلة القاهرة المنصورة ولية النعم الوزيرية السلطانية شيد الله أركانها وأعلى بنيانها وبسط سلطانها ونشر راياتها وكبت أعداء دولتها وجاري (٢) نعمها كهف أهل العلم وملجأ أهل الفضل الذي قويت الآمال بأيامها وانتشرت النعم (٣) بحسن رعايتها فلا زالت أيامها نضرة (٤) وانعامها (٥) متبعة حتى يبلغها غاية الآمال ويعمرها أفسخ الآجال انه ولى ذلك والقادر عليه في تحريم الفقاع على مذهب أصحابنا وتشددهم في شربه وإلحاقهم إياه بالخمر المجمع على تحريمها وقلت في الحال ما حضرني وذكرت ما قال صاحبنا (٦) فيه.

وسنح لي فيما بعد ان اذكر هذه المسألة مشروحة واذكر الأدلّة على حظرها وأورد الروايات المتضمنة لتحريمها من جهة الخاصة والعامة وما يمكن الاعتماد عليه من الاعتبار فيه والله تعالى موفق لذلك بلطفه ومنّه.

من الأدلة على تحريم هذا الشراب إجماع الإمامية على ذلك وقد ثبت ان إجماعهم حجة لكون الامام المعصوم فيهم ودخول من قوله حجة في جملتهم ومن

__________________

(١) نضّر الله وجهه ن.

(٢) وجاد ن.

(٣) المنن ن.

(٤) نظرة ن.

(٥) وأنامها ن.

(٦) أصحابنا ظ.

٢٥٥

هذه صورته لا يجوز ان يجمع على باطل.

ولا خلاف من جميع الإمامية في ذلك الا من لا يعتد بخلافه اما لخروجه من جملة العلماء (٧) لشذوذه وندوره أو لقلة معرفته بأخبار الطائفة وان كان معدودا من العلماء المتكلمين والمفسرين. واما لم يعتد بخلافهم لا ناقد علمنا انهم مميزون (٨) من (٩) قوله حجة .. عنه فلذلك لم يعتد (١٠) بقوله. (١١).

وأيضا فالعقل يقضى .. والامتناع من كل ما لا يؤمن من الاقدام عليه من الضرر وقد .. من اقدام (١٢) على شرب الفقاع لا نأمن ان يكون ما روى في تحريمه صحيحا أو .. صحيح فيكون مقدما على ما لا يأمن فيه من استحقاق الذم والعقاب وما هذه صفته (١٣) ( يجب تجنبه ).

واما ما روى من الاخبار في ذلك فانا اذكر طرفا مما روته العامة ثم أعقب ذلك بما روته الخاصة ان شاء الله تعالى.

فمن ذلك ما رواه أبو عبيد القاسم بن سلام (١٤) في كتاب الأشربة قال حدثنا أبو الأسود عن أبي (١٥) لهيعة عن دراج أبي السمح.

رواه أيضا الساجي (١٦) قال حدثنا سليمان بن داود قال أخبرنا وهب (١٧) قال أخبرني عمرو بن الحارث انّ دراجا أبا السمح حدثه.

واجتمعا على ان دراجا قال ان عمرو بن الحكم حدثنا عن أم حبيبة زوج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ان أناسا من أهل اليمن قدموا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يعلمهم (١٨) الصلاة والسنن والفرائض فقالوا يا رسول الله ان لنا شرابا خفيفا (١٩) من القمح والشعير فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : « الغبيراء »؟ قالوا : نعم قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تطعموها.

قال الساجي في حديثه : قال صلى‌الله‌عليه‌وآله ذلك ثلاثا.

وقال أبو عبيد القاسم بن سلام : ثم لما كان بعد ذلك بيومين ذكر وهاله

__________________

(٧) أو لشذوذه ن.

(٨) يمرون ن.

(٩) ممن ظ.

(١٠) لم نعتد ن.

(١١) ـ كذا في الأصل. (١٢) أقدم ظ.

(١٣) حقيقته ن. (١٤) نجية ن.

(١٥) ابن ن. (١٦) صاحب كتاب اختلاف الفقهاء. كذا في الانتصار للسيد المرتضى ره.

(١٧) ابن وهب ن أبي وهب ن.

(١٨) ليعلمهم ن.

(١٩) نعمله ن.

٢٥٦

فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : الغبيراء؟ قالوا نعم قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تطعموها ثم لما أرادوا أن ينطلقوا سألوه أيضا فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : الغبيراء؟ قالوا نعم قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تطعموها قالوا : فإنهم لا يدعونها فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : من لم يتركها فاضربوا عنقه.

قال أبو عبيد وحدثنا ابن أبي مريم عن محمد بن جعفر عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار (٢٠) انّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سئل عن الغبيراء فنهى عنها وقال : لا خير فيها.

وقال زيد : هي الاسكركة. (٢١)

وفيها يقول الشاعر : (٢٢)

اسقني الاسكركة الصنبر في جعضلفونه

واجعل (٢٣) القيجن فيه يا خليلي بغصونه(٢٤)

وليس لأحد أن يتأول هذه الاخبار ويحملها على المزر والبتع الذين يسكران لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله علّق التحريم بكونها غبيراء ولو كان المراد بذلك ما يسكر لاستفهمه ولقال : ايسكر أم لا؟ كما انه لما سئل عن المزر والبتع سألهم هل لهما نشوة؟ وفي بعضها هل يسكران أم لا؟ فلما قالوا نعم نهاهم عن ذلك.

في (٢٥) هذه الاخبار ولم (٢٦) يستفهم عن أكثر من كونها غبيراء فوجب تعليق التحريم به.

روى ما ذكرناه أبو عبيد والصاغاني عن أبي الخير الديلمي وأبي وهب الحسن (٢٧) وأوس بن يونس وعبيد الله بن عمرو (٢٨).

وفي حديث الساجي عن أبي الديلم انه سال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله

__________________

(٢٠) سنان ن.

(٢١) قال ابن الأثير في النهاية : هي السكركة هي بضم السين والكاف وسكون الراء.

(٢٢) وهو ابن الرومي كما في الانتصار.

(٢٣) كذا في الانتصار وفي الأصل : اسقني الاسكركة الانشيط في حولصفونة واطرح ..

(٢٤) قال السيد المرتضى ره في الانتصار : أراد بالاسكركة الفقاع. والجعضلفون الكوز الذي يشرب فيه الفقاع. والصنبر البارد. والقيجن الشراب.

(٢٥) وفي ظ.

(٢٦) الظاهر زيادة الواو.

(٢٧) أبي لهب الحشانى ن.

(٢٨) عبد الله بن عمر ن.

٢٥٧

فقال : اننا ببقاع ارض شديدة البرد فنشرب شرابا من القمح نتقوى به فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أيسكر؟ قالوا نعم قال : لا تقربوه ثم سألوه مرة أخرى فقال : أيسكر؟ قالوا نعم قال : فلا تشربوه قالوا : فإنهم لا يصبرون عنه فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من لم يصبر عنه فاقتلوه.

فاستفهم في هذا الخبر هل يسكر أم لا قالوا نعم فعلق التحريم به وفيما قدمناه لم يستفهم عن ذلك بل علق التحريم بكونها غبيراء وأطلق ذلك على ان ذلك غير هذا.

والذي يؤكد ذلك أيضا ما رواه الصاغاني قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم الفزاري (٢٩) قال حدثنا سلمة بن الفضل قال حدثني محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب.

قال الصاغاني وأخبرنا أحمد بن حنبل قال حدثنا الضحاك بن .. قال أخبرنا عبد الحميد بن جعفر قال حدثني يزيد بن أبي حبيب.

فاجمعوا على الحديث عن يزيد بن أبي حبيب عن عمر بن الوليد بن عبيدة عن عبد الله بن عمر قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : ان الله حرم الخمر والميسر والكوبة (٣٠) والغبيراء وقال : كل مسكر حرام.

وفي حديث سلمة بن الفضل وحديث الضحاك في (٣١) حديث الساجي حرم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الخمر والميسر والكوبة والغبيراء وقال : كل مسكر حرام.

فذكر الغبيراء كما ذكر الخمر وان الله حرمها كتحريم الخمر التي حكم شارب قليلها حكم شارب كثيرها وكما ذكر الميسر الذي حكم قليله حكم كثيره في التحريم وأوردها (٣٢) جميعا عن المسكر فقال بعد تحريمها : وكل مسكر حرام فكان المسكر حراما بالوصف والغبيراء كالخمر في تعليق التحريم باسمها وان قليلها ككثيرها ولا يسكر وان كان حراما (٣٣).

__________________

(٢٩) الخزازي ن.

(٣٠) قيل الكوبة النرد وقيل الطبل وقيل البربط فراجع.

(٣١) وفي ن.

(٣٢) كذا في الأصل والظاهر : وأفردها.

(٣٣) كذا في الأصل والظاهر : وان قليلها ككثيرها وان لا يسكر كان حراما.

٢٥٨

وقيل تحريم الغبيراء كتحريم لحم الخنزير الذي لا يعرف علته.

وقد ذكر جماعة كثيرة ممن كان يكره الفقاع من العامة :

منهم من أخبرني الشيخ أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان والحسين بن عبيد الله قالا أخبرنا أبو على محمد بن الجنيد قال أخبرني أبو عثمان بن عثمان بن احمد الذهبي قال حدثني أبو بكر بن سالم عن الساباطي (٣٤) قال حدثني أحمد بن إبراهيم الرومي قال صالح بن إدريس عن عبد الله الأشجعي انه كان يكره الفقاع.

قال احمد بن إبراهيم وكان ابن المبارك يكرهه.

قال احمد وحدثنا أبو عبد الله المدني (٣٥) قال مالك بن انس يكره الفقاع ويكره ان يباع في الأسواق.

وكان يزيد بن هارون يكرهه.

قال احمد وحدثنا عبد الجبار بن محمد الخطابي عن ضمرة (٣٦) قال : الغبيراء التي نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عنها هي الفقاع.

وعن عطاء عن عثمان بن المعلم عن أبي هاشم الواسطي قال : الفقاع نبيذ الشعير فإذا نشّ فهو خمر حرام.

وعن الخطابي عن حفص عن (٣٧) غياث انه كان ينهى عن شرب الفقاع ويقول هو النقيع.

وأخبرنا جماعة عن أبي على محمد بن الجنيد قال أخبرني أبو العباس محمد بن الحسين بن احمد بن عبد الله بن الحسن قال سمعت جدي أبا القاسم يقول : انه جرى بينه وبين اهله خوض في أمر الفقاع وتحريمه فرضينا بالحسن بن يحيى بن الحسن بن زيد فروانا أخبارا كثيرة عن أهل البيت عليهم‌السلام في تحريمه فإن جدّه أبا القاسم كان ينهى عنه ويذكر انه رأى من لقي من شيوخه يفعل مثل هذا ويحرمه.

قال ابن الجنيد حدثني بذلك يوم الاثنين ليلتين خلتا من جمادى الاولى

__________________

(٣٤) السلاطى ن.

(٣٥) المداينى ن.

(٣٦) في بعض النسخ : سمرة وفي بعضها : صهيرة وبعضها صمرة.

(٣٧) بن ظ.

٢٥٩

سنة أربعين وثلاثمائة وهذا شيخ من العلوية يذهب مذهب الزيدية ويوالي فيه ويعادي فيه.

وقد بينا ان تحريم الفقاع ليس بمعلل (٣٨) وقد علله بعض من كرهه.

منها قالوا (٣٩) لانه يلحقه ما يحرم به العصير وهو الغليان.

والنشيش (٤٠) .. الا ترى ان العصير قبل نشيشه يكون حلالا فإذا غلى ونشّ صار حراما ويسمى خمرا سواء خلط بغيره أو .. مفردا عنه وسواء أسكر أم لم يسكر وهذا بعينه قائم (٤١) في الفقاع.

وثانيها ضراوة الإناء المستعمل فيه.

وثالثها من قبل الاناوية (٤٢) التي تلقى فيه فإنها كالدردي (٤٣) الذي يلقى في عصير التمر فيحركه ويزيد في غليانه.

ورابعها انه من خلطتين (٤٤) من الأقوات فإنه إذا غلا فيه الشعير يحلا بالتمر.

ذكر ذلك مالك بن انس وقال غيره : لا بد من ذلك.

والمعوّل في تحريمه عندنا على النصوص لأنا لا نرى التعليل للأحكام الشرعية وانما نعول على ما يرد (٤٥) من النصوص المتعلّقة بها.

ذكر ما روى من طرق أصحابنا في ذلك :

فاما ما رواه أصحابنا عن الأئمة عليهم‌السلام في هذا الباب فأكثر من ان يحصى غير انى اذكر منه طرفا مقنعا في الباب :

فمن ذلك ما أخبرني به جماعة عن احمد بن محمد بن يحيى العطار عن أبيه عن احمد بن محمد عن احمد بن الحسن عن عمرو بن سعيد عن مصدق بن صدقة عن عمار بن موسى قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الفقاع فقال : هو

__________________

(٣٨) في بعض النسخ : أمر معلل.

(٣٩) انه قال ن.

(٤٠) سقط من هنا شي‌ء.

(٤١) وهذا بعض الحكم ن.

(٤٢) من قبيل الإناء به التي .. ن.

(٤٣) في الأصل : كالدادى. وفي بعض النسخ كالذاذى.

(٤٤) خليطين ظ. راجع نيل الأوطار للشوكانى ج ٩ ص ٧٠ باب ماء في الخليطين.

(٤٥) يروى ن.

٢٦٠