رسائل الشهيد الأوّل

الشيخ شمس الدين محمد بن مكّي [ الشهيد الأوّل ]

رسائل الشهيد الأوّل

المؤلف:

الشيخ شمس الدين محمد بن مكّي [ الشهيد الأوّل ]


المحقق: مركز الأبحاث والدراسات الإسلاميّة
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة بوستان كتاب
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-371-251-6
الصفحات: ٣٧٦

(٨)

الرسالة النفليّة

١٨١
١٨٢

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله الذي ضمّ النشر بجمع الشتات ، وأرسل خير البشر بالبيّنات ، وختمهم بمحمّد عليهم وعلى آلهم أفضل الصلوات.

أمّا بعد ، فإنّي لمّا وقفت على الحديثين المشهورين عن أهل بيت النبوّة أعظم البيوتات.

أحدهما : عن الإمام الصادق أبي عبد الله جعفر بن محمّد عليه وعلى آبائه وأبنائه أكمل التحيّات : « للصلاة أربعة آلاف حدّ » (١).

والثاني : عن الإمام الرضا أبي الحسن عليّ بن موسى عليهما الصلوات المباركات :

« الصلاة لها أربعة آلاف باب » (٢).

ووفّق الله سبحانه لإملاء الرسالة الألفيّة في الواجبات ، ألحقت بها بيان المستحبّات تيمّنا بالعدد تقريبا وإن كان المعدود لم يقع في الخلد تحقيقا ، فتمّت الأربعة من نفس المقارنات ، وأضفت إليها سائر المتعلّقات. والله حسبي في جميع الحالات. وهي مرتّبة ترتيب القادمة على مقدّمة ، وفصول ثلاثة ، وخاتمة.

أمّا المقدّمة

فالصلاة المندوبة : أفعال غير محتومة ، تحريمها التكبير ، وتحليلها التسليم تقرّبا إلى الله

__________________

(١) الكافي ٣ : ٢٧٢ / ٦ باب فرض الصلاة ؛ الفقيه ١ : ١٢٤ / ٥٩٩ ؛ التهذيب ٢ : ٢٤٢.

(٢) الكافي ٣ : ٢٧٢ / ٦ باب فرض الصلاة ؛ الفقيه ١ : ١٢٤ / ٥٩٨ ؛ التهذيب ٢ : ٢٤٢ / ٩٥٧.

١٨٣

تعالى ، وثوابها عظيم. قال الله تعالى : ( الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ ) (١) ثمّ قال الله تعالى :

( وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ ) (٢) وهو أولى من اتّحاد الموضوع ، وحمل الدوام على المواظبة على الأداء ، والمحافظة على الشرائط والأركان ؛ لكثرة الفائدة بتغاير الموضوع ( حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى ) (٣).

وعن النبيّ صلوات الله عليه وسلامه وعلى آله : « الصلاة خير موضوع فمن شاء استقلّ ومن شاء استكثر » (٤).

وعن الباقر عليه‌السلام : « إنّ العبد ليرفع له من صلاته نصفها وثلثها وربعها وخمسها ، فلا يرفع له منها إلّا ما أقبل عليه بقلبه. وإنّما أمروا بالنوافل ليتمّ لهم بها ما نقص من الفريضة » (٥).

وقال الصادق عليه‌السلام : « إنّ الرجل ليصلّي الركعتين يريد بهما وجه الله ، فيدخله الله الجنّة » (٦).

[ أقسام النوافل ]

ثمّ النوافل قسمان : راتبة ، وهي أربع وثلاثون ركعة حضرا ، ونصفها سفرا.

وما رواه عبد الله بن سنان عن الصادق عليه‌السلام أنّها سبع وعشرون (٧) ، ويحيى بن حبيب عن الرضا عليه‌السلام أنّها تسع وعشرون (٨) بنقص العصريّة ستّا أو أربعا ، والوتيرة محمول على المؤكّد منها.

وأفضل الرواتب راتبة الفجر ، ثمّ الوتر ، ثمّ الزوال ، ثمّ راتبة المغرب ، ثمّ نافلة الليل ، ثمّ النهار. وقيل : أفضلها الليليّة (٩). وقصرها تابع لقصر الفريضة.

__________________

(١) المعارج (٧٠) : ٢٣.

(٢) المعارج (٧٠) : ٣٤.

(٣) البقرة (٢) : ٢٣٨.

(٤) معاني الأخبار : ٣٣٣ / ١ ؛ أمالي الطوسي : ٥٣٩ / ١١٦٣ ، المجلس ١٩.

(٥) الكافي ٣ : ٣٦٣ / ٢ باب ما يتقبّل عن صلاة الساهي ، التهذيب ٢ : ٣٤١ / ١٤١٣.

(٦) الفقيه ١ : ١٣٤ ـ ١٣٥ / ٦٣١ ؛ التهذيب ٢ : ٢٣٨ / ٩٤١.

(٧) التهذيب ٢ : ٦ / ٩ ؛ الاستبصار ١ : ٢١٩ / ٧٧٥.

(٨) التهذيب ٢ : ٦ / ١٠ ؛ الاستبصار ١ : ٢١٩ / ٧٧٦.

(٩) حكاه العلّامة عن ابن أبي عقيل في مختلف الشيعة ٢ : ٣٣٢ ، المسألة ٢٢٢.

١٨٤

والثاني مطلقة ، وهي خمسة :

الأوّل : المتعلّقة بالأشخاص كصلاة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وصلاة عليّ ، وفاطمة ، وأبنائهما ، وجعفر ، والأعرابي.

الثاني : المشروعة بسبب خاصّ ، كالاستسقاء ، والزيارة ، والشكر ، والاستخارة ، والحاجة والنذر المندوب ، وندب الطواف ، والتحيّة.

الثالث : المتعلّقة بالأزمان ، كنافلة شهر رمضان والمبعث والغدير ونصفي رجب وشعبان والكاملة والعيد ندبا.

الرابع : المتعلّقة بالأحوال ، كإعادة الجماعة ، والكسوف ، والجنائز ، والاحتياط في موضع الغناء.

الخامس : ما عدا ذلك كابتداء النافلة ، فإنّ « الصلاة قربان كلّ تقيّ » (١) ويشبهه التمرين لستّ مطلقا.

ووقتها حين الإرادة ما لم يكن وقت فريضة مطلقا. ويجوز إيقاع الرواتب لأوقاتها في وقت الفريضة الموسّع ، وكذا سنّة الإحرام. والأقرب جواز إيقاع ذوات الأسباب حيث لا تضرّ بالفرائض ، وهو مرويّ في نافلة شهر رمضان وركعتي الغفيلة.

ورواية عليّ بن جعفر ، عن أخيه عليه‌السلام : « لا صلاة في وقت صلاة » (٢) محمولة على ما يضرّ بها كعند تكامل الصفوف وحضور الإمام.

[ كيفية النوافل وشرائطها ]

والوتر بتسليمة ، وصلاة الأعرابي كالصبح والظهرين ، والمعادة تابعة ، والبواقي ركعتان بتسليمة إلّا قضاء العيد في قول. وشروطها وأفعالها كالواجبة ، إلّا أنّه ينوي النفل والسبب المخصوص.

والقيام والقرار من مكمّلاتها إلّا الوتيرة ، فتجوز السنن قعودا وركوبا. والاستقبال شرط

__________________

(١) الكافي ٣ : ٢٦٥ / ٦ باب فضل الصلاة ؛ الفقيه ١ : ١٣٦ / ٦٣٧.

(٢) التهذيب ٣ : ٣٢٠ / ٩٩٦.

١٨٥

في غير السفر والركوب على الأصحّ. ولا تتعيّن السورة فيها. ولا يكره القران. والاحتياط فيها البناء على اليقين. ولا جماعة فيها إلّا في العيدين والاستسقاء والإعادة ، والغدير في قول الشيخ أبي الصلاح رحمه‌الله (١) ، ولا أذان فيها ولا إقامة. ويكره ابتداؤها عند طلوع الشمس وغروبها وقيامها ، وبعد صلاتي الصبح والعصر ، وفي التوقيع الشريف : لا تكره (٢).

وقيل : بكراهة غير المبتدئة أيضا (٣) ، بل روي نادرا كراهة قضاء الفريضة فيها (٤).

ولم يثبتا.

الفصل الأوّل في سنن المقدّمات

وهي إحدى عشرة :

الأولى : وظائف الخلوة ، وهي أربعة وستّون : ارتياد موضع مناسب للاستنجاء بأن يكون مرتفعا أو ذا تراب كثير ، فإنّه من الفقه ، وستر البدن عن النظّارة ، والدخول باليسرى ، والخروج باليمنى ، عكس المسجد ، والاعتماد على اليسرى ، وفتح اليمنى ، وتغطية الرأس ، والتقنّع مرويّ (٥) ، ومسح بطنه قائما بيده اليمنى بعد الفراغ ، والاستبراء ، والتنحنح فيه ثلاثا ، ووضع الوسطى في الاستبراء تحت المقعدة والمسح بها إلى أصل القضيب ، ثمّ يضع المسبّحة تحته والإبهام فوقه ، وينتره باعتماد ، ثمّ يعصر الحشفة ثلاثا ثلاثا ، وتقديم غسل اليدين قبل إدخالهما الإناء كالغسل أمام الوضوء ، والغسل في غير المتعدّي ، والجمع في المتعدّي بين الأحجار والماء ، والصرير حيث يمكن ، وإيتار عدد الأحجار لو لم ينق بالثلاثة ، والاقتصار على الأرض أو نباتها ، وتعدّد الثلاثة بالشخص ، واستيعاب المحلّ بكلّ واحد ، وجعله على طريق الإدارة والالتقاط ، وبدأة الأوّل بصفحة اليمنى ، والثاني باليسرى ، والثالث بالوسط ، واستعمال بارد الماء لذوي البواسير ، والاستنجاء باليسار ، وبنصرها ،

__________________

(١) الكافي في الفقه : ١٦٠.

(٢) الفقيه ١ : ٣١٥ / ١٤٣١ ؛ التهذيب ٢ : ١٧٥ / ٦٩٧ ؛ الاستبصار ١ : ٢٩١ / ١٠٦٧.

(٣) نقله الشيخ عن بعض أصحابنا في الخلاف ١ : ٥٢٠ ، المسألة : ٢٦٢.

(٤) التهذيب ٢ : ٢٧٠ / ١٧٥ و ١٧٧.

(٥) التهذيب ٢ : ٢٧٠ / ١٧٥ و ١٧٧ ؛ الاستبصار ١ : ٢٨٨ / ١٠٥٤.

١٨٦

وتقديم الدبر ، وإزالة الرائحة مطلقا ، وإزالة الأثر لو استجمر ، والمبالغة للنساء في الغسل ، والزيادة على المثلين في مخرج البول ، واستنجاء الرجل طولا والمرأة عرضا ، والدعاء ، فللدخول : بسم الله وبالله أعوذ بالله من الرجس النجس الخبيث المخبث الشيطان الرجيم ، وبعده : الحمد لله الحافظ المؤدي وعند الفعل : اللهمّ أطعمني طيّبا في عافية وأخرجه منّي خبيثا في عافية. وعند النظر إليه : اللهمّ ارزقني الحلال وجنّبني الحرام. وعند رؤية الماء :

الحمد لله الذي جعل الماء طهورا ولم يجعله نجسا. وعند الاستنجاء : اللهمّ حصّن فرجي واستر عورتي وحرّمهما على النار ووفّقني لما يقرّبني منك يا ذا الجلال والإكرام. وعند مسح بطنه : الحمد لله الذي أماط عنّي الأذى وهنأني طعامي وعافاني من البلوى. وعند الخروج :

الحمد لله الذي عرّفني لذّته وأبقى في جسدي قوّته وأخرج عنّي أذاه يا لها نعمة ، يا لها نعمة ، يا لها نعمة ، لا يقدر القادرون قدرها.

ويكره استقبال النّيرين ، والريح بالبول ، وفي الصلبة ، وقائما ، والتطميح وفي الماء ، والجاري أخفّ ، وفي الجحرة ، ومجرى الماء ، والشارع ، والمشرع ، والفناء ، والملعن وهو مجمع الناس أو أبواب الدور ، وتحت المثمرة ، وفي‌ء النزّال ، ومواضع التأذّي ، والاستنجاء باليمين وباليسار وفيها خاتم عليه اسم الله تعالى أو أحد المعصومين مقصودا بالكتابة بل إدخاله الخلاء أيضا ، والجماع به ، والكلام إلّا بذكر الله أو آية الكرسي أو حكاية الأذان أو لحاجة يخاف فوتها ، وإطالة المكث ، ومسّ الذكر باليمين ، واستصحاب دراهم بيض ، والاستنجاء بما كره استعماله من المياه والسواك والأكل والشرب.

الثانية : يستحبّ الوضوء لإحدى وثلاثين : ندب الصلاة ، والطواف ، ومسّ كتاب الله ، وحمله ، وقراءته ، ودخول المسجد ، وصلاة الجنازة ، والسعي في حاجة ، وزيارة القبور ، والنوم ، وخصوصا نوم الجنب ، وجماع المحتلم ، وجماع الحامل ، وجماع غاسل الميّت ، وذكر الحائض ، وتجديده بحسب الصلوات ، وللمذي ، والوذي ، والتقبيل بشهوة ، ومسّ الفرج ، ومع الأغسال المسنونة ، ولما لا تشترط فيه الطهارة من مناسك الحجّ ، وللخارج المشتبه بعد الاستبراء ، وبعد الاستنجاء بالماء للمتوضّئ قبله ولو كان قد استجمر ، ولمن زال

١٨٧

عذره ، وروي للرعاف (١) ، والقي‌ء ، والتخليل المخرج للدم إذا كرههما الطبع ، وللزيادة على أربعة أبيات شعرا باطلا وللكون على طهارة ، وللتأهّب لصلاة الفرض.

ثمّ سنن الوضوء أربعة وخمسون :

التسمية والدعاء بعدها ، وصورتها : بسم الله وبالله اللهمّ اجعلني من التوّابين واجعلني من المتطهّرين ، وغسل اليدين إلى الزندين مرّة من النوم والبول والغائط ، والمشهور فيه مرّتان قبل إدخالهما الإناء ، والدعاء عند رؤية الماء بما تقدّم ، ووضع الإناء على اليمين ، وأخذ الماء بها ونقله إلى اليسار ، والمضمضة ثلاثا ، والاستنشاق ثلاثا ، والاستنثار كذلك ، وجعل كلّ على حدته وبثلاث غرفات ، وإدارة المسبّحة والإبهام في الفم ، والبدأة بالمضمضة ، وتثنية غسل الأعضاء ، ومسح الرأس مقبلا وبثلاث أصابع عرضا ، وغسل الوجه باليمنى وحدها ، ومسح الرأس والرجل اليمنى بها ، وتقديم اليمنى في المسح وجعله بجميع الكفّ ، وتقديم النيّة عند غسل اليدين على قول مشهور ، أو عند المضمضة والاستنشاق ، والأولى عند غسل الوجه ، وقصر النيّة على القلب ، وحضور القلب عند جميع الأفعال ، وذكر الله تعالى ، والصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في أثنائه ، وبدأة الرجل في الأولى بظهر الذراع وفي الثانية بباطنه ، وبدأة المرأة بالعكس ، والوضوء بمدّ ، والسواك قبله وبعده ، وترك الاستعانة ، والتمندل ، ووضع المرأة القناع ، ويتأكّد في الصبح والمغرب ، وتقديم غسل الرجلين لو احتاج إليه لتنظيف أو تبريد ، ولو نسيه تراخى به عن المسح ، والدلك باليد ، وضرب الوجه بالماء شتاء وصيفا ، وغسل مسترسل اللحية ، وتقديم الاستنجاء على الوضوء ، ومسح الأقطع ما بقي من المرفق ، وتحريك غير المانع ، وترك استعمال المشمّس ، والسؤر المكروه ، والماء الآجن ، والمستعمل في الأكبر ، والطهارة من إناء فيه تماثيل أو فضّة ، والوضوء في المسجد من غير الريح والنوم ، وعند المستنجى ، والتكرار في المسح ، وقول : الحمد لله ربّ العالمين ، عند الفراغ ، وفتح العينين على الرواية (٢) ، والدعاء عند الأفعال ، فعند المضمضة : اللهمّ لقّنّي حجّتي يوم ألقاك وأطلق لساني بذكراك. وعند

__________________

(١) التهذيب ١ : ١٣ / ٢٦ ؛ الاستبصار ١ : ٨٣ / ٢٦٣.

(٢) الفقيه ١ : ٣١ / ١٠٤.

١٨٨

الاستنشاق : اللهمّ لا تحرمني طيّبات الجنان واجعلني ممّن يشمّ روحها وريحها وريحانها.

وعند غسل الوجه : اللهمّ بيّض وجهي يوم تسودّ فيه الوجوه ولا تسوّد وجهي يوم تبيضّ فيه الوجوه. وعند غسل اليمنى : اللهمّ أعطني كتابي بيميني والخلد في الجنان بشمالي وحاسبني حسابا يسيرا. وعند غسل اليسرى : اللهمّ لا تعطني كتابي بشمالي ولا تجعلها مغلولة إلى عنقي وأعوذ بك من مقطّعات النار. وعند مسح الرأس : اللهمّ غشّني برحمتك وبركاتك. وعند مسح الرجلين : اللهمّ ثبّت قدمي على الصراط المستقيم يوم تزلّ فيه الأقدام واجعل سعيي في ما يرضيك عنّي يا ذا الجلال والإكرام. وعند الفراغ : اللهمّ إنّي أسألك تمام الوضوء وتمام الصلاة وتمام رضوانك والجنّة ، وقراءة القدر ثلاثا.

الثالثة : يستحبّ الغسل لخمسين : للجمعة ، ويعجّل الخميس لخائف الفوت ، ويقضي السبت ، وفرادى شهر رمضان ، وآكده ليلة تسع عشرة وإحدى وعشرين وثلاث وعشرين ، وبعدها أوّله ونصفه ، وغسل آخر ليلة ثلاث وعشرين ، وليلة الفطر ، ويومي العيدين ، وليلتي نصف رجب وشعبان ، والمبعث ، والغدير ، والمباهلة رابع وعشرين ذي الحجّة في الأصحّ ، والدحو ، والتروية ، وعرفة ، والنيروز ، والإحرام ، والطواف ، وزيارة أحد المعصومين ، وترك الكسوف المستوعب عمدا ، والسعي إلى رؤية المصلوب عمدا بعد ثلاثة ، وللتوبة مطلقا ، وقيّده المفيد بالكبائر (١) ، وللحاجة والاستخارة ، والمولود ، ودخول الحرمين مطلقا ، وقيّد المفيد دخول المدينة لأداء فرض أو نفل (٢) ، والمسجدين ، والحرم ، والكعبة ، والاستسقاء ، وقتل الوزغة ، وإعادة الغسل بعد زوال الرخص ، والغسل عند الشكّ في الحدث كواجد المني في الثوب المشترك ، وإعادة غسل الفعل إن أحدث قبله. ولم يثبت للإفاقة من الجنون عندنا

والسنن في غسل الحيّ أربعون : الاستبراء بالبول على الرجال والنساء ، أو الاجتهاد على الرجال ، والتسمية ، وتقديم غسل اليدين من المرفقين ثلاثا ، والمضمضة ، والاستنشاق ، والغسل مثلّثا ، وتخليل ما يصل

__________________

(١) المقنعة : ٥١.

(٢) المقنعة : ٥١.

١٨٩

إليه الماء من شعر أو خاتم أو نحوهما ، ونقضها الضفائر ، وإمرار اليد على الجسد ، والولاء ، وستر البدن ، وغسل الشعر ، والغسل بصاع ، وغسل الرأس باليمنى ، والسواك ، وتقديم النيّة عند غسل اليدين على القول المشهور ، والأولى عند غسل الرأس ، وقصر النيّة على القلب وحضوره عند جميع الأفعال ، والدعاء في أثنائه : « اللهمّ طهّر قلبي ، واشرح لي صدري ، وأجر على لساني مدحتك والثناء عليك ، اللهمّ اجعله لي طهورا وشفاء ونورا إنّك على كلّ شي‌ء قدير ». وبعد الفراغ : « اللهمّ طهّر قلبي ، وزكّ عملي ، واجعل ما عندك خيرا لي ، اللهمّ اجعلني من التوّابين ، واجعلني من المتطهّرين ». وجلوس الحائض في مصلّاها متوضّئة مستقبلة مسبّحة بالأربع مستغفرة مصلّية على النبيّ وآله بقدر الصلاة ، وقضاؤها صوم النفل ، وتقديم المستحاضة الغسل على تجديد القطنة والخرقة ، قاله المفيد رحمه‌الله (١). واختيار المغتسل الترتيب وتقديم الوضوء على غسله في غير الجنابة ، والغسل بمئزر.

وأمّا غسل الميّت فيستحبّ فيه توجيه الميّت إلى القبلة كالمحتضر ، وغسل فرجه بالحرض والسدر ، ولفّ خرقة على يد الغاسل إلى الزند وطرحها عند غسله ، وشقّ جيبه ، ونزع ثوبه من تحته ، وجعل حفرة ، وتليين أصابعه برفق ، وتوضئته ، وغسل رأسه برغوة السدر ، والبدأة بشقّه الأيمن ثمّ الأيسر ، وتثليث الغسل ، وغمز بطنه قبل كلّ من الغسلتين الأوليين ، والإسباغ وخصوصا تحت الإبطين والوركين والحقوين ، وبسبع قرب تأسّيا بما غسّل به النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأن يقصد تكرمة الميّت في النيّة. والذكر والاستغفار ، والوقوف على الأيمن ، ومغايرة الغاسل للصابّ ، وغسل اليدين إلى المرفقين مع كلّ غسلة ، وتجفيفه صونا للكفن ، واغتساله قبل تكفينه ، أو الوضوء إن خاف عليه فإن تعذّر غسل يديه إلى المرفقين ، وتغسيل الميّت جنبا مرّتين.

ويكره للجنب وشبهه بمشمّس ، وبسؤر المكروه ، والارتماس في كثير الماء الراكد احتياطا ، والمستعمل في فرض أو سنّة ، والادّهان ، والخضاب ، ومسّ غير الكتابة من المصحف ، وحمله ، وقراءة غير العزائم إلّا سبع آيات للجنب خاصّة ، ويختصّ بكراهة الأكل

__________________

(١) أحكام النساء : ٢٢ ، ( ضمن مصنّفات الشيخ المفيد ، ج ٩ ).

١٩٠

والشرب إلّا بعد غسل اليدين والوجه والمضمضة والاستنشاق ، والنوم إلّا بعد الوضوء ، ودخول المستحاضة المسجد خصوصا الكعبة مع أمن التلويث ، وغسل الميّت تحت السماء اختيارا وبالمسخّن بالنار إلّا لضرورة ، وغمز بطنه في الثالثة وبطن الحبلى مطلقا ، وركوبه ، وقصّ أظفاره ، وترجيل شعره ، وإدخال الماء في أذنيه ومنخريه ، وإرسال الماء في الكنيف.

الرابعة : يستحبّ التيمّم لما يستحبّ له الوضوء الحقيقي عند تعذّره ، وللإحرام عند تعذّر الغسل. وربّما قيل باطّراده في مواضع استحباب الوضوء والغسل ، وللجنازة والنوم ولو مع إمكان الطهر فيهما ، وتجديده بحسب الصلاة.

والسنن ثمانية عشر : تأخيره في صورة جوازه مع السعة ، وقصد الربى والعوالي والتراب الخالص ، وتجنّب الإقامة في بلد يحوج إلى التيمّم في الأصحّ والحجر والرمل والسبخ والمهابط ومظانّ النجاسة وتراب القبر ، وتجديد الطلب بحسب الفرائض ما لم يعلم العدم ، وتفريج الأصابع حال الضرب ، ونفض اليدين ، ومسح الأقطع رأس العضد ، وإعادة ما صلّاه المتيمّم عن الجنابة عمدا ، وعن زحام الجمعة أو عرفة ، ونجاسة لا يمكن إزالتها.

الخامسة : سنن الإزالة

وهي أربعة وأربعون :

تثليث الغسل ، والإزالة في الكثير أو الجاري ، ونضح بول البعير والشاة ، وعصر بول الرضيع ، ورشّ الثوب الملاقي لليابس من النجاسات وخصوصا نجس العين ، ومسح البدن الملاقي لذلك بالتراب ، وإزالة دون الدرهم دما ، وصبغ الثوب الملوّن بالدم بعد الغسل المزيل للعين بما يغيّر لونه والمشق أفضل ، وإزالة بول البغال والحمير والدوابّ وروثها وذرق الدجاج غير الجلّال ، وسؤر آكل الجيف مع خلوّ الملاقي عن العين ، وسؤر الحائض المتّهمة ومن لا يتوقّى النجاسة والحيّة والفأرة والوزعة والدجاجة والثعلب والأرنب والحشرات ، وعرق الجنب وخصوصا من الحرام والحائض والإبل الجلّالة ، ولعاب المسوخ ، والدم المتخلّف في اللحم ، والقي‌ء والقيح والوسخ والحديد ، ولبن البنت في

١٩١

المشهور ، وطين الطريق بعد ثلاثة ، والإزالة بما كره به الطهارة ، والنضح عند الشكّ في النجاسة ، (١) واستعمال المغسول العددي بعد الجفاف ، وغسل المذي والوذي ، وغسل ثوب ذي القروح كلّ يوم مرّة.

السادسة : سنن الستر

وهي أربعة وسبعون :

الصلاة في أحسن الثياب ـ وروي الأخشن (٢) ـ وأجودها وأطهرها وأصفقها ، واستصحاب ذي الرائحة الطيّبة ، والتعمّم ، والتحنّك ، والتردّي ولو بطرف العمامة وخصوصا الإمام ، والتسرول ، وستر الأمة والصبيّة رأسيهما ، وستر المرأة قدميها ، وصلاتها في ثلاثة أثواب : درع وإزار وقناع ، وفي الحليّ لا عطلا ، وجعل العاري والمؤتزر والمتسرول والفاقدين للثوب خيطا على العاتق أو شبهه ، وإعارة الساتر القارئ من العراة ، والصلاة في البيض لا السود وخصوصا القلنسوة إلّا العمامة والكساء والخفّ ، وفي النعل العربيّة ، وفي غير الحرير في صورة الجواز وغير المكفوف به والممتزج ، وغير الرقيق والمزعفر ، والأحمر والمفدم للرجل ، والإزار فوق القميص ، والوشاح فوقه وخصوصا الإمام ؛ إماطة للتجبّر ، والرداء فوق الوشاح ، والسدل ، وهو أن يلتفّ بالإزار ولا يرفعه على كتفيه ، واشتمال الصمّاء ، ووضع طرفي الرداء على اليسار ، واستصحاب وعاء من جلد حمار أو نعل ، والحديد بارزا ، وفي القباء الممثّل ، والخاتم الحديد والمصوّر ، والخلخال المصوّت ، وفي واسع الجيب إلّا مع زرّه أو شعار تحته ، واستصحاب الدراهم الممثّلة وخصوصا البارزة ، واللثام غير المانع من القراءة ، والنقاب للمرأة كذلك ، والقباء المشدود ، ولبس السيف في غير الحرب للإمام ، والصلاة في السنجاب وجلد الخزّ ، والوقوف على الحرير ، وجعل رأس التكّة منه ، والصلاة في ثوب المتّهم بالنجاسة أو الغصبيّة ، والملاصق لوبر الأرانب والثعالب في الأصحّ ، وما عمله الكافر مع جهل الرطوبة ، ونجس معفوّ عنه كالتكّة ، ونفس الخضاب للرجل والمرأة ،

__________________

(١) في بعض النسخ : « في الطهارة » بدل « في النجاسة ».

(٢) التهذيب ٢ : ٣٦٧ / ١٥٢٥.

١٩٢

وجعل اليدين تحت الثوب لا في الكمّين ، وإبقاء شي‌ء من البدن غير مستور وخصوصا من السرّة إلى الركبة ، وآكده للإمام ، فلا يقتصر على السراويل والقلنسوة.

السابعة : المكان

وسننه مائة :

إيقاعها في المسجد ، والأفضل المساجد الأربعة والأقصى ، والمشاهد الشريفة ، لا في مسجد الضرار ، وفي كثير الجماعة ، والنافلة في المنزل وخصوصا الليليّة ، وفي الحرم ، ومواقيت الحجّ والعمرة ، والمشاعر الشريفة ، وصلاة المرأة في دارها ، وأفضلها البيت ، وأفضله المخدع ، والصفّة لها أفضل من الصحن ، وهو من السطح المحجّر وهو من غيره ، وطهارة المصلّى أجمع ، وصلاة راكب السفينة على الجدد مع تمكّنه فيها ، والسترة ولو قدر ذراع أو بالسهم أو بالحجر أو بالعنزة ولو معترضة أو كومة تراب أو خطّ أو حيوان ولو إنسانا غير مواجه ، والدنوّ من السترة مربض عنز إلى مربض فرس. وسترة الإمام للمأموم ، ودرء المارّ بين يديه وروى سليمان بن حفص المروزي عن أبي الحسن عليه‌السلام : أنّه لو مرّ قبل التوجّه أعاد التكبير ، ورشّ البيعة والكنيسة وبيت المجوسي لمريد الصلاة فيها ، ومساواة المسجد للموقف أو خفضه باليسير ، وبعد المرأة والخنثى عن الرجل بعشرة أذرع أو مع حائل ، وكذا المرأة عن الخنثى والخنثى عن مثلها ، وتقديم الرجل في الصلاة لو زاحمه الخنثى أو المرأة ، وتقديم الخنثى على المرأة ، وتجنّب الكعبة في الفريضة ، والحبل المشدود بنجاسة ، والحمّام لا المسلخ ، وبين القبور لا بحائل أو بعد عشرة أذرع ، وعلى القبر وإليه وإن كانت نافلة إلى قبور الأئمّة عليهم‌السلام ، إلّا على رواية بجوازها إليها (١) ، وعند الرأس أفضل ، وتجنّب الحنطة وكدسها المطين ، والمعطن ولو غابت الإبل ، ومرابط الخيل والبغال والحمير ، ومرابض الغنم في قول ، (٢) وبيت المجوسي أو بيت فيه مجوسي أو كلب ، وبيت الغائط والمزبلة ، وبيت يبال فيه لا على سطحه ، وبيت المسكر والنار وإليها ولو جمرا أو سراجا وإلى سلاح مشهور أو

__________________

(١) كامل الزيارات : ١٢٢ / ١.

(٢) قاله أبو الصلاح في الكافي في الفقه : ١٤١.

١٩٣

إنسان مواجه أو باب مفتوح أو مصحف منشور أو قرطاس مكتوب أو طريق أو حديد أو امرأة نائمة أو حائط ينزّ من بالوعة البول ، وقرى النمل ، وبطن الوادي ، والثلج ، والجمد والسبخة ، ومجرى الماء ، والطين مع الماء للمتمكّن من الأفعال ، والمذبح ، وضجنان وهو جبل بمكّة ، والبيداء وهي على رأس ميل من ذي الحليفة ، وذات الصلاصل وهي الطين الحرّ المخلوط بالرمل ، والشقرة ـ بكسر القاف ـ وهي الشقيقة ، والشقرة ـ بضمّ الشين ـ وهي من بادية المدينة وأرض خسف بها ، والرمل.

والسجود على قرطاس مكتوب ، وعلى ما مسّته النار ، وعلى ما أشبه المستحيل من الأرض.

الثامنة : الوقت

وسننه اثنتان وأربعون :

التقديم في أوّله وخصوصا الغداة والمغرب ، والاستظهار فيه عند الاشتباه ، والتأخير للإبراد بالظهر يسيرا في قطر حارّ وخصوصا الجامع ، ولانتظار الجماعة وخصوصا الإمام ؛ للرواية (١) ، وللسعي إلى مكان شريف وخصوصا المشعر بالعشاءين ، ولذهاب المغربيّة في العشاء الآخرة إلّا لعذر كالمرض والمطر والسفر ، وللصبي ، ولصيرورة الظلّ مثله في العصر كذلك في الأظهر ، وقدر النافلة في الظهر للمتنفّل ، وللجمع في المستحاضة والسلس والمبطون ، ولزوال العذر ، وتوقّع المسافر النزول ولآخر الليل لسنّته وقدره الربع أو السدس ، وقضاؤها في صورة جواز التقديم ، والختم بالوتر والوتيرة إلّا في نافلة شهر رمضان ؛ فإنّ الوتيرة تقدّم عليها ، وتأخير ركعتي الفجر إلى طلوع أوّله ، والضجعة بعدهما بلا نوم ، والدعاء فيها بالمرسوم وقراءة خمس من آل عمران ـ وتجزئ السجدة عن الضجعة ـ وقضاء من أدرك دون ركعة ، وإتمام الصبيّ لو بلغ مع قصور الباقي عن الطهارة وركعة. والعدول إلى النافلة لطالب الجماعة والأذان وقراءة الجمعتين ، وإلى الفائتة من الحاضرة إذا كثرت الفائتة ودخل غير عامد.

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢٥٠ / ١١٢١.

١٩٤

وترتيب الفوائت غير اليوميّة بحسب الفوات في قول. (١) وتقديم الحاضرة على مشاركها من الفرائض ، وتعجيل قضاء الفائت وعدم تحرّي مثل زمان فوات المندوب.

التاسعة : القبلة

وسننها تسعة :

المشاهدة للكعبة أو محراب الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله أو محراب الإمام عليه‌السلام أو محراب المسجد للمتمكّن ، والتياسر للعراقي ، والاستقبال في النافلة سفرا وركوبا ، وكشف الوجه عند الإيماء بسجوده ، وتجديد الاجتهاد لكلّ فريضة في صورة جواز تركه.

العاشرة : يستحبّ الأذان والإقامة

للخمس أداء وقضاء وخصوصا الجامع والجاهر ويتأكّد الغداة والمغرب ؛ لعدم قصرهما ، ولافتتاح كلّ من الليل والنهار بأذان وإقامة.

وأحكامه مع ذلك مائة واثنا عشر :

الاجتزاء بالإقامة عند مشقّة التكرار في القضاء في غير أوّل ورده ، والمعيد صلاته لمبطل مع الكلام ولعروض شكّ ، والجامع لعذر كالسلس والبطن لا الجامع مطلقا.

وفي رواية : أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله جمع بين الظهرين والعشاءين حضرا بلا علّة ولا أذان للثانية. (٢)

وتجزئ الإقامة أيضا في عصر الجمعة وعرفة وعشاء المزدلفة.

ويسقطان عن الجماعة الثانية قبل تفرّق الأولى مطلقا ولو حكما ، وعن الجماعة بأذان من يسمعه الإمام متمّا أو مخلّا مع حكايته متلفّظا بالمتروك ولو مميّزا.

وإعادة مريد الجماعة. ويتأكّدان حضرا وصحّة ، وإخطار المريض أذكاره بباله.

ويجوز إفرادهما سفرا ، وإتمام الإقامة أفضل من إفرادها ، وللنساء تجتزئ بالشهادتين

__________________

(١) كالعلّامة في تذكرة الفقهاء ٢ : ٣٥٩ ، المسألة ٦١ ؛ ونهاية الإحكام ١ : ٣٢٥.

(٢) الفقيه ١ : ١٨٦ / ٨٨٦.

١٩٥

بعد التكبير أو بدونه ، والمتّقي الخائف الفوت ب « قد قامت » إلى آخر الإقامة ، وروي التعميل قبلها (١).

وليقتصر على الإقامة إذ أريد أحدهما ويرتّله ويحدرها ، وترتيبهما وإن وجب فمشروط ، وإعادة الفصل المنسيّ وما بعده ، والوقوف على فصولهما ، والفصل بينهما بركعتين في الظهرين خاصّة من راتبتهما إلّا من فاته سنّة فقضاها فركعتان بين أذاني الغداة والعشاء.

وروى الفصل بين أذاني الغداة بركعتيها (٢) ، ويجوز على الإطلاق بسجدة أو جلسة أو دعاء أو تحميدة أو خطوة أو تسبيحة أو سكتة بقدر نفس ، ويختصّ المغرب في المشهور بالثلاثة الأخيرة ، وروي الجلسة (٣) ، والدعاء في الجلسة أو السجدة : « اللهمّ اجعل قلبي بارّا وعيشي قارّا ورزقي دارّا واجعل لي عند قبر رسولك مستقرّا وقرارا » وغير ذلك ، وإيقاعه أوّل الوقت ، وتقديمه في الصبح خاصّة ثمّ إعادته ، ولا تقديم فيها للجماعة ، وجعل ضابط يستمرّ عليه كلّ ليلة ، ورفع الصوت للرجل ولو في بيته لإزالة السقم والعقم ، وإسرارها ، ولا بدّ من إسماعهما نفسيهما ، والإقامة في ثوبين أو رداء ولو خرقة ، والاستقبال وخصوصا الإقامة والشهادتين فيهما ، وإعادتهما مع الكلام وخصوصا الإقامة ، وعدالة المؤذّن وعلوّه وفصاحته ونداوة صوته وطيبه ومبصريّته إلّا بمسدّد ، وبصيرته وطهارته وتتأكّد الإقامة ، ولزوم سمت القبلة وقيامه وفيها أتمّ ، وجعل إصبعيه في أذنيه ؛ حذرا من الضرر ، وتقديم الأعلم بالمواقيت مع التشاحّ والقرعة مع التساوي ، وتتابع المؤذّنين إلّا مع الضيق ، وإظهار هاء « الله » و « إله » و « أشهد » و « الصلاة » وحاء « الفلاح » وحكاية السامع ، والتلفّظ بالمتروك ولو في الصلاة إلّا الحيعلات فيها ، والدعاء عند الشهادة الأولى ، وإسرار المتّقي بالمتروك ، والقيام عند : قد قامت الصلاة ، وتلافيهما أو تلافي الإقامة للناسي ما لم يركع ، وفي صحيحة ما لم يقرأ (٤). وترك الأذان فيما يختصّ بالإقامة ، وفي الصومعة ، وتكرير التكبير والشهادتين

__________________

(١) المبسوط ١ : ٩٩ ؛ الجامع للشرائع : ٧٣.

(٢) التهذيب ٢ : ٥٣ / ١٧٧.

(٣) التهذيب ٢ : ٦٤ ـ ٦٥ / ٢٣١ ؛ الاستبصار ١ : ٣٠٩ ـ ٣١٠ / ١١٥١.

(٤) الكافي ٣ : ٣٠٥ / ١٤ باب بدء الأذان ... ؛ الفقيه ١ : ١٨٧ / ٨٩٣ ، التهذيب ٢ : ٢٧٨ / ١١٠٢.

١٩٦

لغير الإشعار ، وراكبا خصوصا الإقامة آكد ، وبعد لفظها أتمّ تأكيدا في الأشهر ، وفي حكمه الإيماء باليد عند لفظها إلّا لمصلحة ، والدعاء بعدها بقوله : اللهمّ ربّ هذه الدعوة التامّة ، إلى آخره.

الحادية عشرة : سنن القصد إلى المصلّى

وهي عشرة :

السكينة والوقار والخضوع والخشوع ، وإحضار عظمة المقصود إليه سبحانه ، والدعاء عند القيام إلى المصلّى : « اللهمّ إنّي أقدّم إليك محمّدا » إلى آخره ، وتقديم اليمنى عند دخول المسجد ، والدعاء داخلا وخارجا باليسار.

الفصل الثاني في سنن المقارنات

وهي تسع :

الأولى : سنن التوجّه.

وهي إحدى وعشرون :

التكبيرات الستّ أمام التحريمة أو بعدها أو بالتفريق ، ورفع اليدين بكلّ إلى حذاء شحمتي الأذنين ثمّ يرسلهما إلى فخذيه ، واستقبال القبلة ببطونهما وبسطهما وضمّ الأصابع إلّا الإبهامين ، ولو نسي الرفع تداركه ما لم يفرغ التكبير ، ولا يتجاوز بهما الأذنين كباقي التكبيرات ، ووضعهما عند انتهاء التكبير كما أنّ ابتداء رفعهما عند ابتدائه في الأصحّ ، والدعاء بعد الثلاث ثمّ بعد الاثنتين ثمّ بعد السابعة ، والأفضل تأخير التحريمة ، ويجوز الولاء ، والاقتصار على خمس أو ثلاث. وروي إحدى وعشرون (١) ، وإسرارها للإمام والمؤتمّ. وتختصّ بأوّل كلّ فريضة والأولى من الليل والوتر ونافلة الزوال والمغرب ونافلة الإحرام والوتيرة.

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢٢٧ / ١٠٠٢ ؛ التهذيب ٢ : ١٤٤ / ٥٦٤.

١٩٧

وأوّل في الرواية (١) التكبير الأوّل أن يلمس بالأخماس ، أو يدرك بالحواسّ ، أو أن يوصف بقيام أو قعود. والثاني : أن يوصف بحركة أو جمود. والثالث : أن يوصف بجسم ، أو يشبّه بشبه. والرابع : أن تحلّه الأعراض ، أو تؤلمه الأمراض. والخامس : أن يوصف بجوهر ، أو عرض ، أو يحلّ في شي‌ء. والسادس : أن يجوز عليه الزوال ، أو الانتقال ، أو التغيير من حال إلى حال. والسابع : أن تحلّه الخمس الحواسّ. وروي التسبيح بعده سبعا والتحميد سبعا (٢).

الثانية : سنن النيّة.

وهي خمس :

الاقتصار على القلب ، وتعظيم الله جلّ جلاله مهما استطاع ، ونيّة القصر والإتمام ، والجماعة ، وأن لا ينوي القطع في النافلة ، ولا فعل المنافي فيها ، وربّما قيل : بتحريم قطعها (٣) ، ولا المكروه في الصلاة ، وإحضار القلب في جميع الأفعال.

الثالثة : سنن التحريمة.

وهي تسع :

استشعار عظمة الله ، واستحضار أنّه أكبر من أن يحيط به وصف الواصفين ، ويلزمه احتقار جميع ما عداه من الشيطان والهوى المطغيين والنفس الأمّارة بالسوء والخشوع والاستكانة عند التلفّظ بها ، والإفصاح بها مبيّنة الحروف والحركات ، والوقف على « أكبر » بالسكون ، وإخلاؤها من شائبة المدّ في همزة « الله » وباء « أكبر » ، بل يأتي ب « أكبر » على وزن « أفعل » وجهر الإمام بها ، وإسرار المأموم ، ورفع اليدين بها كما مرّ ، وأن يخطر بباله عند

__________________

(١) علل الشرائع ٢ : ٣٣٣ ، الباب ٣٠ ، ح ٥.

(٢) قال الشهيد الثاني في الفوائد المليّة : ١٦٦ : « ذكره ابن الجنيد ، ونسبه إلى الأئمّة عليهم‌السلام ، ولم نقف عليه. وكذا اعترف المصنّف في الذكرى بذلك ».

(٣) قال المحقّق العاملي في مفتاح الكرامة ٣ : ٤٥ ذيل قول العلّامة : « ويحرم قطع الصلاة الواجبة اختيارا » : « وفي الشرائع والنافع والمعتبر والمنتهى والإرشاد والتحرير والتذكرة والدروس والبيان والموجز الحاوي وكشف الالتباس والهلاليّة وإرشاد الجعفريّة والميسيّة والمفاتيح وغيرها عدم التقييد بالواجبة. قال الاستاذ في شرح المفاتيح : مقتضاه حرمة قطع النافلة أيضا اختيارا ».

١٩٨

الرفع : « الله أكبر الواحد الأحد الذي ليس كمثله شي‌ء ، لا يلمس بالأخماس ولا يدرك بالحواس ».

الرابعة : سنن القيام.

وهي أربع وعشرون :

الخشوع والاستكانة والوقار والتشبّه بقيام العبد ، وعدم الكسل والنعاس والاستعجال ، وإقامة الصلب والنحر ، والنظر إلى موضع سجوده بغير تحديق ، وأن يفرّق بين قدميه قدر ثلاث أصابع مفرّجات إلى شبر أو فتر ، وأن يحاذي بينهما ، وأن تجمع المرأة بين قدميها ويتخيّر الخنثى ، وأن يرسل الذقن على الصدر عند أبي الصلاح (١) ، وأن يستقبل بالإبهامين القبلة ، ولزوم السمت بلا التفات إلى الجانبين. وعدم التورّك ، وهو الاعتماد على إحدى الرجلين تارة وعلى الأخرى أخرى ، والتخصّر ، وهو قبض خصره بيده.

وأن يجعل يديه مبسوطتين مضمومتي الأصابع جمع على فخذيه محاذيا عيني ركبتيه ، ووضع المرأة كلّ يد على الثدي المحاذي لها لينضمّا إلى صدرها.

والقنوت في قيام الثانية بعد القراءة قبل الركوع في الفرائض والنوافل ، وفي الجمعة في القيامين إلّا أنّه في الثاني بعد الركوع وفي مفردة الوتر مطلقا ، ويتأكّد في الفرض ، وآكده ما أكّد أذانه. وأوجبه بعض (٢) الأصحاب.

والتكبير له رافعا يديه ، وإطالته ، وأفضله كلمات الفرج ، وليقل بعدها : « اللهمّ اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنّا في الدنيا والآخرة » ثمّ ما سنح من المباح وإن كان بالعجميّة على الأصحّ ، وكذا في جميع الأحوال عدا القراءة والأذكار الواجبة ، وأقلّه ثلاث تسبيحات.

وروي خمس (٣). وروي البسملة ثلاثا. وحملت (٤) على التقيّة ، والاستغفار في قنوت الوتر ،

__________________

(١) الكافي في الفقه : ١٤٢.

(٢) هو الشيخ الصدوق في الفقيه ١ : ٢٠٧ والمقنع ١١٥.

(٣) الكافي ٣ : ٣٤٠ / ١١ باب القنوت في الفريضة و ... ؛ التهذيب ٢ : ٣١٥ / ١٢٨٢.

(٤) التهذيب ٢ : ٣١٥ / ١٢٨٦.

١٩٩

واختيار المرسوم ، ومتابعة المسبوق (١) الإمام فيه ، ورفع اليدين موازيا لوجهه جاعلا بطونهما إلى السماء مبسوطتين مضمومتي الأصابع إلّا الإبهامين ، ولا يتجاوز بهما وجهه ، ولا يمسح بهما عند الفراغ ، والجهر فيه للإمام والمنفرد ، والسّر للمأموم ، ويقضيه الناسي بعد الركوع ثمّ بعد الصلاة جالسا ثمّ يقضيه في الطريق.

ومريد إزالة النجاسة يقصد أمامه لا خلفه. وتربّع المصلّي قاعدا في القراءة ، والثني في الركوع ، والتورّك في التشهّد ، سواء كان في فرض أو نفل.

الخامسة : سنن القراءة

وهي خمسون :

التعوّذ في الأولى سرّا. وصورته : « أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ـ أو ـ أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ». وروي « أستعيذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، أعوذ بالله أن يحضرون ، إنّ الله هو السميع العليم ». (٢) وروي الجهر به (٣) ، وإحضار القلب ليعلم ما يقول ، والشكر والسؤال والاستعاذة والاعتبار عند النعمة والرحمة والنقمة والقصص ، واستحضار التوفيق للشكر عند أوّل الفاتحة وكلّ شكر ، والتوحيد عند قوله :

( رَبِّ الْعالَمِينَ ) واستحضار التمجيد ، وذكر الآلاء على جميع الخلق عند : ( الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) والاختصاص لله تعالى بالخلق والملك عند : ( مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) مع إحضار البعث والجزاء والحساب وملك الآخرة ، واستحضار الإخلاص والرغبة إلى الله وحده عند : ( إِيّاكَ نَعْبُدُ ) والاستزادة من توفيقه وعبادته واستدامة ما أنعم الله على العباد عند : ( وَإِيّاكَ نَسْتَعِينُ ) والاسترشاد به والاعتصام بحبله والاستزادة في المعرفة به سبحانه والإقرار بعظمته وكبريائه عند : ( اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ) والتأكيد في السؤال والرغبة والتذكّر لما تقدّم من نعمه على أوليائه ، وطلبه مثلها عند : ( صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ). والاستدفاع

__________________

(١) في نسخة « أ » : « المأموم » بدل « المسبوق ».

(٢) الكافي ٢ : ٥٣٣ / ٣٢ باب القول عند الإصباح والإمساء.

(٣) التهذيب ٢ : ٢٨٩ / ١١٥٨.

٢٠٠